الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
-بدعة الخوارج الوعيدية ومن تبعهم في مسائل الإيمان، ومقابلة المرجئة بطوائفها لهم ببدعتهم، والحق وسط بينهما!
-وفي باب الصفات ببدعة الممثلة المشبهة، ومقابلة المعطلة لهم.
-وفي باب القدر والإرادة بين بدعة القدرية نفاة القدر، وماقابلها من بدعة الجبرية الغلاة في إثباته.
-وفي باب الصحابة والإمامة بين بدعة الخوارج النواصب وما قابلهم من بدعة الروافض.
والحق في كل هو الوسط بين تلك البدع!
ومسائل الإيمان من ذلك، وقد اندرج تحتها عدة مسائل ومباحث بعضها يكون غرة عن بعض.
وأستعين الله بعرض بعض من مسائله المهمة، فبالله التوفيق، ومنه العون والتسديد، وهو حسبي ونعم الوكيل.
مسألة تعريف الإيمان ومسماه:
وهذه المسألة هي الأساس الذي ينبني عليه الخلاف وثمراته في مسائل الإيمان.
واختُلف فيما يقع عليه اسم الإيمان، وما يُراد به اختلافاً كثيراً (1) ، أعرض هاهنا لمجمل الأقوال في المسألة التي لها شهرة، وينبني عليها فهم أهلها واعتقادهم بالمراد بالإيمان.
1ـ قول عامة أهل السنة وأهل الحديث:
…
أن الإيمان إقرار باللسان، واعتقاد بالجنان، وعمل بالأركان يزيد بطاعة الرحمن، وينقص بطاعة الشيطان.
2ـ قول الوعيدية من الخوارج والمعتزلة:
…
أن الإيمان قول باللسان واعتقاد بالجنان وعمل بالأركان، والعمل شرط في الإيمان يوجد بوجوده، ويعدم بعدمه. فهم وافقوا أهل السنة في مسمى الإيمان لفظاً، وخالفوهم في حقيقته ومعناه، فجعلوا الإيمان يزول بزوال العمل مطلقاً من غير تفصيل في نوع العمل؟!
3ـ قول المرجئة، وهم في هذه المسألة طوائف كثيرة أشهرهم:
(1) ينظر في هذه الأقوال المقالات للأشعري 1/125، 149، 204، 223، 329، وتبصرة الأدلة لأبي المعين النسفي 2/789 وما بعدها، والفرقان بين الحق والباطل ضمن المجموع 13/47-51، والإيمان الكبير لابن تيمية 72، والإيمان الأوسط له 509-511،543-550، وشرح الطحاوية 459 وما بعدها.
أـ المرجئة المحضة وهم الجهمية ومن وافقهم من القدرية وغيرهم: والإيمان عندهم هو المعرفة بالله، والكفر الجهل به، وفساد هذا القول بيِّن ظاهر جداً.
ب ـ قول جمهور الأشاعرة:
…
... بأن لإيمان هو تصديق القلب فقط.
…
... وربما جنح متكلموهم فيه إلى قول الجهمية بأنه معرفة القلب.
ج- المرجئة الكرَّامية وهو قول ابن كلاب والرقاشي؛ بأن الإيمان تصديق القلب، أما الإقرار باللسان فحسب. ومن لوازمه الباطلة اعتبار المنافقين مؤمنين؟!
د- قول الماتريدية ورواية عن أبي حنيفة: بأن الإيمان تصديق القلب، أما الإقرار باللسان فركن زائد فيه ليس بأصلي، حيث يسقط بالإكراه ونحوه.
هـ-قول مرجئة الفقهاء، هو قول الشمرية والنجارية والغيلانية من طوائف المرجئة، بأن الإيمان قول باللسان، وتصديق بالجنان.
الأصل الجامع للنزاع في المسألة:
هذا وقد استقرأ الشيخ أبو العباس ابن تيمية هذا الأصل الجامع للنزاع في الإيمان من خلال سبره لأقوال الطوائف في الإيمان وتمحيصه لحقائقها، وهو المطلع على أقوال أهل المقالات اطلاعاً لم يُعرف له نظير.
وهذه الأصول هي في الواقع قواعد قعَّدها –رحمه الله في مواقف تلك الطوائف من دلائل الوحي في مسألة الإيمان، وأجوبتهم عليها.
وهي:
* الأصل الأول:
قال رحمه الله في الإيمان الأوسط: ((وأصل نزاع هذه الفرق في الإيمان من الخوارج والمرجئة والمعتزلة والجهمية وغيرهم أنهم جعلوا الإيمان شيئاً واحداً، إذا زال بعضه زال جميعه، وإذا ثبت بعضه ثبت جميعه.
فلم يقولوا بذهاب بعض وبقاء بعض، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:((يخرج من النار من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من الإيمان)) .اهـ (1) .
* الأصل الثاني:
ما ضمَّنه شرحه للأصفهانية حيث قال:
((وأصل هؤلاء أنهم ظنوا أن الشخص الواحد لا يكون مُستحقاً للثواب والعقاب، والوعد والوعيد، والحمد والذم. بل إما لهذا وإما لهذا، فأحبطوا جميع حسناته بالكبيرة التي فعلها..)) اهـ (2) .
وهذا هو معنى أن يجتمع في العبد: إيمان وكفر، وإسلام ونفاق، وسنة وبدعة، وطاعة ومعصية.. وهو الحق الذي دلت عليه نصوص الإيمان من الكتاب والسنة.
* الأصل الثالث:
ما ذكره العلماء- رحمهم الله من طريقة أهل البدع في تلقي النصوص والشريفة ((الوحي)) سواء كانوا من الوعيدية من الخوارج والمعتزلة، أو من المرجئة على تنوع مراتبهم وأصنافهم، فهم لا يجمعون بين نصوص الوعد والوعيد؛ بل إنهم – في استدلالهم، ينفردون فيهما بما يؤيد مذاهبهم.
أ-فالوعيدية يستدلون بنصوص الوعيد، ويهملون نصوص الوعد، أو لا يجمعونها مع نصوص الوعيد في التلقي والاستدلال.
ب-وكذلك المرجئة يعوّلون على نصوص الوعد، دون اعتبار للنصوص الواردة في الوعيد، وجمعها في التلقي والاستدلال مع نصوص الوعد. فكلاهما آمنوا ببعض الكتاب وكفروا ببعض.
أما أهل السنة والجماعة فآمنوا بالكتاب كله، وعولَّوا على النصوص جميعها، فنظروا إلى نصوص الوعيد مع نصوص الوعد، فلم يضطربوا ولم يفرقوا بين المتماثلات وإنما كانوا الأمة الوسط، وأسعد الفريقين بالمذهب الحق.
* الأصل الرابع:
(1) انظره في المجموع (7/510) ، وانظر ما بعده، وشرح حديث ((إنما الأعمال بالنيات)) في المجموع (18/270، 276) ، والإيمان الكبير (209-211) ، والفرقان بين الحق والباطل في المجموع 13/48-50، وشرح الأصفهانية (143-144) ، والحديث مخرج في الصحيحين.
(2)
في شرح الأصفهانية (137-138) ، وانظر الفرقان بين الحق والباطل (13-48) .