المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌السبيل الأمثل في الدعوة إلى الله: - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة - ابن باز - جـ ٢٧

[ابن باز]

فهرس الكتاب

- ‌ فضل الدعوة إلى الله تعالى

- ‌ الدعوة إلى الله وأخلاق الدعاة

- ‌واجب المسلمين تجاه دينهم ودنياهم

- ‌المؤمنون يرون ربهم يوم القيامة رؤية حقيقية

- ‌من حق الله عليك أن تؤدي الزكاة

- ‌الخلاصة:

- ‌ الدعوة إلى الله وأسلوبها المشروع

- ‌ الدعوة إلى الله وأثرها في المجتمع

- ‌ مراتب الدعوة إلى الله تعالى

- ‌ نصيحة عامة للمسلمين

- ‌وجوب التعاون على البر والتقوى

- ‌نصيحة موجهة إلى الملك فيصل بن عبد العزيزللدعوة إلى الله

- ‌ وصية لبعض الأمراء بمناسبة تعيينه أميراعلى بعض المناطق بالمملكة

- ‌دعوة إلى القيام بالمحاضراتفي الجامعات

- ‌ نصيحة لحضرات المشايخ مقادمة بيت القرزات

- ‌رسالة إلى بعض أمراء الخليج

- ‌نصيحة لقادة الدول العربية

- ‌نصيحة بالدعوة إلى نشر الإسلام وفضائله في أمريكا

- ‌نصيحة موجهةإلى الطلبة المسلمين بباكستان

- ‌نصيحة بالقيام على الدعوة إلى الله والصبر عليها

- ‌نصيحة بالصبر على الاستهزاء والتمسكبالآداب الإسلامية

- ‌نصيحة موجهة إلى طلبة الجامعة الإسلامية

- ‌نصيحة عامة

- ‌مؤتمر القمة الإسلامي وعوامل النصر

- ‌الأقليات الإسلامية. . ظروفها وآمالها

- ‌الحركات الإسلامية ودور الشباب فيها

- ‌ رسالة المسجد

- ‌نصيحة لحكام المسلمين وعلمائهم

- ‌وصية لطلاب الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية

- ‌لقاء مع مجلة تكبير الباكستانية

- ‌حوار فيما يتعلق بالأمة الإسلاميةبعد حرب الخليج

- ‌ الواجب على أهل العلم والإيمان أن ينشروا أسماء الله وصفاته

- ‌كيف نحارب الغزو الثقافي الغربي والشرقي

- ‌العلم الذي يحتاجه الداعي إلى الله تعالى:

- ‌السبيل الأمثل في الدعوة إلى الله:

- ‌معاملة المسلم لغير المسلم

- ‌ وسائل الإعلام سلاح ذو حدين

- ‌مرئيات حول مستقبل الإسلام

- ‌ الاستمرار في النصيحة والتوجيه من باب التعاون على البر والتقوى

- ‌ حضور حلقات العلم الشرعي من أفضل القربات

- ‌ الطريق الأمثل للاستقامة على المنهج القويم

- ‌ الطريق إلى جمع كلمة المسلمين على الحق

- ‌ الأسلوب المناسب للنصيحة والدعوة إلى الله

- ‌ الوصية بالاستمرار في النصيحة

- ‌كلمة في المؤتمر الأول للدعوة والدعاة المنعقد في المدينة النبوية

- ‌كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌الأمر بالمعروف والنهي عن المنكرهو سبب صلاح المجتمع وسفينة النجاة

- ‌ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكرأصل عظيم به صلاح الأمة ونجاتها

- ‌أوصيكم ونفسي بتقوى الله وخشيته في جميع الأحوال

- ‌الأدلة الكاشفة لأخطاء بعض الكتاب

- ‌ الإسلام قول وعلم وعقيدة

- ‌ الإنكار على من خالف الشرع والتحذير من الاقتداء به

- ‌التحذير من مكائد الأعداء

- ‌تكذيب ونقد لبعض ما نشرته مجلة المصور

- ‌رد على مقال صحفي

- ‌خطر إنكار السنة قولا وفعلا

- ‌استعمال الأطباق الفضائية منكر كبير

- ‌إنكار النظام الاشتراكي في العراق

- ‌كيفية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكروالحكمة المقصودة فيه

- ‌إنكار المنكر حسب الطاقة

- ‌الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعظم فرائض الإسلام

- ‌ كيفية النهي عن المنكر بالقلب

- ‌ الطريقة المثلى في إنكار المنكر

- ‌إنكار المنكر بالأسلوب الحسن والكلام الطيب:

- ‌إذا أهمل الجميع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أثموا

- ‌ القائم بالمعروف والناهي عن المنكر لا تأخذه في الله لومة لائم

- ‌ نصيحة لمن تعرض لسوء الكلام والتحريض على المعاصي

- ‌الدعوة إلى الله تعالى تكون بالجهر وتكون بالسر

- ‌ التعاون على البر والتقوى في البيت

- ‌ عليكن بالأمر بالمعروف ولو غضب من تأمرونه

- ‌ حكم من ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌وجوب نصح المؤمنة لأختها:

- ‌ الواجب على رجال الهيئة أن يوضحوا الحق للجاهل ويرشدوه

- ‌ من أظهر المعاصي وجب أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر

- ‌ صلة الأرحام. . العصاة

- ‌ الدين النصيحة

- ‌ إنكار البدع والمعاصي بالأدلة الشرعية

- ‌ الدخول في الأسواق التي فيها منكرات

- ‌ من المحرمات تبرج النساء في الأسواق وإظهار الزينة

الفصل: ‌السبيل الأمثل في الدعوة إلى الله:

‌السبيل الأمثل في الدعوة إلى الله:

س 4: رسالتان عن السبيل الأمثل للدعوة لله عز وجل، وعن السبيل الأمثل للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. الرسالتان يذكر أصحابهما: أنهم يلاحظون أخطاء كثيرة من المسلمين ويتألمون لما يرون ويتمنون أن لو كان في أيديهم شيء لتغيير المنكر ويرجون التوجيه؟ (1)

ج 4: الله عز وجل قد بين طريق الدعوة، وماذا ينبغي للداعي، فقال سبحانه وتعالى:{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} (2)

فالداعي إلى الله يجب أن يكون على علم وبصيرة بما يدعو إليه، وفيما ينهى عنه، حتى لا يقول على الله بغير علم، ويجب الإخلاص لله في ذلك، لا إلى مذهب، ولا إلى رأي فلان أو فلان. ولكنه يدعو إلى الله يريد ثوابه ومغفرته، ويريد صلاح

(1) من برنامج نور على الدرب الشريط رقم 30، ونشر في هذا المجموع ج4 ص228.

(2)

سورة يوسف الآية 108

ص: 342

الناس، فلا بد أن يكون على إخلاص وعلى علم، وقال عز وجل. {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (1)

فهذا بيان كيفية الدعوة، وأنها تكون بالحكمة أي بالعلم (قال الله، وقال الرسول) سمي العلم بالحكمة: لأنه يردع عن الباطل، ويعين على اتباع الحق. ويكون مع العلم موعظة حسنة، وجدال بالتي هي أحسن، عند الحاجة إلى ذلك؛ لأن بعض الناس قد يكفيه بيان الحق بأدلته، لكونه يطلب الحق فمتى ظهر له قبله، فلا يكون في حاجة إلى الموعظة، وبعض الناس يكون عنده بعض التوقف وبعض الجفاء، فيحتاج إلى الموعظة الحسنة. فالداعي إلى الله يعظ ويذكر بالله متى احتاج إلى ذلك مع الجهال والغافلين، ومع المتساهلين حتى يقتنعوا ويلتزموا بالحق، وقد يكون المدعو عنده بعض الشبهات، فيجادل في ذلك، ويريد كشف الشبهة.

فالداعي إلى الله يوضح الحق بأدلته، ويجادله بالتي هي أحسن؛ لإزاحة الشبهة بالأدلة الشرعية، لكن بكلام طيب، وأسلوب حسن، ورفق، لا بعنف وشدة، حتى لا ينفر

(1) سورة النحل الآية 125

ص: 343

المدعو من الحق، ويصر على الباطل، قال الله عز وجل:{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} (1) وقال الله لما بعث موسى وهارون إلى فرعون: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} (2) ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه (3) » ويقول صلى الله عليه وسلم: «من يحرم الرفق يحرم الخير كله (4) » .

فالداعي إلى الله عز وجل عليه أن يتحرى الحق، ويرفق بالمدعو، ويجتهد في الإخلاص لله، وعلاج الأمور بالطريقة التي رسمها الله وهي الدعوة إليه بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن، وأن يكون في هذا كله على علم وبصيرة حتى يقنع الطالب للحق، وحتى يزيح الشبهة لمن عنده شبهة، وحتى يلين القلوب لمن عنده جفاء وإعراض وقسوة،

(1) سورة آل عمران الآية 159

(2)

سورة طه الآية 44

(3)

أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب فضل الرفق، برقم 2594.

(4)

أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب باب فضل الرفق برقم 2592، وأبو داود في كتاب الأدب، باب الرفق برقم 4809.

ص: 344

فإن القلوب تلين بالدعوة إلى الله، والموعظة الحسنة، وبيان ما عند الله من الخير لمن قبل الحق، وما عليه من الخطر، إذا رد الدعوة التي جاءت بالحق، إلى غير هذا من وجوه الموعظة.

وأما أصحاب الحسبة وهم الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، فعليهم أن يلتزموا بالآداب الشرعية، ويخلصوا لله في عملهم، ويتخلقوا بما يتخلق به الدعاة إلى الله من حيث الرفق وعدم العنف، إلا إذا دعت الحاجة إلى غير ذلك من الظلمة والمكابرين والمعاندين فحينئذ تستعمل معهم القوة الرادعة لقول الله سبحانه:{وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} (1) وقوله صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان (2) » خرجه مسلم في صحيحه.

أما غيرهم فيعامل في إنكار المنكر والدعوة إلى المعروف بمثل ما يفعل الداعي: ينكر المنكر بالرفق والحكمة، ويقيم الحجة على ذلك حتى يلتزم صاحب المنكر بالحق، وينتهي

(1) سورة العنكبوت الآية 46

(2)

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان برقم 49.

ص: 345

عما هو عليه من الباطل، وذلك على حسب الاستطاعة، كما قال الله سبحانه:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1) وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق: «من رأى منكم منكرا (2) » الحديث.

ومن الآيات الجامعة في ذلك قول الله عز وجل: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (3) وقوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (4)

وقد توعد الله سبحانه من ترك ذلك، ولعنهم على لسان داود وعيسى ابن مريم، حيث قال في كتابه الكريم في سورة المائدة:{لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} (5){كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} (6)

(1) سورة التغابن الآية 16

(2)

صحيح مسلم الإيمان (49) ، سنن الترمذي الفتن (2172) ، سنن النسائي الإيمان وشرائعه (5008) ، سنن أبو داود الصلاة (1140) ، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1275) ، مسند أحمد بن حنبل (3/10) .

(3)

سورة التوبة الآية 71

(4)

سورة آل عمران الآية 110

(5)

سورة المائدة الآية 78

(6)

سورة المائدة الآية 79

ص: 346

فالأمر عظيم والمسئولية كبيرة، فيجب على أهل الإيمان وأهل القدرة من الولاة والعلماء وغيرهم من أعيان المسلمين الذين عندهم قدرة وعلم أن ينكروا المنكر ويأمروا بالمعروف، وليس هذا لطائفة معينة، وإن كانت الطائفة المعينة عليها واجبها الخاص، والعبء الأكبر، لكن لا يلزم من ذلك سقوطه عن غيرها، بل يجب على غيرها مساعدتها، وأن يكونوا معها في إنكار المنكر، والأمر بالمعروف حتى يكثر الخير ويقل الشر، ولا سيما إذا كانت الطائفة المعينة لم تقم بالمطلوب ولم يحصل بها المقصود، بل الأمر أوسع، والشر أكثر، فإن مساعدتها من القادرين واجبة بكل حال.

أما لو قامت بالمطلوب وحصل بها الكفاية فإنه يسقط بها الوجوب عن غيرها في ذلك المكان المعين أو البلد المعين؛ لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية، فإذا حصل بالمعينين أو المتطوعين المطلوب من إزالة المنكر والأمر بالمعروف صار في حق الباقين سنة، أما المنكر الذي لا يستطيع أن يزيله غيرك لأنك الموجود في القرية أو القبيلة أو الحي وليس فيها من يأمر بالمعروف فإنه يتعين عليك إنكار المنكر والأمر بالمعروف ما دمت أنت الذي علمته، وأنت الذي تستطيع إنكاره، فإنه يلزمك، ومتى وجد معك غيرك صار فرض

ص: 347