الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُبْتَدَأُ أَبْوَابٍ فِي الرَّدِّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ وَبَيَانِ أَنَّ الْجَنَّةَ مَخْلُوقَةٌ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَهَا، وَأَنَّهَا فَوْقَ السَّمَوَاتِ، وَأَنَّ السِّدْرَةَ الْمُنْتَهَى فَوْقَهَا، وَأَنَّ اللَّهَ فَوْقَهَا، وَأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم انْتَهَى إِلَيْهَا، وَأَنَّهُ دَنَا مِنْ رَبِّ الْعِزَّةِ وَرَبُّ الْعِزَّةِ دَنَا مِنْهُ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ
أَدْنَى، وَأَنَّ مَا غَشِيَ السِّدْرَةَ مِنَ الْأَلْوَانِ كَانَ مِنْ نُورِهِ تبارك وتعالى، وَأَنَّ الْكَوْثَرَ الَّذِي أُعْطِيَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم هُوَ: مَخْلُوقٌ وَمَوْجُودٌ وَهُوَ نَهْرٌ مِنْ مَاءٍ تُرَابُهُ الْمِسْكُ، وَصِفَةُ الْحَوْضِ وَمِائِهِ، وَأَنَّ مَنْ بَدَّلَ مَا كَانَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ أُمَّتِهِ لَمْ يَرِدْ حَوْضَهُ، وَأَنَّ النِّيلَ وَالْفُرَاتَ أَصْلُهُمَا فِي السَّمَاءِ وَإِثْبَاتَ صَرِيفِ الْأَقْلَامِ فَوْقَ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ، وَأَنَّ مُوسَى رُفِعَ فَوْقَ الْأَنْبِيَاءِ بِكَلَامِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى
353 -
حَدَّثَنَا حَمْدَانُ بْنُ الْجُنَيْدِ الدَّقَّاقُ قَالَ: ثنا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ قَالَ: ثنا ابْنُ أَبْجَرَ، وَمُطَرِّفُ بْنُ طَرِيفٍ، سَمِعَا الشَّعْبِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ رَفَعَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ مُوسَى سَأَلَ رَبَّهُ قَالَ: أَيُّ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَدْنَى مَنْزِلَةً؟ قَالَ: " رَجُلٌ يَجِيءُ بَعْدَ مَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ فَيُقَالُ لَهُ: ادْخُلِ الْجَنَّةَ، فَيَقُولُ: كَيْفَ وَقَدْ نَزَلُوا مَنَازِلَهُمْ وَأَخَذُوا أَخَذَاتِهِمْ؟ فَيُقَالُ لَهُ: أَفَتَرْضَى أَنْ يَكُونَ لَكَ مَا كَانَ لِمَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الدُّنْيَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، أَيْ رَبِّ، فَيُقَالُ: ذَلِكَ لَكَ وَمَعَ هَذَا مَا اشْتَهَتْ نَفْسُكَ وَلَذَّتْ عَيْنُكَ "، قَالَ مُوسَى: أَيْ رَبِّ فَأَيُّ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَرْفَعُ مَنْزِلَةً؟ قَالَ: " إِيَّاهَا أَرَدْتَ وَسَأُحَدِّثُكَ عَنْهُمْ غَرَسْتُ كَرَامَتَهُمْ بِيَدِي، وَخَتَمْتُ عَلَيْهَا فَلَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، وَذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 17] "
354 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، وَأَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَا: ثنا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَخْبَرَهُ قَالَ: كَانَ أَبُو ذَرٍّ
⦗ص: 119⦘
يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " فُرِّجَ سَقْفُ بَيْتِي وَأَنَا بِمَكَّةَ فَنَزَلَ جِبْرِيلُ فَفَرَجَ صَدْرِي، ثُمَّ غَسَلَهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا فَأَفْرَغَهَا فِي صَدْرِي، ثُمَّ أَطْبَقَهُ ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي، فَعَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ، فَلَمَّا جِئْنَا السَّمَاءَ قَالَ جِبْرِيلُ لِخَازِنِ السَّمَاءِ الدُّنْيَا: افْتَحْ، قَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا جِبْرِيلُ، قَالُوا: هَلْ مَعَكَ أَحَدٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، مَعِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَفُتِحَ فَلَمَّا عَلَوْنَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا إِذَا رَجُلٌ عَنْ يَمِينِهِ أَسْوِدَةٌ وَعَنْ يَسَارِهِ أَسْوِدَةٌ فَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ شِمَالِهِ بَكَى قَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالِابْنِ الصَّالِحِ قَالَ: قُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا آدَمُ وَهَذِهِ الْأَسْوِدَةُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ نَسَمُ بَنِيهِ فَأَهْلُ الْيَمِينِ هُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ، وَالْأَسْوِدَةُ الَّتِي عَنْ شِمَالِهِ أَهْلُ النَّارِ فَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَمِينِهِ ضَحِكَ، وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ شِمَالِهِ بَكَى قَالَ: ثُمَّ عَرَجَ بِي جِبْرِيلُ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ فَقَالَ لِخَازِنِهَا: افْتَحْ، فَقَالَ لَهُ خَازِنُهَا مِثْلَ مَا قَالَ خَازِنُ السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَفَتَحَ " قَالَ أَنَسٌ: فَذَكَرَ أَنَّهُ وَجَدَ فِي السَّمَاوَاتِ آدَمَ وَإِدْرِيسَ وَمُوسَى وَعِيسَى وَإِبْرَاهِيمَ، وَلَمْ يُثْبِتْ كَيْفَ كَانَ مَنَازِلُهُمْ غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ أَنَّهُ قَدْ وَجَدَ آدَمَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا وَإِبْرَاهِيمَ فِي السَّمَاءِ السَّادِسَةِ قَالَ: فَلَمَّا مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجِبْرِيلُ بِإِدْرِيسَ قَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالْأَخِ الصَّالِحِ، قَالَ:" ثُمَّ مَرَّ فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا إِدْرِيسُ قَالَ: ثُمَّ مَرَرْتُ بِمُوسَى قَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالْأَخِ الصَّالِحِ، قَالَ: قَالَ قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا مُوسَى قَالَ: ثُمَّ مَرَرْتُ بِعِيسَى فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالْأَخِ الصَّالِحِ، قَالَ: قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا عِيسَى قَالَ: ثُمَّ مَرَرْتُ بِإِبْرَاهِيمَ قَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالِابْنِ الصَّالِحِ، قَالَ: قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا إِبْرَاهِيمُ " قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ حَزْمٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا حَبَّةَ الْأَنْصَارِيَّ كَانَا يَقُولَانِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «ثُمَّ عُرِجَ بِي حَتَّى ظَهَرْتُ بِمُسْتَوًى أَسْمَعُ فِيهِ صَرِيفَ الْأَقْلَامِ» قَالَ ابْنُ حَزْمٍ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «فَفَرَضَ اللَّهُ عَلَى أُمَّتِي خَمْسِينَ صَلَاةٍ» ، قَالَ: " فَرَجَعْتُ بِذَلِكَ حَتَّى أَمُرَّ بِمُوسَى فَقَالَ مُوسَى: مَا فَرَضَ رَبُّكَ عَلَى أُمَّتِكَ قُلْتُ: فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسِينَ صَلَاةٍ، قَالَ لِي مُوسَى: فَرَاجِعْ رَبَّكَ؛ فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ، فَرَاجَعْتُ رَبِّي فَوَضَعَ شَطْرَهَا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَأَخْبَرْتُهُ قَالَ: رَاجِعْ رَبَّكَ؛ فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ، قَالَ: فَرَاجَعْتُ رَبِّي، فَقَالَ: هِيَ خَمْسٌ وَهِيَ خَمْسُونَ لَا
⦗ص: 120⦘
يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ، قَالَ: فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ: رَاجِعْ رَبَّكَ، فَقُلْتُ: قَدِ اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّي، قَالَ: ثُمَّ انْطَلَقَ بِي حَتَّى نَأْتِيَ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى فَغَشِيَهَا أَلْوَانٌ لَا أَدْرِي مَا هِيَ قَالَ: ثُمَّ أُدْخِلْتُ الْجَنَّةَ فَإِذَا فِيهَا جَنَابِذُ اللُّؤْلُؤِ وَإِذَا تُرَابُهَا الْمِسْكُ "
355 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْأَيْلِيُّ قَالَ: ثنا سَلَامَةُ بْنُ رَوْحٍ، عَنْ عُقَيْلٍ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو ذَرٍّ الْغِفَارِيُّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«فُرِجَ سَقْفُ بَيْتِي وَأَنَا بِمَكَّةَ فَنَزَلَ جِبْرِيلُ فَفَرَجَ صَدْرِي، ثُمَّ غَسَلَهُ بِمَاءٍ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مَمْلُوءًا حِكْمَةً وَإِيمَانًا فَأَفْرَغَهَا فِي صَدْرِي» ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِ حَدِيثِ يُونُسَ بِتَمَامِهِ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ وَلَمْ يَقُلْ نَسَمَةً فَقَطْ
356 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السِّجْزِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّبَرِيُّ قَالَا: ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَا: أنبا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ:«فُرِضَتْ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ الصَّلَوَاتُ خَمْسِينَ ثُمَّ نُقِصَتْ حَتَّى جُعِلَتْ خَمْسًا، ثُمَّ نُودِيَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّهُ لَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ، وَإِنَّ لَكَ بِهَذِهِ الْخَمْسِ خَمْسِينَ»
357 -
حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ قَالَ: حَدَّثَنِي شَرِيكُ بْنُ أَبِي نَمِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُنَا، عَنْ لَيْلَةَ " أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فَوَجَدَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا آدَمَ فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: هَذَا أَبُوكَ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَرَدَّ عَلَيَّ فَقَالَ: مَرْحَبًا بِكَ وَأَهْلًا يَا بُنَيَّ فَنِعْمَ الِابْنُ أَنْتَ، فَإِذَا هُوَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا بِنَهَرَيْنِ يَطَّرِدَانِ فَقَالَ: مَا هَذَانِ يَا جِبْرِيلُ قَالَ: هَذَا النِّيلُ وَالْفُرَاتُ عُنْصُرُهُمَا، ثُمَّ مَضَى بِهِ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَإِذَا بِنَهَرٍ آخَرَ عَلَيْهِ قَصْرٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ وَزَبَرْجَدٍ فَذَهَبَ يَشُمُّ تُرَابَهُ، فَإِذَا هُوَ مِسْكٌ قَالَ: يَا جِبْرِيلُ مَا هَذَا النَّهَرُ؟ قَالَ: هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِي خَبَأَ لَكَ رَبُّكَ، ثُمَّ عُرِجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ فَقَالَتْ لَهُ الْمَلَائِكَةُ مِثْلَ مَا قَالَتْ لَهُ فِي الْأُولَى " - وَذَكَرَ قِصَّةَ السَّمَوَاتِ - قَالَ: وَكُلُّ سَمَاءٍ فِيهَا أَنْبِيَاءُ قَدْ سَمَّاهُمْ أَنَسٌ فَوَعَيْتُ مِنْهُمْ إِدْرِيسَ وَهَارُونَ وَإِبْرَاهِيمَ فِي السَّادِسَةِ، وَمُوسَى فِي السَّابِعَةِ بِفَضْلِ كَلَامِهِ اللَّهَ فَقَالَ مُوسَى: لَمْ أَظُنَّ أَنْ
⦗ص: 121⦘
يُرْفَعَ عَلَيَّ أَحَدٌ، ثُمَّ عَلَا بِهِ فِيمَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ حَتَّى جَاءَ بِهِ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى، وَدَنَا الْجَبَّارُ رَبُّ الْعِزَّةِ تبارك وتعالى، فَتَدَلَّى حَتَّى كَانَ مِنْهُ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى اللَّهُ فِيمَا أَوْحَى خَمْسِينَ صَلَاةٍ عَلَى أُمَّتِهِ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، ثُمَّ هَبَطَ حَتَّى بَلَغَ مُوسَى فَاحْتَبَسَهُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ مَا عَهِدَ إِلَيْكَ رَبُّكَ؟ قَالَ: عَهِدَ إِلَيَّ خَمْسِينَ صَلَاةٍ عَلَى أُمَّتِي كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ قَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ لَا تَسْتَطِيعُ فَارْجِعْ فَلْتُخَفِّفْ عَنْكَ وَعَنْهُمْ فَالْتَفَتَ إِلَى جِبْرِيلَ كَأَنَّهُ يَسْتَشِيرُهُ فِي ذَلِكَ وَأَشَارَ إِلَيْهِ أَنْ نَعَمْ إِنْ شِئْتَ، فَعَلَا بِهِ جِبْرِيلُ حَتَّى أَتَى إِلَى الْجَبَّارِ وَهُوَ فِي مَكَانِهِ فَقَالَ: يَا رَبِّ خَفِّفْ عَنَّا؛ فَإِنَّ أُمَّتِي لَا تَسْتَطِيعُ هَذَا، فَوَضَعَ عَنْهُ عَشْرَ صَلَوَاتٍ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مُوسَى فَاحْتَبَسَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُرَدِّدُهُ مُوسَى إِلَى رَبِّهِ حَتَّى صَارَ إِلَى خَمْسِ صَلَوَاتٍ، ثُمَّ احْتَبَسَهُ عِنْدَ الْخَامِسَةِ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ قَدْ رَاوَدْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى أَدْنَى مِنْ هَذِهِ الْخَمْسِ فَضَيَّعُوهُ وَتَرَكُوهُ، وَأُمَّتُكَ أَضْعَفُ أَجْسَادًا وَقُلُوبًا وَأَبْصَارًا وَأَسْمَاعًا، فَارْجِعْ فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ رَبُّكَ كُلُّ ذَلِكَ يَلْتَفِتُ إِلَى جِبْرِيلَ لِيُشِيرَ عَلَيْهِ فَلَا يَكْرَهُ ذَلِكَ جِبْرِيلُ فَيَرْفَعُهُ فَرَفَعَهُ عِنْدَ الْخَامِسَةِ فَقَالَ: يَا رَبِّ إِنَّ أُمَّتِي ضِعَافٌ أَجْسَامُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ وَأَسْمَاعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ فَخَفِّفْ عَنَّا فَقَالَ: إِنِّي لَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ هِيَ خَمْسُونَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ، وَهِيَ خَمْسٌ عَلَيْكَ فَرَجَعَ إِلَى مُوسَى فَقَالَ: كَيْفَ فَعَلْتَ؟ فَقَالَ: خَفَّفَ عَنَّا أَعْطَانَا بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا قَالَ: قَدْ رَاوَدْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى أَدْنَى مِنْ هَذَا فَتَرَكُوهُ فَارْجِعْ فَلْتُخَفِّفْ عَنْكَ أَيْضًا قَالَ: قَدِ اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّي مِمَّا أَخْتَلِفُ إِلَيْهِ قَالَ: فَاهْبِطْ بِسْمِ اللَّهِ "
358 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ كَثِيرٍ الْحَرَّانِيُّ قَالَ: ثنا مُؤَمَّلُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: ثنا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «حَوْضِي أَبْعَدُ مِنْ أَيْلَةَ إِلَى عَدَنَ، وَهُوَ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ الثَّلْجِ وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَلَآنِيَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ النُّجُومِ وَإِنِّي لَأَصُدُّ النَّاسَ عَنْهُ كَمَا يَصُدُّ الرَّجُلُ إِبِلَ النَّاسِ عَنْ حَوْضِهِ» ، قُلْنَا: وَتَعْرِفُنَا يَوْمَئِذٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، لَكُمْ سِيمَا لَيْسَتْ لِأَحَدٍ مِنَ الْأُمَمِ تَرِدُونَ عَلَيَّ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنَ الْوُضُوءِ "
⦗ص: 122⦘
359 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ بْنُ كَعْبٍ قَالَ: ثنا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ طَارِقٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِنَحْوِهِ ح