الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
وَأما قَوْله وَقَالُوا لَهُم أَيْضا وَأما قَول بعض الْعلمَاء من لم يكفر الْمُشْركين أَو شكّ فِي كفرهم فَهُوَ كَافِر فَهَذَا حق وَنحن نعتقده بِحَمْد الله لَكِن هَذَا فِيمَن أجمع عُلَمَاء الْإِسْلَام على كفره وَأما من اخْتلفُوا فِيهِ فَلَا يُقَال فِيمَن لم يكفره ذَلِك
فَالْجَوَاب أَن يُقَال من لم يكفر الْمُشْركين أَو شكّ فِي كفرهم فَهُوَ كَافِر وَهَذَا هُوَ الْحق كَمَا أَقرَرت بِهِ وَهُوَ قَول أهل السّنة وَالْجَمَاعَة لَكِن من أَيْن لَك أَن الْعلمَاء لم يجمعوا على تَكْفِير الْجَهْمِية وَأَنَّهُمْ ضلال زنادقة فقد ذكر من صنف فِي السّنة من عُلَمَاء الْمُسلمين وأئمتهم تَكْفِير الْجَهْمِية ونقلوه عَن عَامَّة أهل الْعلم والأثر كَمَا تقدم ذكره وَقد ذكر حَرْب بن إِسْمَاعِيل الْكرْمَانِي صَاحب الإِمَام أَحْمد أَن من خالفهم فَهُوَ مُبْتَدع خَارج عَن الْجَمَاعَة زائل عَن مَنْهَج السّنة وسبيل الْحق
وَقَالَ عبد الله ابْن الإِمَام أَحْمد حَدثنِي الْحسن بن عِيسَى مولى
ابْن الْمُبَارك عَن حَمَّاد بن قِيرَاط سَمِعت إِبْرَاهِيم بن طهْمَان يَقُول الْجَهْمِية كفار والقدرية كفار
حَدثنِي الْحسن بن عِيسَى قَالَ كَانَ ابْن الْمُبَارك يَقُول الْجَهْمِية كفار
وَقَالَ الْحسن بن عِيسَى من قَول نَفسه وَمن يشك فِي كفر الْجَهْمِية
وَهَذَا يدل على أَنه قد كَانَ من الْمَعْلُوم عِنْد السّلف وأئمة الْهدى أَنهم لَا يَشكونَ فِي كفر الْجَهْمِية
وَقَالَ الْخلال فِي السّنة أَخْبرنِي عَليّ بن عِيسَى أَن حنبلا حَدثهمْ قَالَ سَمِعت أَبَا عبد الله يَقُول
من زعم أَن الله لم يكلم مُوسَى فقد كفر بِاللَّه وَكذب الْقُرْآن ورد على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم آمره يُسْتَتَاب من هَذِه الْمقَالة فَإِن تَابَ وَإِلَّا ضربت عُنُقه انْتهى
فَهَذَا كَلَام الإِمَام أَحْمد فِيمَن نفى صفة الْكَلَام فَكيف إِذا أضَاف إِلَى ذَلِك نفي علو الله على خلقه واستوائه على عَرْشه وَزعم أَنه لَا دَاخل الْعَالم وَلَا خَارجه وَلَا مُتَّصِلا بِهِ وَلَا مُنْفَصِلا عَنهُ وَلَا محايث لَهُ أَتَرَى أَنه يشك فِي كفر هَؤُلَاءِ أَو فِي كفر من لم يكفرهم
وَقَالَ الإِمَام أَبُو زرْعَة رحمه الله فِي أثْنَاء كَلَام لَهُ
وَمن زعم أَن الْقُرْآن مَخْلُوق فَهُوَ كَافِر بِاللَّه الْعَظِيم كفرا ينْقل عَن الْملَّة وَمن شكّ فِي كفره مِمَّن يفهم وَلَا يجهل فَهُوَ كَافِر انْتهى
وَقَالَ الشَّيْخ مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب رحمه الله
وَأما الْكَلَام فِي الطواغيت مثل إِدْرِيس وَآل شمسان فَالْكَلَام على هَذَا طَوِيل وَلَكِن هَؤُلَاءِ الَّذين يخاصمونك لَا يعبأون بِكَلَام الله وَرَسُوله شَيْئا وَلَا عِنْدهم إِلَّا مَا فِي كِتَابهمْ فَقل إِذا كَانَ فِي كِتَابهمْ قد صرح تَصْرِيحًا لَا مزِيد عَلَيْهِ وَنقل الْإِجْمَاع أَن من فعل معشار مَا فعل هَؤُلَاءِ الطواغيت أَنه كَافِر حَلَال الدَّم وَالْمَال وَقد صرح بِأَن من شكّ فِي كفرهم فَهُوَ كَافِر إِلَى آخر كَلَامه
وَقَالَ أَيْضا
لما اخْتلف النَّاس بعد مقتل عُثْمَان وبإجماع أهل الْعلم أَنه لَا يُقَال فيهم إِلَّا الْحسنى مَعَ أَنهم عثوا فِي دِمَائِهِمْ وَمَعْلُوم أَن كلا من الطَّائِفَتَيْنِ أهل الْعرَاق وَأهل الشَّام تعتقد أَنَّهَا على الْحق وَأَن الْأُخْرَى ظالمة ونبغ من أَصْحَاب عَليّ من أشرك بعلي وَأجْمع
الصَّحَابَة كلهم على كفرهم وردتهم وقتلهم لَكِن حرقهم عَليّ وَابْن عَبَّاس يرى قَتلهمْ بِالسَّيْفِ أَتَرَى أهل الشَّام لَو حملهمْ مُخَالفَة عَليّ على الِاجْتِمَاع بهم والاعتذار عَنْهُم والمقاتلة مَعَهم لَو امْتَنعُوا أَتَرَى أَن أحدا يشك فِي كفر من التجئ إِلَيْهِم وَلَو أظهر الْبَرَاءَة من اعْتِقَادهم وَأَنه إِنَّمَا التجأ إِلَيْهِم وزين مَذْهَبهم لأجل الاقتصاص من قتلة عُثْمَان انْتهى
وَقَالَ فِي نواقض الْإِسْلَام الْعشْرَة الثَّالِث من لم يكفر الْمُشْركين أَو شكّ فِي كفرهم أَو صحّح مَذْهَبهم فَهُوَ كَافِر فَكيف يكون الْحَال بِالشَّكِّ فِي كفر الْجَهْمِية أَعدَاء الله وَرَسُوله الجاحدين للصانع والنافين لصفات كَمَاله ونعوت جَلَاله
وَأما قَوْله وَأما من اخْتلفُوا فِيهِ فَلَا يُقَال فِيمَن لم يكفره ذَلِك
فَالْجَوَاب أَن يُقَال فرض هَذَا الْكَلَام وَتَقْدِيره فِي أهل الْأَهْوَاء والبدع الَّذين لم تخرجهم بدعتهم من الْإِسْلَام كالخوارج وَنَحْوهم مَعَ أَنه لَا عتب على من أَخذ بقول طَائِفَة من الْعلمَاء مَعَهم دَلِيل مُعْتَقدًا صِحَة مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ من التَّكْفِير بِهَذَا الدَّلِيل وَقد أحسن من انْتهى إِلَى مَا سمع كمن كفر الْخَوَارِج بِدَلِيل قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
(يَمْرُقُونَ من الدّين كَمَا يَمْرُق السهْم من الرَّمية ثمَّ لَا يعودون إِلَيْهِ إِلَّا كَمَا يعود السهْم إِلَى فَوْقه)
وَقد حكى الْقَوْلَيْنِ فِي تَكْفِير الْخَوَارِج وَغَيرهم من أهل الْبدع شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية وَنَقله عَن الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة وأتباعهم وَلم يبدع ويضلل من كفرهم وَلَا فسقه وَلَا شنع عَلَيْهِ كَمَا شنع هَذَا الْجَاهِل وَأَضْرَابه بل قد ذكر تَكْفِير الْجَهْمِية عَن الإِمَام أَحْمد وَعَن السّلف وَلم يذكر خلافًا فِي تكفيرهم وَذكر رِوَايَتَيْنِ عَن الْعلمَاء فِي كفر من شكّ فِي كفرهم وَإِن كَانَ رحمه الله يخْتَار عدم تَكْفِير الْخَوَارِج لما رُوِيَ عَن أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه وَغَيره من الصَّحَابَة رضي الله عنهم من عدم تكفيرهم
وَأما الْجَهْمِية وَعباد الْقُبُور فَلم يخْتَلف الْعلمَاء فِي تكفيرهم بل أخرجهم أَكثر الْعلمَاء من الثَّلَاث وَسبعين فرقة وَقد سُئِلَ الإِمَام عبد الله بن الْمُبَارك عَن الْجَهْمِية فَقَالَ لَيْسُوا من أمة مُحَمَّد ذكره عَنهُ شيخ الْإِسْلَام رحمه الله فَمن. فِي كفر من أجمع الْعلمَاء على كفره فَهُوَ كَافِر إِن كَانَ قد علم ذَلِك ثمَّ بعد ذَلِك أصر وكابر وعاند
قَالَ شَيخنَا الشَّيْخ عبد اللَّطِيف رَحمَه الله تَعَالَى فِي رده على الصحاف وَإِن كَانَ الْمُكَفّر لأحد من هَذِه الْأمة يسْتَند فِي تكفيره إِلَى نَص وبرهان من كتاب الله وَسنة نبيه وَقد رأى كفرا بواحا كالشرك بِاللَّه وَعبادَة مَا سواهُ والاستهزاء بِهِ تَعَالَى أَو بآياته وَرُسُله أَو تكذيبهم أَو كَرَاهَة مَا أنزل الله من الْهدى وَدين الْحق أَو جحد صِفَات الله تَعَالَى ونعوت جَلَاله وَنَحْو ذَلِك فالمكفر بِهَذَا وَأَمْثَاله مُصِيب مأجور مُطِيع لله وَرَسُوله قَالَ الله تَعَالَى {وَلَقَد بعثنَا فِي كل أمة رَسُولا أَن اعبدوا الله وَاجْتَنبُوا الطاغوت فَمنهمْ من هدى الله وَمِنْهُم من حقت عَلَيْهِ الضَّلَالَة} فَمن لم يكن من أهل عبَادَة الله تَعَالَى وَإِثْبَات كَمَاله ونعوت جَلَاله مُؤمنا بِمَا جَاءَت بِهِ رسله مجتنبا لكل طاغوت يدعوا إِلَى خلاف مَا جَاءَت بِهِ الرُّسُل فَهُوَ مِمَّن حقت عَلَيْهِ الضَّلَالَة وَلَيْسَ مِمَّن هدى الله للْإيمَان بِهِ وَبِمَا جَاءَت بِهِ الرُّسُل عَنهُ والتكفير بترك هَذِه الْأُصُول وَعدم الْإِيمَان بهَا من أعظم دعائم الدّين يعرفهُ كل من كَانَت لَهُ نهمة فِي معرفَة دين الْإِسْلَام وغالب مَا فِي الْقُرْآن إِنَّمَا هُوَ فِي إِثْبَات ربوبيته تَعَالَى وصفات كَمَاله ونعوت جَلَاله وَوُجُوب عِبَادَته وَحده لَا شريك لَهُ وَمَا أعد لأوليائه الَّذين أجابوا رسله فِي الدَّار الْآخِرَة وَمَا أعد لأعدائه الَّذين كفرُوا بِهِ
وبرسله وَاتَّخذُوا من دونه الْآلهَة والأرباب وَهَذَا بَين بِحَمْد الله انْتهى
وَأما من اخْتلف الْعلمَاء فِيهِ فَنحْن لَا نرى تَكْفِير من شكّ فِي كفره مِنْهُم بل هُوَ عندنَا مُخطئ غير مُصِيب وَأما من كفر بعض صلحاء الْأمة متأولا مخطئا وَهُوَ مِمَّن يسوغ لَهُ التَّأْوِيل فَهَذَا وَأَمْثَاله مِمَّن رفع عَنهُ الْحَرج والتأثيم لاجتهاده وبذل وَسعه كَمَا فِي قصَّة حَاطِب بن أبي بلتعة فَإِن عمر رضي الله عنه وَصفه بالنفاق وَاسْتَأْذَنَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي قَتله فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (وَمَا يدْريك أَن الله اطلع على أهل بدر فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُم فقد غفرت لكم) وَمَعَ ذَلِك فَلم يعنف عمر على قَوْله لحاطب أَنه قد نَافق وَقد قَالَ الله تَعَالَى {رَبنَا لَا تُؤَاخِذنَا إِن نَسِينَا أَو أَخْطَأنَا} وَقد ثَبت أَن الرب تبارك وتعالى قَالَ بعد نزُول هَذِه الْآيَة وَقِرَاءَة الْمُؤمنِينَ لَهَا قد فعلت انْتهى من كَلَام شَيخنَا رَحمَه الله تَعَالَى
ثمَّ إِنَّا لم نر فِي كَلَام أحد مِمَّن تشنع عَلَيْهِم بِهَذَا القَوْل شَيْئا مِمَّا تذكر إِلَّا تَكْفِير من شكّ فِي كفر الْجَهْمِية وَعباد الْقُبُور وَلَا خلاف فِي ذَلِك وَأما من عداهم من أهل الْأَهْوَاء والبدع فللعلماء فيهم
الرِّوَايَتَيْنِ الَّتِي ذكر شيخ الْإِسْلَام وَنحن فيهم على مَا ذكره الشَّيْخ من عدم تكفيرهم لاحْتِمَال مَانع يمْنَع من تكفيرهم إِمَّا جهلا وَإِمَّا خطأ فَإِن من كَانَ فِي قلبه الْإِيمَان بالرسول وَمَا جَاءَ بِهِ وَقد غلط فِي بعض مَا تَأَوَّلَه من الْبدع فَهَذَا لَيْسَ بِكَافِر أصلا كَمَا تقدم بَيَانه عَن أهل الْعلم وكما سنبينه إِن شَاءَ الله تَعَالَى
وَأما قَوْله إِذْ يلْزم مِنْهُ تَكْفِير طَائِفَة من عُلَمَاء السّلف من أهل السّنة وَالْجَمَاعَة وَمن تَبِعَهُمْ مِمَّن سكت عَن تكفيرهم من عوام الْمُسلمين وَفِيه الْوَعيد الشَّديد وَالنَّهْي الأكيد
فَالْجَوَاب أَن يُقَال لَا يلْزم ذَلِك وَلَو لزم فلازم الْمَذْهَب لَيْسَ بِمذهب كَمَا هُوَ مُقَرر مَعْلُوم من كَلَام الْعلمَاء
قَالَ الشَّيْخ عبد الله ابْن الشَّيْخ مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب رحمه الله فِي رسَالَته الَّتِي كتبهَا بعد دُخُول مَكَّة المشرفة فِي جَوَاب من قَالَ يلْزم من تقريركم وقطعكم فِي أَن من قَالَ يَا رَسُول الله أَسأَلك الشَّفَاعَة أَنه مُشْرك مهدر الدَّم أَن يُقَال بِكفْر غَالب الْأمة لاسيما الْمُتَأَخِّرين لتصريح عُلَمَائهمْ المعتبرين أَن ذَلِك مَنْدُوب وشنوا الْغَارة على من خَالف فِي ذَلِك فَقَالَ رحمه الله
لَا يلْزم ذَلِك لِأَن لَازم الْمَذْهَب لَيْسَ بِمذهب كَمَا هُوَ مُقَرر وَمثل ذَلِك لَا يلْزم أَن نَكُون مجسمة وَإِن قُلْنَا بِجِهَة الْعُلُوّ كَمَا ورد
الحَدِيث بذلك وَنحن نقُول فِيمَن مَاتَ {تِلْكَ أمة قد خلت} وَلَا نكفر إِلَّا من بلغته دَعوتنَا للحق ووضحت لَهُ المحجة وَقَامَت عَلَيْهِ الْحجَّة وأصر مستكبرا معاندا كغالب من نقاتلهم الْيَوْم يصرون على ذَلِك الْإِشْرَاك ويمتنعون من فعل الْوَاجِبَات ويتظاهرون بِأَفْعَال الْكَبَائِر الْمُحرمَات وَغير الْغَالِب إِنَّمَا نقاتله لمناصرته لمن هَذِه حَاله وَرضَاهُ بِهِ ولتكثير سَواد من ذكر والتأليب مَعَه فَلهُ حِينَئِذٍ حكمه فِي حل قِتَاله ونعتذر عَمَّن مضى بِأَنَّهُم مخطئون معذورون لعدم عصمتهم من الْخَطَأ وَالْإِجْمَاع فِي ذَلِك قَطْعِيّ
إِلَى أَن قَالَ
فَإِن قلت هَذَا فِيمَن ذهل فَلَمَّا نبه انتبه فَمَا القَوْل فِيمَن حرر الْأَدِلَّة واطلع على كَلَام الْأَئِمَّة الْقدْوَة وَاسْتمرّ مصرا على ذَلِك حَتَّى مَاتَ
قلت وَلَا مَانع أَن نعتذر لمن ذكر وَلَا نقُول أَنه كَافِر أَولا لما تقدم أَنه مُخطئ وَإِن اسْتمرّ على خطئه لعدم من يناضل عَن هَذِه الْمَسْأَلَة فِي وقته بِلِسَانِهِ وسيفه وسنانه فَلم تقم عَلَيْهِ الْحجَّة وَلَا وضحت لَهُ المحجة بل الْغَالِب على زمن المؤلفين الْمَذْكُورين
التواطؤ على هجر كَلَام أَئِمَّة السّنة فِي ذَلِك فَمن اطلع عَلَيْهِ أعرض عَنهُ قبل أَن يتَمَكَّن فِي قلبه وَلم يزل أكابرهم تنْهى أصاغرهم عَن مُطلق النّظر فِي ذَلِك وصولة الْمُلُوك قاهرة لمن وقر فِي قلبه شَيْء من ذَلِك إِلَّا من شَاءَ الله مِنْهُم
هَذَا وَقد رأى مُعَاوِيَة وَأَصْحَابه رضي الله عنهم منابذة أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه بل وقتاله ومناجزته الْحَرْب وهم فِي ذَلِك مخطئون بِالْإِجْمَاع واستمروا فِي ذَلِك الْخَطَأ حَتَّى مَاتُوا وَلم يشْتَهر عَن أحد من السّلف تَكْفِير أحد مِنْهُم إِجْمَاعًا بل وَلَا تفسيقه بل أثبتوا لَهُم أجر الِاجْتِهَاد وَإِن كَانُوا مخطئين كَمَا أَن ذَلِك مَشْهُور عِنْد أهل السّنة وَنحن كَذَلِك لَا نقُول بِكفْر من صحت ديانته وَشهر صَلَاحه وَعلم ورعه وزهده وَحسنت سيرته وَبلغ من نصحه الْأمة ببذل نَفسه لتدريس الْعُلُوم النافعة والتأليف فِيهَا وَإِن كَانَ مخطئا فِي هَذِه الْمَسْأَلَة أَو غَيرهَا كَابْن حجر الهيتمي فَإنَّا نعلم كَلَامه فِي الدَّار المنظم وَلَا ننكر سَعَة علمه وَلِهَذَا نعتني بكتبه ك شرح الْأَرْبَعين والزواجر وَغَيرهمَا
ونأخذ بنقله إِذا نقل لِأَنَّهُ من جملَة عُلَمَاء الْمُسلمين انْتهى
وَيُقَال أَيْضا إِذا كَانَ يلْزم من تَكْفِير الْجَهْمِية تَكْفِير طَائِفَة من عُلَمَاء السّلف من أهل السّنة وَمن تَبِعَهُمْ لأَنهم لَا يكفرون الْجَهْمِية على قَوْلكُم قيل فَكَذَلِك يلْزم من لم يكفر الْجَهْمِية تضليل من كفرهم من الْعلمَاء كأحمد بن حَنْبَل إِمَام أهل السّنة وَأَمْثَاله من أَئِمَّة الْمُسلمين أَو تكفيرهم لأَنهم عِنْده مُسلمُونَ وَمن كفر مُسلما فقد كفر ولحقه الْوَعيد الشَّديد وَالنَّهْي الأكيد فَمَا لزم هَذَا لزم هَذَا ولابد وَلَا محيص عَن هَذَا على قَوْلكُم ورأيكم الْفَاسِد ونعوذ بِاللَّه من القَوْل على الله وعَلى رَسُوله وعَلى أهل الْعلم بِلَا علم وَلَا دَلِيل وحسبنا الله وَنعم الْوَكِيل