الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث: حكم الأحاديث الواردة في المُستخرَجات
قال السَّخَاوي: والكتب المخرَّجة لم يلتزم فيها موافقتها للكتب المخرجة عليها في الألفاظ، فحصَل فيها تفاوت في اللفظ والمعنى
(1)
.
وقال ابن الصلاح: صنَّف على"صحيح مسلم" قوم من الحفاظ، وأدركوا الأسانيد العالية، وفيهم مَن أدرك بعض شيوخ مسلم، فخرَّجُوا أحاديثه في تصانيفِهم تلك، فالتحقتْ به في أن لها سِمَة الصحيح، وإن لم تلتحق به في خصائصه
…
، ثم إنهم لم يلتزموا فيها الموافقة في ألفاظ الأحاديث من غير زيادة ولا نقص، لكونهم يروونها بأسانيد أُخر، فأوجب ذلك بعض التفاوت في بعض الألفاظ.
فلا يجوز أن تنقل منها حديثًا وتقول: هو كذا فيهما إلا أن تقابله بهما، أو أن يقول المصنف: أخرجاه بلفظه
(2)
.
(1)
"فتح المغيث"(1/ 38).
(2)
"صيانة صحيح مسلم" للإمام ابن الصلاح ص (88).
وحيث إنّ رجال المستخرَجات ليسُوا ثقات كلُّهم، ففيهم الثقة والصَّدُوق ومَن دونهما، بل وُجِدَ فيهم الضعيفُ والمتهم والوضَّاع، وعلى ذلك فإن الزياداتِ التي تفرَّد بها هؤلاء لا يُحكم لها بالصِّحة مطلقًا.
ويرجع تفاوت أصحاب المستخرجات إلى أسبابٍ، منها أنه ليس كلُّ رجال المستخرجات رجالَ الصحيح. قال الحافظ ابن حجر في "النكت" (1/ 293):(بل ورأيت في"مُستخرَج أبي نُعيم" وغيره الرّواية عن جماعةٍ من الضعفاء).
وقال السخاوي في "فتح المغيث"(1/ 40): (فرُبَّ حديثٍ أخرجه البخاري من طريق بعض أصحاب الزهري عنه مثلاً، فأورده المخرِّجُ من طريق آخر ممن تُكُلِّمَ فيه عن الزهري بزيادة، فلا يحكم لها حينئذ بالصحة، وقد خرَّج الإسماعيلي في "مُستخرجه"لإبراهيم بن الفضل المخزومي، وهو ضعيفٌ عندهم، وأبو نُعيم لمحمد بن زُبَالة، وقد اتهَّمُوه).
فهؤلاء رجال المُستخرجات كما رأيت يتدرجون من الثقة إلى الاتّهام، ولازمُ ذلك أن تكون زيادات بعض المستخرجات ضعيفة أو دون ذلك، وفي المُستخرجات أحاديث معلَّقة وموقوفة، وفي بعضها نقصُ أحاديث عن الصحيح، وأخرى زائدة.
وربما عزَّ على المصنف - يعني صاحب المستخرج - وجودُ حديث يعني من أحاديث" الصحيح " فيتركه أصلاً، أو يُعلقه على بعض رواته.