المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌موقعة النهاية: وأما موقعية النهاية، فأهمها في الفصحى سكون الوقف وهاؤه، - مناهج البحث في اللغة

[تمام حسان]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌مقدمة الحاجة إلى منهج للغة:

-

- ‌تعريف بالرموز المستعملة في هذا الكتاب:

- ‌رموز الأصوات:

- ‌رموز الحروف

- ‌استقلال المنهج اللغوي:

- ‌اللغة والكلام:

- ‌منهج الدراسات اللغوية:تعدد الأنظمة في اللغة الواحدة:

- ‌منهج الأصوات-الفوناتيك:

- ‌الصوت:

- ‌الصوت اللغوي:

- ‌الملاحظة:

- ‌تسجيل الصوت:

- ‌البلاتوغرافيا: أو تكنيك الحنك الصناعي:

- ‌الكيموغرافيا:أو تكنيك التعرجات الذبذبية:

- ‌ صور الأشعة

- ‌الأصوات العربية:

- ‌أصوات العربية الفصحى:

- ‌الأصوات الشديدة:

- ‌الأصوات الرخوة:

- ‌الصوت المركب:

- ‌الأصوات المتوسطة:

- ‌أصوات العلة:

- ‌منهج التشكيل الصوتي- الفونولوجيا

- ‌مدخل

- ‌التفريق بين الصحاح والعلل:

- ‌تقسيم الحروف:

- ‌نظرية الفونيم

- ‌المجاورة في السياق:

- ‌المقطع:

- ‌الموقعية:

- ‌موقعية البداية:

- ‌موقعيات الوسط:

- ‌موقعة النهاية:

- ‌موقعيات الشيوع:

- ‌منهج الصرف:

- ‌المورفيم:

- ‌الصيغة:

- ‌الاشتقاق:

- ‌وسائل خلق الرباعي:

- ‌الملحقات:

- ‌الجدول التصريفي، والتوزيع الصرفي:

- ‌منهج النحو

- ‌مدخل

- ‌أقسام الكلام

- ‌وسائل الترابط في السياق:

- ‌مظاهر التماسك السياقي:

- ‌مظاهر التوافق السياقي:

- ‌منهج المعجم:

- ‌تعريف الكلمة:

- ‌ما المعجم

- ‌منهج الدلالة:

- ‌ النظرة الديناميكية:

- ‌ النظرة الاستاتيكية:

- ‌خاتمة:

- ‌المراجع

- ‌مراجع عربية

- ‌مراجع أجنبية

- ‌الخطأ والصواب

- ‌فهرس:

- ‌صور الكتاب

الفصل: ‌ ‌موقعة النهاية: وأما موقعية النهاية، فأهمها في الفصحى سكون الوقف وهاؤه،

‌موقعة النهاية:

وأما موقعية النهاية، فأهمها في الفصحى سكون الوقف وهاؤه، وفي الشعر القافية، وأما في بعض العاميات، فإن من مظاهر هذه الموقعية أن تتحقق الفتحة التي قبل تاء التأنيث في صورة كسرة، إذا سبقتها حروف خاصة، وأن يتحقق ياء المد وواوه في نهاية الكلام أيضا في صورة أصوات علة مركبة، وأن يكون المظهر الصوتي للفتحة، والضمة في آخر مقطع من المجموعة الكلامية، أكثر انفتاحا منه فيها إذا وقعا في مقاطع في وسط الكلام، والأمثلة لذلك:

سمكة - قاضي - قالوا - راكب - يدخل.

ص: 151

‌موقعيات الشيوع:

بقيت موقعية الشيوع، وإنما سميت بذلك؛ لأنها تعين المواقع سواء أكانت في مبدأ الكلام، أو وسطه أو نهايته ومنها:

1-

الإجهار والإهماس،

2-

قوة النطق وضعفه،

3-

التفخيم والترقيق،

4-

الكمية،

5-

النبر،

6-

التنغيم:

1-

الإجهار والإهماس:

والإجهار جهر ما هو مهموس من جهة التبويب والتقييد، والإهماس همس ما هو مجهور من هذه الجهة، وفي موقع صالح لذلك، لقد أفهم كلام النحاة العرب أن ظاهرة القلقة في الأصوات مرجعها إلى تجنب الإهماس في حروف القلقة التي

ص: 151

زعموها جميعا مجهورة في التبويب والتقسيم، مع العلم بأن الطاء والقاف من الحروف المهموسة من هذه الناحية.

والواقع أن اللهجات العامية لم تحترم جهر الحروف إلى هذه الدرجة، وإنما تعمل موقعية نقطة الاتصال عملها في هذه الناحية، دون نظر إلى الناحية التبويبية

للحرف، والغالب أن الحروف المجهورة إذا تلاه في الكلام حرف مهموس،

وكانا متلاصقين تلاصق جزءي الحرف المشدود، فإن أولهما المجهور يلحقه بعض الهمس أو كله، وذلك ما نسميه الإهماس، ويحدث العكس في بعض

الحالات في الحرف المهموس، إذا لاصقه حرف صحيح مجهور لاحق له.

لاحظ إهماس الباء في أبشع، وإجهار الفاء في أفظع، والشين في وزارة الأشغال، وحتى لتصبح بالباء P، والفاء مثل V، والشين مثل الجيم السورية تقريبًا j.

وهناك موقع آخر للإهماس هو موقع الحرف الأخير من المجموعة الكلامية، وذلك مثل الباء في كتاب، والضاد في خفض، والزين في عزيز، وعدم اختصاص هذه الظاهرة، والظواهر التي ستأتي بعد ذلك بمكان واحد، هو الذي برر تسميتنا لها بموقعية الشيوع، وأنا استميح القارئ عذرا في اختيار كلمتي الإجهار، والإهماس، ولقد أكثرت من الاعتراض عليهما لنفسي من كل ناحية، ولكنهما خيرا ما يختار للدلالة على ظاهرة تتصل بالجهر والهمس، ولا تتطابق معهما.

2-

القوة والضعف:

وأما موقعية القوة والضعف في النطق، فقد سبق أن قسمنا مواقع الحرف في المجموعة الكلامية إلى ثمانية مواقع هي:

1-

البداية كموقع الكاف من كتب.

2-

ما كان بين علتين كموقع التاء من كتب.

3-

المشدد في الوسط، كموقع اللام المشدد من علم.

ص: 152

4-

ما كان ساكنا في الوسط، كموقع العين من معلوم.

5-

ما كان متحركا في الوسط، كموقع اللام من معلوم.

6-

ما كان قبل الأخير في المجموعة الكلامية، كموقع الجيم من استخرجت "بسكون التاء".

7-

الساكن المفرد في الآخر، كموقع الباء من اضرب.

8-

الساكن المشدد في الآخر، كموقع اللام المشددة من استقل.

تلك هي المواقع التي توصف بالقوة أو الضعف، وهي في هذا أشبه بباب الفاعل، يوصف بالرفع بقطع النظر عن امثلته التي هي محمد أو جعفر أو عبد الله.

فهذه المواقع تختلف قوة وضعفا في اللهجات العربية، بقطع النظر عما يرد فيها من الأصوات، والحروف.

ولهذا يقال مثلا: إن الصوت إذا وقع مشددا في الآخر، كان أقوى ما يكون نطقا، وهو أضعف ما يكون، إذا وقع بين حرفي علة، ومعنى القوة والضعف هنا مرتبط ارتباطا تاما بتوتر أعضاء النطق، أو تراخيها، أنثاء عملية النطق "قارن بصمة الضاد، التي في أول الكلمة بالضاد التي بين حرفي علة في الأمثلة المصاحبة".

3-

التفخيم والترقيق:

والتفخيم والترقيق يختلفان في الفصحى عنهما في العاميات، فهما في الفصحى يرتبطان بالحروف، أما في العاميات فهما ظاهرة موقعية ترتبط لا بالحروف، وإنما

بالموقع في السياق.

يقول النحاة القدماء في حروف التفخيم: هي "ص ض ط ظ غ خ ق"، وبالتأميل في هذه الحروف، نجد أن مما يعد في خصائص إما صفة الإطباق، وإما مخرج الطبق "وهو هنا يشمل اللهاة": وصفة الإطباق ومخرج الطبق يشملهما في التجويد العربي اصطلاح "الاستعلاء"، والذي يبدو لي أن التفخيم في هذه الحروف غير متحد القيمة، ولا مرات الورود في المثال.

ص: 153

فحروف الإطباق الأربعة مفخمة إلى درجة أكبر من تفخيم الحروف الطبقية الثلاثة، وهي ترد مفخمة أكثر مما ترد الثلاثة الطبقية، ذلك؛ لأن حروف الإطباق يبقى لها تفخيمها في كل وضع، ومع كل حرف علة سابق أو لاحق، أما الثلاثة الطبقية، فإنها لا تفخم في مجاورة الكسرة، ويعترف علماء التجويد بأن الطبقة أقوى تفخيما من الطبقية، يقول ابن الجزري1:"ومنها المستفلة وهي ضد المستعلية؛ والاستعلاء من مصفات القوة وهي سبعة يجمعها قولك: قظ خص ضغط، وهي حروف التفخيم على الصواب وأعلاها الطاء، كما أن أسفل المستفلة الياء، وقيل: حروف التفخيم هي حروف الإطباق، ولا شك أنها أقواها تفخيما".

هذا هو التفخيم في الفصحى؛ تفخيم يرتبط بالحروف أكثر مما يرتبط بالموقع، ولذلك لا يمكن اعتباره ظاهرة موقعية، أما في اللهجات العامية، فهو على العكس من ذلك يرتبط الموقع أكثر مما يرتبط بالحروف؛ ففي لهجتي المحلية "لهجة الكرنك - قنا"، ويمكن تلخيص هذه الظاهرة فيما يأتي:

تنقسم الحروف بالنسبة لهذه الظاهرة إلى أقسام خمسة، كل قسم منها له سلوكه التفخيمي الخاص، الذي يختلف عن سلوك بقية الأقسام. هذه هي الأقسام:

1-

ص ض ط ظ وهي المجموعة المطبقة.

2-

ر وهي تكرارية.

3-

خ غ ك كك بدل "ق" وهي المجموعة الطبقية.

4-

ب م وف - ح عء هـ وهي مجموعة المخارج. القصوى في الشفتين والحنجرة.

5-

ت د س ز ل ن ج ش ي والكسرة والخفضة، وهي المجموعة اللسانية اللأمامية.

وسيرى القارئ من وصف المجموعات بالأطباق، والتكرار والطبقية إلخ، أن

1 كتاب النشر الجزء الأول ص 202.

ص: 154

كل مجموعة تربطها رابطة مخرجية خاصة، والمجموعة الأولى مفخمة دائما، أما المجموعات الأخرى فيلحقها التفخيم بحسب الموقع، وهذا هو معنى كونه ظاهرة موقعية، والقاعدة في ذلك ما يأتي:

1-

كل ما يسبق حرفا من المجموعة الأولى في الكلمة، فهو مفخم مهما كانت المجموعة التي ينتمي إليها، فالتفخيم صفة الحروف كلها في:

"رقص"، "خبط"، و"سمط".

وصفة الحرف المطبق، وما قبله في:

"رصف" و"قطع" و"رطز" و"سطل".

2-

كل حرف يسبق الراء في الكلمة، فهو مفخم مثلها إلا إذا سبق بكسرة أو خفضة، غير مسبوقتين بأحد حروف المجموعة الأولى، كما في "سيرة"، وإلا إذا كانت الراء متوسطة بين حرفين من المجموعة الخامسة، كما في "جرس"، ففي هاتين الحالتين ترقق الراء، وما قبلها.

3-

كل ما سبق المجموعة الثالثة، أو الرابعة فهو مفهم مثلها، إلا:

"أ" حين يكون الوسط من المجموعة الخامسة، كما في "زرع" و"خلق" و"غنم".

"ب" حين يكون أول الكلمة، ووسطها من المجموعة الرابعة أو الخامسة، أو كليهما بأي ترتيب، نحو:"زبق" و"بزق" و"دلق" و"بحق".

4-

"أ" إذا انتهت الكلمة بحرف من المجموعة الخامسة، فهو مرقق وما قبله كذلك، إلا حروف المجموعة الأولى وما سبقها في الكلمة، نحو:"حصد""غطس"، ولكن في "طقش"، التفخيم للطاء فحسب.

وأما في لهجة عدن فالحروف مقسمة أيضا، ولكن الأقسام سبعة، مرتبة بحسب غلبة التفخيم على سلوكها، وهذا الأقسام مبنية على حسب اتحاد المخرج

ص: 155

أو قربه أيضًا، وهي المفخم، والمضخم، والمحايد، والمدقق، والمرقق كما يأتي:

1-

المفخم "الحروف الأسنانية اللثوية المطبقة"، ص ض ط وهي ذات تفخيم دائم.

2-

"الحروف الشفوية" خ غ ق، وهي أقل منها تفخيما المحايد، وهو مجموعات ثلاث:

3-

"الحروف الشفوية" ب م وف وهي أقل من المجموعة الثانية.

4-

"الحلقية" ء هـ ح ع، وهي أقل تفخيما من المجموعة الثالثة.

5-

"اللثوية" ر ل ن وهي أقل تفخيما من المجموعة الرابعة.

6-

المدقق "الحروف الأسنانية اللثوية غير المطبقة" ت د س ز، وهي أقل ترقيقا من المجموعة الأخيرة.

7-

المرقق "الحروف الغارية" ك ج ش ي، وهي أقل ترقيقا.

هذه الموقعية وظيفة من وظائف المقطع، وتقسم كل حرف من حروف العلة إلى سبعة قيم، أصواتية، ترتبط كل قيمة منها بمجموعة من هذه المجموعات.

وإذا كان ذلك الصحاح والعلل في المقطع، صح أن يوصف المقطع بأنه مفخم، أو محايد، أو مرقق؛ ويمكن دراسة هذا الاختلاف التفخيمي بين المقاطع في السياق، وفي الجدول على السواء، ولذكر قاعدة التفخيم في المقطع نجد من الضروري أن نقسم المقاطع إلى قسمين رئيسيين: هما المفتوح والمقفل. ولكل منهما تناول خاص:

1-

المقطع المقفل وهو لذي ينتهي بحرف صحيح:

أ- يكون هذا المقطع مفخما، إذا كان في بدايته أو نهايته أحد حروف المجموعة الأولى أو الثانية، مثل الطاء واللام من طلق، واللام والطاء من بلط، والصاد والاء من وجد صاحبه.

ب- ويكون محايدا حيث تكون بدايته، ونهايته كلتاهما من حروف المجموعة

ص: 156

الثالثة، أو الرابعة، أو الخامسة، مثل الباء والراء من عبر، والراء والحاء من فرح، والباء والنون من بان.

ج- ويكون مرفقا إذا كان أحد حروفه من المجموعة السادسة، أو السابعة وليس فيه حرف من المجموعة الأولى، أو الثانية، نحو الدالين في عدد، والباء والدال من عبد، والباء والشين من ربش.

2-

المقطع المفتوح، وهو الذي ينتهي بحرف علة:

أ- يكونهذا المقطع مفخما، إذا بدأ هو أو لاحقه بحرف من المجموعة الأولى، أو الثانية، نحو:

الحرف لأول وحركته من طلب - بطل - سطا - غلب - نقل - سقط.

ب- ويكون محايدًا، إذا بدأ هو وتاليه بحرف من المجموعة الثالثة، أو الرابعة أو الخامسة نحو الحرف الأول المتحرك من بعد عبد.

ج- ويكون مرققا حين يبدأ بحرف من المجموعة السادسة، أو السابعة، ويبدأ تاليه بأي حرف من غير المجموعة الأولى، أو الثانية، وينتهي بأي حرف من غير المجموعة الأولى فقط، نحو الحرف المتحرك الأول من:

جبل - سبح - جبر - شرح - تبع - كبس.

4-

الكمية:

وتأتي بعد ذلك موقعية الكمية التي ترتبط بأبواب ثلاثة رئيسية في اللغة، ونعني بالكمية الطول، والقصر في المقاطع والحروف الصحيحة، وحروف العلة وغالبًا ما تستعمل كلمة الطول بدل اصطلاح الكمية، وهما مفهومان من مفهومات التشكيل، يقصد بهما باب تشكيلي من أي لغة يعينها، فالكمية إذا فكرة تقسيمية تجريدية لا أكثر ولا أقل، ثم هي لا ترتبط بالزمن الفلسفي، أكثر مما يتربط به شكل الفعل الماضي والمضارع، أما المدة فهي اصطلاح أصواتي لا تشكيلي يقاس بوسائل ميكانيكية، ويدخل في مفهوم الزمن، ويمكن استخراجه من المسافة، كما يستخرج من

ص: 157

السطوح التوقيتية كميناء الساعة، وخط الذبذبة على سطح الورقة وهلم جرا. والكميات، والأطوال المختلفة مفهومات اعتبارية، فالطويل طويل بالنسبة إلى ما هو أقصر، والقصير قصير منسوبا إلى ما هو أطول، ولكن الوقت عامل من عوامل فهم المدة، فإنا لمدة تقاس في علم الأصوات بواحد على مائة من الثانية، والمدة تنسب إلى الصوت، والكمية تنسب إلى الحرف والمقطع، والمدة والكمية يتفقان، ويختلفان فليس من الضروري أن يكون الحرف المشدد، وهو أطول كمية من المفرد أطول مدة في نطق صوته من الحرف المفرد، وهذا الفرق الأخير يوضح الاختلاف بين الكمية والمدة توضيحا تامًا.

والذي نستطيع أن ندرسه هنا هو الكمية لا المدة، ذلك بأن دراسة المدة في اللغة الفصحى، تتطلب من الوسائل الميكانيكية، ما لا نملكه الآن ويؤسفني أن أقول: إن جامعة القاهرة لم تتنبه إلى الآن إلى وجوب إنشاء معامل لهذا النوع من الدراسات، على من له من خطورة في الخارج الآن من الوجهتين النظرية والعملية على السواء، ولكنني أستطيع أن أذكر خلاصة دراستي للمدة في لهجة عدن، بعد الاستعداد لها بتجارب كيموغرافية، ومقارنة نتائج هذه التجارب، وقياس ذبذباتها في معمل معهد اللغات الشرقية بلندن، والخلاصة أن النتيجة النهائية لهذه التجارب هي ما يأتي:

1-

أطول الأصوات مدة هو المشدد الساكن في آخر المجموعة الكلامية، كالدال في مد.

2-

ويليه في ذلك المفرد الساكن الأخير في المجموعة الكلامية، كالدال في بعيد.

3-

ثم يليه المشدد في وسط المجموعة الكلامية، كالدال في أدب.

4-

ثم يليه ما تبتدئ به المجموعة كالدال في دخل.

5-

ثم يليه ما تحرك بعد ساكن، ولم يكن آخرا كالدال في يهدم.

ص: 158

6-

ثم يليه ما وقع ساكنًا قبل الأخير الساكن في المجموعة الكلامية، كالدال في هدم.

7-

ثم يليه ما وقع ساكنًا قبل المتحرك في الوسط، وهو المقصود بالموضع رقم 5 كالدال في يدخل.

8-

وأقصر الجميع مدة ما وقع بين صوتي علة، كالدال في هدم.

ومن هذا ترى أن بعض الأصوات المفردة أطول مدة في النطق من بعض الأصوات المشددة، وهذا يوضح لك الفرق بين المدة وبين الكمية.

أما الكمية في المقطع، فقد سبق أن ذكرنا أن المقاطع العربية ستة، منها قصيران ومتوسطان وطويلان، وقلنا: إن من القصيرين مقفلا ومفتوحًا ومن المتوسطين، كذلك ومن الطويلين مقفل ومزدوج الإقفال، وأوردنا صور المقاطع، كما يأتي:

ع ص - ص ع - ص ع ص - ص ع ع - ص ع ع ص - ص ع ص ص.

وأما الكمية في الصحاح، فكلنا يعرف المفرد والمشدد، ويعلم أن المشدد أطول كمية من المفرد، بل يعلم فوق ذلك أن الحرف المشدد بحرفين، وأما في العلل فكلنا يعرف الفرق بين الحركة والمد، ويعلم أن المد أطول من الحركة.

كل هذه الكميات تقسيمية نظرية لتكوين النظام اللغوي، وإيجاد علاقات بين أقسامه، وأقسام أقسامه فلا يقصد بها رواية شيء عن الزمن الفلسفي، كما يقصد ذلك حين ذكر مدة النطق، أو كما يطلق عليها اصطلاحًا "المدة".

ولست أدري إن كان يحق لي أن أقول: إن لفظي المجرد والمزيد الصرفيين من اصطلاحات الكمية، ولكنني أنحب أن ألاحظ ملاحظة عابرة، أن المفروض في المجرد أن يكون أقصر من المزيد، مع أنني لست أجد هذا في يكرم، ويضرب.

ص: 159

5-

النبر:

كلنا يدرك أن الكلمات التي نتكلمها من أصوات متتابعة، ينزلق كل تابع منها من سابقه، وليست هذه الأصوات في الكلمة بنفس القوة، وإنما تتفاوت قوة وضعفا بحسب الموقع، وكون صوت من الأصوات في الكلمة أقوى من بقيتها يسمى النبر، فالنبر إذا موقعية تشكيلية ترتبط بالموقع في الكلمة، وفي المجموعة الكلامية، وحده أنه وضوح نسبي لصوت، أو مقطع إذا قورن ببقية الأصوات والمقاطع في الكلام، يكون نتيجة عامل أو أكثر من عوامل الكمية، والضغط والتنغيم، فالضغط لا يسمى نبرا، ولكنه يعتبر عاملا من عوامله، ومع هذا فإنه يعتبر أهم هذه العوامل، وربما كان ذلك؛ لأن النبر يعرف بدرجة الضغط على الصوت أكثر مما يعرف بأي شيء آخر أو؛ لأن الضغط في صورتيه صورة القوة،

وصورة النغمة يتسع مجال تطبيقه على النبر أكثر مما يتسع مجال العوامل الأخرى، ويعتبر سويت1 الضغط مما يرتبط بالتركيب لا بالتحليل، وذلك؛ لأنه نسبي دائما يفيد المقارنة باستمرار، إما بين مجموعتين مختلفتين من الأصوات، وإما

بين جزئين مختلفين من مجموعة واحدة، أما من الناحية العضلية، فالضغط مجهود يخرج به الهواء من الرئتين، وكل دفعة منه يصحبها إحساس عضلي لهذا السبب، وأما من الناحية الصوتية، فإنه ينتج أثرا يعرف بالعلو يتوقف على مدى الموجات

الذبذبية، التي تسبب الإحساس بالصوت، واستعمال سويت لكلمة التركيب يسوقنا إلى فهم معنى الموقعية من كلامه.

والكلمات تركيبات من أنساق صوتية، لها نظامها النبري الخاص المستقبل عن نظام النبر في الأنساق الكبرى، "الجمل والمجموعات الكلامية"، والواقع أن النبر في

الكلمات العربية من وظيفة المزيان الصرفي، لا من وظيفة المثال، فنحن إذا تأملنا كلمة "فاعل"، نجد أن الفاء أوضح أصواتها لوقوع النبر عليها، وباعتبار هذه الصيغة ميزانا صرفيا نجد أن كل ما جاء على مثاله، يقع عليه النبر بنفس الطريقة مثل قاتل،

1 Primer of Phonetics، 1902 p. 47.

ص: 160

حابس، وناقل، ورابط، وعازل، وشاغل، وضارب، وعازم، وخازن، حتى لأمر من صيغه الفاعل: كجاهد، وسافر، تقع في نموذج هذا الوزن، فتتلقى النبر على

ههاء الكلمة، ومثل ذلك أن صيغة مفعول، وكل ما جاء على مثالها يقع النبر على عين

الكلمة فيها، وما جاء على وزن مستفعل يقع النبر فيه على التاء، وهلم جرا،

ومن هنا لا نكون مبالغين، إذا قلنا: إن النبر في الكلمات العربية موقعية تشكيلية وصرفية في نفس الوقت، أما في الأنساق الكبرى "أو السياقات، أو عبارة أخرى، الجمل المجموعات الكلامية"، فيقع ترتيب النبر على غير المقتضات الصرفية البحتة، بل إنه لا يتربط بها، وإن وافقها في الظاهر، هذا النبر الذي في السياق، إنما يكون من وظيفة المعنى العام، أي أنه نبر دلالي، ومعنى هذا أن في اللغة العربية نوعين من وقعية النبر في التشكيل الصوتي.

1-

النبر الصرفي.

2-

النبر الدلالي.

وينقسم النبر الصرفي إلى قسمين بحسب قوة النطق ودرجة الدفعة: أولي، وثانوي، إنما سمي الأولي كذلك لسببين؛ أولا؛ لأنه أقوى من الثانوي، وإن استعمال كلمة لي بهذا المعنى يقتضي كلمة ثانوي بالضرورة، وثانيا؛ لأن موضع النبر الثانوي، إنما يقاس مسافته في المقاطع بالنسبة للأولى، فإذا وضعت قاعدة المسافة بين الأولي، والثانوي بعدد من المقاطع ظهر الإيقاع اللغوي الخاص باللغة العربية، وقاعدة النبر والصرفي كما يأتي:

1-

النبر الأولي:

أ- يقع النبر على المقطع الأخير في الكلمة، إذا كان من نوع "ص ع ع ص"" ص ع ع ص"، أي من النوع الطويل، مثل قال، استقال، قل، استقل من النوع المتوسط في الكلمات أحادية المقطع، كفعل الأمر من قال.

ب- ويقع على ما قبل الأخر، إذا كان متوسطا والآخر متوسطا، سواء كان المتوسط من نوع "ص ع ص" أو"ص ع ع" مثل:

ص: 161

علّمْ - سلّمْ - عبدك - يتوفاكم - قاتل - جوارٍ.

أو كان ما قبل الأخير من نوع "ص ع" القصير مبدوءه به الكلمة، أو مسبوقا بصدر إلحاقي نحو:

كتب - حسب - حرم - محترم - انحبس.

ج- يقع النبر على المقطع الذي يسبق ما قبل الآخر، إذا كان الآخر يقع مع ما قبله في إحدى الصور الآتية:

1-

"ص ع + ص ع ص"، نحو علمك - حاسبك.

2-

"ص ع + ص ع ع" نحو علموا - حاسبوا - ضربك.

ولا يقع النبر على مقطع سابق لهذه الأخيرة.

2-

النبر الثانوي:

إن مجال النبر الثانوي في الكلمة أضيق منه في الجملة، أو المجموعة الكلامية، ومع هذا فإن النبر الثانوي، يوجد في الكلمات ذوات المقطعين فأكثر، فالمقطع المنبور نبرًا ثانويًا، يمكن وجوده على مسافات محددة من النبر الأولي، كما يأتي:

1-

يقع الثانوي على المقطع الذي قبل المقطع المنبور نبرا أوليا، إذا كان ذو النبر الثانوي طويلا، مثل ضالين - حاجات - مدهامات.

2-

ويقع على المقطع الذي بينه، وبين المنبور نبرا أوليًا مقطع آخر إذا كان ذو المنبور الثانوي يكون مع الذي يفصل بينه، وبين المنبور الأولي أحد الأنساق الآتية:

أ- مقطع متوسط + آخر متوسط "ص ع ص" أو"ص ع ع" مثل: علمناه - مستبقين - يستخفون - عاشرناهم.

ب- مقطع متوسط + مقطع قصير مثل:

مستقيم - مستعدة - صاحبوهم.

3-

ويقع على المقطع الثالث قبل المنبور نبرًا أوليًا، إذا كانت الثلاثة السابقة.

ص: 162

لهذا المنبور الأولي تكون نسقا في صورة "متوسط + قصير + قصير أو متوسط" نحو:

مستحمين - يستفيدون - ما عرفناهم - محتملوهم.

ولا يقع الضغط الثانوي على المقطع الرابع السابق للمنبور الأولي في الكلمة.

نبر السباق "أو النبر الدلالي":

ونبر السياق مستقل عن نبر الصيغة الصرفية، الذي شرحناه، ولو أنه يتفق معه في الموضع أحيانًا، والفرق بين الدلالي والصرفي، أو نبر السياق ونبر الصيغة، أن نبر السياق يمكن وصفه، على عكس نبر الصيغة، بأنه إما أن يكون تأكيديًا، وإما أن يكون تقريريا، ويمكن تلخيص الفرق بين التأكيدي والتقريري في نقطتين:

1-

أن دفعة الهواء في النبر التأكيدي أقوى منها في التقريري.

2-

وأن الصوت أعلى في التأكيدي منه في التقريري.

وأي مقطع في المجموعة الكلامية، سواء كان في وسطها أو في آخرها، صالح لأن يقع عليه هذا النوع من النبر، والمسافة بين أي حالتي نبر في المجموعة الكلامية، سواء كان كلاهما أوليا أو ثانويا أو مختلفا، لا تتعدى أربعة مقاطع.

والواقع أن هذه المسافة يتحكم فيها عامل الإيقاع في الكلام العادي، ولا يظنن ظان أن النبر في الكلام المتصل، "أو في المجموعة الكلامية على حسب ما نسميه هنا"، يقع أوليا فثانويا فأوليا فثانويا على التعاقب، فربما تجاورت حالات من الأولى أو من الثانوي دون أن يتخللها النوع الآخر، ولكن الملاحظ أن المسافات بين كل حالتي نبر، تبدو كأنها متساوية تقريبا، وهذا ما نسميه الإيقاع وللقارئ إن شاء أن يتأمل كلامه؛ ويحدد المسافات بين حالات النبر، وسيجد هذه الظاهرة واضحة كل الوضوح.

ولا يفوتني هنا أن أشير إلى أن دراسة النبر، ودراسة التنغيم في العربية الفصحى يتطلب شيئا من المجازفة، ذلك؛ لأن العربية الفصحى لم تعرف هذه الدراسة في قديمها

ص: 163

ولم يسجل لنا القدماء شيئا عن هاتين الناحيتين، وأغلب الظن أن ما ننسبه للعربية الفصحى في هذا المقام، إنما يقع تحت نفوذ لهجتنا العامية؛ لأن كل متكلم بالعربية الفصحى في أيامنا هذه، يفرض عليها من عاداته النطقية العامية الشيء الكثير، وأظن القارئ يعلم أن القرآن الكريم نفسه يختلف نطقا، ونبرا وتنغيما، "وعلى الأخص في نطق الضاد والجيم، والثاء والذال والظاء، والقاف والكاف"، من بلد عربي إلى بلد عربي آخر، اختلافا يخبر عن نسبة التباين في هذه الناحية بين اللهجات العامية في البلاد العربية المختلفة.

6-

التنغيم:

يمكن تعريف التنغيم بأنه ارتفاع الصوت وانخفاضه أثناء الكلام، وربما كان له وظيفة نحوية هي تحديد الإثبات، والنفي في جملة لم تستعمل فيها أداة الاستفهام فقد تقول لمن يكلمك ولا تراه:"أنت محمد" مقررا ذلك، أو مستفهما عنه، وتختلف طريقة رفع الصوت، وخفضه في الإثبات عنها في الاستفهام، ولكن كل شيء فيما عدا التنغيم، يبقى في المثال على ما هو عليه؛ وترتيب الكلمات في الجملة، والبناء في الكلمة الأولى، والإعراب في الثانية، وحركة الإعراب وحركة البناء، والنبر الثانوي على الهمزة والأولى على الحاء، كل ذلك إذ يبقى في الحالتين لا يصلح أساسًا للتفريق بين الإثبات والاستفهام، ولكن التغنيم هو ناحية الخلاف الوحيدة بينهما، وما دامت ناحية الخلاف هذه قادرة على أن توضح كلا من المعنيين، فللتنغيم إذا وظيفة نحوية، والوظيفة الأصواتية للتنغيم هي النسق الأصواتي، الذي يستنبط التنغيم منها أما الوظيفة الدلالية، فيمكن رؤيتها لا في اختلاف علو الصوت، أو انخفاضه فحسب، ولكن في اختلاف الترتيب العام لنغمات المقاطع في النموذج التنغيمي، الذي يقوم من الأمثلة مقام الميزان الصرفي من أمثلته، اختلافا يتناسب مع اختلاف الماجريات العامة، التي تم فيها النطق، وليس في العربية وظيفة معجمية للتنغيم؛ لأن اللغة العربية لا تستخدمه بهذه الطريقة، كما تستخدمه الصينية، وبعض لغات غرب أفريقيا.

ويمكن تقسيم التنغيم العربي، ومن وجهتي نظر مختلفتين؛ إحداهما شكل النغمة.

ص: 164

المنبورة الأخيرة في المجموعة الكلامية، والثانية هي المد بين أعلى نغمة، وأخفضها سعة وضيقا، فأما من الوجهة الأولى، فينقسم إلى قسمين:

1-

اللحن الأول الذي ينتهي بنغمة هابطة.

2-

اللحن الثاني الذي ينتهي بنغمة صاعدة، أو ثابتة أعلا مما قبلها.

وأما من الوجهة الثانية، فينقسم إلى ثلاثة أقسام:

1-

المدى الإيجابي:

2-

المدى النسبي.

3-

المدى السلبي.

فمجموع التقسيمات إذا يقع في سنة نماذج تنغيمية مختلفة، هي كل ما في اللغة العربية من نماذج التنغيم، وتقف من أمثلتها التي تحصى موقف الميزان الصرفي من أمثلته كما قلنا سابقًا، حتى إننا لنستطيع أن نسميها الموازين التنغيمية؛ كما سمينا الموازين الأخرى صرفية، وهذه الموازين الستة هي:

1-

الإيجابي الهابط.

2-

الإيجابي الصاعد.

3-

النسبي الهابط.

4-

النسبي الصاعد.

5-

السلبي الهابط.

6-

السلبي الصاعد.

لقد وقعت على هذا التقسيم في دراستي للهجة عدن، وحاولت بعد ذلك أن أطبقه على اللغة العربية الفصحى، فوجدته وافيا بالغرض، وهذا التقسيم يختلف عن التقسيم التقليدي الذي يستمعله الباحثون اللغويون، فيبنونه على قسمين أحدهما مؤكد، والثاني غير مؤكد، ولكن التأكيد من الأفكار الذهنية؛ ونحب نحن أن

ص: 165

تقيم الدراسة اللغوية على أساس الشكل والوظيفة، والتأكيد كفكرة ذهنية يكون في الإيجابي، كما يكون في السلبي من هذه المديات، فكما يؤكد المرء بالصوت العالي، يؤكد أيضا بالصوت المنخفض جدا.

ويكتب التنغيم كما تكتب الموسيقى على خطوط أفقية، ولكن عدد الخطوط هنا ليس خمسة كما في الموسيقى، وإنما يختلف باختلاف عدد المديات، فيجعل لكل مدى مسافة بين خطين، والمديات هنا ثلاثة؛ فيلزم أن نستعمل في كتابتها خطوطا أربعة تحصر بينها مسافات ثلاث، سفلاها لكتبة المدى السلبي، وهي وما فوقها لكتابة المدى النسبي، والثلاث جميعا لكتابة المدى الإيجابي الذي هو أوسع هذه المديات الثلاثة.

ونفرق هنا عمدا بين اصطلاحي النغمة واللحن، فأما النغمة فنقصد بها تنغيم المقطع الواحد في عموم المجموعة الكلامية، فتوصف هذه النغمة بأنها صاعدة، أو هابطة أوثابتة، ونقصد باللحن مجموع النغمات التي في المجموعة الكلامية، أي الترتيب الأفقي للنغمات، التي يشتمل النموذج، أو الميزان عليها مع نظرة خاصة إلى النغمة المنبورة الأخيرة من هذا الترتيب، فالميزان إذا أعم من اللحن والمدى، ويشملهما جميعا في الفهم.

ولا يجب أن يفهم القارئ الاصطلاحات "إيجابي" و"نسبي"، و"سلبي" بمعناها في المعجم، فالاصطلاحات بطاقات لمدلولاتها العلمية، التي لا تتطابق كثيرًا مع المعنى المعجمي العام، ويستعمل المدى الإيجابي في الكلام الذي تصحبه عاطفة مثيرة.

ولتحديد هذا تحديدًا أكثر ضبطًا نقول: إن الكلام بهذا المدى تصحبه إثارة أقوى للأوتار الصوتية، بإخراج كمية أكبر من الهواء الرئوي، باستعمال نشاط أشد في حركة الحجاب الحاجز.

وهذا أكثر ضبطا من استعمال تعريف مبني على الدراسات النفسية؛ لأن علم النفس.

ص: 166

باعتباره علما مساعدا من أقل العلوم فائدة في الدراسات اللغوية.

ويستعمل المدى النسبي في الكلام غير العاطفي، وتفهم سعة المدى وضيقه في محدودية المدى التنغيمي العام في اللغة المدروسة، أي المدى الذي بين أعلى، وأخفض نغمة كلامية تستعمل في المحادثة وذلك؛ لأنه ليس هناك سعة مطلقة وضيق مطلق، بل كل شيء في هذا المجال نسبي: وأما المدى السلبي فيستعمل الكلام الذي تصحبه عاطفة تهبط بالنشاط الجسمي العام كالحزن مثلا.

وأما كتابة النغمات نفسها، فكما يأتي:

ولعل القارئ لا يحتاج إلى النص على أن النغمة الهاطبة، والصاعدة لا بد أن تصاحب النبر في المقطع، أما النغمة الثابتة فقد تكون في مقطع منبور، أو غير منبور، كما لا يمكن رؤية ذلك في الأمثلة الورادة.

ص: 167

لقد تكلمنا من قبل في توضيح المعنى الاصطلاحي للمجموعة الكلامية، وقلنا: إنها سلسلة من الأصوات اللغوية المتصلة في نفس واحد واقعة بين سكتين، وهي بهذا التحديد قد تكون جملة أو كلمة، ونريد الآن أن نتكلم عن اصطلاح آخر، هو المجموعة المعنوية، يعلم القارئ أنه في إلقاء جملة شرطية، يستطيع المرء أن يقسم هذه الجملة على تنفسين، يتكلم في أولهما فعل الشرط، وفي الثاني جوابه وجزاءه، ويمكن أني فعل ذلك في الجملة المصدرة بأما، وفي الجملة الطويلة التي لا يمكن أن تقال جميعها في تنفس واحد، يقسم المرء الجملة إلى أجزاء يقول كلا منها في تنفس مستقل، وعادة تقطيع الجملة عادة ضرورية في المسرح، يزاولها الممثلون على يد المخرج قبل التمثيل الفعلي.

وفي كل جملة مقسمة على هذا النمط، يعتبر كل جزء منها مجموعة كلامية مستقلة؛ لأنه يقع بين سكتين، ولكن هذه المجموعات الكلامية مترابطة من جهة المعنى، وقد لا يقوم كل منها مستقلا عن المجموعات الأخرى، دون أن يكون ذلك على حساب المعنى، تصور مثلا أنك اكتفيت بجملة الشرط عن جوابه، أو بما بعد فائها الواقعة في الجواب، أو بالمبتدأ الموصوف بصله عن خبره الجملة ألا يكون كل ذلك نقصا في المعنى؟ إن المجموعات الكلامية المترابطة من جهة المعنى بهذه الصورة، تكون في مجموعها مجموعة معنوية، فالمجموعة المعنوية إذا اصطلاح لغوي عام، والمجموعة الكلامية اصطلاح أصواتي معناه يتصل بالدراسات الطبيعية التي منها التنفس، وقد تكون المجموعة الكلامية مجموعة معنوية، كما في محمد قائم، إذا تمت الإفادة، وقد لا تكون، كما في إن قام محمد؛ لأن الإفادة لا تتم عند هذا الحد، برغم كون إن قام محمد مجموعة كلامية.

تخلص من هذا بأن الكلام قد يتم، فيكون مجموعة معنوية، وهو في نفس الوقت مجموعة أو مجموعات كلامية، ولا بد للمجموعة المعنوية من أن تنتهي بنغمة هابطة في التقرير والطلب، والاستفهام غير المبدوء بهل والهمزة، أما في الاستفهام المبدوء بهل والهمزة، وفي المجموعة الكلامية التي لم يتم بها المعنى، فالنغمة النهائية

ص: 168

صاعدة أو ثابته، أعلى مما قبلها، هذه قاعدة عامة نقدمها بين يدي دراسة النماذج التنغيمية المختلفة.

أما ترقيم التنغيم فكترقيم الكتابة، وتحمل العلامة فيه من الكتابة محل الشهيق لاسترجاع النفس من الكلام، وكلما جاءت سكتة وجب وجود علامة ترقيمية. وفي التنغيم علامتان ترقيميتان، إحداهما خط رأسي واحد، ليدل على وقفة مع عدم تمام الكلام، وثانيتهما خطان رأسيان، ليدلا على تمامه.

ويستعمل النموذج الإيجابي الهابط في تأكيد الإثبات، كقولك في جواب من أنكر أنه هو الذي قام بفعل معين: أنت فعلت هذا أي لا غيرك، أو ادعى أنه فعل شيئا غيره أنت فعلت هذا، أي لا الآخر يجعل النبر، والتأكيد في الجملة الأولى على الضمير، وفي الثانية على اسم الإشارة، مؤكدا النبر في الحالتين وهابطا بالنغمة المنبورة من أقصى علو المدى، ويستعمل أيضا في تأكيد الاستفهام بكيف وأين، ومتى وبقية الأدوات فيما عدا هل والهمزة، أما إذا كان الاستفهام بهل أو الهمزة، فإن النموذج المستعمل في التنغيم هو الإيجابي الصاعد.

وللإثبات غير المؤكد يستعمل النسبي الهابط، ومن ذلك التحية والكلام التام، وتفصيل المعدودات والنداء، وما عبر به عن فكرة مكملة لكلام سابق مباشرة كما في "لقد قابلت أخاك

على دراجته"، والاستفهام بغير هل والهمزة، أما إذا كان الاستفهام بهل والهمزة، أو بلا أداة أبدا، فالمستعمل النسبي الصاعد.

ويستعمل السلبي الهابط في تعبيرات التسليم بالأمر، نحو لا حول ولا قوة إلا بالله، وعبارات الأسف والتحسر، وكل ذلك مع خفض الصوت، فإذا كان الكلام تمنيا أو عتبا، فالمستعمل السلبي الصاعد المنتهي بنفحة ثابتة أعلى مما قبلها.

والفرق بين الثلاثة مديات "الإيجابي والنسبي والسلبي"، فرق في علو الصوت وانخفاضه، فالإيجابي أعلاها، والسلبي أخفضها وبينهما النسبي.

وكم أجد في نفسي أمنية حارة أن ينظم المجمع اللغوي دراسات للتنغيم، تنتهي بخلق مستوى صوابي موحد للقراء، والإلقاء في البلاد العربية كلها، حتى لا تكون.

العربية الفصحى خاضعة في كل إقليم للعادات النطقية العامية، وحتى لا يجد العربي غرابة في إلقاء أخيه العربي، فيكون أقدر على فهمه.

ص: 169