المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أحمد زكي باشا شيخ العروبة - مجلة المنار - جـ ٣٤

[محمد رشيد رضا]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد رقم (34)

- ‌المحرم - 1353ه

- ‌فاتحة المجلد الرابع والثلاثين من المنار

- ‌كتمان القرآن عن أهل الكتابوسورة يوسف عن النساء

- ‌جزيرة العرب والوحدة العربية

- ‌تقريظ الأستاذ الشيخعبد الحميد السائح النابلسي [*]

- ‌تقريظ أمير البيان شكيب أرسلان

- ‌كتاب الوحي المحمدينقد وتحليل نظرة عصرية في إعجاز القرآن [*]

- ‌حركة النازي اللادينيةوشجاعة الفاتيكان وصراحته

- ‌المعارك الدينية في ألمانيابين طوائف البروتستانت

- ‌نتيجة حرب الجزيرةوما تجب مراعاته في الصلح

- ‌صفر - 1353ه

- ‌فتاوى المنار

- ‌الحرب في جزيرة العرب

- ‌تقريظ كتاب الوحي المحمدي وانتقاده

- ‌انتقاد مسألة الرق والجواب عنها(1)

- ‌التنازع والتخاصم

- ‌ربيع الأول - 1353ه

- ‌فتاوى المنار

- ‌معاهدة الطائفبينالمملكة العربية السعودية والمملكة اليمانية [*]

- ‌الإصلاح والتجديد الإسلاميفي المعاهدة الإسلامية العربية بين الدولتينالسعودية واليمانية

- ‌كلمة خالصة لوجه الله

- ‌كشف بقية شبهات العَالِم النجديفي كلمات من كتاب الوحي المحمدي

- ‌جوامع كلم في شؤون الدول والأمم

- ‌وفد الصلح والسلام

- ‌المطبوعات الحديثة

- ‌أحمد زكي باشا شيخ العروبة

- ‌تحسين الأغاني والأناشيد العربيةلترقية الشعور القومي والخلقي

- ‌ربيع الآخر - 1353ه

- ‌اتهام ابن تيميةبأنه قال: إن الله ينزل إلى سماء الدنيا كنزولي

- ‌تفسير المنار لعلامة الدهر ومصلح العصر

- ‌مقدمة كتاب مفتاح كنوز السنة

- ‌جوامع كلم في شؤون الدول والأمم

- ‌التعريف بكتاب مسائل الإمام أحمد

- ‌عهد التحكيمبين المملكة العربية السعودية وبين مملكة اليمن

- ‌جمادى الآخرة - 1353ه

- ‌من صاحب الإمضاء في بيروت

- ‌مباحث الربا والأحكام المالية

- ‌كتاب الوحي المحمدي

- ‌الرد على من أفتى بكتمان بعض القرآنثم حرَّف بعضه استدلالاً على فتواه

- ‌دائرة المعارف الإسلامية ومفاسدها

- ‌المطبوعات الحديثة

- ‌شعبان - 1353ه

- ‌فتاوى المنار

- ‌تصدير طبع كتاب المنار والأزهر

- ‌مباحث الربا والأحكام المالية

- ‌شهر رمضانموسم العبادة الروحية البدنية الاجتماعية

- ‌الرزيئة القومية الوطنيةبالشيخ محمد الجسر

- ‌غاية مصطفى كمال من مراحله

- ‌تقريظ المطبوعات

- ‌رمضان - 1353ه

- ‌التربية الإسلامية والتعليم الإسلامي

- ‌المولد النبوي

- ‌ترجمة الشيخ محمد الجسر

- ‌كلمات في الوحي المحمدي

- ‌الحج في طوره المدني المترف

- ‌ذو القعدة - 1353ه

- ‌أسئلة من صاحب الإمضاء في بيروتفي الجن

- ‌محاضرتي في جمعية الشبان المسلمين

- ‌فتوى واقتراح على قارئي هذا الإنذار

- ‌قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث

- ‌كتاب الإمام ورأيه في تفسير المنار

- ‌ذو الحجة - 1353ه

- ‌أسئلة من بيروتبعد مقدمة في الإصلاح

- ‌خطبة الإمام الملك ابن السعود الموسميةفي وفود الحاج سنة 1353

- ‌الخطب الأكبر بانتهاك حرمات الله

- ‌محاريب المساجد ومذابح الكنائس

- ‌تأبين أحمد زكي باشا

- ‌ثورة الأزهر ومنتهى علاجها

- ‌كُريم أميركاني ينشر الوحي المحمدي في الشرقوكريم مصري نشره في الغرب

- ‌مقدمة التفسير المختصر المفيد

- ‌الكلمة الأخيرة لمشتركي المنار المطل

- ‌المحرم - 1354ه

- ‌أسئلة من صاحب الإمضاء ببيروت

- ‌الأزهر الأزهرالانقلاب الأكبر

- ‌تأثير تولية المراغي لرياسة الأزهر

- ‌خليج العقبة الحجازي وطمع الإنكليز فيه

- ‌الشقاق بين العرب المسلمينشر ما آل إليه في فلسطين

- ‌منار المجلد الخامس والثلاثين

الفصل: ‌أحمد زكي باشا شيخ العروبة

الكاتب: محمد رشيد رضا

‌أحمد زكي باشا شيخ العروبة

رحمه الله تعالى

في يوم الجمعة لثلاث خلون من هذا الشهر (ربيع الأول) لبى دعوة ربه

صديقنا (أحمد زكي باشا) الكاتب المؤرخ المصنف الخطيب الأديب الطائر

الصيت، في إثر (ضربة هواء) كما يقول العوام أحدثت التهابًا شديدًا في رئته

أعيا علاجه أصدقاءه من نطس الأطباء، لم تمهله إلا أسبوعًا أو بعض أسبوع،

اختطفته المنية من حجر أمه مصر وهو ابنها البار، ومن ميدان أمته العربية وهو

فارسها المغوار، وشيخ العروبة الذي فاق في شيخوخته وناصع شيبته جميع الشبان

قوة وفتوة، ونضارة وبهجة، وهمة وسعيًا وحركة، وأملاً في طول الحياة، فلو

كانت الأعمار بقوة البنية وشدة العضل ومرونة العصب ويسر المعيشة وقلة الهموم

وكثرة السرور، لكان أحمد زكي باشا جديرًا بأن يبقى بعد المعمر التركي زارو أغا

الذي توفي بعده في هذا الشهر عن 135 سنة، حتى يبلغ سنه أو يزيد عليها، وما

أراه زاد على نصفها إلا قليلاً، ولعله لم يفته من أسبابها إلا عيشة القصد والاعتدال،

فقد كان في بلهنية من الترف دان له بها الأهيفان، وسبحان مقدر الآجال.

نَعَتْهُ الصحف التي كان يشغل أكثر المشهور منها بمقالاته ومناظراته التاريخية

والجغرافية والأدبية، فراع نعيه الفجائي العلماء العصريين من الشرقيين والغربيين

واختلفوا أفرادًا وجماعات على منزله (دار العروبة) في جيزة الفسطاط للتعزية

عنه، كما كانوا يختلفون إليها آنًا بعد آن لحضور المآدب والاحتفالات التي يدعوهم

إليها لتكريم من يفد على القاهرة من العلماء والأدباء والزعماء الشرقيين والغربيين.

وشُيعت جنازته منها، يحف بها الجم الغفير منهم، وقد أممت المصلين عليها

في أحد مساجد الجيزة فكان هذا آخر العهد بمودتنا الطويلة التي لم تشبها شائبة جفوة،

ولا فترة اختلاف ولا فرقة، ثم حُمِلَتْ إلى القبر المعد لها تحت منارة مسجده الفني

الصغير الذي بناؤه كان شغله الشاغل في سنيه الأخيرة، وأَبَّنَهُ هنالك المؤبنون،

وانصرفوا بعد دفنه فيه مسترجعين مسترحمين.

ومما انفرد به أنه كان كلف الفقيد رحمه الله الشيخ عبد الله الشيبي بمكة المكرمة

أن يأتيه بكناسة غار حراء سرًّا ففعل، فجاء بها ووضعها في القبر الذي أعده لنفسه

ولزوجه في هذا المسجد، وهو بدعة تدل على إيمان كإيمان العجائز، وتعارض ما

كان من فلتات اللسان في دعابته تسيء ظن بعض سامعيها في عقيدته، ويروي

بعضهم عنه ما يدل على تأوله فيه، والدعابة في الحوار كالنكتة في الشعر، لا

تترك، لا تصدر عن إيمان، ولا عن كفر.

رأيت أحمد زكي بك أول مرة في مكتب إبراهيم باشا نجيب وكيل الداخلية

رحمه الله، وكان ذلك في سنة 1316 ثم قوي التعارف بيننا، وكنا نجتمع في أكثر

ليالي رمضان مع طائفة من الأدباء والمحبين للمباحث الدينية، والتوفيق بينها وبين

المعقولات والمعارف العصرية، منهم أحمد زكي بك مدير الأموال المقررة،

وعبد الله بك فائق (باشا بعد) ، ومحمود بك أنيس رحمهم الله وآخرون لم يبق أحد

منهم حيًّا إلا حمزة بك فهمي، وكان من رجال القصر الخديوي، وكانت تلك

المباحث جل ما يدور في سمرنا، وأكثر ما تبدأ به مشكلات تلقى على صاحب

المنار يُطلب منه حلها.

من أجل هذا استفتاني فقيدنا اليوم في عشرة أسئلة ألقاها عليه بعض علماء

الحقوق والشرائع في باريس في صيف 1904 ليترجمها لهم بلغتهم الفرنسية

(ليعلموا أن في السويداء رجالاً ، وأن الشرق لا يزال عامرًا بأصحاب العقول

الكبار) ، وموضوع هذه المسائل الاجتهاد، ومعنى إقفال بابه عند العامة وعند

أهل التحقيق، ومعنى القانون بوجه التدقيق العلمي، والفرق بينه وبين الشرع

وسلطة الحاكم وحدودها

إلخ.

وقد نشرت كتابه ومسائله مع أجوبتها في المجلد السابع من المنار في جمادى

الأولى سنة 1322 ويوليو سنة 1904، واستمرت المودة بيننا؛ ولكنه لم ينشر

شيئًا من مباحثه في المنار، وكان يعلل ذلك أو يعتذر عنه باستغناء المنار عنها.

كان المرحوم أحمد زكي منذ نشأته الأولى من عشاق العلم، وهذا العشق هو

الذي كان يحمله على إنفاق كل ما زاد عن حاجته من المال في اقتناء الكتب النفيسة

ولا سيما الخطية النادرة، وقد جمع خزانة منها ذات قيمة كبيرة وقفها على طلاب

العلوم وأمرها مشهور.

وعني في السنين الأخيرة من عمره بالسياسة العربية، ولقب نفسه بشيخ

العروبة فاشتهر به، بعد أن كنت أسميه في السنين الأولى: حلقة الاتصال بين

الشرق والغرب، وهو فلسطيني الأصل، وأول من جاء مصر جده الأدنى كما

صرح بذلك لبعض الأدباء السوريين، ويقل من يعلم هذا، فنسأل الله تعالى أن

يتغمدنا وإياه برحمته، ويعفو عنا وعنه.

_________

ص: 239