المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الأول: في لمس الدبر - أحكام اللمس في الطهارة

[عبد الله السهلي]

الفصل: ‌المطلب الأول: في لمس الدبر

‌المبحث الثاني: في لمس غير الفرج من العورة

‌المطلب الأول: في لمس الدبر

المطلب الأول

في لمس الدبر

تقدم في المبحث الأول الكلام على حكم لمس الفرج ولما كان الدبر يدخل في مسمى الفرج فقد يتبادر إلى الذهن أنه يأخذ حكم القبل وحيث إن الدبر يختلف في بعض الصفات عن القبل كالشهوة وخروج المذي والمني فهل يأخذ حكم القبل أو لا؟

اختلف العلماء في لمس الدبر على قولين:

القول الأول: أن الوضوء لا ينتقض بلمس الدبر وهو مروي عن قتادة وسفيان الثوري وهو قول أبي حنيفة، ومالك، والشافعي في القديم وأحمد في رواية، وداود1.

القول الثاني: أن الوضوء ينتقض بلمس الدبر وهو مروي عن عطاء والزهري، والأوزاعي، والشافعي في الجديد وهو الصحيح، وأحمد في الصحيح من المذهب، وإسحاق2.

1 انظر: مختصر الطحاوي 19، مجمع الأنهر 1/21، حاشية ابن عابدين 1/149، الإشراف 1/25، التفريع 1/196، البيان والتحصيل 18/45، الأوسط 1/212، المجموع 2/38، المغني 1/244، الإنصاف 1/209، المبدع 1/164، المحلى 1/238.

2 انظر الأوسط1/212، الحاوي1/196،المجموع2/38،مغني المحتاج1/36، المغني1/244، الإنصاف 1/209، المبدع 1/164.

ص: 237

الأدلة:

استدل أصحاب القول الأول بالأدلة الآتية:

1-

حديث بسرة بنت صفوان أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من مس ذكره فليتوضأ"1.

وجه الدلالة: أنه خص الذكر بالحكم وهذا ليس في معناه لأنه لا يقصد مسه2.

2-

أن مس القبل إذا كان على سبيل الشهوة يفضي إلى خروج المذي وغيره فأقيم مسه مقام خروج الخارج بخلاف الدبر3.

3-

أنه لا يلتذ بمسه كالقبل فأشبه سائر الأعضاء4.

واستدل أصحاب القول الثاني بالأدلة الآتية:

1-

حديث أم حبيبة أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من مس فرجه فليتوضأ"5.

وجه الدلالة: أن اسم الفرج يطلق على القبل والدبر جميعاً6.

2-

أنه أحد سبيلي الحدث فوجب أن يكون مسه حدثاً كالقبل7.

1 سبق تخريجه في ص: (221) .

2 انظر: الحاوي 1/197، المغني 1/244.

3 انظر: فتح العزيز 2/57، المغني 1/244.

4 انظر: الإشراف 1/25.

5 سبق تخريجه في ص: (222) .

6 انظر: الحاوي 1/197.

7 انظر: المهذب 1/24، المغني 1/244.

ص: 238

واعترض على هذين الدليلين بما يأتي:

1-

حديث أم حبيبة اعترض عليه بأن بعض الأحاديث أطلق فيها الفرج وبعضها صرح فيها بالذكر فتحمل الأحاديث التي جاءت بلفظ الفرج أنه يراد به الذكر الذي صرح به في بعض الأحاديث ويحمل الفرج الذي أمرت المرأة بالوضوء إذا هي مسته على ما يقابل ذكر الرجل وهو القبل منها.

2-

دليلهم الثاني اعترض عليه بوجود الفارق بين القبل والدبر حيث إن الدبر ليس محلاً للشهوة بخلاف القبل فإن الشهوة تثور بلمسه غالباً ومن أجل هذا أمر بالوضوء من مسه، أما الدبر فهو كأي جزء آخر من البدن لا تثور الشهوة بمسه فلا يلزم من مسه الوضوء1.

الراجح:

هو القول بعدم انتقاض الوضوء بمس الدبر لأن الأحاديث التي جاء فيها ذكر الفرج مطلقاً تحمل على الفرج المصرح به في حديث بسرة ولأن القبل يختلف عن الدبر في كثير من الأحكام وهو المراد في كثير من النصوص كقول تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُم} 2 خطاب للرجال بحفظ فروجهم من الزنا والمراد الذكر وقوله تعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُن} 3 خطاب للنساء بحفظ فروجهن من الزنا والمراد القبل، وقوله تعالى:{وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} بيان لحال المؤمنين الذين حصنوا فروجهم من الزنا، والمراد الرجال بدلالة قوله تعالى بعد ذلك: {إِلا

1 انظر: فتح القدير 1/57، المحلى 1/238.

2 آية: (30) من سورة النور.

3 آية: (31) من سورة النور.

ص: 239

عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} 1 فعلى هذا فإن المراد بالفرج في النصوص هو القبل الذي هو محل الشهوة دون الدبر، والله أعلم.

1 آية: (6) من سورة المؤمنون.

ص: 240