المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ليس النصح بالتشهير - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة - ابن باز - جـ ٧

[ابن باز]

فهرس الكتاب

- ‌على الحكومات الإسلامية العودة إلى كتاب اللهوسنة رسوله صلى الله عليه وسلم

- ‌إن الدين عند الله الإسلام

- ‌الركن الأول من أركان الإسلام: معناه ومقتضاه

- ‌أسئلة على العقيدة وأجوبتها

- ‌حكم التقرب إلى الجن أو الأنبياء وما أشبه ذلك

- ‌نصيحة هامة إلى جميع الأمة

- ‌الأمراء والعلماء يطاعون في المعروف لأن بهذاتستقيم الأحوال

- ‌حوار خاص في جملة من القضايا الهامة

- ‌حكم التوسل بجاه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم

- ‌من هو الذي يعذر بالجهل فيالعقيدة والأمور الفقهية

- ‌حكم من هجر والدته

- ‌وصف الأمة بالأمية

- ‌أجر الصابرين في الدنيا والآخرة

- ‌حكم الاستعانة بساحر لإخراج السحر

- ‌اللعن كبيرة

- ‌حكم قتل الحشرات التي توجد في البيتمثل النمل والصراصير وما أشبه ذلك

- ‌الصبر على البلاء والترغيب فيه

- ‌المذاهب الأربعة ومدى صحتها

- ‌الأخلاق الإسلامية

- ‌أسئلة تتعلق بالمحاضرة بعنوانالأخلاق الإسلامية

- ‌حكم الانتماء إلى أحزاب دينية

- ‌أخلاق المؤمنين والمؤمنات

- ‌الأدب الإسلامي

- ‌فضل العلم وشرف أهله

- ‌مسئولية طالب العلم

- ‌الأسئلة

- ‌نصيحة عامة للمسلمين من طلبة العلم وغيرهم

- ‌نصيحة عامة موجهة للمسلمين في باكستان وغيرهم

- ‌وجوب التضامن والتكاتف ضد أعداء المسلمين

- ‌حكمة الداعي وأدب المدعو

- ‌أسئلة وأجوبتها بعد المحاضرة

- ‌الدعوة إلى الله بالرفق والحكمةوالموعظة الحسنة

- ‌ليس النصح بالتشهير

- ‌أسلوب النقد بين الدعاة والتعقيب عليه

- ‌وصية للهيئة بالرفق والأسلوب الحسن

- ‌إنكار المنكر حسب الطاقة

- ‌أسئلة وأجوبتها حول الدعوة إلى الله

- ‌ثقافة الداعية

- ‌المرأة والدعوة إلي الله عز وجل

- ‌أسلوب الدعوة فيمن تأثر بثقافة معينة

- ‌تهيئة الفرصة أمام المرأة للدعوة إلى الله عز وجل

- ‌كيفية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكروالحكمة المقصودة فيه

- ‌حكم قول: صدق الله العظيم عند انتهاءقراءة القرآن

- ‌حكم قول: بذمتك أو بصلاتك أو محرج إن فعلت كذا

- ‌حكم ضرب المريض

- ‌بكاؤك فضل من الله

- ‌أعظم الجهاد

- ‌الجهاد فرض كفاية

- ‌حكم الله تعالى في جهاد أعدائه

- ‌الرابطة الإسلامية هي أعظم الوسائلالتي تربط بين المسلمين

- ‌نداء لإخواني قادة المجاهدين الأفغان

- ‌رسالة خاصة إلى المجاهدين الأفغان

- ‌الاعتداء على المسجد البابري في الهندوتهديمه جريمة عظيمة

- ‌وجوب العناية بالإخوة المسلمين أفرادا وجماعات

- ‌نداء عام إلى الحكومات والشعوب الإسلاميةلمساعدة المسلمين في البوسنة والهرسك

- ‌مفهوم الأحاديث المتعلقة بالفتن

- ‌جهاد حاكم العراق واجب على الدولالإسلامية لإنقاذ إخوانهم من الظلم

- ‌المبادرة إلى الجهاد

- ‌التجارة العظيمة

- ‌المنزلة العالية للمجاهدين

- ‌إعداد القوة

- ‌من أفضل الجهاد في وقتنا هذا جهاد حاكم العراق

- ‌كلمةلعموم المسلمين إثر بدء عمليات تحرير الكويت

- ‌لقاء أجراه مندوب مجلة المجتمع

- ‌إنكار النظام الاشتراكي في العراقبرقية

- ‌استعمال الدش منكر كبير

- ‌الكاملون من الرجال والنساء

- ‌حكم من قال: إن الأنبياء ما حققوا التوحيد

- ‌ملخصات عن البابية والبهائية

- ‌حقيقة الإخلاص

- ‌هذا الجواب منكر وغلط عظيم

- ‌من لم يكفر الكافر فهو مثله

- ‌حكم طلب المدد من الرسول

- ‌زيارة قبور الأولياء

- ‌لا يجوز تعظيم آثار العلماء بما يفضيإلى الغلو فيهم والشرك بهم

- ‌لا يجوز دفن الميت في المسجد

- ‌سؤال الميت والاستغاثة به من الشرك الأكبر

- ‌عادات الاحتفال بعد موت أحد

الفصل: ‌ليس النصح بالتشهير

‌ليس النصح بالتشهير

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. .

أما بعد:

فإنني أشكر الله عز وجل على ما من به من هذا اللقاء بإخوة في الله للتناصح والتعاون على البر والتقوى والتواصي بالحق والصبر عليه. ومعلوم أن الله جل وعلا خلق الخلق ليعبدوه، ولم يخلقهم سدى، ولا عبثا، ولا باطلا، ولكنه خلقهم ليعبدوه ويعظموه ويمسكوا بشرعه. ووعدهم على ذلك في الدنيا النصر والتأييد والمغفرة والأمن في الأوطان، والهداية إلى الخير، ووعدهم في الآخرة جزيل الثواب، وعظيم النعم يقول الله سبحانه:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (1){مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ} (2){إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} (3)

والله سبحانه وتعالى خلق الخلق للعبادة، والعبادة هي الطاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم. ورأسها توحيد الله واتباع شريعته،

(1) سورة الذاريات الآية 56

(2)

سورة الذاريات الآية 57

(3)

سورة الذاريات الآية 58

ص: 302

وترك ما نهى الله عنه من الشرك، وسمى الله طاعته وتوحيده عبادة لأن العبادة هي الذل والخضوع واتباع الأمر.

ولهذا يقال طريق معبد أي مذلل. فالعبادة هي طاعة الله ورسوله عن ذل لله وخشوع وخضوع وإنكسار يرجو العبد رحمة ربه، ويخشى عذابه تعالى.

وأصلها وأساسها توحيد الله والإخلاص له من العبد في جميع عباداته: في دعائه وخوفه ورجائه وصومه وصلاته وذبحه ونذره. وغير ذلك من أنواع العبادة كما قال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (1) وقال سبحانه: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (2) ويقول سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (3) وهذا معنى لا إله إلا الله؛ لأن معناها لا معبود حق إلا الله.

فهي تنفي العبادة بحق عن غير الله، وتثبتها بحق لله وحده، فجميع المعبودات غير الله من أصنام أو أحجار أو قبور أو ملائكة، أو أنبياء أو غير ذلك كلهم معبود بالباطل، والمعبود بحق هو الله سبحانه وتعالى، كما قال عز وجل:{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} (4) وهذا هو معنى لا إله إلا الله: معناها توحيد الله، والإخلاص له، والاعتقاد أن العبادة حق الله جل وعلا، لا شريك له في ذلك،

(1) سورة الإسراء الآية 23

(2)

سورة الفاتحة الآية 5

(3)

سورة البينة الآية 5

(4)

سورة الحج الآية 62

ص: 303

مع الشهادة بأن محمدا عبده ورسوله، وهو خاتم الأنبياء وأفضلهم، مع الإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله. ومعنى ذلك: الإيمان بالرسل جميعا، والتصديق بما أخبر الله به ورسوله من البعث والجنة والنار، والحساب والجزاء كل ذلك داخل في الإيمان بالله.

فعلى كل مكلف أن يؤمن بالله ورسوله، وأن ينقاد لشرع الله، وأن يخلص لله في العبادة دون ما سواه، وأن يحذر ما نهى الله عنه من قول وفعل وعقيدة، هذا هو دين الله، وهذا هو الإسلام.

والله يقول: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (1) هذا هو الإسلام: الانقياد لله والعبادة لله، والانقياد لشرعه، وترك ما نهى عنه. ورأس ذلك توحيد الله والإخلاص له، كما قال تعالى عن عباده الصالحين من الأئمة والأخيار:{إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا} (2)

فعلى جميع المكلفين من جن وإنس أن يعبدوا الله بحق، وأن ينقادوا لشرع الله، ويتواصوا بالحق والصبر عليه، وأن يتناصحوا. فالدين النصيحة، وأن يتعاونوا على البر والتقوى، كما قال تعالى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (3) ويقول جل وعلا:

(1) سورة المائدة الآية 3

(2)

سورة الأنبياء الآية 90

(3)

سورة المائدة الآية 2

ص: 304

{وَالْعَصْرِ} (1){إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (2){إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (3)

هؤلاء هم الصالحون، وهم السعداء والبقية خاسرون. فجميع العباد من جن وإنس لا نجاة لهم، ولا سعادة إلا بدين الله تعالى، والعمل الصالح وأداء فرائض الله، وترك نواهيه، والتواصي بالحق والتعاون على البر والتقوى، والتواصي بالصبر، ومن ذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأنه من التواصي بالحق. وعلى الإنسان أن يعرف قدر هذه النعمة التي خلق لها، فهي نعمة عظيمة، بل هي أعظم نعمة، وأكبر نعمة، وهي نعمة الإسلام.

فكون العبد قد هداه الله للإسلام فهي أكبر نعمة أسبغها الله عليه، فيجب أن يعرف فضل هذه النعمة، وأن يشكر الله عليها كما قال تعالى:{قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} (4) وفضل الله هو الإسلام ورحمته أن جعلك من أهله، ثم إن من فضل الله ورحمته أن ولي أمر هذه البلاد حكومة إسلامية ترعى أمر الدين والدنيا، وأمر الأمن، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتحكيم شريعة الله، وتنهى عما نهى الله عنه ورسوله صلى الله عليه وسلم.

ولا شك أن هذه من نعم الله العظيمة، وهذا الأمر بحمد الله هو الأصل الذي درجت عليه هذه الدولة وأسلافها، ودرج عليه علماء المسلمين في هذه البلاد منذ عهد الشيخ محمد بن عبد الوهاب

(1) سورة العصر الآية 1

(2)

سورة العصر الآية 2

(3)

سورة العصر الآية 3

(4)

سورة يونس الآية 58

ص: 305

رحمه الله، وعهد الإمام محمد بن سعود رحمه الله، فالدعوة إلى الله وإلى توحيده والتواصي بالحق والصبر عليه هو منهج هذه الدولة وأسلافها ومنهج علمائها في الشدة والرخاء في جميع الأحوال، فالواجب شكر الله على هذه النعم والتواصي بالثبات عليها والدعوة إليها بين العلماء والأمراء والأغنياء والعامة والخاصة.

هذه كلها نعم، يجب أن نتواصى بشكرها والاستقامة عليها والدعوة إليها وأن نتعاون على البر والتقوى، وأن نتواصى بالحق والصبر عليه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى سبيله سبحانه كما أمر جل وعلا في قوله:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (1)

فالنصح يكون بالأسلوب الحسن والكتابة المفيدة والمشافهة المفيدة، وليس من النصح التشهير بعيوب الناس، ولا بانتقاد الدولة على المنابر ونحوها، لكن النصح أن تسعى بكل ما يزيل الشر ويثبت الخير بالطرق الحكيمة وبالوسائل التي يرضاها الله عز وجل، ونحن في نعمة عظيمة نعمة الإسلام، ونعمة الأمن، ونعمة الصحة والعافية، ثم النعمة الكبرى التي من الله بها علينا في حادثة الخليج بعد عدوان عدو الله صدام وجنده واجتياحه لبلد الكويت، ثم يسر الله للدولة أن قامت بدورها في هذا الأمر وقامت بجهود عظيمة لرفع هذا الظلم واستعانت بالله العظيم ثم بالجنسيات المتعددة، التي ساعدت في رفع هذا الظلم.

(1) سورة النحل الآية 125

ص: 306

وكان هذا من توفيق الله وهدايته سبحانه أن جمع جموعا كبيرة ضد الظلم والعدوان حتى قضي على الظلم والعدوان، وحتى قضى الله على الظالم، وحتى رجع المظلومون إلى بلادهم، فهذا من نعم الله العظيمة.

فعلينا أن نشكر الله على نعمه العديدة، وأن نتفقه في الدين، وأن نتعاون على البر والتقوى، وأن نتناصح في دين الله، وأن نتواصى بالحق والصبر عليه، وأن نحمد الله على جميع نعمه.

وعلى الدولة والعلماء والعامة شكر الله والقيام بحقه، والتواصي بطاعته، وأن نستقيم على أمر الله، وأن نعالج أنفسنا. فما كان مما يرضي الله شجعناه، وقمنا بالسهر عليه، وما كان مما يغضب الله جل وعلا ابتعدنا عنه، وحذرنا الناس منه.

فالدولة عليها واجبها في ترك ما حرم الله، والقيام بما أوجب الله والعناية بشرع الله، وعلى العلماء والأمراء واجبهم في الدعوة والبيان والترغيب والترهيب، وعلى جميع الناس من الأغنياء والأعيان والشركات وسائر الناس، على كل واحد منهم واجب الدعوة إلى الله بالنصيحة ومحاسبة النفس، وجهادها حتى يكون كل واحد قدوة صالحة في طاعة الله ورسوله، وهذا هو الواجب على الجميع، وليس على الدولة وحدها. فالدولة واجبها تقوى الله والقيام بحقه، وترك ما نهى الله عنه، والسير على النهج السليم، وردع الظالم عن ظلمه بالطرق الشرعية.

وكل إنسان عليه أن يحاسب نفسه، ويتقي الله ويؤدي الأمانة،

ص: 307

ويحذر الظلم والعدوان ويجتهد في طاعة الله وطاعة رسوله، مع التواصي بالحق والصبر عليه. هذا واجب الجميع الأغنياء والفقراء، والأمراء والدولة والعلماء، كل واحد منهم عليه واجبه، يقول الله سبحانه:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1)

وهذا هو الواجب على جميع المؤمنين والمؤمنات لقول الله سبحانه وتعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} (2) كلهم أولياء فلا يغتب بعضهم بعضا، ولا يشهد عليه بالزور، ولا يظلمه، ولا يدعي عليه الدعاوى الباطلة حكامهم ومحكوموهم، وعلماؤهم وغيرهم، كلهم مقصرون إذا لم يتناصحوا ويتعاونوا على البر والتقوى، ويستقيموا على دين الله قولا وعملا، ويلزموا التوبة إلى الله سبحانه.

ثم قال سبحانه: {يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (3) أي يكونون أولياء فيما بينهم بالنصيحة والتوجيه، والأمر بالمعروف، والبعد عن أسباب الفرقة والاختلاف والشحناء والغيبة والنميمة، وسائر ما حرم الله في الكتاب والسنة.

فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم الواجبات، ومن أعظم فرائض الإسلام وليس خاصا بالبعض، بل واجب علي المؤمنين والمؤمنات جميعا، كما قال عز وجل:{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (4)

(1) سورة التغابن الآية 16

(2)

سورة التوبة الآية 71

(3)

سورة التوبة الآية 71

(4)

سورة التوبة الآية 71

ص: 308

فأوضح سبحانه في هذه الآية أن المؤمنين والمؤمنات بعضهم أولياء بعض، لا فرق بين أمير ومدير وعالم وغيرهم وذكر وأنثى من المؤمنين والمؤمنات فكل واحد منهم عليه واجبه على حسب علمه واستطاعته.

والله سبحانه وتعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} (1) وعليهم أن يشكروا الله عز وجل أنهم في بلد آمن، ودولة إسلامية تنصح لله ولكتابه ورسوله وعباده، وتأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، وتحكم شرع الله في عباده. ويستطيع كل فرد أن يؤدي فرائض الله ويبتعد عن محارمه سبحانه، ويتواصى مع إخوانه بالحق والصبر عليه، في أمن وعافية.

فأسأل الله سبحانه أن يصلح حالهم جميعا، وأن يصلح قادتهم، وأن يوفق جميع حكام المسلمين للحكم بشريعة الله والقيام بها، والتواصي بذلك. كما أسأله أن يصلح ولاة أمرنا وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين، وأسأله سبحانه أن يوفقهم جميعا لما فيه رضاه، وأن يعينهم على شكره وذكره، وأن يصلح لهم البطانة، وأن يوفقهم لكل خير، وأن يبعدهم عن كل شر، وأن يجعلهم هداة مهتدين.

(1) سورة التحريم الآية 6

ص: 309

ونسأل الله لجميع ولاة أمر المسلمين التوفيق والهداية، والإعانة على كل خير، وأن يوفقهم لكل ما يرضى الله، وأن يعينهم على ترك ما نهى عنه جل وعلا، ورسوله صلى الله عليه وسلم، وأن يعينهم على مساعدة الداعي إلى الحق، وردع صاحب الباطل عن باطله.

وأسأل الله بأسمائه الحسنى، وبصفاته العلى أن يوفقنا وإياكم وسائر المسلمين للعلم النافع، والعمل الصالح، وأن يعيذنا جميعا من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، كما أسأله سبحانه أن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان، وأن يصلح قادتهم، وأن يوفق حكام المسلمين للحكم بشريعة الله، والقيام بها والتواصي بذلك، وأن يعيذنا من الشيطان ونزغاته، وأن يعيننا جميعا على كل خير. إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

ص: 310