الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القرآن فو الذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتا من الإبل في عقلها» (1).
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنما مثل صاحب القرآن كمثل الإبل المعقلة إن عاهد عليها أمسكها وإن أطلقها ذهبت» (2).
إن القرآن الكريم ليس كأي محفوظ آخر، فهو سريع الهروب من الذهن بخلاف الشعر، والحكمة في ذلك أن يظل الحافظ للقرآن مرتبطا به لا يفارقه، فإذا فارقه نسيه، وقد حفظت متونا: شعرا ونثرا فأمسكها ذهني زمنا دون مراجعة، بخلاف القرآن الكريم الذي يحتاج إلى التعهد الدائم ليظل الحافظ مرتبطا بكتاب الله تعالى.
13 - اغتنام سنوات الحفظ:
إن مراحل عمر الإنسان تتفاوت في تحصيل وحفظ العلوم وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك في حديث الاغتنام «اغتنم خمسا قبل خمس» فذكر منها:
لذلك حرص الصحابة على تحفيظ أولادهم القرآن الكريم في سنيهم المبكرة، كما أننا نجد كثيرا من الأئمة الأعلام قد حفظوا القرآن كاملا دون سن العاشرة؛ فحفظ الإمام الشافعي وهو ابن سبع، وحفظ الإمام أحمد بن حنبل في تمام العاشرة.
ولما أدركت الجاحظ الشيخوخة كان ينشد هذين البيتين متحسرا متألما:
أترجو أن تكون وأنت شيخ
…
كما قد كنت أيام الشباب؟
لقد كذبتك نفسك ليس ثوب
…
دريس كالجديد من الثياب
(1) متفق عليه.
(2)
متفق عليه.
ويمكننا أن نقسم سنوات الحفظ ومراحل العمر حسب القدرة على الاستيعاب كما يلي:
1 -
من 5 سنوات إلى 10 سنوات مرحلة ذهبية.
2 -
من 10 سنوات إلى 14 سنة. مرحلة ذهبية* من حفظ في هاتين المرحلتين يصعب نسيانه.
3 -
من 14 سنة إلى 23 سنة. مرحلة فضية.
4 -
من 23 سنة إلى 35 سنة. مرحلة برونزية.
ولكنني أقول: إنه لا يصعب على أي مسلم في أي مرحلة من عمره أن يحفظ القرآن الكريم، إذا عزم على ذلك، وعرف الله صدقه، فكلمة المستحيل لا يعرفها عقل المسلم ولا خياله.
وقد رأيت أخا بدأ في حفظ القرآن بعد الأربعين فأتمه في سنتين ونصف وكان ضابطا متقنا.
والأعجب من ذلك أنني أعرف رجلا بدأ في حفظ القرآن بعد الخمسين ثم تلقى عن المشايخ، وسافر عدة بلدان يقرأ عليهم، وحصل على إجازات كثيرة في القراءات السبع، ثم العشر الصغرى، ثم الكبرى، وقد أصبح الآن عالما يسافر الطلاب إليه ويقصدونه، ولم يبدأ إلا بعد سن الخمسين فلا تكسلن أيها المسلم عن الحفظ والتعلم في أي عمر كنت.
كان إبراهيم بن المهدي كبيرا في السن، فدخل على المأمون وعنده جماعة يتكلمون في الفقه فقال له المأمون: يا عم ما عندك فيما يقول هؤلاء؟ فقال:
يا أمير المؤمنين شغلونا في الصغر واشتغلنا في الكبر. فقال المأمون: لم لا تتعلمه اليوم؟ قال: أو يحسن مثلي طلب العلم؟ قال: نعم. والله لأن تموت طالبا للعلم خير من أن تعيش قانعا بالجهل.