المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ مبادئ عامة للتأديب الإيجابي - محو الأمية التربوية - جـ ١٠

[محمد إسماعيل المقدم]

الفصل: ‌ مبادئ عامة للتأديب الإيجابي

لا يأمره بالصلاة ولا أي نوع من الاهتمام ثم بعد ذلك يريد يضربه على الصلاة فهذا قفز على التدرب، لأنه لا يحتاج إلى الضرب إطلاقًا إذا راعى هذا التوجيه.

ثم نختم هذا الكلام بذكر‌

‌ مبادئ عامة للتأديب الإيجابي

أول هذه القواعد:

مبادئ عامة للتأديب الإيجابي:

أولاً: الخط الوسط في التربية التوسط يعني التوسط في التربية بين الحب والحزم، كما ذكرنا بدون إفراط ولا تفريط، فيكون دائمًا الاختيار السلوك الوالدي بعيدًا عن الصرامة والقسوة والإرغام من جهة بعيدًا عن التساهل والتسامح المفرط من جهة ثانية، الصرامة في التربية تنشأ أطفالاً يعانون من المعوقات النفسية والاضطرابات السلوكية كالانطواء والخجل، والرهاب الاجتماعي يجد ورائه كل ترسبات الاضطهاد الطفولي للعيادة النفسية، والتساهل المفرط أترك ابنك يفعل ما يشاء يؤدي إلى تجرد الطفل من كل الضوابط والحدود والقيم وينشأ عاجزًا عن وضع آلية للتكيف مع المجتمع.

ثانيًا: إشراك الطفل في حل المشكلات وإبداء الرأي، فالدوافع التي تبني السلوك لدى الطفل تحركها طرق التعامل معه، والمساحة الإيجابية المخصصة له، والقيمة الذاتية التي ننشأها بداخله، من أفضل طرق التأديب، وضع الهدف على مكمن الإحساس بقيمته إشراكه في المناقشات وإشراكه في كيفية حل مشكلة معينة، لأن مجرد إنك تعطيه فرصة أن يعبر عن رأيه ويساهم في حل المشكلة أو الموقف، يشعره بالقيمة بقدر ذاته إن هو له قيمة ويؤخذ رأيه هو أن الكبار يثقون به، من خلال هذه المشاركة الطفل بحاجة إلى أن يتعلم كيف يتخذ قراراته الشخصية، ويحل مشاكله، ويواجه الأحداث، والمستجدات، مهتديًا بما تعلمه من توجيهات نصائح الوالدين، دون أن يكون معتمدًا كلية على الكبر.

ثالثًا: التهذيب تدريب على حسن التصرف فالتهذيب هو تدريب الطفل على السلوك الحسن والسيطرة على النفس، وعلى الدوافع السلبية.

رابعًا: قلل من الكلام وأكثر من العمل، لأن الكلام الكثير الطويل والمتشعب يحدث عند الطفل نوع من الملل، ثم يبدأ يتهرب منك، حافظ كل الذي أنت ستقوله فلا يظلي ويتهرب من سماع الكلام، ويشعر بالملل من أحاديث الوالدين، لذلك ينبغي استبدال الكلام أحيانًا بمواقف عملية، تخيل نفسك أخذت ابنك إلى حديقة ألعاب ورأيت إصرار ابنك على عمل غير مقبول قم بتنبيهه مرتين فإن لم ينصع

ص: 28

لك أنه الزيارة واترك الحديقة تعبيرًا منك عن عدم قبول سلوكه، فإذا ندم الطفل وأبدى استعداده وندبه على السلوك المرفوض، امنحه فرصة للتغيير، وخذ منه وعدًا بذلك، وهذا هو فن تأديب الطفل بالعمل لا بالصراخ والقسوة.

خامسًا: تنمية الاحترام والتقدير اتجاه الوالدين، فطبعًا هو الأصل إن الطفل يحترم والديه، وإذا حصل احترام يؤدي إلى الإعجاب ثم إلى الإقتداء.

يقول أحد علماء النفس إذا أردت لولدك أن يقبل قيمك عندما يبلغ سن المراهقة كان عليك أن تحظى باحترامه لك وهو في سن أصغر إن سن المراهقة هو الفيصل لأنه ما بيبقاش تابع، ينمو عنده الاستقلالية، وممكن تفاجئ بقى ثورات ثورة وتمرد على كل ما مضى، إذا أسأت في التمهيد والبرمجة، من قبل لأنه لن يبقى ذلك الطفل بقى الذي هو أنت إيه ظل مقهورًا أمامك بحكم صغره، لكن متى دخل في منعقب بيبان بقى الثمرة الحقيقية للجهد السابق، فإذا افتقد الوالدان احترام الأبناء فكل المبادئ والقيم والمفاهيم التي يريده الآباء من الأبناء تصبح غير أهمية، ما ينصاعون لها.

سادسًا: هي السيطرة الإيجابية على الأبناء، فالأطفال بحاجة إلى والد يمارس أبوته، وأم تمارس أمومتها.

ليس فقط من خلال العاطفة والمحبة وتوفير الاحتياجات، ولكن أيضًا من خلال إظهار فرض نوع من السيطرة التي تعلم الابن قواعد النظام والحياة، ومعايير المحبوب والمكروه الحق والباطل الخطأ والصواب، وهي سيطرة قيادة ونظام هذه سيطرة نظام، مثل أي مؤسسة إدارية لا بد فيها من لوائح ونظام وقواعد، فليست سيطرة هيمنة وتسلط وقسوة، وإنما سيطرة نظام هذه السيطرة تمنح الطفل التوازن، والطمأنينة، وتضع له الحدود والقواعد، لممارسة حياته بكل اطمئنان فمهم جدًا أن تكون السيطرة دون قسوة، وعنف، وصراخ.

سابعًا: لا للتطرف في السيطرة أو المحبة، يعني إن السيطرة تكون إيجابية، غير متطرفة، لأن التطرف والمبالغة في السيطرة يكرث إذلال الطفل وتحطيم معنوياته، وكبت قدراته، ويصيبه برهاب، وخوف دائم ويقتل عنده روح المبادرة، ويجعله عاجزًا عن اتخاذ المبادرة، والقرارات المهمة، والأساسية في حياته، فينشأ مترددًا ومنطويًا على ذاته، خاضعًا غير قائد، مستسلمًا للغة القوة والسيطرة، هذه المبالغة في

ص: 29

السيطرة تمارس على شكل استبداد يضعف الأطفال، في الجهة المقابلة المبالغة في المحبة والتساهل المفرط، وترك الطفل يفعل ما يريد دون رقيب ولا محاسبة يفسد سلوك الطفل، ويفقده توازنه وأصول الآداب والمعاملة مع الناس.

ثامنًا: تحاشي الإغراق المادي المفرط، فيعتقد بعض الآباء أن إغراق الأطفال بالوسائل المادية من هدايا وألعاب وغير ذلك، يساعد على تنشئة الطفل على أحسن وجه، وينسون أن إغراق الطفل بالماديات يبعده عن تذوق حلاوة العلاقات الإنسانية التي يمكن أن تنشأ بين الولد والأبوين، ويعوض الطفل على حياة الترف والرخو، وتحرم الطفل من تعلم أمور كثيرة، مثل الاعتماد على النفس والإبداع والتفكير السليم، فإغراق الطفل بالماديات يحرمه من تذوق الكثير من النعم الأخرى.

تاسعًا: تعليل التوجيهات والنصائح، فلا يكفي أن الكبار يقتنعون بالسلوك الحسن والتصرف الجميل، لكن الصغار هم أيضًا بحاجة إلى فهم الحسن والجميل، ومعرفة الحسن والجمال والاقتناع بما نريده منهم، فمن حسن التأديب أن تبين له هذا الشيء صالح لماذا وهذا طالح لماذا، وتبرمجهم بالحوار على ما ينفع والابتعاد عما يضر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم «مَنْ كَانَ لَهُ شَعْرٌ فَلْيُكْرِمْهُ» (1) فيقول تعالى {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31) قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (32)} (2).

عاشرًا: بناء المعايير والقيم، فالطفل قد يستجيب لطلبات الكبار من خلال توجيهات جاهزة وأوامر كيفية لا تمنحه معيارًا ولا قيمة، يعني هي أوامر مطلوب منه يسمع ويخضع للكبير وحسب، وهذا يجعله شخصية مستسلمة، لكن التأديب البديل بطريقة إيجابية أن نمنح أبنائنا معايير ذاتية نابعة من قناعاتهم تكون دافعة للسلوك مهما كان.

(1) سنن أبي داود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، صححه الألباني مقدمة.

(2)

الأعراف: 31 - 32.

ص: 30