الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصحيحين من حديث معاوية رضي الله عنه، وما ذاك إلا لأن الفقه في الدين يحفز العبد إلى القيام بأمر الله وخشيته وأداء فرائضه والحذر من مساخطه ويدعوه إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال والنصح لله ولعباده.
فأسأل الله عز وجل أن يمنحنا وإياكم وسائر المسلمين الفقه في دينه والاستقامة عليه وأن يعيذنا جميعا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه.
نائب رئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
نصيحة عامة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد: فهذه نصيحة أقدمها لإخواني في الله للتذكير بحقه والدعوة إلى طاعته عملا بقوله تعالى: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} (1)
(1) سورة الذاريات الآية 55
وقوله سبحانه: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (1) وقوله سبحانه: {وَالْعَصْرِ} (2){إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (3){إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (4) وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الدين النصيحة قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم (5) » . رواه مسلم.
وأعظم ما أوصيكم به ونفسي تقوى الله سبحانه في جميع الأحوال، وهي وصية الله ووصية رسوله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى:{وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ} (6) وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه في خطب كثيرة: «أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة (7) » وحقيقة التقوى فعل ما أوجب الله من الطاعة
(1) سورة المائدة الآية 2
(2)
سورة العصر الآية 1
(3)
سورة العصر الآية 2
(4)
سورة العصر الآية 3
(5)
أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب أن الدين النصيحة برقم 55.
(6)
سورة النساء الآية 131
(7)
أخرجه الترمذي في كتاب العلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع برقم 2676.
واجتناب ما حرم الله من المعصية، وقد أمر الله بالتقوى ووعد أهلها بتفريج الكروب وتيسير الأمور وغفران السيئات وإعظام الأجر والرزق، من حيث لا يحتسبون، قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} (1) وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} (2){يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} (3) وقال تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (4){وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} (5) وقال سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا} (6) وقال تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (7) والآيات في الأمر بالتقوى والحث عليها وبيان ما أعد
(1) سورة الحج الآية 1
(2)
سورة الأحزاب الآية 70
(3)
سورة الأحزاب الآية 71
(4)
سورة الطلاق الآية 2
(5)
سورة الطلاق الآية 3
(6)
سورة الطلاق الآية 5
(7)
سورة التغابن الآية 16
لأهلها من الخير الكثير كثيرة معلومة.
فالواجب علينا وعليكم أيها الإخوة في الله تقوى الله سبحانه وتعالى في السر والعلانية والشدة والرخاء، وذلك بفعل ما أوجب الله عليكم من الصلاة والزكاة وغير ذلك من الطاعات، وترك ما حرم الله عليكم من جميع الذنوب والمنكرات، فمن فعل ما أوجب الله عليه، واجتنب ما نهاه الله عنه؛ رغبة في ثواب الله وحذرا من عقابه، فهو من المتقين الموعودين بالنجاة والسعادة في الدنيا والآخرة. وأعظم ما يجب على العبد إخلاص العبادة لله وحده وترك الشرك كله، كما قال تعالى:{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (1) وقال تعالى: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (2){أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} (3) وقال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ} (4) وهذا معنى لا إله إلا الله؛ لأن معناها بإجماع أهل العلم لا معبود حق إلا الله، كما قال سبحانه في سورة الحج:{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} (5) فمن صلى لغير الله أو صام لغير الله أو سجد لغير الله أو دعا غير الله كالأموات والأشجار والأحجار ونحو ذلك، فقد أشرك بالله وأبطل قول لا إله إلا الله، كذلك من ذبح لغير الله
(1) سورة الإسراء الآية 23
(2)
سورة الزمر الآية 2
(3)
سورة الزمر الآية 3
(4)
سورة البينة الآية 5
(5)
سورة الحج الآية 62
كالذين يذبحون للأولياء والجن والزيران تقربا إليهم أو خوفا من شرهم، فكل هذا من الشرك الذي حرمه الله وتوعد أهله بالنار، كما قال تعالى:{قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (1){لَا شَرِيكَ لَهُ} (2) والنسك هو الذبح، قال تعالى:{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (3) وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (4) وقال تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} (5) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة، ومن لقيه يشرك به شيئا دخل النار (6) » وقال النبي صلى الله عليه وسلم «من مات وهو يدعو لله ندا دخل النار (7) » وقال النبي صلى الله عليه وسلم:
(1) سورة الأنعام الآية 162
(2)
سورة الأنعام الآية 163
(3)
سورة الكوثر الآية 2
(4)
سورة النساء الآية 48
(5)
سورة المائدة الآية 72
(6)
أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة برقم 93.
(7)
أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب قوله:(ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا) برقم 4497.
«لعن الله من ذبح لغير الله (1) » ومن الشرك الأصغر الرياء والحلف بغير الله كالحلف بالكعبة، والحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم، والحلف بالأمانة وغير ذلك من المخلوقات؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر قالوا يا رسول الله ما هو؟ قال: الرياء (2) » وقال النبي صلى الله عليه وسلم «من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت (3) » متفق عليه وقال عليه الصلاة والسلام «من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك (4) » وقال صلى الله عليه وسلم: «من حلف بشيء دون الله فقد أشرك (5) » وقال صلى الله عليه وسلم: «من حلف
(1) أخرجه مسلم في كتاب الأضاحي، باب تحريم الذبح لغير الله تعالى ولعن فاعله برقم 1978.
(2)
أخرجه الإمام أحمد في باقي مسند الأنصار، باب حديث محمود بن لبيد رضي الله عنه برقم 27742.
(3)
أخرجه البخاري في كتاب الشهادات، باب كيف يستحلف برقم 2679، ومسلم في كتاب الأيمان، باب النهي عن الحلف بغير الله تعالى برقم 1646.
(4)
أخرجه الترمذي في كتاب النذور والأيمان، باب ما جاء في كراهية الحلف بغير الله برقم 1535.
(5)
أخرجه أبو داود في كتاب الأيمان والنذور، باب كراهية الحلف بالأمانة برقم 3252، والإمام أحمد في باقي مسند الأنصار، باب حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه برقم 22471.
بالأمانة فليس منا (1) » .
والأحاديث في النهي عن الحلف بغير الله والترهيب في ذلك كثيرة فالواجب على جميع المسلمين الحذر والتحذير من ذلك وتخصيص الله سبحانه بالحلف مع تحري الصدق في ذلك؛ لأن الحلف تعظيم للمحلوف به، والله سبحانه هو المستحق لكل تعظيم وإجلال. ومن أنواع الشرك الأصغر: قول: (ما شاء الله وشئت يا فلان) ، (وهذا من الله ومنك) ، (لولا الله وأنت) ، (ولولا الله وفلان)، وهذا كله من الشرك الأصغر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان ولكن قولوا ما شاء الله ثم شاء فلان (2) » وقال ابن عباس في قول الرجل لصاحبه: (ما شاء الله وشئت)، (ولولا الله وفلان) : هذا كله بالله شرك «وقال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: ما شاء الله وشئت، قال: أجعلتني لله ندا؟ ما شاء الله وحده (3) » .
(1) أخرجه الإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، باب أول مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه برقم 331.
(2)
أخرجه الإمام أحمد في باقي مسند الأنصار، باب حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم برقم 22836.
(3)
أخرجه الإمام أحمد في مسند بني هاشم حديث بداية عبد الله بن العباس برقم 1965.
فالواجب على كل مسلم أن يتفقه في دينه، وأن يحذر الشرك كله قليله وكثيره وصغيره وكبيره، وأن يتفقه في الدين، ويسأل عما أشكل عليه؛ لقول الله تعالى:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (1) وقال تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (2) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين (3) » . ومن المنكرات الشركية أيضا: السحر والكهانة والتطير وتعليق التمائم، سواء كانت من القرآن أو غيره، والرقى التي فيها شرك، والتي لا يعرف معناها. وقد ثبت في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«اجتنبوا السبع الموبقات قلنا: وما هن يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات (4) » وروى النسائي عن
(1) سورة النحل الآية 43
(2)
سورة البقرة الآية 282
(3)
أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين برقم 71.
(4)
أخرجه البخاري في كتاب الوصايا، باب قول الله تعالى:(إن الذين يأكلون أموال اليتامى) برقم 2767.
أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحر، ومن سحر فقد أشرك، ومن تعلق شيئا وكل إليه (1) » وقال صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من تطير أو تطير له أو تكهن أو تكهن له أو سحر أو سحر له، ومن أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم (2) » وروى مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل صلاته أربعين ليلة (3) » ، وقال صلى الله عليه وسلم:«إن الرقى والتمائم والتولة شرك (4) » ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:«لا بأس بالرقى ما لم تكن شركا (5) » رواه مسلم. والرقى التي لا يعرف معناها يجب
(1) أخرجه النسائي في كتاب تحريم الدم، باب الحكم في السحرة برقم 4079.
(2)
أخرجه الإمام أحمد في باقي مسند المكثرين برقم 9252، والطبراني في المعجم الكبير ج1 ص162 برقم 355.
(3)
أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان برقم 2230.
(4)
أخرجه أبو داود في كتاب الطب، باب في تعليق التمائم برقم 3883، وابن ماجه في كتاب الطب، باب تعليق التمائم برقم 3530.
(5)
أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب لا بأس بالرقي ما لم يكن فيه شرك برقم 2200.
تركها والنهي عنها مخافة أن يكون فيها شرك، وروى الإمام أحمد رحمه الله عن عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له (1) » وفي رواية له: «ومن تعلق تميمة فقد أشرك (2) » وقال ابن مسعود رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الطيرة شرك الطيرة شرك (3) » وفي المسند عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك، قالوا فما كفارة ذلك يا رسول الله؟ قال أن تقول: اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك (4) » والأحاديث في التحذير من الكهانة والسحر والطيرة والترهيب من سؤال الكهان والسحرة وتصديقهم كثيرة، فالواجب على المسلم الحذر من هذه المنكرات وإنكارها على من تعاطاها؛ حذرا من عقاب الله وطلبا لثوابه
(1) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني برقم 16951.
(2)
مسند أحمد بن حنبل (4/156) .
(3)
أخرجه أبو داود في كتاب الطب، باب في الطيرة برقم 3910، والإمام أحمد في المكثرين من الصحابة مسند عبد الله بن مسعود رضي الله عنه برقم 4183.
(4)
أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة مسند عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه برقم 7005.
وامتثالا لأمره وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم. ومن أعظم المنكرات التي يجب تركها والتحذير منها: ترك الصلاة والتهاون بها وعدم أدائها في الجماعة، وقد قال الله تعالى:{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (1) وقال سبحانه: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (2) وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (3) » وقال عليه السلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (4) » وفي الصحيحين عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان
(1) سورة البقرة الآية 238
(2)
سورة البقرة الآية 43
(3)
أخرجه الإمام مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة برقم 82.
(4)
أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في باقي ترك الصلاة برقم 2621، والإمام أحمد في باقي مسند الأنصار، حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه برقم 22428.
وحج البيت (1) » . ومن أهم واجبات الصلاة وإظهار شعائر الإسلام: أداء الصلاة في المساجد في الجماعات كما كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يفعلون ذلك، وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:«لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلا فيؤم الناس ثم أنطلق برجال معهم حزم من الحطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم (2) » وقال عليه السلام: «من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر (3) » وقال ابن مسعود رضي الله عنه: (من سره أن يلقى الله غدا مسلما فليحافط على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن، فإن الله شرع لنبيه صلى الله عليه وسلم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته
(1) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب بني الإسلام على خمس برقم 8، ومسلم في كتاب الإيمان باب أركان الإسلام ودعائمه العظام برقم 16.
(2)
أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب صلاة الجماعة برقم 644 ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة بيان التشديد في التخلف برقم 651.
(3)
أخرجه الترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء فيمن يسمع النداء فلا يجيب برقم 217.
لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة خطاها حسنة ويرفعه بها درجة ويحط بها عنه سيئة، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق أو مريض، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف) (1) رواه مسلم. وقد أخبر الله سبحانه في كتابه العظيم أن التكاسل عن الصلوات من صفات أهل النفاق قال الله تعالى:{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (2) وقال تعالى في شأن المنافقين: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ} (3) وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب صلاة الجماعة من سنن الهدي برقم 654.
(2)
سورة النساء الآية 142
(3)
سورة التوبة الآية 54
وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا (1) » . فالواجب علينا وعليكم أيها المسلمون المحافظة على الصلوات الخمس في المساجد، والتناصح في ذلك، والإنكار على من تخلف عنها وهجره وترك مجالسته؛ حتى يتوب اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وتباعدا عن مشابهة المنافقين الذين توعدهم الله بالدرك الأسفل من النار.
نسأل الله لنا ولكم السلامة والعافية والتوفيق لما يرضيه، وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا، وأن يمن علينا بخشيته ومراقبته، وأن ينصر دينه ويخذل أعداءه، وأن يوفق ولاة أمرنا وسائر أمراء المسلمين لما يرضيه، ويصلح بطانتهم، وأن يعيذ الجميع من مضلات الفتن آمين. وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
(1) صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (651) ، سنن ابن ماجه المساجد والجماعات (797) ، مسند أحمد بن حنبل (2/531) ، سنن الدارمي الصلاة (1273) .