المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حكم التقرب إلى الجن أو الأنبياء وما أشبه ذلك - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة - ابن باز - جـ ٧

[ابن باز]

فهرس الكتاب

- ‌على الحكومات الإسلامية العودة إلى كتاب اللهوسنة رسوله صلى الله عليه وسلم

- ‌إن الدين عند الله الإسلام

- ‌الركن الأول من أركان الإسلام: معناه ومقتضاه

- ‌أسئلة على العقيدة وأجوبتها

- ‌حكم التقرب إلى الجن أو الأنبياء وما أشبه ذلك

- ‌نصيحة هامة إلى جميع الأمة

- ‌الأمراء والعلماء يطاعون في المعروف لأن بهذاتستقيم الأحوال

- ‌حوار خاص في جملة من القضايا الهامة

- ‌حكم التوسل بجاه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم

- ‌من هو الذي يعذر بالجهل فيالعقيدة والأمور الفقهية

- ‌حكم من هجر والدته

- ‌وصف الأمة بالأمية

- ‌أجر الصابرين في الدنيا والآخرة

- ‌حكم الاستعانة بساحر لإخراج السحر

- ‌اللعن كبيرة

- ‌حكم قتل الحشرات التي توجد في البيتمثل النمل والصراصير وما أشبه ذلك

- ‌الصبر على البلاء والترغيب فيه

- ‌المذاهب الأربعة ومدى صحتها

- ‌الأخلاق الإسلامية

- ‌أسئلة تتعلق بالمحاضرة بعنوانالأخلاق الإسلامية

- ‌حكم الانتماء إلى أحزاب دينية

- ‌أخلاق المؤمنين والمؤمنات

- ‌الأدب الإسلامي

- ‌فضل العلم وشرف أهله

- ‌مسئولية طالب العلم

- ‌الأسئلة

- ‌نصيحة عامة للمسلمين من طلبة العلم وغيرهم

- ‌نصيحة عامة موجهة للمسلمين في باكستان وغيرهم

- ‌وجوب التضامن والتكاتف ضد أعداء المسلمين

- ‌حكمة الداعي وأدب المدعو

- ‌أسئلة وأجوبتها بعد المحاضرة

- ‌الدعوة إلى الله بالرفق والحكمةوالموعظة الحسنة

- ‌ليس النصح بالتشهير

- ‌أسلوب النقد بين الدعاة والتعقيب عليه

- ‌وصية للهيئة بالرفق والأسلوب الحسن

- ‌إنكار المنكر حسب الطاقة

- ‌أسئلة وأجوبتها حول الدعوة إلى الله

- ‌ثقافة الداعية

- ‌المرأة والدعوة إلي الله عز وجل

- ‌أسلوب الدعوة فيمن تأثر بثقافة معينة

- ‌تهيئة الفرصة أمام المرأة للدعوة إلى الله عز وجل

- ‌كيفية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكروالحكمة المقصودة فيه

- ‌حكم قول: صدق الله العظيم عند انتهاءقراءة القرآن

- ‌حكم قول: بذمتك أو بصلاتك أو محرج إن فعلت كذا

- ‌حكم ضرب المريض

- ‌بكاؤك فضل من الله

- ‌أعظم الجهاد

- ‌الجهاد فرض كفاية

- ‌حكم الله تعالى في جهاد أعدائه

- ‌الرابطة الإسلامية هي أعظم الوسائلالتي تربط بين المسلمين

- ‌نداء لإخواني قادة المجاهدين الأفغان

- ‌رسالة خاصة إلى المجاهدين الأفغان

- ‌الاعتداء على المسجد البابري في الهندوتهديمه جريمة عظيمة

- ‌وجوب العناية بالإخوة المسلمين أفرادا وجماعات

- ‌نداء عام إلى الحكومات والشعوب الإسلاميةلمساعدة المسلمين في البوسنة والهرسك

- ‌مفهوم الأحاديث المتعلقة بالفتن

- ‌جهاد حاكم العراق واجب على الدولالإسلامية لإنقاذ إخوانهم من الظلم

- ‌المبادرة إلى الجهاد

- ‌التجارة العظيمة

- ‌المنزلة العالية للمجاهدين

- ‌إعداد القوة

- ‌من أفضل الجهاد في وقتنا هذا جهاد حاكم العراق

- ‌كلمةلعموم المسلمين إثر بدء عمليات تحرير الكويت

- ‌لقاء أجراه مندوب مجلة المجتمع

- ‌إنكار النظام الاشتراكي في العراقبرقية

- ‌استعمال الدش منكر كبير

- ‌الكاملون من الرجال والنساء

- ‌حكم من قال: إن الأنبياء ما حققوا التوحيد

- ‌ملخصات عن البابية والبهائية

- ‌حقيقة الإخلاص

- ‌هذا الجواب منكر وغلط عظيم

- ‌من لم يكفر الكافر فهو مثله

- ‌حكم طلب المدد من الرسول

- ‌زيارة قبور الأولياء

- ‌لا يجوز تعظيم آثار العلماء بما يفضيإلى الغلو فيهم والشرك بهم

- ‌لا يجوز دفن الميت في المسجد

- ‌سؤال الميت والاستغاثة به من الشرك الأكبر

- ‌عادات الاحتفال بعد موت أحد

الفصل: ‌حكم التقرب إلى الجن أو الأنبياء وما أشبه ذلك

وأما حديث توسل الأعمى بالنبي صلى الله عليه وسلم في حياته صلى الله عليه وسلم فشفع فيه النبي صلى الله عليه وسلم ودعا له فرد الله عليه بصره. . . فهذا توسل بدعاء النبي وشفاعته وليس ذلك بجاهه وحقه كما هو واضح في الحديث. . . وكما يتشفع الناس به يوم القيامة في القضاء بينهم. وكما يتشفع به يوم القيامة أهل الجنة في دخولهم الجنة، وكل هذا توسل به في حياته الدنيوية والأخروية. . وهو توسل بدعائه وشفاعته لا بذاته وحقه كما صرح بذلك أهل العلم، ومنهم من ذكرنا آنفا.

ص: 67

‌حكم التقرب إلى الجن أو الأنبياء وما أشبه ذلك

(1)

السؤال السادس:

توجد في جنوب الأردن المياه المعدنية والتي يطلق عليها برك سليمان بن داود فيقصدها الناس للاستحمام والاستشفاء ويحضرون معهم الذبائح لذبحها حال وصولهم فما حكم ذبح مثل هذه الذبائح؟ أفيدونا بارك الله فيكم وجزاكم خير الجزاء.

الجواب:

إذا كان الماء المذكور مجربا معروفا ينفع من بعض الأمراض فلا بأس بذلك، لأن الله سبحانه جعل في بعض المياه فائدة لبعض الأمراض، فإذا عرف بالتجارب أن هذا الماء ينفع من بعض الأمراض المعينة كالروماتيزم أو غيره فلا بأس بذلك، أما الذبائح فيها فإن كانت تذبح من أجل حاجتهم وأكلهم ونحو ذلك وما يقع لهم من ضيوف فلا بأس بذلك، وإن كانت تذبح لأجل شيء آخر لأجل

(1) من برنامج نور على الدرب شريط رقم (11) .

ص: 67

التقرب إلى الماء أو التقرب إلى الجن أو التقرب إلى الأنبياء أو ما أشبه ذلك من الاعتقادات الفاسدة فهذا لا يجوز، لأن الله يقول سبحانه:{قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (1){لَا شَرِيكَ لَهُ} (2) ويقول سبحانه: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (3){فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (4)

فالذبح لله والنسك لله والصلاة لله فليس لأحد أن يذبح للجن أو للنجم الفلاني أو الكوكب الفلاني أو الماء الفلاني أو النبي الفلاني أو أي شخص بل التقرب كله لله وحده سبحانه وتعالى بالذبائح والصلوات وسائر العبادات، كقوله سبحانه:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (5) وقوله سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (6) ولقوله عز وجل: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (7){أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} (8)

والذبح من أهم العبادات ومن أفضل العبادات فإذا كان المقصود من هذه الذبائح الأكل لأنهم جالسون هناك فيذبحونها للأكل والحاجة فلا بأس، أما إن كان الذبح لأمر آخر ولقصد آخر إما لأجل المكان أو يذبحون من أجل الماء أو من أجل الجن أو من أجل ملك من الملائكة يقصدونه أو نبي من الأنبياء يقصدونه ويتقربون إليه، أو أي شخص كان أو أي كوكب أو أي صنم أو أي وثن فهذا كله شرك بالله عز وجل، فيجب الحذر والله المستعان، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«لعن الله من ذبح لغير الله (9) » خرجه الإمام مسلم في صحيحه من حديث علي أمير المؤمنين رضي الله عنه.

(1) سورة الأنعام الآية 162

(2)

سورة الأنعام الآية 163

(3)

سورة الكوثر الآية 1

(4)

سورة الكوثر الآية 2

(5)

سورة الفاتحة الآية 5

(6)

سورة البينة الآية 5

(7)

سورة الزمر الآية 2

(8)

سورة الزمر الآية 3

(9)

صحيح مسلم الأضاحي (1978) ، سنن النسائي الضحايا (4422) ، مسند أحمد بن حنبل (1/118) .

ص: 68

السؤال السابع:

ظهر في كثير من المجتمعات الإسلامية الاستهزاء بشعائر الدين الظاهرة كإعفاء اللحى وتقصير الثياب ونحوهما - فهل مثل هذا الاستهزاء بالدين الذي يخرج من الملة؟ وبماذا تنصحون من وقع في مثل هذا الأمر وفقكم الله؟

الجواب

لا ريب أن الاستهزاء بالله ورسوله وبآياته وبشرعه وأحكامه من جملة أنواع الكفر لقول الله عز وجل: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} (1){لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (2) الآية من سورة التوبة.

ويدخل في ذلك الاستهزاء بالتوحيد أو بالصلاة أو بالزكاة أو الصيام أو الحج أو غير ذلك من أحكام الدين المتفق عليها.

أما الاستهزاء بمن يعفي لحيته، أو يقصر ثيابه ويحذر الإسبال، أو نحو ذلك من الأمور التي قد تخفى أحكامها، فهذا فيه تفصيل، والواجب الحذر من ذلك، ونصيحة من يعرف منه شيء من ذلك حتى يتوب إلى الله سبحانه ويلتزم بشرعه، ويحذر الاستهزاء بمن تمسك بالشرع في ذلك، طاعة لله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم، وحذرا من غضب الله وعقابه، والردة عن دينه وهو لا يشعر، نسأل الله لنا وللمسلمين جميعا العافية من كل سوء إنه خير مسئول.

والله ولي التوفيق.

(1) سورة التوبة الآية 65

(2)

سورة التوبة الآية 66

ص: 69

السؤال الثامن:

ما هي الكتب التي ينصح بها سماحتكم أن تقرأ في مجال العقيدة؟

الجواب:

أحسن كتاب، وأعظم كتاب، وأصدق كتاب يجب أن يقرأ في تعليم العقيدة والأحكام والأخلاق، هو كتاب الله عز وجل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد.

وقد قال الله فيه عز وجل: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا} (1)

وقال أيضا فيه عز وجل: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ} (2)

وقال فيه سبحانه: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} (3)

وقال فيه عز وجل: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (4)

وقال فيه عز وجل: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} (5)

(1) سورة الإسراء الآية 9

(2)

سورة فصلت الآية 44

(3)

سورة ص الآية 29

(4)

سورة الأنعام الآية 155

(5)

سورة النحل الآية 89

ص: 70

والآيات في هذا المعنى كثيرة.

وقال فيه النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح في خطبته في جحة الوداع: «إني تارك فيكم ما لن تضلوا إن اعتصمتم به كتاب الله (1) » .

وقال صلى الله عليه وسلم في خطبته يوم غدير خم حين رجع من حجة الوداع إلى المدينة: «إني تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله وتمسكوا به (2) » .

فحث على كتاب الله ورغب فيه ثم قال: «وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي (3) » خرجهما مسلم في صحيحه، الأول من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، والثاني من حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه. وقال عليه الصلاة والسلام:«خيركم من تعلم القرآن وعلمه (4) » خرجه البخاري في صحيحه.

وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «من سلك طريقا يلتمس فيه علما سلك الله به طريقا إلى الجنة وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه (5) » خرجه مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(1) صحيح مسلم كتاب الحج (1218) ، سنن أبو داود كتاب المناسك (1905) ، سنن ابن ماجه المناسك (3074) .

(2)

صحيح مسلم فضائل الصحابة (2408) ، مسند أحمد بن حنبل (4/367) ، سنن الدارمي فضائل القرآن (3316) .

(3)

صحيح مسلم فضائل الصحابة (2408) ، مسند أحمد بن حنبل (4/367) ، سنن الدارمي فضائل القرآن (3316) .

(4)

صحيح البخاري فضائل القرآن (5027) ، سنن الترمذي فضائل القرآن (2907) ، سنن أبو داود الصلاة (1452) ، سنن ابن ماجه المقدمة (211) ، مسند أحمد بن حنبل (1/69) ، سنن الدارمي فضائل القرآن (3338) .

(5)

صحيح مسلم الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2699) ، سنن الترمذي القراءات (2945) ، سنن ابن ماجه المقدمة (225) ، مسند أحمد بن حنبل (2/252) ، سنن الدارمي المقدمة (344) .

ص: 71

والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.

ثم إن أحسن الكتب بعد القرآن الكريم كتب الحديث النبوية، وهي: كتب السنة كالصحيحين، والسنن الأربع وغيرها من كتب الحديث المعتمدة، فينبغي أن تعمر المجالس والحلقات بتلاوة القرآن الكريم وتعليمه، وتفقيه الناس فيه، وبدراسة كتب الحديث الشريف، والعناية بها، وتفقيه الناس فيها، وأن يتولى ذلك أهل العلم والبصيرة، الموثوق بعلمهم ودرايتهم، ونصحهم واستقامتهم.

ومن الكتب المناسبة في ذلك قراءة كتاب: رياض الصالحين، والترغيب والترهيب، والوابل الصيب، وعمدة الحديث الشريف وبلوغ المرام، ومنتقى الأخبار وغيرها من كتب الحديث المفيدة.

أما الكتب المؤلفة في العقيدة فمن أحسنها كتاب التوحيد للشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، وشرحه لحفيديه الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد، والشيخ عبد الرحمن بن حسن بن محمد، وهما: تيسير العزيز الحميد، وفتح المجيد.

ومن ذلك: مجموعة التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وكتاب الإيمان، والقاعدة الجليلة في التوسل والوسيلة، والعقيدة الواسطية، والتدمرية، والحموية، وهذه الخمسة لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.

ومن ذلك: زاد المعاد في هدي خير العباد، والصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة، واجتماع الجيوش الإسلامية، والقصيدة النونية، وإغاثة اللهفان من مكائد الشيطان، وكل هذه الكتب الخمسة

ص: 72

للعلامة ابن القيم رحمه الله.

ومن ذلك: شرح الطحاوية لابن أبي العز، ومنهاج السنة لشيخ الإسلام ابن تيمية، واقتضاء الصراط المستقيم له أيضا، وكتاب التوحيد لابن خزيمة، وكتاب السنة لعبد الله بن الإمام أحمد، والاعتصام للشاطبي، وغيرها من كتب أهل السنة المؤلفة في بيان عقيدة أهل السنة والجماعة.

ومن أجمع ذلك فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، والدرر السنية في الفتاوى النجدية، جمع العلامة الشيخ عبد الرحمن بن قاسم رحمه الله.

ص: 73

السؤال التاسع:

المزاح بألفاظ فيها: كفر أو فسق أمر موجود في بعض المجتمعات المسلمة، فحبذا لو ألقى سماحتكم الضوء على هذا الأمر، وموقف طلبة العلم والدعاة منه.

الجواب:

لا شك أن المزح بالكذب وأنواع الكفر من أعظم المنكرات ومن أخطر ما يكون بين الناس في مجالسهم. فالواجب الحذر من ذلك وقد حذر الله من ذلك بقوله: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} (1){لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (2)

(1) سورة التوبة الآية 65

(2)

سورة التوبة الآية 66

ص: 73

وقد قال كثير من السلف رحمهم الله: إنها نزلت في قوم قالوا فيما بينهم في بعض أسفارهم مع النبي صلى الله عليه وسلم: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونا ولا أكذب ألسنا ولا أجبن عند اللقاء، فأنزل الله فيهم هذه الآية. وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به القوم ويل له ثم ويل له (1) » رواه أبو داود والترمذي والنسائي بإسناد صحيح.

فالواجب على أهل العلم وعلى جميع المؤمنين والمؤمنات، الحذر من ذلك والتحذير منه، لما في ذلك من الخطر العظيم والفساد الكبير والعواقب الوخيمة، عافانا الله والمسلمين من ذلك، وسلك بنا وبهم صراطه المستقيم إنه سميع مجيب.

(1) سنن أبو داود الأدب (4990) ، مسند أحمد بن حنبل (5/7) ، سنن الدارمي الاستئذان (2702) .

ص: 74

السؤال العاشر:

يخطر ببال الإنسان وساوس وخواطر وخصوصا في مجال التوحيد والإيمان، فهل المسلم يؤاخذ بهذا الأمر؟

الجواب:

قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين وغيرهما أنه قال: «إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم (1) » وثبت أن الصحابة رضي الله عنهم سألوه صلى الله عليه وسلم عما يخطر لهم من هذه الوساس والمشار إليها في السؤال، فأجابهم صلى الله عليه وسلم بقوله:«ذاك صريح الإيمان (2) » ، وقال عليه الصلاة والسلام:«لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال هذا: خلق الله الخلق فمن خلق الله؟ فمن وجد من ذلك شيئا فليقل آمنت بالله ورسله (3) » ، وفي رواية

(1) صحيح البخاري الطلاق (5269) ، صحيح مسلم الإيمان (127) ، سنن الترمذي الطلاق (1183) ، سنن النسائي الطلاق (3435) ، سنن أبو داود الطلاق (2209) ، سنن ابن ماجه الطلاق (2040) ، مسند أحمد بن حنبل (2/393) .

(2)

صحيح مسلم الإيمان (132) ، سنن أبو داود الأدب (5111) ، مسند أحمد بن حنبل (2/441) .

(3)

صحيح البخاري بدء الخلق (3276) ، صحيح مسلم الإيمان (134) ، سنن أبو داود السنة (4721) ، مسند أحمد بن حنبل (2/331) .

ص: 74

أخرى «فليستعذ بالله ولينته (1) » رواه مسلم في صحيحه.

(1) صحيح البخاري بدء الخلق (3276) ، صحيح مسلم الإيمان (134) ، سنن أبو داود السنة (4722) ، مسند أحمد بن حنبل (2/331) .

ص: 75

السؤال الحادي عشر:

بعض طلاب العلم يوصله اجتهاده إلى مخالفة أمر معلوم من الدين بالضرورة، فهل ما علم من الدين بالضرورة محل اجتهاد؟ نريد توجيه سماحتكم والعناية بهذا الأمر.

الجواب:

كل ما علم من الدين بالأدلة الشرعية الصريحة من الكتاب والسنة أو إجماع سلف الأمة فليس للاجتهاد فيه مجال، بل الواجب الإيمان به والعمل به ونبذ ما خالفه بإجماع المسلمين، ليس في هذا الأصل العظيم خلاف بين أهل العلم، وإنما الاجتهاد يكون في مسائل الخلاف التي لم تتضح أدلتها من الكتاب والسنة، فمن أصاب فله أجران ومن أخطأ فله أجر واحد إذا كان من أهل العلم المتأهلين للاجتهاد وبذل وسعه في طلب الحق عن صدق وإخلاص لله سبحانه وتعالى. ففي الصحيحين عن عمرو بن العاص رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر (1) » .

السؤال الثاني عشر:

ما حكم من سب الله أو سب رسوله أو انتقصهما، وما حكم من جحد شيئا مما أوجب الله، أو استحل شيئا مما حرم الله؟ ابسطوا لنا الجواب في ذلك لكثرة وقوع هذه الشرور من كثير من الناس.

الجواب:

كل من سب الله سبحانه بأي نوع من أنواع السب، أو سب

(1) صحيح البخاري الاعتصام بالكتاب والسنة (7352) ، صحيح مسلم الأقضية (1716) ، سنن الترمذي الأحكام (1326) ، سنن أبو داود الأقضية (3574) ، سنن ابن ماجه الأحكام (2314) ، مسند أحمد بن حنبل (4/198) .

ص: 75

الرسول محمدا صلى الله عليه وسلم، أو غيره من الرسل بأي نوع من أنواع السب أو سب الإسلام، أو تنقص أو استهزأ بالله أو برسوله صلى الله عليه وسلم فهو كافر مرتد عن الإسلام إن كان يدعي الإسلام بإجماع المسلمين لقول الله عز وجل:{قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} (1){لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (2) الآية.

وقد بسط العلامة الإمام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله الأدلة في هذه المسألة في كتابه: الصارم المسلول على شاتم الرسول، فمن أراد الوقوف على الكثير من الأدلة في ذلك فليراجع هذا الكتاب لعظم فائدته ولجلالة مؤلفه، واتساع علمه بالأدلة الشرعية رحمه الله.

وهكذا الحكم في حق من جحد شيئا مما أوجبه الله أو استحل شيئا مما حرمه الله من الأمور المعلومة من الدين بالضرورة، كمن جحد وجوب الصلاة، أو وجوب الزكاة، أو وجوب صوم رمضان، أو وجوب الحج في حق من استطاع السبيل إليه، أو جحد وجوب بر الوالدين أو نحو ذلك، ومثل ذلك من استحل شرب الخمر أو عقوق الوالدين، أو استحل أموال الناس ودماءهم بغير حق، أو استحل الربا أو نحو ذلك من المحرمات المعلومة من الدين بالضرورة وبإجماع سلف الأمة - فإنه كافر مرتد عن الإسلام إن كان يدعي الإسلام بإجماع أهل العلم. وقد بسط العلماء رحمهم الله هذه المسائل وغيرها من نواقض الإسلام في باب حكم المرتد، وأوضحوا

(1) سورة التوبة الآية 65

(2)

سورة التوبة الآية 66

ص: 76

أدلتها فمن أراد الوقوف على ذلك فليراجع هذا الباب في كتب أهل العلم من الحنابلة والشافعية والمالكية والحنفية وغيرهم، ليجد ما يشفيه ويكفي إن شاء الله.

ولا يجوز أن يعذر أحد بدعوى الجهل في ذلك؛ لأن هذه الأمور من المسائل المعلومة بين المسلمين وحكمها ظاهر في كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

والله ولي التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.

ص: 77

السؤال الثالث عشر:

كثير في هذا العصر تعاطي السحر وإتيان السحرة. فما حكم ذلك وما الطريقة المباحة لعلاج المسحور؟

الجواب:

السحر من أعظم الكبائر الموبقات بل هو من نواقض الإسلام كما قال الله عز وجل في كتابه الكريم: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} (1)

(1) سورة البقرة الآية 102

ص: 77

فأخبر سبحانه في هاتين الآيتين أن الشياطين يعلمون الناس السحر، وأنهم كفروا بذلك، وأن الملكين ما يعلمان من أحد حتى يخبراه أن ما يعلمانه كفر وأنهما فتنة.

وأخبر سبحانه أن متعلمي السحر يتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم، وأنهم ليس لهم عند الله من خلاق في الآخرة، والمعنى ليس لهم حظ ولا نصيب من الخير في الآخرة.

وبين سبحانه أن السحرة يفرقون بين المرء وزوجه بهذا السحر، وأنهم لا يضرون أحدا إلا بإذن الله. والمراد بذلك إذنه الكوني القدري لا إذنه الشرعي؛ لأن جميع ما يقع في الوجود يكون بإذنه القدري، ولا يقع في ملكه ما لا يريده كونا وقدرا، وبين سبحانه أن السحر ضد الإيمان والتقوى.

وبهذا كله يعلم أن السحر كفر وضلال وردة عن الإسلام إذا كان من فعله يدعي الإسلام، وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«اجتنبوا السبع الموبقات قلنا: وما هن يا رسول الله؟ قال الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات (1) » ، فبين النبي. في هذا الحديث الصحيح: أن الشرك والسحر من السبع الموبقات أي المهلكات. والشرك أعظمها؛ لأنه أعظم الذنوب والسحر من جملته ولهذا قرنه الرسول صلى الله عليه وسلم به؛ لأن السحرة لا يتوصلون إلى السحر إلا بعبادة الشياطين والتقرب إليهم بما يحبون

(1) صحيح البخاري الوصايا (2767) ، صحيح مسلم الإيمان (89) ، سنن النسائي الوصايا (3671) ، سنن أبو داود الوصايا (2874) .

ص: 78

من الدعاء والذبح والنذر والاستعانة وغير ذلك.

روى النسائي رحمه الله عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحر ومن سحر فقد أشرك ومن تعلق شيئا وكل إليه (1) » وهذا يفسر قوله تعالى في سورة الفلق: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} (2) قال أهل التفسير: إنهن الساحرات اللاتي يعقدن العقد وينفثن فيها بكلمات شركية يتقربون بها إلى الشياطين لتنفيذ مرادهم في إيذاء الناس وظلمهم.

وقد اختلف العلماء في حكم الساحر هل يستتاب وتقبل توبته أم يقتل بكل حال ولا يستتاب إذا ثبت عليه السحر؟ والقول الثاني هو الصواب، لأن بقاءه مضر بالمجتمع الإسلامي والغالب عليه عدم الصدق في التوبة، ولأن في بقائه خطرا كبيرا على المسلمين. واحتج أصحاب هذا القول على ما قالوه: بأن عمر رضي الله عنه أمر بقتل السحرة ولم يستتبهم وهو ثاني الخلفاء الراشدين الذين أمر الرسول صلى الله عليه وسلم باتباع سنتهم، واحتجوا أيضا بما رواه الترمذي رحمه الله عن جندب بن عبد الله البجلي أو عن جندب الخير الأزدي مرفوعا وموقوفا:«وحد الساحر ضربه بالسيف (3) » ، وقد ضبطه بعض الرواة بالتاء فقال:«حد الساحر ضربة بالسيف (4) » ، والصحيح عند العلماء وقفه على جندب.

وصح عن حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها: أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها فقتلت من غير استتابة. قال الإمام أحمد رحمه الله: ثبت ذلك - يعني قتل الساحر - من غير استتابة عن

(1) سنن النسائي تحريم الدم (4079) .

(2)

سورة الفلق الآية 4

(3)

سنن الترمذي الحدود (1460) .

(4)

سنن الترمذي الحدود (1460) .

ص: 79

ثلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يعني بذلك: عمر وجندبا وحفصة.

وبما ذكرنا يعلم أنه لا يجوز إتيان السحرة وسؤالهم عن شيء ولا تصديقهم كما لا يجوز إتيان العرافين والكهنة، وأن الواجب قتل الساحر متى ثبت تعاطيه السحر بإقراره أو بالبينة الشرعية من غير استتابة.

أما العلاج للسحر فيعالج بالرقى الشرعية والأدوية النافعة المباحة. ومن أنفع العلاج علاج المسحور بقراءة الفاتحة عليه مع النفث، وآية الكرسي، وآيات السحر في: الأعراف، ويونس، وطه، وبقراءة قل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس. ويستحب تكرار هذه السور الثلاث ثلاث مرات مع الدعاء الصحيح المشهور الذي كان يدعو به النبي صلى الله عليه وسلم لعلاج المرضى وهو:«اللهم رب الناس أذهب البأس واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما (1) » ، ويكرر ذلك ثلاثا.

ويدعو أيضا بالرقية التي رقى بها جبرائيل النبي صلى الله عليه وسلم وهي: «بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، ومن شر كل نفس أو عين حاسد، الله يشفيك، بسم الله أرقيك (2) » ، ويكررها ثلاثا، وهذه الرقية من أنفع العلاج بإذن الله سبحانه.

ومن العلاج أيضا إتلاف الشيء الذي يظن أنه عمل فيه السحر من صوف أو خيوط معقدة أو غير ذلك مما يظن أنه سبب السحر، مع العناية من المسحور بالتعوذات الشرعية ومنها التعوذ (بكلمات الله التامات من شر ما خلق) ثلاث مرات صباحا ومساء وقراءة السور الثلاث المتقدمة بعد الصبح والمغرب ثلاث مرات

(1) صحيح البخاري الطب (5750) ، صحيح مسلم السلام (2191) ، سنن ابن ماجه الطب (3520) ، مسند أحمد بن حنبل (6/126) .

(2)

صحيح مسلم السلام (2186) ، سنن الترمذي الجنائز (972) ، سنن ابن ماجه الطب (3523) ، مسند أحمد بن حنبل (3/56) .

ص: 80

وقراءة آية الكرسي بعد الصلاة وعند النوم.

ويستحب أن يقول صباحا ومساء: «بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم (1) » ، ثلاث مرات، لصحة ذلك كله عن النبي صلى الله عليه وسلم، مع حسن الظن بالله والإيمان بأنه مسبب الأسباب وأنه هو الذي يشفي المريض إذا شاء، وإنما التعوذات والأدوية أسباب والله سبحانه هو الشافي، فيعتمد على الله سبحانه وحده دون الأسباب ولكن يعتقد أنها أسباب إن شاء الله نفع بها، وإن شاء سلبها المنفعة، لما له سبحانه من الحكمة البالغة في كل شيء وهو سبحانه على كل شيء قدير، وبكل شيء عليم لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع ولا راد لما قضى، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير وهو سبحانه ولي التوفيق.

السؤال الرابع عشر:

في هذا الزمان عظم النفاق وكثر أهله وتعددت وسائلهم في محاربة الإسلام والمسلمين، فحبذا لو ألقيتم الضوء على خطر النفاق مع بيان أنواعه وذكر صفة أهله وتحذير المسلمين منهم.

الجواب:

النفاق خطره عظيم وشرور أهله كثيرة، وقد أوضح الله صفاتهم في كتابه الكريم في سورة البقرة وغيرها. كما أوضح صفاتهم أيضا نبيه صلى الله عليه وسلم. قال الله سبحانه في وصفهم في سورة البقرة:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ} (2){يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} (3){فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} (4)

(1) سنن الترمذي الدعوات (3388) ، سنن ابن ماجه الدعاء (3869) .

(2)

سورة البقرة الآية 8

(3)

سورة البقرة الآية 9

(4)

سورة البقرة الآية 10

ص: 81

والآيات بعدها، وقال في سورة النساء:{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (1){مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ} (2) الآية. وذكر عنهم صفات أخرى في سورة التوبة وغيرها.

والخلاصة أنهم يدعون الإسلام ويتخلقون بأخلاق تخالفه وتضر أهله كما بين سبحانه في هذه الآيات وغيرها.

والنفاق نوعان: اعتقادي وعملي.

وما ذكر الله عن المنافقين في سورة البقرة والنساء من صفات المنافقين: النفاق الاعتقادي الأكبر. وهم بذلك أكفر من اليهود والنصارى وعباد الأوثان لعظم خطرهم وخفاء أمرهم على كثير من الناس، وقد أخبر الله عنهم سبحانه أنهم يوم القيامة في الدرك الأسفل من النار.

أما النفاق العملي فهو التخلق ببعض أخلاقهم الظاهرة مع الإيمان بالله وبرسوله والإيمان باليوم الآخر كالكذب والخيانة والتكاسل عن الصلاة في الجماعة. ومن صفاتهم ما ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان (3) » وقوله صلى الله عليه وسلم:

(1) سورة النساء الآية 142

(2)

سورة النساء الآية 143

(3)

صحيح البخاري الإيمان (33) ، صحيح مسلم الإيمان (59) ، سنن الترمذي الإيمان (2631) ، سنن النسائي الإيمان وشرائعه (5021) ، مسند أحمد بن حنبل (2/357) .

ص: 82

«أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا (1) » ، والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.

فالواجب على كل مؤمن ومؤمنة أن يحذر صفاتهم غاية الحذر، ومما يعين على ذلك تدبر ما ذكره الله في كتابه من صفاتهم، وما صحت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك.

والله المسئول أن يوفقنا وجميع المسلمين للفقه في دينه، والثبات عليه، والحذر من كل ما يخالف شرعه ومن التشبه بأعدائه في أخلاقهم وأعمالهم إنه خير مسئول.

(1) صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (651) ، سنن ابن ماجه المساجد والجماعات (797) ، مسند أحمد بن حنبل (2/531) ، موطأ مالك النداء للصلاة (295) ، سنن الدارمي الصلاة (1273) .

ص: 83