المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المثال الأول: إشارة القرآن الكريم إلى ظلمة المحيطات والأمواج الداخلية في بطن مياهها - قواعد تناول الإعجاز العلمي والطبي في السنة وضوابطه

[عبد الله المصلح]

الفصل: ‌المثال الأول: إشارة القرآن الكريم إلى ظلمة المحيطات والأمواج الداخلية في بطن مياهها

‌المثال الأول: إشارة القرآن الكريم إلى ظلمة المحيطات والأمواج الداخلية في بطن مياهها

يقول الله عز وجل مصورا لنا حالة الكفرة ومآل ما يعلمون في الدنيا: {أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور: 40] .

ولنستمع ما يقوله أحد علماء جيولوجيا البحار وهو درجا برساد راو وذلك ضمن لقاء بينه وبين بعض الباحثين المسلمين، وعلى رأسهم الشيخ عبد المجيد الزنداني، إذ عرضوا عليه هذا النص الشريف من كتاب الله مع قبسات من أقوال العلماء المفسرين فكان من كلامه ما يأتي: «نعم هذه الظلمات عرفها العلماء الآن بعد أن استعملوا الغواصات وتمكنوا من الغوص في أعماق البحار؛ حيث لا يستطيع الإنسان أن يغوص بدون آلة أكثر من عشرين إلى ثلاثين متراً؛ فإذا غاص الإنسان إلى أعماق شديدة حيث يوجد الظلام على عمق 200 متراً فإنه لا يمكن أبداً أن يبقى حياً. وهذه الآية تتحدث عن ظاهرة توجد في البحار العميقة، ولذلك قال تعالى:{أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ....} ليس في أي بحر وصفت هذه الظلمات بأنها متراكمة بعضها فوق بعض والظلمات المتراكمة التي تتراكم بعضها فوق بعض والظلمات المتراكمة والتي تتراكم في البحار العميقة تنشأ بسببين: السبب الأول: يكون نتيجة اختفاء الألوان في طبقة

ص: 27

بعد طبقة لأن الشعاع الضوئي مكون من سبعة ألوان. فإذا نزل الشعاع الضوئي إلى الماء توزع إلى الألوان السبعة، فالجزء الأعلى قد يمتص اللون الأحمر في الأمتار العشرة الأولى. وبعد أن يمتص اللون البرتقالي، ثم يبدأ امتصاص اللون الأصفر. أما إذا وصل لعمق مئة متر فإن اللون الأزرق يمتص كذلك وبعد مئة متر يمتص اللون الأخضر. وهكذا نجد أن الظلمات تتابع فهي ظلمات بعضها فوق بعض. والسبب الثاني: الحواجز التي تحجب الضوء فالشعاع الضوئي الذي نراه ينزل من الشمس فتمتص السحب بعضه وتشتت بعضه فتنشأ ظلمة تحت السحب، هذه الظلمة الأولى، فإذا نزل الشعاع الضوئي إلى سطح البحر المتموج انعكس على سطح الموج فأعطى لمعانا؛ ولذلك نرى إذا حدث موج في البحر كان اللمعان شديدا على حسب ميل سطح الموج، فالموج إذاً يسبب عكسا للأشعة أي يسبب ظلمة.

ثم ينزل الشعاع الضوئي إلى أسفل. ونجد البحر هنا ينقسم إلى قسمين:

قسم سطحي وقسم عميق. أما السطحي فهو الذي يوجد فيه الضوء والحرارة وأما العميق فهو الذي يوجد فيه الظلام والبرودة ويوجد بين القسم السطحي والعميق فاصل من الأمواج في ذلك العمق المتميز عن القسم السطحي. وهذا الموج الفاصل (الداخلي) لم يكتشف إلا عام 1900م. وهكذا يبدأ الظلام، حتى إن الأسماك في هذه المناطق لا ترى

ص: 28

بأعينها بل لها مصدر للضوء يصدر من جسمها في هذه الظلمات التي تراكمت بعضها فوق بعض كما جاء ذكرها في صريح الآية الكريمة (1) .

وبهذا الكلام من البروفيسور درجا برساد راو أستاذ علم الجيولوجيا نكتفي في بيان هذا الشاهد لننتقل إلى الشاهد الثاني.

(1) انظر كتاب (إنه الحق) ص 95 ـ 98 بتصرف يسير.

ص: 29