المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌رقم الترجمة/ 47 «سعيد بن محمد» ت 867 ه - معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ - جـ ٢

[محمد سالم محيسن]

الفصل: ‌رقم الترجمة/ 47 «سعيد بن محمد» ت 867 ه

‌رقم الترجمة/ 47 «سعيد بن محمد» ت 867 ه

ـ

هو: سعيد بن محمد بن عبد الله بن أبي بكر المقدسي الحنفي، نزيل القاهرة المعروف بابن الديري: نسبة إلى مكان يقال له الدير، أو إلى دير في بيت المقدس.

ولد في يوم الثلاثاء تاسع عشر رجب سنة ثمان وستين وثمانمائة، وحفظ القرآن في صغره على خيرة حفاظ القرآن، كما حفظ مختصر «ابن الحاجب» وكان سريع الحفظ، مفرط الذكاء، ثم أكب على تلقي العلم، فتفقه على والده رحمه الله. وبرع في الفقه حتى صار المرجع إليه فيه، كما أخذ عدة فنون على كل من «ابن النقيب» و «الشمس بن الخطيب» وغيرهما. وتولى قضاء الحنفية، وصار معظما عند الملوك والوزراء، والأمراء.

ومن الأدلّة على علوّ منزلته أنه عرض القضاء على «ابن الهمام» فامتنع وقال: لا يقدر على ذلك مع وجود «سعيد بن محمد» .

ثم تصدّر للتعليم، واشتهر بالثقة، والأمانة، وأقبل عليه الطلاب وكثرت تلامذته، وانتفع به الناس، وأخذ عنه أهل كل مذهب. ثم قصد بالفتاوى من سائر الآفاق، وبعد

صيته، وأحبّه الجميع وأصبح يشار إليه بالبنان، وله نظم ومنه قصيدة مطلعها:

ما بال سرّك بالهوى قد لاحا

وخفيّ أمرك صار منك بواحا

ترك «سعيد بن محمد» للمكتبة الاسلامية بعض المصنفات منها: «شرح عقائد النسفي» و «الكواكب النيّرات في وصول ثواب الطاعات إلى الأموات» و «السهام المارقة في كبير الزنادقة» و «رسالة في نوم الملائكة هل هو كائن ام

ص: 171

لا، وهل منع الشعر مخصوص بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم أم هو عام لكل الأنبياء».

ولم يزل «سعيد بن محمد» يعمل ويجتهد حتى توفاه الله تعالى، في تاسع ربيع الآخر سنة سبع وستين وثمان مائة.

رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

ص: 172

رقم الترجمة/ 48 «صالح بن عمر العسقلاني» (1) ت 868 هـ

هو: صالح بن عمر بن رسلان بن نصير بن صالح علم الدين العسقلاني، البلقيني الأصل، القاهري، الشافعي. وهو من القراء، والفقهاء، والمحدثين، والمؤلفين.

ولد في ليلة الاثنين ثالث عشر جمادى الأولى سنة إحدى وتسعين وسبعمائة بالقاهرة، ونشأ بها في كنف والده فحفظ القرآن، وصلى به للناس التراويح بمدرسة والده في سنة تسع وتسعين وسبعمائة. كما حفظ كتاب العمدة، ومنهاج الأصول، والألفية في النحو.

أخذ «صالح بن عمر» كثيرا من العلوم على مشاهير علماء عصره، وفي مقدمتهم والده رحمه الله، والزين العراقي، والمجد البرماوي، والبيجوري، والحافظ ابن حجر، وغير هؤلاء.

تنقل «صالح بن عمر» في كثير من المناصب من الوعظ إلى التدريس إلى الافتاء حتى قال بعض أهل الأدب مثنيا عليه:

وعظ الأنام إمامنا الحبر الذي

سكب العلوم كبحر فضل طافح

فشفى القلوب بعلمه وبوعظه

والوعظ لا يشفي سوى من صالح

احتلّ «صالح بن عمر» مكانة سامية بين الناس مما جعل العلماء يثنون عليه، وفي هذا يقول «الإمام السخاوي»: وكان مصونا متقلّلا من الدنيا غاية في الذكاء، وسرعة الحفظ، فلازم الاشتغال بالفقه وأصوله والعربية،

(1) انظر ترجمته في: الضوء اللامع لأهل القرن التاسع رقم الترجمة 1199، ج 3، ص 312.

البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع، رقم الترجمة 201، ج 1، ص 286.

ص: 173

والحديث، وغيرها من العلوم. وحج في سنة أربع عشرة وثمانمائة ولقي الحافظ الجمال بن ظهيرة، وغيره، ودخل «دمياط» فما دونها، ولم يزل ملازما لأخيه حتى تقدم، وأذن له في الافتاء، والتدريس، وخطب بالمشهد الحسيني بالقاهرة، وقرأ البخاري عند الأمير، وألبسه يوم الختم «خلعة» . وكان إماما فقيها، عالما، قويّ الحافظة، سريع الإدراك، طلق العبارة، فصيحا، يتحاشى عدم الإعراب في مخاطبته بحيث لا يضبط عليه في ذلك شاذة ولا فاذّة، وكان بسّاما، بشوشا، طلق المحيا، فاشيا للسلام، مهابا، له جلالة، فكها، ذاكرا لكثير من المتون، والفوائد الحديثية، والمبهمات التي حصلها مستحضرا لجملة من الرقائق، والمواعظ والأشعار، حتى كان بعض الفضلاء يقول: إن الحضور بين يديه من المفرحات، شهما، مقداما، لا يهاب ملكا، ولا أميرا، سليم الصدر، لا يتوقف عن قبول من اعتذر إليه، معرضا عن تتبع زلات من يناوئه، غير مشتغل بتنقيصه، بل ربما يمنع من يشتغل في مجلسه بذلك» (1).

وبعد هذه الحياة الحافلة بالعلم والتصنيف، توفي «صالح بن عمر» سنة ثمان وستين وثمانمائة، رحمه الله رحمة واسعة آمين.

(1) انظر الضوء اللامع ج 3، ص 312.

ص: 174

رقم الترجمة/ 49 «ابن الصّقر» (1) ت 429 هـ

هو: الحسن بن علي بن الصقر أبو محمد البغدادي المقرئ الكاتب. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات.

أخذ «ابن الصقر» القراءة عن خيرة علماء عصره، وقد قرأ «لأبي عمرو ابن العلاء» البصري على زيد بن علي بن أحمد بن محمد بن عمران بن أبي بلال أبو القاسم العجلي الكوفي، شيخ العراق، وهو إمام حاذق ثقة. أخذ القراءة على مشاهير علماء عصره، وتتلمذ عليه الكثيرون، منهم:«ابن الصقر» توفي زيد بن علي ببغداد 358 هـ.

وكان «ابن الصقر» آخر من قرأ على «زيد بن أبي بلال» .

تصدّر «ابن الصقر» لتعليم القرآن، وحروف القراءات، واشتهر بالثقة والضبط، وجودة القراءة، وأقبل عليه الكثيرون يأخذون عنه، ويقرءون عليه.

ومن الذين أخذوا عنه القراءة القرآنية: أحمد بن الحسن بن خيرون، أبو الفضل البغدادي، استاذ مقرئ ثقة، أخذ القراءات عن عدد من العلماء وفي مقدمتهم: الحسن بن أحمد بن شاذان، والقاضي الحسين الصيمري، كما أخذ القراءات عن «ابن خيرون» إبراهيم بن محمد الهيثمي، وابن أخيه محمد بن عبد الملك، وآخرون. ومن تلاميذ «ابن الصقر» ثابت بن بندار أبو المعالي البقّال

(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:

القراء الكبار ج 1، ص 394. طبقات القراء ج 1، ص 224. تاريخ بغداد ج 7، ص 390.

النجوم الزاهرة ج 5، ص 28. تذكرة الحفاظ، ج 3، ص 1100.

ص: 175

الدينوري، ثم البغدادي، شيخ متقن صالح.

أخذ «ابن الصقر» القراءة عن: عبد الوهاب بن علي اللخمي، وعليّ بن طلحة البصري، وعبد الله بن محمد بن مكي، وأحمد بن محمد بن إسماعيل الظاهري. وأخذ القراءات عن «ابن الصقر» سبط الخياط، وهبة الله بن الطيري، وأحمد بن شنيف. ت 498 هـ.

ومن تلاميذ «ابن الصقر» : عبد السيّد بن عتاب بن محمد بن جعفر بن عبد الله الحطاب- بالحاء المهملة- أبو القاسم البغدادي، الضرير، وهو مقرئ كبير مسند ثقة، أخذ «ابن عتّاب» القراءة عن «ابن الصقر» وأحمد بن رضوان، والحسن بن ملاعب، والحسن بن أبي الفضل الشرمقاني، وأبي الحسن الحمامي، وأبي العلاء الواسطي، وأبي طاهر محمد بن ياسين الحلبي، وأبي بكر محمد بن علي بن زلال، ومحمد بن عبد الله الشمعي، والحسين بن أحمد الحربي، وآخرون.

وأخذ القراءة عن «ابن عتاب» أبو علي بن سكرة الصدفي، ومحمد بن عبد الملك بن خيرون، وأبو الكرم بن الشهرزوري. ت 487 هـ.

ومن تلاميذ «ابن الصقر» محمد بن عبد الله بن يحيى أبو البركات البغدادي الكرجي الشّيرجي الوكيل الخباز الشافعي، وهو إمام مقرئ ثقة، ولد سنة ستين وثلاثمائة، قرأ بالروايات على الحسن بن الصقر، وأبي العلاء الواسطي، ومحمد بن بكير النجار، وعلي بن طلحة، وسمع عبد الملك بن بشران، وتفقه على القاضي أبي الطيب.

وقرأ على «أبي البركات» أبو الكرم الشهرزوري، وأبو طاهر السلفي ختمة، وسمع منه وحدّث عنه هو وابن ناصر، وعبد الله بن النقور، قال عنه «ابن ناصر»: كان «أبو البركات» رجلا صالحا. وقال عنه «الحافظ الذهبي» : كان «أبو البركات أسند من بقي من القراء بالعراق» . ت في ربيع

ص: 176

الأول سنة تسع وتسعين وأربعمائة من الهجرة.

ومن تلاميذ «ابن الصقر» عليّ بن عبد الرحمن بن هارون بن عيسى بن داود بن الجرار أبو الخطاب الوزير البغدادي الشافعي، وهو إمام مقرئ كامل حسن الكتابة، مجوّد.

ولد سنة تسع أو عشر وأربعمائة، وقرأ على «محمد بن عمر بن بكير النجار» وعلى «ابن الصقر» وقرأ عليه:«أبو محمد سبط الخياط، وأبو الكرم الشهرزوري، وسعد الله بن الدجاجي» ، ونظم في القراءات كتابا، وانتهت إليه رئاسة القراءة، قال عنه «الحافظ أبو طاهر السلفي»:«أبو الخطاب بن الجراح» إمام اللغة، ونظمه في أعلى درجة، وخطه من أحسن الخطوط، وكان يصلي بأمير المؤمنين المستظهر بالله التراويح، توفي في ذي الحجة سنة سبع وتسعين وأربعمائة.

احتل «ابن الصقر» مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»: كان «ابن الصقر» رئيسا وافر الحرمة، عالي الرواية، أدرك السماع من مثل «إسماعيل الصفار» والكبار، ولكن لم يوجد له شيء. اه.

توفي «ابن الصقر» في جمادى الأولى سنة تسع وعشرين وأربعمائة هـ وله اربع وتسعون سنة.

رحم الله «ابن الصقر» رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.

ص: 177

رقم الترجمة/ 50 «أبو طاهر الحلبيّ» (1) ت 426 هـ

هو: محمد بن ياسين أبو طاهر البغدادي البزّار المعروف بالحلبي. إمام محقق أحد أعلام القرآن، وله مصنف في القراءات.

أخذ «أبو طاهر الحلبي» القراءة القرآنية عن عدد من العلماء، فقد أخذ الروايات عرضا عن: أبي الفرج الشنبوذي، ومحمد بن العلاف، وأبي حفص الكتاني.

بعد أن اكتملت مواهب «أبي طاهر الحلبي» تصدر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، ومن الذين أخذوا عنه القراءات عرضا:«عبد السيّد بن عتاب، وعليّ بن الحسين الطريثيثي» .

احتلّ «أبو طاهر الحلبي» مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه.

في هذا المعنى يقول «الحافظ أبو عبد الله» : «أبو طاهر الحلبي» أحد الأعلام له مصنف في القراءات.

توفي في ربيع الأول ببغداد سنة ست وعشرين وأربعمائة. رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.

(1) انظر ترجمته في: تاريخ الاسلام الورقة 255 [اياصوفيا 3009].

القراء الكبار ج 1، ص 381، طبقات القراء ج 2، ص 276.

ص: 178

رقم الترجمة/ 51 «طاهر بن غلبون» (1) ت 399 هـ

هو: طاهر بن عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون بن المبارك أبو الحسن الحلبي نزيل مصر. ذكره «الذهبي» 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات.

نشأ «طاهر بن غلبون» في بيت العلم والمعرفة، فوالده الإمام المشهور «عبد المنعم بن عبيد الله» أحد علماء القراءات، ومؤلف كتاب «الإرشاد» وقد أخذ «طاهر» القراءة وحروف القرآن، عن عدد كبير من خيرة العلماء، وفي مقدمة هؤلاء «والده عبد المنعم» و «عبد العزيز بن علي» ثم رحل إلى «العراق» فقرأ بالبصرة على: محمد بن يوسف بن نهار الحرتكي، وعلي بن محمد الهاشمي، وعلي بن محمد بن خشنام، كما سمع حروف القراءات من «والده» ومن «إبراهيم بن محمد بن مروان، وعتيق بن ما شاء الله، وعبد الله بن المبارك، وعبد الله بن محمد بن المفسّر، وأبي الفتح بن بدهن، وسمع سبعة «ابن مجاهد» من «أبي الحسن علي بن محمد بن إسحاق الحلبي المعدل» (2).

تصدر «طاهر بن غلبون» لتعليم القرآن، وأخذ شهرة عظيمة ورثها عن والده، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان، فقد روى القراءات عنه عرضا وسماعا «الإمام الكبير الحافظ أبو عمرو الداني، وإبراهيم بن ثابت الإقليسي وأحمد بن بابشاذ الجوهري، وأبو الفضل عبد الرحمن الرازي، وأبو عبد الله

(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:

تذكرة الحفاظ ج 3، ص 219. وطبقات الإسنوي ج 2، ص 401. والبلغة ص 101 والنشر ج 1، ص 72. ومعرفة القراء ج 1، ص 369 وطبقات القراء ج 1، ص 339. وحسن المحاضرة ج 1، ص 491.

(2)

انظر طبقات القراء ج 1، ص 339.

ص: 179

محمد بن أحمد القزويني» (1).

احتل «طاهر بن غلبون» مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه، يقول تلميذه «الإمام الداني»: لم ير في وقته مثله في فهمه وعلمه مع فضله، وصدق لهجته، كتبنا عنه كثيرا (2).

وقال «الإمام ابن الجزري» : «طاهر بن غلبون نزيل مصر أستاذ عارف ثقة ضابط حجة محرر شيخ الداني، مؤلف كتاب «التذكرة» في القراءات الثمان» (3).

وأقول: لقد استفاد «ابن الجزري» من كتاب «التذكرة» استفادة كبيرة، وهو أحد مصادره في القراءات، ولنستمع إلى «ابن الجزري» وهو يقول:

«قرأ بمضمنه القرآن كله على «أبي عبد الله محمد بن الصائغ وأبي محمد عبد الرحمن بن أحمد الشافعي، وإلى أثناء سورة «النحل» على الأستاذ «أبي بكر ابن أيدغدي بالديار المصرية» (4).

توفي «طاهر بن غلبون» سنة تسع وتسعين وثلاثمائة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

(1) انظر القراء الكبار ج 1، ص 369.

(2)

انظر طبقات القراء ج 1، ص 339.

(3)

انظر طبقات القراء ج 1، ص 339.

(4)

انظر النشر في القراءات العشر ج 1، ص 73.

ص: 180

رقم الترجمة/ 52 «عبد الباقي بن الحسن» (1) ت 393 هـ

هو عبد الباقي بن الحسن بن أحمد بن محمد بن عبد العزيز بن السقا أبو الحسن الخراساني الأصل الدمشقيّ المولد. ولد بدمشق ورحل إلى الأمصار طلبا للعلم والمعرفة.

ذكره «الذهبي» ت 748 هـ، ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن.

كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات.

أحب عبد الباقي القرآن والعلم منذ نعومة أظفاره، ورحل في سبيل ذلك إلى الأمصار، وأخذ عن الشيوخ وتلقى عن العلماء والمحدثين، يقول «ابن الجزري»: أخذ «عبد الباقي» القراءة عرضا عن: «إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم، وإبراهيم بن الحسن، وإبراهيم بن عمر، وإبراهيم بن عبد العزيز، وإبراهيم بن عبد الله بن محمد، وأحمد بن عبد الله بن الخشف، وأحمد بن صالح، وأحمد بن عبد الرحمن، والحسين بن عبد الله، وزيد بن أبي بلال، وصالح بن أحمد، وعبد الرحمن بن عمر البغدادي، وعبد الله بن علي، وعبيد الله بن إبراهيم، وعلي بن عبد الله بن محمد، وعلي بن محمد بن جعفر القلانسي، ونظيف بن عبد الله. ومحمد بن إبراهيم البلخي، ومحمد بن أحمد بن هارون، ومحمد بن زريق، ومحمد بن الحسين الديبلي» (2).

كما أخذ «عبد الباقي» حديث الهادي البشير صلى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء،

(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:

معرفة القراء ج 1، ص 357، وطبقات القراء، ج 1، ص 356. وحسن المحاضرة ج 1، ص 491.

(2)

انظر طبقات القراء ج 1، ص 356.

ص: 181

وحدث عنهم، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»: وحدث «عبد الباقي» عن «عبد الله بن عتاب الزّفتي، وأبي علي الحصائري، وجماعة (1).

تصدر «عبد الباقي» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة وصحة القراءة، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، يقول «الإمام ابن الجزري»:«أخذ القراءة عن «عبد الباقي» عرضا: «فارس بن أحمد، وأكثر عنه وقال: قال لنا «عبد الباقي» : أدركت أبا إسحاق إبراهيم بن عبد الرزاق بأنطاكية، وجلست معه في مجلسه، وهو يقرئ سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة، ولم أقرأ عليه، ولما حصّل الروايات ورجع إلى دمشق يقرئ بها، حصل بينه وبين شيوخها اختلاف فتعصب له قوم، وتعصب آخرون عليه، حتى تطاول بعضهم إلى بعض فخرج منها إلى «الديار المصرية» (2).

احتلّ «عبد الباقي مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه. يقول «الإمام الداني» : كان «عبد الباقي» خيّرا، فاضلا، ثقة، مأمونا، إماما في القراءات، عالما بالعربية، بصيرا بالمعاني، قال لي «فارس بن أحمد» أحد تلاميذه عنه: إنه أدرك إبراهيم بن عبد الرزاق بأنطاكية، وجلس بين يديه في سنة اربع وثلاثين وثلاثمائة، وسمعت عبد الرحمن بن عبد الله يقول:

كان «عبد الباقي» يسمع معنا ببغداد على أبي بكر الأبهري، وكتب عنه كتبه في الشرح، ثم قدم «مصر» فقامت له بها رئاسة عظيمة، وكنا لا نظنه هناك، إذ كان ببغداد. اه (3).

وقال «الإمام ابن الجزري» : كان عبد الباقي أستاذا حاذقا، ضابطا، ثقة، رحل إلى الأمصار» (4).

(1) انظر القراء الكبار ج 1، ص 358.

(2)

انظر طبقات القراء ج 1، ص 356 - 357.

(3)

انظر القراء الكبار ج 1، ص 358.

(4)

انظر طبقات القراء ج 1، ص 356.

ص: 182

توفي «عبد الباقي» بالاسكندرية، وقيل بمصر، بعد سنة ثمانين وثلاثمائة، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم.

رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

ص: 183

رقم الترجمة/ 53 «عبد الباقي بن فارس» (1) ت 450 هـ

هو: عبد الباقي بن فارس بن أحمد أبو الحسن الحمصي، ثم المصري وهو مقرئ مشهور مجوّد، أخذ القراءة عن خيرة العلماء.

وقد روى القراءات عرضا عن والده فارس بن أحمد، أبو الفتح الحمصي الضرير نزيل مصر، وهو أستاذ كبير ضابط ومن الثقات، ولد بحمص سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة، ثم رحل، وأخذ القراءة عن عدد من العلماء، وفي مقدمتهم:«عمر بن محمد الحضرمي» و «عبد الله بن محمد الرازي» وآخرون.

ثم جلس لتعليم القرآن، وأقبل عليه الحفاظ، وفي مقدمتهم: ولده «عبد الباقي» والحافظ أبو عمرو الداني، وقال عنه: «لم ألق مثله في حفظه وضبطه، كان حافظا، ضابطا، حسن التأدية فهما بعلم صناعته، واتساع روايته مع ظهور فضله وصدق لهجته، توفي بمصر سنة إحدى وأربعمائة (2).

ومن شيوخ «عبد الباقي بن فارس» في القراءة: «قسيم بن أحمد بن مطير أبو القاسم الظهراوي المصري، من ساكني مدينة «بلبيس» وهو مقرئ ضابط، مشهور، قال عنه «الإمام الداني»: كان «قسيم بن أحمد» ضابطا لرواية ورش يقصد فيها، وتؤخذ عنه وكان خيّرا فاضلا، سمعت «فارس بن أحمد» يثني عليه، وكان يقرئ بموضعه إذ كنت بمصر سنة سبع وتسعين وثلاثمائة (3).

(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:

معرفة القراء الكبار ج 1، ص 424 ورقم الترجمة 363. غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 357 ورقم الترجمة 1529. حسن المحاضرة ج 1، ص 492.

(2)

انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 6.

(3)

انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 27.

ص: 184

أخذ «قسيم بن أحمد» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم جدّه لأمه «عبد الله بن عبد الرحمن» ويقال: محمد بن عبد الرحمن الظهراوي، صاحب «أبي بكر بن سيف» .

جلس «قسيم بن أحمد» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة، والضبط، وجودة القراءة، وأقبل عليه الطلاب، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة:«عبد الباقي ابن فارس» وأحمد بن محمد الصقلي»، وآخرون.

توفي «قسيم بن أحمد» سنة ثمان أو تسع وتسعين وثلاثمائة.

ومن شيوخ «عبد الباقي بن فارس» في القراءة: «عمر بن محمد بن عراك، أبو حفص الحضرمي المصري» . وهو من الأئمة المشهورين، ومن الثقات المعروفين في قراءة «ورش» وكان إمام جامع مصر.

أخذ «عمر بن عراك» القراءة عن مشاهير العلماء، وفي مقدّمتهم:«أبو غانم المظفر بن أحمد» وسمع حروف القراءات من «أحمد بن محمد بن زكريا الصدفي» وآخرين.

جلس «عمر بن عراك» لتعليم القرآن، وذاع صيته، واشتهر بالثقة، وحسن القراءة، وأقبل عليه عدد كبير من حفاظ القرآن، وفي مقدمة من قرأ عليه:«عبد الباقي بن فارس، وتاج الأئمة، أحمد بن عليّ بن هاشم» وآخرون.

توفي «عمر بن عراك» بمصر سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة.

ومن شيوخ «عبد الباقي بن فارس» في القراءة: عبد الله بن الحسين بن حنون أبو أحمد السامري البغدادي، نزيل مصر، المقرئ اللغوي، مسند القراء في زمانه، قال عنه «الإمام الداني»: هو مشهور ضابط ثقة مأمون (1).

(1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 415.

ص: 185

وقال عنه «الحافظ الذهبي» : سألت: «أبا حيان محمد بن يوسف الأندلسي» عن «أبي أحمد السامري» فأثنى عليه ووثقه (1).

ولد «عبد الله بن الحسين» سنة خمس أو ست وتسعين ومائتين، وأخذ القراءة عن مشاهير علماء عصره، وفي مقدّمتهم:«أبو بكر بن مجاهد، وأبو الحسن بن شنبوذ» .

وبعد أن اكتملت مواهب «عبد الله بن الحسين» جلس لتعليم القراءة وحروف القراءات، واشتهر بالثقة والضبط، وأقبل عليه الطلاب، ومن الذين أخذوا عنه القراءة:«أبو الفتح فارس بن أحمد» وهو أضبط من قرأ عليه، وعبد الباقي بن فارس، وغيرهما كثير.

توفي «عبد الله بن الحسين» بمصر سنة ست وثمانين وثلاثمائة.

وبعد أن أصبح «عبد الباقي بن فارس» مؤهلا لتعليم القرآن، وحروف القراءات تصدر لذلك، وأقبل عليه الطلاب، وفي مقدّمة من أخذ عنه القراءة: «عبد الله بن سهل بن يوسف أبو محمد الأنصاري الأندلسي المرسي:

بضم الميم، وسكون الراء، نسبة إلى «مرسيّة» وهي بلدة من بلاد المغرب» (2).

قال «أبو علي بن سكّرة» : هو إمام وقته في فنّه، لقيته بالمرّيّة (3) لازم «أبا عمرو الداني» ثمانية عشر عاما، ورحل فلقي جماعة، قال: وجرت بينه وبين شيخه «الداني» عند قدومه منافسة ومقاطعة، وكان «أبو محمد» شديدا على أهل البدع، قوّالا بالحق مهيبا جرت له في ذلك أخبار كثيرة، وامتحن، ولفظته البلاد، وغرّب، وغمزه كثير من الناس، ودخل «سبتة» وأقرأ بها

(1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 417.

(2)

انظر الأنساب للسمعاني ج 5، ص 257.

(3)

المرية: بفتح الميم: مدينة عظيمة على ساحل بحر الأندلس في شرقها انظر الأنساب للسمعاني، ج 5، ص 268.

ص: 186

مدّة، ثم خرج إلى «طنجة» ثم رجع إلى الأندلس فمات برندة (1).

أخذ «عبد الله بن سهل» القراءة عن عدد من العلماء وفي مقدمتهم: «أبو عمرو الداني، وعبد الباقي بن فارس» وقرأ القراءات على «أبي عمر الطلمنكي، ومكي بن أبي طالب القيسي» .

ثم جلس لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة والحفظ، والأمانة، وأقبل عليه الطلاب، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة:«عبد العزيز بن عبد الملك بن شفيع» . توفي «عبد الله بن سهل» «برندة» سنة ثمانين وأربعمائة.

ومن تلاميذ «عبد الباقي بن فارس» في القراءة: «محمد بن عبد الله بن مسبّح بن عبد الرحمن أبو عبد الله الفضّي المصري، وهو من أئمة القراءة المشهورين بالثقة وكثرة الروايات. أخذ القراءة عن مشاهير العلماء وفي مقدمتهم: «عبد الباقي بن فارس» وروى كتاب «الروضة» للمالكي سماعا عن «أبي الحسن علي بن حميد الواعظ، وإبراهيم بن إسماعيل بن غالب الخياط» وقرأ على «أبي معشر الطبري» بكتابه «سوق العروس» .

ثم جلس «محمد بن المسبّح» لتعليم القراءات، واشتهر بالثقة والأمانة، وكثرة الروايات، وأقبل عليه الطلاب، يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه:

«الشريف أبو الفتوح ناصر بن الحسن، وزيد بن شافع اللخمي» وآخرون.

قال «ابن الجزري» : لا أدري متى توفي «محمد بن المسبّح» إلا أنه لم يصل إلى العشرين وخمسمائة.

وبعد حياة حافلة بتعليم القرآن، وحروف القراءات توفي «عبد الباقي بن فارس» في حدود الخمسين وأربعمائة.

رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

(1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 422.

ص: 187

رقم الترجمة/ 54 «عبد الرّحمن الخزرجي» (1) ت 446 هـ

هو: عبد الرحمن بن الحسن بن سعيد أبو القاسم الخزرجي القرطبي، من أهل الأندلس وهو أستاذ محقق حجة.

ذكره «الذهبي» ت 748 هـ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن.

كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات.

رحل سنة ثمانين وثلاثمائة إلى المشرق في سبيل العلم والأخذ عن الشيوخ فحج أربع مرات، وأخذ عن كبار العلماء، وألف «كتاب المقاصد» .

وفي مقدمة شيوخه الذين أخذ عنهم: كما قال «أبو علي الغسّاني» : عبد الله ابن الحسين بن حسنون أبو أحمد السامري البغدادي، نزيل مصر، المقرئ اللغوي مسند القراء في زمانه.

ولد سنة خمس أو ست وتسعين ومائتين، وتوفي بمصر ليلة السبت لثمان بقين من المحرم سنة ست وثمانين وثلاثمائة، وصلى عليه «أبو حفص عمر بن عراك» .

قال «الإمام الداني» : أخذ «أبو أحمد السامري» القراءة عرضا عن «محمد ابن حمدون الحذاء، وأحمد بن سهل الأشناني، وأبي بكر بن مجاهد، وأبي الحسن بن شنبوذ، وأبي بكر بن مقسم، والحسن بن صالح، ومحمد بن الصباح المكي، وسلامة بن هارون» ، وغيرهم كثير.

(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:

معرفة القراء الكبار للذهبي ج 1، ص 410. طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 367.

الصلة لابن بشكوال ج 2، ص 334. تذكرة الحفاظ للذهبي ج 3، ص 1124.

ص: 188

تصدّر «أبو أحمد السامري» لتعليم القرآن، وتتلمذ عليه الكثيرون، وفي مقدمتهم:«أبو الفتح فارس بن أحمد، وهو أضبط من قرأ عليه، وأبو الفضل الخزاعي، ويوسف بن رباح، وأبو الحسين التّنيسي الخشاب، وعبد الرحمن بن الحسن، وعبد الجبار بن أحمد الطرسوسي، وأبو العباس بن نفيس» ، وغير هؤلاء كثير.

قال «الحافظ الذهبي» : قرأ «عبد الرحمن الخزرجي» بالأندلس على: «عليّ ابن محمد بن إسماعيل بن محمد بن بشر أبو الحسن الأنطاكي التميمي نزيل الأندلس وشيخها، وهو إمام حاذق مسند ثقة ضابط. ولد بانطاكية سنة تسع وتسعين ومائتين، وتوفي يوم الجمعة ليومين بقيا من شهر ربيع الأول، سنة سبع وسبعين وثلاثمائة بقرطبة.

أخذ «أبو الحسن الأنطاكي» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم:

«إبراهيم بن عبد الرزاق، وأحمد بن محمد بن خشيش، ومحمد بن جعفر بن بيان البغدادي، ومحمد بن النضر بن الأخرم، وأحمد بن صالح البغدادي» .

تصدّر «أبو الحسن الأنطاكي» لتعليم القرآن، ومن الذين أخذوا عنه القراءة، «أبو الفرج الهيثم بن أحمد الصباغ، وإبراهيم بن مبشّر، وعتبة بن عبد الملك، ومحمد بن عمر الغازي، وأبو المطرز القنازعي، ومحمد بن يوسف النجار، وعبيد الله بن سلمة بن حزم» وغيرهم كثير.

ومن شيوخ «عبد الرحمن الخزرجي» : «محمد بن علي بن أحمد بن محمد أبو بكر الأذفوي المصري» . ولد «أبو بكر الأذفوي» سنة أربع وثلاثمائة، وتوفي بمصر يوم الخميس لسبع خلون من ربيع الأول سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة.

أخذ «أبو بكر الأذفوي» القراءة عن خيرة العلماء، فقد أخذ القراءة عرضا عن المظفر بن أحمد بن حمدان، وسمع حروف القراءات من أحمد بن

ص: 189

إبراهيم بن جامع، وسعيد بن السكن، والعباس بن أحمد، ولزم «أبا جعفر النحّاس» .

تصدر «أبو بكر الأذفوي» لتعليم القرآن. ومن الذين أخذوا عنه القراءة:

«محمد بن الحسين بن النعمان، والحسن بن سليمان وعبد الجبار بن أحمد الطرسوسي، وابنه أبو القاسم أحمد بن أبي بكر الأذفوي، وعتبة بن عبد الملك، وأبو الفضل الخزاعي» .

احتلّ «أبو بكر الأذفوي» مكانة سامية، ومنزلة رفيعة بين العلماء مما جعلهم يثنون عليه.

وفي هذا يقول «الإمام الداني» : انفرد «أبو بكر الأذفوي» بالإمامة في دهره في قراءة «نافع» رواية «ورش» مع سعة علمه، وبراعة فهمه، وصدق لهجته، وحسن اطلاعه، وتمكنه من علم العربية، وبصره بالمعاني.

وقال «الحافظ الذهبي» : برع «أبو بكر الأذفوي» في علوم القرآن، وكان سيّد أهل عصره بمصره، له كتاب التفسير في مائة وعشرين مجلّدا، موجود بالقاهرة. اه (1).

قال «ابن الجزري» : سمّاه الاستغناء في علوم القرآن، ألّفه في اثنتي عشرة سنة. اه (2).

وكما أخذ «عبد الرحمن الخزرجي» القراءة عن خيرة العلماء، أخذ أيضا حديث الهادي البشير صلى الله عليه وسلم عن خيرة المحدثين، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»:«قال «عبد الرحمن الخزرجي» عن نفسه: ومن شيوخي في الحديث:

«أبو بكر المهندس، وأبو مسلم الكاتب، والحسن بن إسماعيل الضرّاب وأبو

(1) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 2، ص 199.

(2)

انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 2، ص 199.

ص: 190

محمد بن أبي زيد» اه (1).

احتل «عبد الرحمن الخزرجي» مكانة سامية، ومنزلة رفيعة، مما استوجب ثناء العلماء عليه، وفي هذا يقول «أبو عمر أحمد بن مهدي»: كان «عبد الرحمن الخزرجي» من أهل العلم بالقراءات، حافظا للخلاف، مجوّدا للأداء، بصيرا بالنحو، مع الخير، والحال الحسن. اه (2).

تصدّر «عبد الرحمن الخزرجي» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة وصحة القراءة وأقبل عليه حفاظ القرآن من كل مكان يأخذون عنه، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»:«وأقرأ الناس دهرا في مسجد بقرطبة، وفي الجامع، وقرأ عليه «يحيى بن إبراهيم بن أبي زيد، أبو الحسن اللواتي المرسي المعروف بابن البيّاز، صاحب كتاب «النبذ النامية» شيخ الأندلس، وهو إمام كبير. قرأ على «عبد الرحمن الخزرجي» وأبي عمرو الداني، وأبي عمر أحمد بن محمد الطلمنكي، ومكي بن أبي طالب، وعبد الجبار الطرسوسي بمصر، وقيل: لم يقرأ عليه القرآن، وإنما سمع الحروف».

تصدّر «ابن البياز» لتعليم القرآن، وتتلمذ عليه الكثيرون وفي مقدمتهم:

«أبو الحسن عليّ بن أحمد بن الباذش، ومحمد بن الحسن بن غلام الفرس، وعليّ بن عبد الله بن ثابت، وسليمان بن يحيى، وعيسى بن حزم الغافقي، وسمع كتاب «التلقين» ، من مؤلفه «القاضي عبد الوهاب» .

توفي «ابن البياز» في ثالث المحرّم سنة ست وتسعين وأربعمائة وله تسعون سنة.

وقال «ابن الجزري» : قرأ على «عبد الرحمن الخزرجي» : «خلف بن

(1) انظر معرفة القراء الكبار للذهبي ج 1، ص 410.

(2)

انظر معرفة القراء الكبار ج 1، ص 410.

ص: 191

إبراهيم» و «أحمد بن عبد الرحمن بن عبد الحق، أبو جعفر الخزرجي» .

وقرأ «أحمد بن عبد الرحمن» على «مكي بن أبي طالب» احزابا من القرآن، ثم قرأ السبع على «عبد الرحمن بن الحسن الخزرجي» وعلى «أبي عبد الله بن الطرفي» .

تصدر «أحمد بن عبد الرحمن» لتعليم القرآن، ومن الذين قرءوا عليه:

«محمد بن سمرة» و «عبد الرحمن بن عليّ الخزرجي» .

توفي «أحمد بن عبد الرحمن» سنة إحدى عشرة وخمسمائة عن تسعين سنة.

ومن تلاميذ «عبد الرحمن الخزرجي» : «عبد الله بن سهل بن يوسف أبو محمد الأنصاري الأندلسي» ، مقرئ الأندلس، وهو أستاذ ماهر محقق، ثقة، مصدّر.

أخذ «عبد الله بن سهل» القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «أبو عمر الطلمنكي، ومكي بن أبي طالب القيسي، وأبو عمرو الداني، وعبد الجبار الطرسوسي بمصر، وخلف بن غصن الطائيّ، وعبد الباقي بن فارس، وعبد الرحمن بن الحسن، ومحمد بن سليمان، ومحمد بن سفيان صاحب كتاب «الهادي» . يقول «الإمام ابن الجزري» بعد أن ذكر أساتذة «عبد الله بن سهل» قال: «وهؤلاء شيوخ ما نعلم أحدا جميع بينهم سواه» (1).

تصدّر «عبد الله بن سهل» لتعليم القرآن، وفي مقدمة من قرأ عليه:«عبد العزيز بن عبد الملك بن شفيع» .

احتلّ «عبد الله بن سهل» منزلة رفيعة، ومكانة سامية بين العلماء مما جعلهم يثنون عليه، وفي هذا يقول «أبو علي بن سكرة»:«عبد الله بن سهل» إمام

(1) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 422.

ص: 192

وقته في فنّه، لقيته بالمريّة، ولازم «أبا عمرو الداني» ثمانية عشر عاما، ورحل فلقي جماعة، ثم يقول: وكان «أبو محمد شديدا على أهل البدع قوّالا بالحق مهيبا، جرت له في ذلك أخبار كثيرة» اه (1).

توفي «عبد الله بن سهل» سنة ثمانين وأربعمائة هـ.

ومن تلاميذ «عبد الرحمن الخزرجي» : «الحسين بن عبيد الله بن سعيد أبو علي الحضرمي» ، وهو شيخ مقرئ، قرأ على «عبد الرحمن الخزرجي» وقرأ عليه:«علي بن أحمد بن خلف بن الباذش» .

قال «عبد الرحمن الخزرجي» : ومن شيوخي في «القرآن» : «عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون، أبو الطيب الحلبي نزيل مصر، وهو: أستاذ كبير ماهر، محرر، ضابط ثقة،

صالح».

ولد ليلة الجمعة لاثنتي عشرة ليلة خلت من رجب سنة تسع وثلاثمائة بحلب، وانتقل إلى مصر فسكنها.

أخذ «أبو الطيب بن غلبون» القراءة عن خيرة العلماء، فقد روى القراءة عرضا وسماعا عن:«إبراهيم بن عبد الرزاق، وإبراهيم بن محمد بن مروان، وأحمد بن بلال، ومحمد بن أحمد بن إبراهيم البغدادي، وأحمد بن الحسين النحوي، وأحمد بن موسى، وجعفر بن سليمان، والحسين بن خالويه، والحسن ابن حبيب الحصائري، وصالح بن إدريس، وعبد الله بن أحمد بن الصقري، وعلى بن محمد المكي، وعمر بن بشران، ومحمد بن جعفر الفريابي، ومحمد بن علي العطوفي، ونجم بن بدر، وصالح بن إدريس، وعبد الله بن أحمد بن الصقر، وعلي بن محمد المكي، ونصر بن يوسف» .

تصدّر «أبو الطيب بن غلبون» لتعليم القرآن، واشتهر بين الناس بالثقة،

(1) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 422.

ص: 193

وجودة القراءة، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه. ومن الذين أخذوا عنه القراءة: ولده «أبو الحسن طاهر» وأحمد بن علي الرّبعي، وأبو جعفر أحمد بن عليّ الأزدي، وأحمد بن عليّ تاج الأئمة، وأحمد بن نفيس، والحسن بن عبد الله الصقلي، وخلف بن غصن، وأبو عمر الطلمنكي، وأبو القاسم عبد الرحمن بن الحسن الأستاذ، وعبد الرحمن الخزرجي، وأبو عبد الله محمد بن سفيان، وأبو الحسين محمد بن قتيبة الصقلي، ومكي بن أبي طالب.

احتل «أبو الطيب بن غلبون» مكانة سامية، ومنزلة رفيعة، واشتهر بالثقة مما جعل العلماء يثنون عليه، وفي هذا يقول «الإمام أبو عمرو الداني»: كان «أبو الطيب بن غلبون» حافظا للقراءات ضابطا، ذا عفاف، ونسك وفضل، وحسن تصنيف (1).

توفي «أبو الطيب بن غلبون» بمصر في جمادى الأولى سنة تسع وثمانين وثلاثمائة.

رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.

وبعد حياة حافلة بتعليم القرآن توفي عبد الرحمن الخزرجي سنة ست وأربعين وأربعمائة للهجرة.

رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب.

(1) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 2، ص 471.

ص: 194

رقم الترجمة/ 55 «عبد السّلام بن الحسين» (1) ت 405 هـ

هو: عبد السلام بن الحسين بن محمد بن طيفور أبو أحمد البصري ثم البغدادي شيخ عارف ثقة.

ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات.

ولد «عبد السلام» سنة تسع وعشرين وثلاثمائة بالبصرة. قرأ القرآن على عدد من العلماء وفي مقدمتهم: «الحسين بن إبراهيم الصائغ، وعلي بن محمد خشنام، وعلي بن محمد بن صالح الهاشمي، وعلي بن أبي رجاء، وأبو العباس الكيّال» وآخرون. كما أخذ «ابن طيفور» حديث الهادي البشير صلى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء وحدّث به، في هذا يقول «الخطيب البغدادي»:«سكن ابن طيفور بغداد وحدث بها عن محمد إسحاق بن عبّاد التمّار، وجماعة من البصريين» اه.

تصدر «ابن طيفور» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة وصحة السند، وجودة القراءة، وطيب النفس، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه القرآن الكريم، وسنة الهادي البشير صلى الله عليه وسلم، ومن الذين قرءوا عليه:«أبو علي الشرمقاني، والحسن بن علي العطار، والحسن بن محمد بن إبراهيم المالكي، وأبو الحسن الخياط، وعبد الواحد بن شيطا، ونصر بن عبد العزيز الشيرازي، وعبد الملك بن سابور» وآخرون.

(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:

تاريخ بغداد ج 11، ص 57. نزهة الألباء ص 347. الكامل في التاريخ ج 9، ص 252. إنباه الرواة ج 2، ص 175. طبقات القراء ج 1، ص 385. النجوم الزاهرة ج 4، ص 238. بغية الوعاة ج 2، ص 95. القراء الكبار ج 1، ص 377.

ص: 195

احتل «ابن طيفور» مكانة سامية، ومنزلة رفيعة، وسمعة حسنة، مما استوجب ثناء العلماء عليه، حول هذه المعاني يقول «الخطيب البغدادي»:

«حدثني عنه «عبد العزيز الأزجي» وغيره، وكان صدوقا، عالما، أديبا، قارئا للقرآن، عارفا بالقراءات، وكان يتولى ببغداد النظر في دار الكتب، وإليه حفظها والإشراف عليها».

ثم يقول «البغدادي» : سمعت «أبا القاسم عبيد الله بن علي الرقي الأديب يقول: «كان عبد السلام البصري» من أحسن الناس تلاوة للقرآن، وإنشادا للشعر، وكان سمحا سخيا، وربما جاء السائل وليس معه شيء يعطيه فيدفع إليه بعض كتبه التي لها قيمة كثيرة، وخطر كبير. اه.

وقال «الخطيب البغدادي» : حدثني علي بن الحسن التنوخي أن «عبد السلام البصري» توفي من يوم الثلاثاء التاسع عشر من المحرم سنة خمس وأربعمائة. وقال غيره: ودفن في مقبرة الشونيزي عند قبر «أبي علي الفارسي» رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

ص: 196

رقم الترجمة/ 56 «عبد الله بن سهل» (1) ت 480 هـ

هو: عبد الله بن سهل بن يوسف أبو محمد الأنصاري الأندلسي المرسي:

بضم الميم، وسكون الراء، وهي نسبة إلى «مرسية» ، وهي بلدة من بلاد المغرب، وقد نسب إليها جماعة من العلماء (2).

وهو من خيرة القراء المشهورين، المشهود لهم بالثقة والأمانة، قال عنه «ابن الجزري»:«عبد الله بن سهل مقرئ الأندلس، استاذ، ماهر، محقق، مصدّر، ثقة» (3).

وقال «أبو الأصبغ بن سهل» : «أشكلت عليّ مسائل من علم القرآن، لم أجد من يشفيني فيها حتى لقيت «أبا محمد بن سهل» (4).

أخذ «عبد الله بن سهل» القراءة عن مشاهير العلماء وفي مقدمتهم: «أحمد ابن محمد بن عبد الله، أبو عمر الطلمنكي» ، الأندلسي، نزيل قرطبة. وهو من القراء المشهود لهم بالثقة وصحة الإسناد.

ولد سنة أربعين وثلاثمائة، ورحل إلى المشرق فقرأ على الكثيرين، وفي مقدمتهم:«عمر بن عراك، وعبد المنعم بن غلبون» .

(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:

معرفة القراء الكبار ج 1، ص 436 - ورقم الترجمة 372. غاية النهاية في طبقات القراء، ج 1، ص 421 - ورقم الترجمة 1782. ميزان الاعتدال ج 2، ص 437. شذرات الذهب ج 3، ص 364.

(2)

انظر: الأنساب للسمعاني ج 5، ص 257.

(3)

انظر: غاية النهاية في طبقات القراء، ج 1، ص 421.

(4)

انظر: معرفة القراء الكبار ج 1، ص 437.

ص: 197

وبعد أن اكتملت مواهبه، تصدر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، وذاع صيته بين الناس، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه:«عبد الله بن سهل» .

توفي «أبو عمر الطلمنكي» في ذي الحجة سنة تسع وعشرين وأربعمائة.

ومن شيوخ «عبد الله بن سهل» في القراءة: «مكي بن أبي طالب بن حموش أبو محمد القيسي» ، القيرواني، الأندلسي، وهو من مشاهير القراء المحققين، ومن الثقات المجوّدين، ولد سنة خمس وخمسين وثلاثمائة بالقيروان، ورحل إلى كثير من المدن من أجل العلم وللأخذ عن الشيوخ، ومن المدن التي رحل إليها:«مكة المكرمة، مصر، وبيت المقدس» .

ألّف: «مكي بن أبي طالب» الكثير من الكتب بلغت أكثر من ثمانين كتابا، قال رحمه الله تعالى:«ألفت كتابي «الموجز في القراءات» بقرطبة، سنة أربع وتسعين وثلاثمائة، وألفت كتاب «التبصرة» بالقيروان سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة، وألفت «مشكل الإعراب» في الشام ببيت المقدس سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة، وألفت باقي تواليفي بقرطبة سنة خمس وتسعين وثلاثمائة (1).

احتلّ «مكيّ بن أبي طالب» منزلة رفيعة بين الناس مما جعل العلماء يثنون عليه، وفي هذا يقول صاحبه «أحمد بن مهدي المقري»:«كان مكي بن أبي طالب من أهل التبحّر في علوم القرآن، والعربية، حسن الفهم والخلق، جيّد الدين والعقل، كثير التأليف في علوم القرآن، محسنا، مجوّدا، عالما بمعاني القراءات» (2).

أخذ «مكي بن أبي طالب» القراءات عن مشاهير علماء عصره، وفي

(1) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 310.

(2)

انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 503.

ص: 198

مقدمتهم: «أبو الطيب عبد المنعم بن غلبون» فقد أخذ عنه القراءات بمصر.

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، وذاع صيته بين الناس، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، وينهلون من علمه، ومن الذين قرءوا عليه:«عبد الله بن سهل» .

توفي «مكي بن أبي طالب» في المحرم سنة سبع وثلاثين وأربعمائة.

ومن شيوخ «عبد الله بن سهل» في القراءة: «عثمان بن سعيد بن عثمان بن سعيد أبو عمرو الداني الأمويّ مولاهم القرطبي، المعروف في زمانه بابن الصيرفي» ، ولد سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة. وهو من أشهر العلماء في علوم القرآن الكريم، وأعلاهم إسنادا.

قال رحمه الله تعالى: «وابتدأت بطلب العلم في سنة ستّ وثمانين وثلاثمائة، ورحلت إلى المشرق في سنة سبع وتسعين، ودخلت مصر في شوّال فمكثت بها سنة،

وحججت، ودخلت الأندلس في ذي القعدة سنة تسع وتسعين وثلاثمائة، وخرجت إلى «الثغر» سنة ثلاث وأربعمائة، فسكنت «سرقسطة» سبعة أعوام ثم رجعت إلى «قرطبة» قال: وقدمت «دانية» سنة سبع عشر وأربعمائة».

فاستوطنها حتى توفاه الله تعالى.

احتلّ «أبو عمرو الداني» مكانة سامية، ومنزلة رفيعة بين الجميع، ولا زالت ذكراه عطرة حتى الآن، ومصنفاته انتفع بها آلاف طلاب العلم، والعلماء، ولو كتبت مؤلفات عن «أبي عمرو الداني» فلن توفيه حقه، في هذا المقام يقول «ابن بشكوال»:

كان «أبو عمرو الداني» أحد الأئمة في علم القرآن، ورواياته، وتفسيره،

ص: 199

ومعانيه، وطرقه، وإعرابه، وجمع في ذلك تواليف حسانا يطول تعدادها، وله معرفة بالحديث، وطرقه، وأسماء رجاله، ونقلته، وكان حسن الخط، جيّد الضبط من أهل الحفظ، والذكاء، والتفنن، ديّنا، فاضلا، ورعا، سنيّا (1).

وقال «المغامي» : كان «أبو عمرو الداني» مجاب الدعوة، مالكيّ المذهب، قرأت بخط شيخنا «الحافظ عبد الله بن محمد بن خليل» رحمه الله، قال بعض الشيوخ، لم يكن في عصره، ولا بعد عصره أحد يضاهيه في حفظه، وتحقيقه، وكان يقول:«ما رأيت شيئا إلا كتبته، ولا كتبته إلا حفظته، ولا حفظته فنسيته. وكان يسأل عن المسألة مما يتعلق بالآثار، وكلام السلف فيوردها بجميع ما فيها مسندة من شيوخه إلى قائلها» اه (2).

وقال «الإمام ابن الجزري» : سمع «أبو عمرو الداني» الحديث من جماعة، وبرّز فيه، وفي أسماء رجاله، وفي القراءات علما وعملا، وفي الفقه، والتفسير، وسائر أنواع العلوم. ثم يقول «ابن الجزري»:

ومن نظر كتبه علم مقدار الرجل، وما وهبه الله تعالى فيه، فسبحان الفتّاح العليم» (3).

ترك «أبو عمرو الداني» الكثير من المصنفات النافعة المفيدة، من هذه المصنفات كتابه «جامع البيان» فيما رواه في القراءات السبع، وكتاب «التيسير» في القراءات السبع، وهو مشهور لدى علماء القراءات، وأقول: قد قرأت بمضمّن هذا الكتاب، والحمد لله رب العالمين، وأقرأت به تلاميذي.

ومن مصنفاته «كتاب المقنع في رسم المصاحف، وكتاب المحكم في نقط المصاحف» ، وأقول: هذان الكتابان يعتبران من المراجع الأصيلة في رسم

(1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 504.

(2)

انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 504.

(3)

انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 504.

ص: 200

المصاحف ونقطها، يرجع إليها كل من له معرفة ودراية برسم المصحف وضبطه. وهناك الكثير من المؤلفات يطول ذكرها.

أخذ «أبو عمرو الداني» القراءة عن مشاهير علماء عصره، وفي مقدمتهم:

«خلف بن إبراهيم بن خاقان، وأبو الحسن طاهر بن عبد المنعم بن غلبون» وغيرهما كثير.

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، وذاع صيته بين الناس، وتزاحم الناس على الأخذ عنه، ومن الذين قرءوا عليه:

«عبد الله بن سهل» .

توفي «أبو عمرو الداني» بدانية يوم الاثنين منتصف شوال سنة أربع وأربعين وأربعمائة، رحمه الله رحمة واسعة.

ومن شيوخ «عبد الله بن سهل» في القراءة: عبد الجبّار بن أحمد بن عمر ابن الحسن، أبو القاسم الطرسوسي؛ بفتح الطاء والراء المهملتين، نسبة إلى «طرسوس» وهي من بلاد «الثغر» بالشام، يقول «السمعاني»: وكان يضرب بعيدها المثل، إذ كان أهلها يتزينون ويخرجون بالأسلحة الكثيرة المليحة، والخيل الحسان، ليصل الخبر إلى الكفار فلا يرغبون في قتالهم، وقد كان هذا قبل أيامنا، والساعة صار هذا البلد في ايدي الفرنج (1).

وكان استيلاؤهم عليها سنة أربع وخمسين وثلاثمائة، وهو تاريخ «محنة طرسوس» .

ولد «عبد الجبار بن أحمد» سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة، وكان من مشاهير القراء المشهود لهم بالثقة، والأمانة، وجودة القراءة، وصحة الإسناد يقول عنه «أبو عمرو الداني»:

(1) انظر: الأنساب للسمعاني ج 4، ص 60.

ص: 201

«كان شيخا فاضلا، ضابطا، ذا عفاف، ونسك، رأيته وشاهدته، وكان كثيرا ما يقصد شيخنا «فارس بن أحمد» يذاكره في مجلسه» اه (1).

أخذ «عبد الجبار بن أحمد» القراءة عن مشاهير العلماء، وفي مقدمتهم:

«أبو أحمد السامري» عرض عليه حروف القراءات كلها بمصر، بعد أن رحل إليها، كما أخذ القراءات أيضا عن «أبي بكر الأذفوي» .

وبعد أن اكتملت مواهبه، صنف كتاب «المجتبى الجامع في القراءات» وأصبح شيخا لقراء مصر، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه، ويتلقون عليه القراءات، ومن الذين أخذوا عنه القراءة:«عبد الله بن سهل» وأبو الطاهر إسماعيل بن خلف» صاحب «كتاب العنوان» في القراءات.

توفي «عبد الجبار بن أحمد» بمصر في آخر شهر ربيع الأول أو أول ربيع الآخر سنة عشرين وأربعمائة.

ومن شيوخ «عبد الله بن سهل» في القراءة: «خلف بن غصن أبو سعيد الطائي، القرطبي» . وهو من خيرة القراء المشهود لهم بالثقة، والضبط والعدل.

أخذ القراءة عن مشاهير القراء وفي مقدمتهم: «أبو الطيب عبد المنعم بن غلبون، وعمر بن عراك» وغيرهما كثير. ثم تصدّر «خلف بن غصن» لتعليم القرآن، وقراءاته، وذاع صيته بين الناس، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه «عبد الله بن سهل» .

توفي «خلف بن غصن» في المحرم سنة سبع عشرة وأربعمائة.

ومن شيوخ «عبد الله بن سهل» في القراءة: «عبد الباقي بن فارس بن أحمد، أبو الحسن الحمصي، ثم المصري» . وهو مقرئ ثقة، متصدر، مجوّد، صحيح السند، عمّر دهرا، أخذ «عبد الباقي بن فارس» القراءة وحروف

(1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 358.

ص: 202

القرآن عن عدد من القرّاء، وفي مقدّمتهم «والده» رحمهما الله تعالى، إذ نشأ في بيت عامر بقراءة القرآن، وتعليم القراءات.

وقرأ «لورش» على «عمر بن عراك، وقسيم الظهراوي» .

وبعد أن وجد نفسه أهلا للتدريس جلس لذلك، واشتهر بين الناس بالثقة، وحسن الأداء، ومن الذين قرءوا عليه:«عبد الله بن سهل، وأبو القاسم ابن الفحام» .

توفي «عبد الباقي بن فارس» في حدود الخمسين وأربعمائة.

ومن شيوخ «عبد الله بن سهل» في القراءة: «عبد الرحمن الحسن بن سعيد، أبو القاسم الخزرجي، القرطبي» ، من أهل الأندلس، رحل إلى المشرق سنة ثمانين وثلاثمائة، فحج أربع مرّات، وأخذ العلم والقراءات عن الكبار، وألف كتاب «المقاصد» .

كان «عبد الرحمن بن الحسن» من مشاهير القراء، ومن الثقات المعروفين، أخذ القراءة عن عدد من خيرة العلماء، وفي مقدّمتهم:«أبو أحمد السامري، وأبو الطيب بن غلبون» .

وقرأ بالأندلس على «أبي الحسن الأنطاكي» .

ثم تصدر «عبد الرحمن بن الحسن» لتعليم القرآن، وذاع صيته بين الناس، فأقبلوا يأخذون عنه، فقرأ عليه «خلف بن إبراهيم» خطيب قرطبة، وعبد الله ابن سهل» وغيرهما كثير.

توفي «عبد الرحمن بن الحسن» سنة ست وأربعين وأربعمائة. رحمه الله رحمة واسعة.

ومن شيوخ «عبد الله بن سهل» في القراءة: «محمد بن سليمان بن محمود أبو

ص: 203

سالم أو أبو عبد الله الأبيّ الأندلسي»، دخل الأندلس في سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة. وهو من خيرة القراء، المشهود لهم بالثقة، والأمانة، وصحة الإسناد، قال عنه «الإمام الذهبي»: وكان ذكيّا، حافظا.

أخذ «محمد بن سليمان» القراءة عن عدد من العلماء، وفي مقدمتهم:

«أبو أحمد عبد الله بن الحسين السامري» .

وبعد أن أصبح أهلا للتدريس، وتعليم كتاب الله تعالى، جلس لذلك، واشتهر بالثقة، وجودة القراءة، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه:«عبد الله بن سهل» .

لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «محمد بن سليمان» .

ومن شيوخ «عبد الله بن سهل» في القراءة: «محمد بن سفيان أبو عبد الله القيرواني المالكي» ، وهو من مشاهير القراء، ومن العلماء المؤلفين، وهو صاحب كتاب «الهادي» في القراءات، وهو من المشهود لهم بالثقة، وصحة الإسناد، رحل إلى «مصر» من أجل الأخذ عن شيوخها، فقرأ على «إسماعيل ابن محمد المهري» برواية «ورش» عن نافع. وعرض الروايات على «أبي الطيب ابن غلبون» رحل إليه قبل سنة ثمانين وثلاثمائة، ثم عاد من «مصر» .

احتلّ «محمد بن سفيان» مكانة سامية، مما جعل العلماء يثنون عليه، يقول «الحافظ الذهبي»: سمع معنا «محمد بن سفيان» على الشيخ «أبي الحسن عليّ ابن محمد بن خلف الفقيه، القابسي» .

وكان ذا فهم، وحفظ، وستر، وعفاف، خرج من «القيروان» لأداء فريضة الحج سنة ثلاث عشرة وأربعمائة، فحج، وجاور بمكة، ثم أتى المدينة

ص: 204

المنورة، فمرض وتوفي بها (1).

تصدّر «محمد بن سفيان» لتعليم القرآن، وحروف القراءات، ومن الذين قرءوا عليه:«عبد الله بن سهل» .

توفي «محمد بن سفيان» بالمدينة المنورة سنة خمس عشرة وأربعمائة.

وبعد أن اكتملت مواهب «عبد الله بن سهل» والأخذ عن مشاهير القراء، تصدّر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، واشتهر بالثقة، وجودة القراءة، وأقبل الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «عبد العزيز بن عبد الملك بن شفيع، أبو الحسن الأندلسي، وهو من خيرة القراء المشهود لهم بالثقة، وحسن الأداء. ولد قبل الثلاثين وأربعمائة.

وكانت له مكانة سامية بين العلماء، وفي هذا يقول «ابن بشكوال»: كان شيخا صالحا، مجوّدا، حسن الصوت بالقرآن (2).

أخذ «عبد العزيز بن عبد الملك» القراءة عن خيرة القراء، وفي مقدّمتهم «عبد الله بن سهل» .

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن، ومن الذين قرءوا عليه:

«أبو عبد الله محمد بن الحسن بن غلام الفرس» .

وبعد حياة حافلة بالعلم، توفي «عبد الله بن سهل» سنة ثمانين وأربعمائة رحمه الله رحمة واسعة.

(1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 147.

(2)

انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 394.

ص: 205

رقم الترجمة/ 57 «عبد الله بن شبيب» (1) ت 451 هـ

هو: عبد الله بن شبيب بن عبد الله بن محمد بن تميم أبو المظفر الأصبهاني، وهو مقرئ، متصدر، صالح، ضابط، سئل عنه إسماعيل بن الفضل الحافظ، فقال: إمام زاهد عابد عالم بالقراءات، كثير السماع (2).

وقال عنه «الحافظ الذهبي» : كان بليغ الخطابة، مليح الوعظ، كبير القدر (3). أخذ «عبد الله بن شبيب» القراءة عن عدد من العلماء وفي مقدمتهم:

«محمد بن جعفر بن عبد الكريم بن بديل، ركن الإسلام، أبو الفضل الخزاعي الجرجاني» ، وهو إمام حاذق ثقة، مشهور صاحب المؤلفات، صنف كتاب «المنتهى في القراءات الخمس عشرة» وهو يشتمل على مائتين وخمسين رواية، كما ألّف «كتاب تهذيب الأداء» في القراءات السبع، وكتاب «الواضح» .

أخذ «محمد بن جعفر» القراءة عن عدد من خيرة العلماء، وفي مقدمتهم:

«أحمد بن محمد بن الشارب» وآخرون.

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن وحروف القراءات، واشتهر بالثقة وجودة القراءة، وأقبل عليه الطلاب، وفي مقدمة من روى عنه القراءة «أبو العلاء الواسطي» .

(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:

العبر في خبر من غبر ج 3، ص 226. مرآة الجنان ج 3، ص 73. شذرات الذهب ج 3، ص 288. معرفة القراء الكبار ج 1، ص 423، ورقم الترجمة 361. غاية النهاية في طبقات القراء، ج 1، ص 422 - ورقم الترجمة 1785.

(2)

انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 422.

(3)

انظر معرفة القراء الكبار ج 1، ص 423.

ص: 206

توفي «أبو الفضل الخزاعي» سنة ثمان وأربعمائة.

ومن شيوخ «عبد الله بن شبيب» في القراءة: «محمد بن عبد الرحمن بن جعفر، أبو بكر، ويقال: أبو علي المعروف بالمصري» ، وهو إمام متصدر مقرئ استاذ زاهد. أخذ القراءة عن خيرة علماء عصره، وفي مقدمتهم:«محمد ابن جعفر بن محمود الأشناني، وأبو العباس المطوعي» . ثم جلس «محمد بن عبد الرحمن» لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب، ومن الذين قرءوا عليه:«أبو المظفر عبد الله بن شبيب» وقال عنه: لم تر عيناي مثله في حضر، ولا في سفر» (1).

ومن شيوخ «عبد الله بن شبيب» في القراءة: «عليّ بن أحمد بن عمر بن حفص بن عبد الله أبو الحسن الحمامي» ، شيخ العراق، ومسند الآفاق، وهو ثقة، بارع، متصدر.

قال عنه «الخطيب البغدادي» : كان «أبو الحسن الحمامي» صدوقا، دينا، تفرّد بأسانيد القرآن وعلوها (2).

ولد «أبو الحسن الحمامي» سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، وأخذ القراءة عن خيرة علماء عصره، وفي مقدمتهم:«زيد بن عليّ، وهبة الله بن جعفر» .

ثم تصدر «أبو الحسن الحمامي» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة والضبط وجودة القراءة، وأقبل عليه حفاظ القرآن يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه:«أحمد بن مسرور، والحسن بن أبي الفضل الشرمقاني» .

توفي «أبو الحسن الحمامي» يوم الأحد الرابع من شعبان سنة سبع عشرة وأربعمائة بين الظهر والعصر، ودفن بمقبرة «الإمام أحمد بن حنبل» .

(1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 161.

(2)

انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 521.

ص: 207

ومن شيوخ «عبد الله بن شبيب» في القراءة: «الفضل بن محمد بن عبد الله، أبو القاسم العطّار البغدادي» ، وهو إمام ثقة، ضابط، قارئ، مشهور، أخذ القراءة عن عدد من العلماء وفي مقدمتهم:«أبو القاسم زيد بن أبي بلال» .

ثم تصدر لتعليم القرآن، وفي مقدمة من قرأ عليه:«أبو المظفر عبد الله بن شبيب بن عبد الله الأصبهاني» . كما أخذ «عبد الله بن شبيب» حديث الهادي البشير صلى الله عليه وسلم عن خيرة العلماء، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»:«وحدّث عن جدّه: «أبي بكر محمد بن يحيى، والحافظ أبي عبد الله بن منده» (1).

وبعد أن اكتملت مواهب «عبد الله بن شبيب» جلس لتعليم القرآن، وأقبل عليه حفاظ القرآن يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه:«يوسف بن علي بن جبارة بن محمد ابو القاسم الهذلي» ، وهو أستاذ كبير، ثقة، ضابط اشتهر بكثرة الترحال للأخذ عن الشيوخ، فطاف البلاد في طلب القراءات، وجملة من أخذ عنهم ثلاثمائة وخمسة وستون شيخا، من آخر المغرب إلى باب فرغانة.

وكان «أبو القاسم الهذلي» من المؤلفين، فقد ألف كتاب «الكامل، والوجيز، والهادي» واستفاد المسلمون من مصنفاته.

أخذ «أبو القاسم الهذلي» القراءات القرآنية عن عدد كبير من مشاهير القراء، اذكر منهم:«أحمد بن عليّ بن هاشم، واحمد بن نفيس» .

وبعد أن اكتملت مواهب «أبي القاسم الهذلي» تصدر لتعليم القرآن، واشتهر بين الناس بالثقة، والحفظ، وجودة القراءة، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان، وكما كثرت شيوخه كثر ايضا طلابه وفي مقدمتهم:«أبو بكر بن محمد بن زكريا الأصبهاني، وقرأ عليه بمضمّن كتابه «الكامل» وسمعه منه

(1) انظر: معرفة القراء الكبار ج 1، ص 423.

ص: 208

«أبو العز القلانسي» وغيره.

وبعد حياة حافلة بالرحلات في طلب العلم، والتنقل في المدن والبلاد، والتصنيف، والتعليم توفي «أبو القاسم الهذلي» سنة خمس وستين وأربعمائة.

ومن تلاميذ «عبد الله بن شبيب» في القراءة: «إسماعيل بن الفضل بن أحمد أبو الفضل السرّاج، المعروف بالإخشيد» ، وهو إمام ثقة، حافظ، ومن القراء المشهورين، روى حروف القراءات عن «أبي الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرازي، وعبد الله بن شبيب» ، وغيرهما.

ثم تصدر لتعليم القرآن وأقبل عليه الكثيرون، ومن الذين قرءوا عليه:«أبو العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني» .

وبعد حياة حافلة بطلب القراءات، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام وتعليم القرآن وحروف القراءات، توفي «عبد الله بن شبيب» في صفر سنة إحدى وخمسين وأربعمائة.

رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله افضل الجزاء.

ص: 209

رقم الترجمة/ 58 «عبد المنعم بن غلبون» (1) ت 389 هـ

هو: عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون بن المبارك، أبو الطيب الحلبي نزيل مصر، ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات.

ولد «ابن غلبون» ليلة الجمعة لاثنتي عشرة ليلة خلت من رجب سنة تسع وثلاثمائة بحلب، وانتقل إلى «مصر» فسكنها حتى توفاه الله تعالى.

أخذ «ابن غلبون» القراءة وحروف القرآن على خيرة العلماء.

وفي هذا يقول «الإمام ابن الجزري» : «روى عبد المنعم بن غلبون القراءة عرضا وسماعا عن: إبراهيم بن عبد الرزاق، وإبراهيم بن محمد بن مروان، وأحمد بن محمد بن بلال، ومحمد بن أحمد بن إبراهيم البغدادي، وأحمد بن الحسين النحوي، وأحمد بن موسى، وجعفر بن سليمان، والحسين بن خالويه، والحسن بن حبيب الحصائري، وصالح بن إدريس، وعبد الله بن أحمد بن الصقر، وعلي بن محمد المكي، وعمر بن بشران، ومحمد بن جعفر الفريابي» وآخرين (2).

تصدر «عبد المنعم بن غلبون» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة وصحة القراءة

(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:

معرفة القراء ج 1، ص 355، وطبقات القراء ج 1، ص 470. والنشر في القراءات العشر ج 1، ص 78. وفهرست ابن خير 25، 27. ووفيات الأعيان ج 5، ص 277. والعبر ج 3، ص 44. ومرآة الجنان ج 2، ص 442. وطبقات السبكي ج 3، ص 338. وطبقات الإسنوي ج 2، ص 400. وحسن المحاضرة ج 1، ص 490. وشذرات الذهب ج 3، ص 131.

(2)

انظر طبقات القراء ج 1، ص 470.

ص: 210

وجودة الضبط، وأقبل عليه حفاظ القرآن يأخذون عنه وتتلمذ عليه الكثيرون وفي مقدمتهم:«ولده أبو الحسن طاهر» ، فقد عرض عليه القراءات، واشتهر مثل والده وصنف كتاب «التذكرة» في القراءات.

ومن الذين أخذوا القراءة عن «عبد المنعم بن غلبون» : أحمد بن عليّ الربعي، وأبو جعفر أحمد بن علي الأزدي، وأحمد بن علي تاج الأئمة، وأحمد ابن نفيس، والحسن بن عبد الله الصقلي، وخلف بن غصن، وأبو عمر الطلمنكي، وأبو القاسم عبد الرحمن بن الحسن الأستاذ، وأبو عبد الله محمد بن سفيان، وأبو الحسين محمد بن قتيبة الصقلي، ومكي بن أبي طالب القيسي، وأحمد بن أبي الربيع، وأبو عبد الله مسلم شيخ غالب بن عبد الله (1).

اشتهر «عبد المنعم بن غلبون» بين الناس، وصنف كتاب «الإرشاد في القراءات، وقد استفاد منه الكثيرون من قراء القرآن الذين جاءوا من بعده.

كما احتل مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه. وفي هذا يقول «الإمام أبو عمرو الداني» : كان «عبد المنعم بن غلبون» حافظا للقراءة، ضابطا، ذا عفاف ونسك وفضل، وحسن تصنيف، وكان الوزير جعفر بن الفضل معجبا به، وكان يحضر عنده المجلس مع العلماء. اه (2).

وقال «أبو علي الغساني» : «كان ابن غلبون ثقة خيارا» (3).

وقال «الإمام ابن الجزري» : كان «عبد المنعم بن غلبون» نزيل مصر أستاذا ماهرا كبيرا، كاملا، محررا، ضابطا، ثقة، خيّرا، صالحا، ديّنا.

اه (4). ومن الأدلة على تقواه، وصلته بالله تعالى، أنه وجد على بعض مؤلفاته

(1) انظر: طبقات القراء ج 1، ص 471.

(2)

انظر: القراء الكبار ج 1، ص 456.

(3)

انظر: القراء الكبار ج 1، ص 456.

(4)

انظر طبقات القراء ج 1، ص 470.

ص: 211

بخطه هذان البيتان:

صنّفت ذا العلم أبغي الفوز مجتهدا

لكي أكون مع الأبرار والسعدا

في جنّة في جوار الله خالقنا

في ظلّ عيش مقيم دائم أبدا

توفي «عبد المنعم بن غلبون» بمصر في جمادى الأولى سنة تسع وثمانين وثلاثمائة رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.

ص: 212

رقم الترجمة/ 59 «عبد الملك النّهرواني» (1) ت 404 هـ

هو: عبد الملك بن بكران بن عبد الله بن العلاء أبو الفرج النهرواني القطّان ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات.

أخذ «عبد الملك» القراءة عن خيرة علماء عصره، فقد أخذ القراءات عرضا عن:«زيد بن علي بن أبي بلال، وأبي عيسى بكار، وأبي بكر النقاش وابن مقسم، ومحمد بن علي بن الهيثم، وأبي طاهر بن أبي هاشم، وهبة الله بن جعفر، ومحمد بن عبد الله بن أبي عمر، وأبي عبد الله الفارسي، وعلي بن محمد ابن خليع القلاني» وآخرين (2).

تصدر «النهرواني» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة، وصحة القراءة وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه:«الحسن بن محمد البغدادي، والحسن بن علي العطار، ونصر بن عبد العزيز الفارسي، وأبو الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرازي، وأبو علي غلام الهراس، والحسن بن أبي الفضل الشرمقاني، وعلي بن محمد الخياط، وعبد الملك بن عليّ بن شابور، وعبد الملك بن عبدويه» (3).

كما أخذ «النهرواني» حديث الهادي البشير صلى الله عليه وسلم عن عدد من المحدثين،

(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:

تاريخ بغداد ج 10، ص 431. ومعرفة القراء: ج 1، ص 371. وطبقات القراء ج 1، ص 467. وشذرات الذهب ج 3، ص 173.

(2)

انظر طبقات القراء ج 1، ص 468.

انظر القراء الكبار ج 1، ص 371.

(3)

انظر طبقات القراء ج 1، ص 468.

ص: 213

وروى عنهم، وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي»:«أبو الفرج القطان المقرئ من أهل النهروان، سمع أحمد بن سلمان النجاد، وجعفر الخلدي، وله مصنف في القراءات، وروى عنه «أحمد بن رضوان» الصيدلاني، وغيره، وكان ثقة» (1).

اشتهر «عبد الملك» بالثقة، واحتل مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»:«أبو الفرج النهرواني من جلّة شيوخ المقارئ» (2).

وقال الإمام ابن الجزري»: أبو الفرج النهرواني مقرئ استاذ حاذق ثقة» (3).

قال «عبد السلام بن أحمد بن بكران المغازلي النهرواني» : مات «عبد الملك النهرواني» في يوم الأربعاء التاسع عشر من شهر رمضان سنة أربع وأربعمائة.

رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

(1) انظر تاريخ بغداد ج 10، ص 431.

(2)

انظر القراء الكبار ج 1، ص 371.

(3)

انظر طبقات القراء ج 1، ص 468.

ص: 214

رقم الترجمة/ 60 «عبيد الله بن مهران» (1) ت 406 هـ

هو: عبيد الله بن محمد بن أحمد بن محمد بن علي بن مهران بن أبي مسلم أبو أحمد الفرضي البغدادي.

ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن.

كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات.

أخذ «عبيد الله» القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «أبو الحسن بن بويان، وهو آخر من بقي من أصحابه ممن روى عنه رواية «قالون» وغيرها (2).

كما أخذ حديث الهادي البشير صلى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء، يقول «الخطيب البغدادي»: سمع «عبيد الله بن مهران» القاضي المحاملي، ويوسف بن يعقوب ابن إسحاق بن البهلول، ومن بعدهما، وحضر مجلس أبي بكر بن الأنباري» (3).

تصدّر «عبيد الله» إلى تعليم القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام واشتهر بالصدق والأمانة وصحة القراءة، وأقبل عليه الطلاب.

يقول «الإمام ابن الجزري» : أخذ عن «عبيد الله بن مهران» القراءة

(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:

تاريخ بغداد ج 10، ص 380. وتذكرة الحفاظ ج 3، ص 1064. والعبر ج 3، ص 94.

وطبقات السبكي الكبرى ج 5، ص 233. ومعرفة القراء ج 1، ص 364. وطبقات القراء ج 1، ص 491. وشذرات الذهب ج 3، ص 181.

(2)

انظر القراء الكبار ج 1، ص 364.

(3)

انظر تاريخ بغداد ج 10، ص 380.

ص: 215

عرضا «الحسن بن محمد البغدادي، ونصر بن عبد العزيز الفارسي، والحسن بن علي العطّار، ومحمد بن علي الخياط، وأبو علي غلام الهراس، وعلي بن الحسين ابن زكريا الطريثيثي، وأبو الحسن علي بن محمد الخياط، وعبد الرحمن بن أحمد الرازي، وروى القراءة عنه سماعا: عبد الله بن محمد شيخ الداني، وأعلى ما وقعت رواية قالون من طريقة» (1).

وصف «عبيد الله بن مهران» بعدة صفات حميدة منها: شدّة إخلاصه، وحبه لتعليم القرآن دون أن يأخذ على ذلك أجرا من أحد، لأنه كان يدخر ذلك العمل عند الله تعالى.

ومما يدل على ذلك الحادثة التالية: يقول «الخطيب البغدادي» : كتب «أبو حامد» مع رجل من «خراسان» كتابا إلى «عبيد الله بن مهران» يشفع له أن يأخذ عليه القرآن، فظن «عبيد الله» أنها مسألة قد استفتي فيها، فلما قرأ الكتاب غضب ورماه من يده، وقال: أنا لا أقرئ القرآن بشفاعة.

ثم يقول «البغدادي» : حدثني «أبو القاسم منصور بن عمر الفقيه الكوفي قال: لم أر في الشيوخ من يعلم العلم لله خالصا لا يشوبه بشيء من الدنيا غير «أبي أحمد الفرضي» بأنه كان يكره أدنى سبب حتى المديح لأجل العلم قال:

وكان قد اجتمعت فيه أدوات الرئاسة من علم، وقرآن، وإسناد وحالة متسعة في الدنيا، وغير ذلك من الأسباب التي يداخل بمثلها السلطان، وتناول بها الدنيا، وكان مع ذلك أروع الخلق، وكان يبتدئ كل يوم بتدريس القرآن، ويحضر عنده الشيخ الكبير ذو الهيئة، فيقدم عليه الحدث لأجل سبقه، وإذا فرغ من إقراء القرآن تولى قراءة الحديث علينا بنفسه، فلا يزال كذلك حتى تستنفد قوته، ويبلغ النهاية من جهده في القراءة ثم يضع الكتاب من يده، فحينئذ يقطع المجلس وينصرف، وكنت أجالسه فأطيل القعود معه، وهو على

(1) انظر طبقات القراء ج 1، ص 491.

ص: 216

حالة واحدة لا يتحرك، ولا يعبث بشيء من أعضائه، ولا يغير شيئا من هيئته حتى أفارقه، وبلغني أنه كان يجلس مع أهله على هذا الوصف، ولم أر في الشيوخ مثله (1).

ومن صفاته ايضا: شدة إمعان النظر، والتفكر في مخلوقات الله تعالى يقول «الخطيب البغدادي» حدثني «عيسى بن أحمد الهمداني» قال: سمعت «عليّ ابن عبد الواحد بن

مهدي» يقول: اختلفت إلى «أبي أحمد الفرضي» ثلاث عشرة سنة، لم أره ضحك فيها» (2). احتلّ «عبيد الله بن مهران» مكانة سامية واشتهر بالصدق والخوف من الله تعالى، والاقبال على طاعة الله تعالى، مما استوجب ثناء العلماء عليه، وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي»:

كان «عبيد الله بن مهران» ثقة، صادقا، دينا، ورعا، ثم يقول: سمعت «العتيقي» ذكره فقال: ثقة مأمون، ما رأينا مثله في معناه، وسمعت «الأزهري» ذكره فقال: كان إماما من الأئمة (3).

وقال الإمام «ابن الجزري» : «أبو أحمد الفرضي إمام كبير ثقة ورع» (4).

مما هو ثابت أن الجزاء من جنس العمل، وصدق الله حيث قال: الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (5).

ويفوح من سيرة «عبيد الله بن مهران» رائحة طيبة عطرة هي رائحة تمسكه بتعاليم الإسلام، إذا فمن كان كذلك فإن الله سبحانه وتعالى سيتفضل

(1) انظر تاريخ بغداد ج 10، ص 381.

(2)

انظر تاريخ بغداد ج 10، ص 380.

(3)

انظر تاريخ بغداد ج 10، ص 380.

(4)

انظر طبقات القراء ج 1، ص 491.

(5)

سورة النحل الآية 32.

ص: 217

عليه بحسن الخاتمة.

حول هذا المعنى يقول «أبو الحسن محمد بن أحمد» : رأيت في منامي «أبا أحمد الفرضي» بهيئة جميلة أجمل مما كنت أراه في دار الدنيا فقلت له: يا أبا أحمد كيف رأيت الأمر؟

فقال لي: الفوز، والأمن، للذين قالوا: رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا (1).

حقا: لعلها رؤيا صادقة، وصدق الله حيث قال في كتابه العزيز: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ* نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ، وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ* نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (2).

وقراء القرآن العاملون به لهم الأجر العظيم، والثواب الجزيل عند الله تعالى، يوضح ذلك الحديثان التاليان:

فعن «علي بن أبي طالب» رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قرأ «القرآن» واستظهره (3) فأحل حلاله وحرم حرامه، أدخله الله به الجنة، وشفعه في عشرة من أهل بيته كلهم وجبت له النار» اه (4).

وعن «عبد الله بن عمرو بن العاص» رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الصيام والقرآن يشفعان للعبد، يقول الصيام: ربّ إني منعته الطعام والشراب بالنهار فشفعني فيه.

(1) انظر تاريخ بغداد ج 10، ص 381.

(2)

سورة فصلت الآيات 30 - 32.

(3)

أي حفظه عن ظهر قلب.

(4)

رواه الترمذي انظر التاج ج 4، ص 6.

ص: 218

ويقول «القرآن» رب منعته النوم بالليل فشفعني فيه فيشفعان» (1).

توفي «عبيد الله بن مهران» في شوال سنة ست وأربعمائة، وله اثنتان وثمانون سنة، رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب.

(1) رواه أحمد، والطبراني في الكبير انظر الترغيب ج 2، ص 589.

ص: 219

رقم الترجمة/ 61 «عتبة بن عبد الملك» (1) ت 445 هـ

هو: عتبة بن عبد الملك بن عاصم أبو الوليد الأندلسي العثماني، نزيل بغداد. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفّاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات.

رحل «عتبة بن عبد الملك» إلى البلاد والأقطار من أجل تلقي القراءات، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام.

فمن شيوخه في القراءات: عبد الله بن الحسين أبو أحمد السامري البغدادي، نزيل مصر، المقرئ اللغوي، مسند القراءات في زمانه، ولد سنة خمس أو ست وتسعين ومائتين.

قال «الإمام الداني» : أخذ القراءة عرضا عن: «محمد بن حمدون الحذّاء، وأحمد بن سهل الأشناني، وأبي بكر بن مجاهد، وأبي الحسن بن شنبوذ، وأبي بكر بن مقسم، وأبي الحسن أحمد بن الرقي، والحسن بن صالح، ومحمد بن الصباح المكي، وسلامة بن هارون، وأحمد بن محمد بن هارون بن بقرة، وأحمد بن عبد الله الطنافسي، وأبي العباس محمد بن يعقوب المعدّل، وأحمد بن يوسف القافلاني، وأحمد بن محمد الأدمي، ومحمد بن أحمد بن عبدان، ومحمد ابن هارون التمّار، ويوسف بن يعقوب الواسطي» وغيرهم كثير.

ومن الذين قرءوا على «أبي أحمد السامري» : أبو الفتح فارس، وأبو الفضل الخزاعي، ويوسف بن رباح، وعبد الستار اللاذقي، وأبو الحسين

(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:

الصلة لابن بشكوال ج 2، ص 450. معرفة القراء الكبار للذهبي ج 1، ص 409. طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 499.

ص: 220

التنيسي الخشاب، وعبد الجبار بن أحمد الطرسوسي، وأبو العباس بن نفيس، ومحمد بن عليّ بن يوسف المؤدب، وغير هؤلاء كثير.

توفي «أبو أحمد السامري» في المحرم سنة ست وثمانين وثلاثمائة.

ومن شيوخ «عتبة بن عبد الملك» : عمر بن محمد بن عراك بن محمد أبو حفص الحضرمي المصري، وهو إمام وأستاذ في قراءة «ورش» عرض القراءة على:«حمدان بن عون، وعبد المجيد بن مسكين، وقسيم بن مطير، وأبي غانم المظفر بن أحمد، ومحمد بن جعفر العلاف» .

وسمع حروف القراءات من: «أحمد بن محمد بن زكريا الصدفي، وأحمد ابن إبراهيم بن جامع، والحسن بن أبي الحسن العسكري» .

قرأ عليه: «تاج الأئمة أحمد بن علي بن هاشم، وفارس بن أحمد، وعتبة ابن عبد الملك، والحسين بن إبراهيم الأنباري» .

توفي «عمر بن عراك» بمصر سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة.

ومن شيوخه: «عليّ بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن بشر أبو الحسن الأنطاكي التميمي» ، نزيل الأندلس وشيخها، وهو إمام ثقة ضابط حاذق مسند. ولد بانطاكية سنة تسع وتسعين ومائتين، ولزم «إبراهيم بن عبد الرزاق» نحوا من ثلاثين سنة، وخرج من «انطاكية» مع والدته للحج في شوال سنة ثمان وثلاثين، وانصرف إلى «دمشق» فوصل إليه موت شيخه:

«ابن عبد الرزاق» فنزل «مصر» وأقرأ بها، ثم عاد إلى الأندلس، ودخل قرطبة في شعبان سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة.

أخذ «أبو الحسن الأنطاكي» القراءة عرضا عن: «إبراهيم بن عبد الرزاق، وأحمد بن محمد بن خشيش، ومحمد بن جعفر بن بيان البغدادي، ومحمد بن النضر بن الأخرم، وأحمد بن صالح البغدادي» وغيرهم كثير.

ص: 221

تصدر «أبو الحسن الانطاكي» لتعليم القرآن، واشتهر بين الناس بالأمانة والثقة، وصحة القراءة، وأقبل عليه حفاظ القرآن، ومن الذين قرءوا عليه:

«أبو الفرج الهيثم بن أحمد الصباغ، وإبراهيم بن مبشر، وعتبة بن عبد الملك، ومحمد بن عمر الغازي، وأبو المطرز القنازعي، ومحمد بن يوسف النجّار، وعبيد الله بن سلمة بن حزم» ، وغير هؤلاء كثير.

احتل «أبو الحسن الأنطاكي مكانة سامية مما جعل العلماء يثنون عليه، قال عنه «الإمام الداني» : «أبو الحسن الأنطاكي مشهور بالفضل، والعلم والضبط، وصدق اللهجة» اه (1).

وقال «أبو الوليد بن الفرضي» : أدخل «أبو الحسن الأنطاكي» إلى الأندلس علما جمّا، وكان بصيرا بالعربية، والحساب، وله حفظ في الفقه، قرأ الناس عليه، وسمعت أنا منه، وكان رأسا في القراءات لا يتقدمه أحد في معرفتها في وقته. اه (2).

توفي «أبو الحسن الأنطاكي» يوم الجمعة ليومين بقيا من شهر ربيع الأول سنة سبع وسبعين وثلاثمائة بقرطبة.

تصدر «عتبة بن عبد الملك» لتعليم القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام، ومن الذين أخذوا القراءة عنه:«أحمد بن علي بن عبيد الله بن عمر ابن سوار البغدادي» . قرأ «ابن سوار» على «الحسن بن أبي الفضل الشرمقاني، والحسن بن علي بن عبد الله العطّار، وعلي بن محمد بن فارس الخياط، وعلي بن طلحة بن محمد البصري» وغيرهم كثير. وأخذ القراءة عن «ابن سوار» عدد كبير منهم: «أبو علي بن سكرة الصوفي، ومحمد بن الخضر المحولي، وأبو محمد سبط الخياط، وأبو الكرم الشهرزوري» وغيرهم كثير.

(1) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 565.

(2)

انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 565.

ص: 222

توفي «ابن سوار» سنة ست وتسعين وأربعمائة.

قال «الحافظ الذهبي» : حدث عن «عتبة بن عبد الملك» أبو بكر الخطيب، وأبو الفضل بن خيرون، وأحمد بن زكريا الطريثيثي، وأبو الحسين المبارك بن الطيور (1).

احتلّ «عتبة بن عبد الملك» مكانة سامية ومنزلة رفيعة مما جعل العلماء يثنون عليه، قال عنه «الحافظ الذهبي»:«كان موصوفا بالدين والصلاح، ومعرفة القراءات، عالي الإسناد، عديم النظير» (2).

توفي «عتبة بن عبد الملك» في رجب سنة خمس وأربعين وأربعمائة من الهجرة، وقد ناهز التسعين، أو جاوزها.

رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

(1) انظر معرفة القراء الكبار للذهبي ج 1، ص 410.

(2)

انظر معرفة القراء الكبار للذهبي ج 1، ص 410.

ص: 223

رقم الترجمة/ 62 «ابن عتّاب» (1) ت 487 هـ

هو: عبد السيّد بن عتّاب بن محمد بن جعفر بن عبد الله الحطّاب بالمهملة، أبو القاسم البغدادي الضرير.

وهو من خيرة علماء القراءات، المشهود لهم بالثقة، والضبط وصحة الإسناد، والأمانة، وجودة القراءة، وحسن الأداء.

أخذ القراءة عرضا على خيرة العلماء، وفي مقدمتهم:«الحسن بن عليّ بن الصقر، أبو محمد البغدادي الكاتب» ، وهو من القراء المشهورين بعلوّ الإسناد، قرأ «لأبي عمرو بن العلاء» على «زيد بن عليّ بن أبي بلال» وهو آخر من روى عنه.

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، واشتهر بالثقة، وصحّة القراءة، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه «ابن عتّاب، وثابت بن بندار» وغيرهما.

توفي «ابن الصقر» سنة تسع وعشرين وأربعمائة عن أربع وتسعين سنة.

ومن شيوخ «ابن عتاب» في القراءة: «احمد بن رضوان بن محمد بن جالينوس، أبو الحسن الصيدلاني، البغدادي» ، وهو من مشاهير القراء المتقنين، ومؤلف كتاب «الواضح في القراءات العشر» ، أخذ «أحمد بن رضوان» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم «أبو الحسن بن العلاف،

(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:

معرفة القراء الكبار ج 1، ص 440 - ورقم الترجمة 377. غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 387 - ورقم الترجمة 1652. ميزان الاعتدال ج 2، ص 619.

ص: 224

وأبو الفرج النهرواني» وغيرهما كثير.

وبعد أن اكتملت مواهبه وأصبح أهلا لتعليم القرآن تصدّر لذلك، واشتهر بالثقة، وصحّة الأداء، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه:«ابن عتّاب» .

توفي «أحمد بن رضوان» سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة.

ومن شيوخ «ابن عتّاب» في القراءة: «الحسن بن ملاعب بن محمد بن الحسن، أبو محمد الحلبيّ، ثم البغدادي الضرير» . وهو شيخ ضابط، ثقة، صحيح الإسناد.

أخذ القراءة عن عدد من القراء، وفي مقدّمتهم:«عمر بن محمد بن سيف» بالبصرة سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة، وبعد ذلك تصدر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، واشتهر بين الناس بتجويد القرآن، ودقة الإتقان، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذونه عنه، ومن الذين قرءوا عليه «ابن عتّاب، وعليّ بن محمد بن فارس الخياط» . لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «أبي محمد الحلبيّ» .

سوى أن «ابن الجزري» قال: «أقرأ ببغداد في سنة إحدى وعشرين وأربعمائة، وتوفي بعد ذلك» .

ومن شيوخ «ابن عتّاب» في القراءة: الحسن بن أبي الفضل أبو علي الشرمقاني: بفتح الشين المشددة وسكون الراء، نسبة إلى «شرمقان» وهي بلدة بنواحي نيسابور (1). وهو من خيرة القراء المشهود لهم بالأمانة، والثقة، قال عنه «الخطيب البغدادي»: كان من العالمين بالقراءات، ووجوهها (2).

(1) انظر: الأنساب للسمعاني ج 3، ص 421.

(2)

انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 227.

ص: 225

أخذ القراءة عن عدد كبير من مشاهير القراء، وفي مقدمتهم:«أبو الحسن الحمّامي، وعمر بن إبراهيم الكتاني» وغيرهما. ثم تصدر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه «ابن عتّاب» مع تقدّمه عليه في السنّ. توفي «الحسن بن أبي الفضل» سنة إحدى وخمسين وأربعمائة.

ومن شيوخ «ابن عتاب» في القراءة: «عليّ بن أحمد بن عمر بن حفص ابن عبد الله، أبو الحسن الحمّامي، ولد سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة. وهو شيخ العراق، ومسند الآفاق، ثقة، بارع، متصدّر، أثنى عليه الكثيرون، وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي» : «كان عليّ بن أحمد صدوقا، ديّنا، فاضلا، تفرّد بأسانيد القرآن، وعلوها» (1).

أخذ القراءات القرآنية عن خيرة علماء عصره، وفي مقدمتهم:«أبو بكر النقاش، وعلي بن جعفر القلانسي» وغيرهما. ثم تصدّر لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب يأخذون

عنه، ومن الذين قرءوا عليه:«ابن عتّاب» .

توفي «علي بن أحمد» في شعبان سنة سبع عشرة وأربعمائة، وهو في سنّ التسعين، رحمه الله رحمة واسعة.

ومن شيوخ «ابن عتّاب» في القراءة: «عليّ بن أحمد بن محمد بن داود بن موسى بن بيان، وأبو الحسن الرزاز، البغدادي، يعرف بأبي الطيب» .

وهو مقرئ متصدر، ضابط لرواية «خلف» عن «حمزة» .

ولد سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة، وأخذ القراءة عن مشاهير القراء، وفي مقدّمتهم:«محمد بن الحسن أبو بكر بن مقسم» .

(1) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 522.

ص: 226

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب، ومن الذين قرءوا عليه «ابن عتاب» .

توفي «أبو الحسن الرزاز» في شهر ربيع الآخر سنة تسع عشرة وأربعمائة.

ومن شيوخ «ابن عتّاب» في القراءة: «محمد بن عليّ بن أحمد بن يعقوب أبو العلاء الواسطي القاضي» ، نزيل بغداد، أصله من «فم الصلح» ونشأ «بواسط» .

ولد سنة تسع وأربعين وثلاثمائة، وهو من خيرة القراء المشهورين، قال عنه «الحافظ الذهبي»:«محمد بن علي» تبحّر في القراءات، وصنّف، وجمع، وتفنّن، وانتهت إليه رئاسة الإقراء بالعراق، وولي قضاء الحريم، وحدّث عن «أبي محمد بن السقّا، وعلي بن عبد الرحمن البكائي» (1).

أخذ القراءة وحروف القراءات عن مشاهير القراء، وفي مقدمتهم:«أبو بكر أحمد بن محمد الشارب، وأحمد بن محمد بن هارون الرازي» .

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة، وجودة القراءة، وحسن الأداء، وأقبل عليه الطلاب، ومن الذين قرءوا عليه «ابن عتّاب» توفي «محمد بن علي» سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة.

وبعد أن اكتملت مواهب «ابن عتّاب» تصدّر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، وذاع صيته بين الناس، وتزاحم عليه الطلاب، ومن الذين قرءوا عليه:«محمد بن عبد الملك بن الحسن بن خيرون، أبو منصور البغدادي» ، الأستاذ، البارع، مؤلف كتاب «المفتاح في القراءات العشر» .

أثنى عليه الكثيرون، يقول عنه «ابن الجزري»: «وكان خيّرا، إماما في

(1) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 200.

ص: 227

القراءات، مليح النّسخ، ملازم القراء» (1).

أخذ القراءة عن عدد من مشاهير القراء، وفي مقدمتهم:«ابن عتّاب» . ثم تصدّر لتعليم القراءات، وأقبل عليه الكثيرون، فقرأ عليه بمضمّن كتابه «المفتاح»: أبو اليمن الكندي، ويحيى بن الحسين الأواني» وغيرهما.

كما أخذ حديث الهادي البشير صلى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء، يقول «ابن الجزري»: سمع «محمد بن عبد الملك بن خيرون» من «أبي بكر الخطيب» ، وأجازه «أبو محمد الجوهري» وهو آخر من حدّث عنه. وروى عنه «الحافظ ابن عساكر، وابن الجوزي، والمديني، والسمعاني» .

توفي في رجب سنة تسع وثلاثين وخمسمائة، عن بضع وثمانين سنة.

وبعد حياة حافلة بطلب العلم، وحروف القرآن، ثم التصنيف وتدريس القراءات، توفي «ابن عتّاب» سنة سبع وثمانين وأربعمائة، عن سنّ قارب التسعين سنة، رحمه الله رحمة واسعة.

(1) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 192.

ص: 228

رقم الترجمة/ 63 «عثمان بن محمّد» (1) ت 893 هـ

هو: عثمان بن محمد بن عبد العزيز بن أحمد بن محمد بن أبي حفص عمر المتوكل الهنتاني بفتح الهاء ثم نون بعدها مثناة، قبيلة من البربر- الحفصي نسبة لجدّه الأعلى «أبي حفص» الذي كان من برابرة المصامدة.

ولد تقريبا بعد العشرين وثمانمائة بتونس، وبها نشأ في كنف أبيه وجدّه، فحفظ القرآن، وشيئا من العلم، ويقال إن جدّه «أبا فارس» كان يتوهم فيه النجابة، وأنه صرح مرّة بمصير الأمر إليه فكان كذلك.

فإنه لما مات تسلطن حفيده الآخر شقيق هذا، «أبو عبد الله محمد» ولقب المنتصر، وكان متمرضا، فلم يتهن بالملك بل لم تطل أيامه حتى مات. وتمهدت «لعثمان بن محمد» الأمور، فقد ولي ملك تونس وهو ابن ثمان عشرة سنة، في سنة تسع وثلاثين وثمانمائة، ودام في الملك أربعا وخمسين سنة، ودانت له البلاد والرعية، وضخم ملكه، واجتمع له من الأموال وغيرها ما يفوق الوصف، وأنشأ الأبنية الهائلة، والخزانة الشرقية بجامع الزيتونة، وجعل بها كتبا نفيسة للطلبة، وبعد صيته، وطارت شهرته،

وهادنه ملوك تلك الأقطار، وكذا ملوك الفرنج، وخطب له بالجزائر، وتلمسان، وجرى له مع صاحب «تلمسان» «محمد بن أبي ثابت» أمور، وزاره أكثر من مرة، وتملك «تلمسان» وصالح عليها.

احتلّ «عثمان بن محمّد» مكانة سامية بين الجميع، مما جعل الكثير يثنون

(1) انظر ترجمته في:

البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن التاسع ج 1، رقم الترجمة 200. الضوء اللامع لأهل القرن التاسع ج 5، ص 138 - رقم الترجمة 479.

ص: 229

عليه، ولم يزل بحالته حتى توفاه الله تعالى، في صبيحة يوم السبت تاسع وعشرين من شهر رمضان سنة ثلاث وتسعين وثمانمائة.

ص: 230

رقم الترجمة/ 64 «ابن العلّاف» (1) ت 396 هـ

هو: علي بن محمد بن يوسف بن يعقوب بن علي أبو الحسن بن العلاف البغدادي، ولد سنة عشر وثلاثمائة.

ذكره «الذهبي» ت 748 هـ، ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات.

أخذ «ابن العلّاف» القراءة عن خيرة العلماء، وفي هذا يقول «ابن الجزري»: قرأ «ابن العلّاف» على «أبي بكر النقاش، وأبي طاهر بن أبي هاشم، وبكار، وأبي علي الحسن بن داود النقّار، وزيد بن أبي بلال، ومحمد ابن عبد الله المؤدب، وهبة الله بن جعفر، ومحمد بن علي بن الهيثم، وعبد العزيز بن محمد بن الواثق بالله، ومحمد بن أحمد السلمي فيما ذكره الهذلي» (2).

كما أخذ «ابن العلّاف» حديث الهادي البشير صلى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء، وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي»: سمع «ابن العلّاف» عليّ بن محمد المقرئ ومن بعده، وحدثنا عنه «ابنه محمد وعبد العزيز الأزجي، وكان ثقة (3).

تصدر «ابن العلّاف» لتعليم القرآن، وتتلمذ عليه الكثيرون، يقول «ابن الجزري»: قرأ عليه الحسن بن محمد البغدادي، صاحب كتاب «الروضة» وأبو الفتح بن شيطا، وأحمد بن محمد القنطري، وعبد الله بن محمد الزارع، وعثمان

(1) انظر ترجمته في المراجع التالي:

تاريخ بغداد ج 1، ص 95. ومعرفة القراء، ج 1، ص 362. وطبقات القراء، ج 1 ص 577.

(2)

انظر طبقات القراء ج 1، ص 577.

(3)

انظر تاريخ بغداد ج 12، ص 95.

ص: 231

ابن علي الدلال، وأبو علي الشرمقاني، والحسن بن علي العطار، وأحمد بن رضوان الصيدلاني، وأحمد بن محمد بن أحمد الحدادي، وأحمد بن محمد بن يوسف بن مردة الأصبهاني، وعلي بن محمد بن فارس الخياط» (1).

احتل «ابن العلّاف» مكانة سامية مما استوجب الثناء عليه وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي» : كان «ابن العلّاف» من كبار أئمة الأداء (2).

وقال «الإمام ابن الجزري» : كان «ابن العلّاف» استاذا، مشهورا، ثقة، ضابطا (3).

توفي «ابن العلّاف» سنة ست وتسعين وثلاثمائة من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن. رحمه الله رحمة واسعة إنه سميع مجيب.

(1) انظر طبقات القراء ج 1، ص 577.

(2)

انظر القراء الكبار ج 1، ص 362.

(3)

انظر طبقات القراء ج 1، ص 577.

ص: 232

رقم الترجمة/ 65 «أبو العلاء الواسطي» (1) ت 431 هـ

هو: محمد بن علي بن أحمد بن يعقوب أبو العلاء الواسطي، القاضي نزيل بغداد إمام محقق وأستاذ متقن أصله من فم الصلح ونشأ بواسط.

ذكره «الذهبي» ت 748 هـ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن.

كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات.

ولد «أبو العلاء الواسطي» عاشر صفر سنة تسع وأربعين وثلاثمائة، وبعد أن نضج عوده حفظ القرآن بواسط، ثم رحل، «أبو العلاء الواسطي» إلى عدد من البلاد ليأخذ عن شيوخها، ويتلقى عن قرائها ومحدثيها، فرحل إلى كل من: بغداد، والكوفة، والدينور، وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي»:

«أبو العلاء الواسطي، أصله من فم الصلح، ونشأ بواسط، وحفظ بها القرآن، وقرأ على شيوخها في وقته، وكتب بها أيضا الحديث عن «أبي محمد السقّا» وغيره، ثم قدم بغداد» فسمع من «ابن مالك القطيعي، وأبي محمد بن ماسي، وأبي القاسم الأبندوني، ومخلد بن جعفر الباقرحي» ، وطبقتهم، ورحل إلى الكوفة فسمع من أبي الحسن بن أبي السريّ، وغيره من أصحاب مطين، ورحل إلى «الدينور» فكتب عن «أبي علي بن حبش» وقرأ عليه القرآن بقراءات جماعة، ثم رجع إلى «بغداد» فاستوطنها، وقبلت شهادته عند الحكام، وردّ إليه القضاء بالحريم من شرقي بغداد، وبالكوفة، وبغيرها من

(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:

القراء الكبار ج 1 ص 391. طبقات القراء ج 2، ص 199. تاريخ بغداد ج 3، ص 95.

ميزان الاعتدال ج 3، ص 654. الوافي بالوفيات ج 4، ص 122. مرآة الجنان ج 3، ص 54.

النجوم الزاهرة ج 5، ص 31. شذرات الذهب ج 3، ص 249.

ص: 233

سقي الفرات، وكان قد جمع الكثير من الحديث، وخرّج أبوابا، وتراجم، وشيوخا، كتبت عنه منتخبا، وكان من أهل العلم بالقراءات، ورأيت لأبي العلاء أصولا عتقا سماعه فيها صحيح، وسمعته يذكر أن عنده تاريخ شباب العصفري، فسألته إخراج أصله لأقرأه عليه بذلك» اه (1).

أخذ «أبو العلاء الواسطي» عن عدد كبير من خيرة العلماء. فمن الذين قرأ عليهم القرآن وحروفه: أحمد بن محمد بن بشر المعروف بابن الشارب، أبو بكر الخراساني نزيل بغداد، شيخ جليل ثقة ثبت، ت 370 هـ.

وعقيل بن علي البغدادي، يعرف بابن البصري توفي في حدود السبعين وثلاثمائة. وإبراهيم بن أحمد بن جعفر بن موسى الحرفي، البغدادي أبو القاسم المقرئ توفي في ذي الحجة سنة أربع وسبعين وثلاثمائة. وأبو علي بن حبش، وأحمد بن محمد بان هارون الرازي، وأحمد بن محمد بن سيما، وأحمد بن محمد ابن أبي دارة، وأحمد بن علي البصري، والحسن بن محمد بن الفحام، وحمزة ابن هارون، وطلحة بن محمد بن جعفر، وعبد الله بن الحسن بن النخاس، وأحمد بن جعفر بن محمد الخلال، وعبد الله بن اليسع، وعبيد الله بن البواب، وعلي بن محمد الشاهد، وعليّ بن عبد الرحمن، وعبد الله بن أحمد بن يعقوب، ومحمد بن أحمد الشنبوذي، ومحمد بن أحمد البصري، ومحمد بن أحمد بن سعيد الرام، ويوسف بن محمد بن سفيان، ويوسف بن محمد الضرير، وهو أول شيوخه قرأ عليه بواسط سنة خمس وستين وثلاثمائة.

تصدّر «أبو العلاء الواسطي» لتعليم القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام فمن الذين أخذوا عنه القراءة القرآنية: أبو القاسم الهذلي فقد قرأ عليه بالروايات، وأبو علي غلام الهراس، وعبد السيّد بن عتاب، وأبو البركات محمد بن عبد الله الوكيل، وأبو الفضل بن خيرون، وأحمد بن علي بن

(1) انظر تاريخ بغداد ج 3، ص 95.

ص: 234

هاشم المصري، والحسن بن عليّ العطار، وأبو المعالي ثابت بن بندار، وغيرهم.

ومن الذين حدثوا عنه «أبو بكر الخطيب البغدادي» ، صاحب المصنفات وتاريخ بغداد، وآخرون.

اشتهر «أبو العلاء الواسطي» بالثقة، وصحة القراءة، والإسناد، مما استوجب الثناء عليه، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»: تبحّر في القراءات وصنّف، وجمع، وتفنن، وولي قضاء الحريم الظاهري، وانتهت إليه رئاسة الإقراء بالعراق، وحدث عن «القطيعي» وغيره. اه (1).

وقال الإمام «ابن الجزري» : «أبو العلاء الواسطي، نزيل بغداد إمام محقق، وأستاذ متقن، وهو صاحب السكت عن «رويس» انفرد به عنه (2).

توفي «أبو العلاء الواسطي» في ثالث عشرين جمادى الآخرة سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة، ودفن بداره ببغداد.

رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

(1) انظر معرفة القراء الكبار ج 1، ص 391.

(2)

انظر طبقات القراء ج 2، ص 200.

ص: 235

رقم الترجمة/ 66 «أبو عليّ الأصبهاني» (1) ت 393 هـ

هو: أحمد بن محمد بن أحمد بن الحسن بن سعيد أبو علي الأصبهاني، أستاذ، وكان شيخ القراء بدمشق في وقته.

ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن.

كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات.

أخذ «أبو عليّ الأصبهاني» القراءة عن عدد من العلماء وفي مقدمتهم: «أبو بكر النقاش، وزيد بن علي الكوفي، وأحمد بن صالح، وأبو الفتح المظفر بن أحمد، ومحمد بن أحمد بن عبد الوهاب» ، وآخرون.

كما أخذ «أبو عليّ الأصبهاني» حديث الهادي البشير صلى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء، وفي مقدمتهم:«أبو إسحاق إبراهيم بن علي، وأبو القاسم الطبراني، وأبو أحمد بن عدي» وآخرون.

تصدر «أبو عليّ الأصبهاني» لتعليم القرآن، وتتلمذ عليه الكثيرون منهم:

«أبو علي الحسين بن علي الرهاوي، وإبراهيم بن أحمد الشامي، ومحمد بن عبد الله بن الحسن الشيرازي» وآخرون.

توفي «أبو عليّ الأصبهاني» سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة من الهجرة.

رحم الله «أبا عليّ الأصبهاني» وجزاه الله أفضل الجزاء.

(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:

القراء الكبار ج 1، ص 374. طبقات القراء ج 1، ص 101.

ص: 236

رقم الترجمة/ 67 «أبو عليّ الأهوازيّ» (1) ت 446 هـ

هو: الحسن بن علي بن إبراهيم بن يزداد بن هرمز، الأستاذ، أبو علي الأهوازي، صاحب المؤلفات، وشيخ القراء في عصره، وأعلى القرّاء إسنادا في عصره، الإمام الكبير المحدث.

ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن.

كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات.

ولد «أبو علي الأهوازي» سنة اثنتين وستين وثلاثمائة بالأهواز- وهي بلدة من بلاد خوزستان- وقرأ بها وبتلك البلاد على شيوخ عصره، ثم قدم «دمشق» سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة فاستوطنها، وأكثر من الشيوخ والروايات، وعني من صغره بالأداء، والقراءات.

قال «الحافظ الذهبي» : ذكر أنه قرأ «لأبي عمرو بن العلاء البصري» وهو الإمام الثالث من أئمة القراء، على «علي بن الحسين بن عثمان بن سعيد أبي الحسين الغضائري، البغدادي» ، وقد قرأ «عليّ الغضائري» على «عبد الله بن هاشم الزعفراني، وأحمد بن فرح، وسعيد بن عبد الرحيم الضرير، وأبي الحسن ابن شنبوذ، ومحمد بن إبراهيم الأهناسي، والقاسم بن زكريا، ومحمد بن المعلّى الشونيزي، بضم الشين المعجمة وكسر النون، وسكون الياء، وهي نسبة إلى

(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:

فهرست ابن خير ص 37. إرشاد الأريب ج 3، ص 152. تذكرة الحفاظ ج 3، ص 1124.

ميزان الاعتدال ج 1، ص 512. مرآة الجنان ج 3، ص 63. معرفة القراء الكبار ج 1، ص 402. طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 220. لسان الميزان ج 2، ص 237. النجوم الزاهرة ج 5، ص 56. شذرات الذهب ج 3، ص 374. تهذيب تاريخ دمشق ج 4، ص 197. التحفة اللطيفة ج 1 ص 477.

ص: 237

مكان مخصوص ببغداد، به المقبرة المشهورة، وأحمد بن سهل الأشناني، والحسن بن الحسين الصوّاف، وأبي بكر بن مجاهد».

ومن تلاميذ «علي الغضائري» : أبو عليّ الأهوازي، قال: قرأت عليه بالأهواز سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة.

وقرأ «أبو علي الأهوازي» «لعاصم بن أبي النجود» على: «علي بن الحسين الغضائري» سالف الذكر.

وقرأ «أبو علي الأهوازي» : «لابن كثير المكي» على «محمد بن محمد بن فيروز بن زاذان أبي عبد الله الكرجي بفتح الكاف، والراء، وكسر الجيم- نسبة إلى «الكرج» وهي بلدة من بلاد الجبل، بين أصبهان وهمذان (1).

ومحمد بن فيروز قرأ على «أحمد بن عبد الله بن عيسى الهاشمي، ومحمد بن الحسن بن يونس الكوفي، وأبي العباس محمد بن يعقوب بن الزبرقان، وأبي بكر محمد بن هارون التمار، والحسن بن الحباب، وعبد الله بن مخلد بن شعيب، وعبد الله بن محمد بن العباس المدني، وعبد الله بن عثمان العبقسيّ» .

وقرأ عليه «أبو علي الأهوازي» بالبطائح، سنة ست وثمانين وثلاثمائة وقرأ «أبو علي الأهوازي» «لنافع المدني» وهو الإمام الأول بالنسبة إلى أئمة القراءات، على: «أبي بكر محمد بن عبيد الله بن القاسم الخرقي، بكسر الخاء المعجمة، وفتح الراء، وهي نسبة إلى بيع [الثياب والخرق](2).

وقرأ «أبو علي الأهوازي» «لقالون» أحد رواة «الإمام نافع» بالأهواز سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة على: أحمد بن محمد بن عبيد الله بن إسماعيل أبي العباس العجلي التستري، والعجلي بكسر العين المهملة، وسكون الجيم، نسبة إلى

(1) انظر الأنساب للسمعاني ج 5، ص 46.

(2)

انظر الأنساب للسمعاني ج 2، ص 349.

ص: 238

«بني عجل بن لجيم بن صعب بن بكر بن وائل (1).

وقرأ «أحمد العجلي» على «أحمد بن محمد بن عبد الصمد الرازي، والخضر ابن الهيثم الطوسي، ومحمد بن موسى الزينبي، وأحمد بن شبيب، وقرأ على «أحمد العجلي» : أبو علي الأهوازي.

وقرأ «أبو علي الأهوازي» ببغداد على: «عمر بن إبراهيم بن أحمد بن كثير أبي حفص الكتّاني، البغدادي» ، وهو مقرئ، محدّث، ثقة، ولد سنة ثلاثمائة، وقرأ على: أبي بكر بن مجاهد، ومحمد بن جعفر الحربي، عرض عليهما قراءة «عاصم» وسمع حروف القراءات من: إبراهيم بن عرفة نفطويه، وقرأ على «الأشناني» ولم يختم عليه، وعرض على:«عليّ بن سعيد القزّاز، وبكار، وعمر بن جناد، ومحمد بن الحسن النقاش، وأحمد بن عثمان بن بويان، وزيد ابن أبي بلال، وأحمد بن محمد بن هارون الورّاق» ، وروى القراءة عن «عبيد الله ابن بكير» وسمع «كتاب السبعة» من ابن مجاهد.

وقرأ على «عمر الكتاني» : عيسى بن سعيد الأندلسي، وأبو نصر أحمد بن محمد بن أحمد الحدّادي، ومحمد بن عبد الله بن مكي السوّاق، وأحمد بن محمد ابن إسحاق المقرئ، ومحمد بن جعفر الخزاعي، وأحمد بن الفتح، والحسن بن الفحّام، وسمع منه «كتاب السبعة» ، عبد الله بن هزار مرد الصريفيني، وأحمد ابن محمد بن يوسف، وعليّ بن القاسم بن إبراهيم، وقرأ عليه:«الحسن بن العطار، والحسن بن أبي الفضل الشرمقاني وعبيد الله بن أحمد بن عليّ الكوفي» .

يقول «ابن الجزري» : طالت أيام «الكتاني» فكان من آخر من قرأ على «ابن مجاهد» توفي «الكتاني» في رجب سنة تسعين وثلاثمائة عن تسعين سنة.

وقرأ «أبو علي الأهوازي» ببغداد على «أبي الفرج محمد بن أحمد بن

(1) انظر الأنساب للسمعاني ج 4، ص 160.

ص: 239

إبراهيم بن يوسف بن العباس بن ميمون، الشنبوذي الشطوي البغدادي»، وهو أستاذ من أئمة علماء القراءات، رحل إلى البلاد، وأكثر من الأخذ على الشيوخ، وتبحّر في التفسير.

ولد «أبو الفرج الشنبوذي» سنة ثلاثمائة. وأخذ القراءة عرضا عن «ابن مجاهد، وأبي بكر النقاش، وأبي بكر أحمد بن حمّاد، وأبي الحسن بن الأخرم، وإبراهيم بن محمد الماوردي، ومحمد بن جعفر الحربي، وأحمد بن محمد بن إسماعيل الأدمي، ومحمد بن هارون التمار، وأبي الحسن بن شنبوذ، وإليه نسب لكثرة ملازمته له، ومحمد بن موسى الزينبي، وموسى بن عبيد الله الخاقاني، والحسن بن عليّ بن بشّار، وأحمد بن عبد الله، وأبي بكر محمد بن الحسن بن مقسم، ومحمد بن أحمد بن هارون الرازي، وأبي بكر محمد بن الحسن الأنصاري.

أخذ القراءة عن «أبي الفرج الشنبوذي» : «أبو علي الأهوازي، وأبو طاهر محمد بن ياسين الحلبي، والهيثم بن أحمد الصباغ، وأبو العلاء محمد بن علي الواسطي، ومحمد بن الحسين الكارزيني، وعبد الله بن محمد بن مكّي السوّاق، وعليّ بن القاسم الخياط، وأبو علي الرهاوي، وعبد الملك بن عبدويه، ومنصور ابن أحمد العراقي، وعثمان بن علي الدلّال، وعليّ بن محمد الجوزداني، وأحمد ابن محمد بن محمد بن سيّار، وأحمد بن عبد الله بن الفضل السلميّ» .

احتلّ «أبو الفرج الشنبوذي» مكانة سامية بين العلماء فقد اشتهر اسمه وطال عمره مع علمه بالتفسير وعلل القراءات.

قال «أبو بكر الخطيب» : سمعت عبيد الله بن أحمد يذكر «الشنبوذي» فعظّم أمره، وقال: سمعته يقول: أحفظ خمسين ألف بيت من الشعر شواهد للقرآن. وقال عنه «الإمام الداني» : هو مشهور نبيل حافظ، ماهر حاذق،

ص: 240

كان يتجول في البلدان (1). توفي «أبو الفرج الشنبوذي» في صفر سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة.

وقرأ «أبو علي الأهوازي» «بدمشق» على: محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن هلال بن عبد العزيز بن عبد الكريم بن عبد الله بن حبيب، أبي بكر السلمي الجبني الأطروش شيخ القراء بدمشق.

ولد «محمد السلمي» سنة سبع وعشرين وثلاثمائة، وأخذ القراءة عرضا عن أبيه، وعليّ بن الحسين، وابن الأخرم، وجعفر بن أبي داود، وأحمد بن عثمان السبّاك، والحسين بن محمد بن عليّ بن عتاب، ومحمد بن أحمد بن عتاب. وأخذ القراءة عن «محمد السلمي»: علي بن الحسن الربعي، وأبو علي الأهوازي، ومحمد بن الحسن الشيرازي، وأحمد بن محمد بن يزده الأصبهاني، ورشأ بن نظيف، والكارزيني.

قال «أبو علي الأهوازي» عن شيخه «أبي بكر السلمي» : «ما رأيت بدمشق مثل «أبي بكر السلمي» من ولد أبي عبد الرحمن السلمي، إماما في القراءة، ضابطا للرواية، قيّما بوجوه القراءات، يعرف صدرا من التفسير، ومعاني القراءات، قرأ على سبعة من أصحاب «الأخفش» له منزلة في الفضل، والعلم، والأمانة، والورع، والدين، والتقشف، والفقر والصيانة» (2) توفي في ربيع الآخر سنة سبع وأربعمائة، وقد جاوز الثمانين.

ومن شيوخ «أبي علي الأهوازي» : محمد بن أحمد بن عليّ أبو بكر الباهلي البصري، النجار، قرأ على: «القاسم بن زكريا المطرز، وأبي بكر الداجوني، وأبي بكر النقاش، وعمر بن محمد الكاغذي، وأبي سلمة عبد الرحمن بن إسحاق الكوفي، ومحمد بن الربيع بن سليمان الجيزي.

(1) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 2، ص 51.

(2)

انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 2، ص 76.

ص: 241

وقرأ عليه: «أبو علي الأهوازي» في مسجده بالبصرة في بني لقيط سنة خمس وثمانين وثلاثمائة.

ومن شيوخ «أبي علي الأهوازي» : «إبراهيم بن أحمد أبو إسحاق الطبري المالكي البغدادي» ، وهو من الثقات، ومن مشاهير القراء، ولد سنة أربع وعشرين وثلاثمائة، قرأ على:«أحمد بن عثمان بن بويان، وأحمد بن عبد الرحمن الوليّ، وأبي بكر النقاش، وأبي بكر بن مقسم، ومحمد بن عليّ بن الهيثم، وبكار، ومحمد بن الحسن بن الفرج الأنصاري، وعبد الواحد بن عمر ابن أبي هاشم، ومحمد بن عبد الله بن محمد بن مرّة بن أبي عمر الطوسي، وعبد الوهاب بن العباس» . وقرأ حروف القراءات على: «أحمد بن عبد الله بن محمد المكي عن العنزيّ صاحب البزّي، وإبراهيم بن أحمد بن الحسن القرميسيني، وهي نسبة إلى بلدة بجبال العراق، على ثلاثين فرسخا من همذان (1).

وقرأ عليه: «أبو علي الأهوازي، والحسين بن عليّ العطار، والحسن بن أبي الفضل، الشرمقاني، وأبو علي البغدادي، وأبو نصر أحمد بن مسرور، وأحمد ابن رضوان، وأبو عبد الله محمد بن يوسف الأفشيني» توفي سنة ست وسبعين وستمائة عن ثمانين سنة.

ومن شيوخ «أبي عليّ الأهوازي» : «أحمد بن عبد الله بن الحسين بن إسماعيل أبو الحسين الجبني» ، قرأ على: أحمد بن فرح سنة ثلاثمائة، وأحمد بن محمد الرازي، وابن شنبوذ، وأبي بكر الداجوني، والحسين بن إبراهيم، والخضر ابن الهيثم، ومحمد بن جرير الطبري، ومحمد بن موسى الزينبي، ومحمد بن عمر ابن كثير الهمذاني، ومحمد بن أحمد بن عمران بن رجاء، وأبي بكر محمد بن الحسن النقاش، ومحمد بن أحمد الشعيري، وهبة الله بن جعفر، وأحمد بن عبد الصمد الرازي، وأحمد بن محمد بن عثمان القطان». وأخذ عنه القراءات: «أبو

(1) انظر الأنساب للسمعاني ج 4، ص 479.

ص: 242

علي الأهوازي».

توفي «أحمد بن عبد الله الجبني» سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة.

ومن شيوخ «أبي عليّ الأهوازي» : أحمد بن محمد بن سويد أبو بكر الباهلي المؤدب، روى القراءة عرضا عن: عليّ بن سعيد بن ذؤابة، وروى القراءة عنه «أبو علي الأهوازي» .

ومن شيوخ «أبي عليّ الأهوازي» : «أحمد بن محمد بن إدريس الخطيب» ، قرأ على: أبي بكر النقاش، وأبي بكر طاهر بن أبي هاشم.

ومن شيوخ «أبي عليّ الأهوازي» : أحمد بن محمد بن عبدون بن عمرويه أبو القاسم الصيدلاني القاضي الشافعي، أخذ القراءة عن «النقاش، وهبة الله بن جعفر، وأحمد بن كامل بن خلف، وأخذ عنه القراءة عرضا «أبو علي الأهوازي» .

توفي «أحمد بن عبدون» سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة.

ومن شيوخ «أبي علي الأهوازي» : عبد الله بن نافع بن هارون أبو القاسم العنبري. روى القراءة عرضا عن «أحمد بن فرح المفسر، وأحمد بن علي بن وهب، وأبي عثمان سعيد بن عبد الرحيم المؤدب، ومحمد بن عمر بن أيوب القلوسي، وابن مزاحم موسى بن عبيد الله الخاقاني.

ومن شيوخ «أبي علي الأهوازي» : «عمر بن إبراهيم بن أحمد بن كثير أبو حفص الكتاني البغدادي» ، ولد سنة ثلاثمائة وعرض على: أبي بكر بن مجاهد، ومحمد بن جعفر الحربي، عرض عليهما قراءة «عاصم» وسمع الحروف من إبراهيم بن عرفة نفطويه، وعرض على «عليّ بن سعيد القزاز، وبكار، وعمر ابن جناد، ومحمد بن الحسن النقاش، وأحمد بن عثمان بن بويان، ومحمد بن علي الرقي، وزيد بن أبي بلال، وأحمد بن محمد بن هارون الورّاق» ، وروى

ص: 243

القراءة عن عبيد الله بن بكير، وسمع كتاب السبعة من «ابن مجاهد» .

وقرأ عليه: عيسى بن سعيد الأندلسي، وأبو نصر أحمد بن محمد بن أحمد الحدّاد، ومحمد بن عبد الله بن مكي السوّاق، وأحمد بن محمد بن إسحاق المقرئ، ومحمد بن جعفر الخزاعي، وأحمد بن الفتح، والحسن بن الفحام، وسمع منه كتاب السبعة:«عبد الله بن هزار مرد الصريفيني، وأحمد بن محمد ابن يوسف، وعلي بن القاسم بن إبراهيم» ، وقرأ عليه:«الحسن بن عليّ العطّار، والحسن بن أبي الفضل الشرمقاني، وعبيد الله بن أحمد بن عليّ الكوفي» .

قال «ابن الجزري» : طالت أيام «الكتاني» فكان آخر من قرأ على «ابن مجاهد» وتوفي في رجب سنة تسعين وثلاثمائة عن تسعين سنة.

ومن شيوخ «أبي علي الأهوازي» : «محمد بن عبد الله بن القاسم بن إبراهيم أبو بكر الخرقي» ، قرأ على: أبي بكر بن سيف، وأحمد بن عبد الله بن ذكوان، وأحمد بن محمد الرازي، وإبراهيم بن أحمد الحجبي.

قال «ابن الجزري» : وقرأ عليه «أبو علي الأهوازي» : ولا يعرف إلا من جهته.

ومن شيوخ «أبي علي الأهوازي» : «المعافي بن زكريا بن طرارا، أبو الفرج النهرواني الجريري» ، نسبة إلى «ابن جرير الطبري» لأنه كان على مذهبه، وهو إمام ثقة، مقرئ فقيه.

اخذ القراءة عرضا عنه: «عبد الوهاب بن عليّ، ومحمد بن عمر النهاوندي، وأحمد بن مسرور، وأبو علي الأهوازي، والحسن بن علي، وأبو الفضل الخزاعي، وعبد الملك

بن عبدويه، وأحمد بن الفتح الفرضي، وعثمان بن قيس الدلّال، وأحمد بن يزده».

ص: 244

قال عنه «الخطيب البغدادي» : كان «أبو الفرج النهرواني» من أعلم الناس في وقته بالفقه، والنحو، واللغة، وأصناف الأدب، وكان على مذهب «ابن جرير الطبري» ولي القضاء بباب الطاق (1).

توفي «أبو الفرج النهرواني» سنة تسعين وثلاثمائة.

قال «الحافظ الذهبي» كان «أبو علي الأهوازي» يقرئ بدمشق من بعد سنة أربعمائة، وذلك في حياة بعض شيوخه، وتتلمذ عليه الكثيرون منهم:

«أحمد بن عمر بن أبي الأشعث أبو بكر السمرقندي» ، وهو إمام ثقة بارع، قرأ بدمشق على «أبي علي الأهوازي» .

وروى القراءة عنه: «أبو الكرم الشهرزوري» وكان عارفا بكتابة المصاحف على الرسم.

ومن تلاميذ «أبي علي الأهوازي» : «علي بن أحمد بن عليّ أبو الحسن الأبهري الضرير» ، وهو مقرئ متصدر، قرأ بدمشق على «أبي علي الأهوازي» وأقرأ بالديار المصرية حتى مات، ومن الذين قرءوا عليه: الشريف أبو الفتح ناصر الخطيب بمضمن «كتاب الوجيز» .

ومن تلاميذ «أبي علي الأهوازي» : سبيع بن المسلم بن عليّ بن هارون، أبو الوحش المعروف بابن قيراط، وهو شيخ ثقة، وكان ضريرا، ولد سنة تسع عشرة وأربعمائة. قرأ على «أبي علي الأهوازي، ورشأ بن نظيف» . وقرأ عليه:

إسماعيل بن عليّ بن بركات الغساني، وروى القراءات عنه: الخضر بن شبل الحارثي، وعليّ بن الحسن الكلابي، وكان يقرئ الناس تلقينا، وتوفي في شعبان سنة ثمان وخمسمائة.

ومن تلاميذ «أبي علي الأهوازي» : الحسن بن القاسم بن عليّ، أبو علي

(1) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 2، ص 302.

ص: 245

الواسطي، المعروف بغلام الهراس، ولد سنة أربع وسبعين وثلاثمائة، وتجوّل في الآفاق لطلب العلم.

فقرأ «بواسط» على: «عبيد الله بن إبراهيم، وعبد الله بن أبي عبد الله الحسين العلوي، وإبراهيم بن سعيد الرفاعي» .

وقرأ ببغداد على: «عبد الملك النهرواني، وأبي أحمد بن أبي مسلم الفرضي، وأحمد بن عبد الله السوسنجردي، ومحمد بن المظفر الدينوري، والقاضي أبي العلاء، وعلي بن محمد بن عبيد الله الحذّاء، وعلي بن محمد بن موسى الصابوني، وبكر بن شاذان، والحسن بن محمد الساوي، وعلي بن أحمد الحمامي، والحسن ابن ملاعب» . وقرأ بالكوفة على: «القاضي محمد بن عبد الله الجعفي، وأبي الحسن محمد بن جعفر النحوي» .

وقرأ بدمشق على: أبي علي الأهوازي، وأبي علي الرهاوي. وقرأ بالجامدة على: محمد بن نزار التكريتي، وعمه محمد بن القاسم. وقرأ بمصر على: أبي العباس بن نفيس، والفضل بن عبد الرزاق، والحسين بن إبراهيم الأنباري.

وقرأ بالبصرة على: الحسن بن عليّ بن بشّار، وعلي بن محمد بن علّان.

وقرأ بحران على: «أبي القاسم الزيدي، وقرأ بمكة المكرمة على: أبي عبد الله ابن الحسين الكارزيني، وأبي عبد الله محمد بن أحمد بن محمد العجلي، ومحمد بن عمر بن إبراهيم الذهبي بالبصرة.

وقرأ على: أبي القاسم عليّ بن الحسين بن عبد الله القاضي، وأحمد بن عبد الكريم الشونيزي، ومحمد بن العباس الصريفيني، وعبيد الله بن عمر المصاحفي.

وأقام بمصر بعد أن ذهب بصره، فرحل الناس إليه من كل جهة. قرأ عليه: «أبو العزّ محمد بن الحسين بن بندار القلانسي بجميع ما قرأ به، وأبو المجد محمد بن جهور قاضي واسط، وعليّ بن عليّ بن شيران، والمبارك

ص: 246

ابن الحسين الغسّال، وأحمد بن سعيد». توفي «أبو علي غلام الهراس» سنة ثمان وستين وأربعمائة.

ومن تلاميذ «أبي علي الأهوازي» : «عبد الوهاب بن محمد بن عبد الوهاب بن عبد القدوس، أبو القاسم القرطبي» ، وهو أستاذ مقرئ ثقة، متقن، رحل إلى الأقطار، في سبيل طلب العلم، فرحل إلى دمشق وقرأ على «أبي علي الأهوازي» .

وقرأ على «أبي القاسم الزيدي» بحران، وعلى «أحمد بن نفيس» بمصر، وعلى «الكارزيني» بمكة المكرمة.

قرأ عليه «أبو القاسم خلف بن النحاس، وعليّ بن أحمد بن كرز، وأبو الحسن يحيى بن البياز» .

توفي «أبو القاسم القرطبي» سنة إحدى وستين وأربعمائة.

ومن تلاميذ «أبي علي الأهوازي» : «عتيق بن محمد أبو بكر الردائي» ، وهو شيخ الإقراء بقلعة «حمّاد» من أرض المغرب، رحل ودخل دمشق فقرأ على الأهوازي بها، وقرأ بمصر على ابن نفيس، وعمّر دهرا طويلا. قرأ عليه: محمد بن محمد بن معاذ وأبو بكر الاشبيلي.

ومن تلاميذ «أبي علي الأهوازي» : محمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن منده أبو عبد الله الجاجاني الدستي الأصبهاني.

روى القراءات عنه: أبو بكر محمد بن عليّ بن محمد الأصبهاني، شيخ الحافظ أبي العلاء الهمذاني.

ومن تلاميذ «أبي علي الأهوازي» : محمد بن أحمد بن الهيثم أبو بكر الروذباري البلخي، وهو إمام مقرئ محرر أستاذ، قرأ بالروايات الكثيرة على

ص: 247

«أبي علي الأهوازي» ومنصور بن محمد الهروي، وأحمد بن محمد بن إبراهيم المروزي.

قال «الحافظ الذهبي» : «استوطن مدينة «غزنة» في أول حدّ الهند، وأقرأ بها القراءات، وكان بصيرا بالعلل عالي الرواية» (1).

وقال «ابن عساكر» : أنبأنا عبد السلام بن عبد الرحيم الهروي المقرئ بمنزله، أنبأنا أبو بكر الروذباري بغزنة سنة تسع وثمانين وأربعمائة وكان عالما بالقراءات» (2).

وقال «الإمام ابن الجزري» : هو مؤلف كتاب «جامع القراءات» لم يؤلف مثله، رأيته بمدينة «هراة» قد جمع فيه القراءات العشر، وغيرها وأتى فيه بفوائد كثيرة بالأسانيد المختلفة، ألفه باسم السلطان ابن المظفر إبراهيم بن مسعود ابن السلطان محمد بن سبكتكين، صاحب غزنة، وغيرها من الهند، وفرغ منه في يوم الأحد السابع عشر من المحرم سنة تسع وستين وأربعمائة. اه (3).

ومن تلاميذ «أبي علي الأهوازي» : محمد بن عبد الرحمن أبو بكر النهاوندي، يعرف بمردوس، وهو شيخ جليل عالي القدر، حاذق، مقرئ، رحل إلى دمشق، وقرأ بها على «أبي علي الأهوازي» وعاد إلى «نهاوند» بضم النون، وفتح الهاء والواو، وسكون النون، وهي بلدة من بلاد الجبل قديمة كان بها وقعة للمسلمين زمن «عمر رضي الله عنه (4). فأقرأ بها، ثم قدم بغداد، فقرأ عليه بها، الأستاذ أبو طاهر بن سوار.

(1) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 2، ص 91.

(2)

انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 2، ص 91.

(3)

انظر الأنساب للسمعاني ج 5، ص 541.

(4)

انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 2، ص 398 - 401.

ص: 248

ومن تلاميذ «أبي علي الأهوازي» : أبو نصر أحمد بن عليّ الزينبي، وأبو بكر محمد بن المفرّج البطليوسي، وأبو محمد الحسن بن علي بن عمّار الأوسي.

ومن تلاميذ «أبي علي الأهوازي» : يوسف بن علي بن جبارة أبو القاسم الهذلي اليشكري، وهو إمام وأستاذ كبير، وصاحب المصنفات، رحل إلى كثير من البلاد والمدن في سبيل العلم.

ولد في حدود التسعين وثلاثمائة، وتوفي سنة خمس وستين وأربعمائة. قال «الإمام ابن الجزري»: وطاف البلاد في طلب القراءات، فلا أعلم أحدا في هذه الأمة رحل في القراءات رحلته، ولا لقي من لقي من الشيوخ، قال أي الهذلي في كتابه «الكامل»: فجملة من لقيت في هذا العلم- أي علم القراءات- ثلاثمائة وخمسة وستين شيخا، من آخر المغرب، إلى باب فرغانة يمينا وشمالا، وجبلا، وبحرا، ولو علمت أحدا تقدم عليّ في هذه الطبقة في جميع بلاد الإسلام لقصدته، ثم قال: وألفت هذا الكتاب- الكامل- فجعلته جامعا للطرق المتلوة والقراءات المعروفة، ونسخت به مصنفاتي: كالوجيز والهادي».

قال «ابن الجزري» : وكانت رحلته في سنة خمس وعشرين وأربعمائة وبعدها، وجملة شيوخه الذين ذكرهم في كتابه «الكامل» مائة واثنان وعشرون شيخا (1) وفي مقدمتهم:

«إبراهيم بن أحمد، وإبراهيم بن الخطيب، وأحمد بن رجاء، وأحمد بن الصقر، وأحمد بن محمد بن علّان، وأحمد بن عليّ بن هاشم، وأحمد بن الفضل الباطرقاني، وأحمد بن نفيس، وأبو زرعة أحمد بن محمد الخطيب النوشجاني، وأحمد بن محمد بن أحمد أبو الفتح الفرضي، وأحمد بن عبد الله بن أحمد أبو نعيم الأصبهاني، وأحمد الشكّاك، وإسماعيل بن الجنيد، وإسماعيل بن عليّان، وإسماعيل بن عمرو الحدّاد، وإسماعيل الشرمقاني، وجامع بن الخضر، وحسّان

(1) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 2، ص 398 - 401.

ص: 249

ابن مكيّة، والقاضي أبو العلاء محمد بن علي الواسطي»، وغير هؤلاء كثير.

تصدّر «أبو القاسم الهذلي» لتعليم القرآن، واشتهر صيته، وعرف بالضبط وجودة القراءة، وأقبل عليه طلاب العلم يأخذون عنه، فقد روى عنه:

إسماعيل بن الإخشيد، وسمع منه «كتاب الكامل» ، وكذلك عبد الواحد بن محمد السكري، وأبو بكر بن محمد بن زكريا الأصبهاني، وقرأ عليه بمضمن «الكامل» وسمعه منه «أبو العزّ القلانسي، وعليّ بن عساكر» .

قال «الإمام ابن الجزري» : وقرأ بالكامل إمام زمانه حفظا ونقلا «أبو العلاء الهمذاني» ، على «أبي العز القلانسي» .

ولا زال يقرئ به إلى آخر وقت، وآخر من رواه تلاوة فيما نعلم «ابن مؤمن الواسطي». ثم يقول «ابن الجزري»: وقرأته أنا على الشيخين: «إبراهيم ابن أحمد الاسكندراني، ومحمد بن النحاس» بإجازة الأول، وسماع الثاني لبعضه بسندهما. اه (1). توفي الهذلي سنة خمس وستين وأربعمائة. اه.

أخذ «أبو علي الأهوازي» حديث الهادي البشير صلى الله عليه وسلم عن خيرة علماء عصره وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي» : كان «أبو علي الأهوازي» عالي الرواية في

الحديث، روى عن: نصر بن أحمد المرجّى، صاحب أبي يعلى الموصلي، والمعافى بن زكريا الجريري، وعبد الوهاب الكلابي، وهبة الله بن موسى الموصلي، وأبي مسلم الكاتب»، وخلق سواهم. اه (2).

وكما تصدّر «أبو علي الأهوازي» لتعليم القرآن، وحروف القراءات، تصدر أيضا لرواية حديث النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أخذ عنه عدد كثير، وحدثوا عنه، وفي هذا يقول «الذهبي»:

(1) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 2، ص 401.

(2)

انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 404.

ص: 250

حدث عنه «أبو بكر الخطيب، وأبو سعد السمّان، وعبد الرحيم البخاري، وعبد العزيز الكتاني، والفقيه نصر المقدسي، وأبو طاهر الحنّائي، وأبو القاسم النسيب» ، وروى عنه بالإجازة:«أبو سعد أحمد بن الطيوري» اه (1).

ترك «أبو علي الأهوازي» : عدة كتب في القراءات وغيرها، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»: صنف «أبو علي الأهوازي» عدة كتب من القراءات، مثل: كتاب «الموجز، والوجيز، والإيجاز» ثم يقول: وله مصنّف في الصفات (2).

يقول محقق كتاب «معرفة القراء الكبار» للذهبي: يقوم السيّد دريد حسن أحمد الصالح بتحقيق كتاب «الوجيز» بجامعة بغداد (3).

احتلّ «أبو علي الأهوازي» مكانة سامية بين العلماء، ونال شهرة عظيمة في الصدق والأمانة، وصحّة الرواية، مما استوجب الثناء عليه: يقول «الإمام ابن الجزري» : «الحسن بن علي بن إبراهيم الأستاذ أبو علي الأهوازي، صاحب المؤلفات، شيخ القراء في عصره، وأعلى من بقي في الدنيا إسنادا، إمام كبير محدث» (4).

وقال «الحافظ الذهبي» : لقد تلقى الناس رواياته بالقبول، وكان يقرئ بدمشق من بعد سنة أربعمائة (5).

توفي «أبو علي الأهوازي» : في رابع ذي الحجة سنة ستّ وأربعين وأربعمائة من الهجرة رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

(1) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 404.

(2)

انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 2، ص 403 - 404.

(3)

انظر هامش معرفة القراء الكبار ج 1، ص 403.

(4)

انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 220.

(5)

انظر معرفة القراء الكبار للذهبي ج 1، ص 405.

ص: 251

رقم الترجمة/ 68 «عليّ بن داود» (1) ت 402 هـ

هو: علي بن داود بن عبد الله أبو الحسن الداراني القطان، إمام جامع دمشق ومقرئه.

ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات.

أخذ «علي بن داود» القرآن عن خيرة العلماء، فقد قرأ القرآن بالروايات على طائفة من العلماء منهم: أبو الحسن بن الأخرم، وأحمد بن عثمان السبّاك، وصالح بن إدريس، ومحمد بن القاسم بن محرز، ومحمد بن جعفر الخزاعي (2).

تصدر «علي بن داود» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة، وصحة القراءة وأقبل عليه حفاظ القرآن يأخذون عنه. وفي هذا يقول «ابن الجزري»: قرأ عليه «الأهوازي، وتاج الأئمة أحمد بن عليّ، وأحمد بن محمد الأصبهاني، ورشأ بن نظيف، وعلي بن الحسن الربعي، وأحمد بن محمد القنطري، وعبد الرحمن بن أحمد بن الحسن الرازي، وأبو عبد الله الكارزيني» (3).

اشتهر «علي بن داود» بعفة النفس والقناعة، كما عرف عنه أنه لا يأخذ أجرا على تعليم القرآن، وإنما يعتبر ذلك حسبة لله تعالى. حول هذه المعاني، يقول «عبد المنعم بن النحوي»: خرج القاضي أبو محمد العلوي وجماعة من

(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:

تبيين كذب المفتري 214 - 217، وتذكرة الحفاظ ج 3، ص 1062، ومعرفة القراء ج 1، ص 366. وطبقات القراء ج 1، ص 541. وشذرات الذهب ج 3، ص 164.

(2)

انظر القراء الكبار ج 1، ص 366.

(3)

انظر طبقات القراء ج 1، ص 542.

ص: 252

الشيوخ إلى «داريا» ليأخذوا الشيخ كي يكون إماما للجامع الأموي، فلبس أهل «داريا» السلاح ليقاتلوا دونه، فقال القاضي: يا أهل «داريا» ألا ترضون أن يسمع في البلاد أن

أهل دمشق احتاجوا إليكم في إمام، فقالوا:

قد رضينا. فأخذوه، وسكن بالمنارة الشرقية، وكان يقرئ شرقي الرواق الأوسط، ولا يأخذ على الإمامة رزقا، ولا يقبل ممن يقرأ عليه برّا، ويقتات من أرض له «بداريا» ويحمل ما يحتاج إليه من الحنطة فيخرج بنفسه إلى الطاحون ويطحنه ثم يعجنه ويخبزه. اه (1).

ألا يعتبر أن «علي بن داود» ضرب أروع الأمثال في القناعة وعفة النفس بهذه الأخلاق الفاضلة؟ احتلّ «علي بن داود» مكانة سامية في جميع الأوساط مما استوجب الثناء عليه، وفي هذا يقول تلميذه «رشأ بن نظيف»: لم ألف مثله حذقا، وإتقانا في رواية «ابن عامر» الدمشقي، وهو الإمام الرابع بالنسبة الى أئمة القراءات (2). وقال «الكتاني»: كان «علي بن داود» ثقة انتهت إليه الرئاسة في قراءة الشاميين، ومضى على سداد (3).

وقال «الإمام الداني» : كان ثقة ضابطا متقشفا (4).

وقال «الإمام ابن الجزري» : كان «علي بن داود» إماما مقرئا ضابطا متقنا محررا، زاهدا، ثقة. اه (5).

توفي «علي بن داود» في جمادى الأولى سنة اثنتين وأربعمائة وهو في سنّ التسعين، رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب.

(1) انظر القراء الكبار ج 1، ص 366.

(2)

انظر طبقات القراء ج 1، ص 542.

(3)

انظر القراء الكبار ج 1، ص 366.

(4)

انظر طبقات القراء ج 1، ص 542.

(5)

انظر طبقات القراء ج 1، ص 542.

ص: 253

رقم الترجمة/ 69 «أبو عليّ الشّرمقاني» (1) ت 451 هـ

هو: الحسن بن أبي الفضل الشيخ أبو علي الشرمقاني، بفتح الشين المعجمة، وسكون الراء، وفتح الميم والقاف وهي نسبة الى «شرمقان» وهي بلدة قريبة من «أسفراين» بنواحي نيسابور، يقال لها «جرمغان» (2) ذكره «الذهبي» ت 748 هـ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات.

أخذ «أبو علي الشرمقاني» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «علي ابن أحمد بن عمر بن حفص بن عبد الله أبو الحسن الحمامي شيخ العراق، وهو إمام مسند، وثقة بارع.

ولد سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، وتوفي يوم الأحد الرابع من شعبان سنة سبع عشرة وأربعمائة وهو في سن التسعين.

أخذ «أبو الحسن الحمامي» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم:«أبو بكر النقاش، وأبو عيسى بكار، وهبة الله بن جعفر، وزيد بن عليّ، وعبد الواحد بن عمر، وعلي بن محمد بن جعفر القلانسي، ومحمد بن عليّ بن الهيثم» وغير هؤلاء كثير.

تصدر «أبو الحسن الحمامي» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة وأقبل عليه الطلاب ومن الذين قرءوا عليه: «أحمد بن الحسن بن اللحياني، وأحمد بن

(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:

تاريخ بغداد ج 7، ص 402. معرفة القراء الكبار للذهبي ج 1، ص 412. طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 227.

(2)

انظر الأنساب للسمعاني ج 3، ص 421.

ص: 254

مسرور، وأحمد بن عليّ، وأحمد بن علي الهاشمي، والحسن بن البنّا، والحسن ابن أبي الفضل الشرمقاني، والحسن بن عليّ العطار، والحسن بن محمد المالكي، والحسين بن محمد الصفار، والحسين بن الحسن بن أحمد بن غريب، ورزق الله التميمي، وعبد الواحد بن شيطا، وعبد الملك بن شابور، وعبد السيد بن عتّاب، وعلي بن محمد بن فارس، ومحمد بن موسى الخياط، ونصر بن عبد العزيز الفارسي» وغيرهم كثير.

احتل «أبو الحسن الحمامي» منزلة رفيعة مما جعل العلماء يثنون عليه، وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي»: كان «أبو الحسن الحمامي» صدوقا ديّنا، فاضلا، تفرّد بأسانيد القرآن وعلوّها. اه (1).

ومن شيوخ «أبي عليّ الشرمقاني» : «علي بن محمد بن يوسف بن يعقوب ابن عليّ أبو الحسن بن العلّاف البغدادي» ، وهو استاذ مشهور بالثقة، والضبط، ولد «ابن العلّاف» سنة عشر وثلاثمائة، وتوفي سنة ست وتسعين وثلاثمائة.

أخذ «ابن العلّاف» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم:«أبو طاهر ابن أبي هاشم، وأبو عليّ الحسن بن داود النقار، وزيد بن أبي بلال، ومحمد ابن عبد الله المؤدب، وهبة الله بن جعفر، ومحمد بن عليّ بن الهيثم، وعبد العزيز بن محمد بن الواثق بالله، ومحمد بن أحمد السلمي» .

تصدّر «ابن العلّاف» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة، وأقبل عليه الطلاب، ومن الذين قرءوا عليه: «الحسن بن محمد البغدادي، وأبو علي الشرمقاني، وأبو الفتح بن شيطا، وأحمد بن محمد القنطري، وعبد الله بن محمد الزارع، وعثمان ابن علي الدلال، والحسن بن علي العطار، وأحمد بن رضوان الصيدلاني، وأحمد بن محمد بن أحمد الحدّاد،

وأحمد بن محمد بن يوسف الأصبهاني، وعلي

(1) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 522.

ص: 255

ابن محمد بن فارس الخياط».

ومن شيوخ «أبي عليّ الشرمقاني» : «عمر بن إبراهيم بن أحمد بن كثير أبو حفص الكتّاني البغدادي» ، وهو ثقة مقرئ محدّث.

أخذ «أبو حفص الكتاني» القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «أبو بكر بن مجاهد، ومحمد بن جعفر الحربي» عرض عليهما قراءة «عاصم» وسمع حروف القراءات من: «إبراهيم بن عرفة نفطويه» وعرض «القراءات» على:

«عليّ بن سعيد القزّاز، وبكار، وعمر بن جناد، ومحمد بن الحسن النقاش، وأحمد بن عثمان بن بويان، ومحمد بن عليّ الرّقّي، وزيد بن أبي بلال، وأحمد ابن محمد بن هارون الورّاق» .

تصدر «أبو حفص الكتاني» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة، وصحّة القراءة، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه:«أبو علي الشرمقاني، وعيسى بن سعيد الأندلسي، وأبو نصر أحمد بن محمد الحدّادي، ومحمد بن عبد الله مكّي السوّاق، وأحمد بن محمد بن إسحاق المقرئ، ومحمد بن جعفر الخزاعي، وأحمد بن الفتح، والحسن بن الفحام، والحسن بن عليّ العطار، وعبيد الله بن أحمد بن علي الكوفي» وغيرهم كثير.

ومن شيوخ «أبي عليّ الشرمقاني» : «طالب بن عثمان بن محمد بن سليمان، أبو أحمد الأزدي النحوي» ، روى القراءة عرضا عن «أحمد بن عثمان بن بويان، وروى القراءة عنه عرضا «أبو عليّ الشرمقاني، والحسن بن عبد الله العطّار» .

ومن شيوخ «أبي عليّ الشرمقاني» : «عبيد الله بن أحمد بن عليّ بن يحيى أبو القاسم البغدادي، المعروف بابن الصيدلاني» .

أخذ «ابن الصيدلاني» القراءة عن خيرة العلماء، فقد سمع القراءة من:

ص: 256

«يحيى بن محمد بن صاعد، وقرأ على: «هبة الله بن جعفر، وأبي طاهر بن أبي هاشم» .

تصدر «ابن الصيدلاني» لتعليم القرآن، وفي مقدمة من قرأ عليه:«أبو علي الشرمقاني، وأبو الفرج النهرواني، وأبو الحسن بن العلّاف، والحسن بن عليّ العطّار» .

ومن شيوخ «أبي عليّ الشرمقاني» : «إبراهيم بن أحمد أبو إسحاق الطبري المالكي البغدادي» ، وهو من الثقات المشهورين.

ولد سنة أربع وعشرين وثلاثمائة، وتوفي سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة أخذ «إبراهيم الطبري» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: أحمد بن عثمان بن بويان، وأحمد بن عبد الرحمن، وأبو بكر النقاش، وأبو بكر بن مقسم، ومحمد ابن عليّ بن الهيثم، ومحمد بن الحسن بن الفرج الأنصاري، وعبد الواحد بن عمر بن أبي هاشم، ومحمد بن عبد الله بن محمد بن مرّة. وقرأ حروف القراءات على:«أحمد بن عبد الله بن محمد المكي» .

تصدر «إبراهيم الطبري» لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب، ومن الذين قرءوا عليه:«أبو علي الشرمقاني، والحسين بن عليّ العطار، وأبو علي البغدادي صاحب كتاب «الروضة» ، وأبو نصر أحمد بن مسرور، وأحمد بن رضوان، وأبو عبد الله محمد بن يوسف الأفشيني» وغير هؤلاء.

ومن شيوخ «أبي عليّ الشرمقاني» : محمد بن عبد الله بن أحمد بن القاسم بن المرزبان بن شاذان أبو بكر الأصبهاني، وهو مقرئ من الثقات المشهورين، عالي الإسناد.

قرأ على: «أبي بكر عبد الله بن محمد القباب، وعبد الرحيم بن محمد، ومحمد ابن علّان، وأبي بكر أحمد بن شاذة، ومحمد بن إبراهيم بن شاذة، ومحمد بن

ص: 257

القاسم بن حسنويه، وأبي بكر محمد بن علي بن أحمد، ومحمد بن أحمد بن محمد الهروي، وأبي عمر محمد بن أحمد بن عمر الخرقي، ومحمد بن جعفر بن محمد الصابوني، والعباس بن أحمد بن المظفر السراج، وأبي بكر بن حسنويه» وغير هؤلاء.

تصدر «محمد بن عبد الله» لتعليم القرآن، ومن الذين قرءوا عليه:«أبو علي الشرمقاني» وعبد السيّد بن عتّاب، وعبد العزيز بن الحسين، وأبو الحسن الخيّاط، وأبو القاسم الهذلي.

توفي «محمد بن عبد الله» سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة.

تصدر «أبو علي الشرمقاني» لتعليم القرآن، واشتهر بالصدق والثقة، وصحّة القراءة، ومن الذين أخذوا عنه القراءة:«أحمد بن عليّ بن عبيد الله بن عمر بن سوار» ، وهو من الثقات المشهورين، صنّف كتاب «المستنير في القراءات العشر» .

أخذ «أحمد بن عليّ» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمة شيوخه:«أبو علي الشرمقاني، والحسن بن عليّ بن عبد الله العطّار، وعلي بن محمد بن فارس الخياط، وعليّ بن طلحة بن محمد البصري، وأبو تغلب عبد الوهاب بن عليّ ابن الحسن المؤدب، وفرج بن عمر الواسطي، وأبو بكر محمد بن عبد الرحمن النهاوندي، وعتبة بن عبد الملك العثماني الأندلسي، ومنصور بن محمد بن عبد الله التميمي، وأحمد بن مسرور بن عبد الوهاب، وعبد الله بن محمد بن مكي، وأبو الفتح عبد الواحد بن شيطا، وأحمد بن محمد بن إسحاق المقري» وغيرهم كثير.

تصدّر «أحمد بن عليّ» لتعليم القرآن، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو علي ابن سكرة الصدفي، ومحمد بن الخضر المحولي، وأبو محمد سبط الخياط، وأبو الكرم

الشهرزوري»، وروى عنه حروف القراءات: «الحافظ أبو طاهر

ص: 258

السلفي» وغير هؤلاء.

توفي «أحمد بن علي» سنة ست وتسعين وأربعمائة.

ومن تلاميذ «أبي عليّ الشرمقاني» : «عبد السيّد بن عتّاب بن محمد بن جعفر بن عبد الله الحطاب، أبو القاسم البغدادي، وهو من القراء الثقات، أخذ القراءة عن: «أبي عليّ الشرمقاني، والحسن بن عليّ بن الصقر، وأحمد بن رضوان، والحسن بن ملاعب، وأبي الحسن الحمامي، وأبي العلاء الواسطي، وأبي طاهر محمد بن ياسين الحلبي، وأبي بكر محمد بن عليّ، ومحمد بن عبد الله الشمعي، والحسين بن أحمد الحربي» وغير هؤلاء.

تصدّر «عبد السيّد بن عتّاب» لتعليم القرآن، ومن الذين قرءوا عليه:

«أبو بكر بن سكرة، ومحمد بن عبد الملك بن خيرون، وأبو الكرم بن الشهرزوري» وغير هؤلاء.

توفي «عبد السيّد بن عتّاب» في نصف ذي القعدة سنة سبع وثمانين وأربعمائة عن نحو تسعين سنة.

أخذ «أبو علي الشرمقاني» حديث الهادي البشير صلى الله عليه وسلم عن خيرة العلماء، وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي»:«أبو علي الشرمقاني، المؤدب، نزل بغداد، وكان أحد حفاظ القرآن، ومن العالمين باختلاف القراءات، ووجوهها، وحدث عن: «أبي إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد الطبري، وأبي القاسم بن الصيدلاني، ومحمد بن بكران بن الرازي. كتبت عنه، وكان صدوقا» (1).

احتلّ «أبو علي الشرمقاني» مكانة سامية، ومنزلة رفيعة بين العلماء، مما جعلهم يثنون عليه. يقول «الإمام ابن الجزري»: «أبو علي الشرمقاني: أستاذ

(1) انظر تاريخ بغداد ج 7، ص 402.

ص: 259

مشهور ثقة حاذق» اه (1).

توفي «أبو علي الشرمقاني» بعد حياة حافلة بتعليم القرآن، سنة إحدى وخمسين وأربعمائة من الهجرة.

رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

(1) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 227.

ص: 260

رقم الترجمة/ 70 «عليّ بن طلحة» (1) ت 434 هـ

هو: عليّ بن طلحة بن محمد أبو الحسن البصري، ثم البغدادي، مقرئ مشهور، ثقة، ولد في صفر من سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة من الهجرة.

ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن.

كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات.

أخذ «عليّ بن طلحة» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: عبد العزيز ابن عصام أبو الفرج، وهو من خيرة علماء القراءات.

أخذ القراءة عن «يوسف بن يعقوب الواسطي» ، وقرأ عليه «عليّ بن طلحة» في سنة ثلاثمائة ونيّف.

ومن شيوخ «عليّ بن طلحة» : إبراهيم بن أحمد بن جعفر بن موسى بن عبد الله بن سلام الخرقي البغدادي، أبو القاسم.

روى القراءة عرضا وسماعا عن عليّ بن سليم الخضيب، وعن جعفر بن محمد، وأحمد بن محمد الجواربي، والحسن بن جعفر، وإسحاق بن إبراهيم، وأحمد بن سهل الأشناني، والحسن بن الحسين الصوّاف، ويوسف بن يعقوب، وابن مجاهد» وقد أخذ القراءة عن «إبراهيم الخرقي»: الحسين بن شاكر، ومحمد بن عمر بن بكير، وأبو الحسين عليّ بن محمد الخبازي، وعلي بن طلحة البصري، والكارزيني، والقاضي أبو العلاء.

(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:

معرفة القراء الكبار للذهبي ج 1، ص 400. تاريخ بغداد ج 11، ص 442. تذكرة الحفاظ للذهبي ج 3، ص 1107. طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 246.

ص: 261

وسمح منه حروف القراءات: عليّ بن محمد بن قشيش، والحسن بن عليّ الجوهري، وأبو الفضل الخزاعي». توفي «إبراهيم الخرقي» في ذي الحجة سنة أربع وسبعين وثلاثمائة من الهجرة.

ومن شيوخ «عليّ بن طلحة» : محمد بن محمد بن محمين، أبو عبد الله البصري المعروف بالمكتحل، روى القراءة عرضا عن «محمد بن عبد العزيز بن الصباح» ، وروى القراءة عنه عرضا «عليّ بن طلحة البصري» .

وأخذ «عليّ بن طلحة» حديث الهادي البشير صلى الله عليه وسلم عن خيرة العلماء، وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي»: عليّ بن طلحة إمام مسجد ابن رغبان، سمع ابن مالك القطيعي، والحسين بن عليّ النيسابوري، وإبراهيم بن أحمد بن جعفر، وعبد العزيز بن جعفر الخرقي، وأبا حفص بن الزيّات، ومحمد بن المظفر، وأبا بكر الأبهري، وأبا الحسين بن سمعون الواعظ. ثم يقول «الخطيب البغدادي»: كتبنا عنه ولم يكن به بأس (1).

تصدر «عليّ بن طلحة» لتعليم القرآن، واشتهر صيته، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين أخذوا عنه القراءة القرآنية:«أحمد بن علي بن عبيد الله عمر بن سوار أبو طاهر الأستاذ البغدادي» ، مؤلف كتاب «المستنير» في القراءات العشر، وهو إمام كبير محقق ثقة، قرأ «ابن سوار» على الحسن ابن الفضل الشرمقاني، والحسن بن عليّ بن عبد الله العطار، وعليّ بن محمد فارس الخياط، وعليّ بن طلحة بن محمد البصري، وأبي تغلب عبد الوهاب بن عليّ بن الحسن المؤدب، وفرج بن عمر الواسطي، وأبي بكر محمد بن عبد الرحمن النهاوندي، وعتبة بن عبد الملك العثماني الأندلسي، ومنصور بن محمد ابن عبد الله التميمي، وآخرين.

وأخذ القراءة عن «ابن سوار» عدد كبير منهم: «أبو عليّ بن سكّرة

(1) انظر تاريخ بغداد ج 11، ص 442 - 443.

ص: 262

الصدفي، ومحمد بن الخضر المحولي، وأبو محمد سبط الخياط، وأبو الكرم الشهرزوري»، وروى عنه حروف القراءات:«الحافظ أبو طاهر السلفي، وأبو بكر أحمد بن المقرّب الكرخي» .

توفي «ابن سوار» سنة ست وتسعين وأربعمائة.

ومن تلاميذ «عليّ بن طلحة» : «أحمد بن الحسن بن خيرون، أبو الفضل البغدادي» ، وهو أستاذ مقرئ ثقة، أخذ القراءة عرضا عن «عليّ بن طلحة» وروى الحروف عن الحسن بن أحمد بن شاذان، والقاضي الحسين الصيمريّ، وروى القراءات عنه عرضا ابن أخيه محمد بن عبد الملك.

ومن تلاميذ «عليّ بن طلحة» : «ثابت بن بندار أبو المعالي البقّال الدينوري، ثم البغدادي» ، وهو شيخ صالح ثقة، قرأ على: الحسن بن الصقر، وعبد الوهاب بن عليّ اللخمي، وعليّ بن طلحة البصري، وعبد الله بن محمد ابن مكي، وأحمد بن محمد بن إسماعيل الظاهري. وقرأ على «ثابت بن بندار»: سبط الخياط، وهبة الله بن أحمد بن عمر أبو القاسم الحريري البغدادي، وأحمد بن شنيف. توفي «ثابت بن بندار» سنة ثمان وتسعين وأربعمائة.

ومن تلاميذ «عليّ بن طلحة» : عبد السيّد بن عتّاب بن محمد بن جعفر بن عبد الله الحطاب- بالحاء المهملة- أبو القاسم البغدادي الضرير»، وهو مقرئ ثقة ضابط مشهور.

قرأ على: الحسن بن علي بن الصقر، وأحمد بن رضوان، والحسن بن ملاعب، والحسن بن أبي الفضل الشرمقاني، وأبي الحسن الحمامي، وعلي بن أحمد بن محمد بن داود الرزاز، وأبي العلاء الواسطي، وأبي طاهر محمد بن ياسين الحلبي، وأبي بكر محمد بن عليّ بن زلال، ومحمد بن عبد الله الشمعي، والحسين بن أحمد الحربي. وقرأ عليه: أبو علي بن سكرة الصدفي، ومحمد بن

ص: 263

عبد الملك بن خيرون، وأبو الكرم بن الشهرزوري.

توفي «عبد السيّد بن عتاب» سنة سبع وثمانين وأربعمائة عن نحو تسعين سنة.

ومن تلاميذ «عليّ بن طلحة» : محمد بن عبد الله بن يحيى أبو البركات البغدادي، الكرجي الخباز الشافعي، وهو إمام ثقة ضابط، ولد سنة ستين وثلاثمائة، وقرأ بالروايات على: أبي العلاء الواسطي، والحسين بن الصقر، ومحمد بن بكير النجار، وعليّ بن طلحة. وسمع: عبد الملك بن بشران، وعليّ ابن أيّوب، وتفقه على القاضي أبي الطيب.

وقرأ عليه: أبو الكرم الشهرزوري، وأبو طاهر السلفي، وآخرون.

توفي «عليّ بن طلحة» في ربيع الآخر سنة أربع وثلاثين وأربعمائة عن ثلاث وثمانين سنة، رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

ص: 264

رقم الترجمة/ 71 «عليّ بن عبد الله» (1) ت 912 هـ

هو: علي بن عبد الله بن أحمد بن علي بن عيسى الحسيني الملقب نور الدين السمهودي، القاهري، الشافعي، نزيل الحرمين الشريفين، ويعرف بالشريف السمهودي.

ولد في صفر سنة أربع وأربعين وثمانمائة بسمهود ونشأ بها فحفظ القرآن، والمنهاج في الفقه، ولازم والده حتى قرأ عليه بحثا مع شرحه للمحلى وشرح البهجة لكن النصف الثاني منه سماعا، وجمع الجوامع في أصول الفقه، وغالب ألفية ابن مالك، وقدم القاهرة مع والده، وبمفرده غير مرة.

أولها سنة ثمان وخمسين، ولازم اولا «الشمس الجوهري» في الفقه وأصوله، والعربية. وأكثر من ملازمة «الشيخ المناوي» وأخذ عنه الكثير من العلوم. وقرأ على «النجم بن قاضي عجلون» بعض تصحيحه للمنهاج.

وقرأ على «الشمس الشرواني» شرح عقائد النسفي، للتفتازاني، وغير ذلك من العلوم.

ثم استوطن القاهرة إلى أن خرج إلى أداء فريضة الحج سنة سبعين وثمانمائة في البحر، إلا أنه لم يتمكن من الحج في ذلك العام، فجاور بمكة سنة إحدى وسبعين إلى أن أدى فريضة الحج.

ثم توجّه إلى المدينة المنورة فقطنها، ولازم وهو فيها «الشهاب الأبشيطي»

(1) انظر ترجمته في:

البدر الطالع ج 1، ص 420 - رقم الترجمة 226. الضوء اللامع ج 5، ص 425 - رقم الترجمة 838.

ص: 265

وحضر دروسه في «المنهاج» وغيره. وأذن له في التدريس. وأكثر «علي بن عبد الله» من السماع بالمدينة المنورة على شيوخها، وأخذ عنهم العلم الكثير.

ثم جلس للتدريس وانتفع به الكثيرون من الطلبة في الحرمين الشريفين، وعمل للمدينة المنورة تاريخا، وصنف حاشية على إيضاح النووي في المناسك.

ثم توجه فزار بيت المقدس، وعاد إلى القاهرة، ثم رجع إلى المدينة المنورة، فاستوطنها، وصار شيخها غير منازع.

احتلّ «علي بن عبد الله» مكانة سامية ومنزلة رفيعة، مما جعل الكثيرين يثنون عليه، وفي هذا يقول «شمس الدين السخاوي»:«هو إنسان فاضل متفنن، متميز في الفقه، والأصلين، مديم للعمل، والجمع والتأليف، متوجه للعبادة، وللمباحثة، والمناظرة قويّ الجلادة على ذلك، طلق العبارة، وهو فريد في مجموعه، ولأهل المدينة به جمال» .

ظلّ «عليّ بن عبد الله» في عمل متصل بين التصنيف، والتدريس، والتنقل من مكان إلى مكان حتى توفاه الله تعالى قريبا من سنة اثنتي عشرة وتسعمائة.

رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.

ص: 266

رقم الترجمة/ 50 «أبو عليّ العطّار» (1) ت 447 هـ

هو: الحسن بن علي بن عبد الله أبو علي العطار البغدادي المؤدّب، وهو شيخ جليل ماهر ومن الثقات.

ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن.

كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات.

أخذ «أبو علي العطّار» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم:«عبد الملك بن بكران بن عبد الله بن العلاء أبو الفرج النهرواني» ، وهو من خيرة القراء الحذاق، ومن الثقات.

أخذ «عبد الملك» القراءة عن عدد من العلماء، منهم:«زيد بن علي بن أبي بلال، وأبو عيسى بكّار، وأبو بكر النقاش، وابن مقسم، ومحمد بن علي ابن الهيثم، وأبو طاهر بن أبي هاشم، وهبة الله بن جعفر، ومحمد بن عبد الله ابن أبي عمر، وأبو عبد الله الفارسي، وعليّ بن محمد القلانسي» .

تصدر «عبد الملك» لتعليم القرآن، ومن الذين قرءوا عليه:«أبو علي العطار، والحسن بن محمد البغدادي، ونصر بن عبد العزيز الفارسي، وأبو الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرازي، وأبو علي غلام الهراس، والحسن بن أبي الفضل الشرمقاني، وعلي بن محمد الخياط، وعبد الملك بن علي بن شابور، وعبد الملك بن عبدويه» .

(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:

تاريخ بغداد ج 7، ص 392. معرفة القراء الكبار ج 1، ص 413. طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 224.

ص: 267

توفي «عبد الملك» في رمضان سنة أربع وأربعمائة.

ومن شيوخ «أبي عليّ العطّار» : عليّ بن أحمد بن عمر بن حفص بن عبد الله، أبو الحسن الحمامي، وهو من شيوخ العراق الثقات البارعين.

ولد سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، وتوفي في شعبان سنة سبع عشرة وأربعمائة، وهو في سن التسعين.

أخذ «عليّ بن أحمد» القراءات عن: «أبي بكر النقاش، وأبي عيسى بكّار وزيد بن عليّ، وهبة الله بن جعفر، وعبد الواحد بن عمر، وعلي بن محمد بن جعفر القلانسي، ومحمد بن علي بن الهيثم، وعبد العزيز بن محمد الواثق بالله» .

تصدّر «علي بن أحمد» لتعليم القرآن، ومن الذين قرءوا عليه:«أبو عليّ العطار، وأحمد بن الحسن بن اللحياني، وأحمد بن مسرور، والحسن بن البنّا، وأحمد بن علي الهاشمي، والحسن بن أبي الفضل، والحسن بن علي العطار، والحسن بن محمد المالكي، والحسين بن أحمد الصفّار، والحسين بن الحسن بن أحمد بن غريب، ورزق الله التميمي، وعبد الواحد بن شيطا» وغير هؤلاء.

احتلّ «علي بن أحمد» منزلة رفيعة، ومكانة سامية، مما جعل العلماء يثنون عليه، وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي»:«كان «علي بن أحمد» صدوقا، ديّنا، فاضلا، تفرّد بأسانيد القرآن» (1) توفي في شعبان سنة سبع عشرة وأربعمائة وهو في سنّ التسعين، ومن شيوخ «أبي عليّ العطّار»: بكر بن شاذان ابن عبد الله، أبو القاسم البغدادي الحربي، وهو شيخ ماهر مشهور، ومن الثقات.

أخذ «بكر بن شاذان» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «زيد بن أبي بلال، وأبو بكر محمد بن عليّ بن الهيثم، ومحمد بن عبد الله بن مرّة النقاش،

(1) انظر تاريخ بغداد ج 7، ص 392.

ص: 268

وأحمد بن بشر الشارب، وبكار بن أحمد بن بكار».

تصدّر «بكر بن شاذان» لتعليم القرآن، ومن الذين قرءوا عليه:«أبو علي العطّار، وأبو علي الحسن بن أبي الفضل، والحسن بن محمد المالكي، والحسن بن القاسم غلام الهرّاس، وأبو الحسن الخياط، وأبو الفضل بن عبد الرحمن الرازي» وغير هؤلاء.

توفي «بكر بن شاذان» يوم السبت التاسع من شوّال، سنة خمس وأربعمائة.

ومن شيوخ «أبي عليّ العطّار» «الحسن بن محمد بن يحيى بن داود، أبو محمد الفحّام المقرئ، الفقيه، البغدادي، السامري، وهو شيخ بارع ومن الثقات.

أخذ «الحسن بن محمد» القراءة عن عدد من العلماء، وفي مقدمتهم:«أبو بكر النقاش، ومحمد بن أحمد بن الخليل، وجعفر بن عبد الله السامري، وسلامة ابن الحسن الموصلي، وزيد بن أبي بلال، وعليّ بن إبراهيم بن خشنام المالكي، وعمر بن أحمد الحبّال، وعبد الله بن محمد الوكيل، وأبو الطيب الدلّاء، وجعفر ابن محمد بن غيال، ويوسف بن علّان» وغير هؤلاء.

تصدّر «الحسن بن محمد» لتعليم القرآن، ومن الذين قرءوا عليه:«أبو علي العطّار، ونصر بن عبد العزيز الفارسي، وأبو علي غلام الهراس، وعلي بن محمد بن فارس الخياط، وأبو علي البغدادي، وعبد الملك بن شابور» . توفي «الحسن بن محمد» سنة ثمان وأربعمائة.

ومن شيوخ «أبي عليّ العطّار» : «إبراهيم بن أحمد أبو إسحاق الطبري» ، ولد سنة أربع وعشرين وثلاثمائة، وتوفي سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة.

أخذ «إبراهيم بن أحمد» القراءة عن عدد من القرّاء وفي مقدمتهم: «أحمد ابن عثمان بن بويان، ومحمد بن الفرج الأنصاري، وعبد الواحد بن عمر بن

ص: 269

أبي هاشم، ومحمد بن عبد الله بن محمد بن مرّة»، وقرأ حروف القراءات على:

«أحمد بن عبد الله بن محمد المكي» .

تصدّر «إبراهيم بن أحمد» لتعليم القرآن، وفي مقدمة من قرأ عليه:«أبو علي العطّار، وأبو نصر أحمد بن مسرور، وأبو عبد الله محمد بن يوسف الأفشيني» وغير هؤلاء كثير.

وبعد حياة حافلة بتعليم القرآن وحروف القراءات، توفي «أبو عليّ العطّار» سنة سبع وأربعين وأربعمائة للهجرة.

رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء، إنه سميع مجيب.

ص: 270

رقم الترجمة/ 73 «أبو عليّ غلام الهرّاس» (1) ت 468 هـ

هو: الحسن بن القاسم بن علي الأستاذ أبو علي الواسطي المعروف بغلام الهراس، وهو من القراء الثقات، وشيخ قراء العراق، ومن العلماء الذين رحلوا في الآفاق، من أجل العلم، وللأخذ على العلماء، فيحدثنا التاريخ أنه رحل إلى الأقطار الآتية؛ من أجل الأخذ عن الشيوخ، فقد رحل إلى كل من:

واسط، ودمشق، والبصرة، ومصر، وحران- بأرض الشام- والكوفة، ومكة المكرمة، والجامدة، وهي مدينة كبيرة من أعمال واسط بينها وبين البصرة.

من هذا يتبين بجلاء ووضوح مدى اهتمام العلماء الأوائل بالقراءات القرآنية، إذ القراءات لا تؤخذ إلا بالتلقي والمشافهة عن الشيوخ صحاح السند حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم. أما الآن، فمع كثرة الجامعات في سائر الأقطار الإسلامية إلا أن طلاب قراءات القرآن لا زال عددهم قليلا جدّا.

وأحمد الله سبحانه وتعالى الذي جعلني من الشغوفين بتحصيل هذا العلم الجليل، وتعليمه للكثيرين.

ولد «أبو علي غلام الهراس» سنة أربع وسبعين وثلاثمائة.

ثم بعد أن حفظ القرآن شدّ الرحال لتلقي القراءات: فكانت رحلته الأولى

(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:

معرفة القراء الكبار ج 1، ص 427. ورقم الترجمة 366. غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 266. العبر في خبر من غبر، ج 3، ص 266. ميزان الاعتدال ج 1، ص 518. مرآة الجنان ج 3، ص 99. لسان الميزان ج 2، ص 245. شذرات الذهب ج 3، ص 329. تهذيب ابن عساكر ج 4، ص 242.

ص: 271

إلى «واسط» وهي مدينة عظيمة متوسطة بين «البصرة، والكوفة» فأخذ عن شيوخها، ومن الذين أخذ عنهم بها القراءة:«عبيد الله بن إبراهيم بن محمد أبو القاسم البغدادي» .

وهو من خيرة القراء الثقات، ومن علماء القراءات، إذ روى قراءة «أبي عمرو» البصري عرضا عن «أبي بكر بن مجاهد، عن أبي الزعراء، عن الدوري، أحد رواة أبي عمرو البصري» .

جلس «عبيد الله» لتعليم القرآن، وحروف القراءات، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان، ومن الذين أخذوا عنه القراءة عرضا بواسط:«أبو علي غلام الهراس» وكان ذلك سنة ثمانين وثلاثمائة.

ومن شيوخ «أبي علي غلام الهراس» بواسط: «إبراهيم بن سعيد أبو اسحاق» الضرير الواسطي الرفاعي، وهو من علماء القراءات، ومن علماء النحو الثقات. أخذ «إبراهيم بن سعيد» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم:

«عبد الغفار بن عبيد الله الحضيني» .

تصدّر «إبراهيم بن سعيد» لتعليم القرآن وحروف القراءات، واشتهر بالثقة وجودة القراءة، ومن الذين أخذوا عنه:«أبو علي غلام الهرّاس» وكان ذلك سنة أربع وتسعين وثلاثمائة.

ومن شيوخ «أبي علي غلام الهرّاس» ببغداد: «عبد الملك بن بكران بن عبد الله بن العلاء أبو الفرج النهرواني القطان» ، وهو من القراء الثقات المشهورين، ومن الحذّاق المؤلفين، ومن المعمرين، اشتهر ذكره في الآفاق، وعمّ نفعه الكثيرين.

أخذ «عبد الملك بن بكران» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم:

«زيد بن علي بن أبي بلال» .

ص: 272

ثم بعد أن اكتملت مواهبه جلس لتعليم الناس، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، وفي مقدمة من قرأ عليه «أبو علي غلام الهرّاس» . توفي «عبد الملك بن بكران» في رمضان سنة أربع وأربعمائة.

ومن شيوخ «أبي علي غلام الهراس» ببغداد: «عبيد الله بن محمد بن أحمد ابن مهران بن أبي مسلم أبو أحمد الفرضي البغدادي» . وهو إمام كبير ثقة، ورع، قال عنه «الخطيب البغدادي»:«كان «أبو أحمد» ثقة، ورعا، دينا، حدثنا منصور بن عمر الفقيه، قال:«لم أر في الشيوخ مثله اجتمعت فيه أدوات الرئاسة، من علم وقراءة، وإسناد، وحالة متسعة في الدنيا، وكان مع ذلك أورع الخلق، كان يقرأ علينا الحديث بنفسه لم أر مثله» (1).

أخذ «عبيد الله بن محمد الفرضي» القراءة عن مشاهير علماء عصره، وفي مقدمتهم:«أبو الحسن بن بويان» .

ثم تصدّر «أبو أحمد الفرضي» لتعليم القرآن، وحروف القراءات، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة «أبو علي غلام الهرّاس» .

توفي «أبو أحمد الفرضي» بعد حياة حافلة بطلب العلم ونشره، في شوال سنة ست وأربعمائة، وله اثنتان وثمانون سنة.

ومن شيوخ «أبي علي غلام الهرّاس» ببغداد: «أحمد بن عبد الله بن الخضر ابن مسرور، أبو الحسن البغدادي السّوسنجردي» ، ولد في جمادى الآخرة سنة خمس وعشرين وثلاثمائة.

وهو من مشاهير العلماء الثقات، ومن القراء الضابطين، أخذ «أحمد بن عبد الله» القراءة عن مشاهير علماء عصره، وفي مقدمتهم:«محمد بن عبد الله بن أبي مرّة الطوسي» .

(1) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 491.

ص: 273

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، واشتهر بجودة القراءة وصحّة الإسناد، وفي مقدمة من قرأ عليه:«أبو علي غلام الهرّاس» .

توفي «أحمد بن عبد الله» يوم الأربعاء لثلاث خلون من رجب سنة اثنتين وأربعمائة، عن نيف وثمانين سنة.

ومن شيوخ «أبي علي غلام الهرّاس» ببغداد: «محمد بن المظفر بن علي بن حرب أبو بكر الدينوري» . وهو من القراء المشهود لهم بالثقة والعدالة، وصحة الضبط، وجودة القراءة وحسن الاتقان.

أخذ «محمد بن المظفر» القراءة عن مشاهير علماء عصره، وفي مقدمتهم:

«الحسين بن محمد بن حبش الدينوري» .

وبعد أن اكتملت مواهب «محمد بن المظفر» جلس لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب، ينهلون من علمه ويأخذون عنه، وفي مقدمة من قرأ عليه:

«أبو علي غلام الهرّاس» .

ومن شيوخ «أبي علي غلام الهراس» من بغداد: «محمد بن علي بن أحمد ابن يعقوب أبو العلاء الواسطي القاضي» ، نزيل بغداد، ولد عاشر صفر سنة تسع وأربعين وثلاثمائة.

أصله من «فم الصلح» ونشأ بواسط، ثم استقرّ ببغداد، وهو من خيرة القراء المشهورين المحققين، ومن العلماء المتقنين.

قال عنه «الحافظ الذهبي» : تبحر في القراءات، وصنّف، وجمع، وتفنّن، وولي قضاء الحريم الظاهري، وانتهت إليه رئاسة الاقراء بالعراق. اه (1).

أخذ «محمد بن علي» القراءة عن مشاهير علماء عصره، وفي مقدمتهم:

(1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 200.

ص: 274

«أحمد بن هارون الرازي، وأبو بكر أحمد بن محمد بن الشارب» . وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن وحروف القراءات، وذاع صيته بين الناس، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة:

«أبو علي غلام الهرّاس» .

توفي «محمد بن علي» ثالث عشرين جمادى الآخرة سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة.

رحمه الله رحمة واسعة.

ومن شيوخ «أبي علي» ببغداد: «علي بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن أبو الحسن الحذّاء البغدادي» . وهو شيخ عدل، ضابط، ثقة، مشهور.

أخذ القراءة، وحروف القرآن عن مشاهير علماء عصره، وفي مقدمتهم:

«إبراهيم بن الحسين بن عبد الله الشطّي» .

وبعد أن اكتملت مواهب «علي بن محمد» تصدّر لتعليم القرآن، وذاع صيته بين الناس، وعرفه الخاصّ والعام بجودة القراءة، وصحّة الأحكام، وأقبل عليه الطلاب وحفاظ القرآن من كل مكان، يأخذون عليه، ويقرءون عليه، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة:«أبو علي غلام الهرّاس» و «أبو بكر محمد بن علي الخياط» .

توفّي «علي بن محمد» يوم الأربعاء لأربع خلون من المحرّم سنة خمس عشرة وأربعمائة، رحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته.

ومن شيوخ «أبي علي غلام الهراس» ببغداد: «الحسن بن محمد بن يحيى بن داود، أبو محمد الفحّام، المقرئ، البغدادي، وهو من حذّاق القراءات، ومن الأئمة البارزين المعروفين، أخذ «الحسن بن محمد» القراءة عن خيرة علماء

ص: 275

عصره، وفي مقدمتهم:«جعفر بن عبد الله السامري، وسلامة بن الحسن الموصلي» .

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة، وصحة الضبط، وأقبل عليه الطلاب ينهلون من علمه، ويقرءون عليه، ومن الذين أخذوا عنه القراءة:«أبو علي غلام الهرّاس» ، والحسن بن عليّ العطّار».

توفي «الحسن بن محمد» سنة ثمان وأربعمائة.

ومن شيوخ «أبي علي غلام الهرّاس» ببغداد: «علي بن أحمد بن محمد بن داود بن موسى بن بيان أبو الحسن الرزّاز البغدادي» ، وهو من مشاهير القراء الضابطين، ومن الثقات البارعين. ولد سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة.

أخذ «أبو الحسن الرزاز» القراءة عن خيرة العلماء. وفي مقدمتهم: «زيد ابن عليّ، وهبة الله بن جعفر» .

احتلّ «أبو الحسن الرزاز» مكانة سامية بين العلماء مما جعلهم يثنون عليه، وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي»:

كان «أبو الحسن الرزّاز» صدوقا، ديّنا، فاضلا، تفرّد، بأسانيد القرآن، وعلوّها (1).

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، واشتهر بالثقة، وعلوّ الإسناد، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ومن الذين قرءوا عليه:«أبو علي غلام الهرّاس، وأحمد بن مسرور» .

توفي «أبو الحسن الرزاز» يوم الأحد الرابع من شعبان سنة سبع عشرة وأربعمائة، رحمه الله رحمة واسعة.

(1) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء، ج 1، ص 522.

ص: 276

ومن شيوخ «أبي علي غلام الهرّاس» ببغداد: «الحسن بن ملاعب بن محمد ابن الحسن، أبو محمد الحلبي ثم البغدادي الضرير» . وهو من القراء الثقات، ومن الضابطين المجوّدين.

أخذ «الحسن بن ملاعب» القراءة عن عدد من القراء، وفي مقدمتهم:

«عمر بن محمد بن سيف» .

جلس «الحسن بن ملاعب» لتعليم القرآن، وحروف القراءات واشتهر بالثقة والضبط، وصحة الإسناد، وأقبل عليه الطلاب، ومن الذين أخذوا عنه القراءة:«أبو علي غلام الهرّاس، وعلي بن محمد بن فارس الخياط» .

رحل «أبو علي غلام الهراس» إلى «الكوفة» وأخذ عن شيوخها ومن الذين قرأ عليهم بالكوفة: «محمد بن عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن يحيى، أبو عبد الله الجعفي، الكوفي، القاضي، الفقيه الحنفي، النحوي» ، وهو من خيرة العلماء الثقات، أثنى عليه الكثيرون.

قال «الخطيب البغدادي» : كان ثقة، حدّث ببغداد، قال: وكان من عاصره بالكوفة، يقول: لم يكن بالكوفة من زمن «ابن مسعود» رضي الله عنه، والى وقته أحد أفقه منه (1).

وقال «أبو علي المالكي» : كان «محمد بن عبد الله» من جلة أصحاب الحديث، فقيها على مذهب العراقيين جليل القدر.

وقال «أبو العز» عن «أبي علي الواسطي» : كان «الجعفي» جليلا في زمانه يرحل إليه في طلب القرآن، والحديث من كل بلد (2).

(1) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 177.

(2)

انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 177 - 178.

ص: 277

أخذ «محمد بن عبد الله الجعفي» القراءة عن خيرة العلماء. وفي مقدمتهم:

«محمد بن الحسن بن يونس النحوي» .

وبعد أن اكتملت مواهبه، وأصبح من المؤهلين جلس لتعليم القرآن، وحروف القراءات، واشتهر بالثقة، وصحّة السند، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين أخذوا عنه القراءة «أبو علي غلام الهرّاس» وغيره.

توفي «محمد بن عبد الله الجعفي» سنة اثنتين وأربعمائة.

ومن شيوخ «أبي علي غلام الهرّاس» بالكوفة: «محمد بن جعفر بن محمد ابن الحسن بن هارون أبو الحسن التميمي الكوفي» . وهو من مشاهير القراء، ومن المحدثين، ومن علماء العربية. اثنى عليه الكثيرون، قال «أبو علي البغدادي»: كان «أبو الحسن التميمي» من جلة أهل العربية، ومن أهل الحديث، متقنا، فاضلا.

وقال «الحافظ الذهبي» : عمّر دهرا طويلا، وانتهى إليه علوّ الإسناد (1).

أخذ «محمد بن جعفر» القراءة، وحروف القرآن، عن عدد من العلماء وفي مقدمتهم:«محمد بن الحسن بن يونس» .

وفي مقدمتهم: «محمد بن الحسن بن يونس» .

كما أخذ حديث الهادي البشير صلى الله عليه وسلم عن خيرة العلماء.

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، والقراءات، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام.

ومن الذين أخذوا عنه القراءة «أبو علي غلام الهرّاس» .

(1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 111.

ص: 278

ومن الذين أخذوا عنه الحديث: «أبو القاسم عبيد الله الأزهري» .

توفي «محمد بن جعفر» بعد حياة حافلة بطلب العلم، وتعليم القرآن، والقراءات، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام في جمادى الأولى سنة اثنتين وأربعمائة بالكوفة.

كما أن «أبا عليّ غلام الهرّاس» رحل إلى «دمشق» وأخذ العلم عن شيوخها.

ومن شيوخه بدمشق في القراءة: «الحسين بن عليّ بن عبيد الله بن محمد أبو علي الرهاوي السّلمي» . وهو من خيرة العلماء، وشيخ القراء بدمشق مع «الأهوازي» .

أخذ «أبو علي الرهاوي» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم:«الحسن ابن سعيد البزّار» وغيره كثيرون.

ثم تصدّر لتعليم القرآن، وذاع صيته بين الناس، ومن الذين أخذوا عنه القراءة «أبو علي غلام الهرّاس» .

توفي «أبو علي الرهاوي» بدمشق سنة أربع عشرة وأربعمائة، رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب.

ومن شيوخ «أبي علي غلام الهراس» بدمشق: «الحسن بن علي بن إبراهيم ابن يزداد بن هرمز، أبو علي الأهوازي» وهو شيخ قراء دمشق في عصره، وأعلى القراء إسنادا، وهو من مشاهير القراء ومن المحدثين الثقات، ومن المؤلفين الكبار، قال عنه «الحافظ الذهبي»:«لقد تلقى الناس رواياته بالقبول، وكان يقرئ بدمشق من بعد سنة أربعمائة، وذلك في حياة بعض شيوخه» (1).

(1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 221.

ص: 279

ولد سنة اثنتين وستين وثلاثمائة بالأهواز من بلاد خوزستان، وقرأ بها، وبتلك البلاد على شيوخ عصره، ثم قدم «دمشق» سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة فاستوطنها وأكثر من الشيوخ والروايات.

أخذ «أبو علي الأهوازي» القراءة عن خيرة العلماء عصره وفي مقدمتهم:

«إبراهيم بن أحمد بن محمد بن أحمد الطبري» ببغداد.

وأبو القاسم عبد الله بن نافع بن هارون العنبري» بالبصرة، وغيرهما كثير.

كما أخذ رحمه الله تعالى حديث الهادي البشير صلى الله عليه وسلم عن مشاهير علماء الحديث.

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام وذاع صيته في الآفاق، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان ينهلون من علمه ويأخذون عنه، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة أبو علي غلام الهرّاس.

توفي «أبو علي الأهوازي» رابع ذي الحجة سنة ست وأربعين وأربعمائة بدمشق، رحمه الله رحمة واسعة.

ومن البلاد التي رحل إليها «أبو علي غلام الهرّاس» من أجل العلم «الجامدة» بكسر الميم، وهي قرية كبيرة جامعة من أعمال «واسط» تقع بين البصرة وواسط (1).

ومن شيوخه الذين أخذ عنهم القراءة بالجامدة: «محمد بن نزار بن القاسم ابن يحيى بن عبد الله أبو بكر التكريتي» بكسر التاء، وسكون الكاف، وهذه نسبة إلى «تكريت» وهي بلدة كبيرة فيها قلعة حصينة على «دجلة» على بعد ثلاثين فرسخا من بغداد (2).

ومحمد بن نزار من خيرة علماء القراءات، ومن الثقات المشهورين، أخذ

(1) انظر معجم البلدان لياقوت الحمري ج 2، ص 95.

(2)

انظر الأنساب للسمعاني ج 1، ص 473.

ص: 280

القراءة على خيرة العلماء، وفي مقدمتهم:«أبو بكر محمد بن الحسن النقاش، وهبة الله بن جعفر» وغيرهما.

وبعد أن اكتملت مواهب «محمد بن نزار» تصدّر لتعليم القرآن، وذاع صيته بين الناس، واشتهر بالثقة وجودة القراءة، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة «أبو علي غلام الهرّاس، والحسن بن القاسم الواسطي» .

كما رحل «أبو علي غلام الهرّاس» إلى «مصر» للأخذ عن قرّائها، ومن الذين أخذ عنهم القراءة بمصر:«الفضل بن عبد الرزاق، أبو محمد الأندلسي» ، وهو من خيرة العلماء ومن الثقات، قرأ القرآن على «أبي أحمد السامري» .

ثم تصدّر لتعليم القرآن، واشتهر بحسن الأداء وصحّة القراءة، وأقبل عليه الطلاب، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة:«أبو علي غلام الهرّاس، والحسن ابن القاسم الواسطي» .

ومن شيوخ «أبي علي غلام الهراس» بمصر: «أحمد بن سعيد بن أحمد بن عبد الله المعروف بابن نفيس، أبو العباس الطرابلسي الأصل ثم المصري» .

وهو من القراء الثقات، انتهى إليه علوّ الإسناد، وعمّر حتى قارب المائة.

أخذ «ابن نفيس» القراءة على خيرة علماء عصره، وفي مقدمتهم:«أبو أحمد عبد الله السامري، وعبد المنعم بن غلبون» وغيرهما.

وبعد أن اكتملت مواهب «ابن نفيس» جلس لتعليم القرآن، وحروف القراءات واشتهر بالثقة، وتجويد القرآن، وتزاحم عليه الحفاظ من كل مكان، ومن الذين أخذوا عنه القراءة:«أبو علي غلام الهرّاس، ويوسف بن جبارة الهذلي» . توفي «ابن نفيس» في رجب سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة.

ص: 281

رحمه الله رحمة واسعة.

كما رحل «أبو علي غلام الهرّاس» إلى «البصرة» للأخذ عن قرّائها، ومن الذين أخذوا عنهم القراءة:«علي بن محمد بن علّان بن الحسن، أبو الحسين البصري» ، المقرئ، وهو من مشاهير علماء القراءات، ومن الثقات، أخذ القراءة عن «عبد الله بن عبدان» . ثم تصدّر للقراءة، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين أخذوا عنه القراءة عرضا «أبو علي غلام الهرّاس» .

كما رحل «أبو علي غلام الهرّاس» إلى «مكة المكرمة» للأخذ عن قرّائها، ومن الذين قرأ عليهم:«محمد بن الحسين بن محمد أبو عبد الله الكارزيني» بفتح الكاف، والراء، وكسر الزاي، وهي نسبة إلى «كارزين» وهي من بلاد فارس، بنواحيها مما يلي البحر (1).

وهو إمام مقرئ مشهور، انفرد بعلو الإسناد في وقته.

أخذ حروف القراءات عن مشاهير العلماء، وفي مقدمتهم:«الحسن بن سعيد المطوعي» يقول «ابن الجزري» : وهو آخر من قرأ عليه. وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن والقراءات، واشتهر بالثقة، وصحة القراءة، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه «أبو علي غلام الهرّاس» .

لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاته، إلا أن «الحافظ الذهبي» قال:«أبو عبد الله الكارزيني» مسند القرّاء في زمانه، تنقّل في البلاد، وجاور بمكة، وعاش تسعين سنة، أو دونها، لا أعلم متى توفي، إلا أنه كان حيا في سنة أربعين وأربعمائة، سألت الإمام «أبا حيان» عنه فكتب إليّ، إمام مشهور لا يسأل عن مثله (2).

(1) انظر: الأنساب للسمعاني ج 5، ص 12.

(2)

انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 133.

ص: 282

ومن شيوخ «أبي عليّ غلام الهراس» «بمكة المكرمة» : «محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن يعقوب أبو عبد الله» ، ويقال: أبو علي العجلي، وهو صاحب تلك القصيدة الرائية أولها:

لك الحمد يا ذا المنّ والجود والبرّ

كما أنت أهل للمحامد والشكر

وهو من خيرة القراء المشهورين، ومن الثقات المعروفين. أخذ القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم:«أحمد بن نصر الشذائي، وأبو الأشعث محمد بن حبيب الجارودي» .

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة وأقبل الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه:«أبو علي غلام الهرّاس» .

ومن شيوخ «أبي علي غلام الهرّاس» بمكة المكرمة: «محمد بن عمر بن إبراهيم أبو الحسن» المقرئ المحدث، الفقيه البصري، المعروف بالذهبي، أحد مشاهير القراء، أخذ القراءة عرضا عن «الحسن بن محمد بن عبد الرحمن الرصافي» .

ثم تصدّر لتعليم القرآن، واشتهر بصحة القراءة، وجودة الأداء، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان، ومن الذين أخذوا عنه القراءة:«أبو علي غلام الهرّاس» .

ومن شيوخ «أبي عليّ غلام الهرّاس» بمكة المكرمة: «علي بن الحسين بن عبد الله أبو القاسم القاضي البصري» ، وهو من مشاهير القراء المعروفين بالثقة والأمانة، أخذ القراءة عرضا عن كل من:«محمد بن الحسن النقاش، وأبي بكر بن مقسم» ثم تصدر لتعليم القرآن، وعرف بالثقة، وحسن الأداء، وتزاحم عليه الطلاب، ومن الذين أخذوا عنه القراءة عرضا:«أبو علي غلام الهرّاس» فقد روى عنه القراءة عرضا.

ص: 283

ومن شيوخ «أبي علي غلام الهرّاس» في «مكة المكرمة» : «أحمد بن عبد الكريم بن عبد الله أبو الحسين الشينيزي، وهو من القراء المشهورين المتصدّرين، أخذ القراءة عن مشاهير العلماء، وفي مقدمتهم، «علي بن محمد بن إبراهيم بن خشنام» .

ثم تصدّر لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة، وجودة القراءة، وأقبل عليه الطلاب يقرءون عليه، ومن الذين أخذوا عنه القراءة «أبو علي غلام الهرّاس» .

ومن شيوخ «أبي علي غلام الهراس» في «مكة المكرمة» : «عبيد الله بن عمر بن محمد بن عيسى أبو الفرج المصاحفي» ، وهو من مشاهير القراء الضابطين، أخذ القراءة عرضا عن:«ابن بويان، وزيد بن أبي بلال» وغيرهما.

وبعد أن اكتملت مواهبه جلس لتعليم القرآن، وأقبل الطلاب عليه، ومن الذين أخذوا عنه القراءة:«أبو علي غلام الهرّاس» .

توفي «عبيد الله بن عمر» سنة إحدى وأربعمائة.

ومن شيوخ «أبي علي غلام الهرّاس» في القراءة: «محمد بن العباس أبو الفوارس الصّريفيني» ، بفتح الصاد المهملة، وكسر الراء، وهذه نسبة إلى «صريفين» وهي قرية عظيمة.

أخذ «محمد بن العباس» قراءة «عاصم الجحدري» عن «عمر بن إبراهيم الكتاني، وعاش طويلا، ورحل إليه «أبو العزّ القلانسي» فقرأ عليه وبهذا ينتهي الحديث عن شيوخ «أبي علي غلام الهراس» .

وحينئذ يتبيّن بجلاء ووضوح مدى اهتمام القراء بالرواية، وصحة السند والأخذ عن الثقات.

ص: 284

وبعد أن اكتملت مواهب «أبي علي غلام الهرّاس» تصدّر لتعليم القرآن، وفي هذا يقول «الإمام ابن الجزري»: وأقام بمصر فرحل الناس إليه من كل ناحية، يأخذون عنه، ويقرءون عليه، ومن الذين قرءوا عليه:

«محمد بن الحسين بن بندار، أبو العزّ الواسطي القلانسي» ، شيخ العراق، ومقرئ القراء بواسط، صاحب التصانيف.

ولد سنة خمس وثلاثين وأربعمائة بواسط، وقرأ بما قرأ به «أبو علي غلام الهرّاس» من الروايات عليه، ورحل إلى «أبي القاسم الهذلي» فقرأ عليه بكتاب «الكامل» في القراءات ثم دخل بغداد فقرأ بها لعاصم على:«محمد بن العباس الأواني» . ثم تصدّر للإقراء بواسط، ورحل إليه من الأقطار الطلاب، يأخذون عنه، وفي مقدمة من قرأ عليه:«أبو الفتح بن زريق الحدّاد» .

احتلّ «محمد بن الحسين» مكانة سامية مما جعل العلماء يثنون عليه، وفي هذا يقول «الإمام ابن الجزري»: كان بصيرا بالقراءات وعللها، وغوامضها، عارفا بطرقها، عالي الإسناد، وحصلت له سعادة بشيخه «أبي علي» وذلك أنه طاف البلاد، وحصّل الروايات، وجاء إلى «واسط» فقرأ عليه «أبو العزّ القلانسي» بما قرأ به على شيوخه، وألف «كتاب الإرشاد» في القراءات العشر، وهو مختصر كان عند «العراقيين» كالتيسير عندنا، وكتاب «الكفاية» وهو أكبر من «كتاب الإرشاد» (1).

ومن تلاميذ «أبي علي غلام الهرّاس» في القراءة: «علي بن عليّ بن جعفر ابن شيران: بكسر الشين المعجمة، أبو القاسم الواسطي الضرير» .

وهو من القراء المشهود لهم بالثقة، وصحّة الإسناد، وجودة القراءة.

ولد سنة إحدى وأربعين وأربعمائة، ونشأ في بيت من البيوت العامرة بنور

(1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 128.

ص: 285

القرآن، فقد كان والده رحمه الله تعالى من علماء القراءات، وقد استفاد «عليّ ابن عليّ» من هذه النشأة فقرأ القراءات على والده ببلدة «قيجطة» .

كما أخذ القرآن والقراءات أيضا على غير والده من مشاهير العلماء، وفي مقدمتهم:«أبو علي غلام الهرّاس» .

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة وحسن الأداء، وصحّة السند، وأقبل عليه الطلاب.

ومن الذين قرءوا عليه: «أبو الفتح نصر الله بن الكيّال، وأبو بكر عبد الله ابن الباقلاني» وغيرهما كثير.

احتلّ «عليّ بن عليّ» مكانة سامية، ومنزلة رفيعة مما جعل العلماء يثنون عليه، يقول «الحافظ الذهبي»: حدّث «عليّ بن شيران» ببغداد بعد الخمسمائة، وبقي إلى بعد العشرين وخمسمائة.

وقال «ابن الجزري» : توفي سنة أربع وعشرين وخمسمائة. رحمه الله رحمة واسعة.

ومن تلاميذ «أبي علي غلام الهرّاس» في القراءة: «المبارك بن الحسين بن أحمد، أبو الخير، البغدادي» ، الغسّال الشافعي وهو من مشاهير القرّاء، ومن المحدثين الثقات.

وكان رحمه الله تعالى من الأدباء، والحذّاق.

احتل «المبارك بن الحسين» مكانة سامية، ومنزلة رفيعة بين العلماء مما جعلهم يثنون عليه، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»: عني «المبارك بن الحسين» بالقراءات عناية كليّة، وتقدّم فيها، وطال عمره، وعلا سنده،

ص: 286

وقصده الطلبة لحذقه، وبصره بالفنّ (1).

أخذ «المبارك بن الحسين» القراءة عن مشاهير علماء عصره، وفي مقدمتهم:

«أبو علي غلام الهرّاس، وأبو بكر محمد بن الخياط» ، وغيرهما كثير.

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، وذاع صيته بين الناس وأقبل عليه الطلاب، ينهلون من علمه، ويأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه:«المبارك بن أحمد بن الناعورة» .

توفي «المبارك بن الحسين» سنة عشر وخمسمائة، رحمه الله رحمة واسعة.

وهكذا أدّى «أبو علي غلام الهرّاس» رسالته، وقضى حياته متجوّلا في المدن، والقرى، من أجل الوقوف على قراءات القرآن، وأخذ عن الشيوخ الكبار، وعلا سنده، وبعد صيته، ثم توج حياته، وختمها بأفضل ما يكون، إذ جلس لتعليم كتاب الله تعالى، فكان ممن قال فيهم الهادي البشير صلى الله عليه وسلم «خيركم من تعلم القرآن وعلّمه» .

وظل رحمه الله تعالى على ذلك حتى وافاه الأجل المحتوم يوم الجمعة سابع جمادى الأولى سنة ثمان وستين وأربعمائة على الصحيح. رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب.

(1) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 40.

ص: 287

رقم الترجمة/ 74 «أبو عمرو الدّاني» (1) ت 444 هـ

هو: الإمام العلامة الحافظ شيخ الشيوخ، عثمان بن سعيد بن عثمان بن عمر أبو عمرو الأموي مولاهم القرطبي الداني بن الصيرفي. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ، ضمن علماء الطبقة الحادية عشرة من حفاظ القرآن.

كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات.

نشأ «أبو عمرو الدّاني» تحت رعاية والده رحمه الله تعالى في بلد العلم والمعرفة والدين «قرطبة» حاضرة الأندلس، وأعظم مدنها في ذلك الوقت، ومستقرّ خلافة الأمويين.

ولد الإمام الداني بقرطبة سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة من الهجرة. وقد نسب الإمام «أبو عمرو الدّاني» إلى «دانية» وهي مدينة عظيمة بالأندلس على ساحل البحر الرومي، لكونه سكنها آخر حياته وتوفي بها سنة 444 هـ.

وقد نشأ الإمام الداني وترعرع في «قرطبة» التي كانت مركزا للعلم والمعرفة حيث كانت عامرة بالعلماء الأجلاء في شتى أنواع العلوم والمعرفة ما بين مقرئ وقارئ، ومحدث، ومفسّر، وأديب، وواعظ، وخطيب.

وسط هذا الجوّ الذي يشعّ منه العلم ابتدأ الإمام الداني طلب العلم سنة ست

(1) انظر ترجمة الداني في المراجع الآتية:

تذكرة الحفاظ للذهبي ج 3، ص 1120. معرفة القراء الكبار للذهبي ج 1، ص 461.

طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 503. معجم البلدان لياقوت ج 2، ص 540. نفح الطيب ج 1، ص 429.

ص: 288

وثمانين وثلاثمائة، وهو ابن أربع عشرة سنة بعد أن حفظ القرآن الكريم وجوّده.

وقد انكبّ «الداني» على قراءة الكتب وملازمة الشيوخ، وقد تتلمذ «الداني» على خيرة علماء عصره، وفي مقدمتهم «والده» الذي أخذ عنه القراءات القرآنية.

ومن شيوخه الذين أخذ عنهم:

1 -

خلف بن إبراهيم بن محمد بن جعفر بن حمدان بن خاقان أبو القاسم الخاقاني الاستاذ الضابط في قراءة «ورش» . قرأ عليه «الداني» وعليه اعتمد في قراءة «ورش» وقال عنه: كان شيخي الخاقاني ضابطا لقراءة «ورش» ، متقنا لها مجوّدا، مشهورا بالفضل والنسك، واسع الرواية، صادق اللهجة.

2 -

وطاهر بن عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون «أبو الحسن» الحلبي نزيل مصر، وهو أستاذ عارف، ثقة، ضابط، وحجة محرّر، مؤلف كتاب «التذكرة في القراءات الثمان». قال عنه الداني: لم ير في وقته مثله في فهمه، وعلمه، وفضله وصدق لهجته.

3 -

وعبد العزيز بن جعفر بن محمد بن إسحاق بن محمد بن خواستي، بضم الخاء المعجمة، وسكون السين المهملة، الفارسي، مقرئ نحوي شيخ، صدوق، فاضل، ضابط قرأ عليه «الداني» القراءات، وقال عنه: كان شيخي «عبد العزيز» خيّرا، فاضلا ضابطا، صدوقا.

4 -

وفارس بن أحمد بن موسى بن عمران أبو الفتح الحمصي الضرير، نزيل مصر قال عنه الداني: لم ألق مثله في حفظه وضبطه، حسن الأداء، واسع الرواية، متنسكا، فاضلا، صادق اللهجة.

5 -

ومحمد بن عبد الله أبو الفرج النجاد، روى عنه الداني حروف

ص: 289

القراءات وكان من القراء الثقات.

وقد رحل الإمام الداني في سبيل طلب العلم إلى كثير من الأقطار فبعد أن حفظ القرآن، وتلقى القراءات على شيوخ بلده، وكان عمره حينئذ ستا وعشرين سنة قرر الرحلة إلى المشرق حيث ينابيع العلم الأصيلة التي كانت تجذب أنظار الأندلسيين نحو المشرق، وذلك للاستكثار من الروايات، ووجوه القراءات، فارتحل من «الأندلس» واتجه نحو «القيروان» في «تونس» ومكث بها أربعة أشهر، ولقي جماعة من العلماء، وكتب عنهم، منهم «أبو الحسن القابسي» .

ثم توجه نحو «مصر» ودخلها في اليوم الثاني من عيد الفطر سنة سبع وتسعين وثلاثمائة من الهجرة، ومكث بها حتى نهاية العام الثاني. وقد تلقى في «مصر» القراءات، والحديث، والفقه عن أئمة من المصريين والبغداديين، والشاميين منهم:«فارس بن أحمد، وطاهر بن غلبون» .

ثم توجه إلى مكة المكرمة سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة. وحج بيت الله الحرام، وقرأ القرآن، والحديث على «أبي العباس أحمد بن البخاري» وغيره.

ثم عاد إلى «مصر» ومكث بها شهرا، ثم ارتحل إلى المغرب ومكث بالقيروان أشهرا، ثم عاد إلى الأندلس.

تصدر الإمام الداني لتعليم القرآن الكريم، وعلومه، واشتهر بالثقة والضبط، وصحة الرواية، وسعة العلم، فأقبل عليه طلاب العلم من كل مكان، وتتلمذ عليه الجم الغفير منهم:

1 -

خلف بن إبراهيم أبو القاسم الطليطلي.

2 -

وخلف بن محمد بن خلف أبو القاسم الأنصاري.

3 -

ومحمد بن أحمد بن رزق بن الفصيح التجيبي الأندلسي.

ص: 290

4 -

ومحمد بن عيسى بن فرج أبو عبد الله التجيبي الطليطلي.

قال عنه الذهبي: كان أحد الحذّاق بالقراءات.

وقال عنه «ابن بشكوال» : كان عالما بوجوه القراءات، ضابطا لها، متقنا لمعانيها، إماما دينا، أخبرنا عنه غير واحد من شيوخنا ووصفوه بالتجويد، والمعرفة.

5 -

ومحمد بن يحيى بن مزاحم أبو عبد الله الأنصاري الخزرجي، الطليطلي مؤلف كتاب «المنهاج في القراءات» .

قال عنه «الذهبي» : كان غاية في العربية، وله رحلة إلى مصر لقي فيها «القضاعي» وطبقته.

وقد صنف «الإمام الداني» الكثير من كتب القراءات، وعلوم القرآن بلغت مائة وعشرين مصنفا في القراءات والرسم والتجويد، وقد أقبل العلماء على تحقيق مصنفات الداني وإظهارها إلى حيّز الوجود، فمن الكتب التي تمت طباعتها حتى الآن:

1 -

التيسير في القراءات السبع.

2 -

المقنع في رسم المصاحف.

3 -

الفرق بين الضاد والظاء.

4 -

المحكم في نقط المصاحف.

5 -

المكتفي في الوقف والابتداء.

توفي الداني «بدانية» سنة أربع وأربعين وأربعمائة من الهجرة، رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب.

ص: 291

رقم الترجمة/ 75 «عمر بن رسلان» (1) ت 805 هـ

هو: عمر بن رسلان بن نصير بن صلح بن شهاب، أبو حفص الكناني، البلقيني، ثم القاهري، الشافعي، وهو من خيرة العلماء العاملين، ومن القراء، والفقهاء، والمحدثين، واللغويين، والأصوليين، والمجتهدين.

ولد في ليلة الجمعة ثاني عشر شعبان سنة أربع وعشرين وسبعمائة، ببلقينة، من الغربية إحدى مدن مصر، وحفظ بها القرآن، وصلى به وهو ابن سبع سنين، وحفظ الشاطبية، والمحرّر، والكافية الشافية في النحو، والمختصر الأصلي، وأقدمه أبوه القاهرة وهو ابن اثنتي عشرة سنة، فعرض محافيظه على جماعة من العلماء مثل:«التقيّ السبكي، والجلال القزويني» وبهرهم بذكائه وكثرة محفوظاته وسرعة فهمه، ثم رجع به والده إلى بلدته.

ثم عاد به والده إلى القاهرة في سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة، وقد ناهز الاحتلام فاستوطن القاهرة، وحضر الدروس على خيرة العلماء: ومن شيوخه في الفقه: «التقيّ السبكي» .

وفي العربية، والصرف، والأدب، الأستاذ «أبو حيان» ، ولازم «البهاء ابن عقيل» ، وانتفع به كثيرا، وتزوج ابنته.

وسمع الحديث على مشاهير علماء الحديث وفي مقدمتهم: «ابن القمّاح، وابن غالي» وغيرهما.

(1) انظر ترجمته في:

الضوء اللامع ج 2، ص 85، ورقم الترجمة 286. البدر الطالع ج 1، ص 506 ورقم الترجمة 254.

ص: 292

وأجاز له الحافظان: «المزّي، والذهبي» وابن نباتة، وآخرون وحج مع والده سنة أربعين وسبعمائة، ثم بمفرده بعدها، وزار بيت المقدس.

وأذن له الأئمة بالافتاء، والتدريس، وعظمه أجلاء شيوخه، مثل «أبي حيان، والأصبهاني» .

وناب في الحكم عن صهره: «ابن عقيل» واستقرّ بعده في التدريس بجامع «عمرو بن العاص» بالقاهرة.

وكان يدرس التفسير بجامع «ابن طولون» . وولي إفتاء دار العدل رفيقا للبهاء السبكي، ثم قضاء الشام في سنة تسع وستين، عوضا عن «التاج السبكي» فباشره دون السنة.

ودخل «حلب» في سنة ثلاث وتسعين صحبة «الظاهر برقوق» واشتغل بها، وعيّن لقضاء مصر غير مرة، وشاع ذكره في الممالك قديما وحديثا، وعظمه الأكابر فمن دونهم.

احتلّ «عمرو بن رسلان» بعلمه مكانة سامية بين الجميع مما جعل العلماء يثنون عليه، ومما كتبه عنه «أبو حيان» قوله:«صار عمر بن رسلان إماما ينتفع به في الفنّ العربي مع ما منحه الله من علمه بالشريعة المحمدية بحيث نال في الفقه وأصوله الرتبة العليا، وتأهل للتدريس، والقضاء، والفتيا» (1).

وقال «البرهان الحلبي» : «رأيته رجلا فريد دهره، لم تر عيناي أحفظ منه للفقه، وأحاديث الأحكام، وقد حضرت دروسه مرارا وهو يقرئ في مختصر مسلم للقرطبي، ويقرئه عليه شخص مالكي، ويحضر عنده فقهاء المذاهب الأربعة، فيتكلم على الحديث الواحد من بكرة إلى قريب الظهر، وربما أذّن

(1) انظر الضوء اللامع ج 5، ص 86.

ص: 293

الظهر ولم يفرغ من الحديث» (1).

ويعقب العلامة الشوكاني على هذا الخبر بقوله: «وهذا تبحر عظيم، وتوسع باهر فإن استغراق هذا الوقت الطويل في الكلام على حديث واحد يتحصل منه كراريس، وقد كان وقع الاتفاق على أنه أحفظ أهل عصره، وأوسعهم معارف، وأكثرهم علوما، ومع هذا فكان يتعانى نظم الشعر فيأتي بما يستحي منه، بل قد لا يقيم وزنه، والكمال لله وحده» اه (2).

وقال «الشمس محمد بن عبد الرحمن العثماني» قاضي صفد في طبقاته:

«عمر بن رسلان، شيخ الوقت، وإمامه، وحجته، انتهت إليه مشيخة الفقه في وقته، وعلمه كالبحر الزاخر، ولسانه أفحم الأوائل والأواخر» اه (3).

وقال «الإمام الشوكاني» : أثنى عليه أكابر شيوخه، قال «ابن حجّي» كان احفظ الناس لمذهب الشافعي، واشتهر بذلك وشيوخه موجودون، قدم علينا دمشق قاضيا وهو كهل فبهر الناس بحفظه، وحسن عبارته، وجودة معرفته، وخضع له الشيوخ في ذلك الوقت، واعترفوا بفضله، ثم بعد ذلك رجع إلى القاهرة، وتصدر للفتيا، فكان معول الناس عليه في ذلك، وكثرت طلبته فنفعوا، وأفتوا، ودرّسوا، وصاروا شيوخ بلادهم، وهو حيّ، وله نظم وسط، وتصانيف كثيرة لم تتمّ. يبتدئ كتابا، فيصنف منه قطعة ثم يتركه، وقلمه لا يشبه لسانه» اه (4).

وقال «شمس الدين السخاوي» : وقال شيخنا في مشيخة البرهان: إنه استمرّ مقبلا على الاشتغال متفرغا للتدريس والفتوى إلى أن عمّر وتفرّد، ولم

(1) انظر البدر الطالع ج 1، ص 507.

(2)

انظر البدر الطالع ج 1، ص 507.

(3)

انظر الضوء اللامع ج 5، ص 56.

(4)

انظر البدر الطالع ج 1، ص 506.

ص: 294

يبق من يزاحمه، وكان كل من اجتمع به يخضع له لكثرة استحضاره، حتى يكاد يقطع بأنه يحفظ الفقه سردا من أول الأبواب إلى آخرها، لا يخفى عليه منه كبير أمر، وكان مع ذلك لا يحبّ أن يدرّس إلا بعد المطالعة. ثم يستطرد قائلا: واشتهر اسمه في الآفاق، وبعد صيته، إلى أن صار يضرب به المثل في العلم، ولا تركن النفس إلا إلى فتواه، وكان موفقا في الفتوى، يجلس لها من بعد صلاة العصر إلى الغروب، ويكتب عليها من رأس القلم غالبا، ولا يأنف إذا أشكل عليه شيء من مراجعة الكتب، ولا من تأخير الفتوى عنده إلى أن يحقق أمرها، وكان فيه من قوّة الحافظة وشدّة الذكاء ما لم يشاهد فيه مثله، وكان وقورا حليما، مهيبا سريع البادرة، سريع الرجوع، ذا همة عالية في مساعدة أصحابه، وأتباعه، وقد أفتى ودرس وهو شاب، وناظر الأكابر، وظهرت فضائله، وبهرت فوائده، وطار في الآفاق صيته، وانتهت إليه الرئاسة في الفقه، والمشاركة في غيره حتى كان لا يجتمع به أحد من العلماء إلا ويعترف بفضله، ووفور علمه، وحدّة ذهنه، وكان معظما عند الأكابر، عظيم السمعة عند العوام، إذا ذكر خضعت له الرقاب، حتى كان «الاسنوي» مع جلالة قدره يتوقّى الإفتاء مهابة له، وكانت آلة الاجتهاد فيه كاملة، وكان عظيم المروءة، جميل المودّة، كثير الاحتمال، مهيبا مع كثرة المباسطة لأصحابه، والشفقة عليهم، والتنويه بذكرهم» (1).

وقال «الصلاح الأقفهسي» : كان «عمر بن رسلان» أحفظ الناس لمذهب الشافعي، لا سيما لنصوصه، مع معرفة تامة بالتفسير، والحديث والأصول، والعربية، مع الذهن السليم، والذكاء الذي على كبر السنّ لا يتغيّر، يفزع إليه في حلّ المشكلات فيحلّها، ويقصد لكشف المعضلات فيكشفها ولا يملّها، ولولا أن نوع الإنسان مجبول على النسيان لكان معدوما فيه، فلم يكن في عصره في الحفظ وقلة النسيان من يماثله بل ولا يدانيه، ولي قضاء دمشق،

(1) انظر الضوء اللامع ج 5، ص 87 - 88.

ص: 295

وهي إذ ذاك غاصة بالفضلاء، فأقروا له بالتقدم في العلوم، ولم ينازعه واحد منهم في منطوق ولا مفهوم (1).

وقال «التقي الفاسي» : كان «عمر بن رسلان» واسع المعرفة بالفقه والحديث، وغيرهما، موصوفا بالاجتهاد.

وممن ترجمه «ابن خطيب الناصرية، وابن قاضي شهبة، والمقريزي» .

وحكى العلاء البخاري، فيما سمعه منه «العز السنباطي» قال: قدم علينا من أخذ عن «البلقيني» فسألناه عنه فقال: هو في الفقه وكذا في الحديث بحر، وفي التفسير أيضا على طريقة «البغوي» وسألناه عنه في العقليات فقال: يقرئ تفسير «البيضاوي» للمبتدئ، والمتوسط، ولا يخرج عن عهدته للمنتهي (2).

وحكى «البساطي» عن شيخه «قنبر» أنه قال: ما جلست بمصر للإقراء حتى درت على حلق مشايخها كلهم، حتى «الخولاني» فلم أر فيهم مثل «البلقيني» في الحفظ.

وقال «شمس الدين السخاوي» : وفي كلام «الوليّ العراقي» في أواخر شرحه لجمع الجوامع ما يشير لأن «عمر بن رسلان» مجتهد، أو كونه هو والتقيّ السبكي طبقة واحدة، وكان في صفاء الخاطر، وسلامة الصدر بمكان بحيث يحكى عنه ما يفوق الوصف، وقيامه في إزالة المنكر شهير، وردعه لمن يخوض فيما لا يليق مستفيض، وكان يقول: ما أحد يقرئ الفرائض إلا وهو تلميذي، أو تلميذ تلميذي وقد أخذ الناس عنه طبقة بعد طبقة، بل وأخذت عنه طبقة ثالثة.

ولم يزل «عمر بن رسلان» متفردا في جميع العلوم حفظا، وسردا لها حتى

(1) انظر الضوء اللامع ج 5، ص 88.

(2)

انظر الضوء اللامع ج 5، ص 88.

ص: 296

توفاه الله تعالى قبل عصر يوم الجمعة حادي عشر ذي القعدة سنة خمس وثمانمائة بالقاهرة، وصلى عليه ولده «الجلال» صبيحة الغد بجامع الحاكم، ودفن بمدرسته التي أنشأها بالقرب من منزله في حارة «بهاء الدين» عند ولده «البدر محمد» ورثاه جماعة، وأبدع مرثية فيه وهي تزيد على مائة بيت للشيخ «السخاوي» وأولها:

يا عين جودي لفقد البحر بالمطر

واذري الدموع ولا تبقي ولا تذري

رحم الله «عمر بن رسلان» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

ص: 297

رقم الترجمة/ 76 «أبو عمر الطلمنكي» (1) ت 429 هـ

هو: أحمد بن محمد بن عبد الله المعافري المالكي الطلمنكي من طلمنكة، بفتح الطاء واللام والميم وسكون النون، وفتح الكاف من ثغر الأندلس الشرقي، نزيل قرطبة.

ذكره «الذهبي» ت 748 هـ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن.

كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات.

ولد «الطلمنكي» سنة أربعين وثلاثمائة، ورحل إلى المشرق، فقرأ على:

«عليّ بن محمد الأنطاكي، وعمر بن عراك، وعبد المنعم بن غلبون، ومحمد بن علي الأدفوي، ومحمد بن الحسين بن النعمان» .

ثم رجع إلى الأندلس بعلم كثير وكان أول من أدخل القراءات إليها، حيث جلس لتعليم القرآن وحروف القراءات، وتتلمذ عليه الكثيرون، منهم:

«عبد الله بن سهل، ومحمد بن عيسى المغامي، ويحيى بن إبراهيم» . وروى عنه بالإجازة محمد بن أحمد بن عبد الله الخولاني، وهو آخر من روى عنه.

صنف «الطلمنكي» الكثير من الكتب منها: الدليل إلى معرفة الجليل مائة جزء، وكتاب تفسير القرآن، نحو مائة جزء أيضا، وكتاب الوصول إلى معرفة

(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:

جذوة المقتبس للحميدي ص 114 وفهرست ابن خير ص 259 - 288. الصلة لابن بشكوال ج 1، ص 44. بغية الملتمس للضبي ص 162. تذكرة الحفاظ للذهبي ج 3، ص 1098.

الديباج المذهب لابن فرحون ج 1، ص 178. طبقات المفسرين للداودي ج 1، ص 79.

القراء الكبار للذهبي ج 1، ص 385. طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 120. النجوم الزاهرة ج 5، 28.

ص: 298

الأصول، وكتاب البيان في إعراب القرآن، وغير ذلك كثير.

وقد أثنى عليه الكثيرون من العلماء، وفي هذا يقول «الذهبي»: كان رأسا في علوم القرآن: قراءاته، وإعرابه، وأحكامه، رأسا في معرفة الحديث وطرقه، حافظا للسنن، ذا عناية بالأثر والسنة، إماما بأصول الديانات ذا هدى وسمت ونسك وصمت» اه.

وقال «أبو القاسم بن بشكوال» : كان سيفا مجرّدا على أهل الأهواء والبدع، قامعا لهم، غيورا على الشريعة، شديدا في ذات الله.

ثم قصد بلده في آخر عمره، فتوفي بها في ذي الحجة سنة تسع وعشرين وأربعمائة.

رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب.

ص: 299

رقم الترجمة/ 77 «عمر بن عراك» (1) ت 388 هـ

هو: عمر بن محمد بن عراك بن محمد أبو حفص الحضرمي المصري الإمام أستاذ في قراءة ورش.

ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات.

أخذ «ابن عراك» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم:«حمدان بن عون، وعبد المجيد بن مسكين، وقسيم بن مطير، وأبو غانم المظفر بن أحمد، ومحمد بن جعفر العلاف» . وسمع الحروف من «أحمد بن محمد بن زكريا الصدفي، وأحمد بن إبراهيم بن جامع، والحسن بن أبي الحسن العسكري» .

تصدر «ابن عراك» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة وصحة الضبط، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ويتلقون القراءة وحروف القرآن.

ومن الذين قرءوا عنه: «تاج الأئمة أحمد بن علي بن هاشم، وفارس بن أحمد، وعتبة بن عبد الملك، والحسين بن إبراهيم الأنباري» .

وكان يقول: أنا كنت السبب في تأليف «أبي جعفر النحاس» كتاب «اللامات» (2) توفي ابن عراك بمصر سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة من الهجرة، رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

(1) انظر ترجمة فيما يلي:

معرفة القراء ج 1، ص 354. وطبقات القراء: ج 1 ص 597.

(2)

انظر طبقات القراء ج 1، ص 597.

ص: 300

رقم الترجمة/ 78 «عمر الكتّانيّ» (1) ت 390 هـ

هو: عمر بن إبراهيم بن أحمد بن كثير أبو حفص الكتاني البغدادي.

ذكره «الذهبي» ت 848 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة عن حفاظ القرآن كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات.

ولد «الكتاني» سنة ثلاثمائة من الهجرة. وأخذ القراءة وحروف القرآن عن خيرة العلماء، وفي هذا يقول «الإمام ابن الجزري»: سمع «الكتاني» حروف القرآن من إبراهيم بن عرفة نفطويه، وقرأ على الأشناني، ولم يختم عليه، وعرض القرآن على «علي بن سعيد القزاز، وبكار، وعمر بن جناد، ومحمد بن الحسن النقاش، وأحمد بن عثمان بن بويان، ومحمد بن علي الرقي، وزيد بن أبي بلال، وأحمد بن محمد بن هارون الورّاق» . وروى القراءة عن «عبيد الله ابن بكير» ، وسمع كتاب السبعة من «ابن مجاهد» اه (2).

وأخذ «الكتاني» حديث الهادي البشير صلى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء، وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي»: سمع «الكتاني» أبا القاسم البغوي، وأحمد بن إسحاق بن البهلول التنوخي، ويحيى بن محمد بن صاعد، وأبا سعيد العدوي، وأبا حامد محمد بن هارون الحضرمي، والفضل بن منصور الزبيدي، وإبراهيم ابن عبد الصمد الهاشمي، وأبا بكر النيسابوري، وأبا بكر بن مجاهد، وغيرهم.

(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:

معرفة القراء: ج 1، ص 356. وطبقات القراء، ج 1، ص 470. وتاريخ بغداد ج 11، ص 269. والعبر ج 3، ص 46. وشذرات الذهب ج 3، ص 134.

(2)

انظر طبقات القراء ج 1، ص 587.

ص: 301

كما حدثنا عنه «الأزهري، وعبد العزيز الأزجي، والتنوخي، وأبو الفضل ابن الكوفي.

ثم يقول «الخطيب البغدادي» : وكان ثقة ينزل ناحية نهر الدجاج، وذكره «محمد بن أبي الفوارس» فقال:«كان لا بأس به» (1).

تصدر «الكتاني» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة وصحة القراءة، وتتلمذ عليه الكثيرون، ومن الذين أخذوا عنه القراءة: عيسى بن سعيد الأندلسي، وأبو نصر أحمد بن محمد بن إسحاق المقري، ومحمد بن جعفر الخزاعي، وأحمد ابن الفتح، والحسن بن الفحّام. وسمع منه كتاب السبعة عبد الله بن هزار مرد الصريفيني، وأحمد بن محمد بن يوسف، وعلي بن القاسم بن إبراهيم شيخ أبي عليّ الحدّاد، وقرأ عليه الحسن بن عليّ العطّار، والحسن بن أبي الفضل الشرمقاني، وعبيد الله بن أحمد بن علي الكوفي، وكان الكتاني يقرئ بمسجده ببغداد (2).

توفي «الكتاني» في رجب سنة تسعين وثلاثمائة، وله تسعون سنة رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

(1) انظر تاريخ بغداد ج 11، ص 269.

(2)

انظر طبقات القراء ج 1، ص 587.

ص: 302

رقم الترجمة/ 79 «فارس بن أحمد» (1) ت 401 هـ

هو: فارس بن أحمد بن موسى بن عمران أبو الفتح الحمصي الضرير، نزيل مصر، الأستاذ الكبير، مؤلف كتاب المنشآت في القراءات الثمان، وأحد الحذّاق بفن القراءات.

ذكره «الذهبي» ت 748 هـ في مقدمة علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات.

ولد «فارس بن أحمد» بحمص سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة ثم رحل إلى القاهرة واستوطنها إلى أن توفاه الله.

أخذ «فارس بن أحمد» القراءة القرآنية عن عدد من العلماء، وفي مقدمتهم:«عبد الباقي بن الحسن، وعبد الله بن الحسين، وعليّ بن عبد الله الجلّاء، ومحمد بن الحسن، وأبو طاهر الأنطاكي، ومحمد بن صبغون الملطي، وعبد الله بن محمد الرازي، ومحمد بن علي، وأبو الفرج الشنبوذي، وأبو عدي عبد العزيز بن علي» .

وروى حروف القراءات عن: «أحمد بن محمد بن جابر، وجعفر بن أحمد البزّاز، وجعفر بن محمد بن الفضل» .

وبعد أن اكتملت مواهب «فارس بن أحمد» جلس لتعليم القرآن وحروف القراءات واشتهر بالثقة وصحة القراءة، والإتقان، وأقبل عليه حفاظ القرآن،

(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:

القراء الكبار ج 1، ص 379. طبقات القراء ج 2، ص 5. حسن المحاضرة ج 1، ص 492.

نهاية الغاية الورقة 187. تاريخ الإسلام الورقة 12 [آيا صوفيا 3009].

ص: 303

يأخذون عنه، ويتعلمون منه، وتتلمذ عليه الكثيرون، وفي مقدمة من قرأ عليه: ولده عبد الباقي، والحافظ أبو عمرو الداني الإمام المشهور.

احتلّ «فارس بن أحمد» مكانة سامية ومنزلة رفيعة، مما استوجب الثناء عليه. في هذا المعنى يقول تلميذه «أبو عمرو الداني»: لم ألق مثله في حفظه، وضبطه، كان حافظا، ضابطا، حسن التأدية، فهما بعلم صناعته، واتساع روايته مع ظهور نسكه وفضله، وصدق لهجته».

توفي «فارس بن أحمد» بمصر سنة إحدى وأربعمائة من الهجرة، وله ثمان وستون سنة.

رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

ص: 304

رقم الترجمة/ 80 «أبو الفتح بن شيطا» (1) ت 450 هـ

هو: عبد الواحد بن الحسن بن أحمد بن عثمان بن شيطا: بكسر الشين، أبو الفتح البغدادي، وهو أستاذ كبير ومن الثقات، ومؤلف كتاب:«التذكار في القراءات العشر» .

ذكره «الذهبي» ت 748 هـ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن.

كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات.

ولد «ابن شيطا» سنة سبعين وثلاثمائة. أخذ «ابن شيطا» القراءات عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «عليّ بن محمد بن يوسف بن يعقوب بن عليّ أبو الحسن بن العلاف البغدادي» ، وهو أستاذ مشهور ثقة، ضابط، ولد سنة عشر وثلاثمائة، وتوفي سنة ست وتسعين وثلاثمائة.

أخذ «ابن العلّاف» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم:«أبو بكر النقاش، وأبو طاهر بن أبي هاشم، وأبو علي الحسن النقّار، وزيد بن أبي بلال، ومحمد بن عبد الله المؤدّب، وهبة الله بن جعفر، ومحمد بن عليّ بن الهيثم، وعبد العزيز بن محمد بن الواثق بالله، ومحمد بن أحمد السلمي» .

جلس «ابن العلاف» لتعليم القرآن، وفي مقدمة من قرأ عليه: «أبو الفتح ابن شيطا، والحسن بن محمد البغدادي، وأحمد بن محمد القنطري، وعبد الله بن محمد الذارع، وعثمان بن علي الدّلّال، وأبو علي الشرمقاني، والحسن بن عليّ العطار،

(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:

تاريخ بغداد ج 11، ص 16. ورقم الترجمة 5683. إنباه الرواة ج 2، ص 213 ورقم الترجمة 353. معرفة القراء الكبار ج 1، ص 415. ورقم الترجمة 353. طبقات القراء ج 1، ص 473. ورقم الترجمة 1978. نزهة الألباء ص 259. شذرات الذهب ج 3، ص 285.

ص: 305

وأحمد بن رضوان الصيدلاني، وأحمد بن محمد بن أحمد الحدّادي، وأحمد بن محمد بن يوسف الأصبهاني، وعليّ بن محمد بن فارس الخياط».

ومن شيوخ «ابن شيطا» : «علي بن أحمد بن عمر بن حفص بن عبد الله أبو الحسن الحمامي» ، شيخ العراق، وهو من الأئمة الثقات، ومن القراء المسندين، ولد سنة ثمان

وعشرين وثلاثمائة، وتوفي سنة سبع عشرة وأربعمائة.

وهو في سن التسعين.

أخذ «أبو الحسن الحمامي» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم:«أبو بكر النقاش، وأبو عيسى بكّار، وزيد بن عليّ، وهبة الله بن جعفر، وعبد الواحد بن عمر، وعليّ بن محمد بن جعفر القلانسي، ومحمد بن علي بن الهيثم، وعبد العزيز بن محمد الواثق بالله، وأحمد بن محمد بن هارون الورّاق، وعبد الله ابن الحسن بن سليمان النخّاس، وأحمد بن عبد الرحمن الوليّ، وأبو بكر بن مقسم، وإسماعيل بن شعيب النهاوندي» .

جلس «أبو الحسن الحمامي» لتعليم القرآن، وفي مقدمة من قرأ عليه:«أبو الفتح بن شيطا» وأحمد بن الحسن بن اللحياني، وأحمد بن مسرور، وأحمد بن علي الهاشمي، والحسن بن البنّاء، والحسن بن أبي الفضل الشرمقاني، والحسن ابن عليّ العطّار، والحسن بن محمد المالكي، والحسين بن أحمد الصفّار» وغير هؤلاء.

ومن شيوخ «أبي الفتح بن شيطا» : أحمد بن عبد الله بن الخضر بن مسرور، أبو الحسن السوسنجردي»، وهي نسبة إلى قرية بنواحي بغداد يقال لها:«سوسنجرد» . وهو من القراء المشهورين، ومن الثقات، ولد سنة خمس وعشرين وثلاثمائة، وتوفي سنة اثنتين وأربعمائة عن ثمانين سنة ونيف.

أخذ «السوسنجردي» القراءة عن عدد من العلماء، وفي مقدمتهم: زيد بن أبي بلال، وعبد الواحد بن أبي هاشم، وعلي بن محمد بن جعفر بن خليع،

ص: 306

ومحمد بن خليع، ومحمد بن عبد الله بن أبي مرّة الطوسي، وبكار بن أحمد.

تصدر «أحمد السوسنجردي» لتعليم القرآن، ومن الذين قرءوا عليه:«أبو الفتح بن شيطا» وأبو علي غلام الهراس، وأبو بكر محمد بن عليّ الخياط، وأبو علي الحسن بن علي بن إبراهيم المالكي، ونصر بن عبد العزيز الفارسي، والحسن بن علي العطار، وعبد الملك بن شابور.

ومن شيوخ «أبي الفتح بن شيطا» : عبد السلام بن الحسين بن محمد بن طيفور أبو أحمد البصري ثم البغدادي، وهو شيخ عارف ثقة، قرأ على:

الحسين بن إبراهيم الصائغ، وعليّ بن محمد بن خشنام، وعلي بن محمد بن صالح الهاشمي، وعلي بن أبي رجاء، وأبي العباس الكيّال.

تصدّر «ابن طيفور» لتعليم القرآن، وفي مقدمة من قرأ عليه:«أبو الفتح ابن شيطا، وأبو علي الشرمقاني، والحسن بن عليّ العطّار، والحسن بن محمد بن إبراهيم المالكي، وأبو الحسن الخياط، ونصر بن عبد العزيز الشيرازي، وعبد الملك بن شابور» .

وأخذ «أبو الفتح بن شيطا» حديث الهادي البشير صلى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء، وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي»:

سمع «أبو الفتح بن شيطا» : أبا بكر بن إسماعيل الورّاق، وأبا محمد بن معروف القاضي، وعيسى بن عليّ بن عيسى، وإسماعيل بن سعد بن سويد، ومحمد بن عمرو بن بهتة، كتبنا عنه، وكان ثقة عالما بوجوه القراءات، بصيرا بالعربية، حافظا لمذاهب القراء، وسألته عن مولده فقال: ولدت يوم الاثنين السادس عشر من رجب سنة سبعين وثلاثمائة. اه (1).

وقال عنه «الإمام ابن الجزري» : «ابن شيطا، أبو الفتح البغدادي،

(1) انظر تاريخ بغداد ج 11، ص 17.

ص: 307

الأستاذ الكبير الكامل ثقة رضيّ» (1).

تصدر «أبو الفتح بن شيطا» لتعليم القرآن، ومن الذين قرءوا عليه الاستاذ أبو طاهر بن سوار، وأبو الفضل محمد بن محمد بن الصباغ، وروى عنه حروف القراءات من كتابه «التذكار»:«الحسن بن محمد الباقرجي» .

توفي «أبو الفتح بن شيطا» سنة خمسين وأربعمائة هـ. رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.

(1) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 473.

ص: 308

رقم الترجمة/ 81 «ابن الفحّام السّامري» (1) ت 408 هـ

هو: الحسن بن محمد بن يحيى بن داود أبو محمد الفحام المقرئ الفقيه البغدادي السامري شيخ مصدر بارع.

ذكره «الذهبي» ت 748 هـ، ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن.

كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات.

أخذ «ابن الفحام» القراءة القرآنية على خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «أبو بكر النقاش، وابن مقسم، ومحمد بن أحمد بن الخليل، وبكار بن أحمد، وجعفر بن عبد الله السامري، وسلامة بن الحسن الموصلي، وزيد بن أبي بلال وعليّ بن إبراهيم بن خشنام المالكي، وعمر بن أحمد الحبّال، وعبد الله بن محمد الوكيل، وأبو الطيب الدلاء، وجعفر بن محمد بن غيالي، ويوسف بن علان» .

كما أخذ «ابن الفحام» حديث الهادي البشير صلى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء وفي مقدمتهم: أحمد بن علي بن يحيى بن حسان السامري، وإسماعيل بن محمد

الصفار، ومحمد بن عمرو الرزاز، ومحمد بن الفرحان الدوري.

تصدّر «ابن الفحام» لتعليم القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام واشتهر بالثقة وطال عمره، وأقبل عليه الطلاب، وتتلمذ عليه الكثيرون وفي مقدمتهم:«نصر بن عبد العزيز الفارسي، وأبو علي غلام الهراس، والحسن ابن علي العطار، وعلي بن محمد بن فارس الخياط، وأبو علي البغدادي، وعبد الملك بن شابور» وآخرون.

(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:

تاريخ بغداد ج 7، ص 424. القراء الكبار ج 1، ص 332. طبقات القراء ج 1، ص 232.

ص: 309

قال «الخطيب البغدادي» : كان «ابن الفحام» ثقة على مذهب الإمام الشافعي وقد حدثني عنه: «أبو سعد السمان الرازي، ومحمد بن محمد بن عبد العزيز العكبري» ، وغيرهما.

قال «ابن الجزري» : «ليس هو بصاحب الآيات المنزلة في أهل البيت كما قيل» .

توفي «ابن الفحام» ببغداد سنة ثمان وأربعمائة من الهجرة. رحم الله «ابن الفحام» رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.

ص: 310

رقم الترجمة/ 82 «ابن الفحّام» (1) ت 516 هـ

هو: عبد الرحمن بن عتيق بن خلف أبو القاسم الفحام الصقلي. ولد «ابن الفحام» سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة من الهجرة. وقيل: سنة خمس وعشرين وأربعمائة.

وبعد أن حفظ «ابن الفحّام» القرآن الكريم رحل من جزيرة صقلية مسقط رأسه إلى «مصر» في سبيل طلب العلم والقراءات.

وقد أخذ القراءات عن عدد من خيرة العلماء منهم:

1 -

أحمد بن سعيد بن أحمد بن نفيس المصري المقرئ. وكان «ابن نفيس» إماما ثقة، صحيح الرواية، انتهى إليه علوّ الإسناد وعمّر حتى قارب المائة، وكان حجة في القراءات.

2 -

وعبد الباقي بن فارس بن أحمد أبو الحسن الحمصي ثم المصري.

3 -

نصر بن عبد العزيز بن أحمد بن نوح الفارسي الشيرازي مقرئ الديار المصرية ومن علماء القراءات المحققين، وله كتاب «الجامع في القراءات العشر» .

قال «أبو القاسم بن الفحّام» : قال لنا أبو الحسن نصر الفارسي إنه قرأ

(1) انظر ترجمة ابن الفحام في المراجع الآتية:

معرفة القراء الكبار ج 1، ص 472. غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 374. إنباه الرواة ج 2، ص 164. العبر في خبر من غبر ج 2، ص 407. النجوم الزاهرة ج 5، ص 225.

معجم المؤلفين ج 5، ص 153. مرآة الجنان ج 3، ص 213. عيون التواريخ ج 12، ص 140.

شذرات الذهب ج 4، ص 49. حسن المحاضرة ج 1، 495.

ص: 311

بالطرق والروايات، والمذاهب المذكورة في كتاب «الروضة» لأبي علي المالكي البغدادي، على شيوخ «أبي عليّ» المذكورين في «الروضة» كلهم القرآن كله وأن «أبا علي» كان كلما قرأ جزءا من القرآن قرأت مثله.

وكلما ختم ختمة ختمت مثلها حتى انتهيت إلى ما انتهى إليه من ذلك.

4 -

وإبراهيم بن سليمان بن غالب أبو إسحاق المصري المعروف بابن الخياط المالكي، وهو شيخ مقرئ مشهور وعدل. روى كتاب «الروضة» سماعا وتلاوة عن مؤلفه «أبي علي الحسن بن محمد البغدادي» وقرأ على إسماعيل بن عمرو بن راشد.

كما أخذ «ابن الفحّام» «النحو» عن خيرة علماء اللغة، وفي مقدمتهم «أبو الحسن طاهر بن أحمد بن بابشاذ بن داود بن سليمان بن إبراهيم النحوي الجوهري المصري» .

وطاهر هذا من العلماء المشهورين بالمصنفات النافعة المفيدة ومن تصانيفه «المقدمة في النحو» وشرحها، وشرح الجمل للزجاج وكان يتولى تحرير الكتب الصادرة من ديوان الإنشاء بالديار المصرية إلى الأطراف ليصلح ما لعلّه يجد بها من لحن خفيّ.

وابن الفحام هو الذي طلب من «ابن بابشاذ» أن يشرح له مقدمته في النحو فأملى عليه شرحها.

تصدر «ابن الفحّام» لتعليم القرآن وحروفه، واشتهر بالثقة وجودة القراءة وصحة الضبط والاتقان، وأقبل عليه طلاب العلم، وحفاظ القرآن يأخذون عنه فتتلمذ عليه الكثيرون. ومن تلاميذه:

1 -

أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم الحافظ، أبو طاهر السّلفي وله علوّ في إسناد الحديث والقراءات مع الثقة والعلم.

ص: 312

2 -

وأحمد بن عبد الله بن أحمد بن هشام بن الحطية، أبو العباس اللخمي الفارسي ثم المصري وهو إمام صالح عارف بالقراءات وصحة الضبط. عيّن لقضاء «مصر» سنة

ثلاث وثلاثين وخمسمائة.

3 -

ومحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن الطفيل، أبو الحسن العبدي الإشبيلي.

وقد عني بالقراءات، واشتهر بالصدق والاتقان ونظم أرجوزة في القراءات.

4 -

ويحيى بن سعدون بن تمام ضياء الدين أبو بكر الأزدي القرطبي إمام عارف، علامة.

ولد بقرطبة سنة ست وثمانين وأربعمائة من الهجرة، وقرأ بها القراءات، ثم رحل إلى الإسكندرية فقرأ على «ابن الفحّام» ونزل بالموصل. قال عنه «الذهبي» كان «ابن سعدون» ثقة محققا، واسع العلم ذا دين ونسك وورع ووقار.

5 -

وعبد الرحمن بن خلف الله بن محمد بن عطية أبو القاسم القرشيّ، الإسكندري، المالكي، المؤدب.

وكان ثقة، وشيخا صالحا، أقرأ الناس مدة على صدق واستقامة.

لقد احتلّ «ابن الفحّام» مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه، وفي هذا يقول «أبو الربيع سليمان بن عبد العزيز المقرئ الأندلسي»: ما رأيت أعلم بالقراءات، ووجوهها من «ابن الفحّام» وإنه ليحفظ القراءات كما نحفظ نحن القرآن. اه (1).

(1) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 374.

ص: 313

وقال «الذهبي» : كان «ابن الفحّام» من الثقات، وثّقه «أبو طاهر أحمد ابن محمد السلفي، وعليّ بن المفضل. اه (1).

وقال «القفطي» : كان «ابن الفحّام» حافظا للقراءات، صدوقا، متقنا، عالما. اه (2).

وقال «السيوطي» : انتهت إلى «ابن الفحّام» رئاسة الإقراء بالاسكندرية علوّا ومعرفة. اه (3).

وقال «جمال الدين» : قصد الناس «ابن الفحّام» من شتى النواحي لعلوّ إسناده، وإتقانه. اه (4).

وبالجملة، فقد كان «ابن الفحّام» إماما محققا، ثقة، متقنا، وقد وهب حياته لخدمة القراءات القرآنية تعلّما وتعليما، وصنف كتابه المشهور في القراءات «التجريد لبغية المريد» .

توفي «ابن الفحّام» في ذي القعدة سنة ست عشرة وخمسمائة من الهجرة وقد جاوز التسعين.

رحم الله «ابن الفحّام» رحمة واسعة إنه سميع مجيب.

(1) انظر معرفة القراء الكبار للذهبي ج 1، ص 472.

(2)

إنباه الرواة للقفطي ج 2، ص 164.

(3)

انظر حسن المحاضرة ج 1، ص 495.

(4)

انظر النجوم الزاهرة ج 5، ص 225.

ص: 314

رقم الترجمة/ 83 «أبو الفرج النجاد» (1) ت 429 هـ

هو: محمد بن يوسف بن محمد أبو الفرج الأموي الأندلسي القرطبي، يعرف بالنجاد، وهو خال الإمام الحافظ «أبي عمرو بن العلاء» .

ذكره «الذهبي» ت 748 هـ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن.

كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات.

ولد «أبو الفرج النجاد» ، ببلدة «يسير» بعد سنة خمسين وثلاثمائة من الهجرة.

أخذ «أبو الفرج النجاد» القراءة عن خيرة العلماء، وفي هذا يقول الحجة «أبو عمرو الداني»: أخذ «أبو الفرج النجاد» القراءة عرضا عن: أبي أحمد السامري، وأبي الحسن عليّ بن بشر الأنطاكي وغيرهما من أهل الضبط والإتقان، والمعرفة بما يقرأ ويقرئ، وكان معه نصيب وافر من علم العربية، وعلم الفرائض والحساب. اه.

تصدر «أبو الفرج النجاد» لتعليم القرآن الكريم، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»: أقرأ الناس بقرطبة في مسجده من بعد سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة، ثم نزح في الفتنة وسكن «الثغر» وأقرأ الناس به دهرا ثم ردّ إلى قرطبة وبها توفي في صدر ذي القعدة سنة تسع وعشرين وأربعمائة. اه.

رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:

معرفة القراء الكبار: ج 1، ص 388 ورقم الترجمة 325. وغاية النهاية: ج 2، ص 287.

ص: 315

رقم الترجمة/ 84 «أبو الفضل الخزاعي» (1) ت 408 هـ

هو: محمد بن جعفر بن عبد الكريم بن بديل أبو الفضل الخزاعي الجرجاني، مؤلف كتاب «المنتهى في الخمسة عشر» ، يشتمل على مائتين وخمسين رواية، وكتاب «تهذيب الأداء في السبع» .

ذكره «الذهبي» ت 748 هـ، في مقدمة علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن، كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات.

أخذ «أبو الفضل الخزاعي» القراءة القرآنية عن عدد من العلماء وفي مقدمتهم: «الحسن بن سعيد المطوعي، وأبو علي بن حبش، وأحمد بن محمد ابن الشارب، وأبو أحمد الساوي، ومحمد بن الحسن الأدمي، وأبو القاسم منصور بن محمد الوراق، وعقيل بن علي البصري، وأبو جعفر عمر بن إبراهيم ابن أحمد الكتاني، والحسن بن الحسين الصواف، وعلي بن أحمد بن عبد الله بن حميد، وعمر بن علي الطبري، ومحمد بن أحمد بن علّان، وإبراهيم بن أحمد المروزي، وعمر بن البغدادي، ومحمد بن غريب، وجعفر بن علي بن موسى الضرير، ومحمد بن خليل الأخفش، ومحمد بن عبيد بن الخليل، وأحمد بن محمد ابن عيسى، وأحمد بن محمد بن الفتح، وعبد الله بن يعقوب، ومحمد بن عيسى المؤدب، وأحمد بن القاسم بن يوسف، وإبراهيم بن أحمد اللبناني، وأحمد بن عبد الرحمن الأنطاكي، ومحمد بن عبد الجبار، ويوسف بن محمد الضرير، وحمد ابن عبد الواسع، وعثمان بن أحمد بن سمعان، ومحمد بن يحيى الملاح، وإبراهيم

(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:

القراء الكبار ج 1، ص 380. طبقات القراء ج 2، ص 109. الوافي بالوفيات ج 2، ص 305.

مرآة الجنان ج 3، ص 22. شذرات الذهب ج 3، ص 187. نهاية الغاية الورقة 228. تاريخ الإسلام الورقة 82 [أياصوفيا 3009].

ص: 316

ابن أحمد الطبري، ومحمد بن الحسين الجعفي، وطلحة بن محمد بن جعفر، وأحمد بن جعفر الخلال، والحسن بن بشر الأزدي، وعلي بن القاسم، وأحمد ابن نصر الشذائي، وأبو الطيب الحضيني، وأبو القاسم النخاس، وأبو الحسن ابن خشنام، وعلي بن محمد الهاشمي».

مما تقدم يتبين بجلاء ووضوح علوّ إسناد «أبي الفضل الخزاعي» ، ويظهر بجلاء أيضا كثرة أساتذته الذين أخذ عنهم القراءات.

وبعد أن اكتملت مواهب «أبي الفضل الخزاعي» تصدّر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، والتصنيف، واشتهر بالثقة، وحسن الأداء، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه. ومن الذين أخذوا عنه القراءة:«أبو العلاء الواسطي، وأحمد بن الفضل الباطرقاني، وعبد الله بن شبيب الأصبهاني، وأبو بكر أحمد ابن محمد بن إبراهيم المروزي» وآخرون.

توفي «أبو الفضل الخزاعي» سنة ثمان وأربعمائة من الهجرة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

ص: 317

رقم الترجمة/ 85 «أبو الفضل الرّازي» (1) ت 454 هـ

هو: عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن بن بندار أبو الفضل الرازي، الإمام المقرئ شيخ الإسلام، في عصره، مؤلف كتاب «جامع الوقوف» وغيره، الرحّالة، وكان يقول: أول سفري في الطلب كنت ابن ثلاث عشرة سنة، وكان طوافه في البلاد من أجل العلم إحدى وسبعين سنة.

ورد أن مولده «بمكة المكرمة» سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة وما زال ينتقل في البلدان حتى توفاه الله تعالى.

ذكره «أبو سعيد السمعاني» فقال: كان مقرئا، فاضلا، كثير التصانيف حسن السيرة، زاهدا متعبدا، خشن العيش، قانعا باليسير، يقرئ أكثر أوقاته، ويروي الحديث وكان يسافر وحده ويدخل البراري. وقال «عبد الغافر الفارسي» في تاريخه:«كان «أبو الفضل الرّازي» ثقة جوّالا، إماما في القراءات، أوحد في طريقته، وكان الشيوخ يعظمونه، وكان لا ينزل الخوانق بل يأوي إلى مسجد خراب، فإذا عرف مكانه تركه، وإذا فتح عليه بشيء آثر به.

وقال «يحيى بن منده» في تاريخه: قرأ على «أبي الفضل الرازي» جماعة، وخرج من أصبهان إلى كرمان، وحدث بها، وبها مات، وهو ثقة، ورع متديّن، عارف بالقراءات والروايات، عالم بالأدب والنحو، أكبر من أن يدلّ

(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:

معرفة القراء الكبار رقم الترجمة 356 ج 1، ص 417. غاية النهاية في طبقات القراء ورقم الترجمة 1549 ج 1، ص 361. العبر في خبر من غبر ج 3، ص 232. النجوم الزاهرة ج 5، ص 71. بغية الوعاة ج 2، ص 75. شذرات الذهب ج 3، ص 293.

ص: 318

عليه مثلي، وهو أشهر من الشمس، وأضوأ من القمر، ذو فنون في العلم مهيب، منظور، فصيح، حسن الطريقة، كبير الوزن (1).

وقال «الحافظ الذهبي» : قرأت على «إسحاق بن أبي بكر الأسدي» ، أخبرنا، يوسف بن خليل، أخبرنا خليل بن أبي رجاء، أخبرنا محمد بن عبد الواحد الدقّاق، قال:

«ورد علينا الإمام أبو الفضل عبد الواحد بن أحمد الرازي، وكان من الأئمة الثقات، ذكره يملأ الفم، ويذرف العين، وكان رجلا مهيبا، مديد القامة، وليّا من أولياء الله تعالى، صاحب كرامات، طوّف الدنيا مستفيدا ومفيدا» (2).

أخذ «أبو الفضل الرّازي» القراءات عن عدد من خيرة العلماء، وفي مقدمتهم:«علي بن أحمد بن عمر بن حفص بن عبد الله أبو الحسن الحماميّ» ، شيخ العراق، ومسند الآفاق،

ثقة بارع، قال عنه «الخطيب البغدادي»:

«كان صدوقا ديّنا، فاضلا، تفرّد بأسانيد القرآن وعلوّها» (3).

ولد سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، وأخذ القراءات عرضا عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم:«أبو بكر النقاش» وغيره، وتصدّر لتعليم القرآن ومن الذين قرءوا عليه:«أحمد بن الحسن اللحياني» وغيره.

توفي «أبو الحسن الحمامي» في شعبان سنة سبع عشرة وأربعمائة وهو في التسعين من عمره.

ومن شيوخ «أبي الفضل الرازي» في القراءة: «عبد الملك بن بكران بن

(1) انظر معرفة القراء الكبار ج 1، ص 418.

(2)

انظر معرفة القراء الكبار ج 1، ص 419.

(3)

انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 522.

ص: 319

عبد الله بن العلاء أبو الفرج النهرواني» وهو مقرئ استاذ حاذق ثقة، ألّف في القراءة كتبا، وعمّر دهرا، واشتهر ذكره.

أخذ القراءات عرضا عن عدد من العلماء، وفي مقدمتهم:«زيد بن علي ابن أبي بلال، وأبي بكر النقاش» .

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن، وذاع صيته بين الناس وأقبل عليه الطلاب، ومن الذين قرءوا عليه:«الحسن بن محمد البغدادي، ونصر بن عبد العزيز الفارسي» .

توفي «أبو الفرج النهرواني» في رمضان سنة أربع وأربعمائة.

ومن شيوخ «أبي الفضل الرازي» في القراءة: «بكر بن شاذان بن عبد الله أبو القاسم البغدادي الحربي» ، الواعظ، وهو شيخ ماهر ثقة، مشهور بالتقوى والصلاح.

أخذ «بكر بن شاذان» القراءة على خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «زيد بن أبي بلال، وأبو بكر محمد بن عليّ بن الهيثم بن علوان» ثم جلس لتعليم القرآن، وأقبل عليه حفاظ القرآن، ومن الذين أخذوا عنه القراءة «أبو عليّ الحسن بن أبي الفضل الشرمقاني، وأبو الفضل بن عبد الرحمن الرازي» . توفي «بكر بن شاذان» يوم السبت التاسع من شوال سنة خمس وأربعمائة.

ومن شيوخ «أبي الفضل الرازي» : «عبيد الله بن محمد بن أحمد بن مهران أبو أحمد الفرضي البغدادي» ، وهو إمام كبير ثقة، ورع.

قال عنه «الخطيب البغدادي» : كان «أبو أحمد» ثقة، ورعا، دينا، حدثنا «منصور بن عمر» الفقيه، قال: لم أر في الشيوخ مثل «أبي أحمد» اجتمعت فيه أدوات الرئاسة من علم وقراءة، وإسناد، وحالة متسعة في الدنيا، وكان مع

ص: 320

ذلك أورع الخلق، وكان يقرأ علينا الحديث بنفسه، لم أر مثله (1).

وقال عنه «عيسى بن أحمد الهمذاني» : كان أبو أحمد الفرضي إذا جاء إلى الشيخ «أبي حامد الأسفراييني» قام «أبو حامد» من مجلسه ومشى إلى باب مسجده حافيا متلقيا (2).

توفي «أبو أحمد الفرضي» في شوال سنة ست وأربعمائة وله اثنتان وثمانون سنة.

ومن شيوخ «أبي الفضل الرازي» : «علي بن داود بن عبد الله أبو الحسن الداراني» وهو إمام ضابط متقن محرّر مقرئ ثقة زاهد، انتهت إليه الرئاسة في قراءة الشاميين، أخذ القراءة عن عدد من العلماء الأجلاء، وفي مقدمتهم:

«أبو الحسن بن الأخرم» وهو آخر أصحابه.

ثم جلس لتعليم القرآن، واشتهر بالضبط، وجودة القراءة، وأقبل عليه حفاظ القرآن، ومن الذين اخذوا عنه القراءة:«عليّ بن الحسن الرّبعي، وأحمد ابن محمد القنطري» .

ومن شيوخ «أبي الفضل الرازي» : «أحمد بن علي أبو نصر السمناني» ، وهو مقرئ مشهور ثقة متصدر «بالريّ». روى القراءة عرضا عن «أحمد بن عباس ابن الإمام» وروى القراءة عنه عدد كبير وفي مقدمتهم:«أبو الفضل الرّازي» .

وكما أخذ «أبو الفضل الرّازي» القراءة عن خيرة العلماء ومشاهيرهم، أخذ أيضا حديث الهادي البشير صلى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء الأجلاء، وفي مقدمتهم:

«أبو مسلم الكاتب، وعبد الوهاب الكلابي» .

(1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 491.

(2)

انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 491.

ص: 321

وبعد أن اكتملت شخصية «أبي الفضل الرازي» وبرزت مواهبه تصدر لتعليم القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام، وذاع صيته بين الناس، واشتهر بالثقة والضبط،

وأقبل عليه طلاب العلم من كل مكان يأخذون عنه، وكثر تلاميذه، ومن الذين أخذوا عنه القراءة:«يوسف بن عليّ بن جبارة أبو القاسم الهذلي اليشكري» ، الأستاذ الكبير والعلم الشهير الرحّال الجوّال.

ولد في حدود التسعين وثلاثمائة، وطاف البلاد في طلب القراءات قال «الإمام ابن الجزري»: لا أعلم أحدا في هذه الأمة رحل في القراءات رحلته، ولقي من لقي من الشيوخ، قال في كتابه «الكامل»: فجملة من لقيت في هذا العلم ثلاثمائة وخمسة وستون شيخا، من آخر المغرب إلى باب فرغانة يمينا وشمالا، وجبلا، وبحرا، ولو علمت أحدا تقدم عليّ في هذه الطبقة في جميع بلاد الإسلام لقصدته، قال: وألفت هذا الكتاب- أي الكامل- فجعلته جامعا للطرق المتلوة، والقراءات المعروفة، ونسخت به مصنفاتي كالوجيز، والهادي (1).

قال «الأمير ابن ماكولا» : كان «أبو القاسم الهذلي» يدرّس علم النحو، ويفهم الكلام

وكان قد قرره الوزير «نظام الدين» في مدرسته بنيسابور، فقعد سنين وأفاد، وكان مقدّما في النحو والصرف، وعلل القراءات، وكان يحضر مجلس «أبي القاسم القشيري» ويأخذ عنه الأصول، وكان «القشيري» يراجعه في مسائل النحو، والقراءات، ويستفيد منه، وكان حضوره سنة ثمان وخمسين وأربعمائة، وقد ذكر شيوخه الذين أخذ عنهم القراءات في كتابه «الكامل» وعدتهم مائة واثنان وعشرون شيخا، منهم:«إبراهيم بن أحمد، وإبراهيم بن الخطيب» .

وبعد أن اكتملت مواهب «أبي القاسم الهذلي» تصدّر لتعليم القرآن وكما

(1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 398.

ص: 322

كثر عدد شيوخه كثر أيضا عدد طلابه، ومن الذين أخذوا عنه القراءة:«أبو العز القلانسي، وعليّ بن عساكر» .

توفي «أبو القاسم الهذلي» سنة خمس وستين وأربعمائة.

ومن تلاميذ «أبي الفضل الرازي» في القراءة: «الحسن بن أحمد بن الحسن أبو علي الحدّاد» ، شيخ أصبهان وكان عالي الإسناد، ولد سنة تسع عشرة وأربعمائة، وكان ثقة، صالحا، جليل القدرة، روى حروف القراءات عن «عبد الملك بن الخير العطّار» وسمع سبعة «ابن مجاهد» من «أحمد بن محمد ابن يوسف» .

توفي «الحسن بن أحمد» في ذي الحجة سنة خمس عشرة وخمسمائة عن سبع وتسعين سنة.

ومن تلاميذ «أبي الفضل الرازي» في القراءة: «إسماعيل بن الفضل بن أحمد أبو الفضل، وأبو الفتح السرّاج المعروف بالإخشيد، الإمام الحافظ، الثقة، الضابط.

روى حروف القراءات عن «أبي الفضل عبد الرحمن الرازي، وعبد الله بن شبيب الأصبهاني» . وروى عنه القراءة «الحافظ أبو العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني» .

ومن تلاميذ «أبي الفضل الرازي» في القراءة: «محمد بن إبراهيم بن محمد ابن جعفر أبو عبد الله البيضاوي» ، وهو مقرئ ثقة، ضابط متصدّر، أخذ القراءة عرضا عن الإمام «أبي الفضل عبد الرحمن الرازي» ، وقرأ عليه «أبو سعيد الحسن بن محمد اليزدي» بالبيضاء من عمل شيراز.

ومن تلاميذ «أبي الفضل الرازي» في القراءة: «محمد بن إبراهيم بن محمد ابن سعدويه المزكي الأصبهاني» ، شيخ القراءات وهو من الثقات المجوّدين

ص: 323

والحفاظ المشهورين، روى القراءات عن «أبي الفضل عبد الرحمن الرازي» .

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ويقرءون عليه، ومن الذين أخذوا عنه القراءات:«أبو العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني» .

ومن تلاميذ «أبي الفضل الرازي» في القراءة: «محمد بن سالبة بن عليّ بن حمويه أبو عبد الله الشيرازي» ، وهو إمام مقرئ متصدّر ثقة، صالح، أخذ القراءة عن:«الإمام أبي الفضل الرازي» وقرأ عليه «الحسن بن محمد اليزدي» .

وكما تصدّر «أبو الفضل الرّازي» لتعليم القرآن، تصدّر أيضا لتعليم سنة النبي عليه الصلاة والسلام، ومن تلاميذه في الحديث:«الحسين بن عبد الملك الخلّال، وأبو سهل بن سعدويه» .

وبعد حياة حافلة بتعليم القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام توفي «أبو الفضل الرازي» في جمادى الأولى سنة أربع وخمسين وأربعمائة رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

ص: 324