المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر من اسمه إسحاق - قلائد الجمان في فرائد شعراء هذا الزمان - جـ ١

[ابن الشعار]

الفصل: ‌ذكر من اسمه إسحاق

‌ذكر من اسمه إسحاق

[136]

إسحاق بن هبة الله بن صديق /238 ب/ بن محمود بن صالحٍ الأرجيشي الخلاطيُّ.

وقد تقدم شعر ابنه.

يكنى أبا البشائر قاضي أرجيش.

كان فقيهًا عالمًا أصوليًا واعظًا شاعرًا، حسن الكلام في الوعظ والتذكير؛ له مصنفات في علم الأصول، مع أخذه من العربية والأدب بأوفر الحظ وأكمله. وكان من محاسن القضاة وظرَّافهم، يرجع إلى عفاف ونزاهة نفس ودين ظاهر.

قدم مدينة إربل وسكنها إلى أن توفي بها يوم الخميس وقت المغرب العشرين من شهر شعبان سنة ستّ عشرة وستمائة. وكانت ولادته سنة خمسين وخمسمائة فأكرمه سلطانها الملك المعظم مظفر الدين أبو سعيد كوكبوري بن علي بن بكتكين-رضي الله عنه وأحسن إليه إحسانًا عظيمًا-. وكان ينفذه رسولًا إلى الأطراف.

أنشدني أبو الفتح محمد بن بدل التبريزيّ-رحمه الله تعالى- قال: أنشدني قاضي خلاط لنفسه: [من الطويل]

وقفت وربع العامريَّة داثر

ودمعي ووجدي سابقٌ متواتر

وقفت وذكراها تجدِّد لوعتي

وأبكي كما تبكي الغوادي البواكر

/239 أ/ وأذكر أيَّامًا مضت ولياليًا

وأظهر فيها ما تجنُّ الضَّمائر

غداة النَّقا بالباهليَّة آهلٌ

وحين الصَّفا بالعامريَّة عامر

وقفت أدير الطَّرف في عرصاتها

وأطلالها دارت عليها الدَّوائر

ومن ..... تلك الغانيات عواطلًا

لقد سكنت فيها المها والجاذر

ص: 359

.... .....

تملك ربع الآنسات النَّوافر

فخالفني ..... في سائر المنى

ووافقني بيتٌ من الشِّعر سائر

(كأن لم يكن بين الحجون إلى الصَّفا

أنيسٌ ولم يسمر بمكَّة سامر)

وأنشدني العباس بن بزوان الموصلي، قال: أنشدني أبو البشائر لنفسه:

[من البسيط]

قال الهلال وعندي في مجالستي

بدرٌ بوجهٍ على شمس الضُّحى سادا

وفي فؤادي لهذا البدر منزلةٌ

ما نالها أحدٌ قبلي ولا كادا

ليس الهلال بمحبوبٍ لذي أربٍ

وإن حببناه أحيانًا وأعيادا

هذا يريد حياتي في مجالستي

وذاك ينقص عمري كلَّما زادا

[137]

إسحاق بن معالي بن شماس /239 ب/ بن هبة الله بن إبراهيم بن شماس، أبو إبراهيم الإربليُّ.

وهو ابن أخي الوزير أبي الحسن عليِّ بن شماس وزير الملك المعظم مظفر الدين أبي سعيد كوكبوري بن علي بن بكتكين- رضي الله عنه صاحب إربل.

كان عالمًا بأيام العرب وأشعارها، خبيرًا بلغتها وأخبارها. قرأ شيئًا من الهندسة والطب، ويرجع إلى حسن عشرة، وسهولى أخلاق.

وكان يتولى الأهراء بإربل والتصرف لسلطانها الملك المعظم فرفع عليه مال جزيل عجز عن أدائه، فابتلى بسخط السلطان فأخذه وقيّده واعتقله إلى أن مات في السجن رابع عشر ربيع الأول سنة سبع عشرة وستمائة. وكان قد نيَّف على الستين.

أنشدني القاضي أبو البركات محمود بن جعفر بن محمد بن محمود الإِربليّ،

ص: 360

قال: أنشدني إسحاق بن معالي لنفسه ما كتبه إلى عمّه الوزير أبي الحسن علي بن شماس بن الحسين يشتكي من دهره، ويستنصر على ما ألم به من طوارق اعترته، وحوادث لازمته:[من الوافر]

/240 أ/ جوًى بين الضُّلوع له ضرام

وصبٌّ لا يزايله الغرام

وأجفانٌ تسحُّ دمًا ودمعًا

مسهَّدة إذا هجع النِّيام

تولَّى العيش إذ ولَّت سليمي

وواصل حيث فارقت السَّقام

سقى الله العقيق وساكنيه

ملثٌّ الدَّمع إن ضنَّ الغمام

وحطَّت دونه نوب اللَّيالي

وأضحى للسُّرور بها مقام

ديارٌ رقَّ ثوب العيش فيها

وطابت لي بساحتها المدام

قطعت بها لييلات قصارًا

على تلك اللُّييلات السَّلام

ومهزوز القوام إذا تثنَّى

يريك تثنِّي الغصن القوام

يزور خياله من غير وعد

إذا ألقى كلاكله الظَّلام

ليعليم هل طعمت الغمض كلًّا

لذيذ الغمض بعدهم حرام

وكيف ينام صبٌّ مستهامٌ

له في السِّجن عامٌ ثمَّ عام

بلا جرمٍ تقدَّم منه لكن

له في المجد بيت لا يرام

له المولى جلال الدِّين عمٌّ

عظيمٌ لا تساجله العظام

وزير ممالكٍ ونفاق دهر

وصدرٍ أكابر الدُّنيا إمام

رأي الملك المعظَّم منه نصحًا

ودينًا لا يخالطه أثام

/240 ب/ صحيح الودِّ ميمون المحيَّا

له إن عبَّس الدَّهر ابتسام

كفاني صرف حادثة اللَّيالي

وقد خيفت ولي منه ذمام

وأنشدني، قال: أنشدني لنفسه ما كتبه إلى الأمير عزي الدين محمد بن بدر الكردي الحميدى: [من البسيط]

يا موضع العنس أضحت وهي ضامرةٌ

مثل الهلال على الأفق الجنوبيِّ

يسائل النَّاس من يقري الضُّيوف ومن

يروي السُّيوف ويروي كلَّ خطِّيِّ

ومن يجير إذا ما الدَّهر جار ومن

تذكى له النَّار في اللَّيل الدَّجوجيِّ

إن شئت تدرك من هذي الصِّفات به

من أكرم النَّاس مسموعٍ ومرئيِّ

ص: 361

أنخ بساحة عزِّ الدِّين خير فتًى

محمَّد بن الفتى بدر الحميديِّ

حلو الكلام ترى من لفظه عجبًا

فصاحة البدو في ألفاظ كرديِّ

ناديته وهو في مصر فجاوبني

لله من مسمعٍ للخير مصغيِّ!

فقام في نصرتي والنَّاس قد قعدوا

عنِّي وبلَّغني كلَّ الأمانيِّ

وأنشدني، قال: أنشدني لنفسه ما كتبه إلى جلال الدين أبي الحسن عمِّه

[من البسيط]

/241 أ/ ما كنت أحسبني وأنت على

سامي التليل جلال الدِّين ذيَّال

لكن أمورٌ قضاها فهي محكمةٌ

تجري على غاية فينا وآجال

والسِّجن لله والإفراج منه فما

يغني احتيالٌ لذي رأي ومحتال

والدَّهر والله لا يبقي على أحد

ولا ترى حاله تبقى على حال

فدم على فعلك الخيرات مجتهدًا

فخير عاقبة من خير أفعال

ولا تقف عند نقل النَّاقلين أذًى

فصدق أقوالهم من شرِّ أقوال

وأنشدني الحسن بن علي بن شماس، قال: أنشدني ابن عمي إسحاق لنفسه:

[من البسيط]

ويوم دجًى قطعناه بصافية

من المدام ووجه الشَّمس مستور

والبيت من فوقع ظلٌّ يشاكله

بسط الزَّبرجد فيها الدُّرُّ منثور

وله: [من الطويل]

ألا إنَّما قومي حلالٌ أبوهم

ولكنَّهم كالخمر والدها العنب

فجاؤا حرامًا من حلال وإنَّهم

لشرُّ بنين ينسبون لخيرات

[138]

إسحاق بن مروان بن أبي السعادات /241 ب/ بن أبي العلاء بن يوسف بن سعيد بن صاعد بن لاحق بن ثقف بن سمكان، أبو يعقوب بن أبي سعيد الموصليُّ النحويُّ العروضيُّ.

ص: 362

رجل أسمر طويل قصيف مكتهل يخضب بالسواد، يتشتيع من أبناء الجند، ومن بيت مذكو قديم؛ وهو جندي في خدمة الملك الرحيم أتابك بدر الدين أبي الفضائل- أعز الله نصره-.

صحب الشيخ أبا حفص عمر بن أحمد النحوي الضري ودرس عليه فنون الآداب؛ كالنحو واللغة والعروض والقوافي؛ وغير ذلك حتى انفرد على أقرائه، وتقدّم عليهم حينئذ بهذه الفضائل. وهو مع ذلك يعرف علومًا أخر من حل التراجم والنجوم والطب والوقف والحساب.

وصنّف كتابًا في العروض سمّاه "الهادي" ونظم أرجوزة في الباه؛ وله شعر عجيب القوافي، أتى فيه بالمعجز البديع.

أخبرني أنه ولد آخر النهار يوم الثلاثاء سادس جمادي الآخرة سنة إحدى وثمانين وخمسمائة بالموصل. وكان قد سيّره بدر الدين لؤلؤ- صاحب الموصل- ليكون له بها صاحب /242 أ/ خبر من جهة التتار الملاعين- خذلهم الله تعالى- فبقي بها مدّة يطالعه بأخبارهم فيها؛ فلما دخل التتار المدينة استشهد في جملة من كان بها تحت قلعتها في شهر شوال سنة أربع وثلاثين وستمائة.

أنشدني لنفسه هذه الأبيات بحوزان، يكون حرف رويّها وقافيتها أن تنشد مطلقة ومقيدة، ويجوز أن يكون حرف إطلاقها واوًا ويجوز أن يكون ياءً ويجوز أن يكون ألفًا، وهي بديعة في فنّها صنعها على أسلوب أبيات أبي الفتح البلطي الذي يقول في أوّلها:

إنِّي إمرءٌ لا يطَّبيني

الشَّادن الحسن القوام ما

وقصيدة أبي يعقوب أولها: [من المتقارب]

إلى م ألام على الغانيات

وكم لي على صبوتي عاذل لا

فهلَّا غنيت بين ثناء فتًى

لم يزل جوده شامل لا

أمينٌ هو الرُّوح في نسله

جوادٌ لمن جاءه آمل لا

كريمٌ يعمُّك قبل السُّوال

عطاياه والمسعف السَّائل لا

كميٌّ ليوث الشَّرى تتَّقيه

على الصِّيد صائلةً صائل لا

/242 ب/ بليغٌ إذا أفحم النَّاطقون

لما شاء من حكمةٍ قائل لا

ص: 363

به وبنائل معروفه

سما رتبة الفضل والفاضل لا

وسيرته حلي جيد الزَّمان

وكم قد مضى زمنٌ عاطل لا

عطاه إذا أجلَّ الباخلون

عطاءٌ جزيلٌ أتى عاجل لا

عليه الخناصر تثنى إذا

فتى كرمٍ عدا وباخل لا

إليه تشدُّ الرِّجال الرِّحال

فيغمرها جوده الطَّائل لا

ويصدر عنه عناء الفقير

ويردع عن جهله الجاهل لا

يعلِّم مادحه وصفه

فيصبح كالمادح النَّاقل لا

تخولف إلَّا على فضله

ومدَّت يد الحقَّ والباطل لا

وإنِّي كفاني إحسانه

يدافعني الأسف الماطل لا

ولست وقد شدَّ أزري به

بمستمطر الطَّل والوابل لا

فلا زال في نعمة وصفه

عليه غدًا رتبة الفاعل لا

وقد جاد في مدحه خاطري

بما ..... مسلكه هائل لا

إذا ما اعتمدت على عاملٍ

بعاقبه غيره عامل لا

فمن يحذ حذوي فليتَّئد

فما كلُّ ذي طلبٍ نائل لا

/243 أ/ أمولاي إن أك أهدي القليل

إليك فحلمك لي جامل لا

فقد يتحف الملك تفًّاحةً

وكلُّ البلاد له حاصل لا

وكتب إلى الملك الرحيم بدر الدنيا والدين عضد الإسلام والمسلمين حسام أمير المؤمنين- أعّز الله نصره وأنفذ أمره-: [من الوافر]

ألا يا أيُّها الملك الرَّحيم

ومولّى جوده جمٌّ عميم

ملأت الأرض عدلًا مثلما قد

أضاء بوجهك اللَّيل البهيم

فبرجك للقضا إيوان كسرى

وجسرك ذا السِّراط المستقيم

إليك أتيت أشكو شرح حالي

وما ألقى وأنت به عليم

أيحسن أن يقلَّ عليَّ رزقٌ

أعيش به وأنت به زعيم

وأن أرمى ببعد منك عمدًا

وقلبي عن ولائك لا يريم

وإنِّي ما أقام جبال رضوى

على حبِّيكم أبدًا مقيم

ولي من ليس يعذرني ولا لي

بدفعهم يدٌ وهم خصوم

ص: 364

وعندي من يطالبني برزقٍ

ويلزمني كما لزم الغريم

وأنت وسيلتي وإليك أشكو

كما يشكو إلى الطَّبِّ السَّقيم

/243 ب/ فخذ بيدي وعش في عزِّ ملكٍ

أثي العرش ما سرت النُّجوم

وأنشدني لنفسه في نار الأكراد: [من السريع]

قد كانت النَّار إذا أوقدت

في اللَّيل ترتاح إليها النُّفوس

فاليوم قد صار يراه الفتى

فينثني عنها بوجهٍ عبوس

وأنشدني أيضًا لنفسه فيها: [من البسيط]

كم أوقد الكرد في الدَّربند نارهم

من خوفهم كدنيا من غير ما خبر

والخوف أن يكذبوا فأعجب لحادثةٍ

في صدقها آفةٌ للبدو والحضر

وأنشدني أيضًا لنفسه من أول قصيدة في أتابك عز الدين مسعود:

[من الطويل]

أحنُّ إذا طيف الكرى زارني وهنًا

يهزُّ قوامًا أهيفًا يخجل الغصنا

ألمَّ وحيَّانا فأحيا وكم له

يدًا عند مسلوب حشاشته مضنى

سرى والدُّجى مرخٍ علينا ذيوله

فجلَّا محيَّاه لنا السَّهل والحزنا

يلوم على غمض الجفون ولو درى

بأنَّ الكرى من أجله لم يعنِّفنا

ولولا رجاء الطَّيف من بعد بعدكم

يزور لحرَّمنا الرُّقاد وما نمنا

حفزنا وضيَّعتم وفينا ولم تفوا

ودمنا وما دمتم ونمتم وما بنا

قطعتم وصلنا حلتم عن ودادنأ

ونحن على حفظ المودَّة ما حلنا

/244 أ/ أخذنا عليكم موثقًا وبمثله

حلفنا فمنتم في اليمين وما منّا

وكنَّا لكم عن حادث الدَّهر جنَّةً

فيا ليتكم في حقِّنا مثل ما كنّا

وليت علمتم حالنا يوم بينكم

ويا ليتنا ندري من اعتضتم عنَّا

أألهاكم عنَّا سوانا ولم يكن

لغيركم قلبي وإن غبتم معنى

أخذتم بديلًا في الهوى وعذرتم

وبان بأنَّ الهجر منكم وما بنَّا

وكم ليلة غابت علينا نجومها

وزهر الأماني من وصالكم بحنا

أحبَّتنا بأن التَّصبر بعدكم

فعودوا بوصلٍ أو عدونا فقد ذبنا

ص: 365

ألا فارحموا صبًّا كئيبًا متيَّمًا

حليف غرامٍ لم يجد عنكم مغنى

نحيلًا برته لوعة الشوق والأسى

خفيًا عن العوَّاد إلّا إذا أنَّا

يجنُّ إذا جنَّ الظَّلام بذكركم

وكم مثله من عاشق في الهوى جنَّا

مطيعًا بأسباب الهوى بين قلبه

وبين التَّسلِّي عن مودَّتكم سجنا

يلبِّي إذا ناداه داعي هواكم

وإن هتفت ورقاء في غصنٍ حنَّا

توعَّده طيف الخيال بهجره

وكان على المضنى لباغيه ضغنا

وانكحه التَّبريح قاضي وعيده

فطلَّق طيب الغمض من طرفه الجفنا

وأصبح مسلوب الفؤاد كمعشر

توعَّدهم ملكٌ تعاظم أن يكنى

/244 ب/ أتابك عزُّ الدِّين وابن أتابك

له حسبٌ يفنى الحساب وما يفنى

فتًى من ملوك الأرض أعظم رتبةً

أجلُّهم قدرًا وأفتاهم سنًا

أبيٌّ من ..... ماجدٌ

على غيره ..... الخناصر ما تثنى

فواعجبًا منه وقد ملك الورى

وآجالهم والعيش في يده اليمنى

إذا ما سطا أفنى الرِّجال وإن همأ

سحاب يديه أخجل البحر والمزنا

له السَّبعة الشُّهب العوالي مطيعةٌ

فمن شاء أقصاه ومن شاءه أدنى

سما في العلا فالنَّجم لو رام شأوه

تغنَّى ولم يقض له أربٌ عنَّا

أخو همَّة ينفي المحال حلولها

إذ الكون مقضيٌّ لها بالَّذي تعني

على صفحات الدَّهر يكتب جوده

العميم على الإحسان أضحت له الحسنى

تراه إذا دارت رحى الحرب واشتكت

من البيض واشتكى الزود والطَّعنا

وأصبحت الشُّوس الكماة عوابسًا

من الخوف من ضارب .....

وزلزلت الأرض الوقور وأترعت

كؤوس الرَّدى والخيل تحسبها سفنا

يصول على الجيش العرمرم وحده

فيجعل أقصاه على بعده أدنى

وكم هامة في الحرب جفنٌ لسيفه

وكم نحر بطريقٍ سقى دمه اللُّدنا

على سيفه في الرَّوع عهدٌ لنفسه

إذا لم يصدَّ الهام لا يسكن الجفنا

/245 أ/ أميرٌ على الموت المميت فلم يطق

على قبض إنسان ولم يعطه إذنا

تذكره يردي نفوس عداته

ويسلب منها في مامنها الأمنا

كفى كلَّ عاف في الأنام نواله

ومن أمَّه باللُّهى أغنى

ص: 366

فلو قيل بحرٌ غير ملحٍ وجوهرٌ

بلا عرضٍ ما إن سواه ترهَّمنا

أيا مالك الدُّنيا أيا ابن مليكها

أيا خير من أغنى أيا خير من أقنى

أيا خير من يدعى وأشرف منصتٍ

وأكرم من أضحى الزَّمان له قنَّا

حباك أمير المؤمنين بخلعةٍ

فألبستها لمَّا تدرَّعتها حسنا

فجئت أهنِّيها بما شرفت به

فمثلك من عنِّى الزَّمان به يهنى

فدم ما بدا ضوء الصَّباح مهنَّئًا

وما ناح في الدُّوح الحمام وما غنَّى

[139]

إسحاق بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن يوسف بن عليِّ بن عبد الله، أبو محمدٍ الخزاعيُّ الإربليُّ.

وتوفى- بها- في سنة أربع وثلاثين وستمائة. أخبرني [أنه] ولد بإربل في شهر رمضان في سنة ثمانين وخمسمائة. شيخ قصير متصوف يترامى إلى طريقة التصوف، ويحفظ شيئًا من كلام الصوفية، ويتعاطى التكبر في نفسه، وعنده نوع حماقةٍ، وله أشعار.

أنشدني- منها- بمدينة إربل /245 ب/ ست وعشرين وستمائة، يمدح الصاحب شرف الدين أبا البركات المستوفي رحمه الله [من المنسرح]

يا من يجوب البيداء في الغسق

هديت فاقبل نصيحتي وثق

إيَّاك إن جئت حاجرًا فبه

ظبيٌ يصيد الأسود بالحدق

له قوامٌ كأنَّه غصنٌ

تميله الرِّيح حفَّ بالورق

يا ليت أنِّي أراه واحدةً

في الدَّهر قبل الممات معتنقي

قد كمل الحسن والصِّفات كما حاز

كمالًا في الحسن والخلق

الصَّاحب النَّدب ذو النُّهى شرف الدِّين من السُّوء والبلاء وقى

وأنشدني له: [من الطويل]

تراءت لي الدُّنيا اختيالًا وموَّهت

بزخرفها حتَّى لقد كنت أهواها

فأعرضت عنها حيث قابلت وجهها

بغرَّتها بانت عيون خطاياها

ص: 367

وأنشدني قوله: [من الطويل]

تخامرني عن نفحة الشِّيح نسمةٌ

أغيب بها عن حظِّ طبعي وعن حسِّي

فإن هي دامت كان عندي دوامها

نعيمًا وإن عادت أعود إلى نفسي

وأنشدني لنفسه: [من الخفيف]

/246 أ/ وردت كتبكم عليَّ فكانت

كقميصٍ أتى إلى يعقوب

ذاك ردَّ الأعمى بصيرًا وهذا

كان نورًا في قلبي المكروب

وله وأنشدنيه: [من الوافر]

كتبت وفي فؤادي نار شوقٍ

لها لهبٌ وفي جفني سحاب

فلولا النَّار بلَّ الدَّمع خطِّي

ولولا الدَّمع لاحترق الكتاب

ص: 368