الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تدخل فقط وأنت هادئ، فالتدخل العصبي والقرارات الآنية أثناء التوتر غالبًا ما تعقبها حالة ندم وردود أفعال غير مرغوبة، لا تؤدب بإرغام الولد على فعل أشياء إيجابية، كإرغامه على قراءة القرآن أو حفظ الأحاديث، لئلا نربطه سلبيًا بالأشياء المحبوبة، فيتخذ منها موقفًا سلبيًا كذلك.
يعني لا يكون بالإرغام وبالقهر، وإنما بالترغيب والتحبيب والتشجيع، يقول إذاعة إحدى محطات التلفاز الأمريكية منذ سنوات سلسلة حول مفهوم الصغار إذاء كثير من موضوعات الحياة وعلائق الأسرة، وموقف الصغير من الطريقة التي يتبعها أبواه في تأديبه، وما إلى ذلك من شئون وكانت المحطة تستضيف كل أسبوع بعض الأطفال الأذكياء، القادرين على الإفصاح عن آرائهم بوضوح وقوة، وتوجه إليهم طائفة من الأسئلة.
قد كان موضوع التأديب هو موضوع إحدى الحلقات، واستمعت إحدى الأمهات إلى طفله على شاشة التلفاز وهو يبدي آرائه وملاحظاته، ويدلي بأقواله، وجزعت الأم أي ما جزع لدى سماعها أقوال ابنها، فلما عاد إلى المنزل بادرته قائلة هل قطعت يومًا شيئًا من مصروفك اليومي عقابًا لك، هو بقى بيتهم أمه وبيقول هذه بتقطع عني المصروف وبتعمل كذا وكذا وكذا، فهي أول ما رجع، فابتقول له هل قطعت يومًا شيئًا من مصروفك اليومي عقابًا لك، وأجاب الصغير: كلا، هل احتجزتك في غفرتك يومًا بطوله؟ كلا، هل قلت لك مرة إنني سأحرمك من كذا وكذا لأنك طفل شرير أجاب الولد كلا، إذًا ما سبب ادعائك بأنني فعلت هذه الأمور كلها معك على شاشة التلفاز، فكان جواب الصغير كان لا بد لي أن أقول هذه الأمور كلها، وإلا كان علي أن أقول إنك كثيرة الصراخ في وجهي، ثم يذكر بعد ذلك
الأسس الثلاثة للتأديب
تقوم عملية التأديب على أسس ثلاثة لتصبح إيجابية.
الأسس الثلاثة للتأديب:
أولاً: التنظيم. ثانيًا: التقليد أو القدوة. ثالثًا: البرمجة أو الإيحاء.
أما التنظيم: فالأطفال يحبون دومًا أن تكون لهم حدود وضوابط في كل شيء، ويشعرون بالمخافة والريبة والتردد إذا غابت الحدود، واختفت الضوابط في حياته، يقفز إلى ثانيًا مثال الذي ضربناه في آخر مرة، الذي هو موضوع السمك لو وضعت السمك في حوض ماء ليس فيه إلا الماء فقط وتشوف حركته كيف، تكون ثم ضع الرمال والحواجز والأعشاب وهذه الأشياء التي توضع في الأحواض الزجاجية وضع نفس السمك، ستجد إنه الحركة زادت الحركة الهادفة والنشاط وكذا.
لماذا؟ لأن وجود الحدود يخرج الإنسان من الشعور بالمخافة والتردد والريبة، والتنظيم ضروري في حياة الطفل لا سيما في سنواته الأولى، وأولى خطوات التنظيم تحديد مفهومه للطفل بشكل عملي تطبيقي، وبيان المطالب بالضبط ما الذي تريده من الطفل أن يلتزم به بوضوح.
فالطفل يحترم ويقدر والديه اللذين يرسمان الحدود ويصيغان الضوابط، والاحترام هو الطريق للدعامة الثانية التي هي القدوة والتقليد، كما أن الطفل نفسيًا يرفض ويكره ولا يحترم من يتركه دون حدود وضوابط، وهو يحترم كذلك تأديب والديه وتدخلهما وتعبيرهما عن عدم رضاهما عن سلوك معين، أكثر من احترامه التوبيخ والصراخ والتهديد.
فالتنظيم يشبع حاجة الطفل إلى سلطة ضابطة، توجه سلوكه، وتضبط تصرفاته من خلال توازن ووسطية، أحد أطفال بيتكلم عن أهمية الحدود فقال جاءتنا اليوم معلمة مناوبة، سمحت لنا أن نفعل أي شيء نريده، فلم نحبها، خلي بالك ما فيش حدود هو بيحتاج الحدود الضوابط.
إن الأطفال يرتبكون، حينما يسمح لهم أن يفعلوا ما يعرفون أنه خطأ، فالتنظيم يعني تحديد قوانين ينبغي اتباعها، وهو يفترض أيضًا تدخلاً حازمًا وصارمًا من خلال بعض الوسائل التأديبية الرادعة من غير عنف أو إضرار، فالتنظيم ضرورة نفسية تربوية للطفل، لكن بشرط ألا يتحول هذا التنظيم والقواعد والضوابط إلى عوامل تخنق الطفل، الخنق وتسجنه وتحد من قدراته ويجعل منه شخصًا
اتكاليًا اعتماديًا على الغير، نريد ضوابط تعين على الانطلاق وتنمي جوانب الذكاء، والإبداع، وتكشف المواهب وتعمل على تنميتها.
يقول اشترى أحد المعلمين حوض سمك كبير، وملئه ماء، وبعد تعديل حرارته لتناسب السمك البيتي، وضع فيه بعض الأسماك، فإذا بها تتصرف تصرفًا غريبًا، ثم تتجمع في وسط الحوض الشفاف، وهي لا تكاد تتحرك، وبعد بضعة أيام وضع أحجارًا ملونة في قعر الحوض، وإذا الأسماك تعود إلى التحرك بحرية، فالأحجار في قعر الحوض أوضحت عمق الماء، وجود أحجار بيشوف الأحجار أو الرملة فبيقدر يعرف الأبعاد، وبالتالي عرف السمك حده فاستراح، في حركته فوجود الحدود بيعطي نوع من الاستقرار، ويخرج الإنسان من الارتباك، ليس كما يتصور بعض الناس أن التربية ليس بها حدود.
الركن الثاني هو التقليد والقدوة: فالتقليد طبعًا خاصية من خصائص الطفولة كما هو معلوم التقليد أساسًا هو الطفل لا يدرك المعاني المجردة، لا يصلح طفل عنده 4 أو 5 سنين تقعد تقول له النزاهة والجمال والقيم والزهد والعدالة والتسامح هذه المعاني المجردة هو لا يستطيع أنه يتصورها بصورة كاملة، أو صعب عليه، لأن تفكيره متحجر، concrete إن هو يستطيع أن يتصور فقط الحاجة الحسية شيء بيراه.
لكن نفس هذا الطفل الذي ما يقدرش يفهم العدالة والنزاهة والزهد وكذا وكذا، هو نفسه تلاقيه بجانبه أبيه وهو يصلي من غير ما يأمره ويفضل يركع ويسجد، ويبص له من تحت هكذا من أجل أن يشوفه يعمل إيه ويقلده بإتقان، حتى حركة التشهد ونحو ذلك ليه، لأن هنا يتعلم لأنه يستطيع أن يدرك الأشياء الحسية، أما المعاني المجردة فليس بعد، ليس في السن، هذا بعد هكذا يقدر يستوعبها لكن الصغير يتأثر أكثر بما يراه أو بما يسمعه أو بما يراه أمامه، متجسدًا في صورة حسية واقعية.
فالتقليد هو أحد خصائص الطفولة الأساسية، حيث إن الطفل يأخذ الكثير من السلوكيات، والقيم والمبادئ، من خلال محاولة تقليده للآخرين، فالطفل مثل الإسفنج يمتص ما حوله ويتفاعل مع
المحيطين به من خلال تقليد سلوكهم، وحركاتهم، فالطفل يبرمج سلوكه ويبني اتجاهاته بنسبة 70% عندما يصل إلى السنة السابعة من عمره، فهو يمتص من المحنكين المحيطين به.
وهذا ما أشار إليه حديث الرسول صلى الله عليه وسلم «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ» (1).
فإذا كان الطفل من خصائصه التقليد، لكن لازم نفهم أيضًا أن الإنسان لا يقلد إلا من يحبه ويحترمه، ويقدره، نحن نراه حتى في الكبار في الشباب يقلد لاعبي الكرة، أو كذا أو كذا من المشاهير من شدة الحب، والإعجاب به، فنفس الشيء الطفل لا يقلد ولا يقتدي إلا بمن يعجب به، أو يحبه، فلذلك ينبغي أن يهتم الآباء بتحسين سلوكهم أمام أعين الأبناء، حتى يكون الأب مصدر قدوة لابنه، خاصة في المراحل العمرية المتقدمة بعد سن الخامسة فما فوق.
فالإنسان جبل على تقليد من يحب ومن يكسب إعجابه، إن الأب القاسي المتسلط لا ينقل لأبنائه غير الاضطهاد، وإن قلده الأبناء لاحقًا فمن باب إفراز الاضطهاد الطفولي، ليس إلا ولذلك كان لزامًا على الآباء والأمهات أن يكتسبوا ثقة أبنائهم، ومحبتهم، لينالوا فيما بعد إعجاب أبنائهم، ولا شك أن كل مسلم يعد قدوته العظيمة وأسوته رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتبعه ويقتدي به لأنه يحبه ويقدره ويجد حلاوة في اتباعه ومحبته كما قال صلى الله عليه وسلم:«ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا» (2).
فالمحبة مرتبطة بالاتباع والاقتداء، أيضًا كلما كانت علاقة الطفل بوالديه طيبة كلما نزع للاقتداء بهما وتقليد سلوكهما وعد ذلك عين الصواب، كلما فسدت العلاقة بين الطفل والوالدين كلما نزع لمعاندة سلوكهما ومعارضته، وهو يرى أن ذلك عين الصواب، وبالتالي يبدأ يحصل عنده انحراف وحيرة، كذلك
(1) متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(2)
متفق عليه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
مما ينبغي أن يهتم به المربي أن يعطي الأولوية أو يعطي القدوة بالأعمال قبل أن يعطيها بالأقوال، فدرهم أفعال أفضل من قنطار أقوال.
إن القدوة تنصب بالدرجة الأولى حول ما يفعله الوالدان، وما يصدر عنهما من سلوكيات، ويراقب الأطفال سلوك الآباء باستمرار، حال فرحهم وحال غضبهم، مثل ما قلنا قبل هكذا إن التربية ما فيش حصة اسمها حصة تربية تعالوا يوم الجمعة بعد العصر نعمل حصة تربية، إطلاقًا، التربية هذه عملية مستمرة ليل نهار، في كل موقف بيتربي ليس شيء إحنا بنفتعله.
لأ هذا هو بيشوف كيف يتعامل الأب مع الزوجة، بيشوف كيف بيرد على التليفون، أو كيف يستقبل ضيوفه، أو ماذا يقول إذا عطس، أو كيف يخشع في الصلاة أو، حين يسمعه يقرأ القرآن كثيرًا، فهو يتعلم كما قلنا بالقدوة أهم من أي شيء آخر، فدائمًا الأطفال يأخذون سلوك الآباء في كل الأحوال، بيشوفك بتصرف كيف عند الفرح، كيف تتصرف عند الغضب، وبيسجل الكلام هذا ويتطبع به إيه رأيك ماذا يحدث عندما تختلف الأم مع الأب السلوك بتاعه أدى إلى الاختلاف صراخ بقى وكذا وكذا، هيبدأ هو نفسه يفعل نفس الشيء.
لذلك كان مهمًا الحرص على السلوك الحسن الدائم، فرب لحظة غضب تهدم كل ما بناه الإنسان، هايشوف وهو بيقود السيارة إيه الألفاظ التي يقولها، بقى لو حصل أي شيء مع الناس الذيت تسوق الاختلافات مع السائقين، الألفاظ التي يخرجها بعض الناس والانفعال والعراك وكذا.
فكل هذا تعليم كل هذه دروس في التربية يعني أنت لا تقول له تعالى اتربى، لكن هو لازم هايلتقط منك كل السلوك ألفاظك التي بتقولها، إيه تنتقل ألفاظ أن تقول ألفاظ سوقية أو بذيئة أو كذا فيفعل نفس الشيء، فالتربية عملية مستمرة في كل السلوك يسلكه المربون، كثير من الأطفال الذين يصابون بالانتكاسات الخلقية في لحظة واحدة، من خلال سلوك واحد غير مدروس من طرف مربٍ، ممكن تكون أذية شديدة جدًا من مدرس أو أب أو من أم.
فكل طفل يحتاج لينمو ويتعلم يحتاج إلى القدوة، وهو يتخذ القدوة أساسًا من أحد والديه أو من كليهما، فللأطفال حالة نفسية أن يتشبهوا بشخصيات من يحبونهم ومن يتقمصوا هذه الشخصية، ولذلك كان ضروريًا أن نحبب لأبنائنا سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه حين أراد يذكر النبي صلى الله عليه وسلم فتقول صلى الله عليه وسلم أكيد مع الوقت هو يبدأ يقتدي بك في ذلك ويقرن ذكر اسمه الشريف صلى الله عليه وسلم وبين الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم كذلك سيرة الصحابة رضي الله عنهم وقصص الأنبياء والنماذج الناجحة في التاريخ الإسلامي فهذا كله مما يترك أثره أيضًا في شخصيتهم، حرص علماء التربية المسلمون على أن يكون المعلم مثلاً يحتذى، وأسوة صالحة يتأسى الأبناء بها، مما ذكر الأصمعي من أبيات أبي الأسود الدؤلي في هذا الصدد قال:
يا أيها الرجل والمعلم وغيرهَ
…
هلا بنفسِك كان ذا التعليمُ
تصف الدواءَ لذي السقام والضنا
…
كيلا يصحَ لي وأنت سقيم
…
ا
وأراك تصلحُ بالرشاد عقولَنا
…
أبدًا وأنت من الرشاد عديمُ
ابدأ بنفسِك فانهها عن غيِها
…
فإذا انتهت عنه فأنت حكيمُ
بعد التنظيم ثم التقييد أو القدوة، يأتي البرمجة والإيحاء، والإيحاء هو كل ما يدور في الحياة الأسرية من عمليات سلوكية، ومشاعر نفسية تنتقل تلقائيًا للطفل، الأسر السعيدة تضفي سعادتها على الأبناء، تنتقل المشاعر بالعدوى لأن النفوس فيه منها اتصال الإنسان يتأثر يمكن تبان أوي في الأطباء النفسيين، أحد الأساتذة الكبار يقول إن الواحد لما يجيله واحد عنده (الهوس) الذي هو (الزهو) الذي هو مزاجه يبقى عالي جدًا مفرفش خالص، عكس لما يجيله مكتئبين كثير يبقى منتظر واحد من النوع التاني يكون فرح شوية فايصلح الأمور شوية فالحالة النفسية الخاصة بالإنسان لما تقعد مع واحد كئيب بيصيبك بعدوى الكآبة لو واحد سعيد وبشوش ومرح بتشعر بتجد تشعر نفس الشيء تنتقل لك هذه العدوى لو واحد عنده تفاؤل تلاقيك أنت كمان تتفائل ليس هناك أسلاك بتوصل بينكم لكن فيه نفوس بتؤثر في
نفوس مثل ما تؤثر النفس في النفس بالحسد مثلاً كذلك أيضًا تؤثر النفس بالشخص الذي تجالسه وما هو عليه.
فالأسرة السعيدة تنعكس السعادة على أبنائها، الأب الإيجابي هو من يدفن الرسائل الإيحائية غير المباشرة، أعطى له رسائل إيحاية لكن بطريقة غير مباشرة والتي تتأصل في شخصية الطفل وتنمو مع التربية والإيحاء المستمر، الإيحاء يعني زرع الطموح، وحب النجاح والقوة في اتخاذ القرار، وحرية الاختيار المنضبط، والدفاع عن النفس وعن القناعات الذاتية، ويعني الإيحاء كذلك إقناع الطفل وبث المعاني الجميلة، والصفات الإيجابية من خلال فن ممارسة الإيحاء الذكي.
يعني القصة التي رويت عن أق شمس الدين الشيخ أق شمس الدين وهو مؤدِّب ومربي السلطان العثماني محمد الفاتح صلى الله عليه وسلم فكان دائمًا بيغزو وهو صبي صغير عند الساحل عند البسفور ويشاور له على ان الطرف الآخر بتظهر مدينة القسطنطينية فيقول له أترى هذه الأسوار التي هناك هذه مدينة القسطنطينية.
وهذه المدينة قد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم وكان يعتقد صحة هذا الحديث الحديث قال فيها صلى الله عليه وسلم: «لَتُفْتَحَنَّ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ فَلَنِعْمَ الْأَمِيرُ أَمِيرُهَا وَلَنِعْمَ الْجَيْشُ ذَلِكَ الْجَيْشُ» (1) بس إيحاء بطريقة غير مباشرة ما ما قال له أنت لأ هو ظل يفعل بعد ذلك حتى نشأ عند الطفل الأمل والطموح أن يكون هو الشخص الذي يفتح القسطنطينية.
فهنا يذكر أمثلة من الإيحاء الإيجابي، الطفل مثلاً يريد منك أدوات التلوين كي يلون أو يرسم، أو يحل مسألة حساب، يقول له تفضل يا ذكي، يا ذكي فهنا فيه إيحاء بتشجعه على مدحه بالذكاء، أو أحسنت يا شاطر، طبعا شاطر هذه عامية لأن الشاطر في اللغة العربية هو قاطع طريق، اللص مثلاً جايب لك أي حاجة هو عاملة، تقول له ما شاء الله يا مبدع، بتكلمه باللغة التي يفهمها، ليس شرط يكون الولد
(1) مسند أحمد من حديث بشر الخثعمي رضي الله عنه، وضعفه الألباني مقدمة.
فصيح للدرجة هذه، مثلاً ما أروعك وما أروع هدوئك، مثلاً أنت متميز في دراستك يتكلم أمام الضيوف يقول ابني بيفهم بشكل ممتاز، ابني يسمع نصائح والدي باستمرار، ابني مطيع لربه ولد صالح، ابني نظيف ومرتب، ابني يتصرف تصرف المتميزين.
وهكذا يحصل إيحاء قبل هكذا كما قلنا أحد العلماء الكبار أعتقد الإمام الذهبي، لما رأه خطه أحد الأئمة قال له خطك يشبه خط المحدثين، فهذه شرارة أوقدت في نفسه همة النبوغ في علم الحديث كلمة عابرة، لكن ممكن تغير مسار إنسان، هذا إيحاء إيجابي أيضًا الإيحاء يتم من خلال لغة الجسم لدى الوالدين، لأن التواصل لا يتم فقط عبر الألفاظ، التواصل اللفظي في ساعات التواصل غير اللفظي بتعبيرات الوجه بحالة الجسم، لغة الجسم نفسه يعني.
أنا لي أستاذ كبير جدًا في الطب النفسي، وعنده ظروف لا يستطيع أن يتكلم في صعوبة الكلام، لكنه عنده قدرة بارعة على الغاية في التواصل مع الحضور، أو مع المتكلم بالتواصل غير اللفظي التواصل الجسدي، نظرات عينيه كل جزء في وجهه يعطيك تعبير كأنه يتكلم بأفصح لغة، لأنه طبعًا بارع جدًا من رواد العلاج النفسي في مصر.
لماذا؟ لأنه عنده قدرة على التواصل غير اللفظي، بعض الأحيان أنت بتدي لغة يعني الواحد قاعد منكمش وواضع رأسه في الأرض وسط الناس ومقفول، هكذا قافل نفسه فا يقول إيه للآخرين بيدي لغة ما حدش يكلمني يقول لهم بس من غير ما يتكلم، غير القاعد بانفتاح مبتسم بشوش متجاوب مع الناس، فا بيعطي انطباع على العكس، فاللغة لا تتم فقط عن طريق الكلام.
لكن هناك وسائل أخرى للتفاهم والتواصل غير اللفظ وأحيانًا بتكون أوقع، فايقول هنا الإيحاء يتم كذلك من خلال لغة الجسم لدى الوالدين، فالابتسامة الدائمة تضفي إيحاءًا قويا بالهدوء والطمأنينة لدى الابن، وتحقق لديه الطمأنينة وسعادة ذاتية.
الإيحاء قد يكون سلبيًا سواء من خلال اللغة اللفظية، أو لغة الجسم، يعني مثل مثلاً الطفل جايب رسم رسمه أو حاجة وواحد راح، هو ما اتكلمش بس رسالة مدمرة فضلاً عن المدرس الذي يقول له إيه الكذا هذا؟ يروح راميها له فهذه كلها إيحاءات، قد يكون الإيحاء بالكلام أو بلغة الجسم، مثلاً اللفظ مثلاً: انت غبي، أنت عنيد، فهوه هايعيش بقى بتوجهه أنه يصبح غبيًا، أو يسير يعني عنيد لأن بتديله إيحاء، إنه يعيش بقى دور الغباء، وإن هو غبي خلاص، أو نحو ذلك.
خطأ كبير جدًا إنك مثل ما قلت تدي ختم للطفل، أبدًا ما تعلقش عليه يافطة أبدًا، خطأ تربوي فادح لكن تذم السلوك هذا التصرف لا يعجبني التصرف، هذا خطأ أنا لا أحب منك هذا التصرف، لكن ما تقوللهوش أنت غبي، أنت فاشل، أنت ما فيش فيك أمل، إلى آخر هذا الكلام، لأن هذا ظلم في الحقيقة لأنه ينمو فالا يصلح تصدر عليه حكمًا نهائيًا أبدًا، فتكرار الإيحاء في حياة الطفل يبرمجه لأنه بيقتنع إنه غبي في الآخر أو مثلاً أنت سارق أو حرامي وتتكرر خلاص حرامي، بقى ويتمادى ممكن يكون هذا أحد الأسباب التي تشجعه على التمادي في السرقة.
كثرة التوبيخ والصراخ في وجه الطفل توحي له بالاضطراب، وتسحب منه الطمأنينة والاستقرار، النفسي، البرمجة هي إعداد الطفل للمستقبل، وفي السنوات الخمس الأولى تتم برمجة 70% من سلوك الطفل بعضهم يقول 95% من الكود أو الشفرة بتاعة شخصية الطفل كلها بتتكون في خمس سنين الأولى من، خمس سنين أو ست سنين لحد 18 الـ 5% الباقية، بعد 18 يقولوا من المستحيل أو صعب جدًا إحداث تغيير في معالم الشخصية فبناء الأساس بيتم في الخمس سنوات يعني الأولى، لذلك كانت مرحلة الطفولة الأولى من أهم المراحل العمرية التي ينبغي الاهتمام بها.
كيف تتم البرمجة؟ كما قلنا اللغة فاللغة التي تستعمل تساهم في برمجة نفسية وعقل وشخصية الطفل، ولذلك ينبغي استعمال لغة إيجابية، باستمرار ما تكونش لغة هدامة أو سلبية، أيضًا برمجة تتم من خلال تكرار المراد بالكلام المباشر وغير المباشر، وبالسلوك وبالتدريب، والتشجيع، يثبت الشيء لديه
ويبرمجه بشكل أقوى، هو طبيعي لما بيتكرر موقف العطاس كلما عطس أبوه أو أمه أو أحد من الموجودين يقول الحمد لله يرد يرحمكم الله الحوار السني الأذكار الثابتة في العطاس مع الوقت أكيد بيحفظها، فالتكرار يثبتها في ذهنه، مثلاً لما تعودوا إنه لو واحد عطس وقال الحمد لله بيقى يقول له يرحمكم الله ويقول له هذا يستحق.
لكن لما واحد يعطس وما يقولش الحمد لله فا يعلمه يقول له ما تستحقش، فا لما نقول تستحق وما تستحقش فها هايربطها ببساطة بأن الذي يعطس يقول الحمد لله، فنعلمه ممكن الأب يعني أمامه يتعاطس وما يقولش الحمد لله، ويكون بيدربه قبل هكذا أن يرد عليه يقول له إيه ماتستحقش، من أجل أن يبقى الموقف موجود قدامه ويتعلم منه، ليه ما يستحقش لأنك ما قلتش الحمد لله وهكذا.
آداب الاستئذان لو هي تمارس بطريقة عملية داخل البيت، طبيعي جدًا ها يكون شيء عادي تماما يستأذن قبل ما يفتح أي مكان مقفول، السلام عليكم وأدخل في داخل الغرف حتى في البيت الواحد، كذلك البرمجة تتم من خلال الحس والعاطفة.
فتكثيف الناحية العاطفية لدى الطفل تساهم بشكل كبير في تحقيق البرمجة بمعنى تحبيب الشيء الإيجابي للطفل، وبناء نوع من الرفض النفسي للأشياء السلبية، أيضًا من ذلك الممارسة والتدريب، فتدريب الطفل وإتاحة الفرصة وتهيئة الأجواء ليمارس حياته الطفولية، تتيح له أن يتعلم الكثير من السلوكيات الإيجابية، وجدت هنا نموذج من نماذج التربية الإيجابية (الصلاة)، حتى نبرمج الطفل على الصلاة ينبغي أن نبدأ باللغة المحببة في الصلاة، الحديث عن الصلاة وتكراره، وتحبيب الطفل في الصلاة وتدريبه وممارسته لها وتشجيعه.
هذه العملية قد تستغرق ما بين ثلاث إلى أربع سنوات لتتم عملية البرمجة، يعني هو لو شاف الأب أو الأم بمجرد ما بيسمع الآذان يترك أي شيء في يديه ويسارع إلى الوضوء أو ترديد الآذان ويتوضأ
ويذهب الأب إلى المسجد تجد طفل طبيعي بدون أي تعليم مباشر بيفهم مع الوقت إن النساء يصلون في البيوت وإن الرجال يصلون في المساجد شيء تلقائي جدًا.
ليس شرطًا أن تعطية كدروس لكن هو بيراقب مع التكرار المستمر بيربط الآذان بالصلاة، فعملية البرمجة ممكن تاخذ من ثلاثة إلى أربع سنوات حتى تتم.
وهذا ما نتعلمه من مربي البشرية كلها وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما يوصي بتعليم الأطفال الصلاة لسبع سنين، ويبشرهم ليبني الكثافة العاطفية.
أولاً: من خلال بناء الحب والعاطفة نرى أن الرسول صلى الله عليه وسلم أولاً نستدل الحقيقة بحديث رواه الطبراني لا أظنه صحيحًا «أَيُّمَا نَاشِئٍ نَشَأَ عَلَى عِبَادَةِ اللَّهِ حَتَّى يَمُوتَ أَعْطَاهُ اللَّهُ أَجْرَ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ صِدِّيقًا» (1) لكن يغني عن ذلك «وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ» (2) فمما يسهل على الشاب إذا كلف العبادة أن يكون قد حبب إليه العبادة وبرمج عليها منذ الطفولة، أيضًا اللغة استعمل الرسول صلى الله عليه وسلم اللغة حينما قال «مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ» (3).
فيدخل في اللغة تعليم الطفل وتلقينه ما يخص الصلاة من آذان وأدعية وقرآن أيضًا التكرار يقول ابن مسعود رضي الله عنه حافظوا على أبنائكم في الصلاة وعودوهم الخير، فإن الخير عادة، ولذلك هناك نوع من التربية اسمه التربية بالعادة، بحيث يبقى شيء عادي جدًا في حياته، مستمر بطريقة تلقائية المحافظة على الصلاة بطريقة كأنها صارت عادة راسخة لديه، وهذا يسهل عليه العبادة، أيضًا التدريب والممارسة بأن الأب يصطحب ابنه إلى المسجد ليرى كيفية الصلاة، وبالتالي يبرمج على عملية الصلاة.
فالبرمجة الإيجابية للطفل تحتاج لوقت لا يقل عن ثلاث سنوات من التعليم والتدريب والتشجيع والممارسة والمتابعة، يعني هذا درس رائع يبين أن التربية الذي هو حديث الصلاة التربية تحتاج لوقت ومتابعة دقيقة وبرمجة مدروسة حتى يأتي وقت حساب الطفل بعد ذلك، لكن بيجي يسبو لحد عشر سنين
(1) المعجم الكبير للطبراني من حديث أبا أمامة رضي الله عنه (ضعفه الألباني).
(2)
متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(3)
سنن أبي داود من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه، صححه الألباني مقدمة.