الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تكفر ثم تموت كافرًا، فقال الرجل: لم أر شيئًا، فقال عمر رضي الله عنه:{قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ} [يوسف: 41] قد قضى لك ما قضي لصاحب يوسف.
فصل
في
ذكر منامات متفرقة
فمن ذلك ما رواه ابن سعد في "الطبقات" عن حرام بن عثمان الأنصاري قال: قدم أسعد بن زرارة من الشام تاجرًا في أربعين رجلاً من قومه فرأى رؤيا أن آتيًا أتاه فقال: إن نبيًا يخرج بمكة يا أبا أمامة فاتبعه، وآية ذلك أنكم تنزلون منزلاً فيصاب أصحابك فتنجو أنت وفلان يطعن في عينه، فنزلوا منزلاً فبيتهم الطاعون فأصيبوا جميعًا غير أبي أمامة وصاحب له طعن في عينه.
ومن ذلك ما رواه ابن سعد أيضًا عن صالح بن كيسان أن خالد بن سعيد قال: رأيت في المنان قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم ظلمة غشيت مكة حتى ما أرى جبلاً ولا سهلاً، ثم رأيت نورًا يخرج من زمزم مثل ضوء المصباح كلما ارتفع عظم وسطع حتى ارتفع فأضاء لي أول ما أضاء البيت ثم عظم الضوء حتى ما بقي من سهل ولا جبل إلا وأنا أراه ثم سطع في السماء ثم انحدر حتى أضاء في نخل يثرب فيها البسر وسمعت قائلاً يقول في الضوء: سبحانه سبحانه تمت الكلمة وهلك ابن مارد بهضبة الحصى بين أذرح والأكمة، سعدت هذه الأمة، جاء نبي الأميين وبلغ الكتاب أجله، كذبته هذه القرية، تعذب مرتين، تتوب في الثالثة، ثلاث بقيت، ثنتان بالمشرق وواحدة بالمغرب؛ فقصّها خالد بن سعيد على أخيه عمرو بن سعيد فقال: لقد رأيت عجبًا وإني لأرى هذا أمرًا يكون في بني عبد المطلب إذ رأيت النور خرج من زمزم.
ومن ذلك المنام العجيب الذي رأته عاتكة بنت عبد المطلب رضي الله عنها قبل وقعة بدر بأيام ووقع تأويله يوم بدر. وقد روي ذلك من طرق. منها
ما رواه ابن إسحاق قال: حدثني محمد بن مسلم الزهري وعاصم بن عمر بن قتادة وعبد الله بن أبي بكر ويزيد بن رومان عن عروة بن الزبير وغيرهم من علمائنا عن ابن عباس رضي الله عنهما، كل قد حدثني بعض هذا الحديث فاجتمع حديثهم فيما سقت من حديث بدر، قالوا: لما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي سفيان مقبلاً من الشام ندب المسلمين إليهم وقال: هذه عير قريش فيها أموالهم فاخرجوا إليها لعل الله ينفلكموها فانتدب الناس فخف بعضهم وثقل بعضهم وذلك أنهم لم يظنوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يلقى حربًا، وكان أبو سفيان حين دنا من الحجاز يتحسس الأخبار ويسأل من لقي من الركبان تخوفًا على أمر الناس حتى أصاب خبرًا من بعض الركبان أن محمدًا قد استنفر أصحابه لك ولعيرك فحذر عند ذلك فاستأجر ضمضم بن عمرو الغفاري فبعثه إلى مكة وأمره أن يأتي قريشًا فيستنفرهم إلى أموالهم ويخبرهم أن محمدًا قد عرض لها في أصحابه فخرج ضمضم بن عمرو سريعًا إلى مكة. قال ابن إسحاق: فأخبرني من لا أتهم عن عكرمة عن ابن عباس، ويزيد بن رومان عن عروة بن الزبير قالا: وقد رأت عاتكة بنت عبد المطلب قبل قدوم ضمضم مكة بثلاث ليال رؤيا أفزعتها فبعثت إلى أخيها العباس بن عبد المطلب فقالت له: يا أخي والله لقد رأيت الليلة رؤيا أفظعتني وتخوفت أن يدخل على قومك منها شر ومصيبة فاكتم عني ما أحدثك به، فقال لها: وما رأيت؟ قالت: رأيت راكبًا أقبل على بعير له حتى وقف بالأبطح ثم صرخ بأعلى صوته: ألا انفروا يا آل غُدر لمصارعكم في ثلاث فأرى الناس اجتمعوا إليه ثم دخل المسجد والناس يتبعونه فبينما هم حوله مَثَلَ به بعيره على ظهر الكعبة ثم صرخ بمثلها، ألا انفروا يا آل غُدر لمصارعكم في ثلاث، ثم مَثَلَ به بعيره على رأس أبي قبيس فصرخ بمثلها ثم أخذ صخرة فأرسلها فأقبلت تهوي حتى إذا كانت بأسفل الجبل ارفضت فما بقي بيت من بيوت مكة ولا دار إلا دخلتها منها فلقة. قال العباس: والله إن هذه لرؤيا وأنت فاكتميها ولا تذكريها لأحد. ثم خرج العباس فلقي الوليد بن عتبة بن ربيعة وكان له صديقًا فذكرها له واستكتمه إياها فذكرها الوليد لأبيه عتبة ففشا الحديث بمكة حتى تحدثت به قريش. قال العباس: فغدوت لأطوف بالبيت، وأبو جهل بن هشام في رهط من قريش.
قعود يتحدثون برؤيا عاتكة، فلما رآني أبو جهل قال: يا أبا الفضل إذا فرغت من طوافك فأقبل إلينا حتى جلست معهم فقال لي أبو جهل: يا بني عبد المطلب متى حدثت فيكم هذه النبية؟ قال: قلت: وما ذاك؟ قال: تلك الرؤيا التي رأت عاتكة، قال: فقلت: وما رأت؟ قال: يا بني عبد المطلب أما رضيتم أن يتنبأ رجالكم حتى تتنبأ نسائكم وقد زعمت عاتكة في رؤياها أنه قال، انفروا في ثلاث فسنتربص بكم هذه الثلاث فإن يكن حقًا ما تقول فسيكون وإن تمض الثلاث ولم يكن من ذلك شيء نكتب عليكم كتابًا أنكم أكذب أهل بيت في العرب، قال العباس: فوالله ما كان مني إليه كبير شيء إلا أني جحدتُ ذلك وأنكرتُ أن تكون رأت شيئًا، قال: ثم تفرقنا فلما أمسيت لم تبق امرأة من بني عبد المطلب إلا أتتني فقالت: أقررتم لهذا الفاسق الخبيث أن يقع في رجالكم ثم قد تناول النساء وأنت تسمع ثم لم يكن عندك غِيَرٌ لشيء مما سمعت، قال: قلت: قد والله فعلتُ ما كان مني إليه من كبير وأيم الله لأتعرضن له فإن عاد لأكفيكنّه، قال: فغدوت في اليوم الثالث من رؤيا عاتكة وأنا حديد مغضب أرى أني قد فاتني منه أمر أحب أن أدركه منه، قال: فدخلت المسجد فرأيته فوالله إني لأمشي نحوه أتعرضه ليعود لبعض ما قال فأقع به وكان رجلاً خفيفًا حديد الوجه حديد اللسان حديد النظر، قال: إذ خرج نحو باب المسجد يشتد، قال: فقلت في نفسي: ما له لعنه الله: أكلّ هذا فَرَقٌ مني أن أشاتمه، قال: وإذا هو قد سمع ما لم أسمع، صوت ضمضم بن عمرو الغفاري وهو يصرخ ببطن الوادي واقفًا على بعيره قد جدع بعيره وحول رحله وشق قميصه وهو يقول: يا معشر قريش، اللطيمة اللطيمة، أموالكم مع أبي سفيان قد عرض لها محمد في أصحابه لا أرى أن تدركوها، الغوث الغوث، قال: فشغلني عنه وشغله عني ما جاء من الأمر.
وقد رواه الحاكم في "مستدركه" والبيهقي في "دلائل النبوة" من طريق يونس بن بكير عن ابن إسحاق وزادا بعد قوله: فشغلني عنه وشغله عني ما جاء من الأمر فلم يكن إلا الجهاز حتى خرجنا فأصاب قريشًا ما أصابها يوم بدر من قتل أشرافهم وأسر خيارهم. فقالت عاتكة بنت عبد المطلب فيما رأت وما
قالت قريش في ذلك:
ألم تكن الرؤيا بحق وجاءكم
…
بتصديقها فَلٌّ من القوم هارب
فقلتم ولم أكذب كذبت وإنما
…
يكذبنا بالصدق من هو كاذب
ورواه الطبراني في "الكبير" من طريق ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة مرسلاً. قال الهيثمي: فيه ابن لهيعة وفيه ضعف وحديثه حسن، ورواه البيهقي أيضًا من طريق موسى بن عقبة عن ابن شهاب مرسلاً.
وذكر ابن إسحاق أن قريشًا لما نزلوا الجحفة رأى جهيم بن الصلت بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف رؤيا فقال: إني رأيت فيما يرى النائم وإني لبين النائم واليقظان إذ نظرت إلى رجل قد أقبل على فرس حتى وقف ومعه بعير له ثم قال: قتل عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبو الحكم بن هشام وأمية بن خلف وفلان وفلان فعدد رجالاً ممن قتل يوم بدر من أشراف قريش، ثم رأيته ضرب في لبة بعيره ثم أرسله في العسكر فما بقي خباء من أخبية العسكر إلا أصابه نضح من دمه، قال: فبلغت أبا جهل فقال: وهذا أيضًا نبي آخر من بني عبد المطلب سيعلم غدًا من المقتول إنْ نحن التقينا. ورواه البيهقي في "دلائل النبوة" من طريق موسى بن عقبة عن الزهري مرسلاً وقال فيه: إن قريشًا ساروا حتى نزلوا الجحفة نزلوها عشاء يتروون من الماء وفيهم رجل من بني المطلب بن عبد مناف يقال له جهيم بن الصلت بن مخرمة فوضع جهيم رأسه فأغفى ثم فزع فقال لأصحابه: هل رأيتم الفارس الذي وقف علي آنفًا؟ فقالوا: لا، فإنك مجنون، فقال: قد وقف علي فارس آنفًا، فقال: قتل أبو جهل وعتبة وشيبة وزمعة وأبو البختري وأمية بن خلف فعدَّ أشرافًا من كفار قريش، فقال له أصحابه: إنما لعب بك الشيطان. ورفع حديث جهيم إلى أبي جهل فقال: قد جئتمونا بكذب بني المطلب مع كذب بني هاشم سترون غدًا من يقتل.
ومن ذلك رؤيا سودة بنت زمعة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيتزوجها. وقد روى قصتها محمد بن سعد في "الطبقات" عن هشام بن حمد بن السائب الكلبي عن أبيه عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله
عنهما قال: كانت سودة بنت زمعة عند السكران بن عمرو أخي سهيل بن عمرو فرأت في المنام كأن النبي صلى الله عليه وسلم أقبل يمشي حتى وطئ على عنقها فأخبرت زوجها بذلك فقال: وأبيك لئن صدقت رؤياك لأموتن وليتزوجنك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: حِجْرًا وسِتْرًا – قال هشام: الحجر تنفي عن نفسها ذاك – ثم رأت في المنام ليلة أخرى أن قمرًا انقض عليها من السماء وهي مضطجعة فأخبرت زوجها فقال: وأبيك لئن صدقت رؤياك لم ألبث إلا يسيرًا حتى أموت وتزوجين من بعدي فاشتكى السكران من يومه ذلك فلم يلبث إلا قليلاً حتى مات وتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن ذلك رؤيا جويرية بنت الحارث رضي الله عنها. وقد روى قصتها الحاكم في "المستدرك" من طريق الواقدي قال: حدثني حزام بن هشام عن أبيه قال: قالت جويرية بنت الحارث رضي الله عنها: رأيت قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم بثلاث ليال كأن القمر أقبل يسير من يثرب حتى وقع في حجري فكرهت أن أخبر بها أحدًا من الناس حتى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما سبينا رجوت الرؤيا فلما أعتقني وتزوجني والله ما كلمته في قومي حتى كان المسلمون هم الذين أرسلوهم وما شعرت إلا بجارية من بنات عمي تخبرني الخبر فحمدت الله عز وجل، وقد رواها البيهقي في "دلائل النبوة" من طريق الحاكم.
ومن ذلك رؤيا صفية بنت حيي رضي الله عنها. وقد روى قصتها محمد بن سعد في "الطبقات" والطبراني في "الكبير"، فأما ابن سعد فروى في ذكر غزوة خيبر عن عدد من الصحابة رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اصطفى صفية يوم خيبر وأنه رأى بوجهها أثر خضرة قريبًا من عينها فقال:«ما هذا؟» فقالت: يا رسول الله رأيت في المنام قمرًا أقبل من يثرب حتى وقع في حجري فذكرت ذلك لزوجي كنانة فقال: تحبين أن تكوني تحت هذا الملك الذي يأتي من المدينة فضرب وجهي.
وأما الطبراني فروى عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان بعيني صفية خضرة فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «ما هذه الخضرة بعينيك؟» فقالت: قلت لزوجي: إني رأيت فيما يرى النائم قمرًا وقع في حجري فلطمني وقال:
أتريدين ملك يثرب؟. قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح، قلت: وهو على شرط مسلم.
ومن ذلك ما رواه ابن أبي شيبة عن عبد الله بن بكر عن حميد عن أنس رضي الله عنه قال: رأيت فيما يرى النائم كأن عبد الله بن عمر يأكل تمرًا فكتبت إليه إني رأيتك تأكل تمرًا وهو حلاوة الإيمان إن شاء الله تعالى. إسناده ثلاثي على شرط الشيخين.
ومن ذلك ما رواه الحاكم في "المستدرك" عن عمران بن عبد الله قال: رأى الحسن بن علي رضي الله عنهما فيما يرى النائم بين عينيه مكتوبًا: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] فقصّها على سعيد بن المسيب فقال: إن صدقت رؤياك فقد حضر أجلك، قال: فسُمَّ في تلك السنة ومات رحمة الله عليه.
ومن ذلك ما رواه البيهقي في "دلائل النبوة" عن سليم بن عامر قال: جاء رجل إلى أبي أمامة رضي الله عنه فقال: يا أبا أمامة إني رأيت في منامي أن الملائكة تصلي عليك كلما دخلت وكلما خرجت وكلما قمت وكلما جلست، قال أبو أمامة رضي الله عنه: اللهم غفرًا دعونا عنكم وأنتم لو شئتم صلّت عليكم الملائكة ثم قرأ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} [الأحزاب: 41 - 43].
ومن ذلك ما رواه الخطيب البغدادي في "تاريخه" عن المزني قال: سمعت الشافعي يقول: رأيت علي بن أبي طالب رضي الله عنه في النوم فسلم عليّ وصافحني وخلع خاتمه وجعله في إصبعي وكان لي عم ففسرها لي فقال لي: أما مصافحتك لعلي فأمان من العذاب، وأما خلع خاتمه وجعله في إصبعك فسيبلغ اسمك ما بلغ اسم علي في الشرق والغرب، ثم روى الخطيب عن الربيع بن سليمان أنه قال: والله لقد فشا ذكر الشافعي في الناس بالعلم كما فشا ذكر علي بن أبي طالب.