الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولأن هذا كما قد جاءت به السنة وجاء به القرآن دلت عليه التجارب مع الناس. دلت على أن الحكمة والأسلوب الحسن أنفع وأقرب إلى قبول الحق، وأن الشدة والغلظة والأساليب العنيفة تنفر من الحق وتباعد عن المطلوب.
نسأل الله للجميع التوفيق، وصلى الله وسلم على محمد.
68 -
من أظهر المعاصي وجب أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر
س: هل يجوز الكلام مع من مارس الزنا ولم يتب بعد؟ (1) .
ج: من أظهر المعاصي كالزنا والخمر والربا والتدخين والإسبال وحلق اللحى وغير ذلك من المعاصي فإن الواجب نصيحته وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة، والجدال بالتي هي أحسن؛ لقول الله عز وجل {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (2)
(1) من الأسئلة المقدمة لسماحته من مجلة الدعوة.
(2)
سورة التوبة الآية 71
وقوله سبحانه {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (1) وروى الإمام أحمد وغيره بإسناد صحيح عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه خطب الناس، بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وقال يا أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية، وتضعونها في غير موضعها، وهي قول الله سبحانه:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} (2) وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه، أوشك أن يعمهم الله بعقابه (3) » .
ويستفاد من هذا الحديث الشريف، ومن هذه الخطبة من أبي بكر الصديق رضي الله عنه: أن من لم يأمر بالمعروف وينه عن المنكر، مع القدرة لا يكون مهتديا الهداية الكاملة، بل هو
(1) سورة آل عمران الآية 110
(2)
سورة المائدة الآية 105
(3)
أخرجه ابن ماجه في كتاب الفتن، باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر برقم 4005، والإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة مسند أبي بكر الصديق رضي الله عنه برقم 1.
ناقص الهداية، وقد ذم الله الكفار من بني إسرائيل ولعنهم؛ لما عصوا واعتدوا على حرمات الله ولم يتناهوا عن المنكر، في قوله سبحانه {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} (1){كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} (2)
وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان (3) » رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وروى مسلم أيضا في صحيحه عن أبي مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما بعث الله من نبي في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن
(1) سورة المائدة الآية 78
(2)
سورة المائدة الآية 79
(3)
أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان برقم 49.
ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل (1) » .
والأحاديث في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كثيرة جدا، فالواجب على المسلمين من العلماء والأمراء وغيرهم، التآمر بالمعروف والتناهي عن المنكر والتعاون على البر والتقوى والتواصي بالحق والصبر عليه، عملا بالآيات والأحاديث الواردة في ذلك، وعملا بقول الله سبحانه:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (2) وقوله عز وجل: {وَالْعَصْرِ} (3){إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (4){إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (5)
والإنكار باليد يكون من ولاة الأمور ومن الهيئات المعينة لذلك من جهة ولي الأمر، ومن الرجل مع أهل بيته من أولاد وغيرهم، ومن جميع من له ولاية على من يتعاطى المنكر، وعلى غيرهم الإنكار باللسان والقلب حسب الطاقة، لما تقدم من
(1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كون النهي عن المنكر من الإيمان برقم 50.
(2)
سورة المائدة الآية 2
(3)
سورة العصر الآية 1
(4)
سورة العصر الآية 2
(5)
سورة العصر الآية 3