الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكاتب: محمد رشيد رضا
انتقاد مسألة الرق والجواب عنها
(1)
انتقد الأستاذ هذه المسألة من سبعة وجوه نتكلم على عباراتها بالإيجاز، ثم نرد
على تلك الوجوه بالترتيب فنقول:
إن إطلاق إبطال الرق في عبارة الطبعة الأولى قد استثني منه بعد سطرين
قولنا: (إلا استرقاق الأسرى والسبايا)
…
إلخ.
ونُقِّحت في الطبعة الثانية بقولنا في الصفحة 271: قد شرع الله تعالى لإبطال
الرق طريقتين: تحديد تجديد الاسترقاق في المستقبل أو تقييده
…
إلخ.
وقد قال المنتقد: قوله: (إنه مُعَارَض بالكتاب والسنة والإجماع) .
استدل على الأول بأن في الكتاب كفارة القتل والظهار والأيمان بالعتق الذي
هو نتيجة الاسترقاق (ولا يصح أن يبني شرائعه على شيء قد أبطل أساسه،
وحرم تجديد أصله) ، وبأنه ندب إلى العتق وهو لا يوجد إلا بوجود الرق وجوابه
من وجوه
…
إلخ.
(أولها) أننا لم نقل: إن الله تعالى أبطل أساس الرق، وحرم تجديد أصله،
بل بينا أنه قيد تجديده بالحرب الشرعية المعروفة، وهذا القيد لا يمنع وجود الرقيق
منعًا باتًّا، بل يجوز أن يوجد بوجود قيده وشرطه.
(ثانيها) أنه يجوز بالإرث والتناسل؛ فإن ولد الرقيق مثله.
(ثالثها) إن ثبت أن تجديد الرقيق محرم شرعًا تحريمًا مطلقًا، أو مقيدًا
فليس للمنتقد أن يعارضه بقاعدته التي اخترعها، وهي أن الله تعالى لا يصح أن
يبني شرائعه على كذا، وإن لم يثبت فلا حاجة إلى هذه القاعدة لإبطاله.
(رابعها) أن كلمة: إن الله لا يصح أن يفعل أو أن يُشَرِّع كذا. لكلمة جريئة
جدًّا أستغفر الله من حكايتها مهما تكن صفة قائلها ونيته، وأدع للأستاذ المنتقد بعد
هذه الذكرى رأيه فيها.
(خامسها) أن هذه الكلمة لا تنطبق على مسألتنا؛ فإن الله تعالى لم يبن
شرع العتق لعباده على أساس الاسترقاق لأجل أن يوجدوا الرقيق ثم يعتقوه، فيكون
كل من الاسترقاق والعتق قربة مطلوبة؛ وإنما بنى طلب العتق على وجود الرقيق
بالفعل، وشرعية عتقه تدل على قبحه؛ لأن العتق إبطال للرق ولا يتقرب إلى الله
تعالى بإبطال الخير وإزالته، فهي كشرعية التوبة من الذنب لقبحه، ولا يقال: إن
تحريم المعاصي ممنوع؛ لأنها الأساس لوجوب التوبة، وهي أشد وجوبًا من العتق
الواجب فضلاً عن المندوب.
(سادسها) إن قوله: فهل تقولون إن العمل بتلك الآيات إنما محله العمل بها
في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولا تصح بعده - سؤال لا محل له، وغفلة ما كان
يظن بمثله الوقوع فيها.
(سابعها) المعلوم بالإجماع أن العتق مشروع ومثاب عليه في كل زمان
ومكان يوجد فيه الرقيق إلى يوم القيامة، وسببه أن الرق قبيح يتقرب إلى الله تعالى
بتحريره إلى أن يُزَال الرقيق، فإن زال من مكان لم يجب على أهله إيجاده، لأجل
عتقه، ولا يجب لذاته، ولكنه قد يشرع بوجود سببه الشرعي وهو ما بيناه، ولو
صحت دعواه لكان تحرير المسلمين جميع ما يملكون من الرقيق محظورًا لاقتضائه
عدم تجديدهم للعتق بعده، فهو بهذا الاقتضاء بمعنى عدم تجديدهم للاسترقاق.
(استدلاله على معارضته بالسنة والإجماع)
واستدل على الثاني، وهو معارضة ما قلناه بالسنة بأن النبي صلى الله عليه
وسلم قد استرق بالفعل، وجوَّز الاسترقاق بالقول والتقرير، وعلى الثالث وهو
معارضته بالإجماع بأن الصحابة والتابعين وتابعيهم قد استرقوا بالفعل أيضًا، وهذا
على ما فيه لا يرد على ما قلته، فإنني قد صرحت فيه بأن لإمام المسلمين في كل
حرب شرعية أن يسترق الأسرى والسبايا إذا كانت المصلحة في الاسترقاق، وأما
زعمه أن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة، ومن بعدهم لم يستولوا على أحد
من نساء العرب وأولادهم إلا استرقوهم، وإن هذا معلوم من سيرته وغزواته صلى
الله عليه وسلم باليقين - فهذا غير صحيح على إطلاقه ومراده، ولو صح لم يكن
ناقضًا لما قلناه، والتحقيق أن عرف العرب في الحرب أن يكون الأسرى والسبايا
مِلْكًا للغالب، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتخذه ذريعة للعتق وجذب الناس
إلى الإسلام برحمته لا لبقاء الرق، كما فعل بتزوجه جويرية بنت الحارث سيد
قومه فأعتق أصحابه جميع أسرى بني المصطلق وسباياهم وهم على كفرهم، فكان
هذا سببًا لإسلامهم، وكما أعتق جميع قريش رجالهم ونساءهم يوم فتح مكة بقوله:
(اذهبوا فأنتم الطلقاء) ، وكما أعتقوا بعد ذلك سبايا هوازن.
فإن كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه قد استرقوا جميع نساء العرب
وأولادهم الذين استولوا عليهم تقربًا إلى الله بالسبي كما يوهم كلامه، فأين كان
أولئك السبايا والعبيد؟
إننا نعلم أنه صلى الله عليه وسلم كان يعتق ما ملك من الرقيق، ولا نعرف
من سيرته صلى الله عليه وسلم أنه كان عنده أحد من سبايا العرب، ولكن روي
عنه أنه كان عنده من سبايا يهود قريظة ريحانة بنت شمعون وأنها امتنعت أولاً عن
الإسلام، ثم أسلمت وأنه خيرها صلى الله عليه وسلم بين عتقها والتزوج بها كصفية
أم المؤمنين، واختلفت الروايات عنها، والراجح فيما أذكر أنها اختارت بقاءها على
الرق.
وروي أن زينب أم المؤمنين أهدت إليه جارية، ولا أدري هل كانت موروثة
من رق الجاهلية، أم هي من سبايا الإسلام، ولا من أي جنس كانت.
ثم ختم المنتقد كلامه في هذه المسالة بقوله (فسنة الإسلام جواز الاسترقاق
لمن استولوا عليه بطريق الحرب) وأنا لم أنف جوازه؛ وإنما قيدت فعله أو تركه
بالمصلحة، وقوله هذا يجيز تركه مطلقًا، وهو يعارض قاعدته الغريبة، واستطالته
العجيبة.
وأما ما قررته من نوط الاسترقاق بالمصلحة التي ينفذها إمام المسلمين فهو
مروي عن الإمام أحمد ومنصوص في كتب فقه الحنابلة وهو مذهب المعترض،
ففي كتاب الفروع: ويختار الإمام الأصلح لنا - لزومًا كما في ولي اليتيم، وفي
الروضة ندبًا - في أسرى مقاتلة أحرار بين قتل ورق ومن وفداء نص عليه. اهـ
(ص 569 جزء 3) .
وقال في بحث وجوب الجهاد إذا وقع النفير العام ولو بدون إمام ما نصه:
وسأله (يعني الإمام أحمد) أبو داود عن بلاد غلب عليها رجل فغزا معه قوم: يغزو
معهم؟ قال: نعم. قال: يشتري من سبيه؟ قال: دعنا من هذه المسألة؟ الغزو ليس
مثل شراء السبي، الغزو فيه دفع عن المسلمين، لا يترك ذلك لشيء. اهـ) ص
576 منه، ومثله في (مسائل الإمام أحمد) وقال في المسألة: فيتوجه أن يقال في
سببه كمن غزا بلا إذن. اهـ، والمراد أن الإمام أحمد امتنع من الفتوى بشراء
سبي السلطان المتغلب؛ ولكن المعترض يبيح السبي لكل مسلم حتى قُطَّاع الطرق
النخاسين كما سمعنا منه، ولعله رجع عنه عند كتابة هذا البحث.
(البقية للجزء الآتي)
_________
الكاتب: محمد رشيد رضا
تفنيد اعتراض كاتب جزويتي
على كتاب الوحي المحمدي
(نشره في مجلة المشرق الكاثوليكية في بيروت
فألخص مسائله فيما يأتي وأرد عليها)
(1)
تعريفه الموهم بالمؤلف صاحب المنار:
افتتح الكاتب كلامه بأنه (لا حاجة إلى تعريف القراء بالسيد محمد رضا [1]
منشئ مجلة المنار الإسلامية ومحررها المجاهد) ولكنه عرفه أو وصفه بقوله
(والشيخ محمد عَلَم من أعلام الأدب الديني الإسلامي المحافظ في مصر، وصديق
ابن سعود الوهابي، وأحد دعاة المسلمين إلى التمسك بالقديم، ونبذ ما يستحدثه
المحدثون، مخالفًا لتقاليد السلف) .
فهذا التعريف بمن هو غني بشهرته عنه باعترافه يفهم منه قراء المشرق
خلاف الحقيقة يفهمون من كلمة (المحافظ) ، وكلمة (نبذ ما يستحدثه المحدثون)
…
إلخ ما يشمل الأمور الدينية والعلمية والفنية والصناعات، وإنما أنا محافظ على
القرآن والسنة النبوية وإجماع السلف وسيرتهم الصالحة في هداية الدين فقط، وداعٍ
للمسلمين إلى الأخذ بكل نافع من مستحدثات العلم والفنون والنظم المدنية والعسكرية
التي لا تخالف تلك الأصول، ولا الهداية الدينية التي أكمل الله بها الدين، وأتم
نعمته على العالمين، وإن خالفت بعض تقاليد المتقدمين، التي مناطها اجتهاد
المجتهدين، ولينظر ماذا يعني بصداقة ابن سعود الوهابي في التعريف بعالم مؤلف؟
(2)
وصفه للكتاب كما رآه:
قال: (إنه ليس كتاب الوحي المحمدي ما يزيدهم معرفة بالمشاكل الجوهرية
التي يدور الجدال حولها بين المسيحيين والمسلمين) وإنه (ليس مستنفد المواد
متناسب الأجزاء، متسلسل القضايا، فيغور فيه فكر المفكرين، بل هو مجموعة
عجالات ظهرت أولاً في المنار، ثم برزت بكتاب مستقل، على أن سهولة مطالعتها
لما فيها من العناوين والفهارس، ووقع المواضيع التي عالجها ردًّا على مسائل
تجددت، ومسها الدين المسيحي تحول دون الإغضاء عنها، من غير إعادة النظر
فيها) . اهـ.
(أقول) إن كتاب الوحي المحمدي لم يوضع للجدال بين المسلمين
والنصارى؛ فتجعل مواده مناسبة لما بينهما من الخلاف، متسلسل القضايا فيها،
وإنما ذكر فيه بعض هذه المسائل بالقصد الثانوي، والمناسبات الاستطرادية، ولو
وُضع للرد على النصارى كالكتب التي ذكر بعضها لرآه في نسقه وترتيبه وتسلسله
ونظامه بحيث يغور فيه فكره، فيقع في غور أو تيهور لا يجد له منه مخرجًا إلى
بقاع يرى فيه النور إلا أن يهتدي به إلى الإسلام، وإنما وُضع الكتاب لإثبات
الوحي المحمدي بالقرآن فشهد له نقاد الكتاب بأنه خير ما كتب فيه حجة ونظامًا،
بل اضطر هو على نظره إليه بعين السخط من وراء زجاجة يسوعية سوداء أن
يصفه أخيرًا بما وصفه من السهولة وحسن التقسيم، والرد على المسائل التي
تجددت في هذا العصر، وهو الذي حمله على الرد عليه.
* * *
(3)
فساد الأخلاق والآداب الروحية على نسبة ارتقاء العلوم والأفكار
المادية:
خالفنا الكاتب الكاثوليكي الجزويتي في هذه الحقيقة التي بيناها في مقدمة كتاب
الوحي، فذهب إلى أن كفة ميزان الفضائل والآداب والخير في هذا العصر أرجح
مما كانت عليه في جميع العصور السابقة في الشرق والغرب، بفضل التمدن
الأوربي! ! !
يا سبحان الله! أكاتب ينتمي إلى الديانة المسيحية يقول هذا؟ نعم وإنه قد كتبه
ونشره في مجلة المشرق اليسوعية، وما كان هذا ليخطر في قلب بشر.
إن هذه الحقيقة التي بينتها بالإجمال ليست رأيًا افتحرته افتحارًا من تلقاء
نفسي، وإنما سبقني إليه حكماء أوربة وكُتَّاب الغرب والشرق فنقلته مقتنعًا به.
وقول المنتقد: إنني أحكم به حكمًا عامًّا على جميع الشعوب. هو صحيح في
الجملة لا التفصيل، فأنا أحكم به على شعوب الإفرنج أولاً وبالذات، وعلى
المفتونين بمدنيتهم المادية الإباحية من سائر شعوب العالم، وإني لأنعي على
الإفرنج انسلاخهم من بقايا ما حفظه نظام التربية فيهم من الفضائل المسيحية، لا
جهلهم بالفضائل الإسلامية فقط.
وإن أول حكم سجلته على أوربة في هذا الموضوع، هو ما رواه لنا شيخنا
الأستاذ الإمام عن شيخ فلاسفتها هربرت سبنسر الإنكليزي من حكمه على قومه،
وعلى أوربة كلها، ومثله من ينظر إلى لُبَاب الحقائق الواقعة، ويتخذ منها القياس
المنطقي على نتائجها المستقبلة.
وإنني أنقل من الصفحة 868 من تاريخ الأستاذ الإمام نص ما رواه لنا من
حديثه مع الفيلسوف في مصطافه في (برايتون) من جنوب إنكلترة في 10
أغسطس سنة 1903، أي: منذ ثلث قرن مشيرًا إلى الفيلسوف بحرف (ف) وإلى
الأستاذ الإمام بحرف (م) وهو:
(ف) هل زرت إنكلترة قبل هذه المرة؟ (م) نعم زرتها منذ عشرين سنة.
(ف) كيف وجدت الفرق بين الإنكليز اليوم والإنكليز منذ عشرين سنة؟
(م) إنني زرت هذه البلاد في المرة الأولى لغرض سياسي خاص، وهو
البحث مع رجال السياسة في مسألة مصر والسودان عقب الاحتلال البريطاني،
وأقمت أيامًا قليلة لم يتعد عملي فيها ما جئت لأجله، وقد ألممت بها الآن منذ أيام،
فلم أدرس حالة الناس، إنما يجب أن آخذ عنكم ذلك.
(ف) إن الإنكليز يرجعون القهقرى، فهم الآن دون ما كانوا عليه منذ
عشرين سنة.
(م) فيم هذه القهقرى؟ وما سببها؟
(ف) يرجعون القهقرى في الأخلاق والفضيلة، وسببه تقدم الأفكار المادية
التي أفسدت أخلاق اللاتين من قبلنا، ثم سرت إلينا عدواها، فهي تفسد أخلاق
قومنا، وهكذا سائر شعوب أوربة.
(م) الرجاء في حكمة أمثالكم من الحكماء، واجتهادهم أن ينصروا الحق
والفضيلة على الأفكار المادية.
(ف) إنه لا أمل لي في ذلك؛ لأن هذا التيار المادي لا بد أن يأخذ مده غاية
حده في أوربة، إن الحق عند أهل أوربة الآن للقوة.
(م) هكذا يعتقد الشرقيون، ومظاهر القوة هي التي حملت الشرقيين على
تقليد الأوربيين فيما لا يفيد من غير تدقيق في معرفة منابعها.
(ف) مُحِيَ الحق من عقول أهل أوربة بالمرة، وسترى الأمم يختبط
بعضها ببعض (ولعله ذكر الحرب) ليتبين أيها الأقوى ليسود العالم، أو فيكون
سلطان العالم. اهـ.
وقد كتب الأستاذ في مذكرته تعليقًا على هذا الحديث، ونشرناه في ص 751
من مجلد المنار 18، ثم في ص 869 من تاريخه وهو:
(ماذا حركت مني كلمة الفيلسوف (الحق للقوة)
…
إلخ؟ جاءت منه
مصحوبة بشعاع الدليل، فأثارت حرارة، وهاجت فكرًا، ولو جاءت من ثرثار
غيره كانت تأتي مقتولة ببرد التقليد، فكانت (تكون) جيفة تعافها النفس فلا تحرك
إلا اشمئزازًا وغثيانًا
هؤلاء الفلاسفة والعلماء الذين اكتشفوا كثيرًا مما يفيد في راحة الإنسان
وتوفير راحته، وتعزيز نعمته أعجزهم أن يكتشفوا طبيعة الإنسان ويعرضوها
على الإنسان حتى يعرفها فيعود إليها، هؤلاء الذين صقلوا المعادن حتى كان من
الحديد (المظلم) اللامعُ المضيءُ، أفلا يتيسر لهم أن يجلوا ذلك الصدأ الذي غشي
الفطرة الإنسانية، ويصقلوا تلك النفوس حتى يعود لها لمعانها الروحاني؟ حار
الفيلسوف في حال أوربة وأظهر عجزه مع قوة العلم فأين الدواء؟ الرجوع إلى
الدين
…
إلخ، الدين هو الذي كشف الطبيعة الإنسانية وعرفها إلى أربابها في كل
زمان لكنهم يعودون فيجهلونها) . اهـ.
ولقد رأى أهل البصيرة بعد الحرب الأوربية الكبرى ما رآه شيخ الفلاسفة
قبلها، كما سمعنا بآذاننا فيها، ثم ما صرنا نقرؤه عنها، إلى أن بلغ في هاتين
السنتين درجة الخطر عليها من استعداد جميع دولها للحرب الآتية الحالقة الساحقة
الماحقة، ومن انغماس شعوبها في حمأة الإباحة، وانحلال عرى الزوجية المقدسة
فيها، ولا أقول وعبادة المال، فإن الجزويت أشد إسرافًا وغلوًّا في عبادة المال من
اليهود وغيرهم من الرأسماليين، وعندي قانونهم السرى في ذلك، فهو مما يخالفون
فيه وصايا الإنجيل بقاعدتهم (الغاية تبرر الواسطة) ، وأما إباحة أعراض النساء
بالسفاح واتخاذ الأخدان وما سمي الرقيق الأبيض، وإباحة هذه الضراوة بالحرب
بهذه الدركة من الغلو المنذر للشعوب بالهلاك الذريع الذي تنقله البرقيات عن أوربة
كل يوم، فما كنت أظن أنه ما يدخل في عموم تلك القاعدة عندهم.
أين الدين في أوربة، وهذه أكبر دولة فيها (الروسية) تبذل كل قواها في
محوه من بلادها الواسعة، بل من جميع الأرض، ودعايتها قد تغلغلت في سائر
شعوبها الغربية، ولولا النظام العسكري الخاضع لحكوماتها المالية خضوع العبيد،
بل المستعمل بأيديها كاستعمال آلات الحديد، لقضي عليها كلها، وها هي ذي
فرنسة تتفق معها لأجل التعاون على الحرب القاضية التي تستعد لها؟
أين الدين في أوربة، وهذه الدولة الجرمانية التي تلي الروسية في كبرها
وعظمتها، وتفوقها في علومها وفنونها، تبتدع في مسيحيتها على علاتها فيها ما
تراه الكنيسة الكاثوليكية وثنية محضة، وهي لا تزال في أول حجلها في مرقصها
هذا؟
بل أين النصرانية في أوربة، وقد صرح بعض أساقفة إنكلترة بأن المسيح
ليس أبًا ولا إلهًا، واستفتى الشعب في اعتقاده بعصمة الكتب المقدسة، فأفتى
الألوف بعدم عصمتها، كما نشرنا ذلك في المنار.
ظن الكاتب أنني أشكو من ضعف الدين الإسلامي فأجعل الشكوى عامة! كلا،
إن الدين الإسلامي يجدد هدايته وعلمه ونوره في كل قطر من أقطار الأرض،
وإنما يعارضه فساد أوربة الإباحي المادي، وظلمها الاستعماري، ولكنهما سيزيدانه
حياة وقوة، ونورًا وظهورًا، كما يزيدان الإباحيين الظالمين خزيًا وضعفًا.
حتى إذا ما بلغ فسادها غايته في شعوبها علمت هذه الشعوب أنه لا منقذ لها
غير الاهتداء به؛ لأنه هو الدين الوحيد الوسط بين أطراف الغلو من إفراط وتفريط
في العقل والوجدان ومصالح الروح والجسد، وأنه الحلال لمشاكل الاجتماع المالية
والحربية والنسائية الموصل لسعادة الدنيا والآخرة، كما بيناه في (كتاب الوحي
المحمدي)
(للرد بقية)
((يتبع بمقال تالٍ))
_________
(1)
هذا الكاتب يسميني تارة السيد محمد رضا، وتارة الشيخ محمد، أو الشيخ رضا، وتارة السيد رشيد رضا إلخ، والأمر سهل.
الكاتب: محمد رشيد رضا
العبرة بسيرة الملك فيصل
رحمه الله تعالى
(7)
(المؤتمر والملك والحكومة)
إن الرأي الذي كان مستقرًّا في ذهن الملك فيصل أن ينفض المؤتمر السوري
بعد إعلانه للاستقلال، وأن تؤلف لجنة تضع مشروع القانون الأساسي، وقانون
انتخاب المجلس النيابي، وبعد إتمامهما تشرع البلاد في انتخاب النواب؛ ولكن
إخواننا أعضاء حزب الاستقلال العاملين لم يوافقوه على هذا الرأي، بل أجمعوا
على بقاء المؤتمر وقيامه بعمله إلى أن يتمه، وينتخب المجلس النيابي ويجتمع،
وما كان فيصل ليخالفهم فيما يتفقون عليه، بل كان يواتي أفراد الأذكياء منهم الذين
يكثرون لقاءه في أمور يتعارضون فيها كالعصابات.
فكان من ذلك وقوع ما ساء صديقته إنكلترة في فلسطين فوق ما يسوء فرنسة
في سورية ولبنان، وعلى كونه متفقًا مع حكومة فرنسة على قواعد علاقته معها
في سورية، وما عاد من باريس إلى سورية إلا ليحمل منها التفويض الذي يخوله حق
إمضائها كما تقدم، وقد قبل إعلان الاستقلال والمبايعة معتقدًا أنه يكون أقدر على
الاتفاق معها - وهو ملك - فكان مصرًّا على رأيه في العودة إلى فرنسة بعد إرضاء
أهل الرأي بذلك، وكان رأيي ورأي الشيخ كامل قصاب تقييده في ذلك بما لا
يرضيه، وسأعود إلى الكلام في هذه المسألة.
تقرر بقاء المؤتمر، وأن يتولى وضع القانون الأساسي للدولة السورية، وكان
أول اختلاف في الرأي حدث بيني وبين الملك فيصل وحكومته أن المؤتمر قرر أن
تقدم له الوزارة بيانًا بالسياسة التي تجري عليها، وتطلب منه اعتمادها، فعرض
رئيسها علي رضا باشا الركابي الأمر على جلالته فغضب، وقال: إنه ليس للمؤتمر
حق في هذا الطلب، وإنه لا يأذن للحكومة أن تكون تحت سيطرة مؤتمر أكثر
أعضائه شبان أغرار لا رأي لهم ولا شأن.
ورأيت أن المؤتمر مُصِرّ على تنفيذه قراره، وأن الملك مُصِرّ على رفضه،
وأن هذا أول شقاق في حكومتنا الجديدة يجب تلافيه، لما يُخشى من قبح أحدوثته،
وسوء عاقبته، فزرت جلالته زيارة خاصة لأجل إقناعه بذلك، فكان أول ما حدثني
به: ما رأيك فيما قرره المؤتمر في مسألة الوزارة؟
قلت: فوجئنا بهذا الاقتراح في الجلسة مفاجأة فكرهته؛ لأن مثله يجب التمهيد
له بالبحث وإجالة قداح الرأي فيه فإنه ذو وجهين: إما جعل الوزارة مستبدة، لا
يحاسبها على عملها محاسب في حكومة جديدة ليس لها تقاليد راسخة، وإما سيطرة
مجلس كمؤتمرنا أكثر أعضائه من الشبان الأغرار الذين تغلب عليهم الحماسة وحكم
الشعور، وكنت أميل إلى تأجيل الاقتراح لأجل تمحيص حزبنا له، فلم أوفق لذلك؛
لأن الأكثرين قبلوه بمنتهى الارتياح، وحسبوه من الضروريات، وامتنعت من
التصويت له بدون بحث سابق حتى إن بعضهم أمسكوا بيدي عند أخذ الرأي لأجل
رفعها فأبيت.
قال: وما رأيك فيه الآن؟
قلت: رأيي إنه لا يمكن الرجوع عنه بعد وقوعه فلا بد من تنفيذه.
قال: أنا لا أقبل أن أعطي هذه السلطة لهذا المؤتمر، إنه ليس بمجلس نيابي
قلت: بل هو أكبر من مجلس نيابي (وفي هذه الأثناء كان قد حضر إحسان
بك الجابري رئيس الأمناء له فقال وهو واقف: إن هذا المؤتمر يا مولاي جمعية
تأسيسية) .
قال الملك: إنه لا شأن له، وأنا الذي أوجدته.
قلت حينئذ: بل هو الذي أوجدك، إنك كنت قبله قائد جيش الشرق التابع
للورد اللنبي القائد العام للجيش الإنكليزي، فجعلك هذا المؤتمر ملكًا لسورية، وإننا
لا ننكر أن لك فضلاً عظيمًا بمساعدة حزب الاستقلال العربي على جمع المؤتمر؛
ولكن المؤتمر قد اجتمع، وأثبت أنه ممثل للشعب السوري وموضع ثقته، وأيده
زعماء البلاد من علماء الدين والرؤساء الروحيين والزعماء والوجهاء، ونيط به
إعلان استقلال سورية الطبيعية التام المطلق، وجعلها حكومة ملكية نيابية، وشرع
في وضع قانون أساسي لها بموجبه يكون لها مجلس نيابي منتخب.
فهو الآن مجلس تأسيسي تشريعي يجب أن يكون له الإشراف على هذه
الحكومة إلى أن يتم عمله، ويكون للبلاد مجلس نيابي يحل محله، فهل يصح أن
يغمط حقه، وأن يقع الشقاق بينه وبين الحكومة من أول وهلة، فنكون مضغة في
الأفواه، وحجة للأجانب على أنفسنا بأننا لا نصلح للاستقلال؟ هذا ما لا ترضاه يا
مولاي.
بعد هذا قنع جلالته، وأذن لرئيس الوزارة علي رضا باشا الركابي بكتابة
البيان المطلوب، وإلقائه في المؤتمر ففعل.
(تنظيم قوى العشائر والقبائل السورية)
ذكرت في النبذة السادسة من هذه الترجمة أنني اقترحت على الإخوان وجوب
إعلان استقلال سورية؛ ليكون الحلفاء أو الإنكليز والفرنسيس فيها أمام ما يسمونه
(بالأمر الواقع) في وقت كانوا لا يزالون فيه مختلفين في تقسيم البلاد العربية
وتحديد نصيب كل منهم فيها.
وكنت أعتقد أنه إذا لم يكن للبلاد قوة دفاع تعتمد عليها في حفظ الاستقلال؛
فإنه لا يكون لهذا الأمر الواقع قيمة عندهم، ولا يحسبون لأهلها أدنى حساب في
أمرهم، وأن من المتعذر أن تؤسس البلاد قوة عسكرية يؤبه لها في الدفاع عنها،
وإنما غاية الممكن من هذه الناحية أن تكون لها قوة تكفي لحفظ الأمن الداخلي،
وتنفيذ النظام فيها، وتكميل مظهر الدولة، وأبهة الملك في نظر دهماء الأمة.
وأما الدفاع الممكن للاعتداء الخارجي الذي يعتد به، فهو ما يسمى الوطني أو
الأهلي، وهو يتوقف على تنظيم جميع قوى القبائل والعشائر المنتشرة فيها من
الصحراء إلى ساحل البحر.
فأما قبائل أعراب البادية من هؤلاء فكلهم مسلحون؛ ولكن بأسهم بينهم شديد
فهم لا يفتؤون يتقاتلون لأدنى الأسباب، وليس لهم مرجع وحدة، ولا وازع قوة في
وردهم وصدرهم، وكان من الممكن أن يفيؤوا إلى وازع الحكومة السورية المستقلة
ويدينوا لملكها، وقد رأينا شيوخهم قبل الاستقلال وبعده يكثرون الاختلاف إلى باب
الأمير، فالملك فيصل، ولا سيما الشيخ نوري الشعلان وهو شيخ قبائل الرولة
أقوى قبائل صحراء الشام وأعزهم نفرًا.
وأما العشائر المقيمون في داخل البلاد وأكثرهم متحضرة فلا تجمعهم عقيدة
ولا نسب، ولا رابطة تربية ولا مصلحة، ولكنهم أدنى إلى النظام وطاعة الحكومة
الوطنية من أعراب البادية، ومنهم الدروز والنصيرية من باطنية الشيعة، والدنادشة
والجراكسة من مذاهب السنة، ويمكن توجيههم كلهم إلى دفع العدوان الأجنبي
عن وطنهم المشترك، ويكون سائر الأهالي عونًا ومددًا لهم.
اقترحت على جلالة الملك فيصل وضع نظام لقوة كل قبيلة، وكل عشيرة في
موضعها يقرر فيه ما يحتاج كل منها من السلاح والذخيرة والنفقة لتشكيل
العصابات عند الحاجة إلى الدفاع، وجعلها تابعة لهيئة من الضباط السوريين أركان
الحرب، وتخصيص مبلغ من المال لذلك، وما كان هذا المبلغ ليزيد في أول الأمر
عما كان يبذله في سبيل العصابات السرية التي كان ضرها أكبر من نفعها،
فاستحسن المشروع كما كان يستحسن غيره مما يعرض عليه؛ ولكنه لم يعطه حقه
من الإكبار والاهتمام، والسبب الخفي لهذا أنه كان يعتقد أن مستقبل سورية رهين
بالاتفاق مع فرنسة على الوجه الذي تقرر بينه وبين وزيرها كلمنصو، وأحالني فيه
على رئيس الوزارة صديقي علي رضا باشا الركابي، فكان رجائي في إكباره له
أكبر من رجائي في الملك الذي كنت راضيًا منه بقبوله، فأظهر الوزير لي من
الاستحسان ما كنت أحب؛ ولكنه كان يُسَوِّف في تنفيذه بكثرة الشواغل بتأسيس
الحكومة والخلاف بينها وبين المؤتمر حتى انتهى ذلك.
كنت أكلم كلاًّ من جلالة الملك ودولة الوزير في ذلك منفردًا فيعد، حتى إذا
التقيت بهما مجتمعين رجوت الملك أن يصدر أمره الرسمي للوزير بتنفيذه فأمر،
فسألت الوزير بعد أيام عما فعل، فقال إنه قرر تخصيص مبلغ شهري قدره خمسة
وعشرون جنيهًا ليكون راتبًا لمدير المكتب الذي ينظر في تنفيذ المشروع.
فساءنى هذا الجواب، وقلت له: إن الأمر أكبر من هذا المكتب، ومديره
وراتب مديره، وإنه يجب أولاً أن تؤلف له لجنة من أعلى الضباط الوطنيين معرفة
وهمة لينظروا في المشروع مع بعض أهل الرأي، ويجب عليهم أن يدرسوا كل ما
كتب في اللغة التركية واللغات الأجنبية في نظام العصابات البلقانية وعشائر الأفغان
التي نظمها الأمير عبد الرحمن خان وغيرها، ليضعوا نظامهم في ضوء ساطع،
ويقدروا له الميزانية الموقتة للتنظيم، والمال الاحتياطي الذي يتوقف عليه العمل إذا
هوجمت البلاد، واقتضت الحال إضرام نار الدفاع في جميع الأغوار والأنجاد، ولا
أعتقد أن المشروع سيُنَفَّذ إلا إذا أُلِّفَتْ هذه اللجنة وحضرت جلساتها بنفسي، فوعد
بالنظر في ذلك؛ ولكنه لم ينظر، فعلمت أنه يرضيني بالكلام، ويجعل راتب
الإدارة الجديدة معاشًا لأحد صنائعه، فزال ما كان عندي من الأمل فيه، وهو كل ما
كنت أرجوه منه.
والظاهر أنه لم يكن يعتقد بضرورته أو بفائدته؛ ولكن الثورة السورية التي
حدثت بعد قد أثبتت لنا أن هذا المشروع لو تم لنلنا به ما نريد.
(إسقاط وزارة علي رضا باشا الركابي)
ثم كان من سيرة الركابي باشا أن سخط الملك فيصل عليه من ناحية، وسخط
عليه أكثر رجال حزب الاستقلال العربي من ناحية أخرى، وعزم الملك على
إسقاط وزارته، وقد كتبت في مذكرتي يوم الأحد 6 شعبان 25 أبريل (نيسان) ما
نصه:
اشتد سخط الملك فيصل من هذا الوزير لسوء تصرفه، ولما أحدثه من الشقاق
في حزب الاستقلال العربي وجمعيته، وعزم على إسقاط وزارته لإخراجه وبعض
وزرائها الضعاف الرأي والعزيمة، فأمر بتأليف لجنة سرية للنظر في تأليف وزارة
جديدة، والركابي لا يزال يجلني ويبالغ في احترامي، وأسوأ ما ساءني منه
مراوغته في مشروعي الأهم، وهو تأليف إدارة للعشائر والقبائل، وليس لي
غرض شخصي أرجوه منه. اهـ.
وكتبت في يوم الإثنين 7 شعبان 26 أبريل في هذا الموضوع:
سمرنا البارحة عند إحسان بك الجابري مع الملك فيصل سمرًا مفيدًا لا ينسى،
السمار: القَيْلُ (أعني الملك) ، وساطع (بك الحصري) ، وهاشم (بك الأتاسي) ،
وعزت (دروزة) ، وعثمان (سلطان) ، وسعد الله (الجابري) ، وصاحب الدار
(إحسان بك) ، وقد تحقق زوال ثقة الملك بوزارة الركابي. اهـ.
وأقول الآن: كان موضوع ذلك السمر بيان حال وزارة الركابي، وما يشكى
منها، وما يجب من استبدال غيرها بها، وما تجب مراعاته في ذلك، وإذ كانت
الجلسة سرية لم أكتب شيئًا عما دار فيها ولا فيما بعدها لئلا تسقط مذكرتي مني أو
تُسْرَق كما سُرِقَ دفتر مذاكرات الملك؛ فيطلع أحد عليها؛ وإنما كنت أذكر أسماء
السامرين، وأعبر عن الملك بالقَيْل (بفتح فسكون) .
وقد سمرنا الليلة التي بعدها في دار ساطع بك الحصري، وكان في السمار
زيادة عمن ذكرت من حاضري ما قبلها، عبد الرحمن بك اليوسف، ويوسف بك
العظمة، ويحيى بك حياتي الضابط المشهور، ولم يحضرها جلالة الملك، وقد
اقترحت في جلسة بعدها عند إحسان بك أن يدخل في الوزارة الجديدة، الدكتور
عبد الرحمن شهبندر، واستحسنت أن يكون يوسف بك رئيسًا لها، إذا كنا نريد أن
تكون وزارة دفاع قوية، وكان قد رشح بالاتفاق، فقال الملك إنه يحب يوسف بك
ويثق به؛ ولكنه لا يرى أن يكون رئيسًا للوزارة في سنه هذه، فيكفي أن يكون وزيرًا
للحربية.
(تشكيل هاشم بك للوزارة وانتخابي لرياسة المؤتمر)
ولم يبد الملك لنا رأيه في الرئيس، حتى إذا ما انتهينا من رأينا في الأعضاء
فاجأنا بإصدار أمره الرسمي لصديقنا هاشم بك الأتاسي بتشكيل الوزارة ففعل،
واعتقدنا أن المرجح له عنده رويته وأناته تجاه حماسة العظمة وشهبندر، وما يرجو
من مواتاته له، وعين الدكتور عبد الرحمن شهبندر وزيرًا للخارجية، ويوسف بك
العظمة وزيرًا للحربية، فكان كل منهما أشد مواتاة لجلالته من هاشم بك.
كان رضا بك الصلح وزير الداخلية في وزارة الركابي أقدم أصدقائي فيها،
توثقت عرى الصداقة بيني وبينه في الآستانة سنة 1312 (1909) فلهذا ولما له
من المكانة في بيروت ساءني أن يظن أن خروجه كان برأيي، فالحق إنني لم
أقترح إخراجه، وما يمكنني أن أدافع عنه، ولا عن علي رضا باشا الركابي.
وقد ترتب على تشكيل هاشم بك الأتاسي للوزارة أن انتخبني المؤتمر السوري
رئيسًا له في 16 شعبان 5 مايو.
(للترجمة بقية)
((يتبع بمقال تالٍ))
_________