الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يحيى القطان (ع)
يحيى بن سعيد بن فروخ، الإمام الكبير، أمير المؤمنين في الحديث أبو سعيد التميمي مولاهم البصري، الأحول، القطان، الحافظ.
ولد في أول سنة عشرين ومائة.
سمع سليمان التيمي، وهشام بن عروة، وعطاء بن السائب، وسليمان الأعمش، وحسينا المعلم، وحميدا الطويل، وهشيم بن عراك، وإسماعيل بن أبي خالد، وعبيد الله بن عمر، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وابن عون، وابن أبي عروبة، وشعبة، والثوري، وأخضر بن عجلان، وإسرائيل بن موسى - نزيل الهند - وأشعث بن عبد الملك الحمراني، وأشعث بن عبد الله الحداني، وبهز بن حكيم، وجعفر بن محمد، وحاتم بن أبي صغيرة، وحبيب بن الشهيد، وحجاج بن أبي عثمان الصواف، وزكريا بن أبي زائدة، وعبد الله بن سعيد بن أبي هند، وعبد الرحمن بن حرملة الأسلمي، وعبد الملك بن أبي سليمان، وعثمان بن الأسود المكي، وفضيل بن غزوان، ومحمد بن عجلان، وخلقا كثيرا.
وعني بهذا الشأن أتم عناية، ورحل فيه، وساد الأقران، وانتهى إليه الحفظ، وتكلم في العلل والرجال، وتخرج به الحفاظ، كمسدد، وعلي، والفلاس، وكان في الفروع على مذهب أبي حنيفة - فيما بلغنا - إذا لم يجد النص.
روى عنه: سفيان، وشعبة، ومعتمر بن سليمان - وهم من شيوخه - وعبد الرحمن بن مهدي، وعفان، ومسدد، وابنه محمد بن يحيى، وعبيد الله القواريري، وأبو بكر بن أبي شيبة، وعلي، ويحيى، وأحمد، وإسحاق، وعمرو بن علي، وبندار، وابن مثنى، ومحمد بن حاتم السمين، وسليمان الشاذكوني، وعبيد الله بن سعيد السرخسي، ويحيى بن حكيم المقوم، وعمر بن شبة، ونصر بن علي، ومحمد بن عبد الله المخزومي، وأحمد بن سنان القطان، وإسحاق الكوسج، وزيد بن أخزم، ويعقوب الدورقي، وخلق كثير، خاتمتهم محمد بن شداد المسمعي.
وكان يقول: لزمت شعبة عشرين سنة.
قال محمد بن عبد الله بن عمار: روى ابن مهدي في تصانيفه ألفي حديث عن يحيى القطان، فحدث بها ويحيى حي.
وثبت أن أحمد بن حنبل قال: ما رأيت بعيني مثل يحيى بن سعيد القطان.
وقال يحيى بن معين: قال لي عبد الرحمن: لا ترى بعينيك مثل يحيى القطان.
وقال علي بن المديني: ما رأيت أحدا أعلم بالرجال من يحيى بن سعيد.
وقال بندار: حدثنا يحيى بن سعيد إمام أهل زمانه.
وقال أبو الوليد الطيالسي: كان يحيى بن سعيد مولى بني تميم، زعموا، وكان يوقر وهو شاب.
وقال ابن معين: قال لي يحيى بن سعيد: ليس لأحد علي عقد ولا ولاء.
قال العباس بن عبد العظيم: سمعت ابن مهدي يقول: لما قدم الثوري البصرة، قال: يا عبد الرحمن، جئني بإنسان أذاكره، فأتيته بيحيى بن سعيد، فذاكره، فلما خرج، قال: قلت لك: جئني بإنسان، جئتني بشيطان - يعني: بهره حفظه.
قال عبد الله بن جعفر بن خاقان: سمعت عمرو بن علي يقول: كان يحيى بن سعيد القطان يختم القرآن كل يوم وليلة يدعو لألف إنسان، ثم يخرج بعد العصر، فيحدث الناس.
قال ابن خزيمة: سمعت بندارا يقول: اختلفت إلى يحيى بن سعيد أكثر من عشرين سنة، ما أظنه عصى الله قط، لم يكن في الدنيا في شيء.
عباس الدوري: سمعت يحيى يقول: قال لي يحيى القطان: لو لم أرو إلا عمن أرضى، لم أرو إلا عن خمسة.
قال عبد الله بن بشر الطالقاني: سمعت أحمد بن حنبل يقول: يحيى بن سعيد أثبت الناس.
وقال جعفر بن أبان الحافظ: سألت أبا الوليد الطيالسي عن خالد بن الحارث، ويحيى بن سعيد القطان، فقال: يحيى أكثر منه بكثير، وأما خالد، فثقة صاحب كتاب، فقال رجل: ما كان بالبصرة مثل خالد بعد شعبة. فقال: وكان شعبة يحسن ما يحسن يحيى؟ فقلت: فمن كان أكثر عندك، يحيى أو عبد الرحمن بن مهدي؟ فإن قوما يقدمون عبد الرحمن عليه، قال: ما ينصفون، هو أكبر من عبد الرحمن.
وعن أبي عوانة قال: إن كنتم تريدون الحديث، فعليكم بيحيى القطان، فقال له رجل: فأين حماد بن زيد؟ قال: يحيى بن سعيد معلمنا.
قال أحمد بن سعيد الدارمي: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ما كتبت الحديث عن مثل يحيى بن سعيد.
قال ابن معين: روى يحيى القطان عن الأوزاعي حديثا واحدا.
قال أبو قدامة السرخسي: سمعت يحيى بن سعيد يقول: كل من أدركت من الأئمة كانوا يقولون: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، ويكفرون الجهمية ويقدمون أبا بكر وعمر في الفضيلة والخلافة. مسدد، عن يحيى قال: ما حملت عن سفيان الثوري شيئا إلا ما قال: حدثني وحدثنا سوى حديثين من قول إبراهيم وعكرمة.
قال أبو بكر الصغاني: قال لي ابن معين: يحيى بن سعيد فوق يزيد بن زريع وخالد بن الحارث ومعاذ بن معاذ.
قال يحيى: ربما أتيت التيمي، وليس عنده أحد من خلق الله، وكان إذا حدث في بني مرة إنما يكون عنده خمسة أو ستة.
قال الحافظ ابن عمار: كنت إذا نظرت إلى يحيى القطان، ظننت أنه لا يحسن شيئا، بزي التجار، فإذا تكلم أنصت له الفقهاء.
قال أحمد بن محمد بن يحيى القطان: لم يكن جدي يمزح ولا يضحك إلا تبسما، ولا دخل حماما، وكان يخضب.
قال يحيى بن معين: أقام يحيى بن سعيد عشرين سنة، يختم القرآن كل ليلة.
وقال علي بن المديني: كنا عند يحيى بن سعيد، فقرأ رجل سورة الدخان، فصعق يحيى، وغشي عليه.
قال أحمد بن حنبل: لو قدر أحد أن يدفع هذا عن نفسه، لدفعه يحيى - يعني الصعق.
قال أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد: ما أعلم أني رأيت، جدي قهقه قط، ولا دخل حماما قط، ولا اكتحل، ولا ادهن.
عباس الدوري: عن يحيى قال: كان يحيى بن سعيد إذا قرئ عنده القرآن، سقط حتى يصيب وجهه الأرض. وقال: ما دخلت كنيفا قط إلا ومعي امرأة - يعني من ضعف قلبه.
قال يحيى بن معين: جعل جار له يشتمه، ويقع فيه، ويقول: هذا الخوزي، ونحن في المسجد، قال: فجعل يبكي، ويقول: صدق، ومن أنا؟ وما أنا؟
قال ابن معين: وكان يحيى يجيء معه بمسباح، فيدخل يده في ثيابه، فيسبح.
قال عبد الرحمن بن مهدي: اختلفوا يوما عند شعبة، فقالوا له: اجعل بيننا وبينك حكما. قال: قد رضيت بالأحول - يعني القطان - فجاء، فقضى على شعبة، فقال شعبة: ومن يطيق نقدك يا أحول؟.
قال ابن سعد: كان يحيى ثقة مأمونا رفيعا حجة.
وقال النسائي: أمناء الله على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: شعبة، ومالك، ويحيى القطان.
قال محمد بن بندار الجرجاني: قلت لابن المديني: من أنفع من رأيت للإسلام وأهله؟ قال: يحيى بن سعيد القطان.
قال أحمد بن حنبل: إلى يحيى القطان المنتهى في التثبت.
وقال محمد بن أبي صفوان: كان ليحيى القطان نفقة من غلته، إن دخل من غلته حنطة، أكل حنطة، إن دخل شعير، أكل شعيرا، إن دخل تمر أكل تمرا.
قال يحيى بن معين: إن يحيى بن سعيد لم يفته الزوال في المسجد أربعين سنة.
قال عفان بن مسلم: رأى رجل ليحيى بن سعيد قبل موته أن بشر يحيى بن سعيد بأمان من الله يوم القيامة.
قال أحمد: ما رأيت أحدا أقل خطأ من يحيى بن سعيد، ولقد أخطأ في أحاديث، ثم قال: ومن يعرى من الخطأ والتصحيف؟!
قال أحمد بن عبد الله العجلي: كان يحيى بن سعيد نقي الحديث، لا يحدث إلا عن ثقة.
قال أبو قدامة السرخسي: سمعت يحيى بن سعيد يقول: أخاف أن يضيق على الناس تتبع الألفاظ، لأن القرآن أعظم حرمة، ووسع أن يقرأ على وجوه إذا كان المعنى واحدا.
قال شاذ بن يحيى: قال يحيى القطان: من قال: إن قل هو الله أحد مخلوق، فهو زنديق، والله الذي لا اله إلا هو.
قال أبو حفص الفلاس: كان هجيرى يحيى بن سعيد إذا سكت ثم تكلم يقول. يحيي ويميت وإليه المصير. وقلت له في مرضه: يعافيك الله - إن شاء الله. فقال: أحبه إلي أحبه إلى الله.
قال أبو حاتم الرازي: إذا اختلف ابن المبارك ويحيى القطان وابن عيينة في حديث، آخذ بقول يحيى.
قال ابن المديني: سألت يحيى عن أحاديث عكرمة بن عمار، عن يحيى بن أبي كثير، فقال: ليست بصحاح.
الفلاس، عن يحيى، قال: كنت أنا وخالد بن الحارث ومعاذ بن معاذ، وما تقدماني في شيء قط - يعني من العلم - كنت أذهب معهما إلى ابن عون، فيقعدان ويكتبان، وأجيء أنا، فأكتبها في البيت.
قال محمد بن يحيى بن سعيد: قال أبي: كنت أخرج من البيت أطلب الحديث، فلا أرجع إلا بعد العتمة.
قلت: كان يحيى بن سعيد متعنتا في نقد الرجال، فإذا رأيته قد وثق شيخا، فاعتمد عليه، أما إذا لين أحدا، فتأن في أمره حتى ترى قول غيره فيه، فقد لين مثل: إسرائيل، وهمام، وجماعة احتج بهم الشيخان، وله كتاب في الضعفاء لم أقف عليه، ينقل منه ابن حزم وغيره، ويقع كلامه في سؤالات علي، وأبي حفص الصيرفي، وابن معين له.
قال عبد الرحمن بن عمر رستة: سمعت علي بن عبد الله يقول: كنا عند يحيى بن سعيد، فلما خرج من المسجد، خرجنا معه، فلما صار بباب داره، وقف، ووقفنا معه، فانتهى إليه الروبي، فقال يحيى لما رآه: ادخلوا. فدخلنا، فقال للروبي: اقرأ. فلما أخذ في القراءة، نظرت إلى يحيى يتغير، حتى بلغ: إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين صعق يحيى، وغشي عليه، وارتفع صوته، وكان باب قريب منه، فانقلب، فأصاب الباب فقار ظهره، وسال الدم، فصرخ النساء، وخرجنا، فوقفنا بالباب حتى أفاق بعد كذا وكذا، ثم دخلنا عليه، فإذا هو نائم على فراشه، وهو يقول: إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين فما زالت فيه تلك القرحة حتى مات رحمه الله.
وروى أحمد بن عبد الرحمن العنبري، عن زهير البابي، قال: رأيت يحيى القطان في النوم عليه قميص بين كتفيه مكتوب: بسم الله الرحمن الرحيم، كتاب من الله العزيز العليم، براءة ليحيى بن سعيد القطان من النار.
وقال أبو بكر بن خلاد الباهلي: عن يحيى القطان قال: كنت إذا أخطأت، قال لي سفيان: أخطأت يا يحيى، فحدث يوما عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الذي يشرب في آنية الذهب والفضة، إنما يجرجر في بطنه نار جهنم فقلت: أخطأت يا أبا عبد الله. قال: وكيف هو؟ قلت: حدثنا عبيد الله، عن نافع، عن زيد بن عبد الله، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن أم سلمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صدقت يا يحيى، اعرض علي كتبك قلت: تريد أن ألقى منك ما لقي زائدة؟ قال: وما لقي؟ أصلحت له كتبه، وذكرته حديثه.
قلت: أقرب ما بيننا وبين يحيى بن سعيد في هذا الحديث الواحد:
أنبأنا عبد الرحمن بن محمد وجماعة قالوا: أخبرنا عمر بن محمد، أخبرنا هبة الله بن محمد، أخبرنا ابن غيلان، أخبرنا أبو بكر الشافعي، حدثنا محمد بن شداد، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا إسماعيل، عن قيس بن أبي حازم، عن جرير، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يرحم الله من لا يرحم الناس.
أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق، أخبرنا أبو بكر زيد بن هبة الله، أخبرنا أبو القاسم بن قفرجل، أخبرنا عاصم بن الحسن، أخبرنا عبد الواحد بن محمد الفارسي، حدثنا أبو عبد الله المحاملي، حدثنا يعقوب الدورقي، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا أبو حيان يحيى بن سعيد، حدثني يزيد بن حيان، سمعت زيد بن أرقم قال: بعث إلي عبيد الله بن زياد: ما أحاديث بلغني تحدثها وترويها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتذكر أن له حوضا في الجنة؟ قال: حدثنا ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم ووعدناه. قال: كذبت، ولكنك شيخ قد خرفت. قال: أما إنه سمعته أذناي، ووعاه قلبي من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ما كذبت على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قرأت على أبي الحسن علي بن أحمد العلوي بالثغر، أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن عمر القطيعي، أخبرنا محمد بن عبيد الله بن الزاغوني، أخبرنا محمد بن محمد الزينبي، أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلص، حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد، حدثنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل، حدثنا يحيى بن سعيد، عن شعبة، قال: أخبرني أبو جمرة: سمعت ابن عباس يقول: قدم وفد عبد القيس على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرهم بالإيمان بالله عز وجل قال: تدرون ما الإيمان بالله؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وأن تعطوا الخمس من المغنم.
رواه أبو داود عن أحمد.
قال محمد بن عمرو بن عبيدة العصفري: سمعت علي بن المديني قال: رأيت خالد بن الحارث في النوم، فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي على أن الأمر شديد قلت: فما فعل يحيى القطان؟ قال: نراه كما يرى الكوكب الدري في أفق السماء.
قالوا: توفي يحيى بن سعيد في صفر سنة ثمان وتسعين ومائة قبل موت ابن مهدي وابن عيينة بأربعة أشهر - رحمهم الله تعالى.
قال أبو بكر بن أبي داود: حدثني أبي، عن محمد بن سعيد الترمذي قال: قدمت البصرة أكتب الحديث، وكان يحيى بن سعيد القطان يجلس على موضع مرتفع، ويمر به أصحاب الحديث واحدا واحدا، يحدث كل إنسان بحديث، فمررت به لأسأله، فقال لي: اصعد، واقرأ حدرا، واقرأ من سورة واحدة، فقرأت: إذا زلزلت فسقط مغشيا عليه، فأصابه خشبة جزار.
قال أبو بكر: قال أبي: عن علي بن عبد الله، قال: فما رأينا إلا جنازته. قال أبي: قال محمد بن سعيد: وقرأت على عبد الرحمن بن مهدي، فأصابه نحو ذلك.
قال عبد الصمد بن سليمان: سمعت أبا عبد الله - يعني أحمد بن حنبل - يقول: انتهى العلم إلى أربعة: إلى ابن المبارك، ووكيع، ويحيى القطان، وعبد الرحمن، فأما ابن المبارك فأجمعهم، وأما وكيع فأسردهم، وأما يحيى، فأتقنهم، وأما عبد الرحمن، فجهبذ. ثم قال: ما رأيت أحفظ ولا أوعى للعلم من وكيع، لا أشبه بأهل النسك.
قال محمد بن عبد الله بن عمار: قال يحيى بن سعيد: لا تنظروا إلى الحديث، ولكن انظروا إلى الإسناد، فإن صح الإسناد، وإلا فلا تغتروا بالحديث إذا لم يصح الإسناد.