الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإسلام والمرأة
عندما تداعي محور الكفر على الإسلام وأهله، وأخذوا زمام المبادرة في قيادة البشرية، ارتفعوا بما في مجال التقدم العلمي، والحضارة المادية، إلا أن البشرية وقفت على حافة الهاوية بسبب إفلاسها في جانب الدين والأخلاق، وظهر الفساد في البر والبحر، وعرف الأعداء الذين درسوا تاريخنا وحقائق حياتنا، أن سر عظمتنا هو إسلامنا وعقيدتنا الربانية، التي ترقي بنا عن بريق الدنيا ومتاعها الزائل؛ لذا عمدوا إلى استلال مفاهيم العقيدة السليمة من قلوبنا، بالحكمة حينا وبالمكر والخداع حينا آخر، وبتخطيط ماكر استطاعوا أن يسلخوا المسلمين عن دينهم، وذلك بإقناع السذج منهم أن الإسلام تحفة قديمة، غالية الثمن إلى حد أنه يصعب استخدامها في هذا الزمن الأهوج، ولا بد من حفظ تلك التحفة على أجمل الرفوف، وفي أفخم الخزائن البلورية، تريك كل شيء لكنك لا تستطيع لمسها. وبهذه الصورة الرائعة من الخداع أبعدوا المسلمين عن شرعهم العظيم وعقيدتهم الصحيحة.
وقد أنبأنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخطر الذي يتهدد المسلمين إذا ما ابتعدوا عن دينهم وعقيدتهم. فقد روى أبو داود، عن ثوبان رضي الله عنه مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يوشك أن تداعي عليكم الأمم كما تداعي الأكلة إلى قصعتها. فقال قائل: أومن قلة نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن. فقال قائل: يا رسول الله؛ وما الوهن؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت".
وأصبح حال المسلمين، كما قال الشاعر:
أني نظرت إلى الإسلام في بلد
…
رأيته كالطير مقصوصا جناحاه
وفي هذا الجو المشحون بالفوضي نشأ جيل مسلم، وجد الطريق، ولكنه تخبط وتعثر في خطواته، ولم يتعلم من كبواته كيف يقف ويصحح المسيرة، ويعترف بالخطأ، ويحدد العزم، ويمضي من جديد، فها نحن نرى الشباب الحائر الضائع، لاهثا وراء الشهوات، وقد ملئت بهم جامعاتنا ومعاهدنا ومدارسنا، وصارت كأنها مسرح يتسابق فيه الشباب
والفتيات، لإظهار حبهم للغرب ومواكبة أفكاره ومبادئه، التي تعتبر حسب زعمهم قمة التطور والحضارة المعاصرة.
وكم يعتصرنا الحزن عندما نرى فتيات في عمر الزهور يقعن فريسة التقليد الأعمى للممثلات والمغنيات الغربيات، وشبابا في ريعان الصبا، ولكنه مائع مستهتر بمبادئ الدين والأخلاق.
فمن هو المسئول عن ضياع هؤلاء جميعا؟
لكي نجيب على هذا السؤال لابد أن نقف على حقيقة هامة؛ وهي: إن المرأة طرف فيما يتعرض له هذا الجيل من ضياع وانحراف عن طريق الهدى والرشاد، فلقد طالها جانب كبير من مؤامرة أهل الغي والضلال، حيث إنهم اهتدوا إلى معرفة سر قوة وعظمة جيل السلف الرائد، ولقد أقض مضاجعهم أن تبقى المرأة في مملكتها تربي الأجيال، وتصنع الأبطال العظام، فخططوا بمكر بالغ لإخراجها من بيتها، وزجوا بها في معركة تقليد المرأة الغربية، وهي الخاسر فيها لا محالة، وفعلا نجحوا في مطلبهم ومرادهم.
فالمرأة ركن أساسي في بناء المجتمع وهي سر سعادته أو شقائه، بصلاحها يصلح الجيل الناشئ وبفسادها يفسد، فهي الأم والزوجة والأخت والمعلمة والمربية، فهي تمثل نصف المجتمع، وهي تلد النصف الثاني، فهي الأمة بأسرها، وعليها أن تجد السبيل لتغيير هذا الواقع الأليم؛ وذلك بالعمل على تربية جيل إيماني، فريد بصفاته وملامحه، جيل يتربي في أحضان العقيدة الربانية، يحفظ القرآن الكريم ويتدبره، ويتفهم معاني السنة النبوية الشريفة، ويتدبر سيرة السلف الصالح من الصحابة المجاهدين الفاتحين ليكون أهلا للقيادة، ويغير مجرى الأمور كلها، ويسهم في قلب موازين القوى في العالم، لتصب في صالح الإسلام والمسلمين، فإذا حققت هذا الهدف وأوجدت هذا الجيل القرآني، فإنها ستكون الصخرة التي ستتحطم عليها مؤامرات من أطلقوا شعار (دمروا الإسلام أبيدوا أهله).
ولئن كانت حصيلة القرن الماضي في غياب الإسلام عن الساحة، فذلك لا يعني الغروب؛ لأن الغروب لا يحول دون الشروق مرة أخرى في كل صبح جديد معلنا رجوع الأمور إلى نصابها، عندها سيأوي العباد إلى الإسلام كما تأوي الطير إلى أعشاشها، طلبا للعيش الكريم والأمن والأمان بعيدا عن ضوضاء الفوضى والتناقضات.