الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غزوة حنين
.
-حنين واد في طريق الطائف إلى جنب ذي المجاز بينه وبين مكة ثلاث ليال وتسمى غزوة أوطاس ايم لموضع كانت به الموقعة وهو واد في ديار هوازن.
وتسمى الغزوة أيضا غزوة هوازن. وهوازن اسم قبيلة من العرب فيها عدة بطون. وكانت هذه الغزوة في 10 شوال سنة ثمان من الهجرة (فبراير سنة 630 م) .
وسببها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة خافت اشراف هوازن وثقيف أن يسير إليهم ويغزوهم فعزموا على قتاله قبل أن يقاتلهم ويقال أنهم كانوا يستعدون للقتال قبل فتح مكة وذلك حين سمعوا بخروج رسول الله من المدينة وهم يظنون أنه إنما يريدهم فأسندوا الرياسة والقيادة إلى مالك بن عوف أحد بني نصر وهو يومئذ ابن 30 سنة، فاجتمع إليه من القبائل جموع كثيرة منهم بنو سعد بن بكر وهم الذين كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مسترضعا فيهم ومعه دريد بن الصّمّة رئيس بني جشم وسيدهم وكان شجاعا مجربا لكنه كان شيخا بلغ مائة وعشرين سنة وقيل أكثر من ذلك وقد عمي وصار لا ينتفع إلا برأيه ومعرفته بالحروب. وكان قائد ثقيف كنانة بن عبد ياليل وقد أسلم بعد ذلك.
قوة العدو واستعداده.
-كان قائد هذا الجيش كما قلنا مالك بن عوف فأمرهم أن يسوقوا معهم إلى الحرب كل شيء: المواشي والأموال والنساء والأبناء كي يثبتوا ولا ينهزموا إلا أنهم اشترطوا عليه أن يأخذ براي دريد بن الصمة لأنه شجاع وخبير بالحروب، فلما نزلوا بأوطاس قال دريد: مالي أسمع رغذء البعير ونهاق الحمير وبكاء الصغار ويعار الشاء وخوار البقر! فقيل له إن مالك بن عوف ساقهم إلى القتال، فاستدعاه فلما جاء سأله فقال أردت أن أجعل خلف كل رجل أهله وماله يقاتل عنهم، فلم ير رأيه واشار عليه برد الذرية والأموال فلم يقبل ورماه بضعف الرأي لكبر سنه. ثم أمر مالك بالخيل فجعلت صفوفا ثم جعل النساء فوق الإبل وراء المقاتلة صفوفاً ثم جعل الإبل والبقر والغنم وراء ذلك كيلا يفروا ويقاتلوا عن مالهم ونسائهم وذراريهم. ثم قال للناس إذا رأيتموني شددت عليهم شدوا عليهم شدة رجل واحد.
وكان جملة من اجتمع من بني سعد وثقيف 4000 وانضم إليهم من سائر العرب جموع كثيرة وكان مجموعهم كلهم نحو 30.000 مقاتل وقيل 20.000 وكانت هوازن رماة.
قوة الجيش المسلمين واستعدادهم
-كان مع النبي صلى الله عليه وسلم 12.000 0 منهم 10.000 الذين جاءوا معه من المدينة لفتح مكة و 2000 من الذين أسلموا في فتح مكة) فقال أبو بكر "لا نغلب اليوم من قلة" وقيل بل قالها غيره.
وذكروا لرسول الله عند عزمه على الخروج أن عند صفوان بن أمية دروعاً وسلاحاً فأرسل إليه فأعطاه مائة درع بما يكفيها من السلاح وفي رواية 400 درع وسأله رسول الله أن يكفيهم حملها إلى موضع القتال ففعل. واستعار أيضا من عند نوفل بن الحارث بن عبد المطلب وهو ابن عمه صلى الله عليه وسلم 3000 رمح وقا لكأني أنظر إلى رماحك هذه تقصف ظهر المشركين.
خرج رسول الله من مكة يوم السبت لست خلون من شوال سنة ثمان من الهجرة (28 يناير سنة 630 م) وأهل مكة معه ركبانا ومشاة حتى النساء من لم يكمل إسلامه. واستعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم عتّاب بن اسيد بن أبي العيص على مكة أميراً وكان شاباً وترك معاذ بن جبل الأنصاري الخزرجي يعلم الناس الأحكام والشرائع لأنه كان عالما بالقرآن ومتبحراً في الدين.
ترتيب صفوف المسلمين وتوزيع الرايات
-ولما اقترب رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكان العدو رتب أصحابه وصفهم ووضع الألوية والرايات مع المهاجرين والأنصار بالكيفية الآتية:
-1- عليّ بن أبي طالب لواء المهاجرين.
-2- راية لسعد بن أبي وقاص.
-3- راية لعمر بن الخطاب.
-4- الحباب بن المنذر لواء الخزرج.
-5- أسيد بن حضير لواء الأوس.
ورتب قبائل العرب ووزع عليهم الألوية والرايات ولبس رسول الله درعين والبيضة والمغفر وركب بغلته دلدل. وقدم سليما من يوم خرج من مكة واستعمل عليهم خالد بن الوليد فلم يزل في مقدمته حتى ورد الجعرانة.
جواسيس العدو
-أرسل مالك بن عوف رئيس هوازن ثلاثة نفر من الجواسيس ينظرون إلى جيش المسلمين فرجعوا خائفين ونصحوا بالعودة فرماهم بالجبن وحبسهم عنده خوفا أن يشيع ذلك في جيشه.
جاسوس المسلمين
-وأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من أصحابه وهو عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي وأمره أن يدخل في جيش العدو ويسمع منهم ما أجمعوا عليه فمكث يوماً أو يومين ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره أنه انتهى إلى خباء مالك بن عوف وعنده رؤساء هوازن فسمعه يقول لأصحابه إن محمداً لم يقاتل قوماً قد قبل هذه المرة وإنما كان يلقى قوماً أغماراً لا علم بالحرب فيظهر عليهم فإذا كان السحر فصفوا مواشيكم ونساءكم وأبناءكم من ورائكم. ثم صفوا. ثم تكون الحملة منكم واكسروا أغماد سيوفكم فتلقونه بعشرين الف سيف واحملوا حملة واحد واعلموا أن الغلبة لمن حمل أولا.
القتال
-لما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بحنين وانحدر في الوادي وذلك عند غبش الصبح خرج عليهم القوم وكانوا قد كمنوا بهم في شعاب الوادي ومضايقه باشارة دريد بن الصمة فحمل عليهم المسلمون فانكشفوا ثم انشغلوا بالغنائم، وذلك يذكرنا بما حدث في غزوة أحد فإنهم لما رأوا العدو هاربا انشغلوا عن الحرب بجمع الغنائم وفارق الرماة المكان الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالبقاء فيه فانكشف المسلمون وكر عليهم خالد بن الوليد الخ.
وفي هذه الغزوة لما انشغل المسلمون بالغنائم استقبلهم العدو بالسهام فعادوا منهزمين لا يلوى أحد على أحد وانكشفت خيل بني سليم مولية وكانت مع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فتبعهم أهل مكة والناس فانهزموا.
ثبات رسول الله صلى الله عليه وسلم.
-وقد ثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ثبت في غزوة أحد وكان ثباته سبباً في كسب الموقعة فإنه انحاز ذات اليمين ومعه نفر قليل منهم أبو بكر. وعمر. وعثمان. وعليّ. والعباس وابنه الفضل. وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ابن عمه صلى الله عليه وسلم. وأسامة بن زيد. وربيعة والحارث بن عبد المطلب. وعتبة. ومعتب (ابنا أبي لهب) . وأيمن بن أم أيمن. واختلف في عدد من ثبت من رسول الله. وكان رسول الله يركض وهو على بغلته نحو هوازن وهو يقول:
"أ، االنبي لا كذب. أنا ابن عبد المطلب"
وأخذ كفا من تراب فرماه في وجوه العدو قائلا شاهت الوجوه. وهذا الرمي وقع مثله في غزوة بدر.
الإنتصار بعد الهزيمة
-لما ثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبق معه إلا بعض أصحابه قال لعمه العباس اصرخ يا معشر الأنصار يا أصحاب السمرة (1) . وكان العباس رفيع الصوت. وفي رواية قال له ناد يا أصحاب البيعة يوم الحديبية. يا أصحاب صورة البقرة، فأقبلوا كأنهم الإبل إذا حنت على أولادها فأمرهم أن يصدقوا الحملة على العدو فاقتتلوا قتالاً شديداً فنظر إلى قتالهم فقال "الآن حمي الوطيس (2) " فولى المشركون الأدبار والمسلمون يقتلون ويأسرون فيهم ويتبعون آثارهم وقد قتل بعض المسلمين ذرية دريد بن الصمة فقتله ربيعة بن رفيع السلمي وجرح خالد بن الوليد جراحات اثقلت به.
(1) الشجرة التي كانت تحتها بيعة الرضوان.
(2)
التنور.
_________
غنائم المسلمين
-كانت غنائم المسلمين كما يأتي:
اسر من العدو خلق كثير ومن النساء 6000 وغنم المسلمون من الإبل 24.000 بعير. ومن الغنم أكثر من 40.000 شاة. ومن الفضة 4000 أوقية.
تقسيم الغنائم
-بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأموال فقسمها وأعطى المؤلفة قلوبهم أول الناس فأعطى أبا سفيان بن حرب 40 أوقية من الفضة و 100 من الإبل وكذا ابناه ومعاوية وأعطى حكيم بن حزام 100 من الإبل ثم سألأه مائة أخرى فأعطاه إياها. وأعطى النضر بن الحارث بن كلدة 100 من الإبل وكذا أسيد بن جارية الثقفي والحارث ابن هشام. وصفوان بن أمية. وقيس بن عدي. وسهيل بن عمرو. وحويطب بن عبد العزى. والأقرع بن حابس التميمي. وعيينة بن حصن. ومالك بن عوف.
وأعطى العباس بن مرداس 40 من الإبل فقال في ذلك شعراً فأعطاه 100 من الإبل وأعطى مخرمة بن نوفل 50 بعيراً وكذا العلاء بن حارثة وسعيد بن يربوع وعثمان ابن وهب وهشام بن عمرو العامري.
فيبلغ ما أعطى ممن ذكروا 14850 من الإبل وأعطى ذلك كله من الخمس (قال ابن سعد وهو أثبت الأقاويل عندنا) ثم أمر زيد بن ثابت بإحصاء الناس والغنائم ثم فضها على الناس فكانت سهام كل رجل اربعا من الإبل وأربعين شاة فإن كان فارسا أخذ اثني عشر من الإبل و 120 شاة. وإن كان معه أكثر من فرس لم يسهم له.
رد السبي
-قدم وفد هوازن على النبي صلى الله عليه وسلم وهم أربعة عشر رجلا وراسهم زهير بن صرد وفيهم أبو برقان عم رسول الله من الرضاعة وقد جاءوا مسلمين فسألوه أن يمنّ عليهم بالسبي فرضي رسول الله ورضي المسلمون بما رضي به رسول الله وردوا عليهم نساءهم وأبناءهم ولم يختلف منهم أحد غير عيينة بن حصين وكان من الأعراب الجفاة فإنه أبي أن يرد عجوزاً صارت في يده منهم ثم ردها بعد ذلك. ووفد عليه صلى الله عليه وسلم مالك بن عوف رئيس هوازن فرد عليه أهله وماله وأعطاه مائة من الإبل كما تقدم وأسلم وحسن إسلامه واستعمله رسول الله على من أسلم من قومه.
الغنائم والأنصار
-لما رأت الأنصار ما أعطى رسول الله في قريش والعرب تكلموا في ذلك فقال رسول الله: يا معشر الأنصار أما ترضون أن يرجع الناس بالشاء والبعير وترجعون برسول الله إلى رحالكم. قالوا رضينا يا رسول الله بك حظا وقسما. فقال رسول الله:"اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار".
رجوع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة
-انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان قد انتهى إلى الجعرانة ليلة الخميس لخمس ليال خلون من ذي القعدة فأقام بها ثلاث عشرة ليلة. فلما أراد الأنصراف إلى المدينة خرج ليلة الأربعاء لاثنتي عشرة بقيت من ذي القعدة ليلا فأحرم بعمرة ودخل مكة فطاف وسعى وحلق رأسه ورجع إلى الجعرانة من ليلته كبائت ثم غدا يوم الخميس حتى خرج على سرف (1) ثم أخذ الطريق على مر الظهران ثم إلى المدينة.
ولقد أنزل الله في هذه الموقعة في سورة التوبة:
(1) بفتح أوله وكسر ثانيه موضع على ستة أميال من مكة.