المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصلفي الإيمان والدين - التعليقات على متن لمعة الاعتقاد لابن جبرين

[ابن جبرين]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة الطبعة الأولى

- ‌المقدمة

- ‌تعريف بهذه العقيدة ومؤلفها

- ‌مقدمة صاحب المتن: (ابن قدامة)

- ‌لا تمثله العقول

- ‌الكلام في أسمائه تعالى وصفاته

- ‌ المراد بالأسماء الحسنى، والصفات العلا

- ‌ ما في السماوات وما في الأرض ملك الله

- ‌الواجب على المسلم نحو أسماء الله وصفاته

- ‌الكلام في المشكل من النصوص

- ‌التأويل المذموم

- ‌كلام أئمة السلف في الصفات

- ‌ قول الإمام أحمد في هذا الباب

- ‌ قول الإمام الشافعي في هذا الباب

- ‌الترغيب في السنة والتحذير من البدعة

- ‌ قول ابن مسعود في هذا الباب:

- ‌ قول عمر بن عبد العزيز في هذا الباب:

- ‌ قول الإمام الأوزاعي في هذا الباب:

- ‌ قول الإمام الأدرمي في هذا الباب:

- ‌أمثلة لبعض الآيات والأحاديث التي أثبتت بعض الصفات

- ‌أولا: الآيات:

- ‌ صفة النفس

- ‌ثانيا: الأحاديث:

- ‌حديث الأوعال

- ‌قول الإمام مالك في الاستواء:

- ‌فصلفي إثبات‌‌ صفة الكلام

- ‌ صفة الكلام

- ‌ كلام الله بحرف وصوت مسموع:

- ‌فصلفي أن القرآن كلام الله حقيقة

- ‌عقيدة أهل السنة والجماعة في القرآن الكريم

- ‌فصلفي إثبات رؤية الله تعالى في الآخرة

- ‌فصلفي الإيمان بالقدر

- ‌عقيدة أهل السنة والجماعة في أفعال العباد:

- ‌جمع أهل السنة والجماعة بين الشرع والقدر:

- ‌فصلفي الإيمان والدين

- ‌فصلفي الإيمان بالغيب

- ‌أمثلة لبعض أمور الغيب التي يجب الإيمان بها

- ‌ حادثة الإسراء والمعراج:

- ‌ حادثة موسى مع ملك الموت:

- ‌ عذاب القبر ونعيمه

- ‌ البعث بعد الموت:

- ‌ الحساب:

- ‌ الميزان:

- ‌ الحوض والصراط:

- ‌ الشفاعة:

- ‌ الجنة والنار والموت:

- ‌فصلفي حق الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه

- ‌الكلام في أمة محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه:

- ‌الكلام في العشرة المبشرين بالجنة:

- ‌عقيدة السلف في الصحابة وما حدث بينهم

- ‌عقيدة السلف في أزواج الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌حق ولاة الأمر على رعاياهم

- ‌المبتدعة وموقف أهل السنة والجماعة منهم

- ‌الكلام على الاختلاف في الفروع

الفصل: ‌فصلفي الإيمان والدين

‌فصل

في الإيمان والدين

والإيمان قول باللسان، وعمل بالأركان، وعقد بالجنان، يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان، قال الله تعالى:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} فجعل عبادة الله، وإخلاص القلب، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، كله من الدين.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق» فجعل القول والعمل من الإيمان، وقال تعالى:{فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا} وقال: {لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا} وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله، وفي قلبه مثقال برة، أو خردلة، أو ذرة من الإيمان» فجعله متفاضلا.

(أ) ما الإيمان لغة وشرعا مع الدليل؟

(ب) وما معنى كون الأعمال من مسمى الإيمان؟

(ج) وما الدليل على زيادته ونقصه وتفاضله؟

(د) وما المراد بالزيادة والنقص؟

ص: 129

(أ) الإيمان لغة: التصديق الجازم بالشيء، ودليله قوله تعالى:{وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا} أي: بمصدق.

وشرعا: ما ذكر في المتن من كونه قولا باللسان، وعملا بالأركان، واعتقادا بالجنان، والأدلة عليه كثيرة، كقوله تعالى:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} أي: صلاتكم إلى الشام قبل صرف القبلة.

وتكرر في السنة جعل الأقوال والأعمال من الإيمان، ففي الصحيحين عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لوفد عبد القيس:«آمركم بالإيمان بالله» ثم فسره بالشهادتين، وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل خصال الخير من الإيمان كصيام رمضان، وقيامه، وقيام ليلة القدر، والجهاد، والحج، واتباع الجنائز، وأداء الأمانات، ونحوها.

وكذا الحديث المذكور، وهو حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان» رواه البخاري ومسلم فالشهادة قول باللسان، والإماطة: عمل جوارح، والحياء: عمل قلب، وقد جعل ذلك كله من شعب الإيمان.

ص: 130

(ب) ومعنى كون الأعمال من الإيمان: أن المؤمن الموقن بكل ما جاء عن الله، يحمله يقينه على المبادرة إلى العمل، فتكون تلك الأعمال من الإيمان والدين الذي يدين به، لأن الباعث عليها ما في القلب من اليقين.

وقول اللسان: يراد به الكلام كالشهادتين، والذكر، والدعاء، والتلاوة، وسائر الأقوال الخيرية.

والعمل بالأركان: وهي الجوارح، وهو: كالصلاة، والصوم، والحج، والجهاد، وتغيير المنكر باليد، ونحوها.

والعقد بالجنان: أي: بالقلب يراد به التصديق، والإخلاص، والتوكل، والمحبة، ونحوها، وكل هذه الأعمال من مسمى الإيمان، لأنها من آثاره.

وذهب بعض (المعتزلة) أن الإيمان مجرد التصديق فقط، فكل من صدق الرسول عليه الصلاة والسلام، وإن لم يتبعه، كاليهود، فهو مؤمن عندهم.

وعند (الجهمية) الإيمان هو: المعرفة بالله فقط، فإبليس، وفرعون والمشركون، واليهود، والنصارى، ونحوهم، مؤمنون كاملو الإيمان عند الجهمية، لأنهم يقرون بوجود الله، ويؤمنون به ربا وخالقا، وإن جحده بعضهم كفرعون عنادا.

وقالت (المرجئة) : الإيمان هو الإقرار باللسان، دون عقد القلب، فالمنافقون عندهم مؤمنون لأنهم مقرون بألسنتهم، وهناك أقوال أخر ظاهرة البطلان.

ص: 131

ودلالة آية البينة ظاهرة، حيث ذكر العبادة، والإخلاص، والصلاة، والزكاة، ثم قال:{وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} والدين هو: الإيمان، وهذا كقوله صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل المشهور «هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم» فجعل أركان الإسلام الظاهرة، وأركان الإيمان، وركن الإحسان، كل ذلك من الدين.

(ج) وأما أدلة زيادة الإيمان ونقصانه فكثيرة جدا، كقوله تعالى {فَزَادَهُمْ إِيمَانًا} وقوله:{لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ} وقوله: {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا} وقوله: {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا} وقوله: {فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا} وكل ما قبل الزيادة، قبل النقص.

وفي الصحيحين قول النبي صلى الله عليه وسلم في خطبة العيد: «ما رأيت من ناقصات عقل ودين» إلخ.

ص: 132

(د) والمراد بالزيادة والنقص: تفاضل الناس في الدين، بحسب كثرة العمل، وما يقوم بالقلب؛ فإذا عمل خيرا كذكر وصدقة وجهاد، زاد إيمانه، فإن عمل معصية كَسَبٍّ ونهب وكِبر وحسد، نقص إيمانه، فهذا سبب التفاضل في الأعمال والأديان.

قوله صلى الله عليه وسلم: «يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله وكان في قلبه مثقال برة أو خردلة أو ذرة من الإيمان» رواه البخاري ومسلم وغيرهما بألفاظ كثيرة، وهو ظاهر في تفاضل أهل الإيمان، بحسب ما يقوم بالقلب، من قوة اليقين، أو ضعفه.

و (البرة) : الحبة من البر أي: الحنطة المعروفة.

و (الخردلة) : حبة الخردل أي: الشجر المعروف وحبه ضرب من الحرف يشبه حب الرشاد إلا أنه أصغر منه.

و (الذرة) : واحدة الذر، هو صغار النمل المعروف.

ص: 133