الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الأول: في لمس العورة
المبحث الأول: في لمس الفرج
المطلب الأول: في لمس الرجل فرجه
…
المطلب الأول
في لمس الرجل فرجه
اتفق الفقهاء على أن من لمس فرجه بغير يده من أعضائه أنه لا ينتقض وضوءه1.
واختلفوا فيمن مس فرجه بيده على قولين:
القول الأول: أن من لمس ذكره انتقض وضوءه، وهو مروي عن عمر ابن الخطاب، وسعد بن أبي وقاص، وأبي هريرة، وابن عمر، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وأبي أيوب الأنصاري، وزيد بن ثابت، وجابر بن عبد الله، وعائشة، وأم حبيبة، وبسرة بنت صفوان، وبه قال مكحول، وسعيد بن المسيب، وعطاء، ومجاهد، وعروة، وسليمان بن يسار، والزهري، ويحيى بن أبي كثير، والشعبي، وأبو العالية، والأوزاعي، والليث.
وهو المشهور من مذهب الإمام مالك والشافعي إذا كان اللمس بباطن الكف، وأحمد في المذهب، وداود وابن حزم2.
القول الثاني: أن من لمس ذكره لا ينتقض وضوءه، وهو مروي عن علي، وابن مسعود، وعمار بن ياسر، وابن عباس، وحذيفة، وعمران بن حصين، وأبي
1 انظر: الإفصاح 1/139، مراتب الإجماع 1/22.
2 انظر: مصنف ابن أبي شيبة 1/163و164، السنن الكبرى 1/131، شرح معاني الآثار 1/76و77، الأوسط 1/195، التمهيد 17/199، الاستذكار 1/31، البيان والتحصيل18/45،حلية العلماء1/149،الغاية القصوى1/216،مغني المحتاج 1/3، مسائل الإمام أحمد لابنه عبد الله ص:(16) ، الإنصاف1/202، المغني 1/240، المحلى 1/235.
الدرداء، وهو قول سعيد بن جبير، وطاووس والنخعي، والحسن بن حيي، وشريك، وابن المبارك، ويحيى بن معين، والحسن البصري، وقتادة، والثوري.
وإليه ذهب أبو حنيفة، ومالك في قول، وأحمد في رواية، واختاره ابن المنذر، وابن تيمية1.
الأدلة:
استدل أصحاب القول الأول بالأدلة التالية:
1-
حديث بسرة بنت صفوان أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من مس ذكره فليتوضأ"2.
1 انظر مصنف ابن أبي شيبة 1/164و165، السنن الكبرى 1/131، شرح معاني الآثار 1/76و77، الأوسط 1/455، الاستذكار 1/315، المبسوط 1/66، الأصل 1/46بدائع الصنائع 1/30، اللباب 1/148، مقدمات ابن رشد 1/29و30، عقد الجواهر الثمينة 1/57، المغني 1/241، الفروع 1/179، الإنصاف 1/202، مجموع الفتاوى 21/241.
2 أخرجه مالك في الموطأ 1/42 في الطهارة باب: الوضوء من مس الفرج، والشافعي في مسنده 1/21، وأحمد في المسند 6/406، وأبو داود 1/126 في الطهارة باب: الوضوء من مس الذكر، والترمذي 1/126 في الطهارة باب: الوضوء من مس الذكر وقال: حديث حسن صحيح، والنسائي 1/100، في الطهارة باب: الوضوء من مس الذكر وابن ماجه 1/161 في الطهارة باب: الوضوء من مس الذكر، وابن حبان في الإحسان1/220، والبيهقي1/128، والدارقطني1/146وصححه، وابن خزيمة1/22، والحديث صححه الإمام أحمد كما في مسائل الإمام أحمد لأبي داود ص 309 وصححه ابن حبان، وابن خزيمة، والدارقطني، ونقل الترمذي عن البخاري أنه قال: أصح شيء في هذا الباب حديث بسرة، وحسنه النووي في المجموع 2/35. وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير 1/122: صححه يحيى ابن معين والبيهقي والحازمي. وقال البيهقي: هو على شرط البخاري بكل حال، ونقل عن الإسماعيلي أنه يلزم البخاري إخراجه فقد أخرج نظيره، وصححه الألباني في إرواء الغليل 1/150.
2-
حديث أم حبيبة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من مس فرجه فليتوضأ"1.
3-
حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أفضى أحدكم بيده إلى ذكره ليس بينهما شيء فليتوضأ وضوءه للصلاة"2.
1 أخرجه ابن ماجة1/162في الطهارة باب: الوضوء من مس الذكر، والبيهقي1/130 والطحاوي 1/75، وقال الحافظ في التلخيص1/124: أما حديث أم حبيبة فصححه أبو زرعة والحاكم، وأعله البخاري بأن مكحولاً لم يسمع من عنبسة بن أبي سفيان، وكذا قال يحيى بن معين وأبو زرعة وأبو حاتم والنسائي أنه لم يسمع منه، وخالفهم دحيم وهو أعرف بحديث الشاميين، فأثبت مكحول من عنبسة، وقال الخلال في العلل: صحح أحمد حديث أم حبيبة. أخرجه ابن ماجة من حديث العلاء بن الحارث عن مكحول. وقال ابن السكن: لا أعلم به علة. وقال الألباني في إرواء الغليل 1/151: والحديث صحيح على كل حال؛ لأنه إن لم يصح بهذا السند فهو شاهد جيد لما ورد في الباب من أحاديث.
2 أخرجه أحمد في المسند 2/333، والدارقطني 1/147، والبيهقي 1/133، والطحاوي في شرح معاني الآثار 1/74، والحاكم في المستدرك 1/138 وصححه، وابن حبان في الإحسان 2/222. وقال ابن عبد البر في التمهيد 17/195، والاستذكار 1/312 كان هذا الحديث لا يعرف إلا ليزيد بن عبد الملك النوفلي وهذا مجمع على ضعفه حتى رواه عبد الرحمن بن القاسم عن نافع بن أبي نعيم القاري وهذا إسناد صالح إن شاء الله. وقال النووي في المجموع 2/35، وفي إسناده ضعف لكنه يقوى بكثرة طرقه. قال الحافظ في التلخيص 1/12: قال ابن السكن: هو أجود ما روي في هذا الباب.
4-
ولأنه لمس يفضي إلى خروج المذي فأشبه مس الفرج بالفرج1.
5-
أن الذكر يختلف عن سائر الجسد لأنه تتعلق به أحكام ينفرد بها من وجوب الغسل بإيلاجه والحد والمهر وغير ذلك2.
وقد اعترض على هذه الأدلة بما يأتي:
حديث بسرة اعترض عليه بعدة اعتراضات أهمها:
1-
رواه عنها مروان بن الحكم وهو كان يحدث في زمانه مناكير ولذلك لم يقبل عروة منه3.
2-
أن ربيعه شيخ مالك قال: "ويحكم مثل هذا يأخذ به أحد ويعمل بحديث بسرة؟ والله لو أن بسرة شهدت على هذا النعل لما أجزت شهادتها، وإنما قوام الدين الصلاة، وإنما قوام الصلاة الطهور، فلم يكن في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم من يقيم هذا الدين إلا بسرة"4.
3-
قال ابن معين: لم يصح في مس الذكر حديث5.
4-
رواية ابن وهب عن مالك أن الوضوء من مس الذكر سنة فكيف يصح عنده هذا الحديث ثم يستجيز هذا القول؟ 6
1 انظر: المعرفة 1/156، الذخيرة 1/222.
2.
انظر: المغني 1/242.
3 انظر: شرح معاني الآثار 1/71-73.
4 انظر: شرح معاني الآثار 1/71.
5 انظر: التخليص الحبير 1/123.
6 انظر: الاستذكار 1/308و309.
5-
أن الرجل أولى بنقله من بسرة1.
6-
أنه مما تعم به البلوى فينبغي أن ينقل مستفيضاً ولما لم يكن كذلك دل على ضعفه2.
7-
إنكار كبار الصحابة لحكمه كعلي وابن مسعود وغيرهما كما تقدم في القول الثاني3.
8-
أنه مخالف لإجماع الصحابة4.
9-
لو سلم بصحته يحمل على غسل اليد لأنهم كانوا يستجمرون ثم يعرقون ثم يؤمر من مس موضع الحدث بالوضوء الذي هو النظافة5.
10-
أنه معارض بحديث طلق، والقياس على سائر الأعضاء6.
وقد أجيب على هذه الاعتراضات بما يأتي:
1-
أن مروان كان عدلاً ولذلك كانت الصحابة تأتم به وتغشى طعامه وما فعل شيئاً إلا عن اجتهاد، وإنكار عروة لعدم اطلاعه7.
2-
أن عدم استقلال المرأة في الشهادة لا يدل على عدم قبول روايتها وإلا لما قبلت رواية كثير من الصحابيات.
1 انظر: الذخيرة1/222.
2 انظر: بدائع الصنائع، 1/30
3 وانظر: بدائع الصنائع، 1/30، الذخيرة 1/222.
4 انظر: بدائع الصنائع، 1/30.
5 انظر: إعلاء السنن 1/118-124، تحفة الأحوذي 1/275-280، المجموع 2/43.
6 انظر: الذخيرة 1/223، المغني 1/242.
7 انظر: الاعتبار 29،30، الذخيرة 1/222.
قال الشافعي: "والذي يعيب علينا الرواية عن بسرة يروي عن عائشة بنت عجرد وأم خداش وعدة من النساء لسن بمعروفات ويحتج بروايتهن ويضعف بسرة مع سابقتها وقديم هجرتها وصحبتها النبي صلى الله عليه وسلم وقد حدثت بهذا في دار المهاجرين والأنصار وهم متوافرون ولم يدفعه
منهم أحد بل علمنا بعضهم صار إليه منهم عروة بن الزبير"1.
3-
إذا لم يصح الحديث عند ابن معين فقد صح عند غيره فقد صححه الجماهير من الأئمة الحفاظ واحتج به الأوزاعي والشافعي وأحمد وهم أعلام الحديث والفقه فلو كان باطلاً لم يحتجوا به، لكنه مع هذا لم يثبت عند ابن معين كما قال الحافظ ابن حجر وابن الجوزي2.
4-
أن مالكاً لم يطعن في الصحة وإنما تردد في دلالة اللفظ هل هي للوجوب أم للندب؟ 3
5-
أن بسرة لم تنفرد بروايته بل رواه نحو خمسة عشر من الرجال والنساء فإن في الباب عن أم حبيبة وأبي هريرة وأروى بنت أنس وعائشة وجابر وزيد بن خالد وعبد الله بن عمرو وسعد بن أبي وقاص وأم سلمة وابن عباس وابن عمر والنعمان بن بشير وأنس وأُبي بن كعب ومعاوية بن حيدة وقبيصة رضي الله عنه4.
6-
أن الخبر نقل مستفيضاً5.
1 انظر: الاعتبار 29.
2 انظر: المجموع 2/42، التلخيص الحبير 1/123.
3 انظر: الذخيرة 1/222.
4 انظر: المجموع 2/42، التلخيص الحبير 1/123و124، شرح ابن القيم على سنن أبي داود 1/113.
5 انظر: المصادر السابقة.
7-
أن الحديث لم يثبت عندهم أو لم يبلغهم، وقد بلغهم حديث طلق ولم يبلغهم ما ينسخه ولو بلغهم لقالوا به ولا يجب على الصحابي أن يطلع على سائر الأحاديث1.
8-
أنه لم ينعقد في هذه المسألة إجماع وإلَاّ لما ساغ الخلاف فيها ومن أراد الاطلاع على معرفة قدر اختلاف الصحابة فيها فليراجع المصادر التي ذكرتها عند عرض الأقوال في أول المسألة2.
9-
أن حديث طلق الذي استدل به أصحاب القول الثاني لا يصح والقياس الذي ذكروه في قبالة النص فيكون فاسداً3.
10-
أن الألفاظ الشرعية الأصل فيها أن تحمل على الحقيقة إلا إذا ورد دليل يصرفها عنها ولم يرد4 بل ورد هنا ما يخالفه كما تقدم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أفضى أحدكم بيده إلى ذكره - ليس بينهما شيء - فليتوضأ وضوءه للصلاة"5.
قال البيهقي وغيره: "ويكفي في ترجيح حديث بسرة على حديث طلق أن حديث طلق لم يحتج الشيخان بأحد من رواته، وحديث بسرة قد احتجا بسائر رواة حديثها، وهذا وجه رجحان حديثها على حديث طلق من طريق الإسناد؛ لأن الرجحان إنما يقع بوجود شرائط الصحة والعدالة في حق هؤلاء الرواة دون من خالفهم"6.
1 انظر: الذخيرة 1/222، المجموع 2/43.
2 انظر: عرض الأقوال في المسألة ص: (220) .
3 انظر: الذخيرة 1/222.
4 انظر: المجموع 2/42.
5 انظر: سبق تخريجه ص: (222) .
6 انظر: معرفة السنن والآثار 1/413، التلخيص الحبير 1/125.
واستدل أصحاب القول الثاني بالأدلة الآتية:
1-
حديث قيس بن طلق، عن أبيه قال:"قدمنا على نبي الله صلى الله عليه وسلم فجاء رجل كأنه بدوي فقال: يا نبي الله، ما ترى في مس الرجل ذكره بعدما يتوضأ؟ فقال: "هل هو إلا مضغة1 منه؟ أو قال: بضعة2 منه" 3
2-
ما روى جعفر بن الزبير عن القاسم، عن أبي أمامه أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني مسست ذكري وأنا أصلي، فقال:"لا بأس إنما هو حذية4 منك" 5
1 المضغة: القطعة من اللحم قدر ما يمضغ. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر 4/339 المصباح المنير 2/699
2 بضعة: بالفتح القطعة من اللحم. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر 1/123، المصباح المنير 1/65.
3 أخرجه أبو داود 1/127 واللفظ له في الطهارة باب الرخصة في ذلك، وأحمد في المسند 4/22، والترمذي 1/131 في أبواب الطهارة باب: ما جاء في ترك الوضوء من مس الذكر وقال: هذا الحديث أحسن شيء يروى في هذا الباب، وابن ماجة 1/163 في كتاب الطهارة وسننها باب: الرخصة في ذلك، والبيهقي 1/134، والدارقطني1/149، والطحاوي 1/75 وصححه، وصححه ابن حبان في الإحسان 1/223، وصححه ابن حزم في المحلى 1/239، وقال النووي في المجموع 2/42: بأنه ضعيف باتفاق الحفاظ. وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير 1/125، وصححه عمرو ابن على الفلاس، ونقل عن ابن المديني أنه قال: هو عندنا أحسن من حديث بسرة، وقال أيضاً: وضعفه الشافعي وأبو حاتم وأبو زرعة والدارقطني والبيهقي وابن الجوزي.
4 حذية: أي قطعة قيل هي بالكسر: ما قطع من اللحم طولاً. انظر النهاية في غريب الحديث والأثر 1/357.
5 أخرجه ابن ماجه 1/163 في الطهارة باب: الرخصة في ذلك، وفي سنده جعفر بن الزبير متروك، والقاسم ضعيف كما في التقريب 140، ونصب الراية 1/69.
3-
إجماع أهل العلم على أن لا وضوء على من مس بولاً أو غائطاً أو دماً فمس الذكر أولى أن لا يوجب وضوءاً1.
وقد اعترض على هذه الأدلة بما يأتي:
1-
أن حديث طلق ضعيف باتفاق المحدثين وقد بين البيهقي وجوهاً من ضعفه2.
2-
أنه منسوخ بحديث بسرة لأن أبا هريرة قد رواه وهو متأخر الإسلام ووفادة طلق على النبي صلى الله عليه وسلم كانت في السنة الأولى من الهجرة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبني مسجده وقدوم أبي هريرة وإسلامه كان في السنة السابعة من الهجرة3.
3-
أنه محمول على المس من فوق حائل لأنه قال: سألته عن مس الذكر في الصلاة، والظاهر أن الإنسان لا يمس ذكره في الصلاة بدون حائل4.
4-
أن حديث بسرة أكثر رواة من حديث طلق كما تقدم5.
5-
أن حديث بسرة فيه احتياط للعبادة6.
1 انظر: الأوسط 1/203.
2 انظر: السنن الكبرى 1/134و135، المجموع 2/42.
3 انظر: معالم السنن 1/126، شرح السنة 1/343، المغني 1/242.
4 انظر: المجموع 2/42.
5 تقدم في ص: (225) .
6 انظر: المجموع 2/42.
6-
أن حديث جعفر بن الزبير حديث ضعيف كما تقدم في تخريجه1.
7-
أن القياس الذي ذكروه قياس في مقابل النص فيكون فاسداً2.
وقد أجيب عن هذه الاعتراضات بما يلي:
1-
القول بأن حديث طلق حديث ضعيف باتفاق المحدثين غير مسلم فقد صححه كما سبق في تخريجه الطحاوي، وابن حبان، وابن حزم وغيرهم3.
2-
دعوى النسخ لا تقبل إذ ليس في حديث بسرة ما يدل على النسخ4
3-
أن كثرة الرواة لا أثر لها في باب الترجيحات لأن طريق كل واحد منهما غلبه الظن فصار كشهادة شاهدين مع شهادة أربعة5.
الراجح:
أطال أهل العلم النقاش حول هذه المسألة وأكثروا الاحتجاج لها وذهب كل فريق يرجح حديثه الذي احتج به بمرجحات ومبررات وقد اختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله الجمع بين الأدلة فحمل الأمر بالوضوء من مس الذكر على الاستحباب6 وأخذ به الشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله للقرينة الصارفة في حديث طلق السابق ذكره وهي: "وهل هو إلا بضعة منك" وليس فيه نسخ، وحمل الأمر على الاستحباب أولى من النسخ.
1 تقدم في ص: (227) .
2 انظر: الذخيرة 1/222.
3 تقدم تخريجه في ص: (227) .
4 انظر: الاعتبار 45، نيل الأوطار 1/198.
5 انظر: نصب الراية 1/68.
6 انظر: مجموع الفتاوى 21/241.
وأما دعوى أن حديث طلق منسوخ لأنه قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبني المسجد أول الهجرة، ولم يعد إليه بعد، فهذا غير مسلم لما يأتي:
1-
أنه لا يصار إلى النسخ إلا إذا تعذر الجمع، والجمع هنا ممكن1 ومن أوجه الجمع:
أ-حمل حديث بسرة وما شابهه على ما كان لشهوة، وحديث طلق على ما إذا كان لغير شهوة.
ب-أن يكون الأمر في حديث بسرة للاستحباب، وحديث طلق السؤال فيه للوجوب، فهو سأل عن الواجب "أعليه" وكلمة "على" ظاهرة في الوجوب2.
2-
أن في حديث طلق علة لا يمكن أن تزول، وإذا ربط الحكم بعلة لا يمكن أن تزول، فإن الحكم لا يمكن أن يزول لأن الحكم يدور مع علته، والعلة قوله:"إنماهو بضعة منك" ولا يمكن في يوم من الأيام أن يكون ذكر الإنسان ليس بضعة منه، فلا يمكن النسخ.
3-
أن أهل العلم قالوا: إن التاريخ لا يعلم بتقدم إسلام الراوي أو تقدم أخذه، لجواز أن يكون الراوي حدث به عن غيره3.
وخلاصة القول في المسألة كما ذكر الشيخ محمد العثيمين: "أن الإنسان إذا مس ذكره استحب له الوضوء مطلقاً سواء مس بشهوة أو بغير شهوة وإذا مسه لشهوة فالقول بالوجوب قوي جداً وهو الأحوط"4 والله تعالى أعلم.
1 انظر: الاعتبار 45، نيل الأوطار 1/198.
2 انظر: نيل الأوطار 1/198.
3 انظر: الشرح الممتع 1/233، 234.
4 انظر: الشرح الممتع 1/234.