الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وسبب غلوهم: الجهل بما دل عليه الكتاب والسنة؛ فأدَّاهم جهلهم وقصورهم في الفهم إلى أن كفَّروا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من السابقين الأولين. فإذا كان قد جرى في عهد النبوة من يطعن على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويكفر أصحابه، فلا يبعد أن يجيء في آخر هذه الأمة من يقول بقولهم ويرى رأيهم، وهؤلاء الناس الذين هاجروا إلينا وبايعونا ما ندري عن حقيقة أمرهم.
وعلى كل حال إذا عملتم بالتوحيد، وأنكرتم الشرك والضلال، وفارقتم أهل البدع، فلا يلزمكم هجرة عن الوطن والمال، بل يجب عليكم الدعوة إلى الله، وطلب أدلة التوحيد في كتاب الله، وتأمل كلام الشيخ في مصنفاته، فإنه -رحمه الله تعالى- بيَّن وحقق، وأنتم سالمين 1. والسلام.
1 هذا الكلام به مخالفة لمقتضى الإعراب مجاراة للغة العوام في خطابهم.
[مسائل شتى سئل عنها الشيخ عبد الله أبو بطين]
[الإيمان بالصفات]
مسألة: قول الشيخ عثمان -رحمه الله تعالى-: والحاصل أن الصفة تارة تعتبر من حيث هي هي، وتارة من حيث قيامها به، وتارة من حيث قيامها بغيره، وليست الاعتبارات الثلاث متماثلة، إذ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} 1 لا في ذاته، ولا في شيء من صفاته، ولا في شيء من أفعاله، {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} 2.
فاحفظ هذه القاعدة فإنها مهمة جدا، بل هي التي أغنت السلف الصالح عن تأويل آيات الصفات وأحاديثها، وهي العاصمة لهم من أن يفهموا من الكتاب والسنة مستحيلا على الله -تعالى- من تجسيم أو غيره.
ثم بعد إثباتي لهذه القاعدة رأيتها منصوصة في كلام السيد المعين، ثم رأيته قد سبقه إليها العلامة ابن القيم. انتهى.
بيّن لنا هذه الاعتبارات الثلاث التي ذكر، وما يتعلق بها من ذكر الدليل، ومن هو السيد الذي ذكر؟
1 سورة الشورى آية: 11.
2 سورة الشورى آية: 11.
مسألة أيضا: قوله عز وجل: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ} 1، قال سفيان رحمه الله:"فرَّق الله بين الخلق والأمر، فمن جمع بينهما فقد كفر".
بيّن لنا قول سفيان -قدَّس الله روحه، ونوَّر ضريحه-، وما صفة الجمع وضده في قوله: فمن جمع. إلخ؟
[السنة في الشرب]
مسألة أيضا: ما يروى عن ابن عمر:"نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشرب على بطوننا، ونهانا أن نغرف باليد الواحدة كما يشرب القوم الذين سخط الله عليهم، ولا نشرب بالليل في إناء حتى نحركه إلا أن يكون مخمرا، ومن شرب بيد وهو يقدر على إناء يريد التواضع كتب الله له بعدد أصابعه حسنات، وهو إناء عيسى بن مريم عليه السلام" 2 في إسناده بقية بن الوليد.
جواب الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبو بطين 3، آتاه الله أجره مرتين.
قول الشيخ عثمان: الصفة تعتبر من حيث هي هي إلخ. يعني لها ثلاث اعتبارات: تارة تعتبر من حيث هي هي، أي تعتبر منفردة من غير تعلقها بمحل، مثال ذلك: البصر، فيقال: البصر من حيث هو هو: ما تدرك به المبصرات، ومن حيث تعلقه بمخلوق فيقال: هو نور في شحمة تسمى إنسان العين تحت سبع طبقات في حدقة ينطبق عليها جفنان. وأما بالنسبة إلى الرب -سبحانه- فنقول: هو سبحانه سميع بسمع، بصير ببصر، ليس كسمع المخلوق، ولا كبصر المخلوق، وهكذا سائر الصفات.
ومراده بالسيد معين الدين: هو أبو المعالي محمد بن صفي الدين الحنبلي.
الخلق والأمر
وأما قول سفيان في قوله -سبحانه-: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ} 4، فمراده بذلك الرد على من يقول: إن كلام الله مخلوق. يقول: إن الله سبحانه وتعالى عطف الأمر على
1 سورة الأعراف آية: 54.
2 ابن ماجه: الأشربة 3431.
3 هذا الكلام به مخالفة لمقتضى الإعراب مجاراة للغة العوام في خطابهم.
4 سورة الأعراف آية: 54.
الخلق، وأمره هو كلامه، فمن قال: إن كلام الله مخلوق فقد جعل أمره مخلوقا، فجمع بين الخلق والأمر، والله -سبحانه- قد فرق بينهما بعطفه الأمر على الخلق، فالمعطوف غير المعطوف عليه. والمراد بسفيان هو سفيان بن عيينة الإمام المعروف -رحمه الله تعالى-.
السنة في الشرب
وما ذكرت من النهي عن الشرب باليد الواحدة، وحديث الترغيب في الشرب باليد، فلا أظن لذلك أصلا.
وأما الشرب على البطن يراد به الكرع في الماء، فقد ورد حديث يدل على جواز الكرع. ففي البخاري:"أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على رجل من الأنصار فقال له: إن كان عندك ماء بات هذه الليلة في شنة وإلا كرعنا" 1، والكرع هو: الشرب من النهر ونحوه بالفم من غير إناء ولا يد. وورد حديث رواه ابن ماجه بالنهي عن الشرب كذلك، فيحمل هذا إن صح على ما إذا انبطح الشارب على بطنه، وحديث البخاري إذا لم ينبطح، أو يحمل النهي على التنْزيه، وحديث البخاري على الجواز. والله سبحانه وتعالى أعلم.
وسئل أيضا: الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن عن معنى قول الشيخ محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني -رحمة الله عليه-: ولا ينفع المشرك قوله: أنا لا أشرك بالله شيئا لأن فعله أكذب قوله، فإن قلت: هم جاهلون أنهم مشركون بما يفعلون، قلت: قد صرَّح الفقهاء في باب الردة أن من تكلم بكلمة الكفر يكفر وإن لم يقصد معناها. وهذا دال على أنهم لا يعرفون حقيقة الإسلام، ولا ماهية التوحيد، فصاروا حينئذ كفارا كفرا أصليا، فإن الله -تعالى- قد فرض على عباده إفراده بالعبادة، أن لا يعبدوا إلا إياه. ذكره في تطهير الاعتقاد.
1 البخاري: الأشربة 5613 ، وأبو داود: الأشربة 3724 ، وابن ماجه: الأشربة 3432 ، وأحمد 3/328 ،3/343 ،3/344 ،3/355 ، والدارمي: الأشربة 2123.