الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رقم الترجمة/ 86 «أبو الفوارس»
(1)
هو: محمد بن العباس، أبو الفوارس الأواني، الصريفيني، وهو شيخ ثقة، ضابط عدل.
أخذ القراءة عن «عمر بن إبراهيم بن أحمد بن كثير أبو حفص الكتاني البغدادي» ت سنة تسعين وثلاثمائة عن تسعين سنة.
وجلس «أبو الفوارس» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة وجودة القراءة، ومن الذين قرءوا عليه:«محمد الحسين بن بندار، أبو العز الواسطي القلانسي، شيخ العراق، ومقرئ القراء بواسط، صاحب التصانيف، ألّف كتاب «الإرشاد» في القراءات العشر، وكتاب «الكفاية» وهو أكبر من كتاب «الإرشاد» .
قال «السّلفي» : سألت «خميسا الحوزي» عن «أبي العزّ» فقال: هو أوحد الأئمة الأعيان في علوم القرآن، برع في القراءات، وسمع من جماعة، وهو جيّد النقل، ذو فهم فيما يقوله. اه.
ولد «أبو العزّ القلانسي» سنة خمس وثلاثين وأربعمائة بواسط، ورحل إلى «أبي القاسم الهذلي» فقرأ عليه بكتاب «الكامل» ، ودخل بغداد فقرأ بها «لعاصم» على «محمد بن العباس الأواني» ، وسمع من «أبي جعفر بن المسلمة» .
ثم تصدّر للإقراء بواسط، ورحل إليه من الأقطار، ومن الذين قرءوا عليه «أبو الفتح بن زريق الحدّاد» .
(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:
معرفة القراء الكبار ج 1، ص 420، ورقم الترجمة 357. طبقات القراء ج 2، ص 158 ورقم الترجمة 3090.
قال «ابن الجوزي» : مات «أبو العز القلانسي» في شوال سنة إحدى وعشرين وخمسمائة بواسط.
رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.
رقم الترجمة/ 87 «أبو القاسم الحسيني» (1) ت 433 هـ
هو: علي بن محمد بن عليّ بن عليّ بن محمد بن أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو القاسم الحسيني الحراني الحنبلي، شيخ معمّر مقرئ صالح ثقة.
ذكره «الذهبي» ت 748 هـ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن.
كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات.
تلقى «أبو القاسم الحسيني» القراءات على خيرة العلماء، وفي مقدمتهم:
«محمد بن الحسن بن محمد بن زياد بن هارون أبو بكر النقاش» نزيل بغداد، الإمام العلم، مؤلف كتاب «شفاء الصدور» وقد عني بالقراءات من صغره، وطاف الأمصار، وتجوّل في البلدان، وكتب الحديث وقيّد السنن، وصنف المصنفات في القراءات، والتفسير، وغير ذلك، وطلت أيامه فانفرد بالإمامة في صناعته مع ظهور نسكه وورعه، وصدق لهجته، وبراعة فهمه، وحسن اطلاعه، واتساع معرفته، قال عنه «الخطيب البغدادي»:«كان عالما بالحروف، حافظا للتفسير، سافر الكثير شرقا وغربا، وكتب بمصر والشام والجزيرة والجبال وخراسان وما وراء النهر» اه.
وقال عنه «الإمام الداني» : النقاش جائز القول، مقبول الشهادة، سمعت «عبد العزيز بن جعفر» يقول: كان النقاش يقصد في قراءة «ابن كثير، وابن عامر» لعلوّ إسناده فيهما، وكان له بيت مليء كتبا، وكان «أبو الحسن الداراني» يستملي له، وينتقي للناس من حديثه. اه، ت 351 هـ.
(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:
القراء الكبار ج 1 ص 393. طبقات القراء ج 1، ص 572. شذرات الذهب ج 3، ص 351.
تصدّر «أبو القاسم الحسيني» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة، والحفظ، وجودة القراءة، وأقبل عليه حفاظ القرآن يأخذون عنه وتتلمذ عليه الكثيرون، وفي مقدمتهم:«يوسف بن عليّ بن جبارة بن محمد بن عقيل بن سوادة، أبو القاسم الهذلي اليشكري» الأستاذ الكبير الرحال، والعلم الشهير الجوّال، طاف البلاد في طلب القراءات، يقول «الإمام ابن الجزري»: لا أعلم أحدا في هذه الأمة رحل في القراءات رحلته، ولا لقي من لقي من الشيوخ، قال الهذلي في كتابه «الكامل»: فجملة من لقيت في هذا العلم ثلاثمائة وخمسة وستون شيخا من آخر المغرب إلى باب «فرغانة» يمينا وشمالا وجبلا وبحرا، ولو علمت أحدا تقدم عليّ في هذه الطبقة في جميع بلاد الإسلام لقصدته، ثم قال: وألفت هذا الكتاب- أي الكامل- فجعلته جامعا للطرق المتلوة، والقراءات المعروفة، ونسخت به مصنفاتي كالوجيز والهادي».
وكان قد قرره الوزير نظام الدين في مدرسته بنيسابور فقعد سنين وأفاد، وكان مقدما في النحو والصرف، وعلل القراءات، وكان يحضر مجلس «أبي القاسم القشيري» ويأخذ منه الأصول، وكان «القشيري» يراجعه في مسائل النحو والقراءات، ويستفيد منه. ت 465 هـ.
ومن تلاميذ «أبي القاسم الحسيني» : عبد الكريم بن عبد الصمد بن محمد بن علي أبو معشر الطبري القطان الشافعي، شيخ أهل مكة، إمام عارف محقق أستاذ ثقة، صالح، ألف كتاب «التلخيص في القراءات الثمان» ، وكتاب «سوق العروس» فيه ألف وخمسمائة رواية وطريق، وكتاب «الدرر» في التفسير، وكتاب «الرشاد» في شرح القراءات الشاذة، وكتاب «عنوان المسائل» وكتاب «طبقات القراء» وكتاب «العدد» ت 478 هـ.
ومن تلاميذ «أبي القاسم الحسيني» : أحمد بن الفتح بن عبد الجبار، أبو العباس الموصلي، نزيل نهر الملك ت 484 هـ.
ومن تلاميذ «أبي القاسم الحسيني» : الحسن بن القاسم بن علي الأستاذ أبو علي الواسطي، المعروف بغلام الهراس، شيخ العراق، والجوّال في الأوقاف، ثم أقام بمصر، فرحل الناس إليه من كل ناحية، قال «هبة الله بن المبارك السقطي»: كنت أحد من رحل إلى «أبي عليّ» فألفيت شيخا عالما صدوقا متيقظا نبيلا، وقورا. اه.
وقد جمع ما في الكفاية، والإرشاد من تلاوة القلانسي عليه. احتلّ «أبو القاسم الحسيني» مكانة عظيمة بين العلماء مما استوجب الثناء عليه، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»:
كان «أبو القاسم» صالحا كبير القدر.
وقال «الإمام أبو عمرو الداني» : هو آخر من قرأ على النقاش، وكان ضابطا ثقة، مشهورا، أقرأ بحران دهرا طويلا. اه.
توفي «أبو القاسم الحسيني» في العشرين من شوال سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة من الهجرة، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن.
رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.
رقم الترجمة/ 88 «قاسم بن قطلوبغا» (1) ت 879 هـ
هو: قاسم بن قطلوبغا زين الدين أبو العدل السودوني، نسبة لمن أعتق أباه «سودون الشيخوني» نائب السلطنة الجمال الحنفي، ويعرف بقاسم الحنفي.
وهو من حفاظ القرآن، ومن العلماء العاملين، والمؤلفين.
ولد في المحرم سنة اثنتين وثمانمائة بالقاهرة، ومات أبوه وهو صغير فنشأ يتيما، وحفظ القرآن، وكتبا أخرى، عرض بعضها على «العزّ بن جماعة» وتكسب بالخياطة وقتا وبرع فيها، ثم أقبل على الاشتغال بالعلم على مشاهير العلماء: فسمع تجويد القرآن على «الزراتيتي» وبعض التفسير على «العلاء البخاري» وأخذ علوم الحديث عن «التاج أحمد الفرغاني» قاضي بغداد، والفقه عن عدد من العلماء منهم «السراج قاري» و «العز بن جماعة» وأصول الفقه عن «الشريف السبكي» وأصول الدين عن «البساطي» والعربية عن «المجد» والصرف عن «البساطي» .
وقرأ غالب الفنون، واشتدت عنايته بملازمة «ابن الهمّام» بحيث سمع عليه غالب ما كان يقرأ في هذه الفنون وغيرها، وذلك من سنة خمس وعشرين وثمانمائة حتى توفاه الله تعالى، وكان معظم انتفاعه به. وارتحل «قاسم بن قطلوبغا» إلى بعض المدن للأخذ عن علمائها: فارتحل إلى «الشام» مع شيخه «التاج النعماني» ودخل «الاسكندرية» وقرأ بها على «الكمال بن خير» وغيره.
وحج غير مرّة، وزار بيت المقدس، وقال: إنه شملته الإجازة من أهل
(1) انظر ترجمته في:
الضوء اللامع ج 6، ص 184 ورقم الترجمة 635. البدر الطالع ج 2، ص 45 ورقم الترجمة 369.
الشام، والاسكندرية.
احتل «قاسم بن قطلوبغا» مكانة سامية بين العلماء مما جعلهم يثنون عليه، وفي هذا يقول «شمس الدين السخاوي»:«ونظر في كتب الأدب ودواوين الشعر فحفظ منها شيئا كثيرا، وعرف بقوة الحافظة والذكاء، وأشير إليه بالعلم، وأذن له غير واحد بالافتاء والتدريس، ووصفه «ابن الديري» بالشيخ العالم الذكيّ، وشيخنا بالإمام العلامة المحدث، الفقيه الحافظ».
ثم يمضي «السخاوي» في الثناء عليه فيقول: «وتصدى للتدريس والإفتاء، قديما، وأخذ عنه الفضلاء في فنون كثيرة، واسمع من لفظه جامع مسانيد أبي حنيفة، المشار إليه بمجلس «الناصر بن الظاهر جقمق» بروايته له عن «التاج النعماني» .
وقال «السخاوي» : وترجمه الزين رضوان في بعض مجاميعه بقوله: «هو من حذّاق الحنفية، كتب الفوائد واستفادوا وأفاد» (1).
وقال «الإمام الشوكاني» : وحفظ القرآن، وكتبا عرض بعضها على «العز ابن جماعة» ثم أقبل على الاشتغال على جماعة من علماء عصره، كالعلاء البخاري، وابن الهمّام، وقرأ في غالب الفنون، وتصدر للتدريس، والإفتاء، وأخذ عنه الفضلاء في فنون كثيرة، وصار المشار إليه، في الحنفية، ولم يخلّف بعده مثله، وله مؤلفات منها:
«شرح منظومة ابن الجزري» في مجلدين، وحاشية شرح الألفية للعراقي وشرح النخبة لابن حجر، وخرّج أحاديث عوارف المعارف للسهروردي وكذلك خرّج أحاديث البزدوي في أصول الفقه، وخرج أحاديث تفسير أبي الليث، والأربعين في اصول الدين، وجواهر القرآن، وبداية الهداية وإتحاف
(1) انظر الضوء اللامع ج 6، ص 185.
الأحياء بما فات من تخريج أحاديث الإحياء، ومنية الألمعي بما فات الزيلعي، وبغية الرائد في تخريج أحاديث شرح العقائد، ونزهة الرائض في أدلة الفرائض، ورتب مسند أبي حنيفة لابن المقري، والأمالي على مسند أبي حنيفة في مجلدين، والموطأ برواية «محمد بن الحسن» ، ومسند «عقبة بن عامر» الصحابي، وعوالي كل من أبي الليث والطحاوي، وأسئلة الحاكم للدارقطني، وسنن الدارقطني على الستة، والثقات ممن لم يقع في الكتب الستة في أربعة مجلدات، وتقويم اللسان في الضعفاء في مجلدين، وحاشية على كل من المشتبه والتقريب لابن حجر، والأجوبة على اعتراض ابن أبي شيبة على «أبي حنيفة» في الحديث، وكتاب ترجم فيه لمن صنف من الحنفية، وسمّاه «تاج التراجم» ومعجم شيوخه.
وشرح كتبا من كتب فقه الحنفية كالقدوري، ومختصر المنار، ودرر البحار في المذاهب الأربعة، وأجوبة على اعتراضات «العز بن جماعة» على أصول الحنفية، ومختصر تلخيص المفتاح، وله مصنفات غير هذه، وقد برع في عدة فنون».
وقال «شمس الدين السخاوي» : هو إمام علّامة قويّ المشاركة في فنون، ذاكر لكثير من الأدب، ومتعلقاته، واسع الباع في استحضار مذهبه وكثير من زواياه، وخباياه، متقدم في هذا الفنّ طلق اللسان، قادر على المناظرة، وإفحام الخصم، وحافظته أحسن من تحقيقه، وكلامه أفصح من قلمه، مع كونه غاية في التواضع، وطرح التكلف، وصفاء الخاطر، وحسن المحاضرة لا سيّما في الأشياء التي يحفظها، وعدم اليبس والصلابة، والرغبة في المذاكرة للعلم، وإثارة الفائدة والاقتباس ممن دونه مما لعله لم يكن أتقنه، وقد انفرد عن علماء مذهبه الذين أدركناهم بالتقدم في هذا الفن، وقصد بالفتاوى في النوازل والمهمات، فغلبوا باعتنائه بهم مقاصدهم غالبا، واشتهر بذلك، ولم يجد مع انتشار ذكره وظيفة تناسبه، ثم استقر في تدريس الحديث، بقبّة «البيبرسيّة» عقب «ابن
حسان» ثم رغب عنه بعد ذلك لسبط شيخنا، وقرره «جانبك الجدّاوي» في مشيخة مدرسته التي أنشأها بباب القرافة، ثم صرفه وقرّر فيها غيره، ولكنه كان قبل ذلك ربما تفقده الأعيان، والأمراء ونحوهم فيسارع إلى إنفاق ما يأخذه منهم ثم يعود إلى حالته مع كثرة عياله. ولما استقر رفيقه «السيف الحنفي» في مشيخة المؤيديّة، عرض عليه السكنى بقاعتها لعلمه بضيق منزله، أو تكلفه الصعود إليه لكونه بالدور الأعلى من ربع «الخوندار» فما وافق.
ولما استقر «الشمس الأمشاطي» في قضاء الحنفية رتب له في كل شهر ثمانمائة درهم لمزيد اختصاصه به، وتقدم صحبته معه.
وعظم انتفاع «الشرف المناوي» به، وكذا «البدر بن الصواف» في كثير من مقاصدهما.
ثم يقول «شمس الدين السخاوي» : وقد صحبته قديما، وسمعت منه مع ولدي «المسلسل» بسماعه له على «الواسطي» وكتبت عنه من نظمه وفوائده أشياء، بل قرأت عليه شرح ألفية العراقي.
ثم يقول «السخاوي» : وقد ذكره «المقريزي» في عقوده، فقال: وبرع في فنون من فقه، وعربية، وحديث وغير ذلك، وكتب مصنفات عديدة (1).
ظلّ «قاسم بن قطلوبغا» في عمل مستمر وحياة حافلة بالعلم تدريسا وتصنيفا، حتى توفاه الله تعالى في ليلة الخميس رابع ربيع الآخر سنة تسع وسبعين وثمانمائة.
رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.
(1) انظر الضوء اللامع ج 6، ص 187 فما بعدها.
رقم الترجمة/ 89 «أبو القاسم الظّهراوي» (1) ت 398 هـ
هو: قسيم بن أحمد بن مطير أبو القاسم الظهراوي المصري، من ساكني مدينة «أبي البيس» التي يقال لها اليوم «بلبيس» بمحافظة الشرقية بمصر.
ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن.
كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ «أبو القاسم الظّهراوي» القراءة القرآنية على خيرة العلماء وفي مقدمتهم: جدّه لأمه «عبد الله بن عبد الرحمن» ويقال هو: محمد بن عبد الرحمن الظهراوي، صاحب «أبي بكر بن سيف» .
تصدّر «أبو القاسم الظّهراوي» لتعليم القرآن الكريم، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، وتتلمذ عليه الكثيرون وفي مقدمتهم:«عبد الباقي بن فارس، وأحمد بن محمد الصقلي، وعمر بن عراك، وإسماعيل بن عمر بن راشد» وآخرون.
احتلّ «أبو القاسم الظّهراوي» مكانة سامية، ومنزلة رفيعة بين العلماء وحفاظ القرآن مما جعلهم يثنون عليه، وفي هذا المعنى يقول حجة القراءات «الإمام أبو عمرو الداني» رحمه الله:
«كان أبو القاسم الظّهراوي» ضابطا لرواية ورش، يقصد فيها، وتؤخذ عنه، وكان خيرا فاضلا، سمعت «فارس بن أحمد» يثني عليه، وكان يقرئ
(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:
غاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزري ج 2، ص 27. معرفة القراء الكبار للذهبي ج 1، ص 384. حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة للسيوطي ج 1، ص 492.
بموضعه إذ كنت بمصر سنة سبع وتسعين وثلاثمائة» اه (1).
توفي «أبو القاسم الظّهراوي» سنة ثمان أو تسع وتسعين وثلاثمائة من الهجرة، رحمه الله رحمة واسعة.
(1) انظر القراء الكبار ج 1، ص 384 وطبقات القراء ج 2، ص 27.
رقم الترجمة/ 90 «أبو القاسم الطرسوسي» (1) ت 420 هـ
هو: عبد الجبار بن أحمد بن عمر بن الحسن أبو القاسم الطرسوسي، شيخ الإقراء بمصر في زمانه، ومؤلف كتاب «المجتبى» في القراءات.
ذكره «الذهبي» ت 748 هـ في مقدمة علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ «أبو القاسم الطرسوسي» القراءة عن عدد من العلماء وفي مقدمتهم:
«أبو أحمد السامري» وعرض عليه حروف القراءات كلها، كما أخذ عن «أبي بكر الأذفوي، وأبي عدي عبد العزيز بن علي، وأبي القاسم عبيد الله بن محمد المصري» . وسمع حروف القراءات من «أبي عليّ أحمد بن عبد الوهاب، وأبي الحسن علي بن محمد المعدّل صاحب ابن مجاهد، وأبي محمد الحسن بن رشيق» .
وبعد أن اكتملت مواهب «أبي القاسم الطرسوسي» تصدر لتعليم القرآن والتصنيف، واشتهر بالثقة، ودقة الضبط، وأقبل عليه حفاظ القرآن.
ومن الذين قرءوا عليه القراءات: أبو طاهر إسماعيل بن خلف مؤلف كتاب «العنوان» وإبراهيم بن ثابت بن أخطل الذي تصدر بعده للإقراء، وعبد الله بن سهل الأندلسي، وأحمد بن يحيى التجيبي الأندلسي، وعبد الرحمن ابن علي القروي.
(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:
القراء الكبار ج 1، ص 382. طبقات القراء ج 1، ص 357. مرآة الجنان ج 3، ص 35.
حسن المحاضرة ج 1، ص 492. شذرات الذهب ج 3، ص 315. فهرست ابن خير ص 25.
تاريخ الإسلام الورقة 201 [أياصوفيا 3009].
وروى عنه القراءات: «أبو الحسين يحيى بن إبراهيم» ، وهو آخر من قيل:
إنه روى عنه.
اشتهر «أبو القاسم الطرسوسي» بالثقة، والأمانة في العلم مما استوجب الثناء عليه. في هذا المعنى يقول الإمام الداني»: «أبو القاسم كان شيخا فاضلا، ضابطا ذا عفاف ونسك، رأيته وشاهدته وكان كثيرا ما يقصد شيخنا:
«فارس بن أحمد» يذاكره في مجلسه، ولد سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة».
توفي «أبو القاسم» بمصر في آخر شهر ربيع الأول، أو أول شهر ربيع الآخر، سنة عشرين واربعمائة من الهجرة.
رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.
رقم الترجمة/ 91 «أبو القاسم الهذلي» (1) ت 465 هـ
هو: يوسف بن عليّ بن جبارة بن محمد بن عقيل أبو القاسم الهذلي اليشكري، الأستاذ الكبير، العالم الشهير.
ولد في حدود التسعين وثلاثمائة تقريبا، وطاف البلاد في طلب القراءات، يقول «ابن الجزري»: لا أعلم أحدا في هذه الأمة رحل في القراءات رحلته، ولا لقي من لقي من الشيوخ، قال في كتابه «الكامل»:
«فجملة من لقيت في هذا العلم ثلاثمائة وخمسة وستون شيخا، من آخر المغرب إلى باب «فرغانة» يمينا، وشمالا، وجبلا، وبحرا، ولو علمت أحدا تقدم عليّ في هذه الطبقة في جميع بلاد الإسلام لقصدته» (2).
يفهم مما تقدّم أن «أبا القاسم الهذلي» طوّف بكثير من المدن من أجل تلقّي القراءات القرآنية عن الشيوخ، والأخذ عنهم، وقد تتبعت البلاد التي رحل إليها فوجدته رحل إلى البلاد الآتية:
بغداد، عسقلان، واسط، الكوفة، البصرة، دمياط، مصر، الاسكندرية، دمشق، حلب، صيدا، بيروت، حلب، الرملة، همذان، سمرقند، القيروان، جرجان، حرّان، بخارى، طرابلس الغرب، أصبهان، كرمان، الأهواز، شيراز.
(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية:
معرفة القراء الكبار ج 1، ص 429 ورقم الترجمة 367. غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 397 - ورقم الترجمة 3929. الصلة لابن بشكوال ج 2، ص 680. مرآة الجنان ج 3، ص 93. بغية الوعاة ج 2، ص 359 - ورقم الترجمة 2187. شذرات الذهب ج 3، ص 324.
(2)
انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 398.
من هذا يتبيّن بجلاء ووضوح مدى الجهد العظيم الذي بذله «أبو القاسم الهذلي» من أجل معرفة قراءات القرآن، وهكذا تكون الهمم العالية في طلب العلم، وبخاصة ما يتصل بالقرآن الكريم.
لقد احتل «أبو القاسم الهذلي» شهرة عظيمة، ومكانة سامية بين الخاص والعام، مما جعل الكثيرين يثنون عليه، وقد ذكره تلاميذه الذين أخذوا عنه القراءات، وكلهم أثنى عليه.
يقول «الحافظ الذهبي» : «وذكره «عبد الغفار» ونعته بأنه ضرير- فكأنه عمي في آخر عمره- وقد كان أرسله «نظام الملك» الوزير ليجلس في مدرسته بنيسابور- هي المدرسة النظامية- فقعد سنين، وأفاد، وكان مقدما في النحو، والصرف، عارفا بالعلل، كان يحضر مجلس «أبي القاسم القشيري» ويقرأ عليه الأصول في الفقه، وكان «القشيري» يراجعه في مسائل النحو، ويستفيد منه، وكان حضوره في سنة ثمان وخمسين وأربعمائة، إلى أن توفي» (1).
وكما أخذ «أبو القاسم الهذلي» القراءات عن مشاهير القراء، أخذ أيضا حديث الهادي البشير صلى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»:«وحدث عن «أبي نعيم الحافظ» وجماعة» اه (2).
لم يقتصر «أبو القاسم الهذلي» على تلقّي القراءات، والحديث، ثم تعليمهما، بل أفاد من ذلك فائدة كبيرة، وصنف الكتب المفيدة، وفي هذا المقام يقول عن نفسه:
«وألفت هذا الكتاب- يعني الكامل- فجعلته جامعا للطرق المتلوّة،
(1) انظر: معرفة القراء الكبار ج 1، ص 432.
(2)
انظر: معرفة القراء الكبار ج 1، ص 432.
والقراءات المعروفة، ونسخت به مصنفاتي ك:«الوجيز، والهادي» وغيرهما» (1).
أخذ «أبو القاسم الهذلي» القراءات عن عدد كبير من القراء، ولو أردت الكتابة عن هؤلاء الشيوخ لاستغرق ذلك وقتا طويلا.
ولكن حسبي أن أتحدث بشيء من التفصيل عن بعض هؤلاء الشيوخ الأجلاء، فأقول، وبالله التوفيق:
من شيوخ «أبي القاسم الهزلي» في القراءات: أحمد بن الفضل بن محمد بن أحمد بن جعفر، أبو بكر الباطرقاني (2) الأصبهاني. وهو من مشاهير القراء، ومن الثقات المحدّثين، ومن خيرة العلماء المؤلفين، ألف «كتاب طبقات القراء» وسمّاه: المدخل إلى معرفة أسانيد القراءات ومجموع الروايات، كما صنّف كتابا في شواذ القراءات.
ولد «أبو بكر الباطرقاني» سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة.
أخذ «أبو بكر الباطرقاني» القراءة عن مشاهير علماء عصره، وفي مقدمتهم:«أبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي» وسمع حروف القراءات من «أبي عبد الله محمد بن يحيى بن منده» .
تصدّر «أبو بكر الباطرقاني» لتعليم القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام، واشتهر بالثقة، وجودة الحفظ، وصحّة الإسناد، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة «أبو القاسم الهذلي» وروى عنه حروف القراءات:«أبو بكر أحمد بن عليّ الأصبهاني» .
(1) انظر معرفة القراء الكبار ج 1، ص 432.
(2)
وهذه نسبة إلى «باطرقان» وهي إحدى قرى أصبهان: انظر «الأنساب للسمعاني ج 1، ص 259.
توفي «أبو بكر الباطرقاني» في شهر صفر سنة ستين وأربعمائة.
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «أحمد بن الصقر أبو الفتح البغدادي» وهو من خيرة علماء القراءات ومن المشهورين بالثقة، وحسن الأداء.
أخذ القراءة عن مشاهير العلماء، وفي مقدمتهم:«زيد بن علي» ثم تصدّر لتعليم القرآن واشتهر في الآفاق، وأقبل عليه حفاظ القرآن من كل مكان يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه «أبو القاسم الهذلي» ، و «أحمد بن محمد النوشجاني أبو زرعة، الخطيب» ، كان رحمه الله تعالى من خيرة علماء القراءات، ومن الثقات المشهود لهم، أخذ القراءة عن خيرة القراء، وفي مقدمتهم «أبو الحسن عليّ بن جعفر السعيدي» .
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر للإقراء، وأقبل عليه الطلاب، وفي مقدمة من قرأ عليه «أبو القاسم الهذلي» .
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «أحمد بن محمد بن أحمد بن الحسن بن علّان الواسطي» .
وهو من مشاهير القراء المتصدّرين، ومن العلماء الثقات المعروفين، إذ نشأ في بيت من بيوت القرآن الكريم.
أخذ «أحمد بن محمد» القراءة عن مشاهير علماء عصره، وفي مقدمتهم:
«والده» عليهما رحمة الله تعالى.
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، واشتهر بالثقة، وحسن التجويد والأداء.
ومن الذين أخذوا عنه القراءة «أبو القاسم الهذلي» بواسط.
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «أحمد بن علي بن هاشم تاج الأئمة، أبو العباس المصري» وهو من الحفاظ المشهورين، ومن القراء المعروفين، أخذ القراءة عن عدد من مشاهير القراء، وفي مقدمتهم:«عبد المنعم بن غلبون، وعمر بن عراك» وغيرهما كثير.
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، واشتهر بين الخاص والعام، وازدحم الطلاب على الأخذ عنه، ومن الذين قرءوا عليه:«أبو القاسم الهذلي» .
توفي «أحمد بن عليّ» سنة خمس وأربعين وأربعمائة، رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب.
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «أحمد بن سعيد بن أحمد بن سليمان المعروف بابن نفيس، أبو العباس» الطرابلسي الأصل ثم المصري.
وهو إمام ثقة، كبير، انتهى إليه علوّ الإسناد في القراءة أخذ «أحمد بن سعيد» القراءة عن خيرة علماء عصره، وفي مقدّمتهم:«أبو أحمد عبد الله السامري، وأبو طاهر الأنطاكي» وغيرهما كثير. وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، وذاع صيته بين الناس واشتهر بالثقة، وصحة الإسناد، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه وفي مقدمة من قرأ عليه:«أبو القاسم الهذلي» .
وقد عمّر «أحمد بن سعيد» حتى قارب المائة، ثم توفي في رجب سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة. وقيل: سنة خمس وأربعين وأربعمائة.
رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب.
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق أبو نعيم الأصبهاني» وهو من خيرة القراء، ومن الحفّاظ المصنفين.
أخذ القراءة عن مشاهير علماء عصره، فقد روى القراءة سماعا عن «سليمان ابن أحمد الطبراني» .
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه «أبو القاسم الهذلي» فقد روى القراءات عنه سماعا.
توفي «أحمد بن عبد الله» سنة ثلاثين وأربعمائة.
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «الحسن بن عليّ أبو عبد الله الشاموخي» .
وهو من شيوخ القراءات المشهورين، ومن الثقات المعروفين. أخذ «الحسن ابن علي» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم:«أحمد بن نصر بن منصور أبو بكر الشذائي» .
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر للإقراء، وذاع صيته بين الناس، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه:«أبو القاسم الهذلي» لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاته.
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «الحسين بن مسلمة الرّقيّ الكاتب» (1).
وهو من خيرة القراء المعروفين، أخذ القراءة عن مشاهير القراء، وفي مقدمتهم:«منصور بن ودعان» .
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن، ومن الذين أخذوا عنه
(1) الرقي: نسبة إلى الرّقّة» وهي بلدة على طرف الفرات مشهورة.
انظر الأنساب للسمعاني ج 3، ص 84.
القراءة «أبو القاسم الهذلي» بالرّقّة.
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «أحمد بن محمد بن أحمد بن الفتح أبو بكر الفرضي» .
وهو من مشاهير القراء المعروفين بالثقة وصحة الإسناد. أخذ القراءة من خيرة العلماء، وفي مقدمتهم:«محمد بن الحسين الجعفي، ومحمد بن علي بن الهيثم» .
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان، ومن الذين أخذوا عنه القراءة:«أبو القاسم الهذلي» .
لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة: «أحمد بن محمد الفرضي» .
إلا أن «ابن الجزري» قال: إنه بقي إلى بعد الثلاثين وأربعمائة.
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «أحمد بن محمد بن الحسين بن يزده الخياط، أبو عبد الله الملنجي الأصبهاني (2). وهو من مشاهير القراء، ومن المعمّرين.
أخذ القراءة عن خيرة القراء، وفي مقدمتهم:«أبو الفرج محمد بن الحسن بن علّان، وأبو محمد بن عبد الجبّار بن فروخ المعلّم» وغيرهما.
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، ومن الذين أخذوا عنه القراءة:«أبو القاسم الهذلي» .
(2) الملنجي: بكسر الميم وفتح اللام، وسكون النون، وهذه نسبة إلى قرية بأصبهان يقال لها:
«ملنجة» انظر الأنساب للسمعاني، ج 5، ص 381.
لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «أحمد بن محمد بن يزده» .
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «أحمد بن مسرور بن عبد الوهاب أبو نصر الخباز» البغدادي. وهو شيخ جليل مشهور، وقارئ ثقة عالي الإسناد. أخذ القراءة عن مشاهير علماء عصره، وفي مقدمتهم:«منصور بن محمد بن منصور» صاحب «ابن مجاهد» .
وبعد أن اكتملت مواهبه صنّف كتاب «المفيد في القراءات» ثم جلس لتعليم القرآن وحروف القراءات، وذاع صيته بين الناس، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون
عنه، ومن الذين أخذوا عليه قراءة القرآن:«أبو القاسم الهذلي» .
توفي «أحمد بن مسرور» في جمادى الأولى سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة.
رحمه الله رحمة واسعة.
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن بن بندار بن إبراهيم، أبو الفضل الرازي» ، شيخ الإسلام، الثقة، الورع، الإمام، المقرئ، مؤلف كتاب «جامع الوقوف» وغيره، الطوّاف في البلاد من أجل تحصيل العلم، والآخذ عن العلماء، وقد ورد عنه قوله:«أول سفري في الطلب- أي طلب العلم- كنت ابن ثلاث عشرة سنة» ، ويعقّب «ابن الجزري» على هذا الخبر بقوله:«فكان طوافه في البلاد إحدى وسبعين سنة» (1).
ولد رحمه الله تعالى سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة، واحتل مكانة سامية، ومنزلة رفيعة بين العلماء مما جعلهم يثنون عليه، وفي هذا يقول «أبو سعيد بن السمعاني»:«كان «أبو الفضل الرازي» مقرئا، فاضلا، كثير التصنيف،
(1) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 363.
حسن السيرة متعبدا، حسن العيش، منفردا، قانعا باليسير، يقرئ أكثر أوقاته، ويروي الحديث، وكان يسافر وحده، ويدخل البراري» اه (1).
وقال «عبد الغفار الفارسي» : كان «أبو الفضل الرازي» ثقة، جوّالا، إماما في القراءات، أوحد في طريقته، وكان لا ينزل الخوانق بل يأوي إلى مسجد خراب، فإذا عرف مكانه تركه، وإذا فتح عليه بشيء آثر به، وهو ثقة، ورع، عارف بالقراءات، والروايات، عالم بالأدب، والنحو، أكبر من أن يدلّ عليه مثلي، وهو أشهر من الشمس، وأضوأ من القمر، ذو فنون من العلم، وله شعر رائق في الزهد. اه (2).
وقال «أبو عبد الله الجلال» : خرج «أبو الفضل الرازي» من «أصبهان» متوجّها إلى «كرمان» فخرج الناس يشيعونه، فصرفهم، وقصد طريقه وحده، وقال:
إذا نحن أدلجنا وأنت أمامنا
…
كفى لمطايانا بذكراك حاديا
أخذ «أبو الفضل الرازي» القراءة عن مشاهير القراء، وفي مقدمتهم:
«علي بن داود الداراني، وأبو الحسن الحمّامي» وغيرهما كثير. ثم تصدّر لتعليم القرآن، وذاع صيته بين الناس، وأقبل عليه الطلاب، وفي مقدمة من قرأ عليه:«أبو القاسم الهذلي» .
توفي «أبو الفضل الرازي» في جمادى الأولى سنة أربع وخمسين وأربعمائة عن أربع وثمانين سنة، رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب.
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «عبد الرحمن بن الهرمزان الواسطي» وهو من خيرة علماء القراءات، ومن الثقات المشهورين، أخذ القراءة
(1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 362.
(2)
انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 362.
عن عدد من خيرة القراء، فقد روى القراءة عرضا عن «عبد الغفار بن عبد الله الحضيني» .
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، واشتهر بجودة القراءة وحسن الأداء، وأقبل عليه يأخذون عنه. ومن الذين أخذوا عنه القراءة عرضا «أبو القاسم الهذلي» وقال:«قرأت عليه بواسط» .
لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «عبد الرحمن بن الهرمزان» .
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «إسماعيل بن عمرو بن إسماعيل ابن راشد الحدّاد، أبو محمد المصري» وهو شيخ صالح كبير، ومن الثقات المشهود لهم بالعلم، والإتقان، أخذ القراءة عن عدد من القراء، وفي مقدمتهم:
«أبو عديّ بن عبد العزيز بن الإمام، وقسيم بن مطير» .
وبعد أن اكتملت مواهبه، جلس لتعليم القرآن، وحروف القراءات، وذاع صيته بين الناس، وعرف بصحة الإسناد، وحسن الأداء، وأقبل عليه الطلاب، يأخذون عنه، وينهلون من علمه، ومن الذين أخذوا عنه القراءة:
«أبو القاسم الهذلي، وإبراهيم بن إسماعيل المالكي» وغيرهما كثير. توفي «إسماعيل بن عمر» سنة تسع وعشرين وأربعمائة.
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «الحسن بن محمد بن إبراهيم المالكي، أبو علي البغدادي» أحد القراء المشهورين، ومن الثقات المؤلفين النافعين.
ومن مؤلفاته كتاب «الروضة في القراءات الإحدى عشرة» .
أخذ القراءة وحروف القرآن عن عدد من علماء القراءات أذكر منهم:
«أحمد بن عبد الله السوسنجردي، وأبا الحسن بن الحمّامي» وغيرهما كثير. ثم رحل «الحسن بن محمد» إلى مصر، وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم
القرآن، وحروف القراءات، وعرف بين الناس واشتهر، وأصبح من المتصدرين، ومن شيوخ القراءات بمصر، وأقبل عليه طلاب القراءات يأخذون عنه وينهلون من علمه، ومن الذين أخذوا عنه القراءة:«أبو القاسم الهذلي، ومحمد بن شريح» وغيرهما كثير.
توفي «الحسن بن محمد» في رمضان سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة.
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «الحسن بن عليّ بن إبراهيم بن يزداد بن هرمز، أبو علي الأهوازي» شيخ القراءة في عصره بلا منازع، وصاحب المؤلفات، فقد ألّف كتاب «الإقناع» في القراءات، وغيره.
وهو أستاذ كبير، ومن القراء والمحدثين.
ولد سنة اثنتين وستين وثلاثمائة بالأهواز، وقرأ بها وبتلك البلاد على شيوخ عصره، ثم قدم «دمشق» سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة، فاستوطنها، وأكثر من الشيوخ، والروايات، وذاع صيته بين الناس مما جعل الكثيرين يثنون عليه، وفي هذا يقول «الحافظ أبو طاهر السلفي»: سمعت «أبا البركات الخضر بن الحسن الحازمي» بدمشق يقول: سمعت الشريف النسيب «علي بن إبراهيم العلوي» يقول: «أبو علي الأهوازي» ثقة ثقة. اه (1).
وقال «أبو عبد الله الحافظ الذهبي» : «لقد تلقى الناس رواياته بالقبول، وكان يقرئ بدمشق، من بعد سنة أربعمائة، وذلك في حياة بعض شيوخه» (2).
أخذ «أبو علي الأهوازي» القراءة عن عدد كبير من خيرة علماء القراءة منهم: «إبراهيم بن أحمد بن محمد بن أحمد الطبري» ببغداد، وسمع حروف القراءات من «عبد الوهاب الكلابي» .
(1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 220.
(2)
انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 220.
وبعد أن اكتملت مواهبه، ووثق من نفسه تصدّر لتعليم القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام، وازدحم على بابه الطلاب ينهلون من علمه، ويأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه «أبو القاسم الهذلي» .
توفي «أبو علي الأهوازي» بدمشق سنة أربعين وأربعمائة.
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن النعمان بن عبد السلام» يعرف بابن اللبان الأصبهاني.
وهو من خيرة علماء القراءات، المشهود لهم بالثقة، وصحة الإسناد، قدم بغداد، من أجل الأخذ عن شيوخها: اخذ القرآن، وحروف القراءات عن مشاهير العلماء، وفي مقدمتهم:«أبو الحسن علي بن محمد بن إبراهيم المديني، وعبد الله بن محمد العطار الأصبهاني» .
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، وحروفه، واشتهر بالثقة، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه.
ومن الذين قرءوا عليه «أبو القاسم الهذلي» .
لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «عبد الله بن اللبان» .
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «عبد الله بن شبيب بن عبد الله ابن محمد بن تميم أبو المظفر الضبّي الأصبهاني» . أحد مشاهير القرّاء بأصبهان، ومن خيرة العلماء.
سئل عنه «إسماعيل بن الفضل الحافظ» فقال: «هو إمام، زاهد، عابد، عالم بالقراءات، كثير السماع» (1).
(1) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 422.
أخذ «أبو المظفر» القراءة، وحروف القرآن، عن عدد من العلماء، وفي مقدمتهم:«أبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي» .
ثم تصدر لتعليم القرآن، والقراءات، وأخذ عنه الكثيرون من الطلاب: وفي مقدمتهم «أبو القاسم الهذلي، وإسماعيل بن الفضل السرّاج» .
توفي في صفر سنة إحدى وخمسين وأربعمائة.
ومن شيوخ: «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «عبد الملك بن علي بن شابور بن نصر بن الحسين أبو نصر، البغدادي الخرقي» ، أحد مشاهير القراء المشهود لهم بالثقة، وصحة الإسناد.
أخذ القراءة عن عدد من خيرة العلماء، وفي مقدمتهم:«أبو الحسن الحمامي، وعبيد الله بن مهران» وغيرهما كثير.
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، وفي مقدمة من قرأ عليه:«أبو القاسم الهذلي، وموسى بن الحسين المعدّل» .
لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «عبد الملك بن علي» .
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «عبد الواحد بن عبد القادر المقدسي» ثم الدمياطي. أحد قراء القرآن، أخذ القراءة عن عدد من العلماء، وفي مقدمتهم:«أبو عيسى محمد بن عيسى الهاشمي، وأبو الحسن محمد بن النضر» .
ثم تصدر لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة:«أبو القاسم الهذلي» بدمياط.
لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «عبد الواحد بن عبد القادر» .
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «عثمان بن علي بن قيس الأصبهاني الدلّال» وهو من مشاهير علماء القراءات الثقات المعروفين.
أخذ القراءة عن عدد من خيرة القراء، وفي مقدمتهم:«أبو الفرج محمد بن إبراهيم الشنبوذي، وأبو الحسن عليّ بن محمد بن يوسف العلاف» وغيرهما كثير.
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة، والإتقان، وحسن الأداء، وصحّة السند، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه:«أبو القاسم الهذلي» فقد روى القراءة عنه عرضا.
لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «عثمان بن علي» .
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «عبد الساتر بن الذّرب» اللاذقي، أحد شيوخ القراءات الثقات المعروفين.
أخذ «عبد الساتر» القراءة عن عدد من خيرة القراء وفي مقدمتهم: «أبو أحمد السامري» .
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه:«أبو القاسم الهذلي» باللاذقية.
لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «عبد الساتر بن الذّرب» .
ومن شيوخ: «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «أبو الحسين الخشاب التّنّيسي» نسبة إلى «تنيس» بكسر التاء، وكسر النون المشددة، وهي بلدة من بلاد «ديار مصر» في وسط البحر، والماء بها محيط، نسب إليها عدد من العلماء (1).
(1) انظر: الأنساب للسمعاني ج 1، ص 487.
أخذ «أبو الحسين الخشاب» عن عدد من خيرة القراء، وفي مقدمتهم:
«أبو أحمد السامري» فقد روى عنه القراءة عرضا.
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه:«أبو القاسم الهذلي» .
لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «أبي الحسين الخشاب» .
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «أحمد بن محمد بن الحسين بن يزده أبو عبد الله الملنجيّ: بكسر الميم، وفتح اللام، وسكون النون، وهي نسبة إلى قرية بأصبهان، يقال لها: «ملنجة» وقد نسب إليها عدد من العلماء (1).
أخذ القراءة عن عدد من القراء، وفي مقدمتهم:«أبو الفرج محمد بن الحسن بن علّان» الواسطي.
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه «أبو القاسم الهذلي» .
لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «أحمد بن محمد الملنجي» سوى أن «ابن الجزري» قال: «وعمّر حتى أدركه الحداد، فكان آخر من قرأ عليه» (2).
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «محمد بن عبد الله بن الحسن ابن موسى أبو عبد الله الشيرازي» ، نزيل مصر. وهو من خيرة علماء القراءات، ومن الثقات المشهورين.
أخذ القراءة، وحروف القراءات، عن عدد من القراء، وفي مقدمتهم:
(1) انظر: الأنساب للسمعاني ج 5، ص 381.
(2)
انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 111.
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القراءات، والقرآن الكريم، وذاع صيته بين الناس، واشتهر بالثقة وحسن الأداء، وأقبل عليه الطلاب ينهلون من علومه، ومن الذين قرءوا عليه بمصر:«أبو القاسم الهذلي» .
لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «محمد بن عبد الله» .
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: محمد بن الحسين بن محمد بن آذر بهرام، أبو عبد الله الكارزيني: بفتح الكاف، والراء، وكسر الزاي، وهي نسبة إلى «كارزين» وهي من بلاد فارس، مما يلي البحر، وقد نسب إليها عدد من العلماء (1).
وهو إمام مقرئ جليل، انفرد بعلوّ الإسناد في وقته، وأثنى عليه الكثيرون من العلماء، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»:«هو مسند القراء في زمانه، تنقّل في البلاد، وجاور بمكة المكرمة، وعاش تسعين سنة أو دونها، لا أعلم متى توفي، إلا أنه كان حيّا في سنة أربعين وأربعمائة، سألت «الإمام أبا حيان» عنه، فكتب إليّ إمام مشهور لا يسأل عن
مثله» (2).
أخذ «محمد بن الحسين الكارزيني» القراءة عن عدد من علماء القراءات، وفي مقدمتهم:«الحسن بن سعيد المطوعي» ، وهو آخر من قرأ عليه.
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، واشتهر بالثقة، وصحة الإسناد، وتزاحم عليه الطلاب يأخذون عنه، وينهلون من علمه، ومن الذين قرءوا عليه:«أبو القاسم الهذلي، وأبو عليّ غلام الهرّاس» وغيرهما كثير.
(1) انظر الأنساب للسمعاني ج 5، ص 12.
(2)
انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 133.
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «محمد بن الحسين بن محمد أبو طاهر الحنائيّ الدمشقيّ» . وهو من خيرة القراء، ومن الثقات المشهورين، ومن الأئمة المعترف بمنزلتهم في هذا العلم الجليل.
أخذ «محمد بن الحسين» القراءة على عدد من العلماء الثقات، وفي مقدمتهم:«أبو علي الأهوازي، ومحمد بن أحمد بن خلف الفحّام» .
وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن، واشتهر بين الخاص والعام وأقبل عليه الطلاب من كل مكان، وفي مقدمة من قرأ عليه:«أبو القاسم الهذلي» فقد قرأ عليه بدمشق.
لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «محمد بن الحسين» .
ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن هلال، أبو بكر السلمي الجبني» شيخ القراء بدمشق، ولد سنة سبع وعشرين وثلاثمائة، في بيت علم، إذ كان والده يؤم بمسجد «تل الجبن» بدمشق، ولهذا قيل له:«الجبني» .
أخذ «محمد بن أحمد» القراءة عن خيرة العلماء الأجلاء، وفي مقدمتهم:
«والده» رحمهما الله تعالى، وجعفر بن أبي داود، وغيرهما.
احتل «محمد بن أحمد» مكانة سامية بين العلماء مما جعلهم يثنون عليه، وفي هذا يقول عنه شيخه «أبو علي الأهوازي»:«وما خلت دمشق قطّ، من إمام كبير في قراءة الشاميين، يسافر إليه فيها، وما رأيت بها مثل «أبي بكر السّلمي» من ولد «أبي عبد الرحمن السلمي» إماما في القراءة، ضابطا للرواية، قيّما بوجوه القراءات يعرف صدرا من التفسير، ومعاني القراءات، قرأ على سبعة من أصحاب «الأخفش» له منزلة في الفضل، والعلم، والأمانة، والورع،
والدّين، والتقشف، والفقر، والصيانة» اه (1).
وبعد أن اكتملت مواهب «محمد بن أحمد» تصدّر لتعليم القرآن، وذاع صيته بين الناس، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه:«أبو القاسم الهذلي» .
وبعد حياة حافلة بطلب العلم، والطواف في البلاد، ثم نشر العلم، توفي «أبو القاسم الهذلي» سنة خمس وستين وأربعمائة.
رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب.
(1) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 85.
رقم الترجمة/ 92 «ابن الكوفيّ» (1) ت 451 هـ
هو: عبيد الله بن أحمد بن علي أبو الفضل ابن الكوفي الصدفي البغدادي، وهو مقرئ، عارف، مصدّر، ثقة.
ولد في سنة سبعين وثلاثمائة.
أخذ القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم:«عمر بن إبراهيم بن أحمد بن كثير أبو حفص الكتّاني، البغدادي» ، وهو مقرئ، محدث، ثقة، ولد سنة ثلاثمائة، وقرأ القرآن على مشاهير القراء، وفي مقدمتهم:«أبو بكر بن مجاهد» .
قال «الإمام الداني» : قال «الكتاني» : «سألت من «ابن مجاهد» أن ينقلني عن قراءة «عاصم» إلى غيرها، فأبى عليّ، فقرأت قراءة «ابن كثير» على «بكّار» عن «ابن مجاهد» عن «قنبل» ثم يقول «الداني»: وطالت أيام «الكتاني» فكان من آخر من قرأ على «ابن مجاهد» اه (2).
توفي «أبو حفص الكتاني» في رجب سنة تسعين وثلاثمائة عن تسعين سنة.
وبعد أن اكتملت مواهب «ابن الكوفيّ» تصدّر لتعليم القرآن، واشتهر صيته، وأقبل عليه حفاظ القرآن، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة: «أحمد بن علي بن عبيد الله بن عمر بن سوار، أبو طاهر، البغدادي الحنفي وهو إمام
(1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: تاريخ بغداد ج 10، ص 388، ورقم الترجمة 5567. معرفة القراء الكبار ج 1، ص 420، ورقم الترجمة 358. غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 485 ورقم الترجمة 2015.
(2)
انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 587.
كبير في القراءات، ومن المقرئين الثقات، مؤلف كتاب:«المستنير في القراءات العشر» .
أخذ «ابن سوار» القراءة عن عدد كبير من القراء، وفي مقدمتهم:
«الحسن بن أبي الفضل الشرمقاني» .
ثم جلس «ابن سوار» لتعليم القرآن وحروف القراءات، ومن الذين أخذوا عنه القراءة:«أبو علي بن سكّرة الصدفي» شيخ «ابن الباذش» . وروى عنه حروف القراءات: «الحافظ أبو طاهر السلفي، وأبو بكر أحمد بن المقرّب الكرخي.
توفي «ابن سوار» سنة ست وتسعين وأربعمائة.
احتل «ابن الكوفي» مكانة سامية بين العلماء، مما جعلهم يثنون عليه وفي هذا يقول «الحافظ الخطيب البغدادي»:«كان ابن الكوفي من حفاظ القرآن، ومن العارفين باختلاف القراءات، ومنزله بدرب الدنانير من نواحي نهر طابق» اه (1).
توفي «ابن الكوفيّ» سنة إحدى وخمسين وأربعمائة، رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.
(1) انظر: تاريخ بغداد ج 10، ص 388.
رقم الترجمة/ 93 «المالقيّ» (1) ت 705 هـ
هو: عبد الواحد بن محمد بن أبي السداد أبو محمد الباهلي (2) الأندلسي المالقي، نسبة إلى «مالقة» بفتح اللام والقاف المخففة وهي ثغر هام يقع على شاطئ البحر الأبيض المتوسط في الجنوب الشرقي للأندلس، على مقربة من الجزيرة الخضراء، وجبل طارق (3).
بعد أن حفظ «المالقي» القرآن الكريم تلقى العلم والقراءات على مشاهير علماء عصره وفي مقدمتهم:
1 -
القاسم بن أحمد بن حسن أبو القاسم الحجري، روى القراءات عنه «المالقي» من كتاب «التيسير» .
2 -
عبد الرحمن بن عبد الله بن سليمان أبو عمر الأنصاري. حدث عنه بكتاب «التبصرة» سماعا «المالقي» .
3 -
إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل أبو الوليد الأزدي الغرناطي الشهير بالعطار، روى عنه «المالقي» كتاب «التبصرة» وغيره بالإجازة.
4 -
ومحمد بن عياش بن محمد بن أحمد أبو عبد الله القرطبي. روى عنه «المالقي» كتاب «التبصرة» قراءة.
(1) انظر ترجمة المالقي في المراجع الآتية:
طبقات القراء ج 1، ص 477. بغية الوعاة ج 2، ص 121. معجم المؤلفين ج 5، ص 213.
طبقات المفسرين للداودي ج 1، ص 359. الإحاطة في أخبار غرناطة ج 3، ص 553.
(2)
الباهلي نسبة إلى باهلة وهي قبيلة عظيمة.
(3)
انظر: معجم البلدان لياقوت الحموي ج 5، ص 43.
5 -
يوسف بن إبراهيم بن أبي ريحانة أبو الحجاج الأنصاري المالكي روى عنه «المالكي» كتاب «التيسير» قراءة.
6 -
الحسين بن عبد العزيز بن محمد بن أبي الأحوص أبو علي الأندلسي الفهري المعروف بابن الناظر.
قرأ الروايات على «أبي محمد بن الكوّاب، وأبي الحسن بن الدبّاج، وقرأ «التيسير» و «الشاطبية» على «أبي بكر بن محمد بن وضاح اللخمي، وأبي عامر يزيد بن وهب الفهري» بإجازتهما من «ابن هذيل» ، وروى كتاب «التبصرة» عن «موسى بن عبد الرحمن بن يحيى بن العربي» . وتصدر للإقراء بمالقة، وألف كتاب «الترشيد» في التجويد.
قال «أبو حيان» : رحلت إليه من غرناطة لأجل الاتقان والتجويد، وقرأت عليه القرآن من أوله إلى آخره. وحدث عنه بالتيسير سماعا، والتبصرة قراءة «المالقي» .
7 -
أحمد بن إبراهيم بن الزبير بن محمد بن إبراهيم أبو جعفر الثقفي، الحافظ المؤرخ، انتهت إليه الرئاسة في العربية ورواية الحديث، والتفسير والأصول.
قرأ على: «أبي الوليد إسماعيل بن يحيى بن أبي الوليد العطار» ، وسمع التيسير من محمد بن عبد الرحمن بن جوبر عن «أبي جمرة» ، عن أبيه عن «الداني» بالإجازة، وهو مسند في غاية العلو، وقرأ عليه عدد كثير منهم «المالقي» والوزير أبو القاسم محمد بن محمد بن سهل الأسدي الغرناطي، ومحمد ابن علي بن أحمد بن مثبت، وأبو حيان النحوي، وأحمد بن موسى بن جرادة.
8 -
محمد بن محمد بن أحمد أبو بكر الأنصاري البلنسي.
وهو مقرئ كبير مشهور، قرأ على والده بالقراءات الثمان، وقرأ أيضا على «أبي جعفر الحصار، ومحمد بن أحمد بن مسعود الشاطبي» . وقرأ برواية «يعقوب الحضرمي» على «ابن نوح الخافقي» .
وأجازه «ابن أبي جمرة محمد بن أحمد بن عبد الملك» ، وقد أقرأ بسبتة ثم بتونس.
وقرأ عليه القراءات «أبو إسحاق الغافقي» مقرئ سبتة. وأبو العباس البطرني شيخ تونس، وحدث عنه بالتيسير سماعا:«عبد العزيز بن عبد الرحمن ابن أبي زكنون التونسي، وقاسم بن عبد الله بن محمد الأنصاري» ، وحدث عنه بالتيسير.
9 -
محمد بن أحمد بن عبيد الله بن العاص أبو بكر التجيبي الإشبيلي، وهو أستاذ متصدر، أخذ القراءات السبع عن «أبي بكر عتيق، وأبي الحسين بن عظيمة» ، وقرأ بكتاب «الكافي» على: أبي العباس بن مقدام وأبي الحكم بن نجاح عن «أبي الحسن شريح» .
وقرأ عليه «أبو جعفر بن الزبير الحافظ» ، وأثنى عليه. وروى عنه كتاب «الكافي» سماعا «المالقي» .
وبعد أن بدت مواهب «المالقي» تصدر لتعليم القرآن وقراءاته، واشتهر بالثقة، والضبط، وأقبل عليه حفاظ القرآن من كل مكان، فتتلمذ عليه الكثيرون، وفي مقدمتهم:
1 -
محمد بن عبيد الله بن محمد أبو بكر بن منظور القيسي. من أعلام القضاة، وأصله من «أشبيلية» من بيت علم وفضل نشأ «بمالقة» ثم كان قاضيها وخطيبها، وله عدة مؤلفات منها: نفحات النسوك، وعيون التبر المسبوك في أشعار الخلفاء، والوزراء، والملوك، وغير ذلك.
2 -
ومحمد بن يحيى بن بكر أبو عبد الله قاضي الجماعة بغرناطة إمام مقرئ قرأ عليه «أبو القاسم محمد بن محمد بن الخشاب، وأبو عبد الله محمد بن علي الحفار والمالقي وهو من مشاهير العلماء.
3 -
محمد بن أحمد بن علي بن حسن بن علي أبو بكر المقرئ، المشارك في فنون كثيرة، تولى القضاء ببلده، وخلف والده في الخطابة، والإمامة، وأقرأ ببلده، فانتفع به خلق كثير.
لقد بلغ «المالقي» مكانة سامية من العلم، والمعرفة والشهرة، وقد خاض بحر العلوم من قراءات، وتفسير، وحديث، وفقه، وألف في القراءات كتاب شرح التيسير في القراءات السبع، وانتهت إليه رئاسة الإقراء، كل هذه الأمور أوجبت الثناء عليه.
قال «الخطيب البغدادي» : كان «المالقي» أستاذا متقنا، إماما في القراءات وعلوم القرآن، حائزا قصب السبق أداء ومعرفة ورواية، وتحقيقا، ماهرا في صناعة النحو، فقيها، أصوليا، حسن التعليم، فسيح التحليق، منقطع القرين في الدين والصلاح، وسكون النفس، ولين الجانب، والتواضع، وحسن الخلق، ووسامة الصورة، كثير الخشوع والخضوع، أقرأ عمره، وخطب بالمسجد الأعظم من مالقة (1).
وقال «ابن الجزري» : المالقي أستاذ كبير (2).
توفي «المالقي» خامس ذي القعدة سنة خمس وسبعمائة من الهجرة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.
(1) انظر: الإحاطة في أخبار غرناطة ج 3، ص 454.
(2)
انظر: طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 477.