الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رقم الترجمة/ 15 «أحمد بن الحسين»
(1)
هو: أحمد بن الحسين بن علي زبارة؛ بفتح الزاي بعدها باء موحدة وبعد الألف راء مهملة. نسبة إلى محل يقال له: زبار في بلاد حولان.
وهو من علماء القراءات المشهود لهم بالثقة، ومن الفقهاء وعلماء الأصول.
ولد سنة ست وستين ومائة وألف، وقرأ على مشايخ صنعاء، ومن جملة مقروءاته «القراءات السبع» تلاها على الشيخ العلّامة «هادي بن حسين» وقرأ النحو، والصرف، والمعاني، والبيان، والأصول على عدد من مشايخ صنعاء وفي مقدمتهم: العلامة الحسن بن إسماعيل المغربي، وقرأ الفقه على الفقيه الشيخ أحمد بن عامر، والشيخ سعيد بن إسماعيل الرشيدي. وقرأ في الحديث على الشيخ الحسين بن يحيى الديلمي، وفي التفسير على الشيخ المغربي.
وبرع في أكثر هذه المعارف، وأفتى، ودرّس، وصار من شيوخ العصر يقول «الإمام الشوكاني» عنه: ورافقني في قراءة التفسير على شيخنا المغربي، وحضر في قراءة الطلبة عليّ في شرحي للمنتقى، وطلب مني إجازته له، وقد جاء في طلبه الإجازة النظم الآتي:
قاضي المسلمين جد بالإجازة
…
في علوم مسموعة مجازه
من كتاب وسنة وأصول
…
شاملات حقيقة مجازه
عن رءوس في العلم كانوا رواسي
…
يعجز الطير في التعالي مجازه
ثم يقول «الشيخ الشوكاني» : «وقد كنت في أيام الصغر حضرت عنده وهو يقرأ في شرح «الفاكهي» للملحة، وهو أكبر مني، فإنه كان إذ ذاك في
(1) انظر ترجمته في البدر الطالع ج 1، ص 130 ورقم الترجمة 81.
نحو ثلاثين سنة، وهو حسن المحاضرة، جميل المروءة، كثير التواضع، لا يعدّ نفسه شيئا، يعتريه في بعض الحالات حدّة ثم يرجع سريعا وقد يقهرها بالحلم، وليس بمتصنع في ملبسه وجميع شئونه، وبيني وبينه مجالسة ومؤانسة، ومحبّة أكيدة من قديم الأيام، ولما كان شهر رجب سنة 1213 هـ صار قاضيا من جملة قضاة الحضرة المنصورية، وعظمه الإمام تعظيما كبيرا بعد أن أشرت عليه وعرفته بجليل مقداره» (1).
وقد ترجم له «السيد الحافظ عبد الكريم» ، فقال: هو السيد المحقق المدقق المجتهد، إمام الفروع والأصول، والحديث، والتفسير، والنحو، والصرف، واللغة، بلا منازع ولا مدافع.
أخذ العلم عن أبيه العلامة «يوسف بن الحسين زبارة» وغيره، وعليه مدار أسانيد كتب أصحابنا، والبخاري، ومسلم، وسائر الأمهات، والمسانيد، وكان مواظبا على الدرس والتدريس، وتعلق بالقضاء، فلم يمنعه ذلك من نشاطه وعلوّ همّته. وقد أخذ عنه جماعة من علماء «صنعاء» كالإمام الناصر عبد الله ابن الحسن بن أحمد بن المهدي، وغيره.
وجلّ علماء صنعاء عالة عليه، وله رسائل، ومسائل، وأجوبة مفيدة نافعة، وأجلّها مؤلفه الذي كمّل به «كتاب الاعتصام» للإمام المنصور بالله القاسم ابن محمد، لأن الإمام القاسم رحمه الله إنما بلغ فيه إلى آخر كتاب الصيام فأكمله من كتاب الحج، إلى كتاب السّير فجاء كتابا نفيسا، سلك فيه مسلك الإمام القاسم في نقل الحديث أولا من كتب الأئمة من أهل البيت وشيعتهم، ثم من كتب المحدثين مع بيان ما يحتاج إلى البيان، وهو أكبر دليل على شدة اطّلاعه، وقوة ساعده، وباعه، وسمّى هذه التتمة «أنوار التمام المشرقة بضوء الاعتصام» . ولم يزل ملازما للتدريس بجامع «صنعاء» حتى توفاه الله تعالى
(1) انظر هامش الضوء اللامع ج 1، ص 130.
سعيدا حميدا. اه (1).
وقد أثنى عليه بعض العلماء بقوله: «السيد أحمد بن يوسف، اشتغل بعلم القراءات السبع، ومهر في الفروع، وحقق فيها تحقيقا شافيا واشتغل بالآلات، وأصول الديانات، وحقق في النحو تحقيقا بديعا وشارف على المنطق وأصول الفقه، ثم مال إلى كتب السنة فراجعها، وأخذ عن أكبر الشيوخ، ولزم حضرة الحافظ عبد الله بن محمد الأمير، رحمه الله» (2).
(1) انظر هامش الضوء اللامع ج 1، ص 130.
(2)
انظر هامش الضوء اللامع ج 1، ص 130.
رقم الترجمة/ 16 «أحمد بن رجب» (1) ت 850 هـ
هو: أحمد بن رجب بن طيبغا المجدي بن الشهاب القاهري، الشافعي، وهو من القراء، والفقهاء، واللغويين.
ولد سنة سبع وستين وسبعمائة بالقاهرة، ونشأ بها، وحفظ القرآن على خيرة العلماء.
ثم اتجه لتحصيل العلم، فأخذ عن خيرة العلماء الكثير من العلوم. فأخذ عن «التّقي بن عز الدين الحنبلي» الفرائض، والحساب، وأخذ علوم العربية عن «الشمس العجيمي» .
ثم جدّ في طلب العلم واجتهد، وتقدم في الفنون مع ذكاء مفرط، وصار رأسا في أنواع الحساب، والهندسة، والهيئة، والفرائض وأشير إليه بالتقدم في كثير من العلوم، وانتفع به الكثيرون، ولازموه وأخذوا عنه.
ثم عيّن مدرسا بالمدرسة الجانبكية، واشتهر عنه أنه كان يقدّم الكثير من المساعدات إلى الطلبة الفقراء. واشتهر عنه أيضا التواضع، والأمانة، والسمت الحسن، مع إيراد النكتة النادرة اللطيفة.
وكان رحمه الله تعالى يفضل البعد عن الناس، ويفضل المكث في بيته الذي كان بجوار الأزهر.
وله شعر جيّد، ومما أثر عنه قوله:
(1) انظر ترجمته في البدر الطالع ج 1، ص 56؛ ورقم الترجمة 34. والضوء اللامع ج 1، ص 300.
فقلت للقلب لما ضاق مضطربا
…
وخانني الصبر والتفريط والجلد
دعها سماوية تجري على قدر
…
لا تعترضها بأمر منك تنفسد
فخصّني بخفيّ اللطف خالقنا
…
نعم الوكيل ونعم العون والمدد
اشتغل «أحمد بن رجب» بالتصنيف، ومن مصنفاته:«إبراز لطائف الغوامض في إحراز صناعة الفرائض» ، «إرشاد الحائر في العمل بربع الدوائر» ، «المنهل العذب الزلال في معرفة حساب الهلال» ، «استخراج التواريخ بعضها من بعض» . إلى غير ذلك من التصانيف المفيدة.
وما زال مستمرا على حاله الحسن الجميل حتى توفاه الله تعالى ليلة السبت حادي عشر ذي القعدة سنة خمسين وثمانمائة.
رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.
رقم الترجمة/ 17 «أحمد بن رضوان» (1) ت 423 هـ
هو: أحمد بن رضوان بن محمد بن جالينوس بن إسحاق بن عطية بن عبد الله بن سعد التميمي أبو الحسن الصيدلاني البغدادي.
ذكره «الذهبي» ت 748 هـ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن.
كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات.
أخذ «أحمد بن رضوان» القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «أبو الحسن بن العلاف، وأبو الفرج النهرواني، وبكر بن شاذان، وإبراهيم بن أحمد الطبري، وأبو الحسن الحمامي» . كما أخذ «أحمد بن رضوان» حديث الهادي البشير صلى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء.
وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي» : «سمع أبا طاهر المخلص، وأبا القاسم الصيدلاني، ومن بعدهما، وكان آخر القراء المذكورين بحسن الحفظ، وإتقان الروايات، وضبط الحروف، وله في ذلك تصانيف» . اه.
تصدّر «أحمد بن رضوان» لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب، يأخذون عنه وفي مقدمة هؤلاء:«عبد السيّد بن عتاب» فقد قرأ عليه القراءات بمضمن كتاب الواضح في القراءات العشر، كما حدث عنه ولده «أبو طاهر ابن أحمد بن رضوان» .
وكان «ابن رضوان» من خيرة علماء القراءات ضبطا وإتقانا. وقد صنف
(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:
تاريخ بغداد ج 4، ص 161. غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 54. معرفة القراء الكبار ج 1، ص 387.
من ذاك كتاب «الواضح في القراءات العشر» .
احتل «ابن رضوان» مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي» : «أنبأنا المسلّم بن محمد، أخبرنا الكندي، أخبرنا القزّاز، حدثنا «أبو بكر الخطيب» في تاريخه قال: كان أحمد بن رضوان، أحد القراء المذكورين بإتقان الروايات، له في ذلك تصانيف، توفي وهو شاب، وقد كان الناس يقرءون عليه حياة «الحمامي» لعلمه، حضرته ليلة في الجامع فقرأ فيها ختمتين قبل أن يطلع الفجر» اه (1).
إنه لعمل جليل يغبط عليه، إذ كان يقرأ ختمتين كاملتين في ليلة واحدة، وقد أخبر الصادق الأمين عليه الصلاة والسلام بأن من قرأ شيئا من القرآن كان له بكل حرف عشر حسنات، من هذا يتبين مدى الأجر العظيم الذي فاز به «ابن رضوان» فهنيئا له بهذا الثواب الجزيل.
كما أثنى عليه «ابن الجزري» حيث قال: «أحمد بن رضوان الأستاذ أبو الحسن الصيدلاني البغدادي حاذق متقن» اه (2).
توفي «ابن رضوان» سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة من الهجرة.
رحمه الله رحمة واسعة إنه سميع مجيب.
(1) انظر معرفة القراء الكبار ج 1، ص 387.
(2)
انظر طبقات القراء ج 1، ص 54.
رقم الترجمة/ 18 «أحمد بن سليمان الطّنجي» (1) ت 446 هـ
هو: أحمد بن سليمان بن أحمد أبو جعفر الكتّاني: بفتح الكاف، وتشديد التاء المفتوحة، وهذه النسبة إلى «الكتان» المشهور. الأندلسي الطنجي: بفتح الطاء المهملة، وسكون النون، نسبة الى «طنجة» من بلاد المغرب.
رحل إلى كثير من المدن والبلاد. يعرف بابن أبي الربيع، أحد القراء بالأندلس، وحجة القراءات بها.
أخذ «أحمد الطنجي» القراءة على خيرة العلماء.
ذكره «الذهبي» ت 748 هـ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن.
كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات.
وفي مقدمة شيوخ «أحمد الطنجي» الذين أخذ عنهم القراءات: محمد بن علي بن أحمد بن محمد أبو بكر الأذفوي المصري، وأذفو: بضم الهمزة، وسكون الذال المعجمة، وفاء، مدينة حسنة بالقرب من «أسوان» من مدن «مصر» .
ولد «الأذفوي» سنة أربع وثلاثمائة، وتوفي سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة.
أخذ «أبو بكر الأذفوي» القراءة عرضا عن «المظفر بن أحمد بن حمدان» وسمع الحروف من «أحمد بن إبراهيم بن جامع، وسعيد بن السكن، والعباس ابن أحمد، ولزم «أبا جعفر النحاس» وروى عنه كتبه.
وروى عنه القراءة «محمد بن الحسين بن النعمان، والحسن بن سليمان، وعبد
(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:
معرفة القراء الكبار للذهبي ج 1، ص 397. طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 58.
الجبّار بن أحمد الطرسوسي، وابنه أبو القاسم، وعتبة بن عبد الملك، وأبو الفضل الخزاعي».
بلغ «أبو بكر الأذفوي» مكانة مرموقة مما استوجب ثناء العلماء عليه، يقول «الإمام الداني» ت 444 هـ:
«انفرد «الأذفوي» بالإمامة في دهره في قراءة «نافع» رواية «ورش» مع سعة علمه، وبراعة فهمه، وصدق لهجته، وحسن اطلاعه، وتمكنه من علم العربية، وبصره بالمعاني» (1).
وقال «الحافظ الذهبي» ت 748 هـ: «برع أبو بكر الأذفوي في علوم القرآن، وكان سيّد أهل عصره بمصر، له كتاب التفسير في مائة وعشرين مجلدا» (2) سمّاه «الاستغناء في علوم القرآن» ألفه في اثنتي عشرة سنة، توفي «الأذفوي» بمصر يوم الخميس لسبع خلون من ربيع الأول سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة من الهجرة.
ومن شيوخ «أحمد الطنجي» : عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون، أبو الطيب الحلبي نزيل مصر، وهو أستاذ ماهر، كبير، محرر ضابط، ثقة صالح، ديّن.
ولد «عبد المنعم بن غلبون» ليلة الجمعة لاثنتي عشرة ليلة خلت من رجب سنة تسع وثلاثمائة بحلب، وانتقل إلى «مصر» فسكنها.
روى القراءة عرضا وسماعا عن «إبراهيم بن عبد الرزاق، وإبراهيم بن محمد ابن مروان، وأحمد بن محمد بن بلال، ومحمد بن أحمد بن إبراهيم البغدادي، وأحمد بن الحسين النحوي، وأحمد بن موسى، وجعفر بن سليمان، والحسين بن
(1) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 2، ص 198.
(2)
انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 2، ص 199.
خالويه، والحسن بن حبيب الحصائري، وصالح بن إدريس، وعبد الله بن أحمد ابن الصقر، وعلي بن محمد المكي، وعمر بن بشران، ومحمد بن جعفر الفريابي، ومحمد بن علي العطوفي، ويحيى بن بذي، ونجم بن بدر، وصالح بن إدريس، ونصر بن يوسف، ونظيف بن عبد الله، ومحمد بن سنان، بواسطة إبراهيم بن عبد الرزاق.
وأخذ القراءات عن «عبد المنعم بن غلبون» عدد كبير، وفي مقدمتهم:
ولده أبو الحسن طاهر، وأحمد بن علي الرّبعي، بفتح الباء، نسبة إلى «ربيعة ابن نزار» وأبو جعفر أحمد بن علي الأزدي، وأحمد بن عليّ تاج الأئمة، وأحمد بن نفيس، والحسن بن عبد الله الصقلي، وخلف بن غصن، وأبو عمر الطلمنكي، وأبو القاسم عبد الرحمن بن الحسن الأستاذ، وأبو عبد الله محمد بن سفيان، وأبو الحسين محمد بن قتيبة الصقلي، وأبو عبد الله مسلم شيخ غالب بن عبد الله، ومكي بن أبي طالب القيسي، وأحمد بن الربيع الطنجي.
صنف «طاهر بن غلبون» كتاب «الإرشاد» في القراءات السبع، وهو الآن تحت التحقيق والإخراج.
احتلّ «طاهر بن غلبون» مكانة سامية مما استوجب ثناء العلماء عليه، يقول «الحافظ أبو عمرو الداني» ت 444 هـ:
كان «طاهر بن غلبون» حافظا للقراءة، ذا عفاف ونسك، وفضل، وحسن تصنيف (1).
تصدر «أحمد الطنجي» لتعليم القرآن، وأقرأ الناس «ببجانة» وهي مدينة بالأندلس من أعمال «كورة البيرة» بينها وبين «المرية» فرسخان، والمريّة بفتح الميم وكسر الراء، وتشديد الياء.
(1) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 471.
وعمّر دهرا طويلا، ومن الذين أخذوا عنه القراءة: موسى بن سليمان أبو عمران اللخمي، المقرئ نزيل «المريّة» وهو مقرئ مشهور له أسانيد في قراءته، فقد قرأ ايضا على «مكي بن أبي طالب حموش، وأحمد بن الربيع صاحب السامري» وتتلمذ عليه الكثيرون، ومن تلاميذه:«أحمد بن عبد الرحمن القصبي، وو عبد الرحيم بن الفرس الغرناطي، ومحمد بن الحسن بن غلام الفرس» ، وكان عالي الإسناد.
قال «ابن بشكوال» : توفي «أحمد بن الربيع الطنجي» سنة ستة وأربعين وأربعمائة من الهجرة بالمرية.
رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.
رقم الترجمة/ 19 «أحمد بن عبد الله» (1) ت 822 هـ
هو: أحمد بن عبد الله بن بدر بن مفرح الغزّي ثم الدمشقي الشافعي، وهو من القراء والفقهاء، والمحدثين، والمؤلفين.
ولد في ربيع الأول سنة سبعين وسبعمائة بغزّة، ونشأ بها، فحفظ القرآن، ثم أخذ عن قاضيها «العلاء علي بن خلف» وسمع عليه صحيح البخاري.
ثم رحل إلى «دمشق» بعد الثمانين، فاستقر بها، وأخذ بها العلم عن جماعة من أهلها. ثم رحل إلى «القدس» فأخذ عن «التقيّ القلقشندي» . وبرع في الفقه، وأصوله، وشارك في غيرهما من العلوم، مع مذاكرة حسنة في الحديث، ومتعلقاته.
وناب في الحكم عن «الشمس الإخنائي» وولّي إفتاء دار العدل.
كما اشتغل بالتدريس في عدة أماكن، واشتهر برئاسة الفتوى بدمشق. كما تصدر للإقراء وتعليم القرآن.
احتل «أحمد بن عبد الله» مكانة سامية، ومنزلة رفيعة، مما جعل العلماء يثنون عليه، وفي هذا يقول «الإمام الشوكاني»:
لم يبق في أواخر عمره من يقاربه، وله تصانيف منها:«شرح الحاوي الصغير» في أربعة مجلدات، و «شرح جمع الجوامع» في أصول الفقه. وشرح مختصر المهمات للأسنوي في خمسة أسفار، وحج من دمشق غير مرّة وجاور بمكة ثلاث سنين متفرقة، وكانت وفاته بها مبطونا في ظهر يوم الخميس
(1) انظر ترجمته بالبدر الطالع ج 1، ص 75 ورقم الترجمة 42.
سادس شوال سنة اثنين وعشرين وثمان مائة وصلّي عليه عند «باب الكعبة» ودفن في مقبرة «المعلى» (1).
قال «ابن حجر» (2) في أنبائه: وبلغني أن صديقه «النجم المرجاني» رآه في النوم فقال له: ما فعل الله بك؟ فتلا عليه قول الله تعالى يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (3).
رحم الله «أحمد بن عبد الله» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.
(1) انظر البدر الطالع ج 1، ص 75.
(2)
انظر البدر الطالع ج 1، ص 75.
(3)
سورة يس الآيتان 26 و 27.
رقم الترجمة/ 20 «أحمد بن عرب شاه» (1) ت 854 هـ
هو: أحمد بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن أبي نصر بن عرب شاه الدمشقي الأصل، الرومي الحنفي، ويعرف بالعجمي، وبابن عرب شاه، وهو الأكثر. وهو من القراء، والفقهاء، والأدباء، والمؤلفين.
ولد ليلة الجمعة منتصف ذي القعدة سنة إحدى وتسعين وسبعمائة بدمشق، ونشأ بها، فقرأ «القرآن» على «الزين عمر بن اللبّان المقري» .
ثم تحوّل في سنة ثلاث وثمان مائة في زمن الفتنة مع أمه وإخوته إلى «سمرقند» ثم رحل بمفرده وأقام ببلاد ما وراء النهر، وأخذ عن الشيخين الجليلين:«السيد محمد الجرجاني، وابن الجزري» وهما نزيلا «سمرقند» .
واشتهر ذكره وبرع في الفنون.
ثم توجّه إلى «خوارزم» فأخذ بعض العلوم عن «نور الله، وأحمد بن شمس الأئمة» ثم قطع بحر الروم إلى مملكة «ابن عثمان» فأقام بها نحو عشر سنين، وفي هذه البلاد لمع نجمه، وذاع صيته، فترجم للملك غياث الدين أبي الفتح محمد بن أبي يزيد كتاب «جامع الحكايات ولامع الروايات» من الفارسيّة إلى التركيّة في نحو ستة مجلدات، وتفسير «أبي الليث السمرقندي» ، وباشر عند «الملك غياث الدين» ، وكتب عنده إلى ملوك الأطراف عربيا، وشاميّا وتركيّا، ومغوليّا، وعجميّا، كل ذلك مع حرصه على الاستفادة من العلماء والاستزادة من الأخذ عنهم، فقرأ كتاب «المفتاح» على «البرهان الحوفي» وأخذ عنه أيضا العربية.
(1) انظر ترجمته في البدر الطالع ج 1، ص 109. ورقم الترجمة 68.
ولما مات «الملك غياث الدين» رجع إلى وطنه القديم، فدخل «حلب» فأقام بها نحو ثلاث سنين، وكان دخوله إليها في جمادى الآخرة، سنة خمس وعشرين وثمانمائة، وأقام في «حانوت مسجد القصب» .
وانتهز هذه الفرصة فقرأ على «القاضي شهاب الدين الحنبلي» صحيح مسلم في سنة ثلاثين وثمانمائة.
ولما قدم «العلاء البخاري» سنة اثنتين وثلاثين وثمان مائة مع الركب الشامي من الحجاز انقطع إليه ولازمه في الفقه، وعلوم البلاغة المعاني والبيان وغير ذلك حتى مات.
ومع أن «أحمد بن عرب شاه» برع في كثير من العلوم إلا أنه كان مع ذلك يقول الشعر، ومن نظمه:
قميص من القطن من حلة
…
وشربة ماء قراح وقوت
ينال بها المرء ما يبتغي
…
وهذا كثير على من يموت
ومن نظمه أيضا:
فعش ما شئت في الدنيا وأدرك
…
بها ما شئت من صيت وصوت
فحبل العيش موصول بقطع
…
وخيط العمر مقصود بموت
ومنه أيضا:
وما الدهر إلا سلم فيقدّر ما
…
يكون صعود المرء فيه هبوطه
وهيهات ما فيه نزول وإنما
…
شروط الذي يرقى إليه سقوطه
فمن صار أعلى كان أوفى تهشّما
…
وفاء بما قامت عليه شروطه
احتل «أحمد بن عرب شاه» مكانة سامية بين الناس مما جعلهم يثنون عليه ويعترفون بفضله، وفي هذا يقول «الإمام الشوكاني»: «وأشير إليه بالفضيلة،
وأجلّه الأكابر، وكان أحد الأفراد في إجادة النظم، والنثر، ومعرفة اللغات، والمجيء بالمستظرفات، وإجادة الخط، وإتقان الضبط، وعذوبة الكلام، وملاحة المحاضرة، وكثرة التودد، ومزيد التواضع، وعفة النفس، ووفور العقل، واستمر على أوصافه حتى توفاه الله تعالى» (1).
تقدم «أحمد بن عرب شاه» في كثير من العلوم، وأنشأ النظم الفائق والنثر الرائق، وصنف نظما ونثرا، ومن تصانيفه:«مرآة الأدب» في علم المعاني، والبيان، والبديع، سلك المؤلف فيه أسلوبا بديعا، وكتاب «العقد الفريد» في التوحيد، وكتاب «فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظرفاء» وكتاب «الترجمان المترجم بمنتهى الأدب في لغة الترك والعجم والعرب» وغير ذلك من المصنفات.
وبعد هذه الحياة الحافلة بالرحلات، والعمل، والتأليف، توفي «أحمد بن عرب شاه» في يوم الاثنين منتصف شهر رجب سنة أربع وخمسين وثمان مائة.
رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.
(1) انظر البدر الطالع للشوكاني ج 1، ص 111.
رقم الترجمة/ 21 «أحمد بن عليّ» (1) ت 845 هـ
هو: أحمد بن علي بن عبد القادر بن محمد بن إبراهيم، أبو الحسن بن عبد الصمد بن تميم، القاهري، قال «ابن حجر» إنه رأى بخطه ما يدلّ على أن مولده كان في سنة ست وستين وسبعمائة بالقاهرة. ونشأ بها نشأة حسنة، وحفظ القرآن، وأخذ العلم عن جماعة من خيرة العلماء، أمثال «الآمدي والبلقيني والعراقي والهيثمي» وغير ذلك، فقد وجد بخطه أن كبار شيوخه بلغت ستمائة نفس.
حبب إلى «أحمد بن عليّ» الرحلة إلى بعض العواصم العربية والإسلامية من أجل التزوّد من العلم كما هي عادة خيرة العلماء، فرحل إلى مكة، وحج واعتمر، وسمع من علمائها، ثم رحل إلى الشام وسمع الكثيرين من شيوخها، ولقي الكبار، وجالس الأئمة، وتفقه على مذهب الإمام أبي حنيفة ثم بعد فترة من الزمن تحول شافعيا، ودرس فقه الإمام الشافعي رضي الله عنه، ثم دخل دمشق مرارا، مع ولده «الناصر» وتولى بها التدريس، ثم أعرض عن جميع ذلك. وبعد هذه الجولة الواسعة التي طوّف فيها الكثير من المدن عاد إلى القاهرة، وأقام بها، وعكف على الاشتغال بالتاريخ حتى اشتهر به، وبعد فيه صيته، وصارت له فيه جملة تصانيف مثل:«الخطط والآثار للقاهرة» وهو من أحسن الكتب وأنفعها، وفيه الكثير من العجائب والمواعظ.
ومن مؤلفاته: «درر العقود الفريدة في تراجم الأعيان المفيدة» ذكر فيه من عاصره، وكتاب «إمتاع الأسماع بما للرسول صلى الله عليه وسلم من الأبناء والحفدة والمتاع» ، و «عقد جواهر الأسفاط في ملوك مصر والفسطاط» ، و «الإلمام فيما
(1) انظر ترجمته في البدر الطالع ج 1، ص 79. ورقم الترجمة 46.
أرض الحبشة من ملوك الإسلام»، و «الطرفة الغريبة في أخبار وادي حضرموت العجيبة» ، و «السلوك بمعرفة دول الملوك» ، و «التاريخ الكبير» وهو في ستة عشر مجلدا.
وله مؤلفات كثيرة غير هذه، فقد وجد بخطه أن تصانيفه زادت على مائتي مجلد.
احتل «أحمد بن عليّ» مكانة سامية وشهرة كبيرة، وقد أثنى عليه الكثيرون، وفي هذا يقول «الإمام ابن حجر»: إنه أحب الحديث فواظب عليه حتى كان يتّهم بمذهب «ابن حزم» اه (1).
وقال «الشوكاني» : نظر في عدة فنون، وشارك في الفضائل، وقال النظم والنثر، وناب في الحكم، وولّي الحسبة بالقاهرة غير مرّة، والخطابة بجامع «عمرو بن العاص» والإمامة بجامع «الحاكم» وقراءة الحديث بجامع «المؤيّد» وحمدت سيرته في مباشراته كلها، وكان قد اتصل بالظاهر برقوق. اه (2).
توفي «أحمد بن علي» بالقاهرة سادس عشر رمضان سنة خمس وأربعين وثمان مائة.
رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.
(1) انظر البدر الطالع ج 1، ص 79.
(2)
انظر البدر الطالع ج 1، ص 79.
رقم الترجمة/ 22 «أحمد بن عمّار المهدوي» (1) ت 440 هـ
هو: أحمد بن عمّار بن أبي العباس الإمام أبو العباس المهدوي، نسبة إلى «المهدية» من بلاد «إفريقية» أستاذ مشهور.
ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن.
كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات.
رحل «المهدوي» إلى البلاد في سبيل تحصيل العلم، ودخل الأندلس في حدود الثلاثين والأربعمائة.
أخذ «أحمد المهدوي» القراءات عن خيرة علماء عصره، وفي مقدمتهم:
«محمد بن سفيان» أبو عبد الله القيرواني، الفقيه المالكي، تفقه على «أبي الحسن علي بن محمد بن خلف القابسي» حتى برع في الفقه، وسمع منه.
ورحل إلى «مصر» فقرأ على «إسماعيل بن محمد المهري لورش، وعرض الروايات على «أبي الطيب بن غلبون» . رحل إليه قبل سنة ثمانين وثلاثمائة، وعاد من «مصر» .
وقرأ أيضا على «يعقوب بن سعيد الهوّاري، وكردم بن عبد الله» ، وبرع في القراءات، واشتهر صيته، وصنف كتاب «الهادي» في القراءات، وتتلمذ عليه الكثيرون، ومن الذين أخذوا عنه القراءة:«أبو بكر القصري» والحسن
(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:
معرفة القراء الكبار للذهبي ج 1 ص 399. طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 92. إنباه الرواة للقفطي ج 1، ص 126. بغية الوعاة للسيوطي ج 1، ص 351. طبقات المفسرين للسيوطي ص 19. طبقات المفسرين للداودي ج 1، ص 56. طبقات النحاة لابن قاضي شهبة ج 1، ص 227.
ابن علي الجلولي، وعبد الملك بن داود القسطلاني، وعبد الحق الجلاد، وأحمد ابن عمّار المهدوي، وأبو العالية السندوني، وعثمان بن بلال العابد، وأحمد الحجري، وعبد الله بن سمران أو سموان القروي شيخ الهذلي، وأبو الحسن العجمي، وعبد الله بن سهل، وسمع منه «حاتم بن محمد» . احتلّ «محمد بن سفيان» مكانة سامية مما استوجب الثناء عليه.
يقول «الحافظ أبو عمرو الداني» : وسمع معنا على الشيخ أبي الحسن عليّ ابن محمد بن خلف الفقيه القابسي، وكان ذا فهم، وحفظ، وستر، وعفاف، وخرج من القيروان
لأداء فريضة الحج سنة عشر وأربعمائة فحج، وجاور بمكة، ثم أتى المدينة المنورة فمرض وتوفي بها سنة خمس عشرة وأربعمائة، حدثني بذلك من شهده. اه (1).
ومن شيوخ «أحمد بن عمّار المهدوي» : «أبو الحسن أحمد بن محمد القنطري» : بفتح القاف، وسكون النون، وفتح الطاء المهملة، نسبة إلى «القنطرة» المعدّة للعبور، وهو شيخ مقرئ، قرأ على «الحسن بن محمد بن الحباب، وعمر بن إبراهيم الكتاني، وعلي بن محمد بن عبد العزيز بن نفيس» .
تصدر «القنطري» لتعليم القرآن، وتتلمذ عليه الكثيرون، وفي مقدمتهم:
«أحمد بن عمّار المهدوي» و «محمد بن شريح» .
توفي «القنطري» بمكة سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة من الهجرة.
تصدّر «أحمد بن عمار المهدوي» لتعليم القرآن، وتتلمذ عليه الكثيرون.
ومن تلاميذه: «غانم بن وليد المالقي» . قرأ على «أبي العباس المهدوي» وقرأ عليه «ابن أخته محمد بن سليمان النفري» بكسر النون وفتح الفاء المشددة
(1) انظر طبقات القراء ج 2، ص 147.
نسبة إلى «النّفر» قال عنه «السمعاني» صاحب «الأنساب» : وظنّي أنه موضع بالبصرة (1).
ومن تلاميذ «أحمد المهدوي» : محمد بن أحمد بن مطرّف أبو عبد الله الكتاني، القرطبي، يعرف بالطّرفي لكونه كان يؤم بمسجد «طرفة» بقرطبة، قرأ بالروايات على «مكي بن أبي طالب» ولازمه، وحمل عنه معظم ما عنده، وصحب «أحمد بن عمّار المهدوي» وسمع «يونس بن عبد الله» وكان عالما بالقراءات أخذ الناس عنه كثيرا، ومن الذين قرءوا عليه:«عون الله القرطبي، وأحمد بن عبد الرحمن الخزرجي» .
احتلّ «ابن مطرف» مكانة سامية مما استحق ثناء العلماء عليه.
قال عنه «ابن بشكوال» : كان ديّنا، فاضلا، ثقة، حدثنا عنه «أبو القاسم ابن صواب» بجميع ما رواه، وغيره من شيوخنا ووصفوه بالمعرفة، والجلال، توفي سنة أربع وخمسين وأربعمائة.
ومن تلاميذ «أحمد المهدوي» : «موسى بن سليمان أبو عمران اللخمي» نزل «المرية» بضم الميم وكسر الراء المشددة، نسبة إلى جماعة بطون من قبائل شتّى، منهم:«مرّ بن حسين بن عمرو بن الغوث بن طيء» (2) وموسى بن سليمان اللخمي، مقرئ مسند، قرأ على «مكي بن أبي طالب، وأحمد بن عمار المهدوي، وأحمد بن أبي الربيع، صاحب الساوي» . وقرأ عليه «أحمد بن عبد الرحمن القصبي، وعبد الرحيم بن الفرس الغرناطي» . توفي في صفر سنة أربع وتسعين وأربعمائة.
ومن تلاميذ «أحمد المهدوي» : يحيى بن إبراهيم بن زيد أبو الحسن،
(1) انظر الأنساب للسمعاني، ج 5، ص 515.
(2)
انظر الأنساب للسمعاني ج 5، ص 268.
المعروف بابن البياز، شيخ كبير بالأندلس، قرأ على «أبي عمرو الداني» وعبد الرحمن بن الخزرجي، وأبي عمر أحمد بن محمد الطلمنكي، ومكي بن أبي طالب، وعبد الجبار الطرسوسي بمصر».
وقرأ على «ابن البياز» : «أبو الحسن علي بن أحمد بن الباذش، ومحمد ابن الحسن بن غلام الفرس، وعلي بن عبد الله بن ثابت، وسليمان بن يحيى، وعيسى بن حزم الغافقي» وعمّر دهرا طويلا. توفي سنة ست وتسعين وأربعمائة، وله تسعون سنة.
ومن تلاميذ «أحمد المهدوي» : محمد بن عيسى بن فرج أبو عبد الله التجيبي المغامي، وهو إمام مقرئ ضابط، قرأ على:«الإمام أبي عمرو الداني، ومكي ابن أبي طالب، وأبي عمر الطلمنكي، وأحمد بن عمّار المهدوي، وسليمان بن إبراهيم» .
وقرأ عليه: «أبو بكر بن عياش، وعبد الوهاب بن حكيم، وعليّ بن أحمد ابن أشجّ، وعليّ بن محمد بن درّي، خطيب غرناطة» . توفي بإشبيلية سنة خمس وثمانين وأربعمائة.
احتل «أحمد بن عمار المهدوي» مكانة سامية مما استوجب الثناء عليه.
وعنه يقول «الحافظ الذهبي» : كان رأسا في القراءات، والعربية (1). وقال عنه «القفطي»: كان عالما بالأدب، والقراءات، متقدما فيها، وألف كتبا كثيرة النفع، مثل كتاب «التعضيل في التفسير» ، ومختصره «التحصيل» وله كتاب «تعليل القراءات السبع» (2).
قال عنه «السيوطي» : توفي سنة أربعين وأربعمائة رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.
(1) انظر معرفة القراء الكبار ج 1، ص 399.
(2)
انظر إنباه الرواة للقفطي ج 1، ص 126.
رقم الترجمة/ 23 «أحمد بن الفضل» (1) ت 460 هـ
هو: أحمد بن الفضل بن محمد بن أحمد بن محمود بن جعفر أبو بكر الباطرقاني الأصبهاني وهو إمام في القراءات، ومن المحدثين الثقات.
ولد «أحمد بن الفضل» سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة.
أخذ «أحمد بن الفضل» القراءة عن مشاهير علماء عصره.
ومن شيوخه في القراءة: «عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز بن محمد، أبو محمد التميمي» وهو من خيرة القراء الثقات. أخذ «عبد العزيز بن محمد» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم:«عبد الله بن أحمد بن مسعود» ، وآخرون.
وبعد أن اكتملت مواهب «عبد العزيز بن محمد» تصدّر للإقراء وتعاليم القرآن ومن الذين قرءوا عليه: «أحمد بن الفضل الباطرقاني» في سنة سبع وثمانين وثلاثمائة.
توفي «عبد العزيز بن محمود» سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة.
ومن شيوخ «أحمد بن الفضل» في القراءة: «أبو الفضل محمد بن جعفر بن عبد الكريم الخزاعي، الجرجاني، وهو من الثقات المشهورين، ومن المؤلفين الممتازين، فقد ألف «المنتهى في القراءات في الخمسة عشر» وهو من كتب
(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:
معرفة القراء الكبار ج 1، ص 424 ورقم الترجمة 364. غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 96 ورقم الترجمة 440. الوافي بالوفيات ج 7، ص 288. شذرات الذهب ج 3، ص 329.
القراءات النافعة المفيدة، ومن المراجع الأصيلة من علم القراءات، إذ اشتمل على مائتين وخمسين رواية، كما ألف رحمه الله تعالى كتاب «تهذيب الأداء في القراءات السبع» وهو أيضا من المراجع المفيدة.
أخذ «أبو الفضل محمد بن جعفر» القراءة على خيرة علماء عصره، وفي مقدمتهم «الحسن بن سعيد المطوعي» .
تصدّر «أبو الفضل محمد بن جعفر» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة والضبط وحسن الأداء، وأقبل عليه حفاظ القرآن من كل مكان، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة «أحمد بن الفضل» وغيره كثير.
احتلّ «أبو الفضل محمد بن جعفر» مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»: كان «أبو الفضل» أحد من جال في الآفاق، ولقي الكبار». توفي «أبو الفضل» بعد حياة حافلة بالتصنيف والتأليف سنة ثمان وأربعمائة، رحمه الله رحمة واسعة إنه سميع مجيب.
ومن شيوخ «أحمد بن الفضل» في القراءة: «محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن منده أبو عبد الله العبديّ الأصبهاني، الحافظ الكبير، وهو من القراء الثقات، ومن أصحاب المؤلفات. قال عنه حجة القراء الإمام ابن الجزري رحمه الله تعالى: «محمد بن إسحاق، إمام كبير، جال الأقطار، وانتهى إليه علم الحديث بالأمصار، لا نعلم أحدا رحل كرحلته، ولا كتب ككتابته، فإنه بقي في الرحلة أربعين سنة، وكتب بخطه فيها عدة أحمال، ثم عاد إلى وطنه شيخا، وقد كتب عن ألف وسبعمائة شيخ، ومعه أربعون حملا من الكتب، فتزوج بأصبهان، ورزق الأولاد» (1).
أخذ «محمد بن إسحاق» القراءة عن عدد كبير من العلماء: فقد روى
(1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 98.
القراءة عن «علي بن جعفر البغدادي» بمصر، ومحمد بن محرّم الجهوري، وغيرهما كثير.
تصدّر «محمد بن إسحاق» لتعليم القرآن، وحروف القراءات، واشتهر بالثقة والاتقان، وأقبل عليه حفاظ القرآن من كل مكان يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: ابنه إسحاق، وأحمد بن الفضل، وآخرون. توفي «محمد بن إسحاق» سنة خمس وتسعين وثلاثمائة. رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب.
ومن شيوخ «أحمد بن الفضل» في القراءة: «محمد بن إبراهيم بن أحمد البغدادي» كان رحمه الله تعالى من الثقات، ومن القراء المشهورين، أخذ القراءة عن «أبي الحسن الدارقطني» إذ سمع منه «كتاب القراءات» . ثم جلس «محمد بن إبراهيم» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة، وجودة القراءة وحسن الأداء، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه، ويتلقون عليه، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة «أحمد بن الفضل الباطرقاني» .
وكما أخذ «أحمد بن الفضل» القراءة القرآنية عن خيرة العلماء، أخذ أيضا حديث الهادي البشير صلى الله عليه وسلم، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»: كان مكثرا من السماع على: ابن منده، وأحمد بن يوسف الثقفي، والحسن بن كعبرة، وأبي مسلم بن شهدل.
احتل «أحمد بن الفضل» مكانة عظيمة، ومنزلة عالية، وسمعة حسنة، مما جعل العلماء يثنون عليه، وفي هذا يقول عنه تلميذه «محمد بن عبد الواحد الدقاق»:«لم أر شيخا بأصبهان جمع بين علم القرآن والقراءات، والحديث، والروايات، وكثرة الكتابة، والسماع، أفضل من «أبي بكر الباطرقاني» كان إمام الجامع الكبير، حسن الخلق والهيأة، والمنظر والقراءة، والدراية، ثقة في
الحديث» اه (1).
ومما يدلّ على نبوغه وكثرة علمه مؤلفاته التي تركها، يقول «الإمام ابن الجزري»: وألف كتاب طبقات القراء سماه: «المدخل إلى معرفة أسانيد القراءات، ومجموع الروايات» ووددت رؤيته، وكتابا في «الشواذ» (2).
تصدر «أحمد بن الفضل» لتعليم القرآن، وحروف القراءات، واشتهر بالثقة وجودة القراءة، والحفظ، والاتقان، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان، يأخذون عنه، ويقرءون عليه.
ومن الذين أخذوا عنه القراءة القرآنية: «الحسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد، أبو علي الحدّاد» شيخ أصبهان، وأعلى من بقي إسنادا في القراءات.
ولد سنة تسع عشرة وأربعمائة، وكان من مشاهير القراء الثقات، وكان متحليا بالتقوى والصلاح، وكان جليل القدر.
أخذ «الحسن بن أحمد» القراءة القرآنية على مشاهير علماء عصره، وفي مقدمتهم، «أبو عبد الله أحمد بن محمد بن الحسن بن يزده الخياط» .
وروى حروف القراءات عن «عبد الملك بن الخير العطّار» وسمع سبعة ابن مجاهد من «أحمد بن محمد بن يوسف بن مردة» . توفي في ذي الحجة سنة خمس عشرة وخمسمائة، عن سبع وتسعين سنة، رحمه الله رحمة واسعة.
ومن تلاميذ «أحمد بن الفضل» في القراءة: «علي بن زيد بن علي بن شهريار، أبو الوفاء الأصبهاني» ، وهو من القراء الثقات، الضابطين للقراءة، وتجويد القرآن. أخذ «علي بن زيد» القراءة عن «أحمد بن الفضل الباطرقاني»
(1) انظر: معرفة القراء الكبار ج 1، ص 425.
(2)
انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 97.
ثم تصدر لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه «الحسن بن أحمد الهمداني» .
توفي «أحمد بن الفضل الباطرقاني» سنة ستين وأربعمائة.
رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.
رقم الترجمة/ 24 «أحمد القزويني» (1) ت 452 هـ
هو: محمد بن أحمد بن عليّ أبو عبد الله بن أبي سعيد القزويني، بفتح القاف وسكون الزاي نسبة إلى «قزوين» إحدى المدائن المشهورة بأصبهان، نزح من «قزوين» واستقر بها، وهو من مشاهير علماء القراءات الحذاق.
أخذ القراءة عن خيرة علماء عصره.
ومن شيوخه الذين أخذ عنهم القراءة: «علي بن داود بن عبد الله أبو الحسن الداراني» وهو إمام مقرئ، ضابط، متقن، ثقة، قال عنه تلميذه «رشاد بن نظيف»: لم ألق مثله حذقا، وإتقانا في رواية «ابن عامر الدمشقي» .
قال عنه «الإمام الداني» : كان ثقة ضابطا متقشفا.
وقال عنه «الكتاني» : كان «علي بن داود» ثقة. انتهت إليه الرئاسة في قراءة الشاميين، ومضى على سداد.
وقال عنه «الإمام ابن الجزري» : كان عليّ بن داود إمام «داريار» فلما مات إمام الجامع الأموي خرج القاضي وجماعة من الأعيان إلى «داريار» ليأخذوه ويجعلوه إمام الجامع، فلبس أهل «داريار» السلاح ليقاتلوا دونه، فقال القاضي: يا أهل «داريار» ألا ترضون أن يسمع في البلاد أن أهل «دمشق» احتاجوا إليكم في إمام، فقالوا: قد رضينا، فقدمت له بغلة
(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:
معرفة القراء الكبار رقم الترجمة 354 ج 1 ص 416. غاية النهاية في طبقات القراء رقم الترجمة 2758، ج 2 ص 75. مرآة الجنان ج 3، ص 74 حسن المحاضرة ج 1، ص 493.
القاضي، فلم يركبها، وركب حماره، ودخل معهم، فسكن بالمنارة الشرقية، وكان يقرئ شرقي الرواق الأوسط ولا يأخذ على الإمامة رزقا، ولا يقبل ممن يقرأ عليه برّا، ويقتات من أرض له «بداريا» ويحمل ما يحتاج إليه من الحنطة فيخرج بنفسه إلى الطاحون ويطحنه، ويعجنه، ويخبزه. اه (1).
وأقول: هذا الخبر إن دلّ على شيء فإنما يدل على الكثير من المعاني السامية منها: أن «عليّ بن داود» كانت له مكانة عظيمة في العلم وبخاصة القرآن الكريم، كما يدل على قناعته وعفة نفسه، وزهده في الدنيا، وتطلّعه إلى الدار الآخرة.
توفي «عليّ بن داود» في جمادى الأولى سنة اثنتين وأربعمائة هـ.
ومن شيوخ «محمد بن أحمد القزويني» في القراءة: «الحسن بن سليمان بن الخير أبو علي الانطاكي النافعي» ، وهو أستاذ ماهر حافظ، سكن «مصر» وقرأ على شيوخها، وفي مقدمتهم:«أبو الفتح بن بدهن» .
قال عنه الإمام الدانيّ: كان «الحسن بن سليمان الأنطاكي» أحفظ أهل زمانه للقراءات، والغرائب من الروايات، والشاذ من الحروف، ومع ذلك يحفظ تفسيرا كثيرا، ويحفظ إعرابا وعللا، ينصّ ذلك نصّا بطلاقة لسان، وحسن منطق لا يلحق، وكانت له إشارات يشير بها لمن يقرأ عليه تفهم عنه في الكسر والفتح والمدّ والقصر، والوقف.
وتتلمذ عليه عدد كبير منهم «محمد بن أحمد بن سعد القزويني» .
توفي «الحسن بن سليمان الأنطاكي» بمصر سنة تسع وتسعين وثلاثمائة.
وكما أخذ «محمد بن أحمد القزويني» القراءة عن خيرة العلماء أخذ أيضا
(1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 542.
حديث الهادي البشير صلى الله عليه وسلم، وفي مقدمة شيوخه الذين أخذ عنهم الحديث:
«القاضي عليّ بن محمد الحلبي، وميمون حمزة الحسيني» .
تصدّر «محمد بن أحمد القزويني» لتعليم القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام. وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة:«الحسن بن خلف بن عبد الله بن بليمة، بفتح الباء، وتشديد اللام مكسورة، وهو أستاذ ماهر حاذق، نزيل الإسكندرية، ومؤلف كتاب «تلخيص العبارات بلطيف الإشارات» في القراءات.
ولد ابن بليمة سنة سبع أو ثمان وعشرين وأربعمائة.
وعني بالقراءات فقرأ بالقيروان على «أبي بكر القصري» إمام جامع القيروان وغيره، ثم رحل فقرأ بمكة المكرمة على «أبي معشر الطبري» ، وقرأ بمصر على «محمد بن أحمد القزويني» وأحمد بن نفيس برواية ورش من طريق الأزرق، ورواية «الدوري» عن اليزيدي.
وقرأ عليه عدد كثير وفي مقدّمتهم: «أبو العباس أحمد بن الحطيئة» .
توفي «الحسن بن بليمة» بالاسكندرية ثالث عشر رجب سنة أربع عشرة وخمسمائة هـ.
ومن تلاميذ «محمد بن أحمد القزويني» في القراءة: «يحيى بن عليّ بن الفرج أبو الحسن المصري، يعرف بابن الخشاب، كان شيخ الإقراء بالديار المصرية، وهو أستاذ ماهر حاذق، صحيح الأخذ والضبط، أخذ القراءة على عدد من العلماء. وفي مقدمتهم: «محمد بن أحمد القزويني» ثم تصدّر للإقراء، فأخذ عنه القراءة الكثيرون، منهم:«أحمد بن محمد بن خلف الأنصاري» .
توفي «يحيى بن عليّ» سنة أربع وخمسمائة.
ومن تلاميذ «محمد بن أحمد القزويني» في الحديث: «عبد العزيز الكتاني» محمد بن أحمد بن إبراهيم أبو عبد الله الرازي، قدم بغداد، وحدث بها عن أبي عامر عمرو بن تميم الطبري، وروى عنه المعافى بن زكريا.
وبعد حياة حافلة بطلب العلم ثم تعليم القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام توفي «محمد بن أحمد القزويني» في ربيع الآخر سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة من الهجرة.
رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.
رقم الترجمة/ 25 «أحمد بن محمد» (1) ت 923 هـ
هو: أحمد بن أبي بكر بن عبد الملك القسطلاني الأصل، المصري الشافعي، وهو من خيرة القراء، والعلماء المؤلفين.
ولد في ثاني عشر ذي القعدة سنة إحدى وخمسين وثمان مائة بمصر، ونشأ بها فحفظ القرآن الكريم، ثم قرأ بالسبعة على الشيخ «السراج عمر بن قاسم الأنصاري» .
وقرأ بالقراءات الثلاث إلى قوله تعالى: وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا على الشيخ «الزين عبد الغني الهيثمي» ثم قرأ بالقراءات العشر على الشيخ «الشهاب بن أسد» . وأخذ الفقه عن «الفخر المقسمي» ، و «الشهاب العيّادي» ، وقرأ ربع العبادات من كتاب «المنهاج» على «الشمس اليامي» وقطعة من «كتاب الحاوي» على «البرهان» وسمع مواضع في شرح الألفية على «الرضي، والسخاوي» وسمع صحيح البخاري بتمامه على «الشاوي» ثم حج غير مرّة، وجاور سنة أربع وثمانين وثمان مائة، وسمع بمكة عن جماعة من خيرة العلماء.
اشتهر «أحمد بن محمد» بالتقوى والصلاح مما استوجب الثناء عليه، وفي هذا يقول:«الإمام الشوكاني» : وكان متعففا، جيد القراءة للقرآن، والحديث، والخطابة، شجيّ الصوت، مشاركا في الفضائل، متواضعا، متوددا، لطيف العشرة، سريع الحركة، اشتهر بالصلاح والتعفف على طريق أهل الفلاح» (2).
(1) انظر ترجمته في البدر الطالع ج 1، ص 102 ورقم الترجمة 60.
(2)
انظر البدر الطالع للشوكاني ج 1، ص 103.
وقال «الشيخ جار الله بن فهد» : ولما اجتمعت به في الرحلة الأولى أي إلى مكة المكرمة أجازني بمؤلفاته، ومروياته» ثم يقول «الشيخ جار الله»:
ومن الرحلة الثانية اعترف لي بمعرفة فنّي» (1).
ترك «أحمد بن محمد» للمكتبة الإسلامية بعض المصنفات في علوم مختلفة، فمن ذلك:«العقود السنية في شرح المقدمة الجزرية» في التجويد، و «الكنز في وقف حمزة وهشام على الهمز» وشرح على «الشاطبية» وصل فيه إلى الإدغام الصغير.
ومن مؤلفاته المشهورة: شرح البخاري المسمى «إرشاد الساري على صحيح البخاري» في أربعة مجلدات.
توفي «أحمد بن محمد» بعد حياة حافلة بالعلم والتصنيف ليلة الجمعة، سابع المحرم سنة ثلاثا وعشرين وتسعمائة، وصلّي عليه بعد الجمعة بالجامع الأزهر.
رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.
(1) انظر البدر الطالع ج 1، ص 103.
رقم الترجمة/ 26 «أحمد بن مسرور» (1) ت 442 هـ
هو: أحمد بن مسرور بن عبد الوهاب، أبو نصر الخبّاز البغدادي، وهو شيخ جليل مشهور، ومن الثقات.
ذكره «الذهبي» ت 748 هـ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن.
كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ «أحمد بن مسرور» ، القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم علي بن أحمد بن عمر بن حفص بن عبد الله أبو الحسن الحمامي، وهو شيخ العراق ومسند الآفاق، ومن الثقات البارعين.
ولد «علي بن أحمد» سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، وتوفي في شعبان سنة سبع عشرة وأربعمائة، وهو في سنّ التسعين.
أخذ «عليّ بن أحمد» القراءات عرضا عن «أبي بكر النقاش، وأبي عيسى بكار، وزيد بن علي، وهبة الله بن جعفر، وعبد الواحد بن عمر، وعليّ بن محمد بن جعفر القلانسي، ومحمد بن علي بن الهيثم، وعبد العزيز بن محمد الواثق بالله، وأحمد بن محمد بن هارون الورّاق، وعبد الله بن الحسن بن سليمان النخّاس، وأحمد بن عبد الرحمن الوليّ، وأبي بكر بن مقسم، وإسماعيل بن شعيب النهاوندي» .
تصدر «على بن أحمد» لتعليم القرآن، وفي مقدمة من قرأ عليه: «أحمد بن
(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:
معرفة القراء الكبار للذهبي ج 1، ص 414 رقم الترجمة 352. طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 137 ورقم الترجمة 651.
مسرور، وأحمد بن الحسن بن اللحياني، وأحمد بن علي الصوفي، وأحمد بن علي الهاشمي، والحسن بن البناء، والحسن بن أبي الفضل الشرمقاني، والحسن بن علي العطار، والحسن بن محمد المالكي، والحسين بن أحمد الصفّار، والحسين بن الحسن بن أحمد بن غريب، وعبد الواحد بن شيطا، وعبد الملك بن شابور، وعبد السيّد بن عتاب، وعليّ بن محمد بن فارس، ومحمد بن موسى الخياط، ونصر بن عبد العزيز الفارسي، وغير هؤلاء كثير.
احتلّ «علي بن أحمد» مكانة سامية بين العلماء مما جعلهم يثنون عليه وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي» : «كان عليّ بن أحمد» صدوقا، ديّنا، فاضلا، تفرّد بأسانيد القرآن وعلوّها» اه (1).
ومن شيوخ «أحمد بن مسرور» : «عليّ بن إسماعيل بن الحسن بن إسحاق أبو الحسن البصري القطان، المعروف بالخاشع، وهو أستاذ، رحّال، محقق، ومن الثقات. أخذ القراءة بمكة المكرمة عن: «أبي بكر بن محمد بن عيسى بن بندار، وبأنطاكية عن «الأستاذ إبراهيم بن عبد الرزاق» ، كما أخذ القراءة بعسقلان عن «أبي الحسن عليّ بن محمد بن عامر» ، وبحمص عن:«قيس بن محمد» إمام جامع حمص، وبالصعيد الأعلى عن:«أحمد بن عثمان بن عبد الله الأسواني» .
تصدّر «علي بن إسماعيل» لتعليم القرآن، وفي مقدمة من قرأ عليه:«أحمد ابن مسرور، وأبو بكر محمد بن عمر، وأبو علي الأهوازي» .
احتلّ «علي بن إسماعيل» منزلة رفيعة بين العلماء مما جعلهم يثنون عليه، قال «الحافظ أبو عبد الله البغدادي»:«أقرأ عليّ بن إسماعيل ببغداد مدّة، واشتهر ذكره، وطال عمره وصنف في القراءات» (2).
(1) انظر طبقات القراء ج 1، ص 522.
(2)
انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 527.
ومن شيوخ «أحمد بن مسرور» : عمر بن إبراهيم بن أحمد بن كثير أبو حفص الكتاني، البغدادي، وهو شيخ مشهور من الثقات، ولد سنة ثلاثمائة، وتوفي في رجب سنة تسعين وثلاثمائة عن تسعين سنة.
أخذ «عمر بن إبراهيم» القراءة عن خيرة العلماء، فقد عرض القراءة على:
«أبي بكر بن مجاهد، ومحمد بن جعفر الحربي» ، عرض عليهما قراءة «عاصم» وسمع حروف القراءات من «إبراهيم بن عرفة نفطويه» وعرض القراءة على:
تصدّر «عمر بن إبراهيم» لتعليم القرآن، وفي مقدمة من قرأ عليه:«أحمد ابن مسرور، وعيسى بن سعيد الأندلسي، وأبو نصر أحمد بن محمد بن الحدّادي، ومحمد بن عبد الله بن مكي السوّاق، وأحمد بن محمد بن إسحاق المقرئ، ومحمد بن جعفر الخزاعي، وأحمد بن الفتح، والحسن بن الفحّام» ، وسمع منه كتاب السبعة «أحمد بن محمد بن يوسف، وعليّ بن القاسم بن إبراهيم» .
ومن شيوخ «أحمد بن مسرور» : «المعافى بن زكريا بن طرارا، أبو الفرج النهرواني، الجريري، وهو إمام في القراءة، ومن الفقهاء، أخذ القراءة عرضا عن «أبي الحسن بن شنبوذ، وبكار، وأبي مزاحم الخاقاني، والخضر بن الحسين الحلواني» .
تصدّر «المعافى بن زكريا» لتعليم القرآن، وفي مقدمة من قرأ عليه:
احتلّ «المعافى» مكانة سامية بين العلماء مما جعلهم يثنون عليه، وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي»:«كان «المعافى» من أعلم الناس في وقته بالفقه، والنحو، واللغة، وأصناف الأدب، ولي القضاء بباب الطاق» اه (1).
توفي «المعافى» سنة تسعين وثلاثمائة عن خمس وثمانين سنة.
رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.
ومن شيوخ «أحمد بن مسرور» : منصور بن محمد أبو الحسن القزّاز البغدادي، وهو إمام مشهور، ومن الثقات. أخذ قراءة «أبي عمرو البصري» عرضا عن «أبي بكر بن مجاهد» وهو آخر أصحابه موتا.
تصدّر «منصور بن محمد» لتعليم القرآن، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة، «أحمد بن مسرور» والحسن بن عليّ العطّار، ولم يختم عليه، ونصر بن عبد العزيز الشيرازي، والحسن بن عليّ بن غالب الحربيّ.
تصدّر «أحمد بن مسرور» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة، واقبل عليه حفاظ القرآن، ومن الذين قرءوا عليه:«أحمد بن عليّ بن عبيد الله بن عمر ابن سوار الأستاذ، أبو طاهر، البغدادي» ، وهو إمام كبير محقق مؤلف كتاب «المستنير» في القراءات العشر، وهو من الثقات.
أخذ «أحمد بن عليّ» القراءة عن «الحسن بن أبي الفضل الشرمقاني، والحسن بن عليّ بن عبد الله العطّار، وعلي بن محمد بن فارس الخياط، وعليّ ابن طلحة بن محمد البصري، وأبي تغلب عبد الوهاب بن عليّ بن الحسن المؤدّب، وفرج بن عمر الواسطي، وأبي بكر محمد بن عبد الرحمن النهاوندي، وعتبة بن عبد الملك العثماني الأندلسي، ومنصور بن محمد التميمي، وأحمد بن مسرور بن عبد الوهاب، وعبد الله بن محمد بن مكّي، وأبي الفتح عبد الواحد
(1) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 2، ص 302.
ابن شيطا، وأحمد بن محمد إسحاق المقرئ، ومسافر بن الطيب البصري»، وغير هؤلاء.
تصدّر «أحمد بن علي» لتعليم القرآن، ومن الذين قرءوا عليه:«أبو علي ابن سكرة الصدفي شيخ ابن الباذش، ومحمد بن الخضر المحولي، وأبو محمد سبط الخياط، وأبو الكرم الشهرزوري» . وروى عنه حروف القراءات: الحافظ أبو طاهر السلفي، وأبو بكر أحمد بن المقرّب الكرخي، وغير هؤلاء.
توفي «أحمد بن علي» سنة ست وتسعين وأربعمائة.
ومن تلاميذ «أحمد بن مسرور» الذين أخذوا عنه القراءة: «الحسن بن أحمد بن علي بن فتحان بن منصور أبو نصر الشهرزوري» ، وهو شيخ جليل، ومن الثقات.
أخذ «الحسن بن أحمد» القراءة عن «أحمد بن مسرور» وقرأ عليه ولده «المبارك بن الحسن» .
ومن تلاميذ «أحمد بن مسرور» : عبد السيّد بن عتّاب، وهو من خيرة العلماء وشيخ مسند ومن الثقات.
أخذ «عبد السيّد بن عتّاب» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم:
تصدر «عبد السيّد بن عتّاب» لتعليم القرآن، ومن الذين قرءوا عليه:
«أبو عليّ بن سكرة الصدفي، ومحمد بن عبد الملك بن خيرون، وأبو الكرم
الشهرزوري». توفي «عبد السيّد» سنة سبع وثمانين وأربعمائة عن نحو تسعين سنة.
ومن تلاميذ «أحمد بن مسرور» : عليّ بن الفرج، أبو الحسن الدينوري، المعروف بابن الحارس، وهو شيخ جليل ومن الثقات.
أخذ القراءة عن «أبي نصر أحمد بن مسرور» وقرأ عليه: «المبارك بن الحسن الشهرزوري» .
ومن تلاميذ «أحمد بن مسرور» : «أحمد بن الحسين بن أحمد أبو بكر المقدسي» وهو من خيرة القراء، ومن الحذاق المشهورين.
أخذ «أحمد بن الحسين» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم:«أحمد ابن مسرور، وأبو القاسم الزيدي، وأبو علي الأهوازي، وأبو عبد الله الكارزيني، وعتبة العثماني، وأبو الفتح الفرج بن عمر الواسطي» .
جلس «أحمد بن الحسين» لتعليم القرآن، وفي مقدمة من قرأ عليه:«أبو بكر محمد بن الحسين المزرفي» .
توفي «أحمد بن الحسين» سنة ثمان وستين وأربعمائة.
ومن تلاميذ «أحمد بن مسرور» : «عبد الملك بن أحمد أبو نصر البزّاز، أخذ القراءة عن «أحمد بن مسرور، وابن مقسم» . وقرأ عليه «عليّ بن محمد الخبازي» .
ومن تلاميذ «أحمد بن مسرور» : «عبد الكريم بن عبد الصمد بن محمد ابن عليّ أبو معشر الطبري» ، شيخ أهل مكة، وهو إمام حجة، محقق، مشهور ومن الثقات.
اخذ «عبد الكريم» عن عدد من العلماء، وفي مقدمتهم:«أحمد بن»
مسرور» وأبو القاسم عليّ بن محمد، وأبو عبد الله الكارزيني، وابن نفيس، وإسماعيل بن راشد الحدّاد، والحسن بن محمد الأصفهاني» وغير هؤلاء كثير.
جلس «عبد الكريم» لتعليم القرآن، ومن الذين قرءوا عليه: الحسن بن بليمة مؤلف كتاب «تلخيص العبارات» . وإبراهيم بن عبد الملك القزويني، وعبيد الله بن منصور، وعبد الله بن عمر، وإبراهيم بن المسبّح. وغير هؤلاء كثير.
توفي «عبد الكريم» بمكة المكرمة سنة ثمان وسبعين وأربعمائة.
ومن تلاميذ «أحمد بن مسرور» : «محمد بن أحمد بن عليّ، أبو منصور البغدادي» المعروف بالخياط، مؤلف كتاب «المهذب في القراءات» وهو استاذ كبير ثقة مشهور.
ولد سنة إحدى وأربعمائة، وتوفي يوم الأربعاء سادس عشر المحرم سنة تسع وتسعين وأربعمائة، وله تسع وتسعون سنة. أخذ «محمد بن أحمد» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم:«أحمد بن مسرور، وأبو بكر بن الأخضر» .
وتصدر للإقراء، ومن الذين قرءوا عليه: سبطاه: الأستاذ أبو محمد عبد الله، وأبو عبد الله الحسين» وغير هؤلاء كثير.
توفي «أحمد بن مسرور» سنة اثنين وأربعين وأربعمائة.
رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.
رقم الترجمة/ 27 «أحمد بن نفيس» (1) ت 453 هـ
هو: أحمد بن سعيد بن أحمد بن عبد الله بن سليمان المعروف بابن نفيس أبو العباس الطرابلسي الأصل ثم المصري، كان إماما ثقة كبيرا، انتهى إليه علوّ الإسناد وكان صحيح الرواية، رفيع الذكر.
أخذ «أحمد بن نفيس» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم:«محمد بن الحسن بن عليّ أبو طاهر الأنطاكي» ، وهو إمام كبير ثقة، شهير نزل مصر، وأخذ القراءة عرضا عن «إبراهيم بن عبد الرزاق، وهو من جلة أصحابه، وروى القراءة عنه سماعا أبو الطيب بن غلبون، كما عرض عليه القراءة «أحمد ابن نفيس» وآخرون.
قال الإمام الداني: خرج «أبو طاهر الأنطاكي» من «مصر» إلى الشافعي فتوفي في منصرفه قبل سنة ثمانين وثلاثمائة من الهجرة.
ومن شيوخ «أحمد بن نفيس» في القراءة: عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون بن المبارك ابو الطيب الحلبي نزيل مصر، وهو أستاذ ماهر كبير محرّر ضابط ثقة، ولد في حلب، ورحل إلى مصر فسكنها، وألف كتاب «الإرشاد» في القراءات السبع، وروى القراءة عرضا وسماعا عن عدد من القراء وفي مقدمتهم:«إبراهيم بن عبد الرزاق» وآخرون، وأخذ عنه القراءة الكثيرون ومن مقدمتهم «أحمد بن نفيس» .
(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:
معرفة القراء الكبار رقم الترجمة 355، ج 1، ص 416. غاية النهاية في طبقات القراء رقم الترجمة 243، ج 1، ص 56. مرآة الجنان، ج 3، ص 74. حسن المحاضرة، ج 1، ص 394.
شذرات الذهب ج 3، ص 290.
قال عنه «الحافظ أبو عمرو الداني» : كان «عبد المنعم بن غلبون» حافظا للقراءة ضابطا ذا عفاف ونسك وفضل وحسن تصنيف، توفي بمصر في جمادى الأولى سنة تسع وثمانين وثلاثمائة.
كما أخذ «أحمد بن نفيس» حديث الهادي البشير صلى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء، وفي مقدمتهم:«عليّ بن الحسين بن بندار الأنطاكي، وأبو القاسم الجوهري صاحب المسند» .
وبعد أن اكتملت مواهب «أحمد بن نفيس» تصدر لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه. وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة:«عبد الرحمن ابن عتيق بن خلف أبو القاسم بن أبي بكر بن ابي سعيد بن الفحام الصقلي» ، الأستاذ الثقة المحقق، مؤلف كتاب «التجريد في القراءات» كان شيخ الإسكندرية، وإليه انتهت رئاسة الإقراء بها علوّا ومعرفة. قرأ الروايات على «إبراهيم بن إسماعيل المالكي» صاحب «أبي عليّ البغدادي» . وأخذ العربية عن «عليّ بن ثابت» وشرح مقدّمته، وقرأ عليه بالروايات أحمد بن محمد السلفي، أبو طاهر» وآخرون. قال «سليمان بن عبد العزيز الأندلسي»:«ما رأيت أحدا أعلم بالقراءات من عبد الرحمن بن عتيق، لا بالمشرق ولا بالمغرب» .
توفي في ذي القعدة سنة ست عشرة وخمسمائة.
ومن تلاميذ «أحمد بن نفيس» في القراءة: «عبد الله بن عمر بن العرجاء وهي أمه، وهو مقرئ حاذق، رحّال، ثقة، رحل فقرأ على: «أحمد بن نفيس وأبي معشر الطبري» وآخرين.
وتتلمذ عليه الكثيرون، ومن الذين أخذوا عنه القراءة: ولده الشيخ ابو علي الحسن، وعبد الرحمن بن أبي رجاء.
وتوفي في حدود الخمسمائة.
ومن تلاميذ «أحمد بن نفيس» المشهورين: عبد الكريم بن عبد الصمد بن محمد بن علي أبو معشر الطبري القطان، شيخ أهل مكة، وهو إمام عارف محقق، استاذ ثقة صالح، ألف كتاب التلخيص في القراءات الثمان، وكتاب سوق العروس، فيه ألف وخمسمائة رواية وطريق، وكتاب الدرر في التفسير، وكتاب الرشاد في شرح القراءات الشاذة، وكتاب عنوان المسائل، وكتاب طبقات القراء، وكتاب العدد، وكتابا في اللغة، وروى كتاب تفسير النقاش عن شيخه الزيدي، وتفسير الثعلبي عن مؤلفه.
أخذ «أبو معشر الطبري» القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «أحمد ابن نفيس» وآخرون، وروى القراءات بالإجازة عن «أبي علي الأهوازي» .
وتصدّر لتعليم القرآن ومن الذين قرءوا عليه: «الحسن بن بليمة» مؤلف «تلخيص العبارات في القراءات» .
توفي «أبو معشر الطبري» بمكة المكرمة سنة ثمان وسبعين وأربعمائة.
ومن تلاميذ «أحمد بن نفيس» في القراءة. «محمد بن شريح بن أحمد بن محمد بن يوسف أبو عبد الله الرعيني الإشبيلي» ، الأستاذ المحقق، مؤلف كتاب «الكافي والتذكير» ولد سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة، ورحل سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة، فقرأ بمصر على «أحمد بن نفيس» وبمكة على «أحمد بن محمد القنطري» ثم رجع إلى أشبيلية بعلم كثير فولّي خطابة «أشبيلية» .
توفي «محمد بن شريح» في شوال سنة ست وسبعين وأربعمائة.
ومن تلاميذ «أحمد بن نفيس» في القراءة: «محمد بن عتيق بن محمد بن أبي نصر أبو عبد الله بن أبي بكر التميمي القيرواني» وهو إمام علامة متقن، متكلم مناظر، ولد في حدود العشرين وأربعمائة وأخذ علم الكلام بالقيروان عن «أبي
عبد الله بن الحسين بن حاتم» صاحب أبي بكر بن الباقلاني، وسمع من «ابن عبد البرّ» .
ثم رحل إلى «مصر» وقرأ بها على «ابن نفيس» في سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة، وسمع الحديث من «أبي عبد الله القضاعي» ثم قدم دمشق فأقرأ بها الأصول، ثم دخل «بغداد» فأقرأ علم الكلام، والقراءات بالمدرسة النظامية زمانا.
قال «ابن عقيل» : ذاكرته فرأيته مملوءا علما وحفظا، قال الذهبي: توفي «محمد بن عتيق» ببغداد في ذي الحجة سنة اثنتي عشرة وخمسمائة وقد جاوز التسعين.
وبعد حياة حافلة بتعليم العلم توفي «أحمد بن نفيس» سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة.
رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.
رقم الترجمة/ 28 «أحمد بن هاشم» (1) ت 445 هـ
هو: أحمد بن علي بن هاشم تاج الأئمة أبو العباس المصري، وهو شيخ كبير حافظ، وأستاذ جليل.
ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ «أبو العباس المصري» القراءات عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم: عمر ابن محمد بن عراك بن محمد أبو حفص الحضرمي المصري، وهو إمام في قراءة «ورش». عرض «عمر بن عراك» القراءة على: حمدان بن عون، وعبد المجيد بن مسكين، وقسيم بن مطير، وأبي غانم المظفر بن أحمد، ومحمد بن جعفر العلاف.
وسمع حروف القراءات من أحمد بن محمد بن زكريا الصوفي، وأحمد بن إبراهيم بن جامع، والحسن بن أبي الحسن العسكري.
قرأ على «عمر بن عراك» : «أحمد بن هاشم، وفارس بن أحمد، وعتبة بن عبد الملك، والحسين بن إبراهيم الأنباري» .
توفي «عمر بن عراك» بمصر سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة.
ومن شيوخ «أحمد بن هاشم» «عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون» ، نزيل
(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:
معرفة القراء الكبار ج 1، ص 45. طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 89. الصلة لابن بشكوال ج 1، ص 86. العبر ج 3، ص 208. مرآة الجنان ج 3، ص 62. الوافي بالوفيات ج 7، ص 217. حسن المحاضرة ج 1، ص 493. شذرات الذهب ج 3، ص 272.
مصر وهو أستاذ ماهر كبير محرر ضابط ثقة. ولد ليلة الجمعة لاثنتي عشرة ليلة خلت من رجب سنة تسع وثلاثمائة بحلب، وانتقل إلى مصر فسكنها، وروى القراءة عرضا وسماعا عن: إبراهيم بن عبد الرزاق، وإبراهيم بن محمد ابن مروان، وأحمد بن محمد بن بلال، ومحمد بن أحمد بن إبراهيم البغدادي، وأحمد بن الحسين النحوي، وأحمد بن موسى، وجعفر بن سليمان، والحسين بن خالويه.
قرأ على «عبد المنعم بن غلبون» ولده أبو الحسن طاهر، وأحمد بن عليّ الرّبعي، وأبو جعفر أحمد بن علي الأزدي، وأحمد بن هاشم تاج الأمة، وأحمد ابن نفيس، والحسن بن عبد الله الصّقلّي، وخلف بن غصن، وأبو عمر الطلمنكي، وأبو القاسم عبد الرحمن بن الحسن، وأبو عبد الله محمد بن سفيان.
توفي «عبد المنعم بن غلبون» بمصر في جمادى الأولى سنة تسع وثمانين وثلاثمائة.
ومن شيوخ «أحمد بن هاشم» : عليّ بن محمد بن إسحاق أبو الحسين الحلبي القاضي، وقد روى القراءة عن: عبد الله بن محمد بن زياد، وابن مجاهد. وقرأ عليه: أحمد بن هاشم.
ومن شيوخ «أحمد بن هاشم» : الحسن بن سليمان بن الخير، أبو علي الأنطاكي، وهو أستاذ ماهر، حافظ، ثقة سكن مصر، وقرأ على: أبي الفتح ابن بدهن، وأبي الفتح الشنبوذي، وأبي القاسم الزعزاع، وعلي بن محمد البرزندي، بفتح الباء، وسكون الراء، وفتح الزاي، وسكون النون، نسبة إلى «برزند» وهي بلدة من ديار أذربيجان (1).
ولما قدم «مصر» عرض على «أبي بكر الأدفوي» .
(1) انظر الأنساب للسمعاني ج 1، ص 319.
قال عنه «الإمام الداني» : كان «الحسن بن سليمان الأنطاكي» احفظ أهل زمانه للقراءات، والغرائب من الروايات، والشاذّ من الحروف، ومع ذلك كان يحفظ تفسيرا كثيرا، ومعاني، وإعرابا، وعللا، ينصّ على ذلك نصّا بطلاقة لسان، وحسن منطق لا يلحق (1).
قرأ على «الحسن الأنطاكي» : أحمد بن هاشم، ومحمد بن أحمد بن سعد القزويني، وموسى بن الحسين المعدّل، والحافظ أبو عمرو الداني. توفي بمصر سنة تسع وتسعين وثلاثمائة هـ.
ومن شيوخ «أحمد بن هاشم» : عبد الرحمن بن عمر بن محمد ابو محمد المعدّل النحاس، روى القراءة عن: عبد الله بن أحمد بن ذي زويه الدمشقي، وروى القراءة عنه: الحافظ أبو عمرو الداني، وأحمد بن هاشم.
ومن شيوخ «أحمد بن هاشم» : الحسن بن عمر بن إبراهيم أبو محمد المالكي البزّار، روى القراءة عن: محمد بن عبد الرحمن المكي، وروى القراءة عنه «أحمد بن هاشم» ومن شيوخ «أحمد بن هاشم»: محمد بن أحمد بن عليّ بن حسين أبو مسلم الكاتب البغدادي، نزيل مصر، وهو أستاذ معمّر مسند عالي السند، ولد سنة خمس وثلاثمائة، وروى القراءات عن:«أبي بكر بن مجاهد، ومحمد بن أحمد ابن قطن، وعلي بن أحمد بن بزيع» . وروى القراءة عنه: «أحمد بن هاشم، والحافظ أبو عمرو الداني، ورشأ بن نظيف، وأبو علي الأهوازي، وأحمد بن بابشاذ» .
توفي «محمد أبو مسلم الكاتب» سنة تسع وتسعين وثلاثمائة.
ومن شيوخ «أحمد بن هاشم» : هبة الله بن عبد الله أبو القاسم الضرير،
(1) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 215.
روى القراءة عرضا عن عمر العريف، وروى القراءة عنه عرضا «أحمد بن هاشم أبو العباس المصري» .
ومن شيوخ «أحمد بن هاشم» : محمد بن المظفر بن عليّ بن حرب أبو بكر الدينوري بكسر الدال المشدّدة، وفتح النون والواو، وهي نسبة إلى الدّينور» بلدة من بلاد الجبل
عند «قرميسين» (1).
وهو شيخ «دينور» وإمام جامعها، قرأ عليه «أحمد بن هاشم، وأبو غلام الهرّاس، وعلي بن محمد الخيّاط، والحسن بن محمد بن إبراهيم البغدادي، ونصر ابن عبد العزيز الفارسي» وآخرون.
قال «ابن الجزري» : دخل «أحمد بن هاشم» بلاد الأندلس سنة عشرين وأربعمائة، فأخذ عنه:«أبو عمر الطلمنكي» مع كبره، وبين وفاته ووفاة «الطلمنكي» نحو تسعين سنة (2).
احتلّ «أحمد بن هاشم» مكانة سامية مما جعل العلماء يثنون عليه. قال «أبو عمر الحذّاء» : هو أحفظ من لقيت لاختلاف القرّاء وأخبارهم (3). وقال «ابن الجزري» : «أحمد بن هاشم أبو العباس المصري، شيخ حافظ أستاذ.
توفي «أحمد بن هاشم» في شوال سنة خمس وأربعين وأربعمائة هـ.
رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.
(1) انظر الأنساب للسمعاني ج 2، ص 531.
(2)
انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 89.
(3)
انظر القراء الكبار ج 1، ص 405.
رقم الترجمة/ 29 «إسماعيل بن خلف» (1) ت 455 هـ
هو: إسماعيل بن خلف بن سعيد بن عمران أبو طاهر النحوي، الأنصاري، الأندلسي ثم المصري، مؤلف كتاب «العنوان» و «الاكتفاء» في القراءات، واختصر كتاب «الحجة» في القراءات لأبي علي الفارسي.
أخذ «إسماعيل بن خلف» القراءة عن عدد من العلماء وفي مقدمتهم: «عبد الجبار بن أحمد بن عمر بن الحسن أبو القاسم الطرسوسي، يعرف بالطويل، مؤلف كتاب «المجتبى الجامع» في القراءات.
ولد سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة.
وهو أستاذ ماهر ثقة، متصدر، نزل «مصر» وكان شيخها، قال عنه «الإمام الداني»: كان «عبد الجبار بن أحمد» شيخا فاضلا، ذا عفاف، ونسك، رأيته وشاهدته، وكان كثيرا ما يقصد شيخنا «فارس بن أحمد» يذاكره في مجلسه (2).
أخذ «عبد الجبار بن أحمد» القراءة عن مشاهير العلماء، وفي مقدمتهم:
«أبو أحمد السامري» عرض عليه الحروف كلها.
وسمع حروف القراءات من «أبي عليّ أحمد بن عبد الوهاب» وآخرين.
(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:
فهرست ابن خير ص 417، وفيات الأعيان ج 1، ص 233. الصلة لابن بشكوال ص 105، إرشاد الأريب ج 2، ص 273. الوافي بالوفيات ج 9، ص 116، حسن المحاضرة ج 1، ص 494. روضات الجنات ج 2، ص 55. معرفة القراء الكبار ج 1، ص 423. ورقم الترجمة 362. غاية النهاية في طبقات القراء، ج 1 ص 164.
(2)
انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 358 ..
وبعد أن اكتملت مواهب «عبد الجبار بن أحمد» جلس لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة وجودة القراءة، ومن الذين أخذوا عنه القراءات:«أبو طاهر إسماعيل بن خلف» صاحب «العنوان» وروى عنه القراءات: «أبو الحسن يحيى ابن إبراهيم البياز» وهو آخر من قيل إنه روى عنه.
توفي «عبد الجبار» بمصر في آخر شهر ربيع الأول سنة عشرين وأربعمائة.
ثم تصدّر «إسماعيل بن خلف» لتعليم القرآن، وأقبل عليه الحفاظ يأخذون عنه، وفي مقدمة من قرأ عليه القرآن:«ابنه جعفر بن إسماعيل» روى القراءة عن أبيه سماعا وتلاوة.
ومن تلاميذ «إسماعيل بن خلف» في القراءة: «يحيى بن عليّ بن الفرج أبو الحسن المصري، يعرف بابن الخشّاب، شيخ الإقراء بالديار المصرية، وهو أستاذ ماهر، صحيح الأخذ، أخذ القراءة عن خيرة القراء وفي مقدمتهم:
«أحمد ابن نفيس» . ثم تصدّر لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب، ومن الذين أخذوا عنه القراءة «أحمد بن محمد بن خلف الأنصاري» .
توفي «يحيى بن علي» سنة أربع وخمسمائة.
وبعد حياة حافلة بتعليم القرآن، توفي «إسماعيل بن خلف» أول المحرم سنة خمس وخمسين وأربعمائة، رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.
رقم الترجمة/ 30 «إسماعيل بن عمرو» (1) ت 429 هـ
هو: إسماعيل بن عمرو بن إسماعيل بن راشد الحداد، أبو محمد المصري.
شيخ صالح متصدر.
ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن.
كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات.
أخذ «إسماعيل بن عمرو» القراءة القرآنية عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم:
«أبو عدي عبد العزيز بن الإمام، وغزوان بن القاسم، وقسيم بن مطير» وآخرون.
كما أخذ «إسماعيل بن عمرو» حديث الهادي البشير عن عدد من العلماء، فقد سمع من الحسن بن رشيد، وأحمد بن محمد بن سلمة الخياس، والعباس بن أحمد الهاشمي.
تصدّر «إسماعيل بن عمرو» لتعليم القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام واشتهر بالثقة والضبط والإتقان، وأقبل عليه الطلاب العلم، ومن الذي أخذوا عنه القرآن:«أبو القاسم يوسف الهذلي، وإبراهيم بن إسماعيل المالكي، والحسين ابن محمد بن مبشر» وآخرون.
ومن الذين أخذوا عنه حديث الهادي البشير صلى الله عليه وسلم وحدثوا عنه: «سعيد ابن علي الزنجاني، وأبو الحسن القاضي الخلعي» وآخرون.
(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:
تذكرة الحفاظ للذهبي ج 3، ص 1100. طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 167. القراء الكبار للذهبي ج 1، ص 385. حسن المحاضرة للسيوطي ج 1، ص 493.
توفي «إسماعيل بن عمرو» سنة تسع وعشرين وأربعمائة من الهجرة.
رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.
رقم الترجمة/ 31 «أبو البقاء العكبري» (1) ت 616 هـ
هو: محب الدين أبو البقاء عبد الله بن الحسين بن أبي البقاء عبد الله بن الحسين العكبري نسبة إلى «عكبرا» بالقصر، بضم العين، وإسكان الكاف وفتح الباء والراء، بليدة على «دجلة» فوق بغداد بخمسة فراسخ، ثم البغدادي الأزجيّ نسبة إلى المحلة التي كان يسكنها في بغداد، وهي محلة بباب الأزج، وهي إحدى محلات شرقي بغداد الكبيرة، ثم الحنبلي، صاحب التصانيف.
ولد «أبو البقاء العكبري» سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة.
حفظ «العكبري» القرآن في صغره، ثم جدّ في طلب العلم منذ صغره وتتلمذ على خيرة علماء عصره، فقرأ بالروايات القرآنية على «عليّ بن عساكر ابن المرجب بن العوّام أبو الحسن البطائحي، شيخ العراق، وكان من الثقات، وقرأ «البطائحي» على «أبي العز القلانسي» وأبي عبد الله البارع، وأبي بكر المزرقي، وعمر بن إبراهيم الزيدي.
وقرأ على «البطائحي» «عبد العزيز بن دلف، ومحمد بن أبي القاسم، وعليّ ابن هبة الله بن الجميزي، والوزير عون الدين بن هبيرة، وأسند عنه في كتاب الإفصاح، وصنف كتابا في القراءات. قال عنه «الحافظ الذهبي» :
وكان ثقة، عارفا بالعربية، ت 572 هـ.
(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:
سير أعلام النبلاء ج 22، ص 91. معجم المؤلفين ج 6، ص 46. معجم البلدان ج 3، ص 705. إنباه الرواة ج 2، ص 116. وفيات الأعيان ج 3، ص 100. مرآة الجنان ج 4، ص 32. البداية والنهاية ج 13، ص 85. النجوم الزاهرة ج 6، ص 246. بغية الوعاة ج 2، ص 38. شذرات الذهب ج 5، ص 67. مقدمة كتاب التبيين ص 11.
ومن شيوخ «أبي البقاء العكبري» : «إبراهيم بن دينار بن أحمد بن الحسين، أبو حكيم النهرواني، فقيه حنبلي ت 556 هـ، أخذ عنه «أبو البقاء» الفقه.
ومن شيوخ «أبي البقاء» : طاهر بن محمد بن طاهر بن على المقدسي الأصل الهمذاني ت 596 هـ. أخذ عنه «أبو البقاء» الحديث حين قدم بغداد في طريقه إلى الحج.
ومن شيوخ «أبي البقاء» : عبد الرحمن بن عليّ أبو الفرج بن الجوزي الحنبلي المذهب، البغدادي، القرشي، علامة عصره في التاريخ والحديث ومن المكثرين في التأليف في شتى الفنون.
ولعل «ابن الجوزي» من أبرز العلماء الذي تأثر بهم «أبو البقاء» وقد وصفه «أبو البقاء» في مقدمة إعرابه بأنه أتم المسانيد.
ومن شيوخ «أبي البقاء» : عبد الله بن أحمد بن أحمد أبو محمد بن الخشاب، وهو من أشهر شيوخ «أبي البقاء» في النحو واللغة، كما أنه سمع منه الحديث، فقد ورد في كتاب «إعراب الحديث» قوله
…
وقد سمعت هذا كله في هذا الحديث من شيخنا «أبي محمد بن الخشاب» وقت سماعنا عليه مسند «الإمام أحمد» رحمه الله.
ومن شيوخ «أبي البقاء» : عبد الله بن محمد أبو بكر النّقّور، أخذ عنه «أبو البقاء» الحديث.
ومن شيوخ «أبي البقاء» : عليّ بن عبد الرحيم بن الحسن بن عبد الملك بن إبراهيم السلمي، المعروف بابن العصّار، أخذ عنه «أبو البقاء» اللغة.
ومن شيوخ «أبي البقاء» : محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سليمان البطّي البغدادي، أبو الفتح، سمع منه «أبو البقاء» الحديث، وكانت وفاته سنة 564 هـ.
ومن شيوخ «أبي البقاء: «محمد بن علي بن المبارك» أبو الفضل، مؤيّد الدين بن القصّاب، أخذ عنه «أبو البقاء» اللغة، وتوفي سنة 592 هـ.
ومن شيوخ «أبي البقاء» محمد بن محمد بن محمد بن الحسين أبو يعلى الصغير، عماد الدين بن القاضي أبي حازم بن أبي يعلى الكبير المتوفى سنة 560 هـ من كبار علماء الحنابلة، لازمه أبو البقاء حتى برع في المذهب والخلاف والأصول.
ومن شيوخ «أبي البقاء» : يحيى بن نجاح بن مسعود بن عبد الله اليوسفي، المؤدب، الأديب الشاعر، أبو البركات، حنبليّ المذهب، روى عنه «أبو البقاء» بعض شعره، وأخذ عنه اللغة، والنحو، والأدب.
ومن شيوخ «أبي البقاء» يحيى بن هبيرة بن محمد الدّهلي الشيباني الوزير، من وزراء الدولة العباسية. أخذ عنه «أبو البقاء» الحديث.
تصدر «أبو البقاء» للتدريس، واشتهر بالثقة والضبط وحسن الأداء، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، وكثر تلاميذه في القراءات، والنحو، واللغة وغير ذلك من العلوم.
ومن تلاميذه: أحمد بن عليّ بن معقل، عز الدين، أبو العباس الأزدي المهلبي الحمصي، النحوي، ناظم الإيضاح والتكملة، ومؤلف المآخذ على شراح ديوان المتنبي ت 644 هـ. والحسن بن أبي المعالي بن مسعود بن الحسين، المعروف بابن «الباقلاني» ت 637 هـ.
ومن تلاميذه: سالم بن أحمد بن سالم بن أبي الصقر، الملقب بالمنتخب، «الحاجب» توفي قبل مشيخة «أبي البقاء» سنة 611 هـ.
ومن تلاميذ «أبي البقاء» : عبد الحميد بن هبة الله بن محمد بن الحسين بن أبي الحديد، أبو حامد، عزّ الدين، شارح «نهج البلاغة» وشيخ الحديث
بالمستنصرية، ت 697 هـ.
ومن تلاميذ «أبي البقاء» : ولده «عبد الرحمن بن عبد الله العكبري» ت 636 هـ.
ومن تلاميذ «أبي البقاء» : عبد الرحمن بن نجم بن عبد الوهاب بن الجزري السعدي، أبو الفرج، ناصح الدين المعروف بابن الحنبلي ت 634 هـ. قرأ على «أبي البقاء» الفصيح لثعلب من حفظه، وبعض التصريف لابن جني.
ومن تلاميذ «أبي البقاء» : عبد الرزاق بن رزق الله بن أبي بكر بن خلف أبو محمد عز الدين، مفسّر، ومن مشاهير فقهاء الحنابلة ت 660 هـ.
ومن تلاميذ «أبي البقاء» : عبد السلام بن عبد الله بن تيمية المشهور بالمجد، مجد الدين، جد شيخ الإسلام «ابن تيمية» . أخذ «المجد» عن العكبري. ت 652 هـ.
ومن تلاميذ «أبي البقاء» : عبد الصمد بن أحمد بن عبد القادر بن أبي الحسين البغدادي القطيعي، المقرئ المحدث النحوي، الخطيب الواعظ الزاهد المؤرخ ت 676 هـ، قال: قرأت على «أبي البقاء العكبري» من حفظي كتاب «اللمع» لابن جني، والتصريف الملوكي، والفصيح لثعلب، وأكثر كتاب «الإيضاح» لأبي علي الفارسي، وسمعت عليه «المفضليات» .
ومن تلاميذ «أبي البقاء» : عليّ بن أنجب بن عبد الله بن عمّار بن عبيد الله، تاج الدين، خازن كتب المستنصرية، قرأ القراءات على «أبي البقاء» ت 674 هـ.
ومن تلاميذ «أبي البقاء» القاسم بن أحمد بن الموفق، علم الدين اللورقي الأندلسي، من أشهر تلاميذ «أبي البقاء» في النحو، وأكثر مجالسته حتى صار يسمّى تلميذ «أبي البقاء» ت 661 هـ.
اشتهر «أبو البقاء» بالثقة والأمانة، وسعة العلم، وكثرة التلاميذ والتصنيف مما استوجب الثناء عليه.
قال عنه «ياقوت الحموي» : «كان أبو البقاء ديّنا، ورعا، صالحا، حسن الأخلاق، قليل الكلام فيما لا يجدي نفعا، لم يخرج كلمة من رأسه فيما علمت إلا في علم، وما لا بدّ له منه في مصالح نفسه، وكان رحمه الله رقيق القلب، تفرّد في عصره بعلم العربية، والفرائض» اه.
وقال عنه «الإمام عبد الصمد بن أبي الجيش» : كان «أبو البقاء» يفتي في تسعة علوم، وكان واحد زمانه في النحو، واللغة، والحساب، والفرائض، والجبر، والفقه، وإعراب القرآن، والقراءات الشاذة، وله من كل هذه العلوم تصانيف كبار، وصغار، ومتوسطات. اه.
وقال «ابن الدبيثي» : كان «أبو البقاء» متفننا في العلوم، له مصنفات حسنة في إعراب القرآن، وقراءاته المشهورة، وإعراب الحديث، والنحو واللغة، سمّعت عليه ونعم الشيخ كان. اه.
وقال «أبو الفرج بن الحنبلي» : كان إماما في علوم القرآن، إماما في الفقه إماما في اللغة، إماما في النحو، إماما في العروض، إماما في المسائل النظرية، له في هذه الانواع من العلوم مصنفات مشهورة، وبقي مدّة عمره منقطع النظير، متوحّدا في فنونه التي جمعها، حتى رحلت إليه الطلبة من النواحي، وانتفع به خلق كثير. اه.
وقال «ابن الشعار الموصلي» : كان إماما في الفقه، فرضيا، حاسبا، قارئا شيخ وقته، في علم الأدب واللغة والإعراب، له من التصانيف شيء مفيد مشهور. اه.
وقال «ابن خلكان» : «لم يكن في آخر عمره في عصره مثله، في فنونه،
وكان الغالب عليه علم النحو، وصنف فيه مصنفات مفيدة، واشتغل عليه خلق كثير، وانتفعوا به، واشتهر اسمه في البلاد وهو حيّ، وبعد صيته» اه.
وقال «الفيروزآبادي» : هو أديب ذو معرفة بعلوم القرآن، والجبر، وغوامض العربية،
…
وهو حافظ. اه.
وقال «السيوطي» : قرأ العربية على «يحيى بن نجاح» وابن الخشاب حتى حاز قصب السبق، وصار فيها من الرؤساء المتقدمين، وقصده الناس من الأقطار» اه.
خلّف «أبو البقاء» ثروة علمية طائلة من المؤلفات في مختلف صنوف العلم والمعرفة، ألّف الكتب والرسائل، وشرح المختصرات، واختصر المطولات، على حسب ما يقتضيه الدرس، وتتطلبه مصلحة الطلبة.
ألف في الفقه، ومذاهب الفقهاء وخلافهم، كما ألف في النحو ومذاهب النحاة، ومذاهبهم، وألف في العروض، والفرائض، وألف في الحساب، والأدب، والشعر، والتفسير، والجدل، والحديث. وهذه الثروة العلمية الطائلة والمكتبة حافلة بأصناف العلم وفنونه التي خلفها «أبو البقاء» ، منها ما سلم من عاديات الزمن ووصل إلينا، ومنها ما لعبت به يد الحدثان، وعفا عليه الزمن، وطوته العوادي، فلم يصل إلى أسماعنا إلا اسم الكتاب، سوى بعض نقول عن أمهات هذه المؤلفات المفقودة هنا وهناك، في مؤلفات الخالفين بعد «أبي البقاء» وهذه بعض مؤلفات «أبي البقاء»: أجوبة المسائل الحلبية، الاستيعاب في علم الحساب، الإشارة في النحو، إعراب ما يشكل من الحديث، إعراب شواذ القراءات، إعراب القرآن الكريم، الإفصاح في معاني أبيات الإيضاح، البلغة في الفرائض، التبيين عن مذاهب النحويين، التصريف في علم التصريف، التعليق في مسائل الخلاف، تفسير القرآن الكريم، التلخيص في الفرائض، تلخيص التنبيه لابن جني، التلخيص في النحو، التلقين في النحو، التهذيب في
النحو، تهذيب الإنسان بتقويم اللسان، الثلاثة في الفرائض، شرح أبيات كتاب سيبويه، شرح بعض قصائد رؤبة، شرح الإيضاح والتكملة لأبي علي الفارسي، شرح التلقين، شرح الحماسة، وإعرابها، شرح خطب ابن نباتة، شرح ديوان المتنبي، شرح الفصيح لثعلب، شرح الكتاب لسيبويه، شرح لامية العرب، شرح لامية العجم، شرح اللمع لابن جني، شرح المفصل في النحو لأبي القاسم الزمخشري، شرح المقامات الحريرية، شرح الهداية في الفقه الحنبلي، عدد آي القرآن، العروض والقوافي، الكلام على دليل التلازم ودليل التضاد، اللباب في علل البناء والإعراب، ولغة الفقه، ومتشابه القرآن، ومختصر أصول ابن السرّاج، ومذاهب الفقهاء، والمرام في نهاية الأحكام، وهو كتاب في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل، والمشوق المعلم في ترتيب إصلاح المنطق على حروف المعجم، والمنتخب من كتاب المحتسب لابن جني، والناهض في علم الفرائض. وغير ذلك كثير.
توفي «أبو البقاء العكبري» بعد هذه الحياة الحافلة بالعلم والتصنيف سنة ستة عشرة وستمائة من الهجرة.
رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.