الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكلمات المشجعة مثل: جزاك الله خيرا، وبارك الله فيك، أحسنت.
ونحو ذلك ..
هذا فيما يتعلق بأنواع مختصرة للإثابة الإيجابية.
الإثابة السلبية:
هناك إثابة سلبية، يعني تكافئه ولكن ليس عن طريق فعل شيء إيجابي وإنما عن طريق أن ترفع عنه عقابا مستحقا.
-كان مستحقا للعقاب على شيء معينا، ثم فعل شيئا جيدا، فتقول: إنني قد عفوت عنك بسبب مثلا إنك حصلت على درجات عالية في المادة الفلانية، أو بسبب أنك حفظت السورة الفلانية.
فهنا هو مستحق للعقوبة، لكن رفع العقوبة نوع من الإثابة، فهذا هو المقصود بالمكافأة السلبية، فتعفو عنه عندما يخطئ وتبين له أن هذا العفو نتيجة أنك فعلت شيئا حسنا.
مثلا لو طفل أهمل في ملابسه حتى اتسخت أو مزقها أو نحو ذلك، تقول له أمه مثلا: هذا الذي فعلته خطأ لكن سأعفو عنك لأنك حصلت مثلا على درجات مرتفعة في المدرسة ولأن المُدرسة مسرورة منك لكن لا تهمل في ملابسك مرة أخرى.
أحيانا أقرأ في بعض كتب التربية فأقع على أخطاء من الذين يكتبون في التربية أحيانا، يعني في مثل هذا الموضع أحدهم كتب يقول: قل للطفل: إنني سأعفو عنك لأنك حصلت على درجات عالية.
والولد في أولى حضانة مثلا، لأن درجات عالية هذه، عذاب الدرجات هذا في المستقبل قليلا، لكن مسألة طحن الأطفال المساكين الذي يحرم من أمه في سن مبكر أربع سنوات أو شيء، ويذهب إلى الحضانة وأيضا يعطونه واجبات، والمدرسين غير التربويين يتصورون أن مهمتهم أن الولد يرجع إلى الأب والأم ينطق الحروف ويكتب بعض كلمات وينطق وكذا وكذا.
هذا عبء كبير ولذلك الحضانة التربوية لا تعطي اهتماما كبيرا بموضوع المبادرة بتعليمه حروف الكتابة.
ولكن اتركه يعيش الطفولة لا زال هم المذاكرة والامتحانات والدرجات مبكرا عليه، وإنما من أجل أن يسكتوا الآباء.
يعرفون أن ثقافة الآباء للأسف في مجتمعنا إن الولد لما يرجع ينطق حروف وبدأ يكتب وأخذ الأرقام وكذا إن هذا تقدم.
لا، هذا شيء مبكر عن وقته.
ولذلك الحضانة التربوية نجده بالعكس الأساس هو الترفيه، أو بتعبير أدق التربية عن طريق اللعب، لأن اللعب بالنسبة للطفل شيء مهم جدا، وأصبح اللعب الآن في المناهج التربوية الحديثة لا ينظر إليه كما كان في الماضي، وإنما اللعب كمنهج تربوي في غاية الدقة، ولكل سن ما يناسبه وهدف محدد من وراء الألعاب سواء ألعاب جماعية أو فردية.
فالحضانة التربوية لا تهتم كثيرا بموضوع الحروف والكتابة وهذه الأشياء، ممكن في مرحلة متأخرة، مثلا ثانية حضانة وهكذا، لكن حديث الالتحاق بها المفروض أساسا إن يكون التربية والتعليم عن طريق الترفيه.
نعم.
أيضا مما ينبغي أن يراعى في قضية المكافأة أن المكافأة تتنوع بحسب حال الطفل والفعل الذي فعله يعني ليست قوالب جامدة وإنما هناك نوع من المرونة في اختيار المكافأة نوعا وكيفا وكما حسب مراعاة الفروق الفردية بين الأطفال.
فكل طفل له احتياجاته الخاصة وله مدخل خاصا به يختلف عن غيره.
أيضا الجائزة التي تعطى في العمل الفلاني لا تصلح أن تعطى في عمل آخر.
ونراعي مبدأ إن المكافأة لن تظل مكافأة لو أصبحت عادة مستمرة، فيصبح شيئا معتادا، بل يفقد قيمته، ولكن يجب أن تكون المكافأة شيء يحصل بين وقت وآخر.
ويحصل فيها نوع من التنويع لإثارة التشويق عند الطفل لأن هذا سيساعده ويحثه على إنجاز السلوكيات الحسنة.
تكرار نفس المكافأة يجعلها شيئا عاديا، وبالتالي يقل أثرها التربوي المقصود.
من ضمن الاختيارات التي يراعيها المربي أحيانا أيضا، أن تمنح الطفل حق اختيار المكافأة، ممكن في بعض الأوقات إذا كان ذلك مناسبا ممكن طفل يحب أشياء كثيرة وليس شيئا واحدا، لعبة معينة لكنه عنده اختيارات كثيرة، فممكن في هذه الحالة أن تمنحه حق اختيار الهدية.
لو فعلت كذا، بما أكافئك؟ تختار كذا أو كذا أو كذا ..
هذا طبعا يعطيه ثقة بنفسه أكثر ويعزز السلوك الإيجابي لديه إذا تم الوفاء بهذه الجائزة أو هذه المكافأة.
قبل أن نستطرد بهذا.
نسأل سؤالا يتعلق بالمكافأة المادية الحسية رغم أن الاحصاءات تدل على أن الإثابة الاجتماعية تأتي في المرتبة الأولى في تعزيز السلوك المرغوب.
الإثابة الاجتماعية أكثر من الناحية المادية.
فمن حيث قوة التأثير الثواب الاجتماعي وسنذكر بعضه بالتفصيل يأتي مقدما على المكافأة المادية من حيث القدرة على إحداث التغيير إلى الأحسن في سلوك الطفل.
لكن لا شك أن هناك أطفالا يفضلون المكافأة المادية.
كما قلنا: أنواع المكافأة المادية أن تعطيه بعض قطع الحلويات، مع شيء من الفقه في الصحة الغذائية.
إن هذه الحلويات مع كثرتها والإسراف فيها ممكن تؤدي إلى السمنة وإلى تسويس الأسنان ونحو ذلك.
وبالذات الشوكولاتة أو الكاكاو وهذه الأشياء فيها مادة الكافين، فكثرة الشوكولاتة مع الطفل تحدث له إدمان، فيكون مدمن كافين وهي المادة المنبهة الموجودة في الكوكاكولا والشاي والقهوة والكاكاو، فالكوكا عموما تحدث إدمان لهذه المنبهات.
فيكون هناك نوع من الثقافة الصحية في الإسراف الذي يؤدي لبعض الأضرار، لكن المهم هو إعطاؤه شيئا يحبه من طعام معين أن تشتري له لعبة أو تعطيه نقودا، أو الأم تكافئ البنت مثلا بأن تجعلها تشترك معها في صنع طعام معين أو حلويات معينة.
اللعب مع الطفل بالكرة مثلا أو اصطحابه في رحلة ترفيهية، سواء مدينة ألعاب طبعا أو حديقة حيوانات أو نحو ذلك.
هذه من ضمن المكافآت المادية.
ويراعى هذا يعني ممكن تلميذ في المدرسة تهدى له علبة ألوان أقلام.
ممكن أيضا من بعض المكافآت الاجتماعية، يعني بالمرة أيضا أن نقدر نوصل مفهوم جيد للطفل، إنك أنت مثلا لو طفل السابعة الذي بدأ يتدرب على الصلاة، تكافئه مثلا، لو عمل الشيء الفلاني، أو لم يفعل السلوك السيء الفلاني، سآخذك معي في صلاة الجماعة، فلابد أن نعطيه إحساسا بأن صلاة الجماعة هذا شيء جيد وليس عقاب واجب وإلزام محتم عليه، فلا تقل له: هيا بالعافية تعالى لتصلي الجماعة، وإنما نفهمه إن صلاة الجماعة هذه نزهة، فنجعلها مكافأة، وليس لأنها واجب وإلزام وإلا سيحصل كذا وكذا.
ولكن ممكن أن تقول له: سأكافئك بأن تأتي معي صلاة الجماعة، فهذا مع الوقت نكون فعلا نكافئه بأن يخرج وفي نفس الوقت نحثه على السلوك الحسن.
طبعا في قضية المكافأة عموما أي نوع من الإثابة يجب أن ينفذ عاجلا بدون تردد ولا تأخير، لأننا هنا نستعمل أسلوب التعليم الشرطي.
الطفل يرتبط في داخله إن العمل الحسن الذي فعله السلوك الحسن أو الانضباط الذي انضبطه ارتبط مباشرة بالإثابة فلابد أن يكون الثواب فورا عقب العمل فلابد أن تكون الأم جاهزة بالحلويات أو الفلوس أو الشيء الذي ستكافئه به، ويكون فورا لا ينفع أن تقول له: لما يأت أبوك ليلا سأجعله يحضر لك كذا.
أو يكافئك كذا، لا ينفع.
ولكن يجب أن يكون فور العمل الحسن الذي فعله الطفل حتى يحصل الربط بين السلوك الحسن وبين الإثابة والمكافأة.
التعجيل بالمكافأة مطلب شائع في السلوك الإنساني، وطبعا هي تفرق في المعاملة بين الكبار عن الصغار.
فالمكافأة بالنسبة للكبير لأن عنده إيمان ونضج، فبالنسبة للمؤمن يكون دائما الأفضل له أن يكافأ في الآخرة، يتوقع الجزاء أين؟
في الآخرة.
أما بالنسبة للطفل فهو في الغالب يتأثر أكثر بالأمور الحسية، المكافأة الحسية، لازال مبكرا أن ينتظر الثواب في الآخرة، لازال مفاهيمه لم تصل لأن يفعل ابتغاء الثواب في الآخرة.
وذكرت لكم في الأسبوع الماضي قصة ذي القرنين قال: {قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا (87) وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88)} (1)
(1) الكهف: 87 - 88.
{أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ} –في الدنيا- {ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ} –رغما عنه- {فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا (87) وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى} –في الآخرة في الجنة، حقيقة لأن عنده يقين بالجنة- {وَسَنَقُولُ لَهُ} –في الدنيا- {مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا} .
فبالنسبة للصغار لأن تفكيره متحجر تفكير مادي يتأثر أكثر بالحاجة الحسية التي يراها أو يأكلها أو يلمسها
…
الخ.
أيضا من الأمور المهمة جدا الامتناع عن اعطاء المكافأة لسلوك مشروط من قبل الطفل.
ما معنى ذلك؟
يعني إن الطفل قبل أن ينفذ السلوك هو الذي يشترط يعمل صفقة معك، يعني لو عملت كذا، تأتي لي كذا ..
هو الذي يشترط، يعني المكافأة تكون بعد العمل وليست مشروطة من الطفل قبله.
فيجب أن تكون المكافأة بعد تنفيذ السلوك المطلوب وليس قبله.
يعني قبله: بأن الطفل هو الذي يشترط، هات لي أولا كذا وسأفعل كذا.
هذا لا ينفع.
وإنما تقول له: إذا فعلت كذا سأكافئك بكذا.
لكن أن يشترط أولا فهو يتسلم أولا، يتسلم المكافأة أولا ثم يفعل.
لا المفروض إن إعطاء المكافأة يكون بعد الفعل المرغوب مباشرة.
هناك أحيانا أنواع من المكافأة على السلوك السيء، تأتي أحيانا بصورة غير مباشرة.
فأي سلوك سيء يكافئ حتى لو بصورة عارضة ممكن يحصل تدعيم وتعزيز وتكرر لهذا السلوك من الطفل.
مثلا أم تساهلت مع الطفل في إرجاء موعد نومه، فقالت له: الآن حان موعد النوم.
فالطفل مثلا لا يرغب في النوم وبكى بشدة، بكى بصورة شديدة، فالأم قالت: خلاص لأنني غير مستحملة هذه الضوضاء، فالطفل سهران أمام الكمبيوتر أو غيره.
فهي تركته لما بكى بشدة على أساس أنها تركته لعدم تحملها البكاء.
فهنا حصلت مكافأة، حصلت مكافأة لسلوك غير مرغوب.
ما هي المكافأة، أنها تنازلت عن موعد النوم بسبب أنه استعمل سلاح البكاء، فهنا هذه هي المكافأة فكان المفروض أن يلتزم البكاء.
طبعا في الحالة التي كهذه يكون لو الطفل يلعب، يفضل لو أنه سينام موعد نومه الساعة عشرة مثلا ويلعب فأنت تقول له: بقي لك ربع ساعة وتنهي اللعب حتى تدخل تنام، وبعد قليل تقول له: بقي عشرة دقائق، ثم خمس دقائق.
فلا تقطعه من اللعب فورا وتنقله إلى شيء آخر، ولكن تعطه خبرا حتى يتهيأ فإذا أتى الموعد يلتزم بالنظام.
فطبعا في الموقف الذي ذكرنا يتعلم الطفل أنه في المستقبل يمكنه أن يستعمل هذا السلاح وهو سلاح البكاء أو الصراخ لإجبار الأم أو الأب على الرضوخ لطلباته.
كنت أناقش البعض في موضوع المكافأة المادية بالنقود مثلا أو نحو ذلك خوفا من أن الأبناء يصيرون بعد ذلك نفعيين أو ماديين، هذا الخطأ هو أن الطفل يشترط أن يأخذ الجائزة مقدما ثم يعمل العمل، ممكن هذه تدعم مسألة النفعية والمادية، وبصورة مستمرة، فهذه هي الخطأ.
لكن .. أو المكافأة المادية لا يشترط أنها تؤدي إلى إنسان نفي أو مادي لأننا لا نواظب عليها باستمرار، ولا نقبلها في حالة أن يشترط الطفل أن يحصل عليها قبل السلوك، لا، بل يجب أن تكون المكافأة أيا كان نوعها بعد السلوك