المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[الجزء الثانى] بسم الله الرحمن الرحيم   ‌ ‌المقدمة الحمد لله الذي أنزل القرآن هدى - معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ - جـ ٢

[محمد سالم محيسن]

الفصل: ‌ ‌[الجزء الثانى] بسم الله الرحمن الرحيم   ‌ ‌المقدمة الحمد لله الذي أنزل القرآن هدى

[الجزء الثانى]

بسم الله الرحمن الرحيم

‌المقدمة

الحمد لله الذي أنزل القرآن هدى للناس وبيّنات من الهدى والفرقان، والصلاة والسلام على رسول الله الذي صحّ عنه في الحديث الذي رواه «عبد الله بن مسعود» رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ حرفا من كتاب الله» فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها. لا أقول «الم» حرف، ولكن: ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف». (رواه الترمذي وقال:

حديث حسن صحيح غريب) وبعد:

فقد اهتم الصحابة رضوان الله عليهم بحفظ «القرآن الكريم» وقد أخذوه مشافهة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم جاء التابعون رحمهم الله تعالى فتلقوا «القرآن» وحروفه عن الصحابة. وجاء بعد التابعين: تابع التابعين فأخذوا عنهم «القرآن» ورواياته.

وهكذا ظلّ المسلمون يأخذون «القرآن» وقراءاته جيلا بعد جيل حتى وصل إلينا عن طريق التواتر، والسند الصحيح. وسيظل كذلك بإذن الله تعالى حتى يرث الله الأرض ومن عليها.

ولما ازدهرت حركة التأليف تصدّى الكثيرون من العلماء لجعل مصنفات

ص: 7

خاصّة ضمنوها التعريف بحفاظ «القرآن» ، بما في ذلك بيان شيوخهم، وتلاميذهم. ومن العلماء الذين كانت لهم مصنفات خاصّة بطبقات القراء:

«الحسن بن أحمد الهمذاني» له كتاب: «معرفة القراء وأخبارهم (1).

«الخليفة بن الخياط» ت 240 هـ، له كتاب «طبقات القراء وأخبارهم (2).

«أبو معشر الطبري» ت 478 هـ له كتاب «طبقات القراء» (3).

«أبو بكر النقّاش» ت 351 هـ له كتاب «المعجم الكبير في أسماء القراء وقراءاتهم» (4)«ابن مهران أحمد بن الحسن» ت 381 هـ، له كتاب «طبقات القراء» (5).

«أحمد الفضل الباطرقاني» ت 460 هـ، له كتاب «طبقات القراء» (6)«محمد بن سهل العطار» ت 569 هـ، له كتاب «معرفة القراء» (7)«الحسن بن أحمد الهمذاني» ت 569 هـ، له كتاب «الانتصار في معرفة قراء المدن والأمصار» (8)«ابن الملقّن عمر بن علي» ت 804 هـ، له كتاب «طبقات القراء» (9)

(1) انظر: معرفة القراء الكبار للذهبي، ج 2، ص 489.

(2)

انظر: معجم المؤلفين لكحالة ج 4، ص 108.

(3)

انظر: غاية النهاية لابن الجزري ج 1، ص 401.

(4)

انظر: فهرست ابن النديم ص 50.

(5)

انظر: غاية النهاية لابن الجزري، ج 1، ص 49.

(6)

انظر: الأعلام للزركلي، ج 1، ص 195.

(7)

انظر: معجم المؤلفين لكحالة ج 10، ص 58.

(8)

انظر: غاية النهاية لابن الجزري، ج 1، ص 204.

(9)

أنظر: الأعلام للزركلي ج 5، ص 57.

ص: 8

«السخاوي محمد بن عبد الرحمن» ت 1214 هـ، له كتاب «تلخيص طبقات القراء (1).

«محمد بن عبد السلام الفاسي» ت 1214 هـ، له كتاب «طبقات المقرئين» (2).

ومن نعم الله عليّ التي لا تحصى أن جعلني من حفظة كتابه، ومن قراء رواياته. وقد وفقني الله تعالى ووضعت «الجزء الأول» في تراجم القراء تحت عنوان:«معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ» .

ويسعدني أن أضيف إلى المكتبة القرآنية «الجزء الثاني» لتراجم القراء.

وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.

المدينة المنورة الجمعة 8 جمادى الثانية 1410 هـ الموافق 5 يناير 1990 م خادم العلم والقرآن الدكتور محمد بن محمد بن محمد بن سالم بن محيسن غفر الله له

(1) انظر: الأعلام للزركلي ج 6، ص 195.

(2)

انظر: الأعلام للزركلي، ج 6، ص 206.

ص: 9

رقم الترجمة/ 1 «إبراهيم بن أحمد» (1) ت 870 هـ

هو: إبراهيم بن أحمد بن ناصر بن خليفة بن فرج المقدسي الدمشقي الشافعي. ولد في ليلة الجمعة سابع عشر رمضان سنة سبع وسبعين وسبعمائة بصفد، ونشأ بها فحفظ القرآن تجويدا على «الشهاب حسن بن حسن الفرغني» إمام جامعها، وحفظ بعض «المنهاج» في فقه الشافعي.

ثم انتقل من «صفد» قريبا من سنّ البلوغ مع أبيه إلى «الشام» فأخذ الفقه عن الشرق «الغربي» وغيره، ثم لازم «النور الأنباري» حتى حمل عنه الكثير من الفقه، والعربية، واللغة، وانتفع به كثيرا في علوم الأدب وغيرها.

ثم رحل إلى «مصر» سنة أربع وثمانمائة تقريبا، فأخذ عن «السراج البلقيني» ولازمه مدة سنة كما أخذ عن «الكمال الدميري» بعض مصنفاته.

وبعد أن قضى بمصر بضع سنوات يأخذ عن علمائها، عاد إلى بلده «باعون» وهي قرية من قرى «حوران» بالقرب من «عجلون» فأقام بها على أحسن حال، وأجمل طريقة.

ثم باشر نيابة الحكم عن أبيه، والخطابة بجامع بني أمية، وتولى مشيخة الشيوخ، وكان حسن السيرة، محمود العاقبة في جميع الأعمال التي قام بها، ومما اشتهر عنه أنه كان يتمسك بالحق ولا يلتفت إلى وساطة الكبراء، وشفاعة الشفعاء.

وقد ترك للمكتبة الإسلامية والعربية بعض المؤلفات منها: «مختصر الصحاح للجوهري» وهو مختصر حسن لطيف. وله ديوان خطب، ورسائل،

(1) انظر ترجمته في: الضوء اللامع ج 1، ص 26، والبدر الطالع ج 1، ص 8، ورقم الترجمة/ 4.

ص: 11

وديوان شعر أتى فيه نحو مائة وخمسين مقطوعا، أودع كلا منها معنى غريبا غير الآخر، ومن شعره:

سل الله ربك ما عنده

ولا تسأل الناس ما عندهم

ولا تبتغ من سواه الغنا

وكن عبده لا تكن عبدهم

وله أيضا:

سئمت من الدنيا وصحبة أهلها

وأصبحت مرتاحا إلى نقلتي منها

والله ما آسى عليها وإنني

وإن رغبت في صحبتي راغب عنها

وله أيضا:

إذا استغنى الصديق وصا

ر ذا وصل وذا قطع

ولم يبدا احتفالا بي

ولم يحرص على نفعي

فأنأى عنه واستغني

بجاه الصبر والقنع

وأحسب أنه ما مرّ

في الدنيا على سمعي

ثم أصبح «إبراهيم بن أحمد» شيخ الأدب بالبلاد الشامية بغير مدافع، كذا وصفه كل من «السخاوي» في تاريخه، وابن حجر في معجمه. وقال «المقريزي»: إنه مهر في عدة فنون سيما الأدب فله النظم الجيّد.

وكان يحكى أن «الزينبي عبد الباسط» قال له إن مراسلاتك المسجعة إلينا تبلغ أربعة مجلدات. يفهم من هذا أنه كان بارعا في الكتابة، يقول «الشوكاني»: والحاصل أنه وقع الاتفاق من جميع من ترجم له على أنه لم يكن في عصره من يدانيه في النظم والنثر (1).

توفي «إبراهيم بن أحمد» يوم الخميس رابع عشر ربيع الأول سنة سبعين

(1) انظر البدر الطالع ج 1، ص 10.

ص: 12

وثمانمائة، وصلّى عليه بالجامع المظفري، ودفن بالروضة من سفح قاسيون.

رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

ص: 13

رقم الترجمة/ 2 «إبراهيم بن ثابت» (1) ت 432 هـ

هو: إبراهيم بن ثابت بن أخطل أبو إسحاق الأقليشي المقرئ نزيل مصر.

ذكره «الذهبي» ت 748 هـ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن.

كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات.

تلقى «إبراهيم بن ثابت» القراءات القرآنية على خيرة العلماء، وفي مقدمتهم:«طاهر بن عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون، أبو الحسن الحلبي نزيل مصر، أستاذ عارف، ثقة ضابط وحجة، محرّر، شيخ الإمام الداني، ومؤلف كتاب «التذكرة» في القراءات الثمان.

رحل إلى العراق، وأخذ القراءات عن خيرة العلماء، قال عنه «الإمام الداني»: لم ير في وقته مثله في فهمه وعلمه مع فضله وصدق لهجته كتبنا عنه كثيرا» اهـ ت بمصر 399 هـ.

ومن شيوخ «إبراهيم بن ثابت» عبد الجبار بن أحمد بن عمر بن الحسن أبو القاسم الطرسوسي، مؤلف كتاب «المجتبي الجامع» وهو أستاذ متصدر ثقة، نزل مصر، وكان شيخها ت 420 هـ.

توفي «إبراهيم بن ثابت» سنة 432 هـ رحمه الله رحمة واسعة. آمين.

(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:

القراء الكبار ج 1، ص 392، طبقات القراء ج 1، ص 10، وحسن المحاضرة للسيوطي ج 1، ص 493.

ص: 14

رقم الترجمة/ 3 «إبراهيم الجعبري» (1) ت 732 هـ

هو: إبراهيم بن عمر بن إبراهيم بن خليل بن أبي العباس أبو محمد الجعبري نسبة إلى قلعة «جعبر» وتقع على نهر الفرات بين بالس والرقة قرب صفين.

ذكره «الذهبي» ت 748 هـ، ضمن علماء الطبقة الثامنة عشرة من علماء القراءات. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات.

ولد «الجعبري» في قلعة جعبر في حدود سنة أربعين وستمائة من الهجرة.

ونشأ في أسرة عريقة في العلم والدين، حيث كان والده من أعيان ووجهاء «قلعة جعبر» وقد اشتهر بمؤذن جعبر، كما ألف والده «المحرر في الفقه، والمنتقى في الأحكام» (2).

اتجه «الجعبري» منذ نعومة أظفاره وهو في التاسعة من عمره إلى تحصيل العلم، وكان يتمتع بذاكرة قوية، وحافظة أمينة، فحفظ القرآن الكريم مبكرا، كما حفظ كتاب «التيسير» في القراءات السبع، وكتاب «التعجيز في مختصر الوجيز في الفقه على مذهب الإمام الشافعي» .

رحل «الجعبري» إلى بعض البلاد الإسلامية من أجل طلب العلم والسماع من الشيوخ، والاستزادة من الثقافة والمعرفة. فكانت رحلته الأولى إلى

(1) انظر ترجمة الجعبري في المراجع الآتية:

معرفة القراء الكبار ج 2، ص 743. طبقات القراء ج 1، ص 21. الوافي بالوفيات ج 6، ص 73. وفيات الأعيان ج 1، ص 39. مرآة الجنان ج 4، ص 285. طبقات الشافعية للسبكي، ج 6، ص 12. البداية والنهاية ج 14، ص 160. الدرر الكامنة ج 1، ص 51.

النجوم الزاهرة ج 9، ص 296. بغية الوعاة ج 1، ص 420.

(2)

وقد شرحه الشوكاني وعرف شرحه «بنيل الأوطار» كما أن كتابه المحرر في الفقه طبع عدة مرات.

ص: 15

«بغداد» بعد عام ستين وستمائة من الهجرة، فالتحق بالمدرسة النظامية، وحضر دروس المشايخ بالمدرسة المستنصرية، وحضر مجالس كبار العلماء، وتلقى القراءات السبع على «أبي الحسن علي بن عثمان البغدادي» .

وقرأ القراءات العشر على «الحسين بن الحسن المنتجب التكريتي» ت 688 هـ وأسند القراءات بالإجازة عن الشريف أبي البدر الداعي ت 668 هـ وأخذ الفقه عن أبي العزّ محمد بن عبد الله البصري الشافعي المدرّس بالمدرسة النظامية.

وهذه الرحلة تعتبر أعظم رحلاته التي قام بها، حيث أدرك الفوائد العلمية، واتسع أفقه العلمي، وارتفع مستواه، وبرع في القراءات، فكتب فيها كتابه «نزعة البررة في قراءات الأئمة العشرة» ، وكتابه «عقود الجماعة في تجويد القرآن» وعرضهما على شيخه منتجب الدين التكريتي.

ثم كانت رحلته الثانية إلى «دمشق» فسمع من كبار الحفاظ منهم «الفخر ابن البخاري» ت 690 هـ والفخر بن الفخر البعلبكي ت 699 هـ.

وباحث، وناظر، وأفاد الطلبة كثيرا (1).

ثم رحل بعد ذلك إلى «مدينة الخليل» بفلسطين وكان ذلك قبل عام ثمانية وثمانين وستمائة، وأقام بها بضعة وأربعين عاما حتى توفاه الله. وقد تولى «الجعبري» في «مدينة الخليل» القضاء، والإفتاء، والخطابة، ونشر العلم بشتى الوسائل المختلفة سواء كان بالتدريس أو التأليف وقد عمر طويلا حتى أدركه الأحفاد.

يفهم مما تقدم أن «الجعبري» اجتهد في طلب العلم وتحصيله وبذل في سبيل ذلك كل عمره، وزهرة شبابه، حتى وصل إلى أرقى المناصب العلمية في زمانه.

(1) انظر الوافي بالوفيات ج 6، ص 73.

ص: 16

وقد تتلمذ «الجعبري» على عدد كبير من خيرة العلماء، في كثير من العلوم المختلفة، وفي مقدمة شيوخه في القراءات:

1 -

شمس الدين أبو الحسن، علي بن عثمان بن محمود الوجوهي الحنبلي البغدادي، وهو شيخ مقرئ، ماهر محقق مجود، عني بالقراءات والأداء، قرأ عليه «الجعبري» القراءات السبع، وقرأ عليه «كتاب التجريد» لابن الفحام، وسمّع عليه كتاب «الوقف والابتداء» لابن عباد، وقرأ عليه صحيح البخاري، وعوارف المعارف (1).

2 -

شمس الدين أبو البدر محمد بن عمر بن القاسم الشريف الرشيدي العباسي الواسطي، شيخ القراء بالعراق، وإمام بارع. قرأ القراءات العشر على «أبي بكر عبد الله بن الباقلاني» وروى عنه الجعبري بالإجازة (2).

3 -

إبراهيم بن محمود بن سالم أبو محمد الأزجي البغدادي، المعروف بابن الخير الحنبلي، أجاز «الجعبري» بالقراءات (3).

4 -

مجد الدين أبو أحمد عبد الصمد بن أحمد بن عبد القادر بن أبي الجيش الحنبلي البغدادي، وكان واسع الرواية، وشيخ القراء ببغداد. وقد أخذ الروايات عن «الفخر محمد بن أبي الفرج الموصلي» وسمع منه كتبا كثيرة في القراءات. كما قرأ على «عبد العزيز الناقد» وروى عنه أكثر من ثلاثين كتابا في القراءات. وقد أخذ عنه «الجعبري» القراءات الثلاث. توفي مجد الدين سنة 676 هـ.

5 -

منتجب الدين أبو علي، الحسين بن الحسن بن أبي السعادات التكريتي وهو عالم حاذق بالقراءات. انتهى إليه الإقراء ببغداد. يقول «الجعبري»:

(1) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 556.

(2)

انظر معرفة القراء الكبار للذهبي ج 2، ص 649.

(3)

انظر: طبقات القراء ج 1، ص 27.

ص: 17

قرأت عليه من حفظي «درّة الأفكار في القراءات العشر» توفي منتجب الدين سنة 688 هـ ببغداد (1).

6 -

جمال الدين يوسف بن جامع بن أبي البركات أبو إسحاق القفصي بضم القاف، وسكون الفاء، الحنبلي البغدادي. وهو أستاذ كبير مؤلف محقق عالم، ألف كتاب «الشافي في القراءات العشر» قال عنه «الحافظ الذهبي»:

كان جمال الدين رأسا في القراءات عارفا باللغة، والنحو، جمّ الفضل. وكان لا يتقدمه أحد في زمانه في الاقراء. قال «الجعبري»: قرأت عليه «كتاب المصباح» وكتاب «التذكرة» ، ووقف ابن الأنباري، توفي «جمال الدين» سنة 682 هـ (2).

وبعد أن اكتملت مواهب «الجعبري» وأصبح من العلماء تصدر لتعليم القرآن وعلومه وقراءاته، واشتهر بالثقة والاتقان وسعة العلم، أقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه ويقرءون عليه، فتتلمذ عليه الكثيرون وفي مقدمتهم:

1 -

علي بن أبي محمد بن أبي سعد بن عبد الله أبو الحسن الواسطي المعروف بالديواني، توجه إلى الخليل فأخذ عن «الجعبري» نظم «كتاب الإرشاد» في قصيدة لامية سماها «جمع الأصول» وكان خاتمة المقرئين بواسط مع الدين والتحقيق ت 743 هـ (3).

2 -

الحافظ الذهبي محمد بن أحمد بن عثمان أبو عبد الله شمس الدين. عني بالقراءات من صغره، قرأ على «الجعبري» كتابه «نزعة البررة في القراءات العشرة» ت 748 هـ، بدمشق (4).

(1) انظر: طبقات القراء ج 1، ص 21.

(2)

انظر: معرفة القراء الكبار، ج 2، ص 683.

(3)

انظر: طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 580.

(4)

انظر: طبقات القراء لابن الجزري ج 2، ص 71. والمنهل الصافي ج 1، ص 133.

ص: 18

3 -

محمد بن جابر بن محمد بن قاسم أبو عبد الله شمس الدين الوادي.

يقول في ترجمة شيخه «الجعبري» : حضرت مجلس إقرائه التفسير والفقه الشافعي، ورويت عنه الحديث، والقراءات، وغيرها. ت 749 هـ، بتونس (1).

4 -

إبراهيم بن أحمد بن عبد الواحد بن عبد المؤمن أبو إسحاق الشامي، نزيل القاهرة، قرأ على «الجعبري» القرآن الكريم من أوله إلى قوله تعالى:

وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ت بمصر سنة 732 هـ (2).

5 -

محمد بن أحمد بن علي بن الحسن بن جامع أبو المعالي ابن اللبان الدمشقي، رحل إلى «الخليل» وقرأ على «الجعبري» نصف حزب جمعا للسبعة، ثم أقبل على الإقراء فلم ير في زمانه أحسن استحضارا منه للقراءات.

وولي مشيخة الإقراء بالديار الأشرفية، وبجامع التوبة، والجامع الأموي، وأقرأ الناس زمانا، ورحل الناس إليه من الأقطار، وبعد صيته، واشتهر اسمه، وانتفع به الخلق ت 715 هـ (3).

6 -

محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم شمس الدين البغدادي، يعرف بالمطرز الكتبي، رحل إلى «الخليل» وقرأ على «الجعبري» بالقراءات العشر، ت 749 هـ (4).

7 -

أحمد بن محمد بن يحيى بن نحلة- بحاء مهملة- المعروف بسبط السلعوس أبو العباس النابلسي ثم الدمشقي. قرأ القراءات على «الجعبري» «بالخليل» وانتفع به خلق كثيرون، توفي بدمشق سنة 732 هـ (5).

(1) انظر: طبقات القراء لابن الجزري، ج 2، ص 106.

(2)

انظر: طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 7.

(3)

انظر: طبقات القراء لابن الجزري، ج 2، ص 72.

(4)

انظر: طبقات القراء لابن الجزري، ج 2، ص 179.

(5)

انظر: طبقات القراء لابن الجزري، ج 1، ص 133.

ص: 19

8 -

أبو بكر عبد الله بن أيدغدعي بن عبد الله الشمس الشهير بابن الجندي شيخ القراء بمصر، قرأ القراءات العشر على الجعبري، ألف شرحا على الشاطبية تضمن إيضاح شرح «الجعبري» كما ألف كتاب «البستان في القراءات الثلاث عشرة» ت بمصر سنة 769 هـ (1).

من هذا يتبين أن «الجعبري» كان له الأثر الواضح في تعليم القرآن والقراءات، فنال بذلك منزلة علمية بارزة مرموقة بين أقرانه ومعاصريه، فمدحوه، وأثنوا عليه.

وفي هذا يقول تلميذه «العلامة الحافظ الذهبي» : شيخ بلد الخليل العلامة الجعبري صاحب الفنون، ومقرئ الشام، له التصانيف المتقنة في القراءات، والحديث، والأصول، والعربية، والتاريخ وغير ذلك. اه.

وقال تلميذه «ابن جابر الوادي آشي» : «الجعبري» الشيخ الفقيه المقرئ الخطيب، قاضي بلد الخليل، حضرت مجلس إقرائه التفسير والفقه الشافعي، ورويت عنه الحديث، والقراءات، وغيرهما. اه (2).

وقال «صلاح الدين الصفدي» : الشيخ الإمام العلامة الجعبري شيخ القراء، ألف في كثير من العلوم، واشتهر ذكره، وتصانيفه تقارب المائة، كلها جيدة، محررة، رأيته غير مرة ببلد الخليل، وسمعت كلامه، وكان حلو العبارة، ساكنا، وقورا، ذكيا، له قدرة تامة على الاختصار. اه (3).

وقال «اليافعي» : الجعبري الشيخ الجليل الإمام العلامة المقرئ وشيخ القراء صاحب الفضائل الحميدة، والمباحث المفيدة، والتصانيف العديدة. اه (4).

(1) انظر: طبقات القراء لابن الجزري، ج 1، ص 180.

(2)

انظر: برنامج الوادي آشى ص 51.

(3)

انظر: الوافي بالوفيات ج 6، ص 73.

(4)

انظر: مرآة الجنان، ج 4، ص 285.

ص: 20

وقال «تاج الدين السبكي» : كان «الجعبري» فقيها مقرئا، متقنا، له التصانيف المفيدة في القراءات، والمعرفة بالحديث. اه (1).

وقال «جمال الدين الأسنوي» : كان «الجعبري» إماما في القراءات عارفا بالفقه والعربية. اه (2).

وقال «الحافظ ابن كثير» : كان «الجعبري» من المشايخ المشهورين بالفضائل والرئاسة، والخير والديانة، والعفة والصيانة. اه (3).

وقال «عبد الرحمن العليمي» : «الجعبري» الشيخ الإمام العالم العلامة القدوة المحقق المقرئ، شيخ الخليل، رحل الناس إليه ووليّ مشيخة «الخليل» (4).

فهذا الثناء العاطر على «الجعبري» يصوّر لنا تصويرا واضحا شخصية هذا العالم المتبحر في العلوم، فضلا عن علوّ مكانته العلمية، ومؤلفاته المفيدة، فقد ترك للمكتبة الإسلامية الكثير من المصنفات في شتى علوم المعرفة: القراءات، وعلوم القرآن، وعلوم الحديث، والفقه وأصوله، والنحو والصرف، واللغة، والبلاغة، والأدب، والعروض.

فمؤلفاته في القراءات بلغت ستة عشر مصنفا، وفي علوم القرآن ثلاثة وثلاثين، وفي علوم الحديث سبعة عشر، وفي الفقه أربعة عشر.

توفي «الجعبري» «بالخليل» سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة من الهجرة. رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب.

(1) انظر: طبقات الشافعية للسبكي، ج 6، ص 82.

(2)

انظر: طبقات الشافعية للاسنوي ج 1، ص 385.

(3)

انظر: البداية والنهاية لابن كثير، ج 14، ص 160.

(4)

انظر: الأنس الجليل، ج 2، ص 153.

ص: 21

رقم الترجمة/ 4 «إبراهيم بن حسن» (1) ت 1223 هـ

هو: إبراهيم بن حسن بن أحمد بن محمد اليعمري. وهو من خيرة حفاظ القرآن، ومن الفقهاء العاملين، المشهورين بالزهد، والتقوى، والعمل بكتاب الله تعالى وسنة النبي عليه الصلاة والسلام.

ولد «إبراهيم بن حسن» سنة أربع وستين ومائة وألف، وقرأ القرآن الكريم على خيرة العلماء وفي مقدمتهم:«صالح الجرادي» كما أخذ علومه على عدد من العلماء، فأخذ الفقه، والفرائض على «السيد علي بن حسن الصعدي» وأخذ علم السنة على العلامة «الحسين بن عبد الله الكبسي» .

وانتفع بعلمه فعمل به، وعكف على العبادة، وتحلّى بالزهد، وانتهى إليه الورع، وحسن السمت، والتواضع، والاشتغال بخاصة النفس واتفق الناس على الثناء عليه، والمدح لشمائله. توفي «إبراهيم بن حسن» لعشرين خلت من شهر شوال سنة ثلاث وعشرين ومائتين وألف.

رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

(1) انظر ترجمته في البدر الطالع ج 1، ص 11، ورقم الترجمة/ 5.

ص: 22

رقم الترجمة/ 5 «إبراهيم الطّبري» (1) ت 393 هـ

هو: إبراهيم بن أحمد أبو إسحاق الطبري المالكي البغدادي. ولد سنة أربع وعشرين وثلاثمائة.

ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن، كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات.

أخذ «إبراهيم الطبري» القراءة عن عدد كبير من خيرة حفاظ القرآن يقول «ابن الجزري» : قرأ «إبراهيم الطبري» على أحمد بن عثمان بن بويان، وأحمد بن عبد الرحمن الولي، وأبي بكر النقاش، وأبي بكر بن مقسم، ومحمد بن علي بن الهيثم، وأبي عيسى بكار، ومحمد بن الحسن بن الفرج الأنصاري، وعبد الواحد بن عمر بن أبي هاشم، ومحمد بن عبد الله بن محمد بن مرة بن أبي عمر الطوسي النقاش، وعبد الوهاب بن العباسي.

وقرأ الحروف على أحمد بن عبد الله بن محمد المكي عن العنزي صاحب البزّي، وإبراهيم بن أحمد بن الحسن القرماسيني عن أبي بكر الأصبهاني وغيره، وأبي سليمان محمد بن عبد الله بن سلميان بن الطيب بن يوسف السعدي، الدمشقي عن أحمد بن عبد الله بن ذكوان وعثمان بن أحمد بن عبد الله الدقيقي عن صاحب خلف، وأبي بكر أحمد جعفر بن أحمد الشعيري عن صاحب أبي حمدون، وغير هؤلاء كثير (2).

(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:

تاريخ بغداد ج 6، ص 19، ومعرفة القراء ج 1 ص 358. وطبقات القراء، ج 1 ص 5.

والنجوم الزاهرة ج 4 ص 209. وشذرات الذهب ج 3 ص 142.

(2)

انظر طبقات القراء ج 1 ص 5.

ص: 23

وقد رحل «أبو إسحاق الطبري» في سبيل العلم إلى كثير من الأمصار يأخذ عن علمائها، وفي هذا المعنى يقول «الخطيب البغدادي»: كان «إبراهيم الطبري» أحد الشهود ببغداد، وذكرني «أبو القاسم التنوخي» أنه شهد أيضا بالبصرة، وواسط، والأهواز، والكوفة، ومكة، والمدينة المنورة، قال: وأم بالناس في المسجد الحرام أيام الموسم وما تقدم فيه من ليس بقرشي غيره.

ثم يقول «الخطيب البغدادي» : وسكن «إبراهيم الطبري» بغداد وحدث بها عن «إسماعيل بن محمد الصفار، وأبي عمرو بن السمّاك، وأحمد بن سليمان العباداني، وعلي بن إدريس الستوري» ومن في طبقتهم وبعدهم. اه.

ثم يقول: وكان «أبو الحسن الدارقطني» خرج له خمسمائة جزء، وكان كريما سخيا مفضلا على أهل العلم، حسن المعاشرة، جميل الأخلاق، وداره مجمع أهل القرآن، والحديث، وكان ثقة. اه (1).

تصدر «إبراهيم الطبري» لتعليم القرآن، وتتلمذ عليه الكثيرون وفي مقدمتهم: الحسين بن علي العطار، والحسن بن أبي الفضل الشرمقاني وأبو علي الأهوازي، وأبو علي البغدادي صاحب كتاب «الروضة» وأبو نصر أحمد بن مسرور، وأحمد بن رضوان، وأبو عبد الله محمد بن يوسف الأفشيني، روى عنه الحروف (2).

احتل «إبراهيم الطبري» مكانة سامية مما استوجب ثناء العلماء عليه، يقول «الإمام ابن الجزري»: كان «الطبري» ثقة، مشهورا، أستاذا (3).

توفي سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة، رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

(1) انظر: تاريخ بغداد ج 6، ص 19.

(2)

انظر: طبقات القراء ج 1، ص 5.

(3)

انظر: طبقات القراء ج 1، ص 5.

ص: 24

رقم الترجمة/ 6 «إبراهيم بن عمر» (1) ت 885 هـ

هو: إبراهيم بن عمر بن حسن بن الربا: بضم الراء بعدها باء موحدة خفيفة، ابن أبي بكر البقاعي. نزيل القاهرة ثم دمشق.

وهو أستاذ ثقة ضابط حجة، قارئ، محدث، مفسّر، مؤلف.

ولد تقريبا سنة تسع وثمان مائة بقرية من عمل «البقاع» ثم تحوّل إلى «دمشق» ثم فارقها ودخل بيت المقدس، ثم رحل إلى «القاهرة» ، وفي القاهرة اتصل بعلمائها وأخذ عنهم القراءات القرآنية، والفقه، والنحو، وغير ذلك من العلوم.

فقد قرأ القراءات على «الجزري» جمعا بالعشرة، إلى سورة «البقرة» .

وقرأ على «التاج بن بهادر» الفقه، والنحو.

وأخذ عن «الحافظ ابن حجر، وأبي الفضل المغربي» وغيرهما وبرع في جميع العلوم وفاق الأقران.

ثم صنف الكثير من الكتب في شتى العلوم، وفي هذا يقول «محمد بن علي الشوكاني» ت 1250 هـ:

ومن أمعن النظر في كتاب «إبراهيم بن عمر» الذي جعله في المناسبات بين الآي والسور علم أنه من أوعية العلم المفرطين في الذكاء الجامعين بين علمي المعقول، والمنقول.

(1) انظر: ترجمته في البدر الطالع ج 1، ص 19 ورقم الترجمة/ 12.

ص: 25

ثم يستطرد «الشوكاني» قائلا: وكثيرا ما يشكل عليّ شيء في الكتاب العزيز فأرجع إلى مطولات التفسير، ومختصراتها، فلا أجد ما يشفي، وأرجع الى هذا الكتاب فأجد ما يفيد في الغالب (1).

وقد رحل «إبراهيم بن عمر» إلى الحجاز فأدّى فريضة الحج، ثم عاد إلى «القاهرة» وجلس للتعليم، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ويتتلمذون عليه في شتى الفنون. ثم عاد إلى «دمشق» بعد حياة حافلة بطلب العلم، والتعليم والتصنيف فوافاه الأجل المحتوم وتوفي ليلة السبت ثامن عشر رجب سنة خمس وثمانين وثمانمائة، ودفن خارج «دمشق» من جهة قبر عاتكة.

وتذكر لنا كتب التاريخ أن «إبراهيم بن عمر» رثى نفسه في حياته فقال:

نعم انني عما قريب لميت

ومن ذا الذي يبقى على الحدثان

كأنك بي أنعى عليك وعندها

ترى خيرا صمّت له الأذنان

فلا حسد يبقى لديك ولا قلى

فينطق في مدحي بأيّ معان

وتنظر أوصافي فتعلم أنها

علت عن مدان في أعزّ مكان

فكم من عزيز بي بذل جماحه

ويطمع فيه ذو شقا وهوان

فيا ربّ من تفجأ بهول يودّه

ولو كنت موجودا لديه دعاني

رحم الله «إبراهيم بن عمر» وجزاه الله أفضل الجزاء.

(1) انظر البدر الطالع ج 1، ص 20.

ص: 26

رقم الترجمة/ 7 «إبراهيم بن محمّد» (1) ت 841 هـ

هو: إبراهيم بن محمّد بن خليل البرهان الطرابلسي الأصل الشاميّ المولد، الشافعي.

وهو من خيرة العلماء والقراء، والمحدثين، والفقهاء، ولد في ثاني عشر رجب سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة بالجلّوم: بفتح الجيم، وتشديد اللام المضمومة، توفي والده وهو صغير، فكفلته أمه وانتقلت به إلى «دمشق» فحفظ بها بعض القرآن، ثم رجعت إلى «حلب» فنشأ بها وأدخلته أمه مكتب الأيتام فأكمل به حفظ القرآن، وصلى به التراويح في رمضان.

ثم قرأ تجويد القرآن على خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «الحسن السائس المصري، والشهاب بن أبي الرضى» .

وأخذ الفقه عن جماعة من خيرة الفقهاء منهم: «ابن العجمي» وأخذ الحديث عن مشاهير علماء الحديث، أمثال:«الزين العراقي، والبلقيني، وابن الملقّن» كما أخذ اللغة عن «مجد الدين» صاحب «القاموس المحيط» .

رحل «إبراهيم بن محمد» إلى كثير من الأقطار من أجل العلم والأخذ عن العلماء الثقات. فرحل إلى «مصر» مرتين، والاسكندرية، ودمشق، وبيت المقدس، وغزة، والرملة، ونابلس، وحماه، وحمص، وطرابلس، وبعلبك.

روي عنه أنه قال: مشايخي في الحديث نحو المائتين، ومن رويت عنه شيئا

(1) انظر ترجمته في البدر الطالع ورقم الترجمة/ 16 ج 1، ص 28.

ص: 27

من الشعر دون الحديث بضع وثلاثون، وفي العلوم غير الحديث نحو الثلاثين.

وقد جمع كل أساتذته كل من «النجم بن فهد، والحافظ بن حجر» .

واستقرّ بحلب، ولما هاجمها «تيمور لنك» طلع بكتبه إلى القلعة، فلما دخل البلد وسلبوا الناس كان فيمن سلب حتى لم يبق معه شيء، ثم أسروه وبقي معهم، إلى أن رحلوا إلى «دمشق» فأطلق سراحه، ورجع إلى بلده.

وقد اجتهد «إبراهيم بن محمد» في الحديث اجتهادا كبيرا، وسمع العالي، والنازل، وقرأ البخاري أكثر من ستين مرّة، ومسلما نحو العشرين.

واشتغل بالتصنيف: فكتب تعليقا لطيفا على سنن «ابن ماجة» وشرحا مختصرا على البخاري سماه: «التلقيح لفهم قارئ الصحيح» وهو في أربعة مجلدات. و «المقتضى في ضبط ألفاظ الشفا» في مجلّد. و «نور النبراس على سيرة ابن سيّد الناس» في مجلدين. وكتاب «التيسير على ألفية العراقي» وشرحها مع زيادة أبيات غير مستغنى عنها. وكتاب «نهاية السول في رواة الستة الأصول» في مجلد ضخم، وكتاب «الكشف الحثيث عمن رمي بوضع الحديث» في مجلد. وكتاب «التبيين لأسماء المدلسين» في كراستين.

قال «السخاوي» : كان «إبراهيم بن محمد» إماما، علامة، حافظا خيّرا، ديّنا، ورعا، متواضعا، وافر العقل، حسن الأخلاق، متخلقا بجميل الصفات، جميل العشرة، محبّا للحديث وأهله، كثير النصح والمحبة لأصحابه، ساكنا متعففا عن التردد إلى بني الدنيا، قانعا باليسير، طارحا للتكلف، رأسا في العبادة والزهد والورع، مديم الصيام والقيام، سهلا في التحدث، كثير الانصاف والبشر لمن يقصده للأخذ عنه خصوصا الغرباء، مواظبا على الاشتغال، والاقبال على القراءة بنفسه، حافظا لكتاب الله، كثير التلاوة له، صبورا على الإسماع، ربما أسمع اليوم كاملا من غير ملل ولا ضجر، عرض

ص: 28

عليه قضاء الشافعية ببلده فامتنع (1).

لم يزل «إبراهيم بن محمد» على جلالته وعلوّ قدره حتى توفّاه الله تعالى يوم الاثنين سادس عشر شوال سنة إحدى وأربعين وثمانمائة، وهو يتلو القرآن، ولم يغب له عقل، ودفن بالجبل عند أقاربه.

رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.

(1) انظر: البدر الطالع ج 1، ص 16.

ص: 29

رقم الترجمة/ 8 «إبراهيم بن محمد» (1) ت 923 هـ

هو: إبراهيم بن محمد بن أبي بكر بن علي بن مسعود بن رضوان المقدسي ثم القاهري الشافعي. وهو من خيرة القراء، والفقهاء، المشهود لهم بالثقة والإتقان.

ولد ليلة الثلاثاء ثامن عشر ذي القعدة سنة ست وثلاثين وثمان مائة ببيت المقدس ونشأ به.

وحفظ «القرآن» وهو ابن سبع سنين، ثم جوّده «لابن كثير المكي وأبي عمرو البصري» .

أخذ «إبراهيم بن محمد» علومه عن خيرة العلماء: فأخذ عن «سراج الرومي» العربية، والأصول، والمنطق. وعن «يعقوب الرومي» العربية، والمعاني، والبيان في البلاغة.

ثم رحل «إبراهيم بن محمد» إلى «القاهرة» ، من أجل الاستزادة من العلم والتقى بالعلماء وأخذ عنهم: فقرأ على «الجلال المحلى» شرحه لجمع الجوامع في أصول الفقه. وقرأ على غيره الكثير من العلوم المتعددة.

ثم رحل إلى «مكة المكرمة» سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة، وأدى فريضة الحج، والتقى بعلماء «مكة» وأخذ عنهم، ومن شيوخه بمكة المكرمة «التقي بن فهد، وأبو الفتح المراغي، والمحب الطبري» وغير هؤلاء.

وبعد أن كملت مواهب «إبراهيم بن محمد» ولي قضاء الشافعية بالقاهرة

(1) انظر ترجمته في البدر الطالع ج 1، ص 26، ورقم الترجمة/ 15.

ص: 30

في ذي الحجة سنة ست وتسعمائة.

وجلس للتدريس واشتهر بين الناس بالثقة، والضبط، وأقبل عليه الطلاب واستقر في تدريس تفسير القرآن الكريم بجامع «ابن طولون» وغيره من الجوامع، والمدارس، ودرّس عدة فنون.

وعرف عن «إبراهيم بن محمد» قول الشعر، ومن ذلك قوله:

دموعي قد نمت بسرّ غرامي

وباح بوجدي للوشاة سقامي

فأضحى حديثي بالصبابة مسندا

بمرسل دمعي من جفون دوامي

احتل «إبراهيم بن محمد» مكانة سامية بين الناس مما جعل العلماء يثنون عليه، وفي هذا يقول العلامة الشوكاني: برع «إبراهيم بن محمد» في الفنون، وأذن له غير واحد بالإقراء والإفتاء وصنّف التصانيف منها:

«شرح الحاوي» في مجلّد ضخم، و «شرح قواعد الإعراب» في نحو عشرة كراريس، و «شرح العقائد» لابن دقيق العيد، و «شرح المنهاج الفرعي» .

وله مختصرات كثيرة منها: «تهذيب المنطق للتفتازاني، والورقات في أصول الفقه، لإمام الحرمين، وشذور الذهب في النحو، وعقائد النسفي، واختصر الرسالة القشيرية» وله مصنفات غير هذه (1).

ظلّ «إبراهيم بن محمد» يعلّم، ويصنف، حتى توفاه الله تعالى يوم الجمعة ثاني شهر المحرم سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة، وصلى عليه الخليفة «المتوكل على الله» العباسي عقب صلاة الجمعة.

(1) انظر البدر الطالع للشوكاني ج 1، ص 26.

ص: 31

رقم الترجمة/ 9 «أحمد بن إبراهيم» (1) ت 708 هـ

هو: أحمد بن إبراهيم بن الزبير بن عاصم بن مسلم بن كعب، أبو جعفر، الأندلسي، النحوي، القارئ، المحدث، الفقيه. وهو من خيرة العلماء الثقات المشهود لهم بالأمانة والثقة.

ولد سنة سبع وعشرين وستمائة.

أخذ «أحمد بن إبراهيم» علومه عن خيرة العلماء: فقد قرأ بالقراءات السبع، على «أبي الحسن الساوي» . وأخذ الكثير من العلوم عن «إسحاق بن إبراهيم الطوسي» بفتح الطاء، وإبراهيم بن محمد بن الكمال» وغيرهما.

وبعد أن كملت مواهبه جلس للتعليم، واشتهر بالثقة، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، وفي مقدمة من أخذ عنه «العلامة أبو حيان الأندلسي» وعليه تخرج وصار علّامة عصره في القراءة، والحديث.

صنف «أحمد بن إبراهيم» للمكتبة الإسلامية الكتب النافعة المفيدة، ومن مصنفاته: كتاب في التفسير سمّاه: «ملاك التأويل» وكتاب «تاريخ علماء الأندلس» وغيرهما.

احتلّ «أحمد بن إبراهيم» مكانة سامية بين العلماء مما جعلهم يثنون عليه، وفي هذا يقول تلميذه العلّامة «أبو حيان الأندلسي»: كان «أحمد بن إبراهيم» يحرّر اللغة، وكان أفصح عالم رأيته، وتفقه عليه خلق (2).

وقال غيره: «إنه انفرد بالإفادة، ونشر العلم، وحفظ الحديث وتمييز

(1) انظر: ترجمته في البدر الطالع ج 1، ص 33، ورقم الترجمة/ 20.

(2)

انظر البدر الطالع للشوكاني ج 1، ص 34.

ص: 32

صحيحه من سقيمه».

وقال بعض من ترجم له: «كان ثقة قائما بالمعروف، والنهي عن المفكر، دافعا لأهل البدع، وكان معظّما عند الخاصة، والعامة» (1).

وبعد حياة حافلة بطلب العلم وتعليمه، وتصنيف الكتب، توفي «أحمد بن إبراهيم» سنة ثمان وسبعمائة، من ثاني عشر شهر ربيع الأول.

رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه إليه أفضل الجزاء.

(1) انظر البدر الطالع للشوكاني ج 1، ص 34.

ص: 33

رقم الترجمة/ 10 «أحمد بن إسماعيل» (1) ت 783 هـ

وأحمد بن إسماعيل بن أبي بكر بن عمر بن بريدة، بالتصغير، الشهاب الإبشيطي، القاهري الأزهري الشافعي.

كان رحمه الله تعالى من خيرة القراء، والفقهاء، والمحدثين، والمؤلفين. ولد سنة اثنتين وثمان مائة بإبشيط: بكسر الهمزة ثم موحدة ساكنة بعدها شين معجمة، ثم ياء تحتية، وطاء مهملة: قرية من قرى المحلة الكبرى من الغربية إحدى مدن مصر، ونشأ ببلدته، وحفظ القرآن، وكذا العمدة، والتبريزي، وأخذ الفقه عن «ابن الصواف، وابن حميد» وتلا القرآن على الشيخ «الرمسيسي» .

ثم انتقل إلى القاهرة في سنة عشرين وثمان مائة، وقطن بالجامع الأزهر مدّة من الزمن لتلقي العلم عن العلماء، فأخذ الفقه عن «البرهان البيجوري» والشمس البرماوي» وغيرهما. وأخذ المنطق عن «العز بن عبد السلام» والنحو عن «الشهاب أحمد الصنهاجي» وغيره، وسمع الحديث عن جماعة منهم:

الحافظ ابن حجر».

وبرع في كثير من العلوم منها: الفقه، وأصوله، وعلوم العربية، والفرائض والحساب، والعروض، والمنطق، وغير ذلك.

تصدّر «أحمد بن إسماعيل» للإقراء، واشتهر بين الناس بالثقة وكثرة العلم، وجودة القراءة، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه. وممن أخذ عنه «البكري، والجوهري» وغيرهما.

(1) انظر ترجمته في البدر الطالع ج 1، ص 37. ورقم الترجمة 23.

ص: 34

عرف «أحمد بن إسماعيل» بقول النظم، ومن نظمه في السبع المنجيات:

المنجيات السبع منها الواقعة

وقبلها ياسين تلك الجامعة

والخمس الانشراح والدخان

والملك والبروج والإنسان

احتلّ «أحمد بن إسماعيل» مكانة سامية، ومنزلة رفيعة بين الخاص والعام مما جعل العلماء يثنون عليه، وفي هذا يقول «الإمام الشوكاني»: عرف «أحمد ابن اسماعيل» بالزهد، والعبادة، ومزيد التقشف، والإيثار، والانعزال، والإقبال على الخير مع قلة ذات يده، بحيث لم يكن في بيته شيء يفرشه، لا حصير ولا غيره، بل كان ينام على «باب» . ثم حج في سنة سبع وخمسين وسبعمائة، وزار المسجد النبوي الشريف، وسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانقطع بالمدينة المنورة، وعظم انتفاع أهلها به، وكان ذلك كلمة إجماع، وصار في غالب السنين يحج من المدينة المنورة، ثم جاور بمكة، في سنة إحدى وسبعين وسبعمائة (1).

ترك «أحمد بن إسماعيل» للمكتبة الإسلامية بعض التصانيف منها: «ناسخ القرآن ومنسوخه» ونظم «أبي شجاع» في الفقه الشافعي، ونظم «الناسخ والمنسوخ» للبارزي، وشرح «الرحبية» و «المنهج» ، و «مختصر ابن الحاجب» و «تصريف ابن مالك» وإيساغوجي، والخزرجية، وغير ذلك.

وبعد هذه الحياة المزهرة بالعلم، والتصنيف، والتعليم، توفي «أحمد بن إسماعيل» بالمدينة المنورة بعد عصر يوم الجمعة تاسع رمضان سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة. ودفن بالبقيع بالقرب من قبر الإمام مالك رحمهما الله تعالى.

(1) انظر البدر الطالع ج 1، ص 38.

ص: 35

رقم الترجمة/ 11 «أحمد بن إسماعيل» (1) ت 793 هـ

هو: أحمد بن إسماعيل بن عثمان التبريزي القاهري، ثم الرومي الشافعي عالم بلاد الروم. وهو من خيرة العلماء في القراءات، والفقه، والحديث، والنحو.

ولد سنة ثلاث عشرة وثمان مائة بقرية من «كوران» ثم حفظ «القرآن الكريم» وقرأ بالسبعة على «القزويني البغدادي» وقرأ عليه «الكشاف» وحاشيته «للتفتازاني» .

كما أخذ عن «القزويني البغدادي» الكثير من العلوم مثل: النحو، والبيان، والمعاني، والعروض، والفقه، وغير ذلك. كما أخذ عن «الجلال الحلواني» علوم العربية، وهكذا اشتغل بتحصيل العلوم حتى برع في علوم العربية، والبلاغة وغير ذلك من العلوم العقلية.

ثم جال في «بغداد، وديار بكر» وبعد ذلك رحل إلى «دمشق» في حدود الثلاثين وثمان مائة فلازم «العلاء البخاري» وانتفع به.

ثم قدم مع شيخه «الجلال الحلواني» بيت المقدس، وقرأ عليه في كتاب «الكشاف» للتفتازاني.

ثم قدم «القاهرة» في حدود سنة خمس وثلاثين وثمان مائة، وهو فقير جدّا، فأخذ عن «ابن حجر» «البخاري» وشرح الألفية للعراقي، ولازمه.

وسمع صحيح مسلم عن «ابن الزركشي» ولازم الشيخ «الشرواني» كثيرا وقرأ عليه «صحيح مسلم والشاطبية» . ولازم حضور مجالس العلماء كمجلس قراءة البخاري بحضرة «السلطان» وغيره. واتصل بالكمال البازري فنوّه به

(1) انظر ترجمته في البدر الطالع ج 1، ص 39. ورقم الترجمة 24.

ص: 36

حتى اشتهر، وناظر الأماثل.

واشتهر بالطلاقة، والبراعة حتى ذاع صيته فانثالت عليه الدنيا وأتته طائعة.

جلس «أحمد بن إسماعيل» للتعليم واشتهر بين الناس بالثقة وكثرة العلم وأقبل عليه الطلاب، يأخذون عنه، وانتفع به الكثيرون.

ثم خرج من «القاهرة» وعاد إلى «الروم» وعظم أمره عند ملك «الروم» وحسنت حاله بحيث لم يكن عند السلطان «محمد مراد» أحظى منه، وما زال يترقى في المناصب حتى استقر في قضاء العسكر، ثم انتقل من قضاء العسكر إلى منصب الفتوى، وتردد إليه الأكابر.

وقد مدح «السلطان محمد مراد» بعدة قصائد، ومما جاء فيها:

هو الشمس إلا أنه الليث باسلا

هو البحر إلا أنه مالك البرّ

صنّف «أحمد بن إسماعيل» بعض الكتب النافعة المفيدة منها: شرح على البخاري، وعمل تفسيرا للقرآن الكريم.

ثم أنشأ «باسطنبول» جامعا ومدرسة سمّاها «دار الحديث» وانثالت عليه الدنيا، وعمّر الدور، وانتشر علمه.

ولم يزل على جلالته حتى مات في أواخر سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة وصلى عليه السلطان.

رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

ص: 37