المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌درر الدمع الهامل

‌درر الدمع الهامل

على مصاب حريق دمشق الهائل

أأبكي على رزء الرجال أم المال

دماً أم على مبكى نساء وأطفال

أأبكي على فقد الشعور لفرط ما

عرا القوم طراً من عجائب أهوال

إلى م التأسي والحوادث جمة

وحتام يأتي الدهر في كل بلبال

تفاجئنا الأيام في كل حادث

يكاد يذيب الصخر من شاهق عال

ونحن نجاريها بكل تجلد

لديه عوادي الدهر تذهب كالآل

رويدك فينا يا زمان فهل ترى

بأنا خلقنا من حديد وجبال

مصاب عظيم عم أهل دمشق بل

جميع النواحي من غريب ومن آل

وبينا نرى سوق السعادة جنة

إذا هو نار بين أرسم أطلال

ترى مشهداً يحكي لهيب جهنم

وقود لظاها من نفائس أموال

ترى أوجهاً تدمي الفؤاد بصفرة

معفرة بالترب من طلل بال

ترى أعينا تحكي العقيق بأدمع

تسيل كغيث دائم السكب هطال

ترانا حيارى بين بك ونائح

على نفسه أو عمه أو على الخال

فوا أسفي كم من بيوت تهدمت

على أهلها لهفي على الأهل والمال

وما للشجي إلا الدموع وسائل

على أن در الدمع أغلى من الغالي

فما شممت ناراً كلما اجتهد الورى

لإطفائها تزداد شدة إشعال

ترى الريح من كل الجهات تشبها

شبوب لظى حرب ذكت بين أبطال

نكافحها بالماء من كل وجهة

فتجتهد الأرياح في رد أفعال

فلا الماء يجدينا لإطفاء جمرها

ولا السعي في هدم بصورة زلزال

فيالك ناراً حين شب لهيبها

تلاشى لديها كل حيلة محتال

نحاول إطفاء اللهيب تهجماً

ولكننا نلوي بخيبة آمال

ومازالت الأرياح توقدها دجى

وتذكي لظاها في

غدو وآصال

وتذهب بالأموال حتى أتت على

أساس البناء الصلد في حال أمحال

ص: 19

حريق عظيم لم تر الشام مثله

يغادرها بالشكل كالطلل البالي

بعه أغنياء القوم أمسوا بنعمة

وقد أصبحوا أعرى من المغزل الخالي

فلا تيأسوا ياقوم من متفضل

رحيم كريم الجود والرفد مفضال

فهل جئيتموا والمال حشواها أهابكم

ألم تولدوا يا قوم من غير سربال

فألبسكم ثوب الغنى مانح الغنى

فصرتم بفضل الله أرباب أموال

لئن أكلتها النار سوف ترون ما

سيخلفه الرزاق أمثال أمثال

ألا يا بني الإنسان في كل بلدة

ويامن تحلوا في فضائل أعمال

ويامن لهم في المكرمات شمائل

تجل عن الإحصاء في كل أحوال

ويامن يغيثون الصريخ بنجدة

بها ينعش المعثور من أوحل الحال

فهذا أوان الفضل أين رجاله

وذا وقت إقدام لتخفيف أثقال

أجيبوا نداء المستغيث بكم إلى

إغاثة ملهوف بكم حسن الفال

فتى كان أغنى القوم بالأمس راتعاً

بأرغد عيش ناعم الحال والبال

ولكنه اليوم استحال نعيمه

لبؤس شديد سيء الضر مغتال

فهل من مغيث جابر كسر بائس

يئن بصوت خافت خوف إذلال

فلو شمتموا ما حل فيه لها لكم

لهيب رهيب ذو ارتعاش وأهوال

خذوا (لن تنالوا البر حتى) فإنها

جزاء على الإنفاق من أجود المال

أجيبوا فقيراً كان بالأمس ذا غنى

يرى قاصدوه منه أجمل إقبال

وهاهو محتاج لقوت نهاره

فيبكي ويستبكي المحب مع الغالي

فجدوا لفعل الخير فاليوم يومكم

ولبوا أسيفاً ذا عيال وأطفال

وربكم الديان يجزل أجركم

ويجزيكم عن فعلكم عشر أمثال

دمشق

عبد الرحمن القصار

ص: 20