المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أسئلة وأجوبتها بعد المحاضرة - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة - ابن باز - جـ ٧

[ابن باز]

فهرس الكتاب

- ‌على الحكومات الإسلامية العودة إلى كتاب اللهوسنة رسوله صلى الله عليه وسلم

- ‌إن الدين عند الله الإسلام

- ‌الركن الأول من أركان الإسلام: معناه ومقتضاه

- ‌أسئلة على العقيدة وأجوبتها

- ‌حكم التقرب إلى الجن أو الأنبياء وما أشبه ذلك

- ‌نصيحة هامة إلى جميع الأمة

- ‌الأمراء والعلماء يطاعون في المعروف لأن بهذاتستقيم الأحوال

- ‌حوار خاص في جملة من القضايا الهامة

- ‌حكم التوسل بجاه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم

- ‌من هو الذي يعذر بالجهل فيالعقيدة والأمور الفقهية

- ‌حكم من هجر والدته

- ‌وصف الأمة بالأمية

- ‌أجر الصابرين في الدنيا والآخرة

- ‌حكم الاستعانة بساحر لإخراج السحر

- ‌اللعن كبيرة

- ‌حكم قتل الحشرات التي توجد في البيتمثل النمل والصراصير وما أشبه ذلك

- ‌الصبر على البلاء والترغيب فيه

- ‌المذاهب الأربعة ومدى صحتها

- ‌الأخلاق الإسلامية

- ‌أسئلة تتعلق بالمحاضرة بعنوانالأخلاق الإسلامية

- ‌حكم الانتماء إلى أحزاب دينية

- ‌أخلاق المؤمنين والمؤمنات

- ‌الأدب الإسلامي

- ‌فضل العلم وشرف أهله

- ‌مسئولية طالب العلم

- ‌الأسئلة

- ‌نصيحة عامة للمسلمين من طلبة العلم وغيرهم

- ‌نصيحة عامة موجهة للمسلمين في باكستان وغيرهم

- ‌وجوب التضامن والتكاتف ضد أعداء المسلمين

- ‌حكمة الداعي وأدب المدعو

- ‌أسئلة وأجوبتها بعد المحاضرة

- ‌الدعوة إلى الله بالرفق والحكمةوالموعظة الحسنة

- ‌ليس النصح بالتشهير

- ‌أسلوب النقد بين الدعاة والتعقيب عليه

- ‌وصية للهيئة بالرفق والأسلوب الحسن

- ‌إنكار المنكر حسب الطاقة

- ‌أسئلة وأجوبتها حول الدعوة إلى الله

- ‌ثقافة الداعية

- ‌المرأة والدعوة إلي الله عز وجل

- ‌أسلوب الدعوة فيمن تأثر بثقافة معينة

- ‌تهيئة الفرصة أمام المرأة للدعوة إلى الله عز وجل

- ‌كيفية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكروالحكمة المقصودة فيه

- ‌حكم قول: صدق الله العظيم عند انتهاءقراءة القرآن

- ‌حكم قول: بذمتك أو بصلاتك أو محرج إن فعلت كذا

- ‌حكم ضرب المريض

- ‌بكاؤك فضل من الله

- ‌أعظم الجهاد

- ‌الجهاد فرض كفاية

- ‌حكم الله تعالى في جهاد أعدائه

- ‌الرابطة الإسلامية هي أعظم الوسائلالتي تربط بين المسلمين

- ‌نداء لإخواني قادة المجاهدين الأفغان

- ‌رسالة خاصة إلى المجاهدين الأفغان

- ‌الاعتداء على المسجد البابري في الهندوتهديمه جريمة عظيمة

- ‌وجوب العناية بالإخوة المسلمين أفرادا وجماعات

- ‌نداء عام إلى الحكومات والشعوب الإسلاميةلمساعدة المسلمين في البوسنة والهرسك

- ‌مفهوم الأحاديث المتعلقة بالفتن

- ‌جهاد حاكم العراق واجب على الدولالإسلامية لإنقاذ إخوانهم من الظلم

- ‌المبادرة إلى الجهاد

- ‌التجارة العظيمة

- ‌المنزلة العالية للمجاهدين

- ‌إعداد القوة

- ‌من أفضل الجهاد في وقتنا هذا جهاد حاكم العراق

- ‌كلمةلعموم المسلمين إثر بدء عمليات تحرير الكويت

- ‌لقاء أجراه مندوب مجلة المجتمع

- ‌إنكار النظام الاشتراكي في العراقبرقية

- ‌استعمال الدش منكر كبير

- ‌الكاملون من الرجال والنساء

- ‌حكم من قال: إن الأنبياء ما حققوا التوحيد

- ‌ملخصات عن البابية والبهائية

- ‌حقيقة الإخلاص

- ‌هذا الجواب منكر وغلط عظيم

- ‌من لم يكفر الكافر فهو مثله

- ‌حكم طلب المدد من الرسول

- ‌زيارة قبور الأولياء

- ‌لا يجوز تعظيم آثار العلماء بما يفضيإلى الغلو فيهم والشرك بهم

- ‌لا يجوز دفن الميت في المسجد

- ‌سؤال الميت والاستغاثة به من الشرك الأكبر

- ‌عادات الاحتفال بعد موت أحد

الفصل: ‌أسئلة وأجوبتها بعد المحاضرة

‌أسئلة وأجوبتها بعد المحاضرة

السؤال الأول:

ما هو الموقف من البنوك الربوية اليوم؟ وما حكم التعامل معها؟ وما هو موقفنا تجاه ما يحدث لكثير من إخواننا المسلمين في بعض البلاد الإسلامية؟

الجواب:

أما ما يتعلق بالربا فالأمر واضح وليس في وجود الربا وتحريمه شك، وهو أمر تدل عليه آيات من القرآن الكريم ودلت عليه السنة وإجماع أهل العلم. فالربا من أكبر الكبائر ومن المحرمات المجمع عليها، وقد بين الله ذلك في كتابه العظيم فقال جل وعلا:{الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} (1) الآية.

وقال عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (2){فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} (3) والرسول صلى الله عليه وسلم «لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال هم سواء (4) » ، خرجه مسلم في صحيحه - فالواجب على المسلمين الحذر من الربا وعدم المساهمة فيه لا في بنك فلان ولا بنك فلان. فجميع البنوك الربوية

(1) سورة البقرة الآية 275

(2)

سورة البقرة الآية 278

(3)

سورة البقرة الآية 279

(4)

سنن النسائي الزينة (5104) .

ص: 282

في الداخل والخارج يجب الحذر منها وعدم المساهمة فيها وعدم المعاملة معها، ووجود الشيء بين الناس لا يحله، فالخير موجود، والشر موجود والواجب الأخذ بالخير والحذر من الشر، ووجود الشر ليس بدليل على حله، بل يجب الحذر منه.

فالحاصل أن الربا من المحرمات والواجب الحذر من ذلك والبعد عن ذلك، والتواصي بترك ذلك، وعن قريب إن شاء الله تزول البنوك الربوية من هذه المملكة، فقد وافق خادم الحرمين الشريفين على إيجاد البنوك الإسلامية، وسيغني الله بها عن هذه البنوك وتزول إن شاء الله من هذه البلاد.

فالحاصل أن الإخوان والمحبين للخير حريصون على إيجاد البنوك الإسلامية والمساهمة فيها وينبغي للإخوان جميعا أن يتشجعوا في هذا، وأن يحرصوا على التقدم في طلب البنوك الإسلامية حتى تكثر وحتى يغني الله بها عن هذه البنوك الربوية، وحتى ينتهي أمرها عن قريب إن شاء الله.

أما ما يتعلق بإخواننا المسلمين في كل مكان كالجزائر والفلبين وفي أفغانستان والبوسنة والهرسك وغيرها فالواجب الدعاء لهم بالتوفيق والهداية، وأن يفقههم الله في الدين، وأن يجمع كلمتهم على خيرهم، وأن ينصرهم على عدوهم، وأن يهدي المسئولين في جميع بلاد المسلمين، وأن ينصر بهم الحق.

والدعاء لإخوانكم بظهر الغيب في كل مكان أمر مشروع وفائدته عظيمة. فالمسلم يدعو الله لإخوانه في الفلبين وفي الجزائر وفي تونس وفي المغرب وفي أفغانستان وفي البوسنة والهرسك وفي

ص: 283

كل مكان، وفي بلده أيضا يدعو الله للجميع بالتوفيق والصلاح والإعانة على كل خير، وأن يجمعهم الله سبحانه على الخير والهدى، وأن يكفيهم شر الولاة، وأن يعينهم على إظهار الحق والدعوة إليه على بصيرة، وأن يعيذهم من الأساليب التي تنفر من الحق وتصد عنه، وأن يوفقهم للأساليب الطيبة والطرق الصالحة التي تعينهم على إظهار الحق والدعوة إليه وتعينهم على قبوله والرضى به.

ص: 284

السؤال الثاني:

ما رأيكم في الحملة الإعلامية من كثير من الصحف على الدعاة وبالذات على بعض الهيئات الإسلامية كهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟

الجواب:

الدعاة إلى الحق والآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر لهم أعداء ولهم خصوم من الملاحدة والشيوعيين والفساق، فالواجب على الدعاة إلى الله، وعلى الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر التحمل والصبر لقول الله جل وعلا لنبيه صلى الله عليه وسلم:{فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ} (1) ولقوله سبحانه عن لقمان أنه قال لابنه: {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} (2) ولقوله عز وجل: {وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (3)

فالحملات

(1) سورة الأحقاف الآية 35

(2)

سورة لقمان الآية 17

(3)

سورة الأنفال الآية 46

ص: 284

التي يشنها أهل الباطل من العلمانيين ومن الملاحدة ومن الشيوعيين ومن الوثنيين ومن النصارى ومن اليهود ومن غيرهم على دعاة الحق يجب أن تقابل بالذب عنهم والدعوة إلى الخير، وبيان فساد تلك الأقوال، ووجوب طرحها وعدم الالتفات إليها، مع العناية بتشجيع الدعاة وتشجيع الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، ووعدهم بأن الله سيعينهم، فعليهم بالصدق وعليهم بالصبر وعليهم بالأسلوب الحسن وعليهم بالعلم والله يجعل العاقبة للمتقين قال تعالى:{فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ} (1) ويقول سبحانه: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (2)

فلا بد من الصبر، ولا بد من الجهاد، ولا بد من النصح للذين يدعون إلى الباطل ويثبطون عن الحق، فلا بد من الرد عليهم وبيان باطلهم وبيان أن الواجب على أهل الحق مناصرة الحق وأهله والدعوة إلى الحق والصبر على ذلك، وعلى ولاة الأمور وفقهم الله القيام بذلك، وقمع كل من يتعرض لأهل الخير وردعه عن باطله، حتى يستقيم على الحق، وحتى يكف عن إيذاء الدعاة وإيذاء الآمرين بالمعروف الناهين عن المنكر، ويجب على ولاة الأمور أيضا القيام بما أوجب الله عليهم من ردع المبطل وتأديبه ونصر المظلوم والداعي إلى الحق.

نسأل الله لهم التوفيق، وهم بحمد الله يقومون بجهود كبيرة مع الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر ومع الداعين إلى الله، نسأل الله لهم المزيد من الخير، ونسأل الله أن يعينهم على ما فيه

(1) سورة هود الآية 49

(2)

سورة العنكبوت الآية 69

ص: 285

صلاح الأمة ونجاتها.

والواجب على جميع المؤمنين والمؤمنات التعاون على البر والتقوى، والتعاون مع ولاة الأمور في الدعوة إلى الخير، وإبلاغ ولاة الأمور بما قد يخفى عليهم بالمكاتبة الصالحة بالنصيحة حتى يكون ولاة الأمور والمسئولون على علم بما يقع من الشر مما قد يخفى عليهم، والمقصود أن التعاون على الخير بين المسلمين حكاما ومحكومين من أهم الواجبات لقول الله تعالى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (1) ولقوله سبحانه: {وَالْعَصْرِ} (2){إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (3){إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (4) فلا بد من التعاون بين المسئولين وبين العلماء وبين الدعاة إلى الحق في إظهار الحق والدعوة إليه وفي قمع الباطل وفي القضاء عليه، نسأل الله أن يوفق الجميع لما فيه رضاه ولما فيه صلاح الجميع.

السؤال الثالث:

تكثر المؤسسات التي تشجع على نشر الفاحشة والرذيلة كمحلات الفيديو والتسجيلات الغنائية، فما هي نصيحتكم لأصحاب هذه المحلات، وما هي نصيحتكم لمن يريد أن يدعوهم؟

الجواب:

النصيحة لجميع أهل المحلات المذكورة أن يتقوا الله، وأن يحذروا إيجاد فيديو أو شريط أو غيره يدعو إلى الباطل، ويجب على

(1) سورة المائدة الآية 2

(2)

سورة العصر الآية 1

(3)

سورة العصر الآية 2

(4)

سورة العصر الآية 3

ص: 286

من كان عنده أشرطة أو فيديو أو غيرها أن يتحرى الحق، وأن لا يكون عنده إلا ما يدعو إلى الخير والحق والهدى والصلاح، وأن يحذر نشر الباطل بأي وسيلة.

وعلى المراقبة أن تراقبهم بكل حزم وقوة. نسأل الله أن يعينها على أداء الواجب حتى يمنع الباطل وحتى يؤدب من يتساهل في إظهار الباطل، وعلى كل من علم ذلك أن يرفع إلى ولاة الأمور إن علم أحدا يتعاطى الباطل ويؤذي الناس به وينشر الرذيلة، يجب أن يرفع بأمره إلى الهيئات، وإلى وزير الداخلية، وإلى أمير البلد الذي هو فيها أي بلد من بلاد المملكة يرفع إلى الأمير وإلى الهيئة، يكون التعاون من الجميع على البر والتقوى، ولا يسكت، يرفع الأمر إلى أمير البلد ورئيس الهيئة حتى يتعاون الجميع على دحض الباطل، وإقامة الحق ونصره.

السؤال الرابع:

أكثر الحاضرين هم من: الأساتذة سواء في الجامعات، أو المدارس الأخرى بجميع مستوياتها، فما هي نصيحتكم لهؤلاء المعلمين وهم يؤدون هذه الرسالة؟

الجواب:

نصيحتي للجميع أن يتقوا الله، وأن يكونوا قدوة في الخير وأئمة في العلم والعمل الصالح حتى يقتدي بهم الطلبة والموظفون وغيرهم، وعلى المعلم أن يكون قدوة في المحافظة على الصلوات في الجماعة، والمسابقة إليها، وتوفير اللحية، وعدم التدخين وعدم الإسبال، وفي الأسلوب الحسن والكلمات الطيبة، وفي كل خير،

ص: 287

ليكون قدوة صالحة في جميع أحواله وأينما كان في التدريس، وفي الطريق، وفي المسجد، وفي البيت، وفي الطائرة، وفي الباخرة، وفي السيارة، وفي كل مكان قدوة حسنة يعرف بأخلاقه الطيبة وأعماله الصالحة وأسلوبه الصالح، وهذا هو الواجب على أهل العلم، وعلى المدرسين.

وعلى القادة من الأمراء وغيرهم، فكل أعظم من غيره بقدر مسئوليته وحسب طاقته لأنه يقتدى به، ولا سيما العلماء فهم قادة الناس وهم خلفاء الرسل، وهكذا من كان إماما في قومه مثل شيخ القبيلة، ومثل أمير البلد، ومثل كبار القوم في مستشفى أو في مستوصف أو في غيره يجب أن يكونوا قدوة في الخير، وأن يبتعدوا عن الشر، فالأطباء من المديرين يجب أن يكونوا قدوة في المسارعة إلى الصلوات في الجماعة، وفي إعفاء اللحى، وفي الكلام الطيب، والأسلوب الحسن في عدم الفحش في الكلام حتى يقتدي بهم الموظفون ومن تحت أيديهم من الأتباع، يقتدون بهم في الأعمال الطيبة والأخلاق الفاضلة والمسارعة إلى الصلاة وغير هذا من الأخلاق الطيبة، فيتحرى المسئول كل شيء طيب حتى يقتدى به في ذلك أينما كان سواء كان في السيارة أو في الطائرة أو في الباخرة أو في أي مكان يكون، فيشرع له أن يظهر العمل الصالح والتقوى والعلم النافع حتى يسأل وحتى يستفاد منه ويقتدى به.

السؤال الخامس:

في الربا كثرت الأسئلة عن بعض الشركات مثل شركة مكة للإنشاء والتعمير، وشركة القصيم الاستثمارية للزراعة يقولون هل المشاركة فيها من الربا أو لا تتعامل بالربا؟

ص: 288

الجواب:

شركة طيبة وشركة مكة وغيرها من الشركات لا نعلم عنها ما يمنع المشاركة فيها إلا أنه يبلغنا عن كثير من الشركات أنها تستعمل أموالها بالربا بواسطة البنوك، فننصح جميع الشركات التي تستعمل هذا أن تدعه، أو أن تستعمل أموالها في الطرق الشرعية لا بالربا، فالشركة التي تستعمل أموالا بالربا يجب أن تجتنب، وأن لا يتعاون معها في هذا الشيء وإذا عرف الإنسان مقدار الربا الذي دخل عليه فليخرج ما يقابله للفقراء عشرة في المائة أو عشرين في المائة أو أقل أو أكثر حتى يسلم من شر الربا.

وعلى كل شركة أن تتقي الله، وأن تحذر الربا في جميع المعاملات فإن الله جل وعلا قد حرم الربا ونزع بركته كما قال سبحانه:{وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} (1) وقال سبحانه: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} (2) فالربا منزوع البركة فالواجب الحذر منه، فعلى جميع الشركات: شركة مكة، شركة المدينة، شركة القصيم، وأي شركة كانت، على جميع الشركات أن تتقي الله وأن يتقي رؤساؤها ومديروها في ذلك وأن يحرصوا على أن تكون أعمالهم ومعاملاتهم كلها طبق الشرع، وأن يستفتوا أهل العلم فيما أشكل عليهم حتى يكونوا على بصيرة، وما تجمع لديهم من الأموال يعملون به ما شرع الله من المعاملات السليمة سواء كانت بالنقد أو بالأجل

(1) سورة البقرة الآية 275

(2)

سورة البقرة الآية 276

ص: 289

فيشترون به السلع ويبيعونها إلى أجل، أو يشترون العمل المختلفة المتنوعة ثم يبيعونها بالعمل الأخرى يدا بيد بفائدة إذا كانت من أجناس مختلفة.

فالعملة لا تباع بمثلها إلا يدا بيد مثلا بمثل، وإذا كانت عملة بعملة أخرى كريال بالدولار أو جنيه استرليني بغيره جاز البيع يدا بيد بدون تأجيل ولو تفاضلا، فالطرق الشرعية موجودة وكافية بحمد الله وليس الناس بحاجة إلى الربا لولا أن الشيطان يدعوهم إلى ذلك ويزين لهم الفائدة السريعة بالربا، نسأل الله لنا ولجميع المسلمين السلامة من كل ما يغضبه.

السؤال السادس:

فيما يتعلق بالربا أسئلة كثيرة منها التحرج عن أخذ الرواتب من البنوك الربوية فما رأي سماحتكم؟

الجواب:

هذا لا حرج فيه فأخذ الرواتب بواسطة البنوك لا يضر لأن الموظف لم يجعلها للربا، وإنما جعلت بواسطة ولاة الأمر لحفظها هناك حتى تؤخذ، وهكذا ما يحول عن طريق البنوك من بلد إلى بلد، أو من دولة إلى دولة هذا لا بأس به لدعاء الحاجة إليه، فالمحذور كونه يستعمل الربا أو يعين عليه، أما كونه يحفظ ماله في البنك للضرورة لعدم وجود مكان يحفظه فيه، أو لأسباب أخرى وبدون ربا، أو يحوله بواسطة البنك فلا بأس بذلك إن شاء الله ولا حرج فيه، لكن لو جعلت الدولة الرواتب في غير البنوك لكان أسلم وأحسن.

ص: 290

السؤال السابع:

ما حكم السفر إلى بلاد الكفار من أجل الدراسة فقط؟

الجواب:

السفر إلى بلاد الكفار خطير يجب الحذر منه إلا عند الضرورة القصوى يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أنا بريء من كل مسلم يقيم بين المشركين (1) » ، وهذا خطر فيجب الحذر، فيجب على الدولة وفقها الله أن لا تبعث إلى بلاد المشركين إلا عند الضرورة. مع مراعاة أن يكون المبعوث ممن لا يخشى عليه لعلمه وفضله وتقواه، وأن يكون مع المبعوثين من يلاحظهم ويراقبهم ويتفقد أحوالهم، وهكذا إذا كان المبعوثون يقومون بالدعوة إلى الله سبحانه، ونشر الإسلام بين الكفار لعلمهم وفضلهم فهذا مطلوب ولا حرج فيه.

أما إرسال الشباب إلى بلاد الكفار على غير الوجه الذي ذكرنا، أو السماح لهم بالسفر إليها فهو منكر وفيه خطر عظيم، وهكذا ذهاب التجار إلى هناك فيه خطر عظيم؛ لأن بلاد الشرك - الشرك فيها ظاهر - والمعاصي فيها ظاهرة، والفساد منتشر، والإنسان على خطر من شيطانه وهواه ومن قرناء السوء فيجب الحذر من ذلك.

السؤال الثامن:

ما رأيكم في الغلو في النبي صلى الله عليه وسلم حيث يقول بعضهم: إنه الأول والآخر والظاهر والباطن. . فما رأيكم في مثل هذا الاعتقاد فيه صلى الله عليه وسلم؟

الجواب:

الأول والآخر والظاهر والباطن هو الله عز وجل قال تعالى في سورة الحديد: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (2)

(1) سنن الترمذي السير (1604) ، سنن أبو داود الجهاد (2645) .

(2)

سورة الحديد الآية 3

ص: 291

وقال النبي صلى الله عليه وسلم في دعائه: «اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء اقض عنا الدين وأغننا من الفقر (1) » ، رواه الإمام مسلم في صحيحه.

فمن قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم: هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم فهو كافر، لكونه وصف النبي صلى الله عليه وسلم بأسماء أربعة مختصة بالله عز وجل لا يستحقها غيره. وهذا لا يقوله عاقل يفهم ما يقول، الأول والظاهر هو الله وحده سبحانه، وهو الذي قبل كل شيء وبعد كل شيء سبحانه وتعالى. وهو الظاهر فوق جميع خلقه، والباقي بعدهم، والذي يعلم أحوالهم، والرسول صلى الله عليه وسلم لا يعلم إلا ما علمه الله، وقد توفي عليه الصلاة والسلام، ووجد بعد أن كان معدوما، وجد في مكة بين أمه آمنة وأبيه عبد الله، وكان عدما قبل ذلك، ثم وجد من ماء مهين، وغيره من البشر كذلك فالذي يقول: إنه الأول والآخر والظاهر والباطن فهو ضال ومرتد إن كان مسلما.

السؤال التاسع:

نود منكم نصيحة حول قضاء الإجازة وبماذا تنصحون الإخوة؟

الجواب:

أنصح إخواني في الإجازة أن يستغلوها في كل ما يرضي الله: في حفظ القرآن الكريم والإكثار من تلاوته، وفي عمارة المكتبات للمطالعة والاستفادة بحضور المحاضرات العلمية والندوات المفيدة،

(1) صحيح مسلم الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2713) ، سنن الترمذي الدعوات (3481) ، سنن أبو داود الأدب (5051) ، سنن ابن ماجه الدعاء (3831) ، مسند أحمد بن حنبل (2/404) .

ص: 292

وفي التعاون على البر والتقوى، والتواصي بالحق، والصبر عليه، وفي النصائح إلى غير هذا من وجوه الخير كالتزاور في الله فيما بينهم في أنحاء هذه البلاد؛ لأنها فرصة ينبغي أن تستغل في الخير.

ومن أحسن ما تستغل فيه العناية بالقرآن الكريم حفظا وتلاوة وتدبرا. والعناية بالكتب النافعة ومطالعتها، وحفظ الكتب المهمة والمقررات المفيدة ككتاب: التوحيد، وبلوغ المرام، وعمدة الحديث، والعقيدة الواسطية، والأربعين النووية وتتمتها لابن رجب، وبذلك صارت خمسين حديثا من جوامع الكلم، وهذه الخمسون ينبغي أن تحفظ مع مراجعة شرحها للحافظ ابن رجب رحمه الله، ومما يحسن الاهتمام به في الإجازة زيارة العلماء وسؤالهم عما أشكل على الطالب في وجوه العلم، ونسأل الله للجميع التوفيق والهداية وصلاح النية والعمل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

ص: 293