المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب في الضحية والعقيقة] - منح الجليل شرح مختصر خليل - جـ ٢

[محمد بن أحمد عليش]

الفصل: ‌[باب في الضحية والعقيقة]

بَابٌ)

سُنَّ لِحُرٍّ غَيْرِ حَاجٍّ بِمِنًى ضَحِيَّةٌ لَا تُجْحِفُ،

ــ

[منح الجليل]

[بَابٌ فِي الضَّحِيَّة وَالْعَقِيقَة]

(سُنَّ) بِضَمِّ السِّينِ وَشَدِّ النُّونِ عَيْنًا (لِ) شَخْصٍ (حُرٍّ) وَلَوْ أُنْثَى أَوْ مُسَافِرًا فَلَا تُسَنُّ لِرَقِيقٍ وَلَوْ بِشَائِبَةٍ (غَيْرِ حَاجٍّ) فَلَا تُسَنُّ لِحَاجٍّ، سَوَاءٌ كَانَ بِمِنًى أَوْ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُخَاطَبُ بِصَلَاةِ الْعِيدِ فَكَذَا الضَّحِيَّةُ، وَدَخَلَ فِي غَيْرِ الْحَاجِّ الْمُعْتَمِرُ فَتُسَنُّ فِي حَقِّهِ حَالَ كَوْنِ غَيْرِ الْحَاجِّ (بِمِنًى) فَأَوْلَى إنْ كَانَ بِغَيْرِهَا، سَوَاءٌ كَانَ مَنْ بِهَا مِنْ أَهْلِهَا أَوْ مُقِيمًا بِهَا. طفي كَأَنَّهُ حَوَّمَ عَلَى قَوْلِهَا وَهِيَ عَلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ الْحَاضِرِ وَالْمُسَافِرِ إلَّا الْحَاجَّ فَلَيْسَتْ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مِنْ سُكَّانِ مِنًى. اهـ. فَاقْتَصَرَ عَلَى الْمُبَالَغِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَوَهَّمُ فَيُفْهَمُ أَنَّ الْحَاجَّ مِنْ غَيْرِ سُكَّانِ مِنًى مِنْ بَابِ أَوْلَى وَمَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ دَخَلَ فِي غَيْرِ الْحَاجِّ،. اهـ. وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ بِمِنًى نَعْتُ حَاجٍّ وَنَائِبُ فَاعِلٍ سُنَّ (ضَحِيَّةٌ) وَيُقَالُ أُضْحِيَّةٌ بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِهِ وَأَضْحَاةٌ وَأَضْحَى أَيْ تَضْحِيَةٌ وَلَوْ حُكْمًا كَمُشْرَكٍ فِي الْأَجْرِ بِفَتْحِ الرَّاءِ، فَنِيَّةُ إدْخَالِهِ كَفِعْلِ نَفْسِهِ وَإِنْ تَرَكَهَا أَهْلُ بَلَدٍ قُوتِلُوا عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ وَالِدَيْهِ الْفَقِيرَيْنِ وَوَلَدِهِ الَّذِي تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ لَا عَنْ زَوْجَتِهِ وَلَا عَنْ رَقِيقِهِ. ابْنُ حَبِيبٍ يَلْزَمُ الْإِنْسَانَ أَنْ يُضَحِّيَ عَمَّنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ مِنْ وَلَدٍ أَوْ وَالِدٍ عب لُزُومُهَا الشَّخْصَ عَنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ الَّذِي تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهَا قُرْبَةٌ كَالصَّوْمِ، فَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا تُؤَدَّى عَمَّنْ ذُكِرَ كَالزَّوْجَةِ اهـ. وَجَوَابُهُ أَنَّ الصَّوْمَ قُرْبَةٌ بَدَنِيَّةٌ لَا تَقْبَلُ النِّيَابَةَ وَالضَّحِيَّةُ قُرْبَةٌ مَالِيَّةٌ تَقْبَلُهَا.

وَنَعَتَ ضَحِيَّةً بِجُمْلَةِ (لَا تُجْحِفُ) أَيْ تُتْعِبُ وَلَا تَضُرُّ التَّضْحِيَةُ الْحُرَّ غَيْرَ الْحَاجِّ بِأَنْ لَا يَحْتَاجَ لِثَمَنِهَا لِأَمْرٍ ضَرُورِيٍّ فِي عَامِهِ، فَإِنْ احْتَاجَ لَهُ فِيهِ فَلَا تُسَنُّ لَهُ. وَهَلْ يُسَنُّ

ص: 465

وَإِنْ يَتِيمًا بِجَذَعِ ضَأْنٍ، وَثَنِيِّ مَعْزٍ وَبَقَرٍ وَإِبِلٍ: ذِي سَنَةٍ، وَثَلَاثٍ، وَخَمْسٍ.

بِلَا شِرْكٍ، إلَّا فِي الْأَجْرِ؛

ــ

[منح الجليل]

تَسَلُّفُ ثَمَنِهَا لِمَنْ يَرْجُو وَفَاءَهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ نَاجِي أَوَّلًا وَهِيَ طَرِيقَةُ ابْنِ بَشِيرٍ.

وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ إنْ كَانَ الْحُرُّ غَيْرَ الْحَاجِّ غَيْرَ يَتِيمٍ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (يَتِيمًا) أَيْ صَغِيرًا مَاتَ أَبُوهُ وَيُخَاطَبُ وَلِيُّهُ بِفِعْلِهَا عَنْهُ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ وَلَوْ عَرْضَ تِجَارَةٍ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ إنَّهُ ضَحَّى عَنْهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَرْفَعَ لِقَاضٍ مَالِكِيٍّ إنْ كَانَ هُنَاكَ حَنَفِيٌّ بِالْأَوْلَى مِنْ الزَّكَاةِ وَصِلَةُ ضَحِيَّةٌ أَيْ تَضْحِيَةٌ (بِجَذَعِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ (ضَأْنٍ وَثَنِيِّ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَكَسْرِ النُّونِ وَشَدِّ الْيَاءِ (مَعْزٍ وَبَقَرٍ وَإِبِلٍ ذِي) أَيْ صَاحِبِ (سَنَةٍ) بَيَانٌ لِجَذَعِ الضَّأْنِ وَثَنِيِّ الْمَعْزِ وَعَلَامَتُهُ أَنْ يَرْقُدَ صُوفُ ظُهْرِهِ بَعْدَ قِيَامِهِ، لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي الْمَعْزِ دُخُولُهُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ دُخُولًا بَيِّنًا كَمَا تُفِيدُهُ الرِّسَالَةُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا يُلَقِّحُ فِيهِ أَيْ تَحْمِلُ مِنْهُ الْأُنْثَى وَحْدَهُ بَعْضُهُمْ بِكَشَهْرٍ.

(وَ) ذِي (ثَلَاثٍ) بَيَانٌ لِثَنِيِّ الْبَقَرِ (وَ) ذِي (خَمْسٍ) بَيَانٌ لِثَنِيِّ الْإِبِلِ وَالْمُعْتَبَرُ السَّنَةُ الْقَمَرِيَّةُ، وَلَوْ نَقَصَ بَعْضُ شُهُورِهَا وَيُلْغَى يَوْمُ وِلَادَتِهِ إنْ وُلِدَ بَعْدَ فَجْرِهِ، فَإِنْ وُلِدَ الضَّأْنُ لَيْلَةَ يَوْمِ عَرَفَةَ صَحَّتْ تَضْحِيَتُهُ يَوْمَ الْعِيدِ مِنْ الْعَامِ الَّذِي يَلِيهِ، وَيُتَمِّمُ شَهْرَ وِلَادَتِهِ الَّذِي وُلِدَ فِي أَثْنَائِهِ بِالْعَدَدِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْغَنَمِ وَغَيْرِهَا أَنَّ جَذَعَ الْغَنَمِ يَحْمِلُ وَغَيْرُهَا لَا يَحْمِلُ إلَّا ثَنِيَّهُ حَالَ كَوْنِ الْجَذَعِ وَالثَّنِيِّ.

(بِلَا شِرْكٍ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ أَيْ اشْتِرَاكٍ فِي ذَاتِهِ فَلَا تَصِحُّ التَّضْحِيَةُ بِمُشْتَرَكٍ فِي ذَاتِهِ بِشِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ إعْطَاءٍ.

(إلَّا فِي الْأَجْرِ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ أَيْ الثَّوَابِ فَيَجُوزُ التَّشْرِيكُ فِيهِ قَبْلَ التَّضْحِيَةِ بِشُرُوطِهِ الْآتِيَةِ، وَفَائِدَةُ التَّشْرِيكِ فِيهِ سُقُوطُ طَلَبِهَا عَنْ الْمُشْرَكِ بِالْفَتْحِ وَلَوْ غَنِيًّا وَإِنْ انْتَفَى شَيْءٌ مِنْ الشُّرُوطِ فَلَا تُجْزِئُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَا يُعْتَبَرُ التَّشْرِيكُ بَعْدَ التَّضْحِيَةِ، وَلَا يَمْنَعُ مِنْ إجْزَائِهَا عَنْ رَبِّهَا وَلَحْمُهَا لِرَبِّهَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا شَرَّكَ فِي الْأَجْرِ وَهُوَ صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ،

الْأُولَى: أَنْ يُدْخِلَهُ مَعَهُ فِي ضَحِيَّتِهِ.

وَالثَّانِيَةُ: أَنْ يُضَحِّيَ عَنْ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ وَلَا يَدْخُلُ الْمُضَحِّي مَعَهُمْ

ص: 466

وَإِنْ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةٍ؛ إنْ سَكَنَ مَعَهُ وَقَرُبَ لَهُ؛ وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ وَإِنْ تَبَرُّعًا. وَإِنْ جَمَّاءَ.

ــ

[منح الجليل]

فِيهَا. وَيُشْتَرَطُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى الشُّرُوطُ الْآتِيَةُ دُونَ الثَّانِيَةِ أَفَادَهُ اللَّخْمِيُّ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ خَبَرُ.

اللَّهُمَّ: هَذَا عَمَّا شَهِدَ لِي بِالْبَلَاغِ وَشَهِدْت لَهُ بِالتَّصْدِيقِ إنْ كَانَ الْمُشْرَكُ فِي الْأَجْرِ سَبْعَةً بَلْ (وَإِنْ) كَانَ الْمُشْرَكُ فِي أَجْرِهَا (أَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةٍ) وَيَجُوزُ التَّشْرِيكُ فِي الْأَجْرِ (وَإِنْ) كَانَ الْمُشْرَكُ بِالْفَتْحِ (سَكَنَ مَعَهُ) أَيْ الْمُشْرِكِ بِالْكَسْرِ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ وَلَوْ حُكْمًا بِأَنْ يُغْلَقَ عَلَيْهِمَا بَابٌ وَاحِدٌ عب. وَالْخَرَشِيُّ هَذَا فِيمَنْ يُنْفَقُ عَلَيْهِ تَبَرُّعًا، فَإِنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ فَلَا يُشْتَرَطُ سُكْنَاهُ مَعَهُ. الْبُنَانِيُّ اُنْظُرْ مِنْ أَيْنَ لَهُمَا هَذَا التَّفْصِيلُ وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ غَيْرَ الطِّخِّيخِيُّ عَنْ الْعَوْفِيِّ مُسْتَدِلًّا بِكَلَامِ ابْنِ حَبِيبٍ الَّذِي فِي الْمَوَّاقِ وَلَا دَلِيلَ لَهُ فِيهِ أَصْلًا وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَالْبَاجِيِّ وَاللَّخْمِيِّ أَنَّ السُّكْنَى مَعَهُ شَرْطٌ مُطْلَقًا.

(وَ) إنْ (قَرُبَ) الْمُشْرَكُ بِالْفَتْحِ (لَهُ) أَوْ الْمُشْرِكُ بِالْكَسْرِ نَسَبًا وَلَوْ حُكْمًا كَزَوْجَةٍ وَأُمِّ وَلَدٍ فَلَهُ إدْخَالُهُمَا مَعَهُ فِي الْأَجْرِ. ابْنُ عَرَفَةَ رَوَى عِيَاضٌ لِلزَّوْجَةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ حُكْمُ الْقَرِيبِ. ابْنُ حَبِيبٍ ذُو الرِّقِّ كَأُمِّ الْوَلَدِ فِي صِحَّةِ إدْخَالِهَا وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ مُقَابِلًا. وَمِثْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْبَاجِيَّ قَائِلًا الزَّوْجِيَّةُ آكَدُ مِنْ الْقَرَابَةِ وَنَحْوِهِ لِلْمَازِرِيِّ، وَفِي الْبَيَانِ مَا نَصُّهُ وَأَهْلُ بَيْتِ الرَّجُلِ الَّذِينَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُدْخِلَهُمْ فِي أُضْحِيَّتِهِ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ " رضي الله عنه " أَزْوَاجُهُ وَمَنْ فِي عِيَالِهِ مِنْ ذَوِي رَحِمِهِ كَانُوا مِمَّنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ أَوْ مِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ، غَيْرَ أَنَّ مَنْ كَانَ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ لَزِمَهُ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْهُمْ إنْ لَمْ يُدْخِلْهُمْ فِي أُضْحِيَّتِهِ حَاشَا الزَّوْجَةَ.

(وَ) إنْ (أَنْفَقَ) الْمُشْرِكُ بِالْكَسْرِ (عَلَيْهِ) أَيْ الْمُشْرَكِ بِالْفَتْحِ وُجُوبًا كَأَبَوَيْهِ الْفَقِيرَيْنِ وَوَلَدِهِ الَّذِي لَا مَالَ لَهُ الصَّغِيرِ أَوْ الْعَاجِزِ عَنْ الْكَسْبِ، بَلْ (وَإِنْ) أَنْفَقَ عَلَيْهِ (تَبَرُّعًا) كَأَخِيهِ وَعَمِّهِ وَجَدِّهِ وَأَبَوَيْهِ وَأَوْلَادِهِ الَّذِينَ لَهُمْ مَالٌ إنْ كَانَ جَذَعُ الْغَنَمِ وَثَنِيُّ الْبَقَرِ ذَا قَرْنَيْنِ بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ الضَّحِيَّةُ (جَمَّاءَ) أَيْ مَحْلُوقَةً بِلَا قَرْنٍ مِنْ نَوْعٍ مَا لَهُ قَرْنٌ فَتُجْزِئُ

ص: 467

وَمُقْعَدَةً لِشَحْمٍ، وَمَكْسُورَةَ قَرْنٍ؛ لَا إنْ أَدْمَى كَبَيِّنِ: مَرَضٍ، وَجَرَبٍ، وَبَشَمٍ، وَجُنُونٍ.

وَهُزَالٍ، وَعَرَجٍ، وَعَوَرٍ، وَفَائِتِ جُزْءٍ

ــ

[منح الجليل]

إجْمَاعًا نَقَلَهُ ابْنُ زَرْقُونٍ وَغَيْرُهُ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ مُسْتَأْصَلَةَ الْقَرْنَيْنِ عُرُوضًا فَفِيهَا قَوْلَانِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي إجْزَاءِ مُسْتَأْصَلَةِ الْقَرْنَيْنِ دُونَ إدْمَاءٍ نَقْلَا الشَّيْخِ عَنْ كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَابْنِ حَبِيبٍ.

(وَمُقْعَدَةً) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ أَيْ عَاجِزَةً عَنْ الْقِيَامِ (لِ) كَثْرَةِ (شَحْمٍ وَمَكْسُورَةً) جِنْسُ (قَرْنٍ) مِنْ طَرَفِهِ أَوْ أَصْلُهُ وَاحِدٌ أَوْ أَكْثَرُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ نَقْصًا فِي خِلْقَةٍ وَلَا لَحْمٍ إنْ بَرِئَ وَلَمْ يُدْمِ (لَا) تُجْزِئُ مَكْسُورَتُهُ (أَنْ أَدْمَى) أَيْ سَالَ دَمُهُ؛ لِأَنَّهُ مَرَضٌ وَالْمُرَادُ بِهِ عَدَمُ بُرْئِهِ لَا خُصُوصُ السَّيَلَانِ، فَلَوْ قَالَ إنْ بَرِئَ كَانَ أَحْسَنَ.

وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْإِجْزَاءِ فَقَالَ (كَبَيِّنِ) بِكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ مُثَقَّلَةً أَيْ ظَاهِرِ (مَرَضٍ) مِنْ إضَافَةِ مَا كَانَ صِفَةً وَهُوَ الَّذِي لَا تُتْرَفُ مَعَهُ كَتَصَرُّفِ السَّلِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ يُفْسِدُ اللَّحْمَ وَيَضُرُّ مَنْ يَأْكُلُهُ (وَ) بَيْنَ (جَرَبٍ وَ) بَيِّنُ (بَشَمٍ) أَيْ تُخَمَةٍ مِنْ أَكْلٍ غَيْرِ مُعْتَادٍ أَوْ كَثِيرٍ وَالْمَرَضُ النَّاشِئُ عَنْهُ لَا يَنْفَكُّ عَنْ كَوْنِهِ بَيِّنًا. وَهَذَا مَا لَمْ يَحْصُلْ لَهَا إسْهَالٌ.

(وَ) بَيِّنُ (جُنُونٍ) أَيْ فَقْدِ إلْهَامٍ وَأَمَّا الثَّوْلَاءُ بِالْمُثَلَّثَةِ وَهِيَ الَّتِي تَدُورُ فِي مَوْضِعِهَا وَلَا تَتْبَعُ الْغَنَمَ فَقَالَ أَبُو عُمَرَ لَا بَأْسَ بِهَا إنْ كَانَتْ سَمِينَةً الْحَطّ الْأَوْلَى، وَدَائِمِ جُنُونٍ؛ لِأَنَّ الْجُنُونَ غَيْرُ الدَّائِمِ لَا يَضُرُّ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَأَخْذُهُ مِنْ بَيِّنٍ غَيْرُ وَاضِحٍ.

(وَ) بَيْنَ (هُزَالٍ) وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «وَالْعَجْفَاءُ الَّتِي لَا تُنْقِي» قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: أَيْ لَا مُخَّ فِي عِظَامِهَا لِشِدَّةِ هُزَالِهَا، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ هِيَ الَّتِي لَا شَحْمَ فِيهَا، وَفَسَّرَهَا ابْنُ الْجَلَّابِ وَغَيْرُهُ بِالْوَجْهَيْنِ.

(وَ) بَيِّنُ (عَرَجٍ) هُوَ الَّذِي يَمْنَعُهَا مِنْ مُسَايَرَةِ أَمْثَالِهَا (وَ) بَيِّنُ (عَوَرٍ) أَيْ ذَهَابُ بَصَرِ إحْدَى الْعَيْنَيْنِ وَلَوْ كَانَتْ صُورَةُ الْعَيْنِ بَاقِيَةً وَمِثْلُهُ ذَهَابُ أَكْثَرِ بَصَرِ الْعَيْنِ. الْبَاجِيَّ إذَا كَانَ فِي عَيْنِ الْأُضْحِيَّةِ بَيَاضٌ عَلَى النَّاظِرِ، فَإِنْ مَنَعَهَا الرُّؤْيَةَ فَهِيَ الْعَوْرَاءُ وَكَذَا عِنْدِي لَوْ ذَهَبَ أَكْثَرُ بَصَرِهَا (وَفَائِتِ) أَيْ ذَاهِبِ وَنَاقِصِ (جُزْءٍ) عَطْفٌ عَلَى مَا بَيَّنَ فَالْمَعْنَى لَا

ص: 468

غَيْرِ خُصْيَةٍ وَصَمْعَاءَ جِدًّا، وَذِي أُمِّ وَحْشِيَّةٍ.

وَبَتْرَاءَ، وَبَكْمَاءَ وَبَخْرَاءَ، وَيَابِسَةِ ضَرْعٍ،

ــ

[منح الجليل]

يُجْزِئُ فَائِتُ جُزْءٍ كَيَدٍ أَوْ رِجْلٍ بِقَطْعٍ أَوْ خِلْقَةً كَانَ الْجُزْءُ أَصْلِيًّا أَوْ زَائِدًا (غَيْرِ خُصْيَةٍ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِهَا، أَيْ بَيْضَةٍ، وَأَمَّا نَاقِصُ خُصْيَةٍ خِلْقَةً فَيُجْزِئُ. وَكَذَا بِخَصِيٍّ إنْ لَمْ يُمَرِّضْهُ وَإِلَّا فَلَا كَمَا فِي النَّقْلِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ غَيْرَ بَيِّنٍ وَلَكِنْ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِهِ، فَفِي مَفْهُومِهِ تَفْصِيلٌ، وَدَلَّ قَوْلُهُ خُصْيَةٌ عَلَى أَنَّ مَا خُلِقَ بِلَا خُصْيَةٍ يُجْزِئُ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَلِذَا عَبَّرَ بِهَا وَلَمْ يُعَبِّرْ بِخَصِيٍّ لِاقْتِضَائِهِ قَصْرَ الْإِجْزَاءِ عَلَى مَا قُطِعَ مِنْهُ إذْ مَا خُلِقَ بِدُونِهَا لَا يُسَمَّى خَصِيًّا عُرْفًا.

وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَصِيِّ هُنَا مَا يَشْمَلُ مَا لَيْسَ لَهُ أُنْثَيَانِ كَمَا فِي كَلَامِ أَبِي عِمْرَانَ وَمَا لَيْسَ لَهُ ذَكَرٌ وَمَا لَيْسَ لَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَسَوَاءٌ كَانَ الْخَصِيُّ مَشْقُوقَ الْجَلْدَتَيْنِ بِإِخْرَاجِ الْبَيْضَتَيْنِ مِنْهُمْ أَوْ مَقْطُوعَ الْجَلْدَتَيْنِ، وَاغْتُفِرَ نَقْصُ الْخُصْيَةِ لِعَوْدِهِ بِمَنْفَعَةٍ عَلَى اللَّحْمِ.

(وَ) كَبَهِيمَةٍ (صَمَّاءَ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ مَعَ الْمَدِّ أَيْ صَغِيرَةِ الْأُذُنَيْنِ (جِدًّا) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَشَدِّ الدَّالِ بِحَيْثُ تَصِيرُ كَأَنَّهَا بِلَا أُذُنَيْنِ فَلَا تُجْزِئُ (وَذِي) أَيْ صَاحِبُ (أُمٍّ وَحْشِيَّةٍ) أَيْ مَنْسُوبَةٍ لِلْوَحْشِ لِكَوْنِهَا مِنْهُ نِسْبَةُ جُزْئِيٍّ لِكُلِّيَّةٍ وَأَبٌ مِنْ النَّعَمِ بِأَنْ ضَرَبَ فَحْلُ إنْسِيٍّ فِي أُنْثَى وَحْشِيَّةٍ فَأَنْتَجَتْ فَلَا يُجْزِئُ نِتَاجُهَا اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ الْحَيَوَانَ غَيْرَ النَّاطِقِ إنَّمَا يَلْحَقُ بِأُمِّهِ وَمَا أُمُّهُ إنْسِيَّةٌ وَأَبُوهُ وَحْشِيٌّ لَا يُجْزِئُ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا فِي الشَّامِلِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ أُمٍّ.

(وَبَتْرَاءَ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ مَمْدُودًا أَيْ لَا ذَنَبَ لَهَا خِلْقَةً أَوْ طُرُوءًا مِنْ جِنْسِ مَا لَهُ ذَنَبٌ لَا تُجْزِئُ (وَبَكْمَاءَ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ مَمْدُودًا أَيْ فَاقِدَةُ الصَّوْتِ مِنْ غَيْرِ أَمْرٍ عَادِيٍّ فَلَا تُجْزِئُ، فَإِنْ كَانَ لِأَمْرٍ عَادِيٍّ كَالنَّاقَةِ إذَا مَضَى لَهَا مِنْ حَمْلِهَا أَشْهُرٌ تَبْكَمُ وَلَا تُصَوِّتُ وَلَوْ قُطِّعَتْ فَلَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ.

(وَبَخْرَاءَ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ مُنْتِنَةِ رَائِحَةِ فَمِهَا فَلَا تُجْزِئُ؛ لِأَنَّهُ نَقْصٌ، وَيُغَيِّرُ اللَّحْمَ أَوْ بَعْضَهُ إلَّا مَا كَانَ أَصْلِيًّا كَبَعْضِ الْإِبِلِ (وَيَابِسَةِ ضَرْعٍ) أَيْ جَمِيعِهِ.

ص: 469

وَمَشْقُوقَةِ أُذُنٍ، وَمَكْسُورَةِ سِنٍّ، لِغَيْرِ إثْغَارٍ أَوْ كِبَرٍ.

وَذَاهِبَةِ ثُلُثِ ذَنَبٍ، لَا أُذُنٍ مِنْ ذَبْحِ الْإِمَامِ لَآخِرِ الثَّالِثِ وَهَلْ هُوَ الْعَبَّاسِيُّ. أَوْ إمَامُ الصَّلَاةِ؟ قَوْلَانِ،

ــ

[منح الجليل]

وَأَمَّا الَّتِي تُرْضِعُ بِبَعْضِهِ فَتُجْزِئُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ يُبْسِهِ خُرُوجُ دَمٍ وَنَحْوِهِ مِنْهُ (وَمَشْقُوقَةِ أُذُنٍ) أَكْثَرُ مِنْ ثُلُثِهَا، فَإِنْ كَانَ ثُلُثَهَا أَجْزَأَتْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِإِجْزَائِهَا مَعَ ذَهَابِهِ فَأَوْلَى مَعَ شَقِّهِ.

(وَمَكْسُورَةِ) جِنْسِ (سِنٍّ) اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ وَأَمَّا كَسْرُ سِنِّ وَاحِدَةٍ فَصَحَّحَ فِي الشَّامِلِ الْإِجْزَاءَ مَعَهُ وَمَقْلُوعُهَا (لِغَيْرِ إثْغَارٍ أَوْ كِبَرٍ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ فَهُوَ صِلَةُ مَحْذُوفٍ وَمَفْهُومُ لِغَيْرِ إلَخْ أَنَّ مَا قُلِعَتْ أَسْنَانُهُ لِإِثْغَارٍ أَوْ كِبَرٍ يُجْزِئُ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي الشَّامِلِ وَكَذَا لَا يَضُرُّ حَفْرُ الْأَسْنَانِ كَمَا رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ.

(وَذَاهِبَةِ ثُلُثِ ذَنَبٍ) فَلَا تُجْزِئُ؛ لِأَنَّهُ لَحْمٌ وَعَظْمٌ (لَا) ثُلُثِ (أُذُنٍ) فَلَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ؛ لِأَنَّهُ جِلْدٌ، وَابْتِدَاءُ وَقْتِهَا فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ لِغَيْرِ الْإِمَامِ (عَنْ) تَمَامِ (ذَبْحِ الْإِمَامِ) وَلِلْإِمَامِ مِنْ فَرَاغِ خُطْبَتَيْهِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ أَوْ مُضِيِّ قَدْرِهِ إنْ لَمْ يَذْبَحْ كَمَا أَفَادَهُ ابْنُ نَاجِي، وَتَجْرِي هُنَا الصُّوَرُ التِّسْعُ الَّتِي سَبَقَتْ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ فَمَتَى ابْتَدَأَ التَّزْكِيَةَ قَبْلَهُ أَوْ مَعَهُ فَلَا تُجْزِئُ ضَحِيَّةٌ سَوَاءٌ خَتَمَ قَبْلَهُ أَوْ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ، فَهَذِهِ سِتُّ صُوَرٍ وَإِنْ ابْتَدَأَهَا بَعْدَهُ فَإِنْ خَتَمَهَا قَبْلَهُ لَمْ تُجْزِ، وَإِنْ خَتَمَهَا مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ أَجْزَأَتْ وَيَسْتَمِرُّ وَقْتُهَا (لِآخِرِ) الْيَوْمِ (الثَّالِثِ) لِيَوْمِ الْعِيدِ وَيَفُوتُ بِغُرُوبِهِ وَإِمَامُ الطَّاعَةِ إنْ صَلَّى إمَامًا بِالنَّاسِ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ فَتَذْكِيَتُهُ هِيَ الْمُعْتَبَرَةُ اتِّفَاقًا.

(وَ) إلَّا فَ (هَلْ) الْإِمَامُ الْمُقْتَدَى بِهِ فِي الذَّبْحِ (هُوَ) إمَامُ الطَّاعَةِ وَهُوَ (الْعَبَّاسِيُّ) فَيَلْزَمُ تَحَرِّي أَهْلِ بِلَادِهِ كُلِّهَا تَذْكِيَتَهُ (أَوْ إمَامُ الصَّلَاةِ) أَيْ الْعَبْدُ الْمُسْتَخْلَفُ عَلَيْهَا سَوَاءٌ اُسْتُخْلِفَ عَلَى غَيْرِهَا أَيْضًا أَمْ لَا (قَوْلَانِ) لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَرْجَحِيَّةِ أَحَدِهِمَا مَحَلُّهُمَا حَيْثُ لَمْ يُبْرِزْ الْعَبَّاسِيُّ أُضْحِيَّتَهُ إلَى الْمُصَلَّى، وَإِلَّا فَهُوَ الْمُعْتَبَرُ اتِّفَاقًا، وَمَنْ لَا خَلِيفَةَ لَهُمْ الْمُعْتَبَرُ

ص: 470

وَلَا يُرَاعَى قَدْرُهُ فِي غَيْرِ الْأَوَّلِ وَأَعَادَ سَابِقَهُ، إلَّا الْمُتَحَرِّيَ أَقْرَبَ إمَامٍ: كَأَنْ لَمْ يَبْرُزْهَا، وَتَوَانَى بِلَا عُذْرٍ قَدْرَهُ، وَبِهِ اُنْتُظِرَ

ــ

[منح الجليل]

إمَامُ صَلَاتِهَا اتِّفَاقًا أَفَادَهُ عب. طفي الْعَبَّاسِيُّ صَوَابُهُ إمَامُ الطَّاعَةِ؛ لِأَنَّهُ تَبِعَ فِي التَّعْبِيرِ بِالْعَبَّاسِيِّ. اللَّخْمِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَهُمَا عَبَّرَا بِهِ؛ لِأَنَّهُمَا كَانَا فِي زَمَانِ وِلَايَةِ بَنِي الْعَبَّاسِ بِخِلَافِ الْمُصَنِّفِ، وَقَدْ وَهَمَّتْ عِبَارَتُهُ الشَّارِحَ فَقَالَ فِي بَابِ الْقَضَاءِ يُسْتَحَبُّ فِي الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ كَوْنُهُ عَبَّاسِيًّا وَتَبِعَهُ عج، وَقَدْ خَرَجَا بِذَلِكَ عَنْ أَقْوَالِ الْمَالِكِيَّةِ.

الْبُنَانِيُّ قَوْلُ زُفَرَ فَيَلْزَمُ تَحَرِّي أَهْلِ بِلَادِهِ كُلِّهَا لِذَبْحِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَقُصُورٌ بَلْ عَلَى الْقَوْلِ كُلُّ بَلَدٍ يَعْتَبِرُ عَامِلَهَا لِقَوْلِ اللَّخْمِيِّ الْمُعْتَبَرُ إمَامُ الطَّاعَةِ كَالْعَبَّاسِيِّ الْيَوْمَ، أَوْ مَنْ أَقَامَهُ لِصَلَاةِ الْعِيدِ بِبَلَدِهِ أَوْ عَمَلِهِ عَلَى بَلَدٍ مِنْ بُلْدَانِهِ، وَالْخِلَافُ جَرَى بَيْنَ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ. وَعِبَارَةُ الثَّانِي الْمَرَاغِيُّ الْإِمَامُ الَّذِي يُصَلِّي صَلَاةَ الْعِيدِ بِالنَّاسِ إذَا كَانَ مُسْتَخْلَفًا عَلَيْهَا اهـ، فَشَرَطَ فِي إمَامِ الصَّلَاةِ أَنْ يَكُونَ مُسْتَخْلَفًا وَلَا شَكَّ أَنَّ إمَامَ الصَّلَاةِ الْمُسْتَخْلَفِ هُوَ الْإِمَامُ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ، وَهُوَ الَّذِي تَقَدَّمَ عَنْ اللَّخْمِيِّ فَخِلَافُهُمَا لَفْظِيٌّ.

(وَلَا يُرَاعَى) بِفَتْحِ الْعَيْنِ (قَدْرُهُ) أَيْ ذَبْحِ الْإِمَامِ (فِي غَيْرِ) الْيَوْمِ (الْأَوَّلِ) وَلَوْ أَرَادَ الْإِمَامُ الذَّبْحَ فِي غَيْرِ الْأَوَّلِ لِكَوْنِهِ لَمْ يَذْبَحْ فِي الْأَوَّلِ (وَأَعَادَ) اسْتِنَانًا (سَابِقُهُ) أَيْ الْإِمَامِ بِالذَّبْحِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَكَذَا مُسَاوِيهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، هَذَا فِي حَقِّ مَنْ لَهُمْ إمَامٌ لَهُ ضَحِيَّةٌ وَأَبْرَزَهَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (إلَّا) الشَّخْصَ (الْمُتَحَرِّيَ أَقْرَبَ إمَامٍ) لِكَوْنِهِ لَا إمَامَ لَهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ سَبْقُهُ فَتُجْزِئُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ.

وَشَبَّهَ فِي الْإِجْزَاءِ فَقَالَ (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ (لَمْ يُبْرِزْهَا) أَيْ الْإِمَامُ ضَحِيَّتَهُ لِلْمُصَلَّى وَأَتَمَّ خُطْبَتَيْهِ وَرَجَعَ لِبَيْتِهِ لِيَذْبَحَ أُضْحِيَّتَهُ فِيهِ مُرْتَكِبًا لِلْمَكْرُوهِ (وَتَوَانَى) الْإِمَامُ فِي ذَبْحِ أُضْحِيَّتِهِ (بِلَا عُذْرٍ) وَأَخَّرَ غَيْرُهُ تَضْحِيَتَهُ (قَدْرَهُ) أَيْ ذَبْحِ الْإِمَامِ وَضَحَّى ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ سَبَقَ الْإِمَامَ فَإِنَّهَا تُجْزِئُهُ (وَ) إنْ تَوَانَى الْإِمَامُ فِي التَّضْحِيَةِ (بِهِ) أَيْ بِسَبَبِ عُذْرٍ كَاشْتِغَالٍ بِقِتَالِ عَدُوٍّ (اُنْتُظِرَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ

ص: 471

لِلزَّوَالِ. وَالنَّهَارُ شَرْطٌ.

وَنُدِبَ إبْرَازُهَا، وَجَيِّدٌ، وَسَالِمٌ، وَغَيْرُ خَرْقَاءَ وَشَرْقَاءَ، وَمُقَابَلَةٌ، وَمُدَابَرَةٌ، وَسَمِينٌ، وَذَكَرٌ، وَأَقْرُنُ، وَأَبْيَضُ

ــ

[منح الجليل]

وَكَسْرِ الظَّاءِ (لِ) قُرْبِ (الزَّوَالِ) بِحَيْثُ يَبْقَى إلَيْهِ مَا يَسَعُ الذَّبْحَ، فَإِنْ ذَبَحَ الْإِمَامُ قَبْلَ ذَلِكَ ذَبَحُوا بَعْدَهُ وَإِلَّا ذَبَحُوا قَبْلَ الزَّوَالِ لِئَلَّا يَفُوتَهُمْ وَقْتُ الْفَضِيلَةِ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ.

(وَالنَّهَارُ) مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ لِغُرُوبِ الشَّمْسِ فِي غَيْرِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، وَيُنْدَبُ التَّأْخِيرُ فِيهِ لِطُلُوعِ الشَّمْسِ وَحِلِّ النَّفْلِ (شَرْطٌ) فِي صِحَّةِ التَّضْحِيَةِ، وَفِي الْكَلَامِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ وَذَبْحُ النَّهَارِ فَلَا تَصِحُّ لَيْلًا.

(وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ لِلْإِمَامِ وَغَيْرِهِ (إبْرَازُهَا) أَيْ التَّضْحِيَةِ لِلْمُصَلَّى وَيُكْرَهُ عَدَمُهُ لِلْإِمَامِ فَقَطْ (وَ) نُدِبَ (جَيِّدٌ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ مَشْدُودَةً أَيْ حَسَنُ الصُّورَةِ مِنْ أَعْلَى النَّعَمِ وَأَكْمَلِهِ مِنْ مَالٍ طَيِّبٍ (وَ) نُدِبَ (سَالِمٌ) مِنْ عُيُوبٍ يُجْزِئُ مَعَهَا (وَ) نُدِبَ (غَيْرُ خَرْقَاءَ) وَهِيَ الَّتِي فِي أُذُنِهَا خَرْقٌ مُسْتَدِيرٌ أَوْ الْمَقْطُوعُ بَعْضُ أُذُنِهَا (وَ) نُدِبَ غَيْرُ (شَرْقَاءَ) وَهِيَ مَشْقُوقَةُ الْأُذُنِ (وَ) نُدِبَ غَيْرُ (مُقَابَلَةٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ الَّتِي قُطِعَ مِنْ أُذُنِهَا مِنْ جِهَةِ وَجْهِهَا وَتُرِكَ مُعَلَّقًا (وَ) نُدِبَ غَيْرُ (مُدَابَرَةٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ قُطِعَ مِنْ أُذُنِهَا مِنْ خَلْفِهَا وَتُرِكَ مُعَلَّقًا.

(وَ) نُدِبَ نَعَمٌ (سَمِينٌ) وَنُدِبَ تَسْمِينُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَكَرِهَهُ ابْنُ شَعْبَانَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ سُنَّةِ الْيَهُودِ أَفَادَهُ عب. بْن الَّذِي فِي الْمَوَّاقِ وَالْحَطّ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ عِيَاضٍ الْجُمْهُورُ عَلَى جَوَازِ تَسْمِينِهَا. اهـ. وَالظَّاهِرُ وِفَاقًا لِلْبَدْرِ أَنَّهُ الْإِذْنُ فِي مُقَابَلَةِ كَرَاهَةِ. ابْنِ شَعْبَانَ فَلَا يُنَافِي النَّدْبَ سِيَّمَا الْوَسِيلَةُ تُعْطَى حُكْمَ مَقْصِدِهَا. السَّيِّدُ وَسَمِينٌ وَاحِدٌ أَفْضَلُ مِنْ مُتَعَدِّدٍ غَيْرِهِ اهـ أَمِيرٌ.

(وَ) نُدِبَ (ذَكَرٌ وَ) نُدِبَ (أَقْرَنُ) أَيْ ذُو قَرْنَيْنِ (وَ) نُدِبَ (أَبْيَضُ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «ضَحَّى صلى الله عليه وسلم بِكَبْشٍ أَقْرَنَ يَطَأُ فِي سَوَادٍ وَيَبْرُكُ فِي سَوَادٍ وَيَنْظُرُ فِي سَوَادٍ» زَادَ النَّسَائِيّ «وَيَأْكُلُ فِي سَوَادٍ فَأَتَى بِهِ لِيُضَحِّيَ بِهِ فَقَالَ، يَا عَائِشَةُ هَلُمِّي الْمُدْيَةَ ثُمَّ قَالَ اسْتَحِدِّيهَا بِحَجَرٍ

ص: 472

وَفَحْلٌ إنْ لَمْ يَكُنْ الْخَصِيُّ أَسْمَنَ، وَضَأْنٌ مُطْلَقًا ثُمَّ مَعْزٌ، ثُمَّ هَلْ بَقَرٌ وَهُوَ الْأَظْهَرُ، أَوْ إبِلٌ؟ خِلَافٌ.

وَتَرَكَ حَلْقٍ،

ــ

[منح الجليل]

فَفَعَلَتْ ثُمَّ أَخَذَهَا وَأَخَذَ الْكَبْشَ وَأَضْجَعَهُ، ثُمَّ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ثُمَّ ضَحَّى بِهِ» . وَرُوِيَ أَنَّ هَذِهِ صِفَةُ الْكَبْشِ الَّذِي فُدِيَ بِهِ ابْنُ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مِنْ الذَّبْحِ.

وَرُوِيَ «دَمُ عَفْرَاءٍ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ دَمِ سَوْدَاوَيْنِ» وَالْعَفْرَاءُ الْبَيْضَاءُ وَبِهَا فُسِّرَ الْأَمْلَحُ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَقَرْنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ» . ابْنُ الْعَرَبِيِّ الْأَمْلَحُ النَّقِيُّ الْبَيَاضِ، وَقِيلَ كَلَوْنِ الْمِلْحِ فِيهِ شَامَاتٌ سُودٌ أَوْ الْمُغَبَّرُ الشَّعْرِ بِالسَّوَادِ وَالْبَيَاضِ كَالشُّبْهَةِ أَوْ الْأَسْوَدُ الَّذِي تَعْلُوهُ حُمْرَةٌ أَوْ خَالَطَ بَيَاضَهُ حُمْرَةٌ أَوْ مَا فِي خِلَالِ بَيَاضِهِ طَبَقَاتٌ سُودٌ أَقْوَالٌ.

(وَ) نُدِبَ (فَحْلٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْخَصِيُّ أَسْمَنَ) فَإِنْ كَانَ أَسْمَنَ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْفَحْلِ السَّمِينِ وَأَوْلَى مِنْ غَيْرِ السَّمِينِ، وَهَذَا لَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ لِصِدْقِهِ بِتَسَاوِيهِمَا (وَ) نُدِبَ (ضَأْنٌ مُطْلَقًا) فَحْلُهُ ثُمَّ خَصِيُّهُ ثُمَّ أُنْثَاهُ مَعْزٌ (ثُمَّ) يَلِيهِ فِي الْفَضْلِ (مَعْزٌ) كَذَلِكَ عَلَى بَقَرٍ (ثُمَّ هَلْ) يَلِيهِ فِي الْفَضْلِ (بَقَرٌ) كَذَلِكَ عَلَى إبِلٍ (وَهُوَ الْأَظْهَرُ أَوْ) يَلِي الْمَعْزَ فِي الْفَضْلِ (إبِلٌ) كَذَلِكَ عَلَى بَقَرٍ فِيهِ (خِلَافٌ) فِي التَّشْهِيرِ. ابْنُ غَازِيٍّ صَوَّبَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ تَقْدِيمَ الْبَقَرِ عَلَى الْإِبِلِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِالْأَظْهَرِ. وَوَجْهُ عَكْسِهِ فِي رَسْمِ مَرِضَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِأَنَّ الْإِبِلَ أَغْلَى ثَمَنًا وَأَكْثَرُ لَحْمًا إلَّا أَنَّ تَفْضِيلَ الْغَنَمِ خَرَجَ بِدَلِيلِ السُّنَّةِ إثْبَاتًا لِفِدَاءِ الذَّبِيحِ عليه السلام بِذِبْحٍ عَظِيمٍ، وَصَرَّحَ ابْنُ عَرَفَةَ بِمَشْهُورِيَّةِ الْأَوَّلِ وَلَا أَعْلَمُ مَنْ شَهَرَ الثَّانِيَ اهـ.

وَنَقَلَ عَنْ خَطِّ الْمُصَنِّفِ بِطُرَّةِ نُسْخَتِهِ شَهَّرَ الرَّكْرَاكِيُّ الْأَوَّلَ وَابْنُ بَزِيزَةَ الثَّانِيَ وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ فِي فَضْلِ الْبَقَرِ عَلَى الْإِبِلِ وَعَكْسُهُ ثَالِثُهَا لِغَيْرٍ مِنْ يُمْنَى، الْأَوَّلُ لِلْمَشْهُورِ مَعَ رِوَايَةِ الْمُخْتَصَرِ وَالْقَابِسِيِّ، وَالثَّانِي لِابْنِ شَعْبَانَ، وَالثَّالِثُ لِلشَّيْخِ عَنْ أَشْهَبَ عب وَهُوَ خِلَافٌ فِي حَالٍ هَلْ الْبَقَرُ أَطْيَبُ لَحْمًا أَوْ الْإِبِلُ.

(وَ) نُدِبَ (تَرْكُ حَلْقٍ) لِشَعْرٍ مِنْ جَمِيعِ الْبَدَنِ وَقَصِّهِ أَوْ إزَالَتُهُ بِنُورَةٍ كَذَلِكَ

ص: 473

وَقَلْمٍ: لِمُضَحٍّ: عَشْرَ ذِي الْحِجَّةِ.

وَضَحِيَّةٌ عَلَى صَدَقَةٍ

ــ

[منح الجليل]

(وَ) تَرْكُ (قَلْمٍ) لِظُفُرٍ (لِمُضَحٍّ) أَيْ مَرِيدِ تَضْحِيَةٍ حَيْثُ يُثَابُ عَلَيْهَا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فَيَشْمَلُ الْمَدْخَلَ فِي الضَّحِيَّةِ بِالشُّرُوطِ، فَيُنْدَبُ لَهُ مَا يُنْدَبُ لِمَالِكِهَا مِنْ تَرْكِهِمَا (عَشْرَ ذِي الْحِجَّةِ) ظَرْفٌ لِتَرْكِ وَغَايَتُهُ إلَى أَنْ يُضَحِّيَ أَوْ يُضَحَّى عَنْهُ أَوْ يُنِيبَ فِي الذَّبْحِ وَيَفْعَلَ، وَالتَّعْبِيرُ بِالْعَشْرِ بِاعْتِبَارِ اللَّيَالِيِ أَوْ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْكُلِّ فِي الْجُزْءِ إذْ الْمُرَادُ تِسْعٌ فَقَطْ إنْ أَرَادَ التَّضْحِيَةَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ مِنْ أَيَّامِ الْعِيدِ. وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَالْعَشْرُ عَلَى حَقِيقَتِهِ لَا فِي الثَّالِثِ وَإِنْ نُدِبَ تَرْكُ الْحَلْقِ فِيهِ أَيْضًا وَالْقَلْمُ.

وَحِكْمَةُ النَّدْبِ مَا وَرَدَ فِي عِدَّةِ أَخْبَارٍ أَنَّهُ يُغْفَرُ لَهُ بِأَوَّلِ قَطْرَةٍ مِنْ دَمِهَا ذَكَرَهُ الْمُنَاوِيُّ فِي خَبَرِ «إذَا دَخَلَ الْعَشْرُ أَيْ عَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعْرِهِ وَلَا بَشَرِهِ شَيْئًا» . وَرَوَى فَلَا يَأْخُذْ مِنْ شَعْرِهِ وَلَا مِنْ أَظْفَارِهِ شَيْئًا وَحَمَلَ الثَّلَاثَةُ الْإِبْقَاءَ عَلَى النَّدْبِ مَعَ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْهُمْ بِوُجُوبِ الضَّحِيَّةِ، وَحَمَلَهُ أَحْمَدُ عَلَى الْوُجُوبِ عَلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ مَعَ قَوْلِهِ بِسُنِّيَّتِهَا. اهـ. وَخَبَرُ «خَيْرُ أُضْحِيَّتِك أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ بِكُلِّ جُزْءٍ مِنْهَا جُزْءًا مِنْ النَّارِ» وَالشَّعْرُ وَالظُّفُرُ أَجْزَاءٌ فَتُتْرَكُ حَتَّى تَدْخُلَ فِي الْعِتْقِ، وَأَمَّا فِي غَيْرِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ فَيُنْدَبُ نَتْفُ إبْطِهِ مِنْ الْجُمُعَةِ إلَى الْجُمُعَةِ إنْ اُحْتِيجَ لَهُ وَغَايَةُ تَرْكِهِ كَالْعَانَةِ أَرْبَعُونَ يَوْمًا.

(وَ) نُدِبَ أَنْ تُقَدَّمَ (ضَحِيَّةٌ عَلَى صَدَقَةٍ) بِثَمَنِهَا قَالَ فِيهَا وَلَا يَدَعُ أَحَدٌ الْأُضْحِيَّةَ لِيَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهَا وَلَا أُحِبُّ تَرْكَهَا لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهَا. أَبُو الْحَسَنِ لَا حُجَّةَ فِيهِ لِكَوْنِهَا مُسْتَحَبَّةٌ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَطْلَقَ الْمُسْتَحَبَّ عَلَى السُّنَّةِ كَمَا يُطْلِقُهُ عَلَى الْوَاجِبِ. الْبِسَاطِيُّ عَلَى يَسْتَدْعِي مُقَدَّرًا فَأَمَّا أَنْ يُقَدَّرَ وَيُنْدَبَ تَقْدِيمُهَا عَلَى كَذَا، كَمَا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ أَوْ يُقَدَّرَ وَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى كَذَا، وَالْأَوَّلُ يُسَاعِدُهُ سِيَاقُ الْكَلَامِ. وَيُخَالِفُهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَاتِ، وَالثَّانِي يُسَاعِدُ ظَاهِرَ الرِّوَايَاتِ وَيُخَالِفُهُ السِّيَاقُ.

طفي بَحْثُهُ صَوَابٌ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الشُّيُوخِ هِيَ فِي أَفْضَلَ مِنْ الصَّدَقَةِ وَهَذَا لَا يَقْتَضِي نَدْبِيَّةَ تَقْدِيمِهِ عَلَى الصَّدَقَةِ كَمَا يُعْطِيهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، وَلَا مَعْنَى لِكَوْنِهَا سُنَّةً، وَتَقْدِيمُهَا عَلَيْهَا مَنْدُوبٌ

ص: 474

وَعِتْقٍ.

وَذَبْحُهَا بِيَدِهِ، وَلِلْوَارِثِ إنْفَاذُهَا، وَجَمْعُ أَكْلٍ وَصَدَقَةٍ وَإِعْطَاءٍ بِلَا حَدٍّ.

وَالْيَوْمُ الْأَوَّلُ،،

ــ

[منح الجليل]

كَمَا فَعَلَ الْمُصَنِّفُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَقِبَ ذِكْرِ الْخِلَافِ فِي أَفْضَلِيَّتِهَا عَلَى الصَّدَقَةِ وَعَكْسُهُ لَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّهَا سُنَّةٌ أَوْ فَضِيلَةٌ اهـ الْبُنَانِيُّ، وَقَدْ يُقَالُ تَسَامَحَ الْمُصَنِّفُ بِإِطْلَاقِ النَّدْبِ عَلَى السُّنِّيَّةِ فَوَافَقَ الرِّوَايَاتِ.

(وَ) عَلَى (عِتْقٍ) ؛ لِأَنَّ إحْيَاءَ السُّنَنِ أَفْضَلُ مِنْ التَّطَوُّعِ وَذَكَرَهُ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ السُّنَّةَ أَفْضَلُ مِنْ الْمُسْتَحَبِّ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ كَوْنِهِ هُنَا أَفْضَلَ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا وَالْمَنْدُوبُ قَدْ يَكُونَانِ أَفْضَلَ مِنْ الْفَرْضِ كَمَا قَالَ.

الْفَرْضُ أَفْضَلُ مِنْ تَطَوُّعِ عَابِدٍ

حَتَّى وَلَوْ قَدْ جَاءَ مِنْهُ بِأَكْثَرِ

إلَّا التَّطَهُّرَ قَبْلَ وَقْتِ وَابْتِدَا

ءً لِلسَّلَامِ كَذَاك إبْرَا الْمُعْسِرِ.

(وَ) نُدِبَ (ذَبْحُهَا) أَيْ الضَّحِيَّةِ (بِيَدِهِ) أَيْ الْمُضَحِّي إنْ أَطَاقَهُ وَلَوْ امْرَأَةً أَوْ صَبِيًّا، فَإِنْ لَمْ يَهْتَدِ لَهُ إلَّا بِمُعِينٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُعَانَ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَمْسِكَ طَرَفَ الْآلَةِ وَيَهْدِيَهُ الْجَزَّارَ بِأَنْ يَمْسِكَ رَأْسَ الْحَرْبَةِ وَيَضَعَهُ عَلَى الْمَنْحَرِ أَوْ الْعَكْسُ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد الْمُفِيدِ لِذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ شَيْئًا اسْتَنَابَ وَنُدِبَ حُضُورُهُ مَعَ نَائِبِهِ وَتُكْرَهُ الِاسْتِنَابَةُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْمُبَاشَرَةِ.

(وَ) نُدِبَ (لِلْوَارِثِ إنْفَاذُهَا) أَيْ التَّضْحِيَةُ بِهَا إنْ كَانَ عَيَّنَهَا لِلتَّضْحِيَةِ بِهَا قَبْلَ مَوْتِهِ بِغَيْرِ نَذْرٍ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَى الْوَارِثِ إنْفَاذُهَا بِنَاءً عَلَى وُجُوبِهَا بِهِ (وَ) نُدِبَ (جَمْعُ أَكْلٍ وَصَدَقَةٍ وَإِعْطَاءٍ) مِنْ لَحْمِ الضَّحِيَّةِ (بِلَا حَدٍّ) أَيْ تَحْدِيدٍ بِثُلُثٍ أَوْ غَيْرِهِ ظَاهِرُهُ أَنَّ جَمْعَ الثَّلَاثَةِ أَفْضَلُ مِنْ التَّصَدُّقِ بِجَمِيعِهَا مَعَ أَنَّهُ أَشَقُّ عَلَى النَّفْسِ، وَالْأَوْلَى إبْدَالُ إعْطَاءٍ بِإِهْدَاءٍ.

(وَ) فُضِّلَ (الْيَوْمُ الْأَوَّلُ) أَيْ التَّضْحِيَةُ فِيهِ كُلِّهِ مِنْ ذَبْحِ الْإِمَامِ إلَى غُرُوبِهِ عَلَى التَّضْحِيَةِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي اتِّفَاقًا فِيمَا قَبْلَ زَوَالِ الْأَوَّلِ، وَعَلَى الْمَشْهُورِ فِيمَا بَعْدَهُ، ثُمَّ أَوَّلُ الثَّانِي مِنْ فَجْرِهِ إلَى زَوَالِهِ (أَفْضَلُ) مِنْ أَوَّلِ الثَّالِثِ.

ص: 475

وَفِي أَفْضَلِيَّةِ أَوَّلِ الثَّالِثِ عَلَى آخِرِ الثَّانِي تَرَدُّدٌ.

وَذَبْحُ وَلَدٍ خَرَجَ قَبْلَ الذَّبْحِ وَبَعْدَهُ جُزْءٌ.

ــ

[منح الجليل]

وَفِي أَفْضَلِيَّةِ الثَّالِثِ) مِنْ فَجْرِهِ إلَى زَوَالِهِ (عَلَى آخِرِ الثَّانِي) مِنْ زَوَالِهِ لِغُرُوبِهِ أَوْ الْعَكْسِ أَيْ أَفْضَلِيَّةِ آخِرِ الثَّانِي عَلَى أَوَّلِ الثَّالِثِ (تَرَدُّدٌ) هَذَا مُرَادُهُ وَإِنْ صَدَقَ كَلَامُهُ بِاسْتِوَائِهِمَا فِي شِقِّ التَّرَدُّدِ الْمَطْوِيِّ، فَلَوْ قَالَ أَوْ الْعَكْسُ كَمَا قَرَّرْنَا لَاسْتَقَامَ قَالَهُ الشَّارِحُ وَلَمْ يُرَجِّحْ أَفْضَلِيَّةَ آخِرِ الثَّانِي عَلَى أَوَّلِ الثَّالِثِ كَمَا رَجَّحَ أَفْضَلِيَّةَ آخِرِ الْأَوَّلِ عَلَى أَوَّلِ الثَّانِي لِحِكَايَةِ ابْنِ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَى تَفْضِيلِ أَوَّلِ الثَّالِثِ عَلَى آخِرِ الثَّانِي:

وَأَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ لِاخْتِلَافِ الْقَابِسِيِّ مَعَ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ فِي فَهْمِ الْخِلَافِ هَلْ هُوَ فِيمَا بَيْنَ أَوَّلِ الثَّالِثِ وَآخِرِ الثَّانِي كَمَا هُوَ بَيْنَ أَوَّلِ الثَّانِي وَآخِرِ الْأَوَّلِ أَمْ لَا فَهُوَ مِنْ تَرَدُّدِ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي فَهْمِ كَلَامِ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ بَعْدَ ذِكْرِ الْخِلَافِ فِي أَفْضَلِيَّةِ أَوَّلِ الثَّانِي عَلَى آخِرِ الْأَوَّلِ وَهُوَ لِمَالِكٍ " رضي الله عنه " فِي الْوَاضِحَةِ أَوْ الْعَكْسُ وَهُوَ لِابْنِ الْمَوَّازِ، وَأَنَّ الثَّانِيَ هُوَ الْمَعْرُوفُ مَا نَصُّهُ وَرَأْيُ الْقَابِسِيِّ وَاللَّخْمِيِّ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ جَارٍ أَيْضًا فِيمَا بَيْنَ آخِرِ الثَّانِي وَأَوَّلِ الثَّالِثِ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ لَا يُخْتَلَفُ فِي رُجْحَانِ أَوَّلِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ عَلَى آخِرِ الثَّانِي.

(وَ) نُدِبَ (ذَبْحُ) أَوْ نَحْرُ (وَلَدٍ خَرَجَ) مِنْ الضَّحِيَّةِ (قَبْلَ الذَّبْحِ) أَوْ النَّحْرِ لَهَا وَلَوْ بَعْدَ نَذْرِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَحُكْمُ لَحْمِهِ وَجِلْدِهِ حُكْمُهَا (وَ) الْوَلَدُ الْخَارِجُ مِنْهَا (بَعْدَهُ) أَيْ ذَبْحِ الضَّحِيَّةِ أَوْ نَحَرَهَا مَيِّتًا (جُزْءٌ) أَيْ حُكْمُهُ حُكْمُ أُمِّهِ إنْ حَلَّ بِتَمَامِ خَلْقِهِ وَنَبَاتِ شَعْرِهِ وَإِنْ خَرَجَ عَقِبَ ذَبْحِهَا حَيًّا حَيَاةً مُسْتَمِرَّةً وَجَبَ ذَبْحُهُ أَوْ نَحْوُهُ لِاسْتِقْلَالِهِ بِحُكْمِ نَفْسِهِ، وَنُدِبَ ذَبْحُ مَا خَرَجَ قَبْلَ الذَّبْحِ إحْدَى الْمَمْحُوَّاتِ الْأَرْبَعِ وَذَلِكَ أَنَّ الْإِمَامَ مَالِكًا " رضي الله عنه " قَالَ أَوَّلًا يُنْدَبُ ذَبْحُهُ مِنْ غَيْرِ تَأَكُّدٍ ثُمَّ أَمَرَ بِمَحْوِهِ وَإِثْبَاتِ أَنَّهُ يَتَأَكَّدُ نَدْبُ ذَبْحِهِ وَهُوَ الرَّاجِحُ، وَيَأْتِي تَمْلِيَةُ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ كَوْنَ كَلَامِهِ فِي الْمَنْدُوبَاتِ فَقَطْ وَالرَّاجِحُ الْمُثْبِتُ أَيْضًا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ الْمَمْحُوَّاتُ وَهِيَ إذَا تَزَوَّجَ مَرِيضٌ قَالَ أَوَّلًا يُفْسَخُ لَوْ صَحَّ ثُمَّ أَمَرَ بِمَحْوِهِ وَإِثْبَاتِ صِحَّتِهِ إذَا صَحَّ وَالرَّاجِحُ الْمَمْحُوُّ فِي الِاثْنَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ.

ص: 476

وَكُرِهَ جَزُّ صُوفِهَا قَبْلَهُ، إنْ لَمْ يَنْبُتْ لِلذَّبْحِ، وَلَمْ يَنْوِهِ. حِينَ أَخَذَهَا، وَبَيْعُهُ.

، وَشُرْبُ لَبَنٍ،.

ــ

[منح الجليل]

إحْدَاهُمَا: مَنْ حَلَفَ لَا يَكْسُو زَوْجَتَهُ فَافْتَكَّ ثِيَابَهَا الْمَرْهُونَةَ فَقَالَ أَوَّلًا يَحْنَثُ ثُمَّ أَمَرَ بِمَحْوِهِ وَإِثْبَاتِ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي تت، وَرَدَّهُ أَحْمَدُ قَائِلًا النَّصُّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَمَّا أَمَرَهُ بِمَحْوِهِ أَبَى أَنْ يُجِيبَ وَمَحَلُّ تَرْجِيحِ الْحِنْثِ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ وَأَوْلَى إنْ كَانَ نَوَى عَدَمَ نَفْعِهَا، فَإِنْ كَانَ نَوَى خُصُوصَ الْكِسْوَةِ فَلَا يَحْنَثُ بِفَكِّ الْمَرْهُونِ. الرَّابِعَةُ: مَنْ سَرَقَ وَلَا يُمْنَى لَهُ أَوْ شَلَّاءُ قَالَ تُقْطَعُ رِجْلُهُ الْيُسْرَى ثُمَّ أَمَرَ بِمَحْوِهِ وَإِثْبَاتِ يَدِهِ الْيُسْرَى، وَالْأَمْرُ بِالْمَحْوِ مُبَالَغَةٌ فِي طَرْحِ الْمَرْجُوعِ وَتَصْوِيبِ الْمَرْجُوعِ إلَيْهِ وَأَبْقَوْهُ مَكْتُوبًا وَعَلَيْهِ صُورَةُ شطب لِاحْتِمَالِ رُجُوعِهِ إلَيْهِ يَوْمًا مَا، وَهَذَا هُوَ الْوَاجِبُ لِتَدْوِينِ الْأَقْوَالِ الَّتِي رَجَعَ الْمُجْتَهِدُ عَنْهَا نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ.

(وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (جَزُّ صُوفِهَا) أَيْ الضَّحِيَّةِ (قَبْلَهُ) أَيْ الذَّبْحِ؛ لِأَنَّهُ يَنْقُصُ جَمَالَهَا (إنْ لَمْ يَنْبُتْ) مِثْلُهُ أَوْ قَرِيبٌ مِنْهُ (لِلذَّبْحِ وَلَمْ يَنْوِهِ) أَيْ الْجَزَّ (حِينَ أَخَذَهَا) أَيْ الضَّحِيَّةَ مِنْ بَائِعِهَا أَوْ شَرِيكِهِ أَوْ مِنْ مِيرَاثٍ أَوْ مِنْ عَطِيَّةٍ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ إنْ نَبَتَ مِثْلُهُ قَبْلَهُ أَوْ قَرِيبٌ مِنْهُ. وَكَذَا إنْ تَضَرَّرَتْ بِهِ لِحَرٍّ أَوْ غَيْرِهِ وَالْأَحْسَنُ قَبْلَ الذَّبْحِ إنْ لَمْ يَنْبُتْ لَهُ. وَظَاهِرُ مَنْطُوقِ الْمُصَنِّفِ وَمَفْهُومُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ مَنْذُورَةً أَمْ لَا، وَقَيَّدَهُمَا بَعْضُهُمْ بِغَيْرِ الْمَنْذُورَةِ قَالَ: وَأَمَّا هِيَ فَيَحْرُمُ جَزُّ صُوفِهَا وَلَوْ نَوَاهُ حِينَ أَخَذَهَا. وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ الثَّانِي جَوَازُهُ إنْ نَوَى حِينَ أَخَذَهَا جَزَّهُ قَبْلَ ذَبْحِهَا، فَإِنْ نَوَى حِينَهُ جَزَّهُ بَعْدَ ذَبْحِهَا فَإِنْ كَانَ مُرِيدًا بَيْعَهُ مَثَلًا فَلَا يُعْمَلُ بِنِيَّتِهِ؛ لِأَنَّهَا مُنَاقِضَةٌ لِحُكْمِهَا عَلَى أَصْلِ الْمَذْهَبِ فِي الشَّرْطِ الْمُنَاقِضِ لِلْمَشْرُوطِ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، فَإِنْ نَوَى حِينَ أَخَذَهَا جَزَّهُ بَعْضَهُ لِيَتَصَرَّفَ فِيهِ التَّصَرُّفَ الْجَائِزَ جَازَ، وَإِنْ نَوَى حِينَ أَخَذَهَا جَزَّهُ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِقَبْلَ وَلَا بِبَعْدَ فَلَا يُكْرَهُ.

(وَ) كُرِهَ (بَيْعُهُ) أَيْ الصُّوفِ الَّذِي يُكْرَهُ جَزُّهُ، أَمَّا الْمَجْزُورُ بَعْدَ الذَّبْحِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَوْ نَوَاهُ حِينَ أَخَذَهَا هَذَا هُوَ الَّذِي ارْتَضَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ.

(وَ) كُرِهَ لِلْمُضَحِّي (شُرْبُ

ص: 477

وَإِطْعَامُ كَافِرٍ، وَهَلْ إنْ بَعَثَ أَوْ وَلَوْ فِي عِيَالِهِ؟ تَرَدُّدٌ؛.

ــ

[منح الجليل]

لَبَنٍ) لِأُضْحِيَّتِهِ نَوَاهُ حِينَ أَخَذَهَا أَمْ لَا كَانَ لَهَا وَلَدٌ أَمْ لَا أَضَرَّ بِشُرْبِهِ الْأُمَّ أَوْ الْوَلَدَ أَمْ لَا إنْ لَمْ تَكُنْ مَنْذُورَةً وَإِلَّا جَرَى فِيهَا نَحْوُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْهَدْيِ، مِنْ قَوْلِهِ وَغَرِمَ إنْ أَضَرَّ بِشُرْبِهِ الْأُمَّ أَوْ الْوَلَدَ مُوجِبُ فِعْلِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ وَأَضَرَّهَا بَقَاؤُهُ حَلَبَهُ وَتَصَدَّقَ بِهِ، وَكُرِهَ لَهُ شُرْبُهُ لِخُرُوجِهَا قُرْبَةً وَفِي شُرْبِهِ عَوْدٌ فِيهَا.

(وَ) كُرِهَ لِلْمُضَحِّي (إطْعَامُ) شَخْصٍ (كَافِرٍ) مِنْ لَحْمِ الضَّحِيَّةِ كِتَابِيٍّ أَوْ مَجُوسِيٍّ؛ لِأَنَّهَا قُرْبَةٌ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا (وَهَلْ) مَحَلُّهَا (إنْ بَعَثَ) الْمُضَحِّي (لَهُ) أَيْ الْكَافِرِ فِي بَيْتِهِ فَإِنْ أَكَلَ مِنْهَا فِي بَيْتِ الْمُضَحِّي لِكَوْنِهِ ضَيْفَهُ أَوْ خَادِمَهُ مَثَلًا فَلَا يُكْرَهُ (أَوْ) يُكْرَهُ إطْعَامُهُ مِنْهَا (وَلَوْ) كَانَ الْكَافِرُ (فِي عِيَالِهِ) أَيْ الْمُضَحِّي كَظِئْرٍ وَضَعِيفٍ وَأَجِيرٍ وَقَرِيبٍ أَوْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ وَهُمْ يَأْكُلُونَ وَأَكَلَ مَعَهُمْ فِيهِ (تَرَدُّدٌ) الْبُنَانِيُّ اخْتَلَفَ الشُّرَّاحُ فِي فَهْمِ هَذَا التَّرَدُّدِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رضي الله عنه " الْإِبَاحَةُ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهَا إلَى الْكَرَاهَةِ. ابْنُ الْقَاسِمِ الْأَوَّلُ أَحَبُّ إلَى ابْنِ رُشْدٍ اخْتِلَافُ قَوْلَيْ مَالِكٍ " رضي الله عنه " إذَا لَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ، أَمَّا إنْ كَانَ فِيهِمْ أَوْ غَشِيَهُمْ وَهُمْ يَأْكُلُونَ فَلَا بَأْسَ بِهِ دُونَ خِلَافٍ.

وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَا خِلَافَ بَيْنَ قَوْلَيْ مَالِكٍ " رضي الله عنه "، بَلْ يُكْرَهُ الْبَعْثُ إلَيْهِمْ إذَا لَمْ يَكُونُوا فِي عِيَالِهِ وَيَجُوزُ إطْعَامُهُمْ إذَا كَانُوا فِي عِيَالِهِ، هَذَا حَاصِلُ مَا فِي الْبَيَانِ، وَنَقَلَهُ الْحَطّ بِلَفْظِهِ وَمَا فِي التَّوْضِيحِ مِنْ أَنَّ الَّذِي اخْتَارَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ الْكَرَاهَةُ، وَلِذَا اعْتَمَدَهَا هُنَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ أَنَّ الَّذِي اخْتَارَهُ هُوَ الْإِبَاحَةُ الْمَرْجُوعُ عَنْهَا كَمَا تَقَدَّمَ، وَتَبَيَّنَ بِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ ابْنَ حَبِيبٍ وَابْنَ رُشْدٍ مُتَّفِقَانِ عَلَى الْإِبَاحَةِ لِمَنْ فِي عِيَالِهِ. فَقَوْلُ طفي أَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ لِطَرِيقَةِ ابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ حَبِيبٍ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ عِبَارَةَ الْمُصَنِّفِ تُفِيدُ أَنَّ مَحَلَّ التَّرَدُّدِ هُوَ مَنْ فِي عِيَالِهِ، وَكَذَا عَزَوْهُ لِلتَّوْضِيحِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ مَا فِي التَّوْضِيحِ نَفْسُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ حَبِيبٍ، وَأَيْضًا ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ، فَالْإِشَارَةُ بِالتَّرَدُّدِ إلَيْهِ خِلَافُ اصْطِلَاحِ الْمُصَنِّفِ.

وَالصَّوَابُ أَنَّهُ أَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ لِطَرِيقَةِ ابْنِ رُشْدٍ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهِيَ تَقْيِيدُهُ الْخِلَافَ بِالْبَعْثِ

ص: 478

وَالتَّغَالِي فِيهَا.

ــ

[منح الجليل]

إلَيْهِ وَطَرِيقَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَهُوَ إطْلَاقُهُ كَانَ فِي عِيَالِهِ أَوْ بَعَثَ إلَيْهِ حَيْثُ قَالَ تُكْرَهُ لِلْكَافِرِ عَلَى الْأَشْهَرِ وَقَدْ أَشَارَ تت إلَى ذَلِكَ.

(وَ) كُرِهَ (التَّغَالِي فِيهَا) أَيْ الضَّحِيَّةِ بِكَثْرَةِ ثَمَنِهَا عَلَى غَالِبِ شِرَاءِ أَهْلِ الْبَلَدِ مَعَ اتِّحَادِهَا، وَكَوْنِ قِيمَتِهَا مَا بَذَلَهُ فِيهَا لِتَأْدِيَتِهِ إلَى الْمُبَاهَاةِ وَكَذَا التَّغَالِي فِي عَدَدِهَا إنْ قَصَدَ مُبَاهَاةً وَإِلَّا جَازَ فَإِنْ نَوَى فَضِيلَةً وَزِيَادَةَ ثَوَابٍ بِزِيَادَةِ ثَمَنِهَا أَوْ عَدَدِهَا نُدِبَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ لِخَبَرِ «أَفْضَلُ الرِّقَابِ أَغْلَاهَا ثَمَنًا» فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِ اللَّخْمِيِّ يُسْتَحَبُّ اسْتِكْثَارُهَا كَمَا عَارَضَ بَيْنَهُمَا ابْنُ عَرَفَةَ لِحَمْلِ الْكَرَاهَةِ عَلَى مُجَرَّدِ قَصْدِ الْمُبَاهَاةِ وَالْمُفَاخَرَةِ لِأَقْسَامٍ ثَلَاثَةٍ، وَلَمْ يَحْرُمْ مَعَ قَصْدِ الْمُبَاهَاةِ؛ لِأَنَّهَا هُنَا تَعُودُ بِمَنْفَعَةِ طِيبِ اللَّحْمِ وَكَثْرَتِهِ، وَشَأْنُهَا أَنْ يُتَصَدَّقَ مِنْهَا وَلِأَنَّهَا مَطْلُوبَةٌ فَلَا يُسْقِطُهَا قَصْدُ الْمُبَاهَاةِ.

ص: 479

وَفِعْلُهَا عَنْ مَيِّتٍ كَعَتِيرَةٍ.

، وَإِبْدَالَهَا بِدُونٍ،

ــ

[منح الجليل]

ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ لَا يُمَاكَسُ فِي ثَمَنِ الْأُضْحِيَّةِ وَلَا فِي شَيْءٍ مِمَّا يُتَقَرَّبُ بِهِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى اهـ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ لِتَأْدِيَتِهِ إلَى الْمُبَاهَاةِ بِهَا عَلَّلَ ابْنُ رُشْدٍ الْكَرَاهَةَ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يَخَافُ قَصْدَهَا فَإِنْ تَحَقَّقَ عَدَمَهُ نُدِبَ لَهُ لِلْحَدِيثِ وَإِنْ تَحَقَّقَهُ حَرُمَ نَظِيرُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْبِنَاءِ عَلَى الْقَبْرِ، وَفَرْقُ " ز " بَيْنَهُمَا غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ الْمَقْصُودُ بِهَا الرِّيَاءَ حَرَامٌ مُطْلَقًا قَالَهُ الْمِسْنَاوِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ، فَقَوْلُهُ يُكْرَهُ التَّغَالِي فِي عَدَدِهَا إنْ قَصَدَ الْمُبَاهَاةَ صَوَابُهُ إنْ خَافَ قَصْدَهَا.

(وَ) كُرِهَ (فِعْلُهَا) أَوْ التَّضْحِيَةُ (عَنْ) شَخْصٍ (مَيِّتٍ) لَمْ يَشْتَرِطْهَا فِي وَقْفٍ وَالْأَوْجَبُ فِعْلُهَا عَنْهُ لِقَوْلِهِ وَاتُّبِعَ شَرْطُهُ إنْ جَازَ أَيْ أَوْ كُرِهَ وَلَمْ يُعَيِّنْهَا قَبْلَ مَوْتِهِ وَإِلَّا نُدِبَ إنْفَاذُهَا. وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَالَ (كَعَتِيرَةٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْفَوْقِيَّةِ شَاةٌ كَانَتْ تُذْبَحُ فِي رَجَبٍ لِآلِهَتِهِمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَأَوَّلِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ نُسِخَتْ بِالضَّحِيَّةِ وَفِي الْكَرْمَانِيِّ فِي الْعَشْرِ الْأُوَلِ وَلَمْ يَقُلْ لِآلِهَتِهِمْ. وَفِي تت ذَبِيحَةٌ لِأَوَّلِ رَجَبٍ، وَالْفَرْعُ كَالْعَتِيرَةِ فِي الْكَرَاهَةِ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «لَا فَرْعَ وَلَا عَتِيرَةَ» . الْكَرْمَانِيُّ الْفَرْعُ بِالْفَاءِ وَالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ الْمَفْتُوحَتَيْنِ يَلِيهَا عَيْنٌ مُهْمَلَةٌ أَوَّلُ نِتَاجٍ يُنْتَجُ لَهُمْ كَانُوا يَذْبَحُونَهُ لِطَوَاغِيتِهِمْ رَجَاءَ الْبَرَكَةِ فِي أَمْوَالِهِمْ يَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيُطْعِمُونَ.

ابْنُ رُشْدٍ اُخْتُلِفَ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «لَا فَرْعَ وَلَا عَتِيرَةَ» فَقِيلَ: إنَّهُ نَهَىٌ عَنْهُمَا، وَقِيلَ نَسْخٌ لِوُجُوبِهِمَا فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ النَّهْيُ وَحَمَلَهُ عَلَى التَّنْزِيهِ؛ لِأَنَّهُ الْمُحَقَّقُ فَعَدَّهَا فِي الْمَكْرُوهَاتِ، وَيُؤَيِّدُ كَوْنَهُ نَهْيًا رِوَايَةُ النَّسَائِيّ وَالْإِسْمَاعِيلِيّ بِلَفْظِ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْفَرْعِ وَالْعَتِيرَةِ» .

(وَ) كُرِهَ إذَا لَمْ يُعَيِّنْهَا (إبْدَالُهَا) أَيْ الضَّحِيَّةِ (بِدُونٍ) مِنْهَا أَوْ مُسَاوٍ عَلَى الرَّاجِحِ إذَا كَانَ بِغَيْرِ قُرْعَةٍ وَإِلَّا فَلَا يُكْرَهُ، وَلَكِنْ يُنْدَبُ لَهُ ذَبْحُ أُخْرَى وَيُكْرَهُ اقْتِصَارُهُ عَلَى الدُّونِ، وَمَفْهُومُ بِدُونٍ أَنَّ إبْدَالَهَا بِخَيْرٍ مِنْهَا لَا يُكْرَهُ، وَفِي تَوْضِيحِهِ يَنْبَغِي كَوْنُهُ مُسْتَحَبًّا. الْحَطّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَا يُسْتَحَبُّ رَعْيًا لِلْقَوْلِ بِتَعَيُّنِهَا بِشِرَائِهَا، وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يُوجِبْهَا بِالنَّذْرِ وَإِلَّا فَكَالْهَدْيِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُ، أَيْ فِي امْتِنَاعِ الْإِبْدَالِ وَجَوَازِ الْأَكْلِ مِنْهَا إنْ لَمْ يُسَمِّهَا لِلْمَسَاكِينِ وَإِلَّا مُنِعَ اهـ عب.

ص: 480

وَإِنْ لِاخْتِلَاطٍ قَبْلَ الذَّبْحِ وَجَازَ أَخْذُ الْعِوَضِ إنْ اخْتَلَطَتْ بَعْدَهُ عَلَى الْأَحْسَنِ.

ــ

[منح الجليل]

الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ إذَا لَمْ يُعَيِّنْهَا هَذَا الْقَيْدُ صَحِيحٌ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَبِهِ قَيَّدَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا يُنَافِيهِ أَنَّ الْمَشْهُورَ إنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ بِالنَّذْرِ لِحَمْلِهِ عَلَى عَدَمِ إلْغَاءِ الْعَيْبِ الطَّارِئِ وَإِلَّا فَتَعْيِينُهَا بِالنَّذْرِ يَمْنَعُ الْإِبْدَالَ وَالْبَيْعَ كَمَا يَأْتِي. وَقَوْلُهُ أَوْ مُسَاوٍ عَلَى الرَّاجِحِ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الَّذِي فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ إبْدَالَهَا بِمِثْلِهَا جَائِزٌ وَكَانَ لَفْظُ الْأُمِّ لَا يُبْدِلُهَا إلَّا بِخَيْرٍ مِنْهَا إذَا كَانَ الْإِبْدَالُ لِغَيْرِ اخْتِلَاطٍ.

بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (لِاخْتِلَاطٍ) لِلضَّحِيَّةِ بِغَيْرِهَا فَيُكْرَهُ تَرْكُ الْأَفْضَلِ لِغَيْرِهِ وَأَخْذُ الدُّونِ لِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ وَصِلَةُ إبْدَالٍ (قَبْلَ الذَّبْحِ) فَمَعْنَى الْإِبْدَالِ فِي حَالِ الِاخْتِلَاطِ الْأَخْذُ (وَجَازَ) لِمَالِكِ ضَحِيَّةٍ (أَخْذُ الْعِوَضِ) مِنْهَا مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا كَنَقْدٍ وَعَرْضٍ (إنْ اخْتَلَطَتْ) الضَّحِيَّةُ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا بِغَيْرِهَا بِأَنْ اسْتَنَابَ رَجُلَانِ رَجُلًا عَلَى الذَّبْحِ عَنْهُمَا فَذَبَحَ وَاخْتَلَطَتَا (بَعْدَهُ) أَيْ الذَّبْحِ وَلَمْ يَعْرِفْ كُلَّ ضَحِيَّتِهِ فَيَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ (عَلَى الْأَحْسَنِ) عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَعَلَّلَهُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا نَقْصِدُ بِهِ الْمُعَاوَضَةَ وَلِأَنَّهَا شَرِكَةٌ ضَرُورِيَّةٌ فَأَشْبَهَتْ شَرِكَةَ الْوَرَثَةِ فِي لَحْمِ ضَحِيَّةٍ مُوَرِّثِهِمْ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُقَالُ أَخَذَ الْقِيمَةَ عَنْهَا بِيعَ لَهَا وَهُوَ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّمَا هُوَ بَدَلُ مُتْلَفٍ كَسَائِرِ الْمُتْلَفَاتِ اهـ.

فَإِنْ كَانَ الْعِوَضُ مِنْ الْجِنْسِ فَلَيْسَ فِيهِ قَوْلٌ بِالْجَوَازِ وَفِيهِ الْمَنْعُ وَفِيهَا وَالْكَرَاهَةُ كَمَا فِي تَوْضِيحِهِ، قَالَ وَقَدْ يُقَالُ بِمَنْعِهِ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ بِالْأَوْلَى مِمَّا إذَا كَانَ الْعِوَضُ مِنْ الْجِنْسِ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ إذْ يَلْزَمُ عَلَى الْإِبْدَالِ بِالْجِنْسِ بَيْعُ لَحْمٍ بِلَحْمٍ، بِخِلَافِ إبْدَالِهِ بِغَيْرِ جِنْسِهِ فَإِنَّهُ بَيْعُ لَحْمٍ بِعَرْضٍ وَهُوَ جَائِزٌ، فَلِذَا جَازَ. وَإِذَنْ كَانَ الْعِوَضُ مِنْ الْجِنْسِ لَزِمَهُ التَّصَدُّقُ بِهِ عَلَى الرَّاجِحِ وَلَا يَفْعَلُ بِهِ مَا يَفْعَلُ بِالضَّحِيَّةِ غَيْرِ الْمُخْتَلِطَةِ وَأَجْزَأَتْهُ ضَحِيَّتُهُ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ صَنَعَ بِهِ مَا شَاءَ عَلَى الرَّاجِحِ.

وَهَلْ كَجُزْئِهِ ضَحِيَّتَهُ أَمْ لَا وَالْأَوَّلُ مُشْكِلٌ إذْ كَيْفَ يَمْلِكُ الْعِوَضَ مَعَ إجْزَائِهَا، وَإِذَا اخْتَلَطَتْ ضَحِيَّةُ شَخْصٍ بِضَحِيَّةِ آخَرَ بَعْدَ ذَبْحِهِمَا جَازَ أَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ وَاحِدَةً

ص: 481

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[منح الجليل]

بِالْقُرْعَةِ أَوْ غَيْرِهَا وَأَجْزَأَتْهُ ضَحِيَّتُهُ، وَفِيهِ الْإِشْكَالُ الْمُتَقَدِّمُ ثُمَّ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ فِي أَخْذِ عِوَضِهَا مِنْ جِنْسِهَا بَيْعُ لَحْمٍ بِلَحْمٍ مَنَعَ الشَّارِعُ مِنْ أَكْلِهَا، أَشَارَ لَهُ ابْنُ يُونُسَ اهـ عب.

الْبُنَانِيُّ إنْ حُمِلَ عَلَى الْعِوَضِ مِنْ الْجِنْسِ فَالِاخْتِلَاطُ عَلَى حَقِيقَتِهِ بِأَنْ اخْتَلَطَتْ ضَحِيَّةُ أَحَدِهِمَا بِضَحِيَّةِ الْآخَرِ فَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ إحْدَاهُمَا. ابْنُ عَرَفَةَ وَلَوْ اخْتَلَطَتْ أُضْحِيَّتَا رَجُلَيْنِ بَعْدَ ذَبْحِهِمَا أَجْزَأَتَاهُمَا وَفِي وُجُوبِ صَدَقَتِهِمَا بِهِمَا وَجَوَازِ أَكْلِهِمَا إيَّاهُمَا قَوْلُ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ وَتَخَرُّجُ اللَّخْمِيُّ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْجَوَازُ أَقْرَبُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ عَلَى الْأَحْسَنِ فَاسْتِحْسَانُهُ إنَّمَا هُوَ فِي أَخْذِ الْعِوَضِ مِنْ الْجِنْسِ وَهُوَ الَّذِي يُطَابِقُ تَعْلِيلَهُ الَّذِي نَقَلَهُ " ز " وَجَعَلَهُ " ز " فِي أَخْذِ الْعِوَضِ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ لَيْسَ بِصَوَابٍ.

وَإِنْ حُمِلَ عَلَى الْعِوَضِ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الِاخْتِلَاطُ عَلَى غَيْرِ حَقِيقَتِهِ بِأَنْ يُرَادَ بِهِ التَّلَفُ بِعَدَاءٍ أَوْ سَرِقَةٍ وَفِيهِ أَقْوَالٌ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا سُرِقَتْ الضَّحِيَّةُ وَاسْتُهْلِكَتْ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَغْرَمَ السَّارِقُ، وَقَالَ عِيسَى تُؤْخَذُ الْقِيمَةُ وَيُتَصَدَّقُ بِهَا. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ تُؤْخَذُ وَيَصْنَعُ بِهَا رَبُّهَا مَا يَشَاءُ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ سَنَدٌ فِي الْهَدْيِ، وَعَلَى هَذَا الْحَمْلِ فَقَدْ أَنَابَ بِالْأَحْسَنِ إلَى هَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَأَمَّا أَخْذُ أَحَدِهِمَا الْقِيمَةَ فِي الِاخْتِلَاطِ الْحَقِيقِيِّ عِوَضًا عَنْ أُضْحِيَّتِهِ وَتَرْكِهَا لِلْآخَرِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا أَظُنُّ أَحَدًا فِي الْمَذْهَبِ أَجَازَهُ وَإِنْ تَوَهَّمَ مِنْ بَعْضِ الظَّوَاهِرِ، وَقَوْلُهُ فَلَيْسَ فِيهِ قَوْلٌ بِالْجَوَازِ أَيْ مَنْصُوصٌ فَلَا يُنَافِي تَخْرِيجَهُ اللَّخْمِيُّ، وَقَوْلُهُ يَلْزَمُ عَلَى الْإِبْدَالِ بِالْجِنْسِ بَيْعُ لَحْمٍ بِلَحْمٍ أَقُولُ بَيْعُ لَحْمٍ بِلَحْمٍ جَائِزٌ لَا مَمْنُوعٌ فَلَا مَعْنَى لِهَذَا التَّفْرِيقِ، ثُمَّ إذَا جُهِلَ الْوَزْنُ كَانَ مُزَابَنَةً وَمَا ذَكَرَهُ " ز " مِنْ أَنَّ الْعِوَضَ مِنْ الْجِنْسِ يَلْزَمُ التَّصَدُّقُ بِهِ عَلَى الرَّاجِحِ فِيهِ نَظَرٌ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ جَوَازَ أَكْلِهِ اسْتَقَرَّ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ.

وَلَا إشْكَالَ فِي الْإِجْزَاءِ مَعَ أَخْذِ الْعِوَضِ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ جَرَّ إلَيْهِ الْحُكْمُ وَقَوْلُهُ كَمَا أَشَارَ لَهُ ابْنُ يُونُسَ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مَا عَلَّلَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ مَنْعُ الْأَكْلِ هُوَ أَنَّ فِيهِ بَيْعَ الْأُضْحِيَّةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَخْذَ الْعِوَضِ بَيْعٌ لَا أَنَّ فِيهِ بَيْعَ لَحْمٍ بِلَحْمٍ، وَقَدْ بَنَى ابْنُ رُشْدٍ ضَمَانَ الْعِوَضِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ

ص: 482

وَصَحَّ إنَابَةٌ بِلَفْظٍ إنْ أَسْلَمَ، وَلَوْ لَمْ يَصِلْ أَوْ نَوَى عَنْ نَفْسِهِ، أَوْ بِعَادَةٍ: كَقَرِيبٍ، وَإِلَّا فَتَرَدُّدٌ؛

ــ

[منح الجليل]

أَخْذَ الْعِوَضِ عَنْ الْمُسْتَهْلِكِ لَيْسَ بِبَيْعٍ وَعَدَمُ ضَمَانِهِ عَلَى أَنَّهُ بَيْعٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي كَلَامِ " ز " تَخْلِيطًا كَثِيرًا وَالتَّحْرِيمُ مَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَصَحَّ إنَابَةٌ) عَلَى تَذْكِيَةِ الضَّحِيَّةِ (بِلَفْظِ) كَاتَبْتُك أَوْ وَكَّلْتُك عَلَى تَذْكِيَتِهَا وَيَقْبَلُ الْآخَرُ وَتُكْرَهُ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ كَالْهَدْيِ وَالْفِدْيَةِ وَالْعَقِيقَةِ (إنْ أَسْلَمَ) النَّائِبُ (وَلَوْ لَمْ يُصَلِّ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ كُفْرِ تَارِكِ الصَّلَاةِ وَتُكْرَهُ اسْتِنَابَتُهُ وَتُسْتَحَبُّ إعَادَةُ التَّضْحِيَةِ فَإِنْ كَانَ كَافِرًا لَمْ تَجُزْ ضَحِيَّةٌ اتِّفَاقًا فِي الْمَجُوسِيِّ وَعَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْكِتَابِيِّ؛ لِأَنَّهَا قُرْبَةٌ وَيَضْمَنُ إنْ غَرَّ بِإِسْلَامِهِ وَيُعَاقَبُ، وَإِنْ كَانَ مَجُوسِيًّا فَلَا تُؤْكَلُ، وَإِنْ كَانَ كِتَابِيًّا جَرَى فِيهِ الْقَوْلَانِ الْمُتَقَدِّمَانِ.

(أَوْ نَوَى) النَّائِبُ تَضْحِيَتَهَا (عَنْ نَفْسِهِ) عَمْدًا وَأَوْلَى غَلَطًا وَتُجْزِئُ عَنْ رَبِّهَا، قِيلَ لَا تُجْزِئُ الْمَالِكَ وَتُجْزِئُ النَّائِبَ وَيَضْمَنُ لَهُ قِيمَتَهَا كَمَنْ تَعَدَّى عَلَى أُضْحِيَّةِ شَخْصٍ فَذَبَحَهَا عَنْ نَفْسِهِ. وَقِيلَ لَا تُجْزِئُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. وَعَطَفَ عَلَى بِلَفْظِ فَقَالَ (أَوْ بِعَادَةِ كَقَرِيبٍ) بِإِضَافَةِ عَادَةٍ لِلْكَافِ الَّتِي بِمَعْنَى مِثْلِ وَالْمُرَادُ بِمِثْلِ الْقَرِيبِ الصَّدِيقِ الْمُلَاطِفِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَرِيبًا عَادَتُهُ التَّصَرُّفُ لِلْمُضَحِّي بِأَنْ كَانَ قَرِيبًا لَا عَادَةَ لَهُ أَوْ أَجْنَبِيًّا لَهُ عَادَةٌ (فَتَرَدُّدٌ) فِي صِحَّةِ كَوْنِهَا ضَحِيَّةً عَنْ مَالِكِهَا وَعَدَمِهَا، وَأَمَّا أَجْنَبِيٌّ لَا عَادَةَ لَهُ فَلَا تُجْزِئُ تَضْحِيَتُهُ قَطْعًا فَلَا يَدْخُلُ فِي التَّرَدُّدِ وَهُوَ ظَاهِرُ مَعْنَى إذْ وَجْهُ الصِّحَّةِ فِي الْقَرِيبِ النَّظَرُ لِقَرَابَتِهِ وَفِي الْأَجْنَبِيِّ الْمُعْتَادِ النَّظَرِ لِعَادَتِهِ، وَلَا وَجْهَ لَهَا فِي الْأَجْنَبِيِّ الَّذِي لَا عَادَةَ لَهُ وَيُخَيَّرُ رَبُّهَا بَيْنَ أَنْ يُغَرِّمَهُ قِيمَتَهَا حَيَّةً وَيَتْرُكَهَا لَهُ وَأَخْذِهَا وَأَرْشِ نَقْصِهَا بِالذَّبْحِ وَيَفْعَلُ بِهَا مَا يَشَاءُ اهـ عب.

الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَإِلَّا فَتَرَدُّدٌ أَيْ طَرِيقَتَانِ إحْدَاهُمَا تَحْكِي الِاتِّفَاقَ عَلَى الْإِجْزَاءِ فِي الْقَرِيبِ وَالْخِلَافُ فِي غَيْرِهِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ، وَالْأُخْرَى تَحْكِي الِاتِّفَاقَ عَلَى عَدَمِ الْإِجْزَاءِ فِي غَيْرِ الْقَرِيبِ وَالْخِلَافُ فِي الْقَرِيبِ، وَنَقَلَهَا ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَغَيْرُهُ خِلَافُ مَا نَقَلَهُ

ص: 483

لَا إنْ غَلِطَ، فَلَا تُجْزِئُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.

ــ

[منح الجليل]

عَنْهُ فِي التَّوْضِيحِ وتت. وَذَكَرَ فِي التَّوْضِيحِ فِي الِاسْتِنَابَةِ بِالْعَادَةِ طَرِيقَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ إحْدَاهُمَا أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْقَرِيبِ وَغَيْرِهِ وَهِيَ الَّتِي عَزَاهَا لِلَّخْمِيِّ وَالْأُخْرَى لِلْبَاجِيِّ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي الْمَسْأَلَةِ لَا فِي الْقَرِيبِ وَلَا فِي غَيْرِهِ، وَأَنَّ مَنَاطَ الْحُكْمِ فِي الْقَرِيبِ وَغَيْرِهِ الْقِيَامُ بِجَمِيعِ أُمُورِهِ فَمَنْ كَانَ قَائِمًا بِجَمِيعِ الْأُمُورِ أَجْزَأَ ذَبْحُهُ قَرِيبًا كَانَ أَوْ لَا، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ قَائِمًا بِجَمِيعِ الْأُمُورِ لَمْ يَجُزْ ذَبْحُهُ مُطْلَقًا قَرِيبًا أَوْ لَا وَالْمُصَنِّفُ إنَّمَا أَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ إلَى الطَّرِيقَتَيْنِ الْأَوَّلِيَّيْنِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ أَشَارَ بِهِ إلَى جَمِيعِ الطُّرُقِ الْأَرْبَعِ لِجَزْمِهِ بِالْإِجْزَاءِ فِي الْقَرِيبِ، فَلَوْ أَرَادَ الْإِشَارَةَ بِهِ إلَى الْجَمِيعِ لَحَكَى التَّرَدُّدَ فِي الِاسْتِنَابَةِ بِالْعَادَةِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِغَيْرِ الْقَرِيبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(لَا إنْ غَلِطَ) الذَّابِحُ بِأَنْ ذَبَحَ أُضْحِيَّةَ غَيْرِهِ مُعْتَقِدًا أَنَّهَا ضَحِيَّتُهُ مِنْ غَيْرِ وَكَالَةٍ مِنْ رَبِّهَا لَهُ عَلَى ذَبْحِهَا فَمُرَادُهُ بِالْغَلَطِ الْخَطَأُ فِي الْفِعْلِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ ابْنُ مُحْرِزٍ لَا الْمُتَعَلِّقُ بِاللِّسَانِ لِصِحَّتِهَا فِيمَا يَظْهَرُ لِقَوْلِهِ وَإِنْ تَخَالَفَا فَالْعَقْدُ (فَلَا تُجْزِئُ) الضَّحِيَّةُ (عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) أَيْ مَالِكِهَا لِعَدَمِ النِّيَّةِ إنْ لَمْ يَأْخُذْ قِيمَتَهَا، وَالذَّابِحُ إنْ أَخَذَهَا أَوْ قِيمَتَهَا الْمَالِكُ لِعَدَمِ مِلْكِهَا قَبْلَ الذَّبْحِ فَإِنْ ذَبَحَهَا غَيْرُ مَالِكِهَا عَنْ نَفْسِهِ عَمْدًا فَقَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ أَجْزَأَتْهُ وَضَمِنَ لِرَبِّهَا قِيمَتَهَا اهـ عب.

الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ لَا إنْ غَلِطَ يَنْبَغِي عَلَى التَّقْرِيرِ الْمُتَقَدِّمِ عِوَضٌ لَا إنْ غَلِطَ لَا إنْ فُقِدَ أَثِمَ إنْ أَخَذَ الْمَالِكُ قِيمَتَهَا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى: لَيْسَ لِلذَّابِحِ فِي اللَّحْمِ إلَّا الْأَكْلُ أَوْ الصَّدَقَةُ؛ لِأَنَّهُ ذَبَحَهَا عَلَى وَجْهِ الضَّحِيَّةِ، وَإِنْ أَخَذَ الْمَالِكُ اللَّحْمَ فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ يَتَصَرَّفُ فِيهِ

ص: 484

وَمُنِعَ الْبَيْعُ وَإِنْ ذَبَحَ قَبْلَ الْإِمَامِ، أَوْ تَعَيَّبَتْ حَالَةُ الذَّبْحِ، أَوْ قَبْلَهُ، أَوْ ذَبَحَ مَعِيبًا جَهْلًا وَالْإِجَارَةُ، وَالْبَدَلُ،

ــ

[منح الجليل]

كَيْفَ يَشَاءُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْبَحْهَا هُوَ عَلَى التَّضْحِيَةِ.

(وَمُنِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ حَرُمَ (الْبَيْعُ) لِلْأُضْحِيَّةِ أَوْ شَيْءٍ مِنْهَا مِنْ لَحْمٍ أَوْ جِلْدٍ أَوْ صُوفٍ أَوْ غَيْرِهَا كَخَرَزَةِ بَقَرَةٍ، وَلِذَا لَمْ يَقُلْ بَيْعُهَا لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ قَصْرُهُ عَلَى بَيْعِ جُمْلَتِهَا وَكَوَدَكٍ وَلَوْ بِمَاعُونٍ وَلَا يُعْطَى الْجَزَّارُ شَيْئًا مِنْهَا فِي مُقَابَلَةِ جِزَارَتِهِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا إذَا ذُكِّيَتْ وَأَجْزَأَتْ بَلْ (وَإِنْ) لَمْ تَجُزْ كَمَنْ ذَبَحَهَا يَوْمَ التَّاسِعِ يَظُنُّهُ الْعَاشِرَ أَوْ (ذَبَحَهَا) يَوْمَ الْعِيدِ (قَبْلَ) ذَبْحِ (الْإِمَامِ أَوْ تَعَيَّبَتْ حَالَةَ الذَّبْحِ) بِأَنْ أَضْجَعَهَا فَاضْطَرَبَتْ فَانْكَسَرَتْ رِجْلُهَا أَوْ أَصَابَتْ السِّكِّينُ عَيْنَهَا فَفَقَأَتْهَا وَذَبَحَهَا فِيهِمَا فَيَحْرُمُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْهَا مَعَ كَوْنِهَا لَمْ تُجْزِ (أَوْ) تَعَيَّبَتْ (قَبْلَهُ) أَيْ الذَّبْحِ وَذَبَحَهَا ضَحِيَّةً فَإِنْ لَمْ يَذْبَحْهَا فَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَا تُجْزِئُ إنْ تَعَيَّبَتْ قَبْلَهُ وَصَنَعَ بِهَا مَا شَاءَ.

(أَوْ ذَبَحَ مَعِيبًا) بِعَيْبٍ مَانِعٍ مِنْ الْإِجْزَاءِ (جَهْلًا) بِالْعَيْبِ أَوْ يَمْنَعُهُ الْإِجْزَاءَ بِأَنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُهُ فَقَوْلُهُ جَهْلًا يَشْمَلُ جَهْلَ تَعَيُّبِهِ كَذَبْحِهِ مُعْتَقِدًا سَلَامَتَهُ، فَتَبَيَّنَ عَيْبُهُ وَالْجَهْلُ بِحُكْمِهِ كَذَبْحِهِ عَالِمًا بِعَيْبِهِ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ يَمْنَعُهُ اهـ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ كَخَرَزَةِ بَقَرَةٍ نَقَلَ ابْنُ نَاجِي مَنْعَ بَيْعِهَا عَنْ فَتْوَى الْغُبْرِينِيُّ وَالْبَرْزَلِيِّ الشَّيْخِ مَيَّارَةَ وَالْخَرَزَةُ هِيَ الَّتِي تُسَمَّى بِالْوَرْسِ تُوجَدُ فِي مَرَارَةِ الْبَقَرَةِ عَلَى شَكْلِ أَصْغَرِ الْبَيْضِ تُبَاعُ بِثَمَنٍ غَالٍ قِيلَ: إنَّهُ يَسْمَنُ عَلَيْهِ النِّسَاءُ.

(وَ) مُنِعَتْ (الْإِجَارَةُ) لَهَا قَبْلَ ذَبْحِهَا وَلِجِلْدِهَا وَغَيْرِهِ بَعْدَهُ وَاَلَّذِي لِسَحْنُونٍ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الصِّقِلِّيُّ وَابْنُ عَرَفَةَ جَوَازُ إجَارَتِهَا فِي حَيَاتِهَا وَجِلْدِهَا بَعْدَ ذَبْحِهَا اهـ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ لَهَا قَبْلَ ذَبْحِهَا لَا يَصِحُّ حَمْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذِهِ؛ لِأَنَّهَا لَا مَنْعَ فِيهَا وَإِنَّمَا مُرَادُهُ الْأُخْرَى وَهِيَ إجَارَةُ جِلْدِهَا بَعْدَ ذَبْحِهَا وَمَنْعُهَا هُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ ابْنِ شَاسٍ، وَجَعَلَ قَوْلَ سَحْنُونٍ مُقَابِلًا.

(وَ) مُنِعَ (الْبَدَلُ) لَهَا بَعْدَ ذَبْحِهَا وَكَذَا بَدَلُ شَيْءٍ مِنْهَا كَجِلْدِهَا بِشَيْءٍ آخَرَ وَلَوْ مُجَانِسًا لِلْمُبْدَلِ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ كَرَاهَةِ إبْدَالِهَا بِدُونٍ فِي إبْدَالِهَا قَبْلَهُ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا،

ص: 485

إلَّا لِمُتَصَدَّقٍ عَلَيْهِ، وَفُسِخَتْ، وَتَصَدَّقَ بِالْعِوَضِ فِي الْفَوْتِ، إنْ لَمْ يَتَوَلَّ غَيْرٌ بِلَا إذْنٍ، وَصَرْفٍ فِيمَا لَا يَلْزَمُهُ:.

ــ

[منح الجليل]

وَمَنَعَ مَالِكٌ رضي الله عنه الْحَذَّاءَ أَنْ يَدْهُنَ شِرَاكَ النِّعَالِ الَّتِي يَصْنَعُهَا بِدُهْنِ الْأُضْحِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا بِالدُّهْنِ تَحْسُنُ فَيَكُونُ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ (إلَّا لِ) شَخْصٍ (مُتَصَدَّقٍ) بِفَتْحِ الدَّالِ مُشَدَّدَةً (عَلَيْهِ) بِالضَّحِيَّةِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا أَوْ مَوْهُوبٍ لَهُ كَذَلِكَ فَيَجُوزُ لَهُ بَيْعُ مَا مَلَكَهُ مِنْ لَحْمِهَا وَجِلْدِهَا وَإِجَارَتُهُ وَبَدَلُهُ. وَظَاهِرُهُ وَلَوْ عَلِمَ الْمُتَصَدِّقُ بِالْكَسْرِ أَنَّ الْمُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِالْفَتْحِ يَبِيعُ أَوْ يُؤَاجِرُ وَيُبْدِلُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَالْهَدِيَّةُ كَالصَّدَقَةِ وَالْهِبَةِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَالْحَطّ. وَقَدْ عَبَّرَ ابْنُ عَرَفَةَ بِالْعَطِيَّةِ الشَّامِلَةِ لَهَا فَلَوْ قَالَ إلَّا لِمُعْطًى لَكَانَ أَحْسَنَ وَهَذَا قَوْلُ أَصْبَغَ وَشَهَرَهُ ابْنُ غَلَّابٍ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ هُوَ أَحْسَنُ وَمُقَابِلُهُ الْمَنْعُ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " رضي الله عنه " وَشَهَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ فِي بَابِ السَّرِقَةِ.

(وَفُسِخَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْعُقُودُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ مَنَعَهَا الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَإِبْدَالٌ إنْ اطَّلَعَ عَلَيْهَا قَبْلَ فَوَاتِ الْمَبِيعِ وَالْمُبْدَلِ (وَ) إنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهَا إلَّا بَعْدَ فَوَاتِ الْمَبِيعِ أَوْ الْمُبْدَلِ (تَصَدَّقَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ الْمُضَحِّي وُجُوبًا (بِالْعِوَضِ) أَيْ نَفْسِ الثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ وَالْبَدَلِ فِي الْإِبْدَالِ إنْ كَانَ قَائِمًا وَعِوَضِهِ إنْ فَاتَ (فِي الْفَوَاتِ) لِلْمَبِيعِ أَوْ الْمُبْدَلِ مِنْ الضَّحِيَّةِ (إنْ لَمْ يَتَوَلَّ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا، وَمَفْعُولُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ الْبَيْعُ أَوْ الْإِبْدَالُ (غَيْرٌ) بِالتَّنْوِينِ أَيْ غَيْرُ الْمُضَحِّي (بِلَا إذْنٍ) مِنْ الْمُضَحِّي فِي الْبَيْعِ أَوْ الْإِبْدَالِ بِأَنْ تَوَلَّاهُ الْمُضَحِّي أَوْ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ.

(وَصَرْفٍ) هُوَ مَصْدَرٌ عُطِفَ عَلَى مَعْنَى مَدْلُولِ الْبَاءِ وَهُوَ مَجْمُوعٌ لَا إذْنٌ وَصِلَتُهُ مَحْذُوفَةٌ أَيْ لِلثَّمَنِ وَالْوَاوُ بِمَعْنَى مَعَ (فِيمَا) أَيْ شَيْءٌ (لَا يَلْزَمُ) الْمُضَحِّيَ أَيْ مَعَ صَرْفِ الثَّمَنِ فِيمَا لَا يَلْزَمُ الْمُضَحِّيَ بِأَنْ كَانَ الثَّمَنُ بَاقِيًا بِعَيْنِهِ أَوْ صَرَفَهُ الْغَيْرُ فِيمَا يَلْزَمُ الْمُضَحِّي فَهَذِهِ ثَمَانُ صُوَرٍ هِيَ مَنْطُوقُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يَلْزَمُ الْمُضَحِّيَ التَّصَدُّقُ فِيهَا بِنَفْسِ الثَّمَنِ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَبِعِوَضِهِ إنْ فَاتَ، وَمَفْهُومُهُ صُورَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ تُوَلِّي غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ مَعَ صَرْفِ الثَّمَنِ فِيمَا لَا يَلْزَمُ الْمُضَحِّيَ، فِي هَذِهِ لَا يَلْزَمُ الْمُضَحِّيَ التَّصَدُّقُ بِشَيْءٍ وَيَلْزَمُ الْمُتَوَلِّيَ التَّصَدُّقُ بِبَدَلِهِ هَذَا

ص: 486

كَأَرْشِ عَيْبٍ لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ.

، وَإِنَّمَا تَجِبُ بِالنَّذْرِ، وَالذَّبْحِ، فَلَا تُجْزِئُ إنْ تَعَيَّبَتْ قَبْلَهُ، وَصَنَعَ بِهَا مَا شَاءَ:

ــ

[منح الجليل]

عَلَى نُسْخَةِ فِيمَا لَا يَلْزَمُ بِإِثْبَاتِ لَا، أَمَّا عَلَى نُسْخَةِ فِيمَا يَلْزَمُ بِحَذْفِهَا قَالُوا وَبِمَعْنَى أَوْ، وَصَرَفَ فِعْلٌ مَاضٍ عَقِبَ عَلَى لَمْ يَتَوَلَّ غَيْرُ أَيْ أَوْ تَوَلَّاهُ غَيْرٌ بِلَا إذْنٍ وَصَرَفَهُ فِيمَا لَا يَلْزَمُ الْمُضَحِّيَ، وَأَوْلَى إنْ بَقِيَ وَلَمْ يُصْرَفْ وَمَفْهُومُ فِيمَا يَلْزَمُ أَنَّهُ إنْ تَوَلَّاهُ غَيْرٌ بِلَا إذْنٍ وَصَرَفَهُ فِيمَا لَا يَلْزَمُ لَا يَلْزَمُ الْمُضَحِّيَ التَّصَدُّقُ بِشَيْءٍ وَعَلَى الْمُتَوَلِّي التَّصَدُّقُ بِعِوَضِهِ وَهِيَ تَرْجِعُ لِلْأُولَى.

(كَأَرْشِ عَيْبٍ يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ) بِحَذْفِ لَا هَذَا هُوَ الَّذِي فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ وَعَلَيْهِ بَهْرَامُ وَالْبِسَاطِيُّ فَلَا يَلْزَمُ الْمُضَحِّيَ التَّصَدُّقُ بِهِ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ بَدَلَهَا فَهُوَ تَشْبِيهٌ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَتَوَلَّ غَيْرٌ إلَخْ فِي عَدَمِ وُجُوبِ التَّصَدُّقِ عَلَى الْمُضَحِّي. وَفِي نُسْخَةِ ابْنِ غَازِيٍّ لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءُ بِإِثْبَاتٍ لَا فَهُوَ تَشْبِيهٌ بِمَنْطُوقِ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَتَوَلَّ غَيْرٌ إلَخْ فِي وُجُوبِ التَّصَدُّقِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الْمَنْقُولَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْأَرْشَ إنْ مَنَعَ عَيْبُهُ الْإِجْزَاءَ صَنَعَ بِهِ مَا يَشَاءُ وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ. وَأَمَّا الضَّحِيَّةُ فَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ عَيْبُهَا الْإِجْزَاءَ فَوَاضِحٌ، وَإِنْ مَنَعَهُ فَالْمَذْهَبُ عَدَمُ جَوَازِ بَيْعِهَا كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَتَقَدَّمَ أَوْ تَعَيَّبَتْ حَالَةُ الذَّبْحِ أَوْ قَبْلَهُ.

(وَإِنَّمَا تَجِبُ) الضَّحِيَّةُ وُجُوبًا يَلْقَى الْعَيْبُ الطَّارِئُ بَعْدَهُ (بِالنَّذْرِ وَالذَّبْحِ) أَيْ مَعَهُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ لَا تَجِبُ الْأُضْحِيَّةُ إلَّا بِالذَّبْحِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ. اهـ. وَهَذَا بِاعْتِبَارِ الْوُجُوبِ الَّذِي يُلْغِي طُرُوءَ الْعَيْبِ بَعْدَهُ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، فَإِذَا نَذَرَهَا ثُمَّ أَصَابَهَا عَيْبٌ قَبْلَ تَذْكِيَتِهَا فَلَا تُجْزِئُ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: لِأَنَّ تَعْيِينَ الْمُكَلَّفِ وَالْتِزَامَهُ لَا يُسْقِطُ عَنْهُ مَا طَلَبَ الشَّارِعُ مِنْهُ فِعْلَهُ يَوْمَ الْأَضْحَى مِنْ تَذْكِيَةِ نَعَمٍ سَلِيمٍ مِنْ الْعَيْبِ بِخِلَافِ طُرُوئِهِ فِي الْهَدْيِ بَعْدَ تَقْلِيدِهِ وَإِشْعَارِهِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ عَدَمَ وُجُوبِ الضَّحِيَّةِ بِالنَّذْرِ مُطْلَقًا بَلْ نَذْرُهَا يُوجِبُ ذَبْحَهَا وَيَمْنَعُ بَيْعَهَا وَإِبْدَالَهَا (فَلَا تُجْزِئُ) الضَّحِيَّةُ فِي حُصُولِ سُنَّةِ الضَّحِيَّةِ (إنْ تَعَيَّبَتْ) عَيْبًا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ كَكَسْرِ رِجْلِهَا أَوْ فَقْءِ عَيْنِهَا (قَبْلَهُ) أَيْ الذَّبْحِ سَوَاءٌ كَانَتْ مَنْذُورَةً أَمْ لَا (وَصَنَعَ بِهَا) أَيْ الذَّاتِ الَّتِي تَعَيَّبَتْ قَبْلَ تَذْكِيَتِهَا (مَا شَاءَ) مِنْ بَيْعٍ وَغَيْرِهِ إنْ لَمْ تَكُنْ مَنْذُورَةً، وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ أَوْ تَعَيَّبَتْ

ص: 487

كَحَبْسِهَا حَتَّى فَاتَ الْوَقْتُ إلَّا أَنَّ هَذَا آثِمٌ، وَلِلْوَارِثِ الْقَسْمُ،

ــ

[منح الجليل]

حَالَةَ الذَّبْحِ أَوْ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ تِلْكَ قَدْ ذُبِحَتْ ضَحِيَّةً وَمَا هُنَا لَمْ تُذْبَحْ.

وَشَبَّهَ فِي أَنَّهُ يَصْنَعُ بِهَا مَا يَشَاءُ فَقَالَ (كَحَبْسِهَا) أَيْ تَأْخِيرِ تَذْكِيَةِ الضَّحِيَّةِ (حَتَّى فَاتَ الْوَقْتُ) لِلتَّضْحِيَةِ بِغُرُوبِ شَمْسِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَيَصْنَعُ بِهَا مَا يَشَاءُ إنْ لَمْ تَكُنْ مَنْذُورَةً فَإِنْ كَانَتْ مَنْذُورَةً فَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ الْجَلَّابِ وُجُوبَ تَذْكِيَتِهَا وَنَقَلَهُ طفي، وَيُفِيدُهُ مَا تَقَدَّمَ بِهِ مِنْ أَنَّ نَذْرَهَا يَمْنَعُ بَيْعَهَا وَإِبْدَالَهَا وَاسْتَدْرَكَ عَلَى التَّشْبِيهِ لِرَفْعِ إيهَامِهِ مُسَاوَاةَ الْمُشَبَّهِ الْمُشَبَّهَ بِهِ فِي عَدَمِ الْإِثْمِ فَقَالَ (إلَّا أَنَّ هَذَا) أَيْ الَّذِي حَبَسَهَا اخْتِيَارًا حَتَّى فَاتَ الْوَقْتُ (آثِمٌ) بِمَدِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمُثَلَّثَةِ.

وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ تَرْكَ السُّنَّةِ لَيْسَ إثْمًا وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِثْمِ فَوَاتُ ثَوَابِ السُّنَّةِ وَالْكَرَاهَةُ الشَّدِيدَةُ، وَبِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى إثْمِهِ بِفِعْلِ مَعْصِيَةٍ؛ لِأَنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى يُعَاقِبُ الْمُذْنِبَ بِحِرْمَانِهِ مِنْ السُّنَّةِ، وَبِأَنَّ التَّأْثِيمَ وَالِاسْتِغْفَارَ فِي كَلَامِهِمْ لَيْسَ خَاصًّا بِتَرْكِ الْوَاجِبِ بَلْ يَسْتَعْمِلُونَهُ كَثِيرًا فِي تَرْكِ السُّنَّةِ، وَرُبَّمَا أَبْطَلُوا الصَّلَاةَ بِتَرْكِهَا وَيَأْمُرُونَ بِالِاسْتِغْفَارِ مِنْهُ كَالْإِقَامَةِ (وَلِ) جِنْسِ ا (لْوَارِثِ الْقَسْمُ) لِضَحِيَّةِ مُوَرِّثِهِ الَّذِي مَاتَ بَعْدَ تَذْكِيَتِهَا أَوْ قَبْلَهَا وَأَنْفَذَهَا الْوَارِثُ بِالْقُرْعَةِ؛ لِأَنَّهَا تَمْيِيزُ حَقٍّ لَا بِالتَّرَاضِي؛ لِأَنَّهَا بَيْعٌ، رَوَاهُ الْأَخَوَانِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رضي الله عنه " وَعِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَظَاهِرُهُ قَسْمُهَا عَلَى حَسَبِ الْمِيرَاثِ وَهُوَ سَمَاعُ عِيسَى وَصَوَّبَهُ اللَّخْمِيُّ. وَقِيلَ: عَلَى قَدْرِ الْأَكْلِ فَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالزَّوْجَةُ سَوَاءٌ اهـ عب.

الْبُنَانِيُّ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ ذَكَرَهَا ابْنُ رُشْدٍ وَلَخَصَّهَا ابْنُ عَرَفَةَ فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي أَكْلِهَا أَهْلُ بَيْتِهِ عَلَى نَحْوِ أَكْلِهِمْ فِي حَيَاتِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا وَرَثَةً وَقَسَمَهَا وَرَثَتُهُ عَلَى الْمِيرَاثِ. ثَالِثُهَا: يُقَسِّمُونَهَا عَلَى قَدْرِ مَا يَأْكُلُونَ لِسَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَمَاعُهُ عِيسَى وَظَاهِرُ الْوَاضِحَةِ اهـ. وَالْأَوَّلُ هُوَ الَّذِي اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ. وَقَوْلُ " ز " وَظَاهِرُهُ الْقَسْمُ عَلَى الْمِيرَاثِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ قَسْمِ الْوَارِثِ، لَكِنْ قَالَ الْحَطّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ مَشَى عَلَى أَنَّهُمْ يَقْسِمُونَهَا عَلَى الرُّءُوسِ؛ لِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ التُّونُسِيُّ إنَّهُ أَشْبَهُ الْقَوْلَيْنِ اهـ.

ص: 488

وَلَوْ ذُبِحَتْ؛ لَا بَيْعٌ بَعْدَهُ فِي دَيْنٍ.

ــ

[منح الجليل]

قَالَ طفي هَذَا وَهْمٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ الَّذِي قَالَ التُّونُسِيُّ إنَّهُ الْأَشْبَهُ أَكْلُهَا بِلَا قَسْمٍ وَنَصُّ التُّونُسِيُّ بَعْدَ عَزْوِهِ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا تُؤْكَلُ وَلَا تُقْسَمُ وَلِأَشْهَبَ الْقَسْمُ. وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَشْبَهُ؛ لِأَنَّهَا قَدْ وَجَبَتْ قُرْبَةً بِالذَّبْحِ وَاتُّفِقَ عَلَى أَنَّهَا لَا تُبَاعُ فِي الدَّيْنِ فَأَشْبَهَتْ الْحَبْسَ يَنْتَفِعُ الْوَرَثَةُ بِهَا غَيْرَ أَنَّهُمْ جَعَلُوا لِجَمِيعِ الْوَرَثَةِ مِنْ زَوْجَةٍ وَغَيْرِهَا فِيهَا حَقًّا لِقَصْدِ الْمَيِّتِ ذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَزِيدَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ فِي حَظِّهِ عَلَى الِانْتِفَاعِ بِهَا، فَيَكُونُ عَلَى هَذَا حَظِّ الْأُنْثَى كَحَظِّ الذَّكَرِ إذَا تَسَاوَيَا فِي الْأَكْلِ. اهـ. وَنَقَلَهُ الْمُوضِحُ

قُلْت: إذَا تَأَمَّلْت ذَلِكَ عَلِمْت أَنَّ الْوَهْمَ مِنْ طفي مِنْ الْحَطّ وَأَنَّ كَلَامَ التُّونُسِيِّ شَاهِدٌ عَلَيْهِ لَا لَهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ إنَّمَا هُوَ نَفْيُ الْقَسْمِ عَلَى الْمِيرَاثِ لَا نَفْيُهُ مُطْلَقًا، وَلِأَنَّ قَوْلَهُ جَعَلُوا لِجَمِيعِ الْوَرَثَةِ فِي ذَلِكَ حَقًّا مَعَ قَوْلِهِ وَيَكُونُ حَظُّ الْأُنْثَى كَحَظِّ الذَّكَرِ صَرِيحٌ فِي الْقَسْمِ عَلَى الرُّءُوسِ الَّذِي عَزَاهُ لَهُ الْحَطّ، وَأَيْضًا لَا مَعْنَى لِأَكْلِهِمْ لَهَا وَانْتِفَاعِهِمْ بِهَا إلَّا قَسْمُهَا عَلَى رُءُوسِهِمْ، وَأَيْضًا لَوْ كَانَ الْمُرَادُ مَا ذَكَرَهُ طفي مِنْ أَكْلِهَا بِلَا قَسْمٍ أَصْلًا لَكَانَ قَوْلًا رَابِعًا وَهَذَا ابْنُ رُشْدٍ حَافِظُ الْمَذْهَبِ، وَكَذَا ابْنُ عَرَفَةَ لَمْ يَحْفَظَا إلَّا الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ، وَنَاهِيك بِحِفْظِهِمَا فَلَوْ وَجَدَ مَا أَغْفَلَاهُ فَتَبَيَّنَ أَنَّ مَا اخْتَارَهُ التُّونُسِيُّ وَعَزَاهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ ثَالِثُ الْأَقْوَالِ الَّذِي عَزَاهُ ابْنُ رُشْدٍ فِيمَا تَقَدَّمَ لِظَاهِرِ الْوَاضِحَةِ، وَقَدْ حَمَلَ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ سَمَاعَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي رَسْمِ سَنَّ وَنَصُّ السَّمَاعِ وَلَكِنْ أَرَى فِي لَحْمِ الْأَضَاحِيِّ أَنْ يَقْسِمَهُ وَرَثَتُهُ.

ابْنُ رُشْدٍ الْأَظْهَرُ إذْ خَصَّ الْوَرَثَةَ وَأَنْزَلَهُمْ فِيهِ مَنْزِلَةَ الْمَيِّتِ أَنْ لَا يَقْسِمُوهُ عَلَى الْمِيرَاثِ وَأَنْ يَقْسِمُوهُ عَلَى قَدْرِ مَا يَأْكُلُونَ فَيَكُونُونَ كَأَنَّهُمْ لَمْ يَقْسِمُوهُ إذْ قَدْ قِيلَ إنَّ الْقِسْمَةَ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ اهـ.

وَلِلْوَرَثَةِ قَسْمُهَا إنْ لَمْ تُذْبَحْ بَلْ (وَلَوْ ذُبِحَتْ) قَبْلَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ أَوْ بَعْدَهُ (لَا) يَجُوزُ (بَيْعٌ) لِلضَّحِيَّةِ أَوْ بَعْضِهَا (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الذَّبْحِ (فِي دَيْنٍ) عَلَى الْمُوَرِّثِ، وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّهُ لَا مِيرَاثَ إلَّا بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ مِنْ قُوتِهِ الْمَأْذُونِ فِيهِ مَعَ أَنَّهَا قُرْبَةٌ وَتَعَيَّنَتْ بِذَبْحِهَا لَمْ يَقْضِ مِنْهَا دَيْنَهُ.

ص: 489

وَنُدِبَ ذَبْحُ وَاحِدَةٍ تُجْزِئُ ضَحِيَّةً فِي سَابِعِ الْوِلَادَةِ نَهَارًا، وَأُلْغِيَ يَوْمُهَا؛ إنْ سَبَقَ بِالْفَجْرِ.

ــ

[منح الجليل]

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ أَحْكَامِ الضَّحِيَّةِ شَرَعَ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْعَقِيقَةِ فَقَالَ (وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (ذَبْحُ) أَوْ نَحْرُ ذَاتٍ (وَاحِدَةٍ) مِنْ النَّعَمِ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى (تُجْزِئُ ضَحِيَّةً) سِنًّا وَسَلَامَةً، وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ لَا تَكُونُ إلَّا مِنْ الْغَنَمِ؛ لِأَنَّهُ الْوَارِدُ فِي الْأَحَادِيثِ. وَأُجِيبَ بِحَمْلِهَا عَلَى التَّخْفِيفِ لِلْأُمَّةِ، وَصِلَةُ ذَبَحَ (فِي سَابِعِ) يَوْمٍ مِنْ يَوْمِ (الْوِلَادَةِ) عَقِيقَةً عَنْ الْمَوْلُودِ مِنْ مَالِ الْأَبِ لَا مِنْ مَالِ الْمَوْلُودِ، فَالْمُخَاطَبُ بِهَا الْأَبُ لَا غَيْرُهُ إلَّا الْوَصِيَّ فَيُخَاطَبُ بِهَا مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ إذَا لَمْ تُجْحِفْ بِهِ، وَيَرْفَعُ لِمَالِكِيٍّ إنْ كَانَ حَنَفِيٌّ لَا يَرَاهَا عَنْ يَتِيمٍ، وَإِلَّا السَّيِّدَ فَيُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَأْذَنَ لِعَبْدِهِ فِي عَقِّهِ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا يَعُقُّ عَنْهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَوْلُودُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ عَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ «عَقَّ عليه السلام عَنْ الْحَسَنِ بِكَبْشٍ» وَنَحْوُهُ فِي الْبُخَارِيِّ وَقِيَاسًا عَلَى الضَّحِيَّةِ، وَهَذَا مُقَدَّمٌ عَلَى خَبَرِ التِّرْمِذِيِّ أَيْضًا وَصَحَّحَهُ «أَمَرَ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَعُقَّ عَنْ الْغُلَامِ بِشَاتَيْنِ مُتَكَافِئَتَيْنِ وَعَنْ الْجَارِيَةِ بِشَاةٍ» وَهَذَا إنْ اتَّحَدَ الْمَوْلُودُ، فَإِنْ تَعَدَّدَ كَتَوْأَمَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ تَعَدَّدَتْ بِتَعَدُّدِهِ وَأَوْلَى تَعَدُّدُهُ مِنْ نِسَاءٍ فِي آنٍ وَاحِدٍ. وَلَا تُنْدَبُ بَعْدَ السَّابِعِ فِي سَابِعٍ ثَانٍ وَلَا ثَالِثٍ عَلَى الْمَشْهُورِ.

وَشَرْطُهَا اسْتِمْرَارُ حَيَاةِ الْمَوْلُودِ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ السَّابِعِ أَوْ فِيهِ قَبْلَ الْعَقِّ عَنْهُ فَلَا تُنْدَبُ. الطُّرْطُوشِيُّ وَلَا تَنْدَرِجُ فِي ضَحِيَّةٍ بِخِلَافِ الْوَلِيمَةِ فَتَنْدَرِجُ فِيهَا عِنْدَ الْقَصْدِ وَشَرْطُهَا ذَبْحُهَا.

(نَهَارًا) مِنْ طُلُوعِ فَجْرِ الْيَوْمِ السَّابِعِ لِغُرُوبِهِ وَنُدِبَ كَوْنُهُ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَفِي الرِّسَالَةِ وَابْنِ عَرَفَةَ ضَحْوَةً (وَأُلْغِيَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ لَا يُحْسَبُ (يَوْمُهَا) أَيْ الْوِلَادَةِ (إنْ سُبِقَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْيَوْمُ بِمَعْنَى وَقْتِ الْوِلَادَةِ أَوْ الْمَوْلُودِ (بِ) طُلُوعِ (الْفَجْرِ) بِأَنْ طَلَعَ قَبْلَ الْوِلَادَةِ وَلَوْ بِزَمَنٍ يَسِيرٍ جِدًّا، فَإِنْ وُلِدَ مَعَ طُلُوعِ الْفَجْرِ حُسِبَ يَوْمُهَا.

ص: 490

وَالتَّصَدُّقُ بِزِنَةِ شَعْرِهِ.

وَجَازَ كَسْرُ عِظَامِهَا.

، وَكُرِهَ عَمَلُهَا وَلِيمَةً.

، وَلَطْخُهُ بِدَمِهَا.

ــ

[منح الجليل]

وَ) نُدِبَ حَلْقُ رَأْسِ الْمَوْلُودِ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ وَ (التَّصَدُّقُ بِزِنَةِ شَعْرِهِ) ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً عَقَّ عَنْهُ أَمْ لَا قَبْلَ الْعَقِّ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يَحْلِقْ تَحَرَّى وَتَصَدَّقَ بِهِ، وَنُدِبَ أَنْ يَسْبِقَ إلَى جَوْفِ الْمَوْلُودِ حَلَاوَةٌ «لِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ مِنْ تَحْنِيكِهِ بِتَمْرَةٍ مَضَغَهَا عليه الصلاة والسلام صَبِيحَةَ وِلَادَتِهِ وَدُعَائِهِ لَهُ وَتَسْمِيَتِهِ» .

(وَجَازَ كَسْرُ عِظَامِهَا) أَيْ الْعَقِيقَةِ، وَقِيلَ يُنْدَبُ؛ لِأَنَّ فِيهِ مُخَالَفَةً لِلْجَاهِلِيَّةِ فِي امْتِنَاعِهِمْ مِنْ كَسْرِ عِظَامِهَا مَخَافَةَ مَا يُصِيبُ الْمَوْلُودَ وَتَقْطِيعِهَا مِنْ الْمَفَاصِلِ، فَجَاءَ الْإِسْلَامُ بِخِلَافِ ذَلِكَ. الْفَاكِهَانِيُّ يَجِبُ تَرْكُ شِعَارِ الْكُفْرِ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ إلَّا اتِّبَاعَ الْبَاطِلِ وَلَا يُلْتَفَتُ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ فَائِدَتُهُ التَّفَاؤُلُ بِسَلَامَةِ الصَّبِيِّ وَبَقَائِهِ، إذْ لَا أَصْلَ لِذَلِكَ فِي كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ وَلَا عَمَلٍ. وَقَوْلُهُ يَجِبُ تَرْكُ إلَخْ أَيْ يَتَأَكَّدُ فَلَا يُنَافِي قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَجَازَ وَكَانَتْ الْعَقِيقَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَأُقِرَّتْ بِالْإِسْلَامِ.

(وَكُرِهَ عَمَلُهَا) أَيْ الْعَقِيقَةِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا (وَلِيمَةً) لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ عَلَيْهَا بَلْ تُطْبَخُ وَيَأْكُلُ مِنْهَا أَهْلُ الْبَيْتِ وَالْجِيرَانُ وَالْأَغْنِيَاءُ وَالْفُقَرَاءُ، وَيُطْعَمُ النَّاسُ مِنْهَا وَهُمْ فِي مَوَاضِعِهِمْ. الْفَاكِهَانِيُّ وَالْإِطْعَامُ مِنْهَا كَالْإِطْعَامِ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ بِلَا حَدٍّ فَيَأْكُلُ مِنْهَا مَا يَشَاءُ وَيَتَصَدَّقُ مِنْهَا بِمَا يَشَاءُ وَيُطْعِمُ مِنْهَا مَا يَشَاءُ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الدَّعْوَةِ إلَيْهَا. ابْنُ الْقَاسِمِ سُئِلَ مَالِكٌ " رضي الله عنه " أَيُدَّخَرُ لَحْمُ الْعَقِيقَةِ فَقَالَ: شَأْنُ النَّاسِ أَكْلُهَا وَمَا بِذَلِكَ بَأْسٌ، وَتُمْنَعُ الْمُعَاوَضَةُ فِيهَا وَمَنَعَ غَيْرُ وَاحِدٍ إعْطَاءَ الْقَابِلَةِ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ إجَارَةٌ. وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ عَمِلَهَا إنْ عَمِلَ طَعَامَ غَيْرِهَا وَلِيمَةً مَعَ ذَبْحِهَا أَوْ نَحْرِهَا وَضَعَهُ بِهَا صُنْعَ الْعَقِيقَةِ لَا يُكْرَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ لِمَا رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَقَقْت عَنْ وَلَدِي وَذَبَحْت بِاللَّيْلِ مَا أُرِيدُ أَنْ أَدْعُوَ إلَيْهِ إخْوَانِي وَغَيْرِهِمْ، ثُمَّ ذَبَحْت شَاةً لِعَقِيقَةٍ فَأَهْدَيْت مِنْهَا لِجِيرَانِي فَأَكَلُوا وَأَكَلْنَا فَمَنْ وَجَدَ سَعَةً فَلْيَفْعَلْ مِثْلَ ذَلِكَ.

(وَ) كُرِهَ (لَطْخُهُ) أَيْ الْمَوْلُودِ (بِدَمِهَا) أَيْ الْعَقِيقَةِ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «مَعَ الْغُلَامِ عَقِيقَتُهُ

ص: 491

وَخِتَانُهُ يَوْمَهَا.

ــ

[منح الجليل]

فَأَهْرِيقُوا عَنْهُ دَمًا وَأَمِيطُوا عَنْهُ الْأَذَى» ، فَسَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا كَانَتْ الْجَاهِلِيَّةُ تَفْعَلُهُ مِنْ تَلْطِيخِ رَأْسِهِ بِدَمِهَا وَبَعْضُهُمْ بِالْحَلْقِ وَالتَّصَدُّقِ بِزِنَةِ الشَّعْرِ. وَفِي الرِّسَالَةِ وَإِنْ خَلَّقَ رَأْسَهُ بِخَلُوقٍ بَدَلًا مِنْ الدَّمِ الَّذِي كَانَتْ تَفْعَلُهُ الْجَاهِلِيَّةُ فَلَا بَأْسَ بِهِ.

(وَ) كُرِهَ (خِتَانُهُ) أَيْ الْمَوْلُودِ (يَوْمَهَا) أَيْ الْعَقِيقَةِ وَأَحْرَى يَوْمُ وِلَادَتِهِ مَالِكٌ " رضي الله عنه "؛ لِأَنَّهُ مِنْ فِعْلِ الْيَهُودِ لَا مِنْ عَمَلِ النَّاسِ، وَيُنْدَبُ زَمَنَ أَمْرِهِ بِالصَّلَاةِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُجَاوِزَ بِهِ عَشْرَ سِنِينَ إلَّا وَهُوَ مَخْتُونٌ وَالرَّاجِحُ أَنَّ خَتْنَ الذَّكَرِ سُنَّةٌ وَخَفْضَ الْأُنْثَى مُسْتَحَبٌّ، أَيْ قَطْعُ جُزْءٍ مِنْ الْجَلْدَةِ بِأَعْلَى الْفَرْجِ وَلَا تُسْتَأْصَلُ لِخَبَرِ أُمِّ عَطِيَّةَ «اخْفِضِي وَلَا تُنْهِكِي فَإِنَّهُ أَسْرَى لِلْوَجْهِ وَأَحْظَى عِنْدَ الزَّوْجِ» ، أَيْ لَا تُبَالِغِي وَأَسْرَى أَيْ أَشْرَقُ لِلَّوْنِ الْوَجْهِ وَأَحْظَى أَيْ أَلَذُّ عِنْدَ الْجِمَاعِ؛ لِأَنَّ الْجِلْدَةَ تَشْتَدُّ مَعَ الذَّكَرِ مَعَ كَمَالِهَا فَتُقَوِّي الشَّهْوَةَ لِذَلِكَ.

(تَتِمَّةٌ) :

تَسْمِيَةُ الْمَوْلُودِ حَقُّ أَبِيهِ وَيُنْدَبُ تَأْخِيرُهَا لِلسَّابِعِ إنْ أَرَادَ الْعَقَّ عَنْهُ وَالْأَسْمَاءُ فِي أَيٍّ وَقْتٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَخْتَارَ لَهُ اسْمًا قَبْلَهُ وَيُسَمِّيَهُ بِهِ فِيهِ قَبْلَ الْعَقِّ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ. الْبَاجِيَّ مِنْ أَفْضَلِ الْأَسْمَاءِ ذُو الْعُبُودِيَّةِ لِحَدِيثِ «أَحَبُّ أَسْمَائِكُمْ إلَيَّ عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَقَدْ سَمَّى صلى الله عليه وسلم بِحَسَنٍ وَحُسَيْنٍ» ، وَيُمْنَعُ بِمَا قَبُحَ كَحَرْبٍ وَحُزْنٍ وَمَا فِيهِ تَزْكِيَةٌ وَمَنَعَهَا مَالِكٌ " رضي الله عنه " بِالْمُهْدِي فَقِيلَ لَهُ فَالْهَادِي قَالَ هَذَا أَقْرَبُ؛ لِأَنَّ الْهَادِيَ هَادِي طَرِيقٍ.

الْبَاجِيَّ وَتَحْرُمُ بِمَلِكِ الْأَمْلَاكِ لِحَدِيثِ هُوَ أَخْنَعُ الْأَسْمَاءِ عِنْدَ اللَّهِ، بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ سَاكِنَةٍ فَنُونٍ مَفْتُوحَةٍ أَيْ أَذَلُّ الْأَسْمَاءِ إذَا سُمِّيَ بِهِ مَخْلُوقٌ؛ لِأَنَّ مَلِكَ الْأَمْلَاكِ إنَّمَا هُوَ اللَّهُ تَعَالَى. عِيَاضٌ «غَيَّرَ عليه الصلاة والسلام عَزِيزًا وَحَكِيمًا لِشَبَهِهِمَا بِأَسْمَاءِ صِفَاتِهِ تَعَالَى» ، وَسُمِّيَ بِعَلِيٍّ وَلَمْ يُنْكِرْ، وَفِي سَمَاعِ أَشْهَبَ تُكْرَهُ ببس. ابْنُ رُشْدٍ لِلْخِلَافِ فِي كَوْنِهِ اسْمًا لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لِلْقُرْآنِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَمُقْتَضَى هَذَا التَّحْرِيمُ.

ص: 492