المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فصل   ثمَّ إِنِّي قد رَأَيْت لهَذَا الرجل قصيدة اعْترض فِيهَا على - كشف الأوهام والإلتباس عن تشبيه بعض الأغبياء من الناس

[سليمان بن سحمان]

الفصل: ‌ ‌فصل   ثمَّ إِنِّي قد رَأَيْت لهَذَا الرجل قصيدة اعْترض فِيهَا على

‌فصل

ثمَّ إِنِّي قد رَأَيْت لهَذَا الرجل قصيدة اعْترض فِيهَا على مُحَمَّد بن حسن المرزوقي وإخوانه من أهل سَاحل عمان قَالَ فِيهَا أعظم وأشنع مِمَّا قَالَه فِي سُؤَاله من عدم تَكْفِير الْجَهْمِية وَأَن للْعُلَمَاء فيهم قَوْلَيْنِ وفيهَا إِلْزَام من كفر الْجَهْمِية بتكفير طوائف من أهل السّنة وَالْجَمَاعَة وَأَن من كفر أباضية أهل هَذَا الزَّمَان فقد كفر جَمِيع الصَّحَابَة لَا سِيمَا عَليّ بن أبي طَالب

فَقَالَ يهجو من نازعه فِي هَذِه الْمسَائِل

(فَقُلْنَا لَهُ هَذَا الْجَواب لقولكم

أَلا فَاسْمَعُوا قَول الهداة الأطايب)

(فَأَما الَّذِي قد قلتموا قبل أَنكُمْ

حكمتم بِكفْر الْقَوْم من كل جَانب)

(لأنهموا مَا كفرُوا شَرّ فرقة

وهم تابعوا جهم بِكُل المعائب)

ص: 88

(فقولك هَذَا قد تضمن وَاقْتضى

لتكفير أهل الْعلم أهل المناقب)

(وَذَلِكَ خلق منهموا طَال عدهم

فَمَا كفرُوا الجهمي ردي الْمذَاهب)

فَانْظُر إِلَى هَذَا الْكَلَام يَا من نور الله قلبه فَإِنَّهُ أبلغ فِي الشناعة وَالْخَطَأ وَالوهم على الْعلمَاء وَالْكذب عَلَيْهِم من قَوْله فِي سُؤَاله للشَّيْخ مُحَمَّد وَهُوَ من أبشع الْأَقْوَال وأعمها لأنواع الضلال فَإِنَّهُ أَتَى بِلَفْظ الْكل الْمُشْتَمل على جَمِيع أَفْرَاده وجزئياته وَهَذَا بِخِلَاف الْكُلِّي الَّذِي يدل على الْبَعْض وَمن الْمَعْلُوم أَن من معائب أَقْوَال الْجَهْمِية الدَّاخِل فِي مُسَمّى الْكل قَوْلهم

إِنَّه لَيْسَ فَوق السَّمَوَات وَلَا على الْعَرْش إِلَه يعبد وَيصلى لَهُ وَيسْجد وَلَا يشار إِلَيْهِ بالأصابع إِلَى فَوق كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ أعظم الْخلق فِي أعظم مجمع وجد على ظهر الأَرْض وَلَا ينزل مِنْهُ شَيْء وَلَا يصعد إِلَيْهِ شَيْء وَلَا تعرج الْمَلَائِكَة وَالروح إِلَيْهِ وَلَا رفع الْمَسِيح إِلَيْهِ وَلَا عرج برَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِ وَلَا تكلم بقدرته ومشيئته وَلَا ينزل كل لَيْلَة إِلَى سَمَاء الدُّنْيَا وَلَا يَأْتِي يَوْم الْقِيَامَة وَلَا يَجِيء وَلَا يغْضب بعد أَن كَانَ رَاضِيا وَلَا يرضى بعد أَن كَانَ غضبانا وَلَا يقوم بِهِ فعل الْبَتَّةَ وَلَا أَمر مُجَدد بعد أَن لم يكن وَلَا يُرِيد شَيْئا بعد أَن لم يكن مُرِيد فَلَا يَقُول للشَّيْء كن حَقِيقَة وَلَا اسْتَوَى على عَرْشه بعد أَن لم يكن مستويا وَلَا يغْضب يَوْم الْقِيَامَة غَضبا لم يغْضب قلبه مثله وَلنْ يغْضب بعده مثله وَلَا يُنَادي عباده يَوْم الْقِيَامَة بعد أَن لم

ص: 89

يكن مناديا وَأَنه لَا وَجه لَهُ وَلَا يدان وَلَا سمع وَلَا بصر وَلَا قدرَة وَلَا علم وَلَا حَيَاة

وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا يثبتون لله شَيْئا من أَسْمَائِهِ وَلَا صِفَاته وَلَا أَفعاله بل يصفونَ الله بِالْعدمِ الْمَحْض كَقَوْلِهِم إِنَّه لَا دَاخل الْعَالم وَلَا خَارجه وَلَا مُتَّصِلا بِهِ وَلَا مُنْفَصِلا عَنهُ وَلَا محايثا لَهُ إِلَى غير ذَلِك من أَقْوَالهم فِي جَمِيع مَا قَالُوهُ وخالفوا بِهِ أهل السّنة وَالْجَمَاعَة وَجَمِيع الْأَحْكَام الدِّينِيَّة والقوانين الشَّرْعِيَّة مِمَّا لَا يُمكن حصره فِي هَذِه الأوراق فَإِذا كَانَ تَكْفِير هَؤُلَاءِ الَّذين هم أَتبَاع جهم بِكُل هَذِه المعائب يَقْتَضِي ويتضمن تَكْفِير أهل الْعلم الَّذين لَا يحصي عَددهمْ إِلَّا الله لأَنهم مَا كفرُوا الجهمي رَدِيء الْمذَاهب بِكُل هَذِه المعائب فَإِذا كَانُوا لَيْسُوا بكفار عِنْده بِكُل هَذِه المعائب وأضعافها وأضعاف أضعافها مِمَّا لم نذكرهُ من كفرياتهم وضلالهم وَأَن من كفرهم يلْزمه تَكْفِير أهل الْعلم الَّذين لَا يحصي عَددهمْ إِلَّا الله فَمَا حكم هَؤُلَاءِ الْجَهْمِية المتصفين بِكُل هَذِه المعائب حِينَئِذٍ عِنْده

فقد كَانَ من الْمَعْلُوم بِالضَّرُورَةِ من دين الْإِسْلَام أَن فِي الْمَنْع من تَكْفِير هَؤُلَاءِ وتأثيمهم بِالْجَهْلِ وَالْخَطَأ فِي كل هَذِه المعائب رد على من كفرهم من أهل السّنة وَالْجَمَاعَة وتضليلهم وَمن الْتزم هَذَا كُله وَمنع من تكفيرهم فَهُوَ أكفر وأضل من الْيَهُود وَالنَّصَارَى كَيفَ لَا وَقد اتّفقت الْأمة على أَن أَتبَاع الْكفَّار الْجُهَّال المقلدين لَهُم الَّذين هم

ص: 90

مَعَهم تبع يَقُولُونَ {إِنَّا وجدنَا آبَاءَنَا على أمة} وَلنَا أُسْوَة بهم أَنهم كفار وَإِن كَانُوا جُهَّالًا مقلدين لرؤسائهم فَكيف بالجهمية المعاندين وَقد قَالَ الإِمَام أَحْمد رحمه الله فِي عقيدته الْمَشْهُورَة عَنهُ من زعم أَن الْقُرْآن كَلَام الله وَلم يقل لَيْسَ بمخلوق فَهُوَ أَخبث من الأول وَمن زعم أَن لفظنا بِالْقُرْآنِ وتلاوتنا لَهُ مخلوقة وَالْقُرْآن كَلَام الله فَهُوَ جهمي وَمن لم يكفر هَؤُلَاءِ الْقَوْم فَهُوَ مثلهم انْتهى

وَقَالَ الإِمَام أَبُو زرْعَة رحمه الله فِي أثْنَاء كَلَام لَهُ وَمن زعم أَن الْقُرْآن مَخْلُوق فَهُوَ كَافِر بِاللَّه الْعَظِيم كفرا ينْقل عَن الْملَّة وَمن شكّ فِي كفره مِمَّن يفهم وَلَا يجهل فَهُوَ كَافِر انْتهى

فَمَاذَا يحكم بِهِ هَذَا الْجَاهِل الْمركب على هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّة حِينَئِذٍ لَو كَانَ يعقل مَا يَقُول أَو يدْرِي مَا بِهِ يصول وَمَعَ هَذَا كُله يزْعم أَن هَذَا هُوَ قَول الهداة الأطايب وليت شعري من هَؤُلَاءِ الهداة الأطايب الَّذين خالفوا أَئِمَّة الْهدى ومصابيح الدجى وَهُدَاة الْأَنَام إِلَى دَار السَّلَام الَّذين هم الْقدْوَة وبهم الأسوة كَمَا قَالَ ابْن الْقيم رحمه الله

(وَلَقَد تقلد كفرهم خَمْسُونَ فِي

عشر من الْعلمَاء فِي الْبلدَانِ)

(واللالكائي الإِمَام حَكَاهُ عَنْهُم

بل قد حَكَاهُ قبله الطَّبَرَانِيّ)

ص: 91