المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌السيف العثماني من الصواعق لا يبقي ولا يذر … إذا انتضاه - مجلة الحقائق - جـ ١٩

[عبد القادر الإسكندراني]

الفصل: ‌ ‌السيف العثماني من الصواعق لا يبقي ولا يذر … إذا انتضاه

‌السيف العثماني

من الصواعق لا يبقي ولا يذر

إذا انتضاه لأهل النقمة القدر

يرمي به الله رجماً لا تقوم له

هام الشياطين إلا ريث ينحدر

في حده من شعاع الموت بارقة

يموت من هولها في الضربة النظر

ترفضُّ أطرافها يوم الوغى شررا

يضيء للموت والأرواح تستتر

فلا يباريه إلا لحظ حامله

ولايجاريه إلا الموت يبتدر

سيف تجرده الدنيا لمن جحدوا

بأس الأوائل حتى يشهد الأُخر

فكلما بلي التاريخ جدده

وكلما كاد ينسى أهله اذكروا

سيف الطبيعة تنقض الطبيعة في

آثاره وبها من غيظها زور

فترجف الأرض من أجبالها انفصلت

إذا جنود بني عثمان انتشروا

ويعصف الجو من أنفاسه التهبت

إذا هم لاشتياق الحرب قد زفروا

وتسأل الشهب رب الكون يرسلها

هدارة كبني عثمان إن هدروا

سيف الطبيعة بل سيف الفجيعة بل

سيف الشريعة فيه العدل والعبر

في كف كل فتى صبت سواعده

صب الحديد فلا وهن ولا خور

يمده القلب والأبطال مدبرة

والموت ينفخ في نار وهم شرر

مستحفز العزم يرمي كل نائبة

بنفسه وله من نفسه وزر

يرى الجراح هناء كلما كثرت

وثجَّ من دمه كالغيث ينهمر

فإن أهنأ موت أن يكفنه

دم كرايته الحمراء ينتشر

من المساعير في الهيجا نهارهم

حرب وليلهم في حربهم سهر

فلا كلال ولا صد ولا هرب

ولا ملال ولا خوف ولا حذر

فوق الطبيعة بالإيمان قد خرجوا

من مصنع الله لا جن ولا بشر

في الماء موج وجمر في اللظى وهم

صخر الثرى وكما أظهرتم ظهروا

رموا بهم شعب طليان أحالهم

جنونهم شعب طغيان ليزدجروا

ياأمة مرضت واهتاج هائجها

فقارفوا كل مكروه وما شعروا

أهلاً بمرضاكم إنا أساتكم

ستبرأون فلا يأخذكم الضجر

نجس داءكم بالطعن يقرعه

قرع البنان فإن الداء يختبر

ص: 11

وبعد ننشقكم موتاً يخدركم

وفي (الجراحة) نعم الراحة الخدر

وبعد نفصدكم فصداً سيبر} كم

من الغرور فمنه استفحل الخطر

وبعد نكويكم كياً سيحسم من

داء الحماقة ما أعيى به البطر

رميتمونا بجند لا ثبات لهم

إلا كما ثبتت للأرجل الأكر

يا رامي الشهب بالأحجار تحسبه

كالشهب هيهات ينسى طبعه الحجر

وإن سبة هذي الحرب أنهم

هشيمها المنطفي والحرب تستعر

جاءوا إلينا كالدجى فبدا

من بيض أسيافنا خلف الدجى السحر

ويل أمها من سيوف في ظهورهم

قد صيرتها عصياً هذه الحمر

والليث يكرم إن يلوي على جيف

وربما هان فيها الناب والظفر

جاءوا إلينا كجيش النمل منسرباً

وفيهم بعض أبطال ولاضرز

يقود كل كمي منهم أمل

في طيه أجل يقظان ينتظر

خاطوا لأجسامهم من نقعنا كفناً

فإن أسيافهم في حربنا إبر

أسطولهم أم كلاب البحر تنبحنا

أم الضفادع قد ضجت بها الغدر

هذا وذاك سوأ في طرابلس

والكل في مسمعي صحرائها هذر

إن البعوضة في الصحراء أضخم من

أسطولهم ولها من دونه أثر

يا ويلها حومة كانت وطيس وغى

فصيروها (سباقاً) حينما انكسروا

ظنوا القيامة فيها قد بدت لهم

وبرزت لأعادي ربها سقر

فما السيوف تهاوت في جوانبها

إلا جهات سماء الله تنفطر

وما القنابل تهوي بينهم كسفاً

ألا النجوم بأمر الله تنكدر

وما الفوارس من ترك ومن عرب

إلا زبانية لله قد نفروا

تالله لو أنهم جن جماجمهم

ذرى الجبال يغطي جلدها الشجر

ومن رقابهم في الجو أعمدة

وفوق كل عمود في السما قمر

وتحت أرجلهم قاع المحيط ومن

أطراف أيديهم يسترسل المطر

وكان (فيزوف) فوق الماء بارجة

وخلفه كل بركان سينفجر

وأقبلوا ولهم هذي القلوب لما

صدوا عدواً ولا فازوا ولا انتصروا

ص: 12

لا بد من ثورة رجافة حنقاً

هوجاء لا نظر فيها ولا فكر

يمشي بها الموت مجنوناً وكيف خطا

فليس إلا قبور ثم تحتفر

لابد من غضبة إن ثار ثائرها

على الشياطين من جن الفلا ذعروا

ثار تلفَّف منه كل منتقم

على البلاء الذي يمضي به الخبر

ثار تعاظم فيهم إن يقال له

ذنب مخافة أن الحلم يغتفر

ثار كثأر الأفاعي لا ينفسه

إلا المغارز فيها الناب يعتصر

ثار العرين إذا جاعت ثعالبه

فلم ير الشبل فيه الضيغم الهصر

ثأر اليتامى وثأر الثاكلات وثأ

ر الخدر ينفى وثأر العرض يشتهر

وأهاً لها عذرة تخزى النساء بها

لوتعذر امرأة يوماً كما عذروا

ياللرجولة من قوم إذا انفردوا

بالطفل يلعب ردوا الطفل يحتضر

ياللحفيظة من قوم إذا انفردوا

بالبائسات غدت أكفانها الأزر

ياللشهامة من قوم إذا انفردوا

بالشيخ يرعش لم يعطفهم الكبر

ياللمروءة من قوم إذا انفردوا

للمستغيث بهم في موته سخروا

يذبحونهم ثأراً بمن فقدوا

فالآن قد ربحوا أضعاف ما خسروا

هل يخسرون سوى أشباههم وهم

معرة الأرض إن قلوا وإن كثروا

هل يخسرون سوى رعديدة فرق

كأنه رجل في الحرب مختصر

يلقي المهند خوفاً أن يجدّ به

جد الذهول فعند اليأس ينتحر

وإن تقحم منا الغمرة انقلبت

عيناه رعباً فما يهدي له بصر

وفرَّ لافزعاً منا ولاجزعاً

لكن خيال وجبن منه مبتكر

يا أمة النحت والتصوير ويحكم

حتى جنودكم الأنصاب والصور

الهلال:

مصطفى صادق الرفاعي

ص: 13