الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب قسم الصدقات
1 -
عن أبى سعيد الخدرى رضى اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لا تحل الصدقة لغنى إلا لخمسة: لعامل عليها، أو رجل اشتراها بماله، أو غارم، أو غاز فى سبيل اللَّه، أو مسكين تصدق عليه منها فأهدى منها لغنى" رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وصححه الحاكم وأعل بالإرسال.
[المفردات]
باب قسم الصدقات: فى بعض النسخ باب قسمة الصدقات، أى بيان مصارف الصدقات.
لغنى: أى غير محتاج إليها.
غارم: أى مدين بدين يساوى أو يزيد على ما بيده من مال.
غاز: أى مجاهد.
[البحث]
هذا الحديث رواه أبو داود من طريق عبد اللَّه بن مسلمة عن مالك عن زيد ابن أسلم عن عطاء بن يسار عن النبى صلى الله عليه وسلم ورواه من طريق الحسن بن على عن عبد الرزاق عن معمر عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبى سعيد الخدرى ثم قال أبو داود: ورواه ابن عيينة عن زيد كما قال مالك ورواه الثورى عن زيد قال حدثنى الثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم ورواه من طريق محمد بن عوف الطائى عن الفريابى عن سفيان عن
عمران البارقى عن عطية عن أبى سعيد وليس فيه ذكر العامل قال أبو داود ورواه فراس وابن أبى ليلى عن عطية مثله، وأخرجه ابن ماجه من طريق محمد بن يحيى عن عبد الرزاق عن معمر عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبى سعيد قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وساقه بلفظ أبى داود الأول الذى أخرجه من طريق مالك ولاشك أن طريق مالك هى أقوى طرق هذا الحديث وهو فيها مرسل والأصل أن الزكاة لا تحل لغنى كما جاء فى الحديث المتفق عليه: أنها تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم كما روى أحمد من حديث عبيد اللَّه بن عدى عن رجلين من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنهما أتيا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فسألاه الصدقة فصعد فيهما البصر فرآهما جلدين فقال: إن شئتما أعطيتكما ولا حظ فيها لغنى ولا لقوى مكتسب قال أحمد: ما أجوده من حديث وقال: هو أحسنها اسنادا على أن بعض الخمسة المذكورين فى حديث الباب هم من جملة مصارف الصدقات التى ذكر اللَّه عز وجل فى كتابه الكريم كالعامل عليها والغارم وفى سبيل اللَّه أما الرجل الذى اشتراها بماله أو الرجل الغنى الذى أهدى إليه الفقير من صدقته فلا يوصف واحد منهما بأنه تحل له الصدقة أو أنه أخذ الصدقة. واللَّه أعلم.
2 -
وعن عبيد اللَّه بن عدى بن الخيار رضى اللَّه عنه أن
رجلين حدثاه أنهما آتيا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يسألانه من الصدقة فقلب فيهما البصر، فرآهما جلدين فقال: إن شئتما أعطيتكما، ولا حظ فيها لغنى ولا لقوى مكتسب" رواه أحمد وقواه أبو داود والنسائى.
[المفردات]
عبيد اللَّه بن عدى بن الخيار: وقع فى نسخة سبل السلام طبع الحلبى: عبد اللَّه بن على بن الخيار وهو تحريف ظاهر. وعبيد اللَّه بن عدى بن الخيار -بكسر الخاء وتخفيف الياء- بن عدى بن نوفل بن عبد مناف النوفلي القرشى المدنى روى عن عمر وعثمان وعلى وجماعة من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأشار الحافظ فى تهذيب التهذيب إلى أن ابن حبان ذكره فى الصحابة ثم ذكره فى ثقات التابعين وقال مات سنة تسعين اهـ أقول: قد روى البخارى فى صحيحه من حديث جعفر بن عمرو بن أمية الضمرى قال: خرجت مع عبيد اللَّه ابن عدى بن الخيار، فلما قدمنا حمص قال لى عبيد اللَّه: هل لك فى وحشى نسأله عن قتل حمزة؟ قلت نعم. وكان وحشى يسكن حمص فسألنا عنه فقيل لنا: هو ذاك فى ظل قصره،
كأنه حميت، قال: فجئنا حتى وقفنا عليه بيسير فسلمنا، فرد السلام، قال: وعبيد اللَّه معتجر بعمامته ما يرى وحشى إلا عينيه ورجليه فقال عبيد اللَّه: يا وحشى أتعرفنى؟ قال: فنظر إليه ثم قال: لا واللَّه إلا أنى أعلم أن عدى بن الخيار تزوج امرأة يقال لها أم قتال بنت أبى العيص فولدت له غلاما بمكة فكنت أسترضع له، فحملت ذلك الغلام مع أمه فناولتها إياه فلكأنى نظرت إلى قدميك. قال: فكشف عبيد اللَّه عن وجهه ثم قال: ألا تخبرنا بقتل حمزة؟ قال: نعم. إن حمزة قتل طعيمة بن عدى بن الخيار ببدر فقال لى مولاى جبير بن مطعم: إن قتلت حمزة بعمى فأنت حر وساق الحديث.
فقلب فيهما البصر: أى رفعه وخفضه وهو يمعن النظر فيهما.
جلدين: بفتح الجيم وسكون اللاء أى قويين.
ولا حظ فيها: أى لا نصيب فى الصدقات.
[البحث]
هذا الحديث رواه أبو داود قال: حدثنا مسدد ثنا عيسى بن يونس ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عبيد اللَّه بن عدى بن الخيار قال أخبرنى رجلان أنهما أتيا النبى صلى الله عليه وسلم فى حجة
الوداع وهو يقسم الصدقة فسألاه منها فرفع فينا البصر وخفضه فرآنا جلدين فقال: إن شئتما أعطتكما ولا حظ فيها لغنى ولا لقوى مكتسب" وقال النسائى أخبرنا عمرو بن على ومحمد بن المثنى قالا: حدثنا يحيى عن هشام بن عروة قال حدثنى أبى قال: حدثنى عبيد اللَّه بن عدى بن الخيار أن رجلين حدثاه أنهما أتيا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يسألانه من الصدقة فقلب فيهما البصر -وقال محمد بصره- فرآهما جلدين فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إن شئتما ولا حظ فيها لغنى ولا لقوى مكتسب" وصحة سند هذا الحديث ظاهرة.
[ما يفيده الحديث]
1 -
لا يحل لغنى أن يأخذ من الصدقة.
2 -
لا يحل لقوى مكتسب أن يأخذ من الصدقة.
3 -
إذا كان القوى غير مكتسب تحل له الصدقة.
3 -
وعن قبيصة بن مخارق الهلالى رضى اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، وبرجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش، ورجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوى الحجا من قومه: لقد أصابت فلانا فاقة، فحلت له المسألة حتى
يصيب قواما من عيش فما سواهن من المسألة يا قبيصة سحت يأكلها صاحبها سحتا" رواه مسلم وأبو داود وابن خزيمة وابن حبان.
[المفردات]
قبيصة بن مخارق الهلالى: هو قبيصة -بفتح القاف وكسر الباء- بن مخارق بن عبد اللَّه بن شداد بن معاوية بن أبى ربيعة بن نهيك بن هلال بن عامر ابن صعصعة الهلالى البصرى وفد على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
إن المسألة: أى إن سؤال الناس وطلب الصدقة منهم.
حمالة: قال ابن الأثير فى النهاية: الحمالة بالفتح ما يتحمله الإنسان عن غيره من دية أو غرامة مثل أن يقع حرب بين فريقين يسفك فيها الدماء فيدخل بينهم رجل يتحمل ديات القتلى ليصلح ذات البين والتحمل أن يحملها عنهم على نفسه اهـ.
فحلت له المسألة: أى جاز له السؤال من الناس.
حتى يصيبها: أى إلى أن يجد الحمالة ويؤدى ذلك الدين.
ثم يمسك: أى ثم يكف نفسه عن السؤال.
جائحة: أى آفة.
اجتاحت: أى أهلكت.
ماله: أى ثماره أو غيرها من الأموال قال بن الأثير: الجائحة هى الآفة التى تهلك الثمار والأموال وتستأصلها وكل مصيبة عظيمة اهـ.
حتى يصيب: أى حتى يجد.
قواما من عيش: أى ما تقوم به حاجته من معيشة ويسد عوزه.
فاقة: أى فقر وحاجة.
ذوى الحجا: أى أصحاب العقل والفطنة.
من قومه: أى من جماعته العارفين بحاله.
فما سواهن: أى فما عدا هذه الحالات الثلاث.
سحت: أى حرام لا يحل كسبه وسمى سحتا لأنه يسحت البركة ويذهب بها.
[البحث]
لفظ مسلم من حديث قبيصة بن مخارق الهلالى رضى اللَّه عنه قال: تحملت حمالة فأتيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أسأله فيها فقال: أقم حتى تأتينا الصدقة، فنأمر لك بها" قال ثم قال: يا قبيصة إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش أو قال سدادا من عيش، ورجل أصابته فاقة حتى يقوم ثلاثة من ذوى الحجا من قومه: لقد أصابت
فلانا فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش أو قال: سدادا من عيش فما سواهن من المسألة سحتا يأكلها صاحبها سحتا".
وقوله حتى يقوم ثلاثة من ذوى الحجا من قومه" أى حتى يقوموا على رؤس الأشهاد قائلين إن فلانا الخ وفى سنن أو داود "حتى يقول" بدل حتى يقوم وعليه فلا يحتاج إلى تقدير. وقد أشار النووى إلى أن جميع النسخ فى مسلم بالميم ما عدا نسخة عنده فباللام، كما أن قوله يا قبيصة سحتا" بالنصب هو فى جميع نسخ مسلم كذلك بالنصب كما أشار النووى وعند غير مسلم بالرفع كما ساقه المصنف فى بلوغ المرام قال النووى: ورواية مسلم صحيحة وفيه إضمار أى أعتقده سحتا أو يؤكل سحتا اهـ ولم يشترط فيمن تحمل حمالة أو أصابته جائحة أن يشهد له أحد بذلك لأن مثل هذه الأمور تكون من الشهرة بحيث لا تحتاج إلى شهود ولا سيما ما دام صاحبها يسأل بين قومه وعارفيه. أما من يدعى ذلك عند غير من يعرفه فينبغى له أن يثبت حاله بالشهادة ولكراهية الإسلام للسؤال جعل نصاب الشهادة المثبتة لحالة من أصابته فاقة أن يكون الشهود ثلاثة من ذوى العقل والفطنة من قومه وعارفيه، وهو نصاب يفوق نصاب الشهادة على القتل والسرقة وشر الخمر وما ذلك إلا لإرادة إغلاق هذا الباب وحفظ ماء وجوه المسلمين.
[ما يفيده الحديث]
1 -
تحريم السؤال لغير الحالات الثلاث المذكورات فى الحديث.
2 -
لا يحتاج السائل بسبب جائحة أو حمالة إلى شهود.
3 -
لابد لمن سأل بسبب الفاقة أن يشهد له ثلاثة من ذوى الحجا من قومه.
4 -
كراهية الإسلام للسؤال.
4 -
وعن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث رضى اللَّه عنه قال قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إن الصدقة لا تنبغى لآل محمد، إنما هى أوساخ الناس" وفى رواية: وإنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد" رواه مسلم.
[المفردات]
عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث رضى اللَّه عنه: هو عبد المطلب ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف الهاشمى القرشى، وأمه أم الحكم بنت الزبير بن عبد المطلب، بلغ الحلم فى زمن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سكن المدينة. ثم تحول إلى الشام فى خلافة عمر رضى اللَّه عنه وكان يقال له: المطلب بن ربيعة بن الحارث وهو مشهور بهذا الإسم لكن جماعة من المحدثين يقولون فيه: عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث وإن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لم يغير اسمه، قال الحافظ
فى تهذيب التهذيب: قال العسكرى: هو المطلب بن ربيعة هكذا يقول أهل البيت. وأصحاب الحديث يختلفون فمنهم من يقول: المطلب بن ربيعة ومنهم من يقول: عبد المطلب وقال أبو القاسم البغوى عبد المطلب ويقال: المطلب وقال أبو القاسم الطبرانى الصواب المطلب اهـ توفى عام 61 هـ أو عام 62 هـ رضى اللَّه عنه.
لا تنبغى: أى لا تحل ولا تجوز.
إنما هى أوساخ الناس: أى إنها تطهير لأموالهم ونفوسهم فهى كغسالة أوساخهم وما نظف به من أدرانهم.
[البحث]
هذا الحديث رواه مسلم من طريق مالك عن الزهرى عن عبد اللَّه بن عبد اللَّه بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب وساقه من طريق يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن عبد اللَّه بن الحارث بن نوفل الهاشمى عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب ولفظه من طريق مالك: قال: اجتمع ربيعة بن الحارث والعباس بن عبد المطلب فقالا: واللَّه لو بعثنا هذين الغلامين (قالا لى وللفضل بن عباس) إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فكلَّمَاه فأمَّرهُما على هذه الصدقات، فأديا ما يؤدى الناس وأصابا مما يصيب الناس، قال: فبينما هما فى ذلك جاء على بن أبى طالب فوقف عليهما، فذكرا له ذلك فقال على بن أبى طالب: لا تفعلا
فواللَّه ما هو بفاعل، فانتحاه ربيعة بن الحارث فقال: واللَّه ما تصنع هذا إلا نفاسة منك علينا، فواللَّه لقد نلت صهر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فما نفسناه عليك، قال على: أرسلوهما، فانطلقا واضطجع على. قال فلما صلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الظهر سبقناه إلى الحجوة فقمنا عندها حتى جاء، فأخذ بآذاننا ثم قال: أخرجا ما تصرران" ثم دخل ودخلنا عليه، وهو يومئذ عند زينب بنت جحش، قال: فتواكلنا الكلام، ثم تكلم أحدنا فقال: يا رسول اللَّه! أنت أبر الناس وأوصل الناس، وقد بلغنا النكاح، فجئنا لتؤمرنا على بعض هذه الصدقات، فنؤدى إليك كما يؤدى الناس، ونصب كما يصيبون، قال: فسكت طويلا، حتى أردنا أن نكلمه قال: وجعلت زينب تلمع علينا من وراء الحجاب أن لا تكلماه، قال: ثم قال: إن الصدقة لا تنبغى لآل محمد إنما هى أوساخ الناس أدعو لى محمية (وكان على الخمس) ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب قال: فجاءآه، فقال انكح هذا الغلام ابنتك، (للفضل بن عباس) فأنكحه، وقال لنوفل بن الحارث: انكح هدا الغلام ابنتك (لى) فأنكحنى، وقال لمحمية اصدق عنهما من الخمس كذا وكذا قال الزهرى ولم يسمه لى" أما لفظه من طريق يونس بن يزيد من حديث عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب أن أباه ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب والعباس بن عبد المطلب قالا لعبد المطلب بن ربيعة وللفضل بن عباس: ائتيا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وساق الحديث بنحو حديث مالك
وقال فيه: فألقى علىٌّ رداءه ثم اضطجع عليه وقال: أنا أبو حسن القرم واللَّه لا أريم مكانى حتى يرجع إليكما ابناكما بحور ما بعثتما به إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: وقال فى الحديث: ثم قال لنا: إن هذه الصدقات إنما هى أوساخ الناس وإنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد وقال أيضا: ثم قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ادعوا لى محمية بن جزءٍ وهو رجل من بنى أسد كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم استعمله على الأخماس" أقول: وإنما جزم على رضى اللَّه عنه بأن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لن يعطيهما من الصدقة لعلمه قبلهما بتحريمها على آل محمد وهم منهم ولاسيما وأن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قد نهى ولده الحسن بن على عن أكل تمرة من الصدقة لما روى البخارى ومسلم واللفظ لمسلم من حديث أبى هريرة رضى اللَّه عنه قال: أخذ الحسن بن على تمرة من تمر الصدقة فجعلها فى فيه فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: كخ كخ ارم بها أما علمت أنا لا نأكل الصدقة".
[ما يفيده الحديث]
1 -
تحريم الصدقة على بنى هاشم.
2 -
أن الصدقة أوساخ الناس فلا يأكلها إلا محتاج إليها.
3 -
أن آل محمد يعم بنى هاشم.
5 -
وعن جبير بن مطعم رضى اللَّه عنه قال: مشيت أنا
وعثمان بن عفان إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقلنا: يا رسول اللَّه أعطيت بنى المطلب من خمس خيبر وتركتنا ونحن وهم بمنزلة واحدة فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إنما بنو المطلب وبنو هاشم شئ واحد" رواه البخارى.
[المفردات]
جبير بن مطعم: هو جبير -بضم الجيم وفتح الباء- بن مطعم -بضم الميم وسكون الطاء وكسر العين- ابن عدى بن نوفل بن عبد مناف القرشى النوفلى. قدم على النبى صلى الله عليه وسلم فى فداء أسارى بدر ثم أسلم عام خيبر وقيل عام الفتح ونزل الدينة، وكان من النسابين يقال: إنه أخذ علم النسب عن أن بكر رضى اللَّه عنه وذكر الحافظ فى تهذيب التهذيب عن ابن عبد البر أنه أول من لبس الطلسان بالمدينة قال: وقال العسكرى: كان جبير بن مطعم أحد من يتحاكم إليه، وقد تحاكم إليه عثمان وطلحة فى قضية اهـ وقد اختلف فى وفاته فقيل عام 56 هـ وقيل 58 هـ وقيل 59 هـ رضى اللَّه عنه.
بنى المطلب: أى ذرية المطلب بن عبد مناف.
ونحن وهم بمنزلة واحدة: أى بمرتبة واحدة فى قرابتنا لك فمطعم من بنى نوفل بن عبد مناف وعثمان بن عفان من بنى عبد شمس بن عبد مناف ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من بنى هاشم بن عبد مناف فالجميع من بنى عبد مناف بن قصى بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر ابن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان من ذرية اسماعيل بن إبراهيم على نبينا وعليهما الصلاة والسلام. وقد ذكر البخارى فى صحيحه قال: وقال ابن إسحاق: عبد شمس وهاشم والمطلب إخوة لأم وأمهم عاتكة بنت مرة وكان نوفل أخاهم لأبيهم اهـ وقوله: إخوة لأم أى ولأب كذلك. أما نوفل فأمه واقدة بنت أبى عدى نوفل بن عبادة من بنى مازن بن صعصعة، وكان يقال لهاشم والمطلب: البدران ولعبد شمس ونوفل الأبهران.
شئ واحد: أى هم فى الاختلاط والامتزاج فى الجاهلية والإسلام كالشئ الواحد ولذلك لما كتبت قريش الصحيفة لمقاطعة بنى هاشم وحصروهم فى الشعب
دخل بنو المطلب مع بنى هاشم ولم يدخل بنو نوفل وبنو عبد شمس وفى ذلك يقول أبو طالب فى لاميته:
جزى اللَّه عنا عبد شمس ونوفل
…
عقوبة شر عاجلا غير آجل
بميزان قسط لا يخس شعيرة
…
له شاهد من نفسه غير عائل
[البحث]
أورد البخارى هذا الحديث فى كتاب فرض الخمس فى باب ومن الدليل على أن الخمس للإِمام وأنه يعطى بعض قرابته دون بعض ما قسم النبى صلى الله عليه وسلم لبنى المطلب وبنى هاشم من خمس خيبر، ثم ساق الحديث بلفظ: عن جبير بن مطعم قال: مشيت أنا وعثمان بن عفان إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقلنا: يا رسول اللَّه أعطيت بنى المطلب وتركتنا ونحن وهم منك بمنزلة واحدة؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إنما بنو المطلب وبنو هاشم شئ واحد".
وأورده فى المغازى فى باب غزوة خيبر ولفظه عن جبير بن مطعم قال: مشيت أنا وعثمان بن عفان إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقلنا أعطيت بنى المطلب من خمس خيبر وتركتنا ونحن بمنزلة واحدة منك، فقال: إنما بنو هاشم وبنو المطلب شئ واحد" قال جبير: ولم يقسم النبى صلى الله عليه وسلم لبنى عبد شمس وبنى
نوفل شيئا".
[ما يفيده الحديث]
1 -
أن بنى المطلب يشاركون بنى هاشم فى سهم ذوى القربى.
2 -
وهو مشعر بتحريم الصدقة عليهم كبنى هاشم.
3 -
أن بنى عبد شمس وبنى نوفل لا يستحقون فى سهم ذوى القربى.
6 -
وعن أبى رافع رضى اللَّه عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم بعث رجلا على الصدقة من بنى مخزوم فقال لأبى رافع: اصحبنى فإنك تصيب منها: فقال: لا حتى آتى النبى صلى الله عليه وسلم فأسأله، فأتاه فسأله فقال: مولى القوم من أنفسهم، وإنا لا تحل لنا الصدقة" رواه أحمد والثلاثة وابن خزيمة وابن حبان.
[المفردات]
وعن أبى رافع: هو مولى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان من القبط وقد اختلف فى اسمه فقيل إبراهيم وقيل أسلم وقيل ثابت وقيل هرمز قال الحافظ فى تهذيب التهذيب: يقال إنه كان للعباس فوهبه للنبى صلى الله عليه وسلم وأعتقه لما بشره بإسلام العباس، وكان إسلامه -أى إسلام أبى رافع- قبل بدر ولم يشهدها وشهد
أحدا وما بعدها، توفى بالمدينة فى خلافة على رضى اللَّه عنهما.
تصيب منها: أى تنال من الصدقات.
مولى القوم: يريد عتيق القوم.
من أنفسهم: أى له ما لهم وعليه ما عليهم.
وإنا: أى آل محمد عليه السلام.
[البحث]
هذا الحديث رواه ابن أبى رافع عن أبيه وقال الترمذى عقب إخراجه: هذا حديث حسن صحيح وأبو رافع مولى النبى صلى الله عليه وسلم وابن أبى رافع هو عبيد اللَّه بن أبى رافع كاتب على بن أبى طالب اهـ قال الحافظ فى التقريب: عبيد اللَّه بن أبى رافع المدنى مولى النبى صلى الله عليه وسلم كان كاتب على وهو ثقة. وأشار الحافظ إلى أنه أخرج له الجماعة، والحديث دليل على تحريم الصدقة لموالى بنى هاشم قال ابن عبد البر: لا خلاف بين المسلمين فى عدم حل الصدقة للنبى صلى الله عليه وسلم ولبنى هاشم ولمواليهم اهـ.
[ما يفيده الحديث]
1 -
أن الصدقة لا تحل لموالى بنى هاشم.
2 -
وأنه تحرم عليهم العمالة على الصدقة.
7 -
وعن سالم بن عبد اللَّه بن عمر عن أبيه رضى اللَّه عنهم أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يعطى عمر بن الخطاب العطاء
فيقول: أعطه أفقر منى، فيقول: خذه فتموله، أو تصدق به، وما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه، وما لَا فلا تتبعه نفسك" رواه مسلم.
[المفردات]
العطاء: قيل كان أجر عمر رضى اللَّه عنه على عمله على الصدقات.
أفقر منى: أى أحوج منى.
فتموله: أى فاجعله أصل مال تستفيد منه بتجارة أو غيرها.
غير مشرف: أى غير متطلع إليه ولا طامع فيه، ولا حريص عليه.
ومَا لَا فلا تتبعه نفسك: أى وما لم يوجد فيه هذا الشرط فلا تعلق نفسك به ولا توصل المشقة إلى نفسك فى طلبه.
[البحث]
هذا الحديث رواه مسلم من طريق سالم بن عبد اللَّه بن عمر عن أبيه قال: سمعت عمر بن الخطاب رضى اللَّه عنه يقول: قد كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يعطينى العطاء فأقول: أعطه أفقر إليه منى، حتى أعطانى مرة مالا فقلت: أعطه أفقر إليه منى فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: خذه، وما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه، وما لَا فلا تتبعه نفسك" وفى
لفظ: عن سالم بن عبد اللَّه عن أبيه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يعطى عمر بن الخطاب رضى اللَّه عنه العطاء فيقول له عمر: أعطه يا رسول اللَّه أفقر إليه منى فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: خذه فتموله أو تصدق به، وما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه، وما لَا فلا تتبعه نفسك" قال سالم: فمن أجل ذلك كان ابن عمر لا يسأل أحدا شيئا ولا يرد شيئا أعطيه" وروى مسلم من حديث بسر بن سعيد عن ابن الساعدى المالكى أنه قال: استعملنى عمر بن الخطاب رضى اللَّه عنه على الصدقة، فلما فرغت منها، وأديتها إليه، أمر لى بعمالة، فقلت: إنما عملت للَّه، وأجرى على اللَّه، فقال: خذ ما أعطيت فإنى عملت على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فعَمَّلَنى فقلت مثل قولك فقال لى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا أعطيت شيئا من غير أن تسأل فكل وتصدق" وفى لفظ من حديث بسر بن سعيد عن ابن السعدى. وابن الساعدى هو ابن السعدى واسمه عبد اللَّه بن عمرو وقيل ابن قدامة وقيل ابن وقدان بن عبد شمس بن عبدود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤى وهو يقال له المالكى نسبة إلى جده مالك بن حسل ويقال له العامرى نسبة إلى أنه من عامر بن لؤى وقيل لأبيه: السعدى لأنه كان مسترضعا فى بنى سعد، وبعضهم يقول: الساعدى، وسياق مسلم لهذه الألفاظ يفيد أن هذا العطاء الذى أراد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم-
أن يعطيه لعمر هو أجرة عمله فى الصدقة.
[ما يفيده الحديث]
1 -
جواز أخذ المال إذا جاء لصاحبه من غير إشراف نفس ولا سؤال ما دام من وجه شرعى.
2 -
أنه لا ينبغى حرص العامل على الصدقات أن يكون مقصده الحصول على العمالة أى أجرة العمل عليها.
3 -
كراهية الحرص على طلب المال.
4 -
جواز تمول ما يعطاه الإنسان أو التصدق به.
5 -
أن مثل هذا المال من أحسن المال.
6 -
استعفاف عمر رضى اللَّه عنه.