الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قواعد تناول الإعجاز العلمي والطبي في السنة وضوابطه
أ. د. عبد الله بن عبد العزيز المصلح
بسم الله الرحمن الرحيم
نماذج الإعجاز الطبي في نصوص السنة المطهرة
النموذج الأول: إرشاده صلى الله عليه وسلم لتناول الحبة السوداء شفاءً من الأمراض
.
أولاً: نص الحديث الشريف:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " في الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا السام "(1) .
ثانياً: معاني المفردات:
الحبة السوداء: الشونيز أو الكمون الأسود أو حبة البركة.
السام: الموت وقد يطلق على مرض الموت.
ثالثا: مجمل دلالات النص الشريف:
* هذا الحديث الشريف يرشد إلى أهمية تعاطي الحبة السوداء، وأنها تصنف مادة علاجية.
* الحبة السوداء بمفردها قد تشفي كلياً من بعض الأمراض.
* الحبة السوداء تقوي قدرة المريض على مجابهة العوامل الممرضة، وترفع كفاءة الجسم على نحو عام.
(1) رواه البخاري ومسلم وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه وانظر جامع الأصول 8/324، 325.
* حدود الاستطباب في الحبة السوداء واسعة ومتعددة عدا مرض الموت.
رابعاً: المعطيات العلمية:
من خلال التجارب والأبحاث المعملية والإكلينيكية تم إجراء عدة بحوث من قبل د. أحمد القاضي - بمدينة بنما سيتي بأمريكا في مختبرات عيادات أكبر - على علاقة الحبة السوداء ببعض جوانب المناعة، إذ توصل إلى نتائج إيجابية يمكن أن نستخلص من تلك الأبحاث ما يأتي:
* تناول الحبة السوداء يفضي إلى الشفاء في كثير من الأمراض.
* تستعمل الحبة السوداء مع غيرها من العقاقير وتكون النتيجة مزيداً من الشفاء لمزيد من الأمراض.
* تشفي نسبياً كذلك - إذ تتحسن حالة المرض بتناولها - من أمراض أخرى إضافة لما سبق.
* كما أنها ترفع كفاءة الجهاز المناعي لجسم المريض، ويعد هذا نوعاً من أنواع الشفاء كذلك (1) .
* ولملاحظة الفرق بين كيفية الاستشفاء قديماً وحديثاً نلاحظ هذه القطوف من بعض المراجع الطبية:
أ) الاستطبابات بالحبة السوداء عند الأقدمين:
ورد في كتاب "الأربعين الطبية" للبرزالي ما خلاصته: "يذكر خالد
(1) انظر النشرة التي أصدرها مجمع عيادات أكبر في بنما سيتي تحت إشراف د/ أحمد القاضي.
ابن سعيد لنا بأنه خرج مع غالب بن أبجر، فمرض غالب في الطريق. فلما وصلا المدينة المنورة عاده ابن أبي عتيق فقال لهم:"عليكم بهذه الحبة السوداء فخذوا منها خمساً أو سبعاً فاسحقوها ثم قطروها في أنفه بقطرات زيت في هذا الجانب وفي هذا الجانب" هذه القصة يرويها البرزالي في الأربعين الطبية.
ثم يقول: " قال الشيخ: الشونيز هو الكمون الأسود ويسمى الكمون الهندي ومنافعه كثيرة وهو حار يابس في الدرجة الثالثة يجلو ويقطع ويحلل ويشفي من الزكام إذا قلي وصُرَّ في خِرْقة، وشم دائماً ويحلل النفخ غاية إذا ورد من داخل البدن، ويقتل الدود إذا أكل على الريق. وإذا وضع على البطن من خارج لطوخاً كذلك، ودهنه ينفع من داء الحية ومن الثآليل والخيلان، وإذا شرب منه مثقال بماء نفع من البهر وضيق النفس، ويدر الطمث المحتبس، والضماد به ينفع من الصداع البارد وإذا نقع منه سبع حباتٍ عدداً في لبن امرأة ساعةً وتسعّط بها صاحب اليرقان نفعه نفعاً بليغاً.... وإذا طبخ بخل وخشب الصنوبر نفع من وجع الأسنان، وإذا شرب في الحساء أدرَّ الطمث والبول واللبن. وإذا شرب بنطرون شفى من عسر النفس، وينفع من نهش الرُّتَيْلا ودخانه يطرد الهوام وخاصيته إذهاب الجشاء الحامض والكائن عن البلغم والسوداء "(1) .
(1) انظر الأربعين الطبية ص 54.
ويقول الدكتور كمال الدين حسن البتانوني في كتابه "نباتات في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم " ما يلي: " إن الشونيز ينفع من البهق والبرص طلاء بالخل ويسقى بالعسل والماء الحار للحصى في المثانة والكلى، ووصفه ابن قرة في كتاب الذخيرة في الطب ضمن أدوية مركبة لأمراض الدماغ وضعف المعدة كما وصف دهنه (زيت الشونيز) في العلاج "(1) .
ويزيدنا الأستاذ أحمد قدامة عن فوائد الحبة السوداء فيقول: "واستعمالها مع الزيت كل يوم يحمر الألوان ويصفيها وإذا شربت مع الزيت واللبان الذكر أعادت قوة الماء بعد اليأس وإدمان شربها يدر البول والطمث واللبن ويستخرج من بذورها زيت يوضع منه بعض نقط على القهوة فتهدأ الأعصاب ويفيد للسعال العصبي والنزلات الصدرية وينبه الهضم ويدر اللعاب والبول والطمث ويطرد الرياح والنفخ"(2) .
ب) الاستطباب بالحبة السوداء في العصر الحديث:
يذكر لنا الدكتور محمود ناظم النسيمي عن بعض التجارب والنتائج العلمية في مجال الاستفادة من الحبة السوداء في الطب الحديث فيقول في كتابه الطب النبوي والعلم الحديث ما يلي: "وقد تمكن أخيراً فريق من الباحثين في جمهورية مصر العربية وعلى رأسهم الدكتور محمد المحفوظ، والدكتور محمد الدخاخني في فصل المركب الفعال لهذا الزيت في حالة
(1) انظر ص 121 من كتاب البتانوني ـ نباتات في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم.
(2)
انظر ص 165 من كتاب أحمد قدامة ـ قاموس الغذاء والتداوي بالنبات.
نقية وخالية من التأثيرات المهيجة للأغشية، كما أثبت هؤلاء الباحثون خلو المركب من أي تأثير سام أو ضار وسموه (Nigellone) نسبة إلى نيجللا من الاسم العلمي للحبة السوداء (Nigellasativa) ولقد حُضِّرَ هذا المركب في شركة مصر للمستحضرات الطبية بشكل نقط، ولكن لوحظ أن بعض الحالات لا تستجيب بشكل مُرْضٍ للنقط، ولذلك تم تحضيره ثانية بشكل أقراص مما يساعد على ثبات المركب نظراً لجفافه وإمكان إعطائه بجرعات عالية.
يعطى الأطفال5 - 10 نقط × 3 مرات يومياً بعد الطعام.
يعطى الكبار10 - 15 نقطة × 3 مرات يومياً بعد الطعام.
أو قرص واحد × 3 مرات يومياً بعد الطعام.
وقال أولئك الباحثون:" إن الأدوية الجديدة الفعالة في الربو مثل زمرة مقلدات ومنبهات الودي، وكذلك نظائر القشر الكظرية " لا يمكن إعطاؤها بحرية لمرضى الربو المزمنين من ذوي الضغط المرتفع ولذا فإن أي دواء لا يحمل في طياته مواد سامة نحن بأمس الحاجة إليه" (1) وذكر بعد ذلك أن الحبة السوداء في قوتها المضادة للجراثيم يمكن اعتبارها من زمرة المضادات الحيوية فقال: " لقد وجد الدكتور حفاظ جنيد - دكتوراه كيمياء حيوية - أثناء تجاربه على العصيات الدقيقة أن هذه
(1) انظر الطب النبوي والعلم الحديث (3/264) للدكتور محمود ناظم النسيمي.
الأنواع من الجراثيم لا تستطيع النمو في وسط غذائي يحوي على الحبة السوداء مما يدل على أن الحبة السوداء تحوي مضادات حيوية أوقفت نمو هذه الجراثيم " (1) وأشير هنا إلى صدور كتاب في هذه الأيام حول التداوي بالحبة السوداء (2) وقد ذكر فيه مؤلفه أنواعاً عدة للاستطباب بها. ولعل الله يفتح على قلوب الأطباء المسلمين ليعرفوا أكثر وأكثر من تلك الطرائق الاستطبابية؛ لها حتى تتبين لهم الحقيقة بشكل لا خفاء فيها بأن "في الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا الموت" فتخبت أفكارهم وقلوبهم للخبير العليم البصير خالق الحبة السوداء والذي أخبرنا بتلك الحقيقة على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم قبل أربعة عشر قرنا.
ولقد أشرت إلى التجارب الناجحة التي أجريت في عيادات أكبر في بنما سيتي بالولايات المتحدة الأمريكية وبإشراف الدكتور أحمد القاضي، إذ أعطت نتائج باهرة تتفق مع ما توصل إليه العلماء في مصر وغيرها مما لا داعي للإطالة بذكره (3) .
(1) انظر ص 265 من المرجع السابق.
(2)
بل عدة كتب منها ما أشرت إليه وهو للأستاذ: طيب عبد الله الطيب - الشفاء في الحبة -.
(3)
انظر ما أصدره مجمع عيادات أكبر في بنما سيتي في هذا الشأن.