الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تقدمة المؤلف:
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد، وآله وصحبه
الحمد لله المحمود بكل لسان، المعروف بالجود والإحسان، الذي خلق الإنسان وعلمه البيان، وأشهد أن لا إله إلا الله، شهادة أدخرها يوم العرض على الميزان، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، المنتخب من ولد عدنان صلى الله عليه وعلى عترته الطاهرين، وصحبه الأكرمين ما اتفق الفرقدان واختلف الجديدان.
أما بعد؛
فإن خير الأعمال الاشتغال بالعلم الديني، وأفضله وأعظمه بركة معرفة صحيح حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من مدخوله، ومنقطعه من موصوله، وسالمه من معلوله.
ولما خص الله هذه الأمة المحمدية بضبط حديث نبيها بالإسناد المأمون، وتولى هو حفظ كتابه العزيز فقال:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُون} .
وندب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الأخذ منه والتبليغ عنه، وأوضح أن أحاديثه عليها مدار الشريعة، وبيان مراد الكتاب العزيز، وأنها المفسرة لمجمله، والفاتحة لمقفله فقال صلى الله عليه وسلم: نضر الله امرأً سمع منا حديثا فأداه كما سمعه، فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه.
وقال صلى الله عليه وسلم في خطبة حجة الوداع وقد بلغت التواتر: ألا هل بلغت؟، قالوا: نعم. قال: فليبلغ الشاهد الغائب، فرب مبلغ أوعى من سامع.
وقال صلى الله عليه وسلم: ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن.
وفي لفظ: ألا هل عسى رجل يبلغه الحديث عني، وهو متكىء على أريكته فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله، فما وجدنا فيه حلالا استحللناه، وما وجدنا فيه حراما حرمناه، وإن ما حرم رسول الله كما حرم الله.
حسنه الترمذي وصححه الحاكم والبيهقي.
وفي "المُستَدرَك" أيضًا من حديث الحسن قال: بينا عمران بن حصين يحدث عن سنة نبينا صلى الله عليه وسلم إذ قال له رجل: يا أبا نجيد حدثنا بالقرآن فقال: أنت وأصحابك تقرؤُون القرآن، أكنت محدثي عن الصلاة وما فيها وحدودها؟! أكنت محدثي عن الزكاة في الذهب والإبل والبقر وأصناف المال؟! فقال: فقال له الرجل: أحييتني أحياك الله.
ورواه ابن حبان في صحيحه ولفظه: بينما نحن عند عمران بن حصين
…
فذكره.
وقال صلى الله عليه وسلم: تسمعون ويسمع منكم، ويسمع ممن يسمع منكم.
رواه أبو داود بإسناد صحيح
فامتثل أصحابه أمره، ونقلوا أقواله وأفعاله، ونومه ويقظته، وغير ذلك.
ثم إن من بعد الصحابة تلقوا ذلك منهم، وبذلوا أنفسهم في حفظه وتبليغه، وكذلك من بعدهم إلا أنه دخل فيمن بعد الصحابة في كل عصر قوم ممن ليس له أهلية ذلك وتبليغه، فأخطأوا فيما تحملوا ونقلوا، ومنهم من تعمد ذلك، فدخلت الآفة من هذا الوجه.
فأقام الله طائفة كثيرة من هذه الأمة للذب عن سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فتكلموا في الرواة على قصد النصيحة، ولم يعد ذلك من الغيبة المذمومة، بل كان ذلك واجبا عليهم وجوب كفاية.
ثم ألف الحفاظ في أسماء المجروحين كتبا كثيرة، كل منهم على مبلغ علمه، ومقدار ما وصل إليه اجتهاده، ومن أجمع ما وقفت عليه في ذلك كتاب: الميزان الذي ألفه الحافظ أبو عبد الله الذهبي.
وقد كنت أردت نَسْخَهُ على وجهه فطال عليَّ، فرأيت أن أحذف منه أسماء من أخرج له الأئمة الستة في كتبهم أو بعضُهم، فلما ظهر لي ذلك، استخرت الله تعالى، وكتبت منه ما ليس في تهذيب الكمال.
وكان لي من ذلك فائدتان:
إحداهما: الاختصار والاقتصار، فإن الزمان قصير، والعمر يسير.
والأخرى: أن رجال التهذيب إما أئمة موثوقون، وإما ثقات مقبولون، وإما قوم ساء حفظهم ولم يطرحوا، وإما قوم تركوا وجرحوا.
فإن كان القصد بذكرهم أنه يعلم أنه تكلم فيهم في الجملة، فتراجمهم مستوفاة في التهذيب، وقد جمعت أسماءهم، أعني من ذكر منهم في الميزان وسردتها في فصل آخر الكتاب.
ثم إنني زدت في الكتاب جملة كثيرة، فما زدته عليه من التراجم المستقلة: جعلت قبالته أو فوقه (ز).
ثم وقفت على مجلد لطيف لشيخنا حافظ الوقت أبي الفضل بن الحسين جعله ذيلا على الميزان، ذكر فيه من تكلم فيه وفات صاحب الميزان ذكره، والكثير منهم من رجال التهذيب، فعلمت على من ذكره شيخنا في هذا الذيل صورة (ذ) إشارة إلى أنه من "الذيل" لشيخنا.
وما زدته في أثناء ترجمة ختمت كلامه بقوله: انتهى. وما بعدها فهو كلامي.
وسميته لسان الميزان.
وها أنا أسوق خطبته على وجهها، ثم أختمها بفوائد وضوابط نافعة إن شاء الله تعالى