الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من أحب الموت في سبيل الله كان حقاً على الله أن
ينصره
رغب الدين الإسلامي في الجهاد لإعلاء كلمة الله بصورة خفقت لها قلوب الكافرين هلعاً وطارت نفوسهم منها خوفاً وجزعاً قال الله تعالى في كتابه العزيز (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسيهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعداً عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم) وقال صلى الله عليه وسلم الروحة والغدوة في سبيل الله أفضل من الدنيا وما فيها أخرجه البخاري في صحيحه وقال صلى الله عليه وسلم ما من عبد يموت له عند الله خير يسره أن يرجع إلى الدنيا وأن له الدنيا وما فيها إلا الشهيد لما يرى من فضل الشهادة فإنه يسره أن يرجع إلى الدنيا فيقتل مرة أخرى رواه البخاري وروى البخاري أيضاً من حديث والذي نفسي بيده لوددت أني أقتل في سبيل الله ثم أحيا قم أقتل ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل.
فكان ذلك الترغيب من الله ورسوله في الجهاد هو الذي دفع الصحابة الكرام رضي الله عنهم إلى الاستماتة في سبيل نيل الشهادة فكانوا أرغب في الموت من الحياة يغبطون الذي يقتل في سبيل الله في صفوف الجهاد ويرونه فائزاً في الآخرة معتقدين حياته البرزخية التي هي أكمل من الحياة الدنيا حتى كان ضرار بن الأزور رضي الله عنه ينزل إلى ساحة القتال بقميصه غير مدرع رغبة في أن يقتل في سبيل الله وروى عن أبي ذر ما معناه إذا خرجتم إلى الجهاد ووجدتموني غير قادر على القتال فاحملوني واجعلوني بين الصفوف لأموت تحت سنابك الخيل فأكون قدمت في سبيل الله فتجد من خلال ما تقدم أنا قاعدة حب الموت والاستماتة في سبيل الدفاع عن دين الله هي التي كانت السبب في انتصارات المسلمين في القرن الأول حتى أدهشت جميع أمم الأرض. ولولا أن كتب التاريخ متفقة على ان المسلمين اكتسحوا في خلافة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما هذه البلاد العظيمة وقضوا على مملكتي فارس والروم في هذه البرهة اليسيرة لكانت هذه الحوادث لا يكاد يصدقها العقل ولا تنطبق عليها عادات الفاتحين. ذكرنا هذه القاعدة (حب الموت في سبيل الله) قائد الدارعة (حميدية) وما قام به من الأفعال التي سطرت له على صفحات الدهر
شكر الأمة العثمانية عموماً والإسلامية خصوصا.
خرج هذا الشهم من الدردنيل بسائق الحمية مستميتاً في سبيل الدفاع عن دينه ووطنه فنصره الله نصراً مؤزراً قصد أثينا عاصمة اليونان فألقى عليها من قنابله وابلاً وعطل معمل الكهرباء فيها وبقيت البلدة في ظلام طول الليل ثم تجول في البحر الأبيض غير هياب ولا وجل مع ما يحيق به من الأخطار فصادف في طريقه الطرادين اليونانيين اللذين ذكرت خبرهما الجرائد فأغرق أحدهما وعطل الآخر فخافه الأسطول اليوناين وأطفأ أنواره ثم التجأ إلى ميناء مالطة فأصلح من أمره وتمكن بدهائه من الوصول إلى ما يحتاج إليه من الفحم وعلمنا من مآثره أن أرسى في ميناء غزة وجمع له الأهالي من الغنم والحبوب كمية وافرة فبين لهم عدم احتياجه إليها ثم غضاف إلى ما جمعوه أربعين مجيدياً من جيبه واقترح عليهم أن يجعلوا الجميع صدقة على فقراء غزة فداء عن المدرعة راجياً الله أن ينصره ويحفظه من كيد الأعداء عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم الصدقة تدفع البلاء.
وأعظم فائدة حصلت من شجاعة هذا القائد العظيم انقسام الأسطول اليوناني أقساماً قسم يحافظ على السواحل اليونانية وقسم يتعقب المدرعة وقسم يقوم الأعمال الحربية فضعفت بسبب ذلك قوته لأنه لولا وجود هذه المدرعة خارج الدردنيل لما احتاج إلى هذا الانقسام بل كان يقوم مجتمعاً بالأعمال الحربية ضد العثمانيين فحيا الله هذا القائد الكبير والفدائي العظيم وسدد سهمه وعصمه من أعدائه وأكثر في قوادنا من أمثاله فقد أحب الموت وباع نفسه في سبيل الله فنصره الله وحبذا اليوم الذي نحب فيه الموت في سبيل الله ونفضله على الحياة فذلك هو اليوم الذي نفوز فيه بنصر الله.