الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
172 -
[ص 66]
عبد الله بن صالح، أبو صالح المصري، كاتب الليث
(1)
:
أثنى عليه أكثر المصريين. وقال أحمد: كان أول أمره متماسكًا، ثم فسد بأخرة، وليس هو بشيء. وقال مرة: روى عن الليث عن [ابن] أبي ذئب. وأنكر أحمد أن يكون الليث سمع من ابن أبي ذئب. وقال أحمد بن صالح المصري: أخرج أبو صالح درجًا قد ذهب أعلاه، ولم يدر حديث من هو، فقيل له: هذا حديث ابن أبي ذئب.
قال ابن معين: يمكن أن يكون ابن أبي ذئب كتب إليه ــ يعني إلى الليث بهذا الدرج ــ.
أقول: إن كان أحمد بن صالح قال ما قال ظنًّا، فالظن لا يغني، وإن كان تحقق القصة، فقد لزم أبا صالح الوهن، لأنه حدَّث عن الليث عن ابن أبي ذئب بما لم يتحقق تلقي الليث له من ابن أبي ذئب سماعًا أو عرضًا أو مكاتبة.
وأحسن أحواله أن يكون تحقق أن ذلك الدرج مما تلقاه عن الليث، وتحقق أن الليث قد رواه في الجملة عن ابن أبي ذئب، ولم يعلم أبغير واسطة، أو بواسطة، فرواه عن الليث عن ابن أبي ذئب على احتمال الانقطاع، فيكون من قبيل تدليس التسوية.
والكلام فيه كثير. وذكر له في «الميزان» عدة أحاديث. قال: «وقد قامت
(1)
ت الكمال: 4/ 164، التهذيب: 5/ 256، الميزان: 3/ 154.
القيامة على عبد الله بن صالح بهذا الخبر الذي قال: ثنا نافع بن يزيد عن زُهْرة بن معبد عن سعيد بن المسيب، عن جابر مرفوعًا:«إن الله اختار أصحابي على العالمين، سوى النبيين والمرسلين، واختار من أصحابي أربعة [ص 67]: أبا بكر وعمر وعثمان وعليًّا، فجعلهم خير أصحابي، وفي أصحابي كلهم خير» .
ثم ذكر أن محمد بن يحيى قَدِم مصر، فذهب وأحمد بن صالح إلى أبي صالح، فقال محمد: يا أبا صالح! والله والله، ما كانت رحلتي إلا إليك، أخرج إليَّ حديثَ زُهرة بن معبد عن ابن المسيب عن جابر. فقال أبو صالح: والله لو كان في يدي ما فتحتها لك.
أقول: هذه حماقة شديدة من أبي صالح.
«الميزان» : عن أبي زرعة أنه سئل عن هذا الحديث، فقال: باطل، وضعه خالد (بن نجيح) المصري، ودسَّه
(1)
في كتاب أبي صالح.
قيل لأبي زرعة: فمن رواه عن سعيد بن أبي مريم؟ قال: هذا الكذّاب
(2)
.
قال أحمد بن محمد التستري: كان محمد بن الحارث العسكري حدثني به عن أبي صالح وسعيد.
وفي «التهذيب» نحو هذه القصة، وفيه: وقال البرذعي عن أبي زرعة: كان ــ عثمان بن صالح ــ يسمع الحديث مع خالد بن نجيح، وكان خالد إذا
(1)
مطبوعة الميزان: «دلّسه» .
(2)
في المصادر: «كذاب» .
سمعوا من الشيخ أملى عليهم ما لم يسمعوا؛ فبُلُوا به وبُلي به أبو صالح أيضًا في حديث زُهرة بن معبد عن سعيد بن المسيب عن جابر. ليس له أصل، وإنما هو من خالد بن نجيح.
وفي «الميزان» : قد رواه أبو العباس محمد بن أحمد الأثرم ــ صدوق ــ حدثنا علي بن داود القَنْطَري ــ ثقة ــ حدثنا سعيد بن أبي مريم وعبدالله بن صالح عن نافع .. فذكره.
ثم قال: فلعله مما أُدْخِل على نافع، مع أن نافع بن يزيد صدوق يَقِظ، فالله أعلم.
[ص 68] وقال ابن أبي حاتم في ترجمة خالد بن نجيح
(1)
وفي ترجمة أبي صالح عن أبي حاتم
(2)
: «الأحاديث التي أخرجها أبو صالح في آخر عمره، فأُنكِرت عليه؛ أرى أن هذا مما افتعل خالد بن نجيح، وكان أبو صالح يصحبه، وكان أبو صالح سليم الناحية، وكان خالد بن نجيح يفتعل الكذب
(3)
ويضعه في كتب الناس».
(1)
«الجرح والتعديل» : (3/ 355).
(2)
نفسه: (5/ 87).
(3)
في المطبوع وغيره: «يفتعل الحديث» وهو استعمال مشهور لأبي حاتم، وفي التهذيبين كما هو مثبت.
وقال ابن حبان
(1)
وقال ابن حجر في «المقدمة»
(2)
: في ترجمة عثمان بن صالح: «خالد بن نجيح هذا كان كذّابا، وكان يحفظ بسرعة، وكان هؤلاء إذا اجتمعوا [ص 69] عند شيخ فسمعوا منه وأرادوا كتابة ما سمعوه اعتمدوا في ذلك على إملاء خالد عليهم، إما من حفظه أو من الأصل، فكان يزيد فيه ما ليس فيه
…
وقد ذكر الحاكم أن مثل هذا بعينه وقع لقتيبة بن سعيد معه، مع جلالة قتيبة».
أقول: حاصل قصة قتيبة أنهم استغربوا حديثه عن الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الطفيل عن معاذ بن جبل في الجمع بين الصلاتين. فروى الحاكم في «علوم الحديث»
(3)
(ص 120 - 121) بسنده إلى البخاري أنه قال: قلت لقتيبة بن سعيد: مع من كتبت عن الليث بن سعد حديث يزيد بن أبي حبيب عن أبي الطفيل؟ فقال: كتبته مع خالد المدائني. قال البخاري: وكان خالد المدائني يُدْخِل الأحاديث على الشيوخ.
(1)
«المجروحين» : (2/ 40)(ق 137).
(2)
(ص/445).
(3)
(ص/379 - ط ابن حزم). وخالد بن القاسم المدائني غير خالد بن نجيح المصري.