المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌سنن متروكة لقد فشى بين الأمة الإسلامية التخلق بأخلاق الغربيين والتمسك - مجلة الحقائق - جـ ٢٦

[عبد القادر الإسكندراني]

الفصل: ‌ ‌سنن متروكة لقد فشى بين الأمة الإسلامية التخلق بأخلاق الغربيين والتمسك

‌سنن متروكة

لقد فشى بين الأمة الإسلامية التخلق بأخلاق الغربيين والتمسك بعاداتهم حتى كادت الأخلاق الإسلامية أن تكون نسياً منسياً وأثراً بعد عين لذا رأينا أن نذكر طرفاً من سنن نبينا صلى الله عليه وسلم وأخلاقه الكريمة كي يظهر للأمة ما كان عليه النبي عليه الصلاة والسلام وصحبه رضي الله عنهم فمن ذلك الاستئذان.

قال تعالى: (يا آيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا_أي تستأذنوا_وتسلموا على أهلها) وقال تعالى (وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم) وروى البخاري ومسلم في صحيحهما عن أبي موسى الشعري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما جعل الاستئذان من أجل البصر والسنة أن يسلم ثم يستأذن روى أبو داود والترمذي عن كلدة بن الجنبل رضي الله عنه قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخلت عليه ولم أسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم ارجع فقل السلام عليكم أأدخل وهو حديث حسن وبيان ذلك أن المستأذن يقف عند الباب لا ينظر إلى من في داخله ويقول السلام عليكم أأدخل فإن لم يجبه أحد قال ذلك ثانياً ثالثاً فإن لم يجبه أحد انصرف وينبغي أن ينتظر بين السلام الأول والثاني مقدار أربع ركعات أو مقدار الوضوء أو قضاء الحاجة لعل رب المنزل مشغول عن الجواب فقد نقل العلامة الشهير ابن عابدين في كتاب الحظر والإباحة في حاشيته عن قول الشارح وإذا أتى دار إنسان الخ وفي فصول العلامي وإذا دخل على أهله يسلم أولاً ثم يتكلم وإن أتى دار غيره يستأذن للدخول ثلاثاً يقول في كل مرة السلام عليكم يا أهل البيت أيدخل فلان ويمكث بعد كل مرة مقدار ما يفرغ الآكل أو المتوضئ أو المصلي بأربع ركعات فإن أذن له دخل وغلا رجع سالماً ن الحقد والحسد والعداوة أه وقال أبو موسى الأشعري وحذيفة يستأذن على ذوات المحارم يدل عليه ما روي عن عطاء بن يسار أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أأستأذن على أمي قال نعم فقال الرجل إني معها في البيت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم استأذن عليها أتحب أن تراها عريانة قال لا قال فاستأذن عليها أخرجه مالك في الموطأ مرسلاً.

وإذ دق الباب على أحد أو استأذن بالسلام فقبل له من أنت يطلب أن يقول فلان ابن فلان المعروف بكذا أو ما أشبه ذلك بحيث يحصل التعريف التام به ويكره أن تقتصر على قوله

ص: 5

أنا أو الخادم أو بعض المحبين أو نحو ذلك روى البخاري ومسلم في صحيحهما عن جابر رضي الله عنه قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فدققت الباب فقال من ذا فقلت أنا فقال أنا أنا كأنه كرهها ولا بأس بأن يصف نفسه بما يعرف به وإن كان فيه نوع تبجيل أو تعظيم كأن يقول أنا المفتي فلان أو القاضي فلان أو الشيخ فلان أو ما أشبه ذلك روى البخاري ومسلم عن أبي ذر رضي الله عنه واسمه جندب وقيل برير بضم الباء تصغير بر قال خرجت ليلة من الليالي فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي وحده فجعلت أمشي في ظل القمر فالتفت فرآني فقال من هذا فقلت أبو ذر.

يستحب للرجل تقبيل يد غيره إذا كان ذلك لزهده أو صلاحه أو علمه أو شرفه أو نحو ذلك من الأمور الدينية وإن كان ذلك لغناه أو دنياه أو شوكته فهو مكروه شديد الكراهة وقال بعض العلماء حرام روى أبو داود في سننه عن زارع رضي الله عنه وكان في وفد عبد القيس قال فجعلنا نتبادر من رواحلنا فنقبل يد النبي صلى الله عليه وسلم ورجله.

تقبيل الرجل خد ولده الصغير أو أخيه أو صديقه وقبلة غير خده من أطرافه على وجه الشفقة والرحمة واللطف سنة مشهورة ذكراً كان أو أنثى أما التقبيل بشهروة فحرام سواء ذلك في الولد وغيره روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضى الله عنه قال قبل النبي صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي رضي الله عنهما وعنده الأقرع بن حابس التميمي فقال الأقرع أن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحداً فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال من لا يرحم لا يرحم.

وأما تقبيل وجه الميت الصالح للتبرك لا بأس به روى البخاري في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها في الحديث الطويل في وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت دخل أبو بكر رضي الله عنه فكشف عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أكب عليه فقبله ثم بكى.

لا بأس بتقبيل الرجل وجه صاحبه إذا قدم من سفر. روى الترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت قدم زيد بن حارثة المدينة ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي فأتاه فقرع الباب فقام إليه النبي صلى الله عليه وسلم يجر ثوبه فاعتنقه وقبله قال الترمذي حديث حسن وأما المعانقة وتقبيل الوجه لغير الطفل ولغير القادم من سفر ونحوه فمكروهان ويدل

ص: 6

على الكراهة ما رواه الترمذي وابن ماجة عن أنس رضي الله عنه قال قال رجل يا رسول الله الرجل منا يلقى أخاه أو صديقه أينحني له قال لا قال فيأخذ بيده ويصافحه قال نعم قال الترمذي حديث حسن.

وكون المعانقة والتقبيل مكروهين هو في غير الأمرد الحسن الوجه أما هو فحرام بكل حال تقبيله مطلقاً قدم من سفر أو لا ومعانقته كذلك ولا فرق بين أن يكون المقبل والمقبل صالحين أو فاسقين وأحدهما صالحاً فالجميع سواء.

ومن سننه عليه الصلاة والسلام المصافحة فهي سنة مجمع عليها عند التلاقي روى البخاري عن قتادة رضي الله عنه قال قلت لأنس رضي الله عنه أكانت المصافحة في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال نعم وروى البخاري ومسلم في حديث كعب ابن مالك رضي الله عنه في قصة توبته قال فقام إلي طلحة بن عبد الله رضي الله عنه يهرول حتى صافحني وهناني وأما تخصيص المصافحة بعد صلاتي الصبح والعصر فلا أصل له شرعاً على هذا الوجه لكن لا بأس به لأنه من أفراد السنة وينبغي أن يحترز من مصافحة الأمرد الحسن الوجه وكل من حرم النظر إليه حرم مسه بل المس أشد فإنه يحل النظر إلى الأجنبية إذا أراد أن يتزوجها وفي حال البيع والشراء والأخذ والعطاء ولا يجوز مسها في شيء من ذلك ويستحب مع المصافحة البشاشة بالوجه والدعاء بالمغفرة ونحوها. روى مسلم في صحيحه عن أبي ذر رضي الله عنه قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق وروى ابن السني في كتابه عن أنس رضي الله عنه قال ما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد رجل ففارقه حتى قال اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ونقل العلائي في الدر المختار عنه عليه الصلاة والسلام من صافح أخاه المسلم وحرك يده تناثرت ذنوبه ونقل العلامة ابن عابدين في حاشيته عند هذا البحث وكذا في شرح الهداية للعيني قال النبي صلى الله عليه وسلم أن المؤمن إذا لقي المؤمن فسلم عليه وأخذه بيده فصافحه تناثرت خطاياهما كما يتناثر ورق الشجر رواه الطبراني والبيهقي ويكره حني الظهر في كل حال لكل أحد ويدل على ما قدمناه من حديث أنس رضي الله عنه وهو قوله أينحني له قال لا قال الإمام النووي ولا يغتر بكثرة من يفعله ممن ينسب إلى علم أو صلاح وغيرهما من

ص: 7

خصال الفضل فإن الاقتداء إنما يكون برسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) وقال تعالى (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) وقد قال الفضل بن عياض رضي الله عنه اتبع طرق الهدى ولا يضرك قلة السالكين وإياك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين ويستحب إكرام الداخل بالقيام لمن كان فيه فضيلة ظاهرة من علم أو صلاح أو شرف أو ولاية مصحوبة بصيانة ونحو ذلك ويكون هذا القيام للبر والإكرام لا للرياء وعلى جواز القيام عمل السلف والخلف ويستحب زيارة الصالحين والأخوان والجيران والأصدقاء والأقارب وبرهم وصلتهم وينبغي زيارتهم على وجه لا يكرهونه. روى الترمذي وابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من عاد مريضاً أو زار أخاً في الله تعالى ناداه مناد بأن طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلاً.

ص: 8