الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقدمة
الحمد لله، خلق الإنسان، علمه البيان، قال في محكم القرآن: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ [القمر: 17]، والصلاة والسلام على إمام الهدى وصاحب أفصح وأبين لسان، نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، الذي أرسله ربه بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (45) وَداعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً [الأحزاب: 45، 46]. أمرنا ربنا بالصلاة والسلام عليه فقال: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب: 56].
وبعد ..
فإن القرآن الكريم هو حبل الله المتين، وصراطه المستقيم، نور للفرد والأمة، يقاس تقدم الأمة وتقهقرها بقدر تمسكها بهذا النور الهادي؛ ذلك لأن فيه العلاج الناجح لكل تقهقر وتأخر، وفيه الدليل المرشد لكل تقدم ورقي.
حينما تمسك به السلف الكرام عزوا وسادوا وقادوا، وحينما تخلى عنه الخلف تقهقروا وتخلفوا وذلوا، ولسان الحال أبين من لسان المقال.
يوم أن كان القرآن قائدا؛ جيشت الجيوش تعلي كلمة الله، وتستجيب لصرخة «وا معتصماه!» واليوم تنطلق ملايين الصرخات:«وا إسلاماه! وا معتصماه!» ولكن ..
لكن قومي وإن كانوا ذوي عدد
…
ليسوا من الشرفي شيء وإن هانا
فليت لي بهم قوما إذا ندبوا
…
شدوا الإزارة فرسانا ورهبانا
«إن القرآن هو حقيقة الخلق الاجتماعي في الأمة، وهو الذي يجعل الأمة كلها طبقة واحدة على اختلاف المظاهر الاجتماعية عالية ونازلة وما بينهما، فهو بذلك الضمير القانوني للشعب، وبه لا بغيره ثبات الأمة على فضائلها النفسية.
ولهذا كان القرآن من أقوى الوسائل التي يعول عليها في إيقاظ ضمير الأمة وتنبيه روحها.
وكل أمة ضعف الدين فيها اختلت هندستها الاجتماعية وماج بعضها في بعض.
إن هذه الأمة التي يكون واجبها أن تشرف وتسود وتعتز، يكون واجبا عليها ألا تسقط ولا تخضع ولا تذل» (1).
كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران: 110] إن القرآن هو القلب النابض لأفراد هذه الأمة، ومتى كان القلب سليما وقويّا ومتينا؛ استطاع أن يضخ العزة والشرف في قلوب أبنائه.
لقد مر على الأمة زمن لم يفلت من حفظ القرآن فيه إلا نفر قليل عن غير عمد قصدوه، فكنت تقابل الطفل ابن العاشرة فتجده حافظا لكتاب الله ولشيء من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
واليوم لقد عجزت الأمة، بل عجز المثقفون فيها، بل عجز بعض أئمة المساجد، عجز كل هؤلاء عن أن يقيموا بالقرآن ألسنتهم، فعجزوا عن أن يقيموه في قلوبهم، فضلا عن تطبيقه في واقع حياتهم.
ألا يا أمة القرآن عودي:
ألا يا أمة القرآن عودي، عودي إلي الخير والفلاح، والبر والرشاد، والعزة والسيادة، والتقدم والنماء، ولن يكون ذلك إلا بالشرب من هذا النهر العذب
(1) وحي القلم للرافعي.
الصافي، الذي يفيض نورا وعطاء.
يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ [المائدة: 15، 16].