الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شهيد الطوى وقتيل الكظة
رحمة بالإنسانية
ما بال عينك لا تذوق رقادا
…
ولمن عيون ما عرفن سهادا
نام الخلي وبات همك ساهراً
…
قلقاً يذود النوم عنك ذيادا
أذكى ضلوعاً واستشف حشاشة
…
وأسال عينا واستطار فؤادا
تمسي فتفترش الأذى لك مضجعا
…
وتنص سارية الهموم وسادا
جالدت نازلة النهار مهولة
…
وحملت داهية الظلام نآدا
عبأت لك الأيام بأس مناجز
…
يردي الكماة ويصرع الأنجادا
عرمت عليك فروعتك خطوبها
…
زحفاً وهدت جانبيك جلادا
ويح النفوس المستهان بوجدها
…
أيخالها القوم الجمود جمادا
ينأى بها الجد العثور وتدني
…
فتزيد عنهم الدنو بعادا
ضاقت بها سبل الحياة فما ترى
…
للعيش منتجعاً ولا مرتادا
تبكي وما علم الغني ولو رأى
…
عبرات عينك لا نثني يتهادى
ألوى الأسى بمعين دمعك فاستعر
…
دمعاً يكون لمقلتيك عتادا
هيهات نلفى من يعيرك ذخر
…
للنائبات إذا طرقن شدادا
قد كان لي دمع يعين على الأسى
…
فاغتاله طول البكا أو كادا
أفنيته في الصالحات فكان لي
…
كدم الذي أفنى الحياة جهادا
يبكي الحزين فيستهل ويشتكي
…
فيغيثه متدفقاً جوادا
لو كان قلبي في جوانح أوطف
…
أربى جواه إذن عليه وزادا
ولو أن أحزاني عصفن بشامخ
…
لانهار من رجفاتهن ومادا
تشكو الطوى وتبيت ليلك طاوياً
…
غرثان تطلب عند جارك زادا
ربيت مثلك شاكياًَ من كظة
…
ما يستلين لها الحرير مهادا
قلقت مضاجعه فبات كأنما
…
يلقى بهن أسنة وصعادا
ودنا الطبيب فجس من نبضاته
…
وأجال فيه لحاظه وأعادا
فلوت يديه يد المنية وانثنى
…
يلقى النعاة ولا يرى العوادا
أكل الطوى كبد الفقير فهده
…
ومن الطوى ما يأكل الأكبادا
ومن الحياة مضرة ومن الردى
…
ما ينفع الأرواح والأجسادا
الموت أروح للنفوس عوانيا
…
حسرى يطاردها الشقاء طرادا
طاف الحمام به فطاح ببائس
…
صحب النحوس وحالف الأنكادا
حملا على نعشيهما فتزاحما
…
فانسل ذا وارتد ذا يتفادى
سبق الغني تموج حول سريره
…
زمر تهول الحاسبين عدادا
لفوه في الأكفان من استبرق
…
غال وعالوا فوق الأبرادا
وبكوا عليه مرجعين وسيروا
…
من حوله الحكام والأجنادا
قالوا فقدناه وكان ذخيرة
…
وهوى الحمام به وكان عمادا
كذبوا فما كشف الأذى يوماًُ ولا
…
نفع العشيرة مرة وأفادا
ملأ الحياة مآثماً حتى إذا
…
لقي الردى ملأ الربوع حدادا
فمتى أرى الزمان كياسة
…
ومتى أرى غي النفوس رشادا
ومتى تريع إلى المحجة أمة
…
تضع الكرام وترفع الأوغادا
ساروا بأعواد (الشهيد) فبوركوا
…
من سائرين وبوركت أعوادا
ساورا به لم يفزعوا بنعيه
…
أحداً ولا ضربوا له ميعادا
طابت بموكبه المعظم نفسه
…
وزكا الثرى إذ حل فيه وجادا
وتفتحت خضر الجنان بقبره
…
فأصاب منها ما اشتهى وارادا
قذف الغني إلى الجحيم فأبرقت
…
لما رأته وأرعدت غرعادا
ماجت فأشبهت البحار طواميا
…
وعلت فراحت تشبه الأطوادا
تتلاطم الأهوال في حافاتها
…
وتتابع الأرغاء والإزبادا
فترى عيون الظالمين شواخصاً
…
وترى قلوب الجاحدين بدادا
مكروهة الألوان تسطع حمرةً
…
آناً وأونة تموج سوادا
جاءت ملائكة العذاب فأنشبت
…
في جسمه الأغلال والأصفادا
يلقى العذاب قريته أنى ثوى
…
ويعالج الإعدام والإيجادا
عكفت عليه فذاق من أنكالها
…
ما شق محمله عليه وآدا
ما بين أغوال تدافع فوقه
…
أو جنة من حولة تتعادى
المرء أجهل كائن وأشده
…
ظلماً وأكثره أذى وفسادا
نظر اليقين فما أراد تيقناً
…
ورأى السبيل فزاغ عنه وحادا
لم يدر قيمة نفسه فأهانها
…
بذنوبه وأذلها استعبادا
شمخ الغني تصلفاً وغلاظة
…
وطغى القوي تجبراً وعنادا
قست القلوب فما يرى ذو فاقة
…
عطفاً ولا يجد الضعيف مصادا
قوم يعدون الرشاد عماية
…
والدين كفراً والتقى إلحادا
جنبوا النفوس إلى الهوى واسترسلوا
…
فيه فطال هويها وتمادى
صم إذا بلغ الطوى من مقتر
…
فدعا يناجي الراحمين ونادى
أخذوا الحياة عداوة وقطيعة
…
وأرى الحياة محبة وودادا
يشكون بادرة الحقود وما دورا
…
أن الإساءة تنبت الأحقادا
قسموا الحياة فأرهقوه ببؤسها
…
واستأثروا بنعيمها استبدادا
تستن في سبل الشقاء نفوسنا
…
وسبيلها أن تنشد الإسعادا
تبقى السعادة ما بقينا أخوة
…
وتزول إن زال الإخاء وبادا
ما بالنا تلوي الوجوه إذا دعا
…
داعي الإخاء وم لنا نتعادى
أودى التناكر بالشعوب وإنما
…
خلق الجميع لآدم أولادا
الخير أطيب ما صنعت مغبة
…
والشر أخبث ما زرعت حصادا
أسدد بفضل المال خلة معوز
…
يرجو لها بندى يديك سدادا
المال ينفذ والثواب لذى تقى
…
باقٍ فما يخشى عليه نفادا
والبر أنفع ما تعد وتقتني
…
نفس تراوح بالردى وتغادى
طوبى لمن نظر المحجة فاقتفى
…
ورأى السبيل معبداً فانقادا
النفس تصدأ والفضائل صيقل
…
يأوي القلوب ويسكن الأخلادا
يأتي وقد صدئت وغاض فرندها
…
فيعيدها بيض المتون حدادا
إني أرى هذي النفوس قواضباً
…
جعلت لها أجسادنا أغمادا
من مبلغ القوم الجفاة وصية
…
أخذ اللبيب بها فغر وسادا
أوفوا بعهد الله في أموالكم
…
إن جاءكم بعياله قصادا
أدوا مطالبهم ديوناً تقتضي
…
لا أنعماً تسدى ولا إرفادا
لولا الأناة ورحمة من ربكم
…
لم يمض جاهلكم على ما اعتادا
ولما استبد بمالكم شح ولا
…
كنتم له من دونه عبادا
داووا كلوم البائسين بمالكم
…
وكفى بمنزور العطاء ضمادا
من لي بمن أن يدعه داعي الهدى
…
لبى وإن سئل المعونة جادا
ومتى أهز لبذل عارفة فتى
…
سمحاً لألوية الندى عقادا
أزجى العظات لعلها تجلو العمى
…
وتقوم المعوم المنآدا
وأجيل في وصف الشقاء ونعته
…
قلما بني صرح البيان وشادا
فترى قلوب البائسين صحيفة
…
وترى دموع المعوزين مدادا
صوت يهز الخافقين دويه
…
ويزحزح الأحقاب والآبادا
مصر
(أحمد محرم)