الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبو النجيب
الشيخ الإمام العالم المفتي المتفنن الزاهد العابد القدوة شيخ المشايخ أبو النجيب، عبد القاهر بن عبد الله بن محمد بن عمويه بن سعد بن الحسن بن القاسم بن علقمة بن النضر بن معاذ بن الفقيه عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، القرشي التيمي البكري السهروردي الشافعي الصوفي الواعظ، شيخ بغداد. ولد تقريبا بسهرورد في سنة تسعين وأربعمائة.
وقدم بغداد نحو سنة عشر، فسمع من أبي علي بن نبهان كتاب " غريب الحديث "، وسمع من زاهر الشحامي، وأبي بكر الأنصاري وجماعة، فأكثر، وحصل الأصول، وكان يعظ الناس في مدرسته.
أثنى عليه السمعاني كثيرا، وقال: تفقه في النظامية، ثم هب له نسيم الإقبال والتوفيق، فدله على الطريق، وانقطع مدة، ثم رجع، ودعا إلى الله، وتزهد به خلق، وبنى له رباطا على الشط، حضرت عنده مرات، وانتفعت بكلامه، وكتبت عنه.
وقال عمر بن علي القرشي: هو من أئمة الشافعية، وعلم من أعلام الصوفية، ذكر لي أنه دخل بغداد سنة سبع، وسمع " غريب الحديث "، وتفقه على أسعد الميهني، وتأدب على الفصيحي، ثم آثر الانقطاع، فتجرد، ودخل البرية حافيا، وحج، وجرت له قصص، وسلك طريقا وعرا في المجاهدة، ودخل أصبهان، وجال في الجبال، ثم صحب الشيخ حمادا الدباس، ثم شرع في دعاء الخلق إلى الله، فأقبل الناس عليه، وصار له قبول عظيم، وأفلح بسببه أمة صاروا سرجا، وبنى مدرسة ورباطين، ودرس وأفتى، وولي تدريس النظامية، ولم أر له أصلا يعتمد عليه ب " الغريب ".
وقال ابن النجار: كان مطرحا للتكلف في وعظه بلا سجع، وبقي سنين يستقي بالقربة بالأجرة، ويتقوت، ويؤثر من عنده، وكانت له خربة يأوي إليها هو وأصحابه، ثم اشتهر، وصار له القبول عند الملوك، وزاره السلطان، فبنى الخربة رباطا، وبنى إلى جانبه مدرسة، فصار حمى لمن لجأ إليه من الخائفين يجير من الخليفة والسلطان، ودرس بالنظامية سنة 45، ثم عزل بعد سنتين، أملى مجالس، وصنف مصنفات. . . . إلى أن قال: وصحب الشيخ أحمد الغزالي الواعظ، وسلكه.
قلت: قد أوذي عند موت السلطان مسعود، وأحضر إلى باب النوبي، فأهين، وكشف رأسه، وضرب خمس درر، وحبس مدة لأنه درس بجاه مسعود.
قال ابن النجار: وأنبأنا يحيى بن القاسم، حدثنا أبو النجيب قال: كنت أدخل على الشيخ حماد وفي فتور، فيقول: دخلت علي وعليك ظلمة، وكنت أبقى اليومين والثلاثة لا أستطعم بزاد، فأنزل في دجلة أتقلب ليسكن جوعي، ثم اتخذت قربة أستقي بها، فمن أعطاني شيئا أخذته، ومن لم يعطني لم أطالبه، ولما تعذر ذلك في الشتاء علي، خرجت إلى سوق، فوجدت رجلا بين يديه طبرزد، وعنده جماعة يدقون الأرز، فقلت: استعملني. قال: أرني يدك. فأريته، قال: هذه يد لا تصلح إلا للقلم، وأعطاني ورقة فيها ذهب، فقلت: لا آخذ إلا أجرة عملي، فإن شئت نسخت لك بالأجرة. قال: اصعد، وقال لغلامه: ناوله المدقة، فدققت معهم وهو يلحظني، فلما عملت ساعة، قال: تعال، فناولني الذهب، وقال: هذه أجرتك، فأخذته، ثم أوقع الله في قلبي الاشتغال بالعلم، فاشتغلت حتى أتقنت المذهب، وقرأت الأصلين، وحفظت " الوسيط " للواحدي في التفسير، وسمعت كتب الحديث المشهورة.
قال أبو القاسم بن عساكر: ذكر لي أبو النجيب أنه سمع من أبي علي الحداد، واشتغل بالمجاهدة، ثم استقى بالأجرة، ثم وعظ ودرس بالنظامية، قدم دمشق سنة ثمان وخمسين لزيارة بيت المقدس، فلم يتفق له لانفساخ الهدنة.
قلت: حدث عنه هو والقاسم ابنه، والسمعاني، وابن سكينة، وزين الأمناء، وأبو نصر بن الشيرازي، وابن أخيه الشيخ شهاب الدين عمر، وخلق.
مات في جمادى الآخرة سنة ثلاث وستين وخمسمائة ودفن بمدرسته.