الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بَابٌ)
ــ
[منح الجليل]
[بَابٌ فِي بَيَان أَسْبَاب الْحَجَر أَوْ الْوَسْوَاسِ أَوْ صَرْعٍ الْحَجَرُ عَلَيْهِ]
بَابٌ) فِي بَيَانِ أَسْبَابِ الْحَجْرِ وَأَحْكَامِهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَهُوَ لُغَةً الْمَنْعُ، وَشَرْعًا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ مَنْعَ مَوْصُوفِهَا مِنْ نُفُوذِ تَصَرُّفِهِ فِي الزَّائِدِ عَلَى قُوتِهِ أَوْ تَبَرُّعِهِ بِمَالِهِ، قَالَ وَبِهِ دَخَلَ حَجْرُ الْمَرِيضِ وَالزَّوْجَةِ اهـ. الْحَطّ إنَّ حَجْرَهُمَا لَمْ يَدْخُلْ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ " بِمَالِهِ " كُلَّ مَالِهِ لَمْ يَدْخُلْ الْحَجْرُ عَلَيْهِمَا فِي تَبَرُّعِهِمَا بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ، وَلَمْ يَبْلُغْ كُلَّ الْمَالِ، وَإِنْ أَرَادَ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ فَبَيِّنٌ فَسَادُهُ، وَإِنْ أَرَادَ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَلَا قَرِينَةَ تَدُلُّ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَشْمَلْ حَدُّهُ الْحَجْرَ عَلَى الرَّاهِنِ فِي تَصَرُّفِهِ فِي الرَّهْنِ وَمَنْ جَنَى رِقَّهُ مِنْ تَصَرُّفِهِ فِيهِ قَبْلَ تَحَمُّلِهِ أَرْشَ الْجِنَايَةِ فَإِنَّهُمَا مَمْنُوعَانِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِمَا مُطْلَقًا.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ التَّبَرُّعُ بِكُلِّ مَالِهِ كَمَا تُفِيدُهُ الْإِضَافَةُ وَيَدْخُلُ فِيهِ حَجْرُ الزَّوْجَةِ وَالْمَرِيضِ. لِمَنْعِهِمَا مِنْ التَّبَرُّعِ بِكُلِّ مَالِهِمَا، وَجَوَازِ تَبَرُّعِهِمَا بِالثُّلُثِ فَدُونَهُ شَيْءٌ آخَرُ يُعْلَمُ مِنْ خَارِجٍ. وَقَالَ طفي: تَعْرِيفُ ابْنِ عَرَفَةَ لَمْ يُطَابِقْ مَعْنَاهُ لُغَةً وَلَا شَرْعًا لِأَنَّهُ فِي اللُّغَةِ الْمَنْعُ، وَفِي الشَّرْعِ الْمَنْعُ مِنْ شَيْءٍ خَاصٍّ، كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَعِيَاضٌ وضيح، وَاعْتَرَفَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ، فَحَدَّهُ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّهُ الْمَنْعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ. وَفِي الذَّخِيرَةِ بِأَنَّهُ الْمَنْعُ مِنْ التَّصَرُّفِ، وَنَقَلَهُ فِي التَّنْبِيهَاتِ. وَفِي التَّوْضِيحِ مَنْعُ الْمَالِكِ التَّصَرُّفَ فِي مَالِهِ لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ، هَذَا مَعْنَاهُ فِي الِاصْطِلَاحِ يُطْلِقُونَهُ عَلَى أَصْلِهِ أَصْلًا، وَلِذَا يَقُولُونَ يَحْجُرُ الْوَلِيُّ وَالْحَاكِمُ وَيَنْفَكُّ الْحَجْرُ بِكَذَا، وَيُحْجَرُ بِكَذَا وَابْنُ عَرَفَةَ نَفْسُهُ مُعْتَرِفٌ بِذَلِكَ، وَلِذَا قَالَ
الْمَجْنُونُ مَحْجُورٌ لِلْإِفَاقَةِ.
ــ
[منح الجليل]
اكْتِفَاءُ الْمَازِرِيِّ جَوَابًا عَنْ قَوْلِهِ مَا مَعْنَى الْحَجْرِ بِقَوْلِهِ مَعْنَاهُ لُغَةً الْمَنْعُ، وَالْحَجْزُ يَقْتَضِي أَنَّ مَعْنَاهُ عُرْفًا كَمَعْنَاهُ لُغَةً وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ الْعُرْفِيُّ أَخَصُّ. اهـ. فَاعْتَرَفَ بِأَنَّهُ مَنْعٌ خَاصٌّ إذْ هُوَ الْمُقَابِلُ لِلْمَنْعِ الْعَامِّ، فَهُوَ مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَمَنْ مَعَهُ، وَقَدْ نَاقَشَهُ بِهَذَا الرَّصَّاعُ شَارِحُ حُدُودِهِ فَحَدَّهُ بِتَنَاوُلِ أَسْبَابِ الْحَجْرِ لَا الْحَجْرِ نَفْسِهِ.
وَحَيْثُ بَيَّنَّا الْمُرَادَ فَنُبَيِّنُ حَدَّهُ فَنَقُولُ: أَوْ تَبَرُّعِهِ بِمَالِهِ عُطِفَ عَلَى تَصَرُّفِهِ وَمَالِهِ بِكَسْرِ اللَّامِ، فَإِنْ كَانَتْ الْخَاصَّةُ التَّبَرُّعَ بِكُلِّ الْمَالِ كَمَا قَالَ الرَّصَّاعُ يَرِدُ التَّبَرُّعُ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ الزَّائِدَ عَلَى الثُّلُثِ فَلَا قَرِينَةَ تَدُلُّ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ فَبَيَّنَ فَسَادَهُ قَالَهُ " ح ".
ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ: أَسْبَابُ الْحَجْرِ سَبْعَةٌ؛ الصِّبَا وَالْجُنُونُ وَالتَّبْذِيرُ وَالرِّقُّ وَالْفَلَسُ وَالْمَرَضُ وَالنِّكَاحُ فِي الزَّوْجَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ: الْحَصْرُ اسْتِقْرَائِيٌّ وَهُوَ فِي الْأُمُورِ الْمَذْهَبِيَّةِ لِلْعَالِمِ بِالْمَذْهَبِ قَطْعِيٌّ؛ لِأَنَّهُ كَمَوْجُودٍ عِنْدَهُ، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّهُ تَرَكَ سَبَبًا وَهِيَ الرِّدَّةُ، وَيُرَدُّ بِأَنَّهُمْ إنَّمَا ذَكَرُوا الْحَجْرَ عَلَى الْمَالِكِ فِيمَا يَمْلِكُهُ لَا فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ، وَحَجْرُ الْمُرْتَدِّ مِنْ حَجْرِ الْمَالِكِ فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ لِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ مَا وَرِثَ عَنْهُ، وَلَعَلَّهُ تَبِعَ الْقَرَافِيَّ فِي الذَّخِيرَةِ فَإِنَّهُ قَالَ: أَسْبَابُهُ ثَمَانِيَةٌ وَعَدَّ مِنْهَا الرِّدَّةَ. اهـ. وَرُدَّ بِأَنَّهُ يُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ وَتُقْضَى دُيُونُهُ مِنْهُ، وَإِذَا تَابَ انْفَكَّ الْحَجْرُ عَنْهُ فَيَتَصَرَّفُ فِيهِ كَمَا كَانَ يَتَصَرَّفُ فِيهِ قَبْلَ رِدَّتِهِ، وَهَذِهِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ فِيمَا يَمْلِكُهُ لَا فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ.
وَأَمَّا عَدَمُ إرْثِهِ فَلِمَانِعِ حُدُوثِ كُفْرِهِ، وَأَيْضًا لَيْسَ لِلْمُكَلَّفِ التَّصَرُّفُ فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ أَصَالَةً، فَلَا مَعْنَى لِلْحَجْرِ عَلَيْهِ فِيهِ، وَتَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ، وَزَادَ: الْحَجْرُ عَلَى الرَّاهِنِ لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ. الْحَطّ: وَيُزَادُ الْحَجْرُ عَلَى مَالِكِ الرَّقِيقِ الْجَانِي قَبْلَ تَحَمُّلِ أَرْشِ جِنَايَتِهِ. قُلْت: وَيُزَادُ الْحَجْرُ عَلَى الْوَاقِفِ وَعَلَى سَيِّدِ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَّبِّرِ وَالْمُكَاتِبِ وَالْمُعْتِقِ لِأَجَلٍ وَالْمُخْدِمِ. الشَّخْصُ (الْمَجْنُونُ) بِغَلَبَةِ السَّوْدَاءِ أَوْ الْوَسْوَاسِ أَوْ صَرَعٌ (مَحْجُورٌ) لِأَبِيهِ إنْ كَانَ جُنَّ قَبْلَ بُلُوغِهِ، وَإِلَّا فَلِلْحَاكِمِ إنْ كَانَ، وَإِلَّا فَلِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَغَايَةُ حَجْرِهِ (لِلْإِفَاقَةِ)
وَالصَّبِيُّ لِبُلُوغِهِ
ــ
[منح الجليل]
مِنْ جُنُونِهِ فَيَزُولُ حَجْرُ الْجُنُونِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى فَكٍّ. ثُمَّ إنْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ مُبَذِّرًا حُجِرَ عَلَيْهِ لِأَحَدِهِمَا وَإِلَّا فَلَا. فِي الذَّخِيرَةِ اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ فِي الْحَجْرِ عَلَى مَنْ يُخْدَعُ فِي الْبَيْعِ فَقِيلَ: لَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ «لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِحِبَّانَ بْنِ مُنْقِذٍ وَكَانَ يُخْدَعُ فِيهِ لِضَرْبَةٍ أَصَابَتْهُ فِي رَأْسِهِ: إذَا بِعْتَ فَقُلْ لَا خِلَابَةَ» ، خَرَّجَهُ الشَّيْخَانِ. وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ يُحْجَرُ عَلَيْهِ صَوْنًا لِمَالِهِ كَالصَّبِيِّ. اللَّخْمِيُّ وَأَرَى أَنَّهُ إنْ كَانَ يُخْدَعُ بِالْيَسِيرِ أَوْ الْكَثِيرِ، وَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ بَعْدُ وَيَتَبَيَّنُ لَهُ الْغَبْنُ فَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ وَيُؤْمَرُ بِالِاشْتِرَاطِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ، وَيُشْهِدُ حِينَ بَيْعِهِ فَيُسْتَغْنَى بِهِ عَنْ الْحَجْرِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَتَبَيَّنُ لَهُ ذَلِكَ وَيَكْثُرُ تَكَرُّرُهُ فَيُحْجَرُ عَلَيْهِ وَلَا يُنْزَعُ الْمَالُ مِنْ يَدِهِ إلَّا أَنْ لَا يَنْزَجِرَ عَنْ التَّجْرِ اهـ.
وَنَصَّ اللَّخْمِيُّ: وَإِنْ كَانَ لَا يَتَبَيَّنُ لَهُ ذَلِكَ وَيَكْثُرُ نُزُولُ ذَلِكَ بِهِ أُمِرَ بِالْإِمْسَاكِ عَنْ التَّجْرِ وَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ وَلَا يُنْزَعُ الْمَالُ مِنْهُ لِأَنَّ السُّلْطَانَ لَا يَفْعَلُ بَعْدَ الْحَجْرِ أَكْثَرَ مِنْ إمْسَاكِهِ وَالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ مِنْهُ، وَهُوَ أَوْلَى بِإِمْسَاكِهِ مَالَهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَنْزَجِرُ عَنْ التَّجْرِ اُنْتُزِعَ مِنْهُ. اهـ. وَذَكَرَ الْقُرْطُبِيُّ الْقَوْلَيْنِ وَقَوَّى الْقَوْلَ بِالْحَجْرِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ لِدُخُولِهِ فِي ضَابِطِ مَنْ يُحْجَرُ عَلَيْهِ وَهُوَ مَنْ لَا يَحْفَظُ الْمَالَ. فِي الذَّخِيرَةِ وَيَنْفَكُّ الْحَجْرُ عَنْهُ وَيُدْفَعُ لَهُ الْمَالُ إذَا عُلِمَ مِنْهُ دُرْبَةُ الْبَيْعِ وَمَعْرِفَةُ وُجُوهِ الْخَدِيعَةِ.
وَأَمَّا الْمُغْمَى عَلَيْهِ فَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ اسْتَحْسَنَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَدَمَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ لِسُرْعَةِ زَوَالِ مَا بِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ مِنْ الْحَطّ
(وَالصَّبِيُّ) الذَّكَرُ يُحْجَرُ عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِنَفْسِهِ، وَيَنْتَهِي الْحَجْرُ عَلَيْهِ (لِبُلُوغِهِ) الْمَازِرِيُّ الْبُلُوغُ قُوَّةٌ تَحْدُثُ لِلشَّخْصِ تَنْقُلُهُ مِنْ حَالِ الطُّفُولِيَّةِ إلَى حَالِ الرُّجُولِيَّةِ. عج الْأَحْسَنُ إلَى غَيْرِهَا لِيَشْمَلَ بُلُوغَ الْأُنْثَى، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْأُنْثَى لَا تَتَّصِفُ بِالرُّجُولِيَّةِ، وَلَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ مَا اشْتَهَرَ عِنْدَ الْعَوَامّ، وَلِذَا قَالَ: الْأَحْسَنُ وَإِلَّا فَفِي الصِّحَاحِ الرَّجُلُ خِلَافُ الْمَرْأَةِ، وَيُقَالُ لَهَا رَجُلَةٌ، وَيُقَالُ كَانَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - رَجُلَةَ الرَّأْيِ. وَقَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ وَفِيهِ أَيْ الْخَبَرِ «أَنَّهُ لَعَنَ الْمُتَرَجِّلَاتِ مِنْ النِّسَاءِ» ، أَيْ اللَّاتِي يَتَشَبَّهْنَ بِالرِّجَالِ فِي زِيِّهِنَّ وَهَيْئَتِهِنَّ، فَأَمَّا فِي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
الْعِلْمِ وَالرَّأْيِ فَمَحْمُودٌ يُقَالُ امْرَأَةٌ رَجُلَةٌ لِمَنْ تَشَبَّهَتْ بِالرِّجَالِ فِي الرَّأْيِ وَالْمَعْرِفَةِ، فَإِذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ انْفَكَّ عَنْهُ بِمُجَرَّدِ بُلُوغِهِ الْحَجْرُ عَلَيْهِ لِنَفْسِهِ فَيَذْهَبُ حَيْثُ يَشَاءُ إلَّا أَنْ يُخَافَ عَلَيْهِ هَلَاكٌ أَوْ فَسَادٌ فَيَمْنَعَهُ أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ، أَوْ الْمُسْلِمُونَ أَجْمَعُونَ.
وَأَمَّا الصَّبِيَّةُ فَيَسْتَمِرُّ الْحَجْرُ عَلَيْهَا بِالنِّسْبَةِ لِنَفْسِهَا إلَى بِنَاءِ زَوْجِهَا بِهَا خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ لِبُلُوغِهَا إلَّا لِخَوْفٍ، وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ الصَّبِيَّ يَشْمَلُ الصَّبِيَّةَ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْفِقْهِ أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ: قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْأُنْثَى لَا تَتَّصِفُ بِالرُّجُولِيَّةِ إلَخْ الصَّوَابُ إسْقَاطُهُ إلَى آخِرِهِ، هَذِهِ الْمُسَوَّدَةُ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الصِّحَاحِ وَابْنِ الْأَثِيرِ إنَّمَا يُفِيدُ وَصْفَهَا بِالرُّجُولِيَّةِ إذَا اتَّصَفَتْ بِوَصْفٍ مِنْ أَوْصَافِ الرِّجَالِ لَا أَنَّ مُجَرَّدَ بُلُوغِهَا يُسَمَّى رُجُولِيَّةً كَمَا يُوهِمُهُ رَدُّهُ عَلَى عج. قُلْت رَدُّهُ ظَاهِرٌ بِاعْتِبَارِ كَلَامِ ابْنِ الْأَثِيرِ لَا بِاعْتِبَارِ كَلَامِ الصِّحَاحِ.
الْبُنَانِيُّ: قَوْلُهُ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ إلَخْ، اُنْظُرْ هَذَا النَّقْلَ، وَعِبَارَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَيَنْقَطِعُ الصَّبِيُّ بِالْبُلُوغِ وَبِالرُّشْدِ بَعْدَ الِاخْتِيَارِ، وَفِي الْأُنْثَى أَنْ تَتَزَوَّجَ وَيُدْخَلَ بِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ اهـ. ضَيْح أَيْ وَيَنْقَطِعُ حَجْرُ الصَّبِيِّ فَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ. ابْنُ عَرَفَةَ وَالِابْتِلَاءُ لِلرُّشْدِ مَطْلُوبٌ. اللَّخْمِيُّ فِي كَوْنِ ابْتِلَاءِ مَنْ فِي وِلَايَتِهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ أَوْ قَبْلَهُ قَوْلَا مُحَمَّدٍ وَالْأَبْهَرِيِّ مَعَ الْبَغْدَادِيِّينَ وَهُوَ أَبْيَنُ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} [النساء: 6] الْآيَةَ الْمَازِرِيُّ وَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ بَعْدَهُ. اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ يُخْتَبَرُ بِدَفْعِ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ لَهُ لِيُخْتَبَرَ بِهِ، فَظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْعُهُ لِقَوْلِهِ إنْ فَعَلَ لَمْ يَلْحَقْهُ فِيهِ دَيْنٌ وَلَا فِيمَا بِيَدِ وَصِيِّهِ وَأَجَازَهُ غَيْرُهُ. وَقَالَ يَلْحَقُهُ الدَّيْنُ فِيمَا بِيَدِهِ. الْمَازِرِيُّ فِي إشَارَاتِ الْأَشْيَاخِ اضْطِرَابٌ فِي اخْتِبَارِهِ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ وَقَالَ هَذَا التَّخْرِيجُ غَيْرُ لَازِمٍ قَدْ يَكُونُ الدَّفْعُ مُبَاحًا، وَلَكِنَّ الْغُرَمَاءَ لَمْ يُعَامِلُوهُ عَلَى مَا بِيَدِهِ فَلِذَا لَمْ يُقْضَ لَهُمْ بِهِ.
قُلْت كَذَا وَجَدْتُهُ فِي غَيْرِ نُسْخَةٍ، وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ " قَدْ يَكُونُ الدَّفْعُ مُبَاحًا إلَخْ " أَنَّهُ تَعَقُّبٌ عَلَى تَخْرِيجِ مَنْعِ الدَّفْعِ مِنْ عَدَمِ تَعَلُّقِ الدَّيْنِ، وَمَا زَعَمَهُ دَلِيلًا عَلَى ذَلِكَ غَيْرُ صَحِيحٍ فِي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
نَفْسِهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ " الْغُرَمَاءَ لَمْ يُعَامِلُوهُ عَلَى مَا فِي يَدِهِ "؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ نَقِيضُهُ لِأَنَّهُمْ عَامَلُوهُ عَلَى مَا بِيَدِهِ. وَفِي الْمَعُونَةِ لِوَلِيِّ السَّفِيهِ أَوْ الصَّغِيرِ دَفْعُ مَالٍ لَهُ يَخْتَبِرُهُ بِهِ اللَّخْمِيُّ يُرِيدُ بِالصَّغِيرِ الَّذِي قَارَبَ الْبُلُوغَ إنْ رَأَى دَلِيلَ رُشْدِهِ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُتَيْطِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُوَثَّقِينَ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ، قَالَ: لِلْوَصِيِّ أَنْ يَدْفَعَ لِيَتِيمِهِ بَعْضَ مَالِهِ يَخْتَبِرُهُ بِهِ كَسِتِّينَ دِينَارًا، أَوْ لَا يُكْثِرُ جِدًّا إنْ رَأَى اسْتِقَامَتَهُ، فَإِنْ تَلِفَ فَلَا يَضْمَنُهُ، وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ لِاخْتِبَارِهِ ضَمِنَهُ وَيَسْقُطُ ضَمَانُهُ بِذِكْرِهِ فِي عَقْدِ الْإِشْهَادِ مَعْرِفَةَ شَهِيدَيْهِ أَنَّهُ مِمَّنْ يَصْلُحُ اخْتِبَارُهُ، وَفِيهَا إنْ دَفَعَ لَهُ مِنْ مَالِهِ مَا يَخْتَبِرُهُ بِهِ فَلَا يَلْحَقُهُ فِيهِ دَيْنٌ.
الصِّقِلِّيُّ عَنْ الْقَابِسِيِّ: يَلْحَقُهُ فِيهِ مَا عُومِلَ فِيهِ بِنَقْدٍ لَا مَا عُومِلَ فِيهِ بِدَيْنٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِيَدِهِ أَكْثَرُ مِمَّا دَفَعَهُ لَهُ وَلِيُّهُ فَيَكُونَ حَقَّ الَّذِي دَايَنَهُ. فِي الزَّائِدِ إنْ كَانَ مِنْ مُعَامَلَتِهِ إيَّاهُ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ لِلشَّيْخِ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَدْفَعَ لِلصَّبِيِّ مَالًا يَخْتَبِرُهُ بِهِ وَلَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ مَا نَقَصَ مِنْهُ. ابْنُ حَبِيبٍ وَيُصَدَّقُ الْوَصِيُّ فِيمَا دَفَعَهُ إلَيْهِ إنْ أَنْكَرَهُ إذَا عُلِمَ أَنَّ الْيَتِيمَ كَانَ يَتَّجِرُ. قُلْت يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّهُ مُصَدَّقٌ فِي أَنَّهُ إنَّمَا دَفَعَهُ لَهُ إلَّا أَنَّهُ أَهْلٌ لِاخْتِبَارِهِ بِذَلِكَ مَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِخِلَافِهِ. زَادَ ابْنُ عَاتٍ: وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ كَدَفْعِ قَوْلِهِ إلَّا بِبَيِّنَةِ الْمَالِ كُلِّهِ إلَيْهِ وَالنَّفَقَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ.
الْمُتَيْطِيُّ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ إنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الصَّبِيِّ إنْ جُعِلَ مَعَهُ مَنْ يَرْقُبُهُ وَإِلَّا ضَمِنَ الْوَصِيُّ، وَعُزِيَ لُحُوقُ الدَّيْنِ فِيمَا اُخْتُبِرَ بِهِ الْيَتِيمُ لِأَشْهَبَ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ. قُلْت فَفِي لُحُوقِ الدَّيْنِ فِيهِ. ثَالِثُهَا إنْ عُومِلَ بِنَقْدٍ لَهُمَا وَمَالِكٍ مَعَ ابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. وَالْقَابِسِيِّ الْمَازِرِيُّ: صِفَةُ اخْتِبَارِهِ أَنَّهُ إذَا اسْتَقَلَّ بِنَفْسِهِ فِي تَغْذِيَتِهِ وَتَدْبِيرِ طَعَامِهِ دُفِعَ لَهُ مِنْ الْعَيْنِ لِشِرَاءِ غِذَائِهِ وَنُظِرَ، فَإِنْ سَلَكَ فِيهِ مَسْلَكَ الرُّشَدَاءِ دُفِعَ لَهُ مِنْ مَالِهِ مَا يُنْظَرُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: إنْ كَانَ مِنْ أَبْنَاءِ الْمُلُوكِ وَالْوُزَرَاءِ الَّذِينَ لَا يَلِيقُ بِهِمْ التَّجْرُ دُفِعَ لَهُ مِنْ إنْفَاقِهِ عَلَى أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ مَا يُخْتَبَرُ بِهِ، وَالْمَرْأَةُ تُخْتَبَرُ بِتَصَرُّفِهَا فِي أُمُورِ الْغَزْلِ، وَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ تَضَمَّنَهُ قَوْلُنَا الْغَرَضُ حُصُولُ مَا تَدُلُّ عَلَيْهِ قَرَائِنُ الْأَحْوَالِ فَذُو الْأَبِ إنْ بَلَغَ
بِثَمَانِ عَشْرَةَ، أَوْ الْحُلُمِ، أَوْ الْحَيْضِ، أَوْ الْحَمْلِ، أَوْ الْإِنْبَاتِ.
ــ
[منح الجليل]
مَعْلُومَ الرُّشْدِ زَالَ حَجْرُهُ، وَلَوْ لَمْ يَشْهَدْ أَبُوهُ بِإِطْلَاقِهِ وَإِنْ بَلَغَ مَعْلُومَ السَّفَهِ دَامَ حَجْرُهُ بِهِ، وَإِنْ بَلَغَ مَجْهُولَ الْحَالِ فَفِي كَوْنِهِ كَذَلِكَ أَوْ عَلَى الرُّشْدِ قَوْلَانِ، وَقَدْ أَطَالَ ابْنُ عَرَفَةَ هُنَا فَانْظُرْهُ إنْ شِئْت.
وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ خَمْسًا مِنْ عَلَامَاتِ الْبُلُوغِ مِنْهَا مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَمِنْهَا مُخْتَصٌّ بِالْأُنْثَى عَاطِفًا لَهَا بِأَوْ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْعَلَامَةَ مَجْمُوعُهَا فَقَالَ (بِثَمَانِ عَشْرَةَ سَنَةً) أَيْ بِتَمَامِهَا وَلِلَّخْمِيِّ بِالدُّخُولِ فِي الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ. الْحَطّ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ أَقْوَالٍ خَمْسَةٍ. الْبُرْزُلِيُّ اُخْتُلِفَ فِي السِّنِّ أَيْ الَّذِي هُوَ عَلَامَةُ الْبُلُوغِ فَفِي رِوَايَةٍ ثَمَانِ عَشْرَةَ، وَقِيلَ سَبْعَ عَشْرَةَ، وَزَادَ بَعْضُ شُرَّاحِ الرِّسَالَةِ سِتَّ عَشْرَةَ وَتِسْعَ عَشْرَةَ، وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ خَمْسَ عَشْرَةَ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -.
ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ هَذَا فِيمَنْ عُرِفَ مَوْلِدُهُ وَأَمَّا مَنْ جُهِلَ مَوْلِدُهُ وَلَمْ يُعْلَمْ سِنُّهُ أَوْ جَحَدَهُ فَالْعَمَلُ فِيهِ عَلَى مَا رَوَاهُ رَافِعٌ عَنْ أَسْلَمَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ كَتَبَ إلَى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ أَنْ لَا يَضْرِبُوا الْجِزْيَةَ إلَّا عَلَى مَنْ جَرَتْ عَلَيْهِ الْمُوسَى. اهـ. وَلَعَلَّهُ كَنَّى بِجَرَيَانِ الْمُوسَى عَنْ نَبْتِ الْعَانَةِ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ وَهُوَ بَيِّنٌ، وَفِي كَلَامِ زَرُّوقٍ أَنَّهُ يُصَدَّقُ فِي السِّنِّ إنْ ادَّعَى مَا يُشْبِهُ إذَا جُهِلَ تَارِيخُ وِلَادَتِهِ. الْبُرْزُلِيُّ سُئِلَ اللَّخْمِيُّ عَنْ مَعْنَى قَوْلِهِمْ عَلَامَةُ الْبُلُوغِ سَبْعَ عَشْرَةَ أَوْ ثَمَانِ عَشْرَةَ، فَأَجَابَ النِّسْبَةُ إلَى السَّنَةِ بِالدُّخُولِ بِهَا، فَمَنْ أَكْمَلَ سَنَةً وَخَرَجَ وَلَوْ بِيَوْمٍ فَلَا يُنْسَبُ إلَيْهَا، وَقَدْ وَقَعَ فِي الْأَحَادِيثِ مَا يَقْتَضِي النِّسْبَةَ إلَى السَّنَةِ الْكَامِلَةِ كَحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - حَيْثُ قَالَ «أَجَازَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا ابْنُ عَشَرَةٍ أَوْ خَمْسَ عَشْرَةَ» .
(أَوْ الْحُلُمِ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَاللَّامِ أَيْ الْإِنْزَالِ فِي النَّوْمِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى أَوْ فِي الْيَقَظَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَذْيَ مِثْلُهُ إذْ لَا يَحْصُلُ إلَّا مِنْ بَالِغٍ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيَّةُ (أَوْ الْحَيْضِ أَوْ الْحَمْلِ) وَلَا يُعْتَبَرُ كِبَرُ النَّهْدِ، أَيْ الثَّدْيِ (أَوْ الْإِنْبَاتِ) عَلَى فَرْجِ الْأُنْثَى وَعَلَى أَعْلَى الذَّكَرِ، أَيْ الْخَشِنِ لَا الزَّغَبِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي زَمَنٍ لَا يَنْبُتُ فِي مِثْلِهِ عَادَةً لَا عَلَى الْإِبِطِ أَوْ اللِّحْيَةِ
وَهَلْ إلَّا فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى؟ تَرَدُّدٌ وَصُدِّقَ
ــ
[منح الجليل]
لِتَأَخُّرِهِ عَنْ الْبُلُوغِ. ابْنُ الْعَرَبِيِّ الْمَشْهُورُ كَوْنُ الْإِنْبَاتِ عَلَامَةً. اهـ. وَالْمُرَادُ بِهِ النَّبَاتُ إذْ هُوَ الظَّاهِرُ لَنَا لَا الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيُّ، إذْ لَا اطِّلَاعَ لَهُ عَلَيْهِ.
(وَهَلْ) هُوَ عَلَامَةٌ مُطْلَقًا فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَحَقِّ الْآدَمِيِّ أَوْ هُوَ عَلَامَةٌ (إلَّا فِي حَقِّهِ) أَيْ اللَّهِ (تَعَالَى) وَهُوَ مَا لَا يَنْظُرُ فِيهِ الْحُكَّامُ مِنْ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَنَحْوِهِمَا، وَكَذَا مَا يُنْظَرُ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَلَيْسَ بِعَلَامَةٍ فِيهِ، فَلَا يَأْثَمُ بِفِعْلِ مَا نُهِيَ عَنْهُ وَلَا بِتَرْكِ مَا وَجَبَ، فِي الْجَوَابِ (تَرَدُّدٌ) الْحَطّ صَرَّحَ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ عَلَامَةٌ مُطْلَقًا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ هُنَا كَذَلِكَ لِتَصْدِيرِهِ بِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ، وَلَعَلَّ التَّرَدُّدَ فِي مُطْلَقِ الْإِنْبَاتِ. وَأَمَّا الْإِنْبَاتُ الَّذِي تَقَدَّمَ وَصْفُهُ فَلَا يُوجَدُ إلَّا فِي بَالِغٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَزَادَ الْقَرَافِيُّ فِي الْعَلَامَاتِ: نَتْنَ الْإِبِطِ، وَغَيْرُهُ: فَرْقَ الْأَرْنَبَةِ مِنْ الْأَنْفِ.
وَبَعْضُ الْمَغَارِبَةِ يَأْخُذُ خَيْطًا وَيُثَبِّتُهُ وَيُدِيرُهُ بِرَقَبَتِهِ وَيَجْمَعُ طَرَفَيْهِ فِي أَسْنَانِهِ، فَإِنْ دَخَلَ رَأْسُهُ مَعَهُ فَقَدْ بَلَغَ وَإِلَّا فَلَا، وَهَذَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْصُوصًا فَقَدْ رَأَيْت فِي كُتُبِ التَّشْرِيحِ مَا يُؤَيِّدُهُ مِنْ أَنَّهُ إذَا بَلَغَ الْإِنْسَانُ تَغْلُظُ حَنْجَرَتُهُ وَيَضْمَحِلُّ صَوْتُهُ فَتَغْلُظُ رَقَبَتُهُ وَجَرَّبَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْعَوَامّ فَصَدَّقَهُ اهـ. الْبُنَانِيُّ مَا قَرَّرَ بِهِ " ز " هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَخِلَافُ مَا فِي " ق " عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ طَرِيقَةٌ، وَأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ لَهَا، وَلِطَرِيقَةِ الْمَازِرِيِّ وَذَكَرَهُمَا فِي ضَيْح وَنَصُّهُ: وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْإِنْبَاتَ عَلَامَةٌ قَالَهُ الْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ. وَدَلِيلُهُ حَدِيثُ بَنِي قُرَيْظَةَ حَيْثُ قَالَ صلى الله عليه وسلم «اُنْظُرُوا إلَى مُؤْتَزَرِهِ فَمَنْ جَرَتْ عَلَيْهِ الْمُوسَى فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ» .
وَلِمَالِكٍ رضي الله عنه فِي كِتَابِ الْقَذْفِ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَامَةً عَلَى الْبُلُوغِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الْقَطْعِ، وَحَمَلَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ هَذَا الْخِلَافَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآدَمِيِّينَ. قَالَ: وَأَمَّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ وُجُوبِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَلَامَةٍ اهـ.
(وَصُدِّقَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الصَّبِيُّ فِي إخْبَارِهِ بِأَنَّهُ بَلَغَ أَوْ لَمْ يَبْلُغْ. الْحَطّ زَرُّوقٌ فَأَمَّا الِاحْتِلَامُ وَالْحَيْضُ وَالْحَمْلُ فَلَا خِلَافَ فِي كَوْنِهَا عَلَامَاتٍ، وَيُصَدَّقُ فِي الْإِخْبَارِ عَنْهَا نَفْيًا
إنْ لَمْ يُرَبْ
وَلِلْوَلِيِّ رَدُّ تَصَرُّفِ مُمَيِّزٍ؛
ــ
[منح الجليل]
وَإِثْبَاتًا طَالِبًا كَانَ أَوْ مَطْلُوبًا، وَكَذَا عَنْ الْإِنْبَاتِ وَلَا تُكْشَفُ عَوْرَتُهُ، وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ يُنْظَرُ فِي الْمِرْآةِ وَأَنْكَرَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ الْفَقِيهُ الْمُحَدِّثُ قَائِلًا لَا يُنْظَرُ لِلْعَوْرَةِ وَلَا إلَى صُورَتِهَا، وَيُصَدَّقُ إنْ ادَّعَى مَا يُشْبِهُ حَيْثُ جُهِلَ التَّارِيخُ (إنْ لَمْ يُرَبْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ يُشَكَّ فِي صِدْقِهِ، فَإِنْ اُرْتِيبَ فِي صِدْقِهِ فَلَا يُصَدَّقُ سَوَاءٌ كَانَ طَالِبًا كَمُدَّعِيهِ لِيُقْسَمَ لَهُ فِي الْغَنِيمَةِ أَوْ مَطْلُوبًا كَجَانٍ ادَّعَى عَلَيْهِ بُلُوغَهُ لِيُحَدَّ قَالَهُ تت.
عج الْمُعْتَمَدُ تَصْدِيقُهُ إذَا كَانَ مَطْلُوبًا لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ» ، وَفِي كَلَامِ " ق " مَا يُفِيدُهُ، وَتَبِعَهُ الْخَرَشِيُّ وعب قَالَ فَإِنْ اُرْتِيبَ فِيهِ فَلَا يُصَدَّقُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ وَيُصَدَّقُ فِي الْجِنَايَةِ لِدَرْءِ الْحَدِّ بِالشُّبْهَةِ، وَفِي الطَّلَاقِ فَلَا يَلْزَمُهُ اسْتِصْحَابًا لِأَصْلِ صِبَاهُ، فَفِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ، وَاسْتُثْنِيَ دَعْوَى الْحَمْلِ فَيُنْتَظَرُ ظُهُورُهُ إنْ كَانَ خَفِيًّا، وَيَدُلُّ قَوْلُهُ وَلَا نَفَقَةَ بِدَعْوَاهَا الْحَمْلَ بَلْ بِظُهُورِهِ وَحَرَكَتِهِ قَالَهُ " د "، فِي الْحَطّ أَنَّهَا تُصَدَّقُ اهـ. الْحَطّ وَمِنْهُ أَيْ الْبُرْزُلِيُّ سُئِلَ السُّيُورِيُّ عَنْ الْبِكْرِ الْيَتِيمَةِ تُرِيدُ النِّكَاحَ وَتَدَّعِي الْبُلُوغَ هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهَا أَوْ تُكْشَفُ فَأَجَابَ يُقْبَلُ قَوْلُهَا اهـ.
(وَ) إنْ تَصَرَّفَ صَبِيٌّ مُمَيِّزٌ أَوْ سَفِيهٌ فِي الْمَالِ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ فَ (لِلْوَلِيِّ) عَلَيْهِ مِنْ أَبٍ أَوْ وَصِيِّهِ أَوْ مُقَدَّمِ الْقَاضِي أَوْ الْقَاضِي (رَدُّ تَصَرُّفِ مُمَيِّزٍ) بِمُعَاوَضَةٍ كَبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ فِي عَقَارٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَهُ إمْضَاؤُهُ، ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ سَدَادًا وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ أَصْبَغَ لِوُقُوعِهِ عَلَى وَجْهِ الْحَدْسِ وَالتَّخْمِينِ، وَأَشْعَرَ تَخْيِيرُهُ بِأَنَّهُ رَدُّ إبْطَالٍ وَهُوَ كَذَلِكَ. وَمَفْهُومُ " مُمَيِّزٍ " أَنَّ مَنْ لَا تَمْيِيزَ لَهُ أَحْرَى، وَقُيِّدَ الرَّدُّ بِمَا فِي الْمُتَيْطِيَّةِ مَنْ تَصَدَّقَ عَلَى يَتِيمٍ مُوَلًّى عَلَيْهِ، وَاشْتَرَطَ عَدَمَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ فِيهِ لِوَصِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ فَلَهُ شَرْطُهُ. ابْنُ فَرْحُونٍ وَبِهِ الْفَتْوَى وَفِيهِ خِلَافٌ أَفَادَهُ تت. الْبُنَانِيُّ ذَكَرَ " ح " هَذَا الْفَرْعَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي، وَلِغَيْرِهِ مَنْ أُذِنَ لَهُ الْقَبُولُ إلَخْ، وَجَعْلُ الْعَمَلِ بِالشَّرْطِ هُوَ الْمَشْهُورُ. ثُمَّ قَالَ: وَاعْتُرِضَ هَذَا وَضُعِّفَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} [النساء: 5] وَقَالَ فِي الْتِزَامَاتِهِ عَقِبَ هَذَا الْفَرْعِ قُلْت فِي هَذَا نَظَرٌ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ إضَاعَةَ الْمَالِ لَا تَجُوزُ، وَإِطْلَاقَ يَدِ السَّفِيهِ عَلَى الْمَالِ إضَاعَةٌ لَهُ فَالصَّوَابُ بُطْلَانُ الشَّرْطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَهُ إنْ رَشَدَ، وَلَوْ حَنِثَ بَعْدَ بُلُوغِهِ، أَوْ وَقَعَ الْمَوْقِعَ
ــ
[منح الجليل]
الْحَطّ أَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِالْمُمَيِّزِ الْمَحْجُورَ، صَغِيرًا كَانَ أَوْ بَالِغًا سَفِيهًا وَلَوْ صَرَّحَ بِهَذَا فَقَالَ: رَدُّ تَصَرُّفِ مُمَيِّزٍ مَحْجُورٍ لَكَانَ أَبَيْنَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ اللَّامَ لِلْإِبَاحَةِ وَأَنَّ لَهُ الرَّدَّ وَالْإِمْضَاءَ، وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ بِحَسَبِ مَا يَرَى فِيهِ الْمَصْلَحَةَ لَا بِحَسَبِ شَهْوَتِهِ وَاخْتِيَارِهِ، فَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يَتَصَرَّفُ الْوَلِيُّ إلَّا بِمَا تَقْتَضِيهِ الْمَصْلَحَةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الإسراء: 34] فَهُوَ مَعْزُولٌ بِظَاهِرِ النَّصِّ عَنْ غَيْرِ الْأَحْسَنِ اهـ.
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ لَهُ الْإِجَازَةَ وَالرَّدَّ فِي جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إنَّمَا هُمَا فِي التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ بِعِوَضٍ. وَأَمَّا التَّبَرُّعَاتُ فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ رَدُّهَا، فَفِي الْمُقَدِّمَاتِ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنَّ الصَّغِيرَ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ الْحُلُمَ مِنْ الرِّجَالِ، وَالْمَحِيضَ مِنْ النِّسَاءِ لَا يَجُوزُ لَهُ فِي مَالِهِ مَعْرُوفٌ مِنْ هِبَةٍ وَلَا صَدَقَةٍ وَلَا عَطِيَّةٍ وَلَا عِتْقٍ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ فَإِنْ بَاعَ أَوْ اشْتَرَى أَوْ فَعَلَ مَا يُشْبِهُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ مِمَّا يَخْرُجُ عَلَى عِوَضٍ وَلَا يَقْصِدُ فِيهِ إلَى مَعْرُوفٍ وُقِفَ عَلَى نَظَرِ وَلِيِّهِ، فَإِنْ رَآهُ سَدَادًا أَوْ غِبْطَةً أَجَازَهُ، وَإِنْ رَآهُ بِخِلَافِهِ رَدَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ قُدِّمَ لَهُ وَلِيٌّ يَنْظُرُ لَهُ بِالِاجْتِهَادِ، وَإِنْ غُفِلَ عَنْهُ حَتَّى وَلِيَ أَمْرَهُ فَلَهُ إجَازَةُ ذَلِكَ أَوْرَدَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْمَذْهَبِ، وَإِنْ كَانَ سَدَادًا إذَا آلَ الْأَمْرُ إلَى خِلَافِهِ بِحَوَالَةِ سُوقٍ أَوْ نَمَاءٍ فِيمَا بَاعَهُ أَوْ نُقْصَانٍ فِيمَا ابْتَاعَهُ.
(وَ) إنْ تَصَرَّفَ الْمُمَيِّزُ فِي مَالِهِ بِمُعَاوَضَةٍ وَلَا وَلِيَّ لَهُ أَوْ لَهُ وَلِيٌّ وَلَمْ يَعْلَمْ تَصَرُّفَهُ قَبْلَ رُشْدِهِ فَ (لَهُ) أَيْ الْمُمَيِّزِ رَدُّ تَصَرُّفِ نَفْسِهِ (إنْ رَشَدَ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ صَارَ رَشِيدًا مَالِكًا أَمْرَ نَفْسِهِ إنْ كَانَ تَصَرُّفُهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ أَوْ بِيَمِينٍ حَنِثَ فِيهَا قَبْلَ بُلُوغِهِ، بَلْ وَلَوْ تَصَرَّفَ قَبْلَ بُلُوغِهِ بِيَمِينٍ (حَنِثَ) فِيهَا (بَعْدَ بُلُوغِهِ) رُشْدَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ، سَوَاءٌ لَمْ يَقَعْ تَصَرُّفُهُ الْمَوْقِعَ (أَوْ وَقَعَ) تَصَرُّفُهُ قَبْلَ بُلُوغِهِ (الْمَوْقِعَ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَكَسْرِ الْقَافِ، أَيْ وَافَقَ وَنَظَرًا مِمَّا كَانَ يَلْزَمُ الْوَلِيَّ أَنْ يَفْعَلَهُ هَلْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ وَيَنْقُضَهُ إنْ آلَ الْأَمْرُ إلَى خِلَافِ ذَلِكَ بِحَوَالَةِ سُوقٍ أَوْ نَمَاءٍ فِيمَا بَاعَهُ أَوْ نُقْصَانٍ فِيمَا ابْتَاعَهُ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ،
وَضَمِنَ مَا أَفْسَدَ إنْ لَمْ يُؤَمَّنْ عَلَيْهِ
ــ
[منح الجليل]
فَالْمَشْهُورُ الْمَعْلُومُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ ذَلِكَ لَهُ وَقِيلَ إنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لَهُ.
(وَضَمِنَ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ الْمُمَيِّزُ (مَا) أَيْ شَيْئًا (أَفْسَدَ) هـ الْمُمَيِّزُ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ (إنْ لَمْ يُؤَمَّنْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْهَمْزِ وَالْمِيمِ مُثَقَّلًا أَيْ لَمْ يُجْعَلْ الْمُمَيِّزُ أَمِينًا (عَلَيْهِ) أَيْ الْمَالِ الْمُفْسَدِ مِنْ مَالِكِهِ الرَّشِيدِ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ مَا أُمِّنَ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَمَفْهُومُ الْمُمَيِّزِ أَنَّ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ لَا يَضْمَنُ مَا أَفْسَدَهُ دَمًا كَانَ أَوْ مَالًا وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى قَوْلٍ. ثَانِيهَا أَنَّهُ كَالْمُمَيِّزِ. ثَالِثُهَا إهْدَارُ الْمَالِ وَدِيَةُ الدَّمِ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ ضَمِنَ أَنَّ أَبَاهُ لَا يُتْبَعُ بِذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ وَأَنَّهُ إنْ كَانَ مِمَّا لَا يُضْمَنُ كَالْخَمْرِ فَلَا يَضْمَنُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ.
ابْنُ رُشْدٍ عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ: وَيَلْزَمُهُ مَا أَفْسَدَ وَكَسَرَ مِمَّا لَمْ يُؤَمَّنْ عَلَيْهِ وَاخْتُلِفَ فِيمَا أَفْسَدَهُ وَكَسَرَهُ مِمَّا ائْتُمِنَ عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَرُشْدِهِ عِتْقُ مَا حَلَفَ بِحُرِّيَّتِهِ وَحَنِثَ فِيهِ حَالَ صِغَرِهِ.
وَاخْتُلِفَ فِيمَا حَلَفَ بِهِ فِي حَالِ صِغَرِهِ وَحَنِثَ بِهِ فِي حَالِ رُشْدِهِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ. وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ يَلْزَمُهُ وَلَا تَلْزَمُهُ يَمِينٌ فِيمَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِ بِهِ، وَاخْتُلِفَ هَلْ يَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ وَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ وَلَا يَمِينَ لَهُ عَلَى الصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ وَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ إلَى بُلُوغِ الصَّبِيِّ، فَإِذَا حَلَفَ أَخَذَ حَقَّهُ، فَإِنْ نَكَلَ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَا تَلْزَمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَمِينٌ ثَانِيَةٌ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُ يَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ الْحُقُوقِ وَالْأَحْكَامِ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ عليه الصلاة والسلام «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ، وَذَكَرَ مِنْهَا الصَّبِيَّ حَتَّى يَحْتَلِمَ» اهـ.
عب وَضَمِنَ الصَّبِيُّ وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ خِلَافًا لتت. مَا أَفْسَدَ فِي مَالِهِ وَلَا يُتْبَعُ بِثَمَنِهِ فِي ذِمَّتِهِ إنْ لَمْ يُؤَمَّنْ عَلَيْهِ إلَّا ابْنَ شَهْرٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَالْعَجْمَاءِ فِي فِعْلِهِ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ أُمِّنَ عَلَيْهِ فَلَا يَضْمَنُ إلَّا أَنْ يُصَوِّنَ بِهِ مَالَهُ فَيَضْمَنَ فِي الْمَالِ الَّذِي صَوَّنَهُ، أَيْ حَفِظَهُ خَاصَّةً، فَإِنْ تَلِفَ وَأَفَادَ غَيْرُهُ فَلَا يَضْمَنُ فِيهِ، وَإِنْ بَاعَ مَا أُمِّنَ عَلَيْهِ وَصَوَّنَ بِهِ مَالَهُ فِي نَفَقَتِهِ فَلَا يَضْمَنُ مِنْ مَالِهِ إلَّا قَدْرَ مَا صَوَّنَهُ، وَظَاهِرٌ وَلَوْ كَانَ الَّذِي بَاعَهُ مِنْ مَالِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
غَيْرِهِ يُسَاوِي أَكْثَرَ، ثُمَّ قَالَ: وَالْمَنْقُولُ فِيمَا يُتْلِفُهُ الْمَجْنُونُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا الْمَالُ فِي مَالِهِ وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ. الثَّانِي: أَنَّهُمَا هَدَرٌ الثَّالِثُ: الْمَالُ هَدَرٌ، وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ. الْبُنَانِيُّ: قَوْلُهُ فِي مَالِهِ وَلَا يُتْبَعُ بِثَمَنِهِ فِي ذِمَّتِهِ تَبِعَ فِيهِ عج قَائِلًا ذَكَرَهُ الرَّجْرَاجِيُّ، قَالَ: وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يُتْبَعُ بِالثَّمَنِ فِي ذِمَّتِهِ. طفي هَذَا وَهْمٌ فَاحِشٌ خَرَجَ بِهِ عَنْ الْمَذْهَبِ، بَلْ يُتْبَعُ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَنَصُّهَا: وَمَنْ أَوْدَعْته وَدِيعَةً فَاسْتَهْلَكَهَا ابْنُهُ الصَّغِيرُ فَهِيَ فِي مَالِ الِابْنِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَفِي ذِمَّتِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ الصِّقِلِّيُّ: وَالصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ ضَامِنٌ لِلْمَالِ فِي ذِمَّتِهِ، وَالدِّيَةُ عَلَى حُكْمِ الْخَطَأِ، وَالْكَبِيرُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ فِي جِنَايَتِهِ كَالْمَالِكِ أَمْرَ نَفْسِهِ.
وَكَلَامُ الرَّجْرَاجِيِّ الَّذِي اسْتَدَلَّ بِهِ عج عَلَى مَا قَالَ نَقَلَهُ " ح " فِي التَّنْبِيهِ التَّاسِعِ وَلَا دَلِيلَ لَهُ فِيهِ لِأَنَّهُ فِي الثَّمَنِ الَّذِي أَخَذَهُ الصَّبِيُّ فِيمَا بَاعَهُ وَأَنْفَقَهُ فِيمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ هَلْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَمْ لَا، وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يُتْبَعُ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ " ح ". اهـ. أَيْ فِي التَّنْبِيهِ الثَّامِنِ، فَإِنَّ سِيَاقَهُ فِيهِ يُفِيدُ مَا قَالَهُ طفي، وَذَكَرَ الْمِسْنَاوِيُّ مِثْلَ مَا ذَكَرَهُ طفي، ثُمَّ قَالَ: وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا وَقَفْتُ عَلَى كَلَامِ الرَّجْرَاجِيِّ فِي أَصْلِهِ فَوَجَدْته وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مُوَافِقًا لِمَا ظَنَنَّاهُ، وَنَصُّهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَعْقُودَةِ لِمَا يَلْزَمُ السَّفِيهَ مِنْ أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ، وَأَمَّا حُقُوقُ الْآدَمِيِّينَ عَلَى الْخُصُوصِ كَبَيْعِهِ وَشِرَائِهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يَخْرُجُ عَنْ عِوَضٍ وَلَا يُقْصَدُ بِهِ الْمَعْرُوفُ فَهُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى نَظَرِ وَلِيِّهِ إنْ كَانَ لَهُ وَلِيٌّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ قَدَّمَ الْقَاضِي نَاظِرًا يَنْظُرُ لَهُ فِي ذَلِكَ نَظَرَ الْوَصِيِّ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ حَتَّى مَلَكَ أَمْرَ نَفْسِهِ كَانَ هُوَ مُخَيَّرًا فِي ذَلِكَ وَإِجَازَتِهِ، فَإِنْ رَدَّ بَيْعَهُ أَوْ ابْتِيَاعَهُ وَكَانَ أَتْلَفَ الثَّمَنَ الَّذِي بَاعَ بِهِ أَوْ السِّلْعَةَ فَلَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يُنْفِقَ الثَّمَنَ فِيمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ أَوْ فِي غَيْرِهِ.
فَإِنْ أَنْفَقَهُ فِي غَيْرِ وَاجِبِهِ مِمَّا هُوَ عَنْهُ فِي غِنًى فَلَا يُتْبَعُ بِهِ وَلَا يَتَقَرَّرُ فِي ذِمَّتِهِ وَإِنْ أَنْفَقَهُ فِيمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ مِمَّا يَلْزَمُهُ إقَامَتُهُ مِنْ مَالِهِ فَهَلْ يُتْبَعُ بِهِ فِي مَالِهِ أَوْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ مُتَأَوَّلَيْنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ، وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يُتْبَعُ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ اهـ. الْمُرَادُ مِنْهُ وَقَالَ قَبْلَ هَذَا: وَلَا خِلَافَ
وَصَحَّتْ وَصِيَّتُهُ كَالسَّفِيهِ
ــ
[منح الجليل]
عِنْدَنَا فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ جِنَايَةَ الصَّغِيرِ عَلَى الْمَالِ لَازِمَةٌ لِمَالِهِ وَذِمَّتِهِ. اهـ. قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الَّذِي بَاعَهُ مِنْ مَالِ الْغَيْرِ يُسَاوِي كَثِيرًا إلَخْ، هَذَا صَرَّحَ بِهِ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ، فَفِي التَّوْضِيحِ عِنْدَ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَمَنْ أَوْدَعَ صَبِيًّا أَوْ سَفِيهًا أَوْ أَقْرَضَهُ أَوْ بَاعَهُ فَأَتْلَفَهُ فَلَا يَضْمَنُ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَضْمَنَا لِأَنَّ صَاحِبَ السِّلْعَةِ سَلَّطَ عَلَيْهَا مَحْجُورًا عَلَيْهِ وَلَوْ ضَمِنَ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ لَبَطَلَتْ فَائِدَةُ الْحَجْرِ.
اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ إلَّا أَنْ يَصْرِفَا ذَلِكَ فِيمَا لَا بُدَّ لَهُمَا مِنْهُ، وَلَهُمَا مَالٌ فَيُرْجَعَ عَلَيْهِمَا بِالْأَقَلِّ مِمَّا أَتْلَفَا أَوْ صَوَّنَا مِنْ مَالِهِمَا، فَإِنْ ذَهَبَ ذَلِكَ الْمَالُ ثُمَّ أَفَادَا غَيْرَهُ فَلَا رُجُوعَ عَلْيِهِمَا فِيهِ. اهـ. وَبِالرُّجُوعِ بِالْأَقَلِّ صَرَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَيْضًا وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ: وَالْمَنْقُولُ فِيمَا يُتْلِفُهُ الْمَحْجُورُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ إلَخْ، هَذِهِ الْأَقْوَالُ حَكَاهَا ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمَجْنُونِ وَالصَّغِيرِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ. وَأَبُو الْحَسَنِ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَرَفَةَ فَالصَّغِيرُ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ مِثْلُ الْمَجْنُونِ فِي الْمَالِ وَالدَّمِ، وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مِنْهَا وَهُوَ أَنَّ جِنَايَتَهُمَا عَلَى الْمَالِ فِي مَالِهِمَا وَعَلَى الدَّمِ عَلَى عَاقِلَتِهِمَا إلَّا أَنْ تَكُونَ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ، فَفِي مَالِهِمَا فَهُمَا كَالْمُمَيِّزِ فِي هَذَا كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ، وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ لِقَوْلِهِ فِي التَّوْضِيحِ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَظْهَرُ لِأَنَّ الضَّمَانَ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ الَّذِي لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّكْلِيفُ، زَادَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَلَا التَّمْيِيزُ. اللَّقَانِيُّ هَذَا مُقْتَضَى مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي الْقِصَاصِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا قِصَاصَ عَلَى صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ، بِخِلَافِ السُّكْرِ، وَعَمْدُهُمَا كَخَطَأٍ فَتَجِبُ دِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِمَا إنْ بَلَغَتْ. الثُّلُثَ، وَإِلَّا فَفِي مَالِهِ أَوْ ذِمَّتِهِ. اهـ. أَيْ إنْ لَمْ تَبْلُغْ الثُّلُثَ فَفِي مَالِ الْجَانِي أَوْ ذِمَّتِهِ مِنْ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. اللَّقَانِيُّ فَظَاهِرُ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَجْنُونِ وَغَيْرِهِ كَمَا قَالَهُ فِي ضَيْح. الْمِسْنَاوِيُّ وَعَلَيْهِ فَالذِّمَّةُ ثَابِتَةٌ لِلْجَمِيعِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا التَّمْيِيزُ فَضْلًا عَنْ التَّكْلِيفِ اهـ.
وَبِرُجْحَانِ هَذَا الْقَوْلِ يَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُ وَضَمِنَ مَا أَفْسَدَ إلَخْ يَشْمَلُ الْمُمَيِّزَ وَغَيْرَهُ وَالْمَجْنُونَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَصَحَّتْ وَصِيَّتُهُ) أَيْ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ، وَشَبَّهَ فِي الصِّحَّةِ فَقَالَ (كَ) وَصِيَّةِ (السَّفِيهِ)
إنْ لَمْ يُخَلِّطْ إلَى حِفْظِ مَالِ ذِي الْأَبِ بَعْدَهُ
ــ
[منح الجليل]
أَيْ الْبَالِغِ الَّذِي لَا يُحْسِنُ التَّصَرُّفَ فِي الْمَالِ، لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِمَا لِأَجْلِهِمَا وَلَوْ حُجِرَ عَلَيْهِمَا فِيهَا لَكَانَ لِغَيْرِهِمَا (إنْ لَمْ يُخَلِّطْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ مُشَدَّدَةً يَحْتَمِلُ أَنَّ الْفَاعِلَ ضَمِيرُ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ الْمُحَدَّثِ عَنْهُ قَبْلُ وَبَعْدَهُ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ ضَمِيرُ السَّفِيهِ لِقُرْبِهِ، وَقَيَّدَهُ اللَّخْمِيُّ بِهِ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا عَادَةُ الْمُصَنِّفِ مِنْ إرْجَاعِ الشَّرْطِ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ ضَمِيرُ الْأَحَدِ أَوْ الْمَذْكُورِ الصَّادِقِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَفَسَّرَ اللَّخْمِيُّ عَدَمَ التَّخْلِيطِ بِإِيصَائِهِ بِقُرْبَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ صِلَةِ رَحِمٍ وَأَبُو عِمْرَانَ التَّخْلِيطُ بِأَنْ يَذْكُرَ فِي كَلَامِهِ مَا يُبَيِّنُ عَدَمَ مَعْرِفَتِهِ مَا ابْتَدَأَ بِهِ. وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ خَلَّطَ لَمْ تَصِحَّ وَعَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَاخْتُلِفَ فِي سِنِّ مَنْ تَجُوزُ وَصِيَّتُهُ فَقِيلَ عَشْرٌ أَوْ أَقَلُّ بِيَسِيرٍ أَوْ سَبْعٌ وَهُمَا لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، أَوْ إذَا رَاهَقَ وَهُوَ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ أَوْ يُنْظَرُ لِحَالِ كُلٍّ بِانْفِرَادِهِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ اللَّخْمِيُّ، وَاسْتُظْهِرَ.
وَيَسْتَمِرُّ الْحَجْرُ عَلَى الصَّبِيِّ بِالنِّسْبَةِ لِمَالِهِ (إلَى حِفْظِ مَالِ ذِي الْأَبِ بَعْدَهُ) أَيْ الْبُلُوغِ، وَظَاهِرُهُ انْفِكَاكُ الْحَجْرِ عَنْهُ بِمُجَرَّدِ الْبُلُوغِ وَحِفْظِ الْمَالِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ حَكَاهُمَا الْمَازِرِيُّ إذْ اللَّازِمُ لِلْحَاجِرِ حِفْظُ الْمَالِ لَا التَّجْرِبَةُ فَمَالِكُهُ أَوْلَى. وَقِيلَ يُشْتَرَطُ زِيَادَةُ حُسْنِ التَّنْمِيَةِ إذْ لَوْ لَمْ يُحْسِنْهَا لَأَتْلَفَ مَالَهُ قَالَهُ تت. الْحَطّ هَذَا حَدُّ الرُّشْدِ الَّذِي لَا يُحْجَرُ عَلَى صَاحِبِهِ بِاتِّفَاقٍ. وَاخْتُلِفَ فِي الَّذِي يَخْرُجُ بِهِ مِنْ الْحَجْرِ هَلْ هُوَ ذَلِكَ أَيْضًا أَوْ يُزَادُ فِيهِ حُسْنُ التَّنْمِيَةِ، ذَكَرَ الْمَازِرِيُّ فِيهِ قَوْلَيْنِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ تَرْجِيحُ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الثَّانِي وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ هُنَا، وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ اشْتِرَاطُ الثَّانِي وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الرَّشِيدِ الْعَدَالَةُ، فَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ وَإِذَا كَانَ الْيَتِيمُ فَاسِقًا مَرِيدًا وَكَانَ مَعَ هَذَا نَاظِرًا فِي مَالِهِ غَابِطًا لَهُ وَجَبَ إطْلَاقُهُ مِنْ الْوِلَايَةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الدِّينِ وَالصَّلَاحِ وَلَمْ يَكُنْ نَاظِرًا فِي مَالِهِ فَلَا يَجِبُ إطْلَاقُهُ مِنْهَا.
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ صِفَةُ مَنْ يُحْجَرُ عَلَيْهِ مِنْ الْأَحْرَارِ أَنْ يَكُونَ يُبَذِّرُ مَالَهُ سَرَفًا فِي لَذَّاتِهِ مِنْ الشَّرَابِ وَالْفِسْقِ وَغَيْرِهِ، وَيَسْقُطُ فِيهِ سُقُوطَ مَنْ لَا يَعُدُّ الْمَالَ شَيْئًا وَأَمَّا مَنْ أَحْرَزَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
مَالَهُ وَأَنْمَاهُ وَهُوَ فَاسِقٌ فِي حَالِهِ غَيْرُ مُبَذِّرٍ لِمَالِهِ فَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ عِنْدَ وَصِيٍّ قَبَضَهُ وَيُحْجَرُ عَلَى الْبَالِغِ السَّفِيهِ فِي مَالِهِ وَإِنْ كَانَ شَيْخًا وَلَا يَتَوَلَّى حَجْرَهُ إلَّا الْقَاضِي، قِيلَ: وَصَاحِبُ الشُّرْطَةِ قَالَ الْقَاضِي أَحَبُّ إلَيَّ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَحْجُرَ عَلَى وَلَدِهِ أَتَى بِهِ إلَى الْإِمَامِ يَحْجُرُ عَلَيْهِ وَشَهَّرَهُ فِي الْجَامِعِ وَالْأَسْوَاقِ وَيُشْهِدُ عَلَيْهِ، فَمَنْ بَاعَهُ أَوْ ابْتَاعَ مِنْهُ بَعْدَهُ فَهُوَ مَرْدُودٌ.
عِيَاضٌ: قَوْلُهُ: أَحَبُّ إلَيَّ لِلْوُجُوبِ، وَقَدْ قَالَ شُيُوخُنَا الْحَجْرُ: يَخْتَصُّ بِهِ الْقُضَاةُ دُونَ سَائِرِ الْحُكَّامِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَيَحْتَاجُ إلَى نَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ. اهـ. وَالسَّفَهُ ضِدُّهُ فَهُوَ عَدَمُ حِفْظِ الْمَالِ فَلَا وَاسِطَةَ بَيْنَهُمَا، سَوَاءٌ صَرَفَهُ فِي الْمُبَاحَاتِ أَوْ الْمُحَرَّمَاتِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَاعْتَرَضَ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ " صَرَفَ فِي اللَّذَّاتِ الْمُحَرَّمَةِ "، قَالَ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُ هُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ ثُمَّ ذَكَرَ لَفْظَ الْمُدَوَّنَةِ، وَقَالَ: قَوْلُهُ وَغَيْرُهُ يُبَيِّنُ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَمَعْنَى قَوْلِهِ إلَى حِفْظِ مَالِ ذِي الْأَبِ بَعْدَهُ أَنَّ الصَّبِيَّ لَا يَخْرُجُ مِنْ الْحَجْرِ بِبُلُوغِهِ، بَلْ هُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ إلَى ظُهُورِ رُشْدِهِ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْ الْحَجْرِ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَإِنْ ظَهَرَ رُشْدُهُ، فَإِذَا بَلَغَ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ أَبُوهُ حَجَرَ عَلَيْهِ وَأَشْهَدَ بِذَلِكَ أَمْ لَا، فَإِنْ كَانَ حَجَرَ عَلَيْهِ وَأَشْهَدَ بِهِ فَحُكْمُهُ كَمَنْ لَزِمَتْهُ الْوِلَايَةُ وَإِنْ لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ، فَإِنْ عَلِمَ رُشْدَهُ أَوْ سَفَهَهُ عَمِلَ عَلَيْهِ، وَإِنْ جَهِلَ فَالْمَشْهُورُ حَمْلُهُ عَلَى السَّفَهِ. وَرَوَى زِيَادُ بْنُ غَانِمٍ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - حَمْلَهُ عَلَى الرُّشْدِ اهـ.
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: اُخْتُلِفَ هَلْ الْوَلَدُ مَحْمُولٌ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ عَلَى الرُّشْدِ أَوْ السَّفَهِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى السَّفَهِ حَتَّى يُعْلَمَ رُشْدُهُ. ابْنُ عَاشِرٍ: يُسْتَثْنَى مَنْ حَجَرَ عَلَيْهِ أَبُوهُ فِي وَقْتٍ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَهُوَ عِنْدَ أَوَّلِ بُلُوغِهِ فَلَا يَنْفَكُّ الْحَجْرُ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ حَافِظًا لِلْمَالِ إلَّا بِفَكِّ الْأَبِ. اهـ. وَهُوَ الَّذِي نَقَلَهُ ابْنُ سَهْلٍ عَنْ ابْنِ الْعَطَّارِ، وَنَصَّهُ وَإِنَّمَا يَكُونُ لِلْأَبِ تَجْدِيدُ السَّفَهِ عَلَى وَلَدِهِ قُرْبَ بُلُوغِهِ، وَإِذَا بَعُدَ بِأَزْيَدَ مِنْ الْعَامِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِسَفَهِهِ اهـ.
وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ: لَيْسَ لِلْأَبِ الْحَجْرُ عَلَى ابْنِهِ إلَّا بِأَحَدِ وَجْهَيْنِ، إمَّا أَنْ يَكُونَ سَفِيهًا حِينَ
وَفَكِّ وَصِيٍّ، وَمُقَدَّمٍ إلَّا كَدِرْهَمٍ لِعَيْشِهِ،
ــ
[منح الجليل]
الْحُلُمِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ، وَضَرَبَ عَلَى يَدَيْهِ وَأَشْهَدَ بِبَقَاءِ وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ لَهُ، وَلَا يَزَالُ الِابْنُ بَاقِيًا فِي حَجْرِهِ بِذَلِكَ إلَى أَنْ يُرَشِّدَهُ أَبُوهُ أَوْ يَحْكُمَ حَاكِمٌ بِإِطْلَاقِهِ، وَعَلَى هَذَا بَنَى أَهْلُ الْوَثَائِقِ وَثَائِقَهُمْ وَانْعَقَدَتْ بِهِ أَحْكَامُهُمْ، وَالْوَجْهُ الْآخَرُ أَنْ يَكُونَ الْأَبُ أَغْفَلَ الْحَجْرَ عَلَيْهِ حَتَّى بَعُدَ عَنْ سِنِّ الِاحْتِلَامِ فَلَيْسَ لَهُ تَسْفِيهُهُ إلَّا عِنْدَ الْإِمَامِ.
(وَ) الْمَحْجُورُ لِوَصِيٍّ أَوْ مُقَدَّمٍ يَسْتَمِرُّ حَجْرُهُ إلَى (فَكِّ وَصِيٍّ) مِنْ أَبٍ أَوْ وَصِيٍّ (أَوْ مُقَدَّمٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَالدَّالِ مُشَدَّدَةً عَلَى يَتِيمٍ مِنْ قَاضٍ لِيَنْظُرَ لَهُ بِالْمَصْلَحَةِ، وَيَتَصَرَّفَ لَهُ فِي مَالِهِ بِهَذَا الْحَجْرِ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَظُهُورِ رُشْدِهِ، وَلَا يَحْتَاجُ الْمُقَدَّمُ إلَى إذْنِ الْقَاضِي فِي فَكِّ حَجْرِهِ. الْمَازِرِيُّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَالَ ابْنُ زَرْبٍ يَحْتَاجُ لِإِذْنِهِ فِيهِ لِأَنَّهُ نَائِبُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَحْجُورُ مَعْرُوفًا بِالرُّشْدِ. ابْنُ رَاشِدٍ وَبِهِ الْعَمَلُ الْيَوْمَ. أَبُو الْحَسَنِ اُنْظُرْ فَإِنَّ حَجْرَ الْأَبِ أَقْوَى مِنْ حَجْرِ الْوَصِيِّ لِأَنَّ حَجْرَ الْأَبِ هُوَ الْأَصْلُ، وَحَجْرَ الْوَصِيِّ مَقِيسٌ عَلَيْهِ، وَجَعَلُوا مَعَ هَذَا حَجْرَ الْأَبِ يَنْفَكُّ بِمُجَرَّدِ الْبُلُوغِ وَالرُّشْدِ، وَلَا يَحْتَاجُ لِفَكِّ الْأَبِ، وَحَجْرَ الْوَصِيِّ لَا يَنْفَكُّ بِهِمَا إلَّا بِفَكِّهِ، فَمَا وَجْهُ هَذَا؟
وَوُجِّهَ بِأَنَّ حَجْرَ الْأَبِ حَجْرٌ أَصَالَةً بِلَا جُعْلٍ وَلَا إدْخَالِ أَحَدٍ، وَحَجْرَ الْوَصِيِّ بِجُعْلٍ وَإِدْخَالٍ وَلَا يُعْتَرَضُ بِتَجْدِيدِ الْأَبِ الْحَجْرَ عَلَى وَلَدِهِ، إذْ لَيْسَ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ الْإِخْبَارِ بِبَقَاءِ الْحَجْرِ الْأَصْلِيِّ عَلَيْهِ اهـ. وَقَوْلُهُ " وَلَا يُعْتَرَضُ إلَخْ " صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْأَبَ إذَا جَدَّدَ الْحَجْرَ عَلَى وَلَدِهِ فَإِنَّهُ يَنْفَكُّ بِمُجَرَّدِ بُلُوغِهِ وَرُشْدِهِ، لَكِنْ مَا نَقَلَهُ ابْنُ سَهْلٍ وَالْمُتَيْطِيُّ أَقْوَى مِنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ.
الْحَطّ إذَا مَاتَ الْوَصِيُّ قَبْلَ الْفَكِّ وَتَصَرَّفَ السَّفِيهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَاَلَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ أَنَّ تَصَرُّفَهُ حِينَئِذٍ كَتَصَرُّفِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ إلَّا أَنْ يَعْرِفَ فِيهِ وَجْهَ الصَّوَابِ ذَكَرَهُ الْبُرْزُلِيُّ، وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ لِلْوَلِيِّ رَدُّ تَصَرُّفِ مُمَيِّزٍ فَقَالَ (إلَّا) تَصَرُّفَهُ بِ (كَدِرْهَمٍ) شَرْعِيٍّ (لِعَيْشِهِ) أَيْ قُوتِ الْمُمَيِّزِ وَعَيْشِ وَلَدِهِ وَرَقِيقِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ فِي خُبْزٍ وَلَحْمٍ وَبَقْلٍ وَدُهْنٍ وَمَاءٍ وَحَطَبٍ وَنَحْوِهَا فَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ، وَلَا يُرَدُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ إذَا أَحْسَنَهُ، وَأَمَّا نَفَقَةُ زَوْجَتِهِ وَخَادِمِهَا فَتُعْطَى لَهَا قَالَهُ ابْنُ نَاجِي لِأَنَّهَا لِحُرِّيَّتِهَا أَشْبَهَتْ غَيْرَ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَتْ أَمَةً دُفِعَتْ لِسَيِّدِهَا.
لَا طَلَاقِهِ وَاسْتِلْحَاقِ نَسَبٍ وَنَفْيِهِ، وَعِتْقِ مُسْتَوْلَدَتِهِ
وَقِصَاصٍ وَنَفْيِهِ، وَإِقْرَارٍ بِعُقُوبَةٍ
ــ
[منح الجليل]
وَأَخْرَجَ مِنْ تَصَرُّفِ الْمُمَيِّزِ الشَّامِلِ لِلْبَالِغِ السَّفِيهِ فَقَالَ (لَا) أَيْ لَيْسَ لِوَلِيِّ السَّفِيهِ رَدُّ (طَلَاقِهِ) أَيْ السَّفِيهِ زَوْجَتَهُ لِأَنَّهُ لَازِمٌ لَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ خُلْعًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (وَ) لَيْسَ لَهُ رَدُّ (اسْتِلْحَاقِ نَسَبٍ) مِنْ السَّفِيهِ لِمَجْهُولٍ نَسَبُهُ لِأَنَّهُ لَازِمٌ لَهُ أَيْضًا (وَ) لَيْسَ لَهُ رَدُّ (نَفْيِهِ) أَيْ النَّسَبِ مِنْ السَّفِيهِ لِحَمْلٍ أَوْ وَلَدٍ عَنْ نَفْسِهِ (وَ) لَيْسَ لَهُ رَدُّ تَنْجِيزِ (عِتْقِ مُسْتَوْلَدَتِهِ) أَيْ السَّفِيهِ عَلَى الْمَشْهُورِ إذْ لَيْسَ لَهُ فِيهَا إلَّا الِاسْتِمْتَاعُ وَيَسِيرُ الْخِدْمَةِ وَنَفَقَتُهَا أَكْثَرُ مِنْهُمَا وَيَتْبَعُهَا مَالُهَا وَلَوْ كَثُرَ عَلَى الرَّاجِحِ. وَمَفْهُومُ مُسْتَوْلَدَتِهِ أَنَّ عِتْقَ غَيْرِهَا لِوَلِيِّهِ رَدُّهُ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي الْمُقَدِّمَاتِ.
(وَ) لَيْسَ لَهُ رَدُّ (قِصَاصٍ) طَلَبَهُ السَّفِيهُ مِنْ جَانٍ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى وَلِيِّهِ (وَ) لَيْسَ لَهُ رَدُّ (نَفْيِهِ) أَيْ الْقِصَاصِ بِعَفْوِ السَّفِيهِ عَنْ جَانٍ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى وَلِيِّهِ (وَ) لَيْسَ لَهُ رَدُّ (إقْرَارٍ) مِنْ السَّفِيهِ (بِ) مُوجَبِ (عُقُوبَةٍ) لِلسَّفِيهِ كَسَرِقَةٍ وَشُرْبِ مُسْكِرٍ وَقَذْفٍ وَقَتْلٍ وَزِنًا. ابْنُ رُشْدٍ: اعْلَمْ وَفَّقَنَا اللَّهُ تَعَالَى وَإِيَّاكَ أَنَّ السَّفِيهَ الْبَالِغَ تَلْزَمُهُ جَمِيعُ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي أَوْجَبَهَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ فِي بَدَنِهِ وَمَالِهِ، وَيَلْزَمُهُ مَا وَجَبَ فِي بَدَنِهِ مِنْ حَدٍّ أَوْ قِصَاصٍ وَيَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ كَانَ بِيَمِينٍ حَنِثَ فِيهَا أَوْ بِغَيْرِ يَمِينٍ، وَكَذَلِكَ الظِّهَارُ، وَيَنْظُرُ لَهُ وَلِيُّهُ فِيهِ بِوَجْهِ النَّظَرِ، فَإِنْ رَأَى أَنْ يُعْتِقَ عَنْهُ وَيُمْسِكَ عَلَيْهِ زَوْجَتَهُ فَعَلَ، وَإِنْ رَأَى أَنْ لَا يُعْتِقَ عَنْهُ وَإِنْ آلَ ذَلِكَ إلَى الْفِرَاقِ بَيْنَهُمَا كَانَ ذَلِكَ لَهُ وَلَا يَجْزِيهِ الصِّيَامُ وَلَا الْإِطْعَامُ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ يَحْمِلُ الْعِتْقَ، ثُمَّ قَالَ وَأَمَّا الْإِيلَاءُ فَإِنْ كَانَ دَخَلَ عَلَيْهِ بِسَبَبِ يَمِينٍ بِالطَّلَاقِ وَهُوَ فِيهَا عَلَى حِنْثٍ أَوْ بِسَبَبِ امْتِنَاعِ وَلِيِّهِ مِنْ تَكْفِيرِهِ عَنْهُ عَنْ ظِهَارٍ لَزِمَهُ.
وَأَمَّا إنْ كَانَ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ فَيُنْظَرُ لِيَمِينِهِ فَإِنْ كَانَتْ بِعِتْقٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ مَا أَشْبَهَهُمَا مَا لَا يَجُوزُ لَهُ فِعْلُهُ وَيَحْجُرُ عَلَيْهِ فِيهِ وَلِيُّهُ فَلَا يَلْزَمُهُ بِهِ إيلَاءٌ، وَإِنْ كَانَتْ بِاَللَّهِ لَزِمَهُ الْإِيلَاءُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَلَا يَلْزَمُهُ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ. وَإِنْ كَانَتْ بِصِيَامٍ أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ صَلَاةٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يَلْزَمُهُ لَزِمَهُ بِهِ الْإِيلَاءُ، ثُمَّ قَالَ وَلَا يَلْزَمُهُ هِبَةٌ وَلَا صَدَقَةٌ وَلَا
وَتَصَرُّفُهُ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَى الْإِجَازَةِ عِنْدَ مَالِكٍ، لَا ابْنِ الْقَاسِمِ،
ــ
[منح الجليل]
عَطِيَّةٌ وَلَا عِتْقٌ وَلَا شَيْءٌ مِنْ الْمَعْرُوفِ فِي مَالِهِ إلَّا أَنْ يُعْتِقَ أُمَّ وَلَدِهِ فَيَلْزَمَهُ لِأَنَّهَا كَالزَّوْجَةِ لَيْسَ لَهُ فِيهَا إلَّا الِاسْتِمْتَاعُ بِالْوَطْءِ.
وَاخْتُلِفَ فِي مَالِهَا هَلْ يَتْبَعُهَا أَمْ لَا؟
عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ، فَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي رِوَايَةِ أَشْهَبَ يَتْبَعُهَا وَابْنُ الْقَاسِمِ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى لَا يَتْبَعُهَا. وَقَالَ أَصْبَغُ يَتْبَعُهَا الْقَلِيلُ. وَقَالَ الْمُغِيرَةُ وَابْنُ نَافِعٍ لَا يَلْزَمُهُ عِتْقُهَا بِخِلَافِ الطَّلَاقِ، وَلَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ بِدَيْنٍ إلَّا أَنْ يُقِرَّ بِهِ فِي مَوْضِعِهِ فَفِي ثُلُثِهِ قَالَهُ ابْنُ كِنَانَةَ وَاسْتَحْسَنَهُ أَصْبَغُ مَا لَمْ يَكْثُرْ جِدًّا وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ. وَأَمَّا بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ وَنِكَاحُهُ وَمَا أَشْبَهَهَا مِمَّا جَرَى عَلَى عِوَضٍ فَإِنَّهُ يُوقَفُ عَلَى نَظَرِ وَلِيِّهِ إنْ كَانَ لَهُ وَلِيٌّ وَإِلَّا قَدَّمَ الْقَاضِي لَهُ نَاظِرًا يَنْظُرُ لَهُ نَظَرَ الْوَصِيِّ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى مَلَكَ أَمْرَهُ كَانَ مُخَيَّرًا فِي رَدِّ ذَلِكَ وَإِجَازَتِهِ اهـ.
(وَتَصَرُّفُهُ) أَيْ السَّفِيهِ الْمُهْمَلِ (قَبْلَ الْحَجْرِ) عَلَيْهِ مِنْ الْقَاضِي مَحْمُولٌ (عَلَى الْإِجَازَةِ) بِالزَّايِ أَيْ الْمُضِيِّ وَاللُّزُومِ (عِنْدَ) الْإِمَامِ (مَالِكٍ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَكُبَرَاءِ أَصْحَابِهِ وَشَهَّرَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ نُفُوذِ التَّصَرُّفِ عِنْدَهُ الْحَجْرُ وَلَمْ يُوجَدْ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهَا مَنْ أَرَادَ أَنْ يَحْجُرَ عَلَى وَلَدِهِ أَتَى بِهِ الْإِمَامَ لِيَحْجُرَ عَلَيْهِ، وَيُشْهِرُهُ فِي الْجَوَامِعِ وَالْأَسْوَاقِ، وَيُشْهِدُ عَلَيْهِ فَمَنْ عَامَلَهُ بَعْدُ فَمَرْدُودٌ (لَا) عِنْدَ الْإِمَامِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (ابْنِ الْقَاسِمِ) صَاحِبِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، فَمَحْمُولٌ عَلَى الرَّدِّ عِنْدَهُ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ، وَشَهَّرَهُ فِي الْبَيَانِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ الْمَازِرِيُّ: وَاخْتَارَهُ مُحَقِّقُو أَشْيَاخِي لِأَنَّ الْمَانِعَ عِنْدَهُ السَّفَهُ وَهُوَ مَوْجُودٌ.
(تَنْبِيهَانِ) : الْأَوَّلُ: أَشْعَرَ كَلَامُهُ بِأَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَهُ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ، وَهَلْ كَذَا أَوْ كَذَا؟ خِلَافٌ كَعَادَتِهِ.
الثَّانِي: أَشْعَرَ ذِكْرُهُ الْقَوْلَيْنِ فِي السَّفِيهِ بِأَنَّ أَفْعَالَ مَجْهُولِ الْحَالِ جَائِزَةٌ اتِّفَاقًا وَهُوَ كَذَلِكَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْمُقَدِّمَاتِ وَأَمَّا الصَّبِيُّ فَأَفْعَالُهُ مَرْدُودَةٌ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى قَالَهُ فِي
وَعَلَيْهِمَا الْعَكْسُ فِي تَصَرُّفِهِ إذَا رَشَدَ بَعْدَهُ، وَزِيدَ فِي الْأُنْثَى
ــ
[منح الجليل]
الْمُقَدِّمَاتِ. وَأَمَّا الْأُنْثَى السَّفِيهَةُ الْمُهْمَلَةُ فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا فِي هَذَا الْمُخْتَصَرِ، وَذَكَرَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فِيهَا قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ أَفْعَالَهَا جَائِزَةٌ رَوَاهُ زِيَادٌ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، وَقَالَهُ فِي غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَسَحْنُونٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ، وَالثَّانِي أَنَّهَا مَرْدُودَةٌ مَا لَمْ تُعَنِّسْ أَوْ تَتَزَوَّجْ وَيَدْخُلْ بِهَا زَوْجُهَا وَتُقِمْ مَعَهُ مُدَّةً يُحْمَلُ أَمْرُهَا فِيهَا عَلَى الرُّشْدِ قِيلَ: أَدْنَاهَا الْعَامُ قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ، وَقِيلَ: ثَلَاثَةٌ. ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ الَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ الْعَمَلَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِعْلُهَا حَتَّى يَمُرَّ بِهَا فِي بَيْتِ زَوْجِهَا مِثْلُ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثِ، وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ فَأَفْعَالُهَا قَبْلَ هَذَا مَرْدُودَةٌ.
(وَعَلَيْهِمَا) أَيْ قَوْلَيْ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - (الْعَكْسُ فِي تَصَرُّفِهِ) أَيْ السَّفِيهِ (إذَا رَشَدَ) وَتَصَرَّفَ (بَعْدَهُ) أَيْ الْحَجْرِ وَقَبْلَ فَكِّهِ فَهُوَ مَرْدُودٌ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ رضي الله عنه لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ، وَمَاضٍ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِرُشْدِهِ وَزَوَالِ سَفَهِهِ. صَاحِبُ التَّكْمِلَةِ: وَهُمَا مَنْصُوصَانِ لَا مُخَرَّجَانِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ. وَقَدْ حَكَى فِي الْمُقَدِّمَاتِ فِي الْيَتِيمِ الْمُهْمَلِ أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ، أَحَدُهَا قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَكُبَرَاءِ أَصْحَابِهِ إنَّ أَفْعَالَهُ كُلَّهَا بَعْدَ بُلُوغِهِ جَائِزَةٌ نَافِذَةٌ رَشِيدًا كَانَ أَوْ سَفِيهًا مُعْلَنَ السَّفَهِ أَوْ غَيْرَ مُعْلَنِهِ، اتَّصَلَ سَفَهُهُ مِنْ حِينِ بُلُوغِهِ أَوْ سُفِّهَ بَعْدَ أَنْ أُنِسَ مِنْهُ الرُّشْدُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ.
الثَّانِي: لِمُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَإِنْ كَانَ مُتَّصِلَ السَّفَهِ فَلَا تَجُوزُ وَإِلَّا جَازَتْ وَلَزِمَتْهُ مَا لَمْ يَكُنْ بَيْعُهُ بَيْعَ سَفَهٍ وَخَدِيعَةٍ مِثْلُ بَيْعِ مَا بِأَلْفٍ بِمِائَةٍ فَلَا يَجُوزُ وَلَا يُتْبَعُ بِالثَّمَنِ إنْ أَفْسَدَهُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ مُعْلَنِ السَّفَهِ وَغَيْرِهِ.
وَالثَّالِثُ: لِأَصْبَغَ إنْ كَانَ مُعْلَنًا بِهِ فَلَا تَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَنْ بِهِ جَازَتْ اتَّصَلَ سَفَهُهُ أَمْ لَا، وَذَهَبَ ابْنُ الْقَاسِمِ إلَى أَنْ يُنْظَرَ لَهُ يَوْمَ بَيْعِهِ، فَإِنْ كَانَ رَشِيدًا جَازَتْ أَفْعَالُهُ وَإِنْ كَانَ سَفِيهًا لَمْ تَجُزْ.
(وَزِيدَ) بِكَسْرِ الزَّايِ عَلَى مَا يَنْفَكُّ الْحَجْرُ بِهِ عَنْ الذَّكَرِ مِنْ الْبُلُوغِ وَظُهُورِ الرُّشْدِ فِي ذِي الْأَبِ، وَهُمَا وَالْفَكُّ فِي ذِي الْوَصِيِّ وَالْمُقَدَّمِ (فِي) فَكِّ حَجْرِ (الْأُنْثَى) شَرْطَانِ أَحَدُهُمَا
دُخُولُ زَوْجٍ بِهَا، وَشَهَادَةُ الْعُدُولِ عَلَى صَلَاحِ حَالِهَا، وَلَوْ جَدَّدَ أَبُوهَا حَجْرًا عَلَى الْأَرْجَحِ
ــ
[منح الجليل]
دُخُولُ زَوْجٍ) بِهَا فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَهِيَ عَلَى الْحَجْرِ، وَلَوْ عُلِمَ رُشْدُهَا وَلَا يُحْتَاجُ لِاخْتِبَارِهَا بِسَنَةٍ بِالنُّونِ بَعْدَ الدُّخُولِ عَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَعِيَاضٍ وَغَيْرِهِمَا، وَشَهَّرَ ابْنُ الْحَاجِبِ اخْتِبَارَهَا بِسَنَةٍ بِالنُّونِ بَعْدَ الدُّخُولِ، وَصَرَّحَ ابْنُ فَرْحُونٍ بِتَشْهِيرِهِ وَضَبَطَ قَوْلَهُ بِسِتَّةٍ بِالتَّاءِ أَيْ سِتَّةِ أَعْوَامٍ بَعْدَ الدُّخُولِ لِيُوَافِقَ مَا بِهِ الْعَمَلُ، قَالَهُ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ إلَّا أَنْ يُجَدِّدَ الْأَبُ عَلَيْهَا حَجْرًا قَبْلَ ذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ سَبْعَةُ أَعْوَامٍ بَعْدَ الْبِنَاءِ ابْنُ عَرَفَةَ وَبِهِ الْعَمَلُ عِنْدَنَا.
وَالثَّانِي (شَهَادَةُ الْعُدُولِ) أَيْ أَرْبَعَةٍ فَأَكْثَرَ، هَذَا الَّذِي جَرَى بِهِ عَمَلُ الْمُوَثَّقِينَ. قَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ وَلَا يُجْزِئُ فِي ذَلِكَ عَدْلَانِ كَمَا يُجْزِئُ فِي الْحُقُوقِ وَعَلَى هَذَا الْعَمَلُ وَعَلَيْهِ دَرَجَ صَاحِبُ التُّحْفَةِ. أَبُو عَلِيٍّ فِي حَاشِيَةِ شَرْحِهَا، وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ سَهْلٍ وَالْجَزِيرِيُّ فِي وَثَائِقِهِ فِي هَذَا أَنَّ تَكْثِيرَ الشُّهُودِ فِي التَّرْشِيدِ وَالتَّسْفِيهِ شَرْطٌ، وَأَقَلُّهَا عِنْدَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَرْبَعَةٌ وَتَجُوزُ فِيهِمَا شَهَادَةُ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ أَوْ الرِّجَالِ فَقَطْ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الشُّهُودُ مِنْ الْجِيرَانِ، وَمَنْ يُرَى أَنَّهُ يَعْلَمُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُفْقَدُوا فَيَشْهَدَ الْأَبَاعِدُ (عَلَى صَلَاحِ حَالِهَا) أَيْ حُسْنِ تَصَرُّفِهَا فِي الْمَالِ وَسَدَادِهِ كَمَا فِي الْمُوَطَّأِ وَالْمُدَوَّنَةِ، فَيَنْفَكُّ حَجْرُهَا وَلَوْ قُرْبَ دُخُولِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ إنْ لَمْ يُجَدِّدْ الْأَبُ حَجْرَهَا، بَلْ (وَلَوْ جَدَّدَ أَبُوهَا حَجْرًا) عَلَيْهَا (عَلَى الْأَرْجَحِ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ مِنْ الْخِلَافِ " غ " لَمْ أَقِفْ عَلَى هَذَا التَّرْجِيحِ لِابْنِ يُونُسَ.
وَذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ أَنَّ الْقِيَاسَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْأَبِ تَجْدِيدُ حَجْرِهَا عَلَى قَوْلِ مَنْ حَدَّ لِجَوَازِ أَفْعَالِهَا حَدًّا مِنْ السِّنِينَ، مَعَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَضْرَبَ هُنَا عَنْ الْقَوْلِ بِالتَّحْدِيدِ بِالسِّنِينَ، وَقَدْ قَبِلَ ابْنُ عَرَفَةَ قِيَاسَ ابْنِ رُشْدٍ وَلَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا لِابْنِ يُونُسَ، فَفِي هَذَا التَّرْجِيحِ نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا نِسْبَتُهُ لِابْنِ يُونُسَ، وَالثَّانِي تَفْرِيعُهُ عَلَى غَيْرِ الْقَوْلِ بِالتَّحْدِيدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ تت.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ انْفِكَاكُهُ وَلَوْ ضَمِنَ شُهُودُ تَجْدِيدِ سَفَهِهَا عِلْمَهُمْ بِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِفَتْوَى ابْنِ الْقَطَّانِ وَالْأَصِيلِيِّ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِإِثْبَاتِ سَفَهِهَا.
الثَّانِي: حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ عَلَى الْأَظْهَرِ لِأَنَّ الْمُرَجَّحَ هُنَا إنَّمَا هُوَ ابْنُ رُشْدٍ حَيْثُ قَالَ: الْقِيَاسُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْأَبِ عَلَيْهَا تَجْدِيدُ حَجْرِهَا عَلَى قَوْلِ مَنْ حَدَّ لِجَوَازِ أَفْعَالِهَا حَدًّا مِنْ السِّنِينَ لِأَنَّهُ حَمَلَهَا بِبُلُوغِهَا إلَيْهِ عَلَى الرُّشْدِ، وَأَجَازَ أَفْعَالَهَا فَلَا يُصَدَّقُ الْأَبُ فِي إبْطَالِ هَذَا الْحُكْمِ بِمَا ادَّعَاهُ مِنْ سَفَهِهَا إلَّا أَنْ يُعْلَمَ صِحَّةُ قَوْلِهِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
الثَّالِثُ: شَمِلَ قَوْلُهُ الْأُنْثَى الْمُعَنَّسَةَ وَابْنُ الْحَاجِبِ جَعَلَ هَذَا الْحُكْمَ فِي غَيْرِهَا.
الرَّابِعُ: نَسَبَ الشَّارِحُ التَّرْجِيحَ لِابْنِ يُونُسَ، وَنَقَلَ عَنْهُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْهُ هُوَ فِي مُقَدِّمَاتِهِ، فَإِنْ كَانَا اتَّفَقَا عَلَى تِلْكَ الْعِبَارَةِ فَالْمُنَاسِبُ عَلَى الْأَرْجَحِ وَالْأَظْهَرِ، وَإِلَّا فَهُوَ سَبْقُ قَلَمٍ مِنْ الْكَاتِبِ اهـ كَلَامُ تت.
الْخَامِسُ الْحَطّ الظَّاهِرُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي ذَاتِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ، وَأَمَّا الْمُهْمَلَةُ فَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُهَا وَالْمَشْهُورُ فِيهِمَا مُخْتَلِفٌ عَلَى مَا فِي الْبَيَانِ، فَذَكَرَ فِي كُلٍّ مِنْ ذَاتِ الْأَبِ وَالْمُهْمَلَةِ سَبْعَةَ أَقْوَالٍ، وَذَكَرَ الْمَشْهُورَ مِنْهَا فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ وَنَصُّهُ: وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي هَاتَيْنِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَقِيلَ فِي ذَاتِ الْأَبِ: إنَّهَا تَخْرُجُ بِالْحَيْضِ مِنْ وِلَايَةِ أَبِيهَا. وَقِيلَ لَا تَخْرُجُ بِهِ حَتَّى تَتَزَوَّجَ وَيَمُرَّ بِهَا عَامٌ وَنَحْوُهُ بَعْدَ الدُّخُولِ. وَقِيلَ: عَامَانِ. وَقِيلَ: سَبْعَةٌ. وَقِيلَ: لَا تَخْرُجُ وَإِنْ طَالَتْ إقَامَتُهَا مَعَ زَوْجِهَا حَتَّى يَشْهَدَ الْعُدُولُ عَلَى صَلَاحِ حَالِهَا. وَقِيلَ: تَخْرُجُ بِالتَّعْنِيسِ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا زَوْجُهَا.
وَاخْتُلِفَ فِي حَدِّ تَعْنِيسِهَا فَقِيلَ: أَرْبَعُونَ، وَقِيلَ: مِنْ خَمْسِينَ إلَى سِتِّينَ. وَقِيلَ: أَفْعَالُهَا جَائِزَةٌ بَعْدَ التَّعْنِيسِ إذَا أَجَازَهَا الْوَلِيُّ فَهَذِهِ سَبْعَةُ أَقْوَالٍ. وَقِيلَ فِي الْيَتِيمَةِ الْمُهْمَلَةِ: إنَّ أَفْعَالَهَا جَائِزَةٌ بَعْدَ بُلُوغِهَا. وَقِيلَ: لَا تَجُوزُ حَتَّى يَمُرَّ بِهَا بَعْدَ الدُّخُولِ الْعَامُ وَنَحْوُهُ أَوْ الْعَامَانِ وَنَحْوُهُمَا، وَقِيلَ: الثَّلَاثَةُ الْأَعْوَامِ وَنَحْوُهَا. وَقِيلَ: حَتَّى تَدْخُلَ وَيَشْهَدَ الْعُدُولُ عَلَى صَلَاحِ حَالِهَا. وَقِيلَ: إذَا عَنَّسَتْ وَإِنْ لَمْ تَتَزَوَّجْ، وَاخْتُلِفَ فِي هَذِهِ مِنْ ثَلَاثِينَ سَنَةً إلَى الْخَمْسِ وَالسِّتِّينَ، وَهُوَ زَمَنُ انْقِطَاعِ الْحَيْضِ فَهَذِهِ سِتَّةُ أَقْوَالٍ، وَيَتَخَرَّجُ فِيهَا سَابِعٌ وَهُوَ أَنْ تَجُوزَ أَفْعَالُهَا
وَلِلْأَبِ تَرْشِيدُهَا قَبْلَ دُخُولِهَا كَالْوَصِيِّ، وَلَوْ لَمْ يُعْرَفْ رُشْدُهَا.
ــ
[منح الجليل]
بِمُرُورِ سَبْعَةِ أَعْوَامٍ مِنْ دُخُولِهَا وَالْمَشْهُورُ فِي الْبِكْرِ ذَاتِ الْأَبِ أَنَّهَا لَا تَخْرُجُ مِنْ وِلَايَةِ أَبِيهَا وَلَا تَجُوزُ أَفْعَالُهَا وَإِنْ تَزَوَّجَتْ حَتَّى يَشْهَدَ الْعُدُولُ عَلَى صَلَاحِ أَمْرِهَا، وَاَلَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ عِنْدَنَا كَوْنُ أَفْعَالِهَا جَائِزَةً إذَا مَرَّ بِهَا سَبْعَةُ أَعْوَامٍ مِنْ دُخُولِ زَوْجِهَا بِهَا عَلَى رِوَايَةٍ مَنْسُوبَةٍ لِابْنِ الْقَاسِمِ. وَالْمَشْهُورُ فِي الْبِكْرِ الْيَتِيمَةِ الْمُهْمَلَةِ أَنَّ أَفْعَالَهَا جَائِزَةٌ إذَا عَنَّسَتْ أَوْ مَضَى لِدُخُولِ زَوْجِهَا بِهَا الْعَامُ وَهُوَ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ، فَإِنْ عَنَّسَتْ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا جَازَتْ أَفْعَالُهَا بِاتِّفَاقٍ إذَا عُلِمَ رُشْدُهَا أَوْ جُهِلَ حَالُهَا، وَرُدَّتْ إنْ عُلِمَ سَفَهُهَا، هَذَا الَّذِي اعْتَقَدَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ عَلَى مِنْهَاجِ قَوْلِهِمْ اهـ.
ثُمَّ قَالَ الْحَطّ وَأَمَّا الْيَتِيمَةُ ذَاتُ الْوَصِيِّ مِنْ أَبِيهَا أَوْ الْمُقَدَّمِ مِنْ الْقَاضِي. فَفِي الْمُقَدِّمَاتِ لَا تَخْرُجُ مِنْ الْوِلَايَةِ وَإِنْ عَنَّسَتْ أَوْ تَزَوَّجَتْ وَدَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا وَطَالَ زَمَانُهَا وَحَسُنَتْ حَالَتُهَا حَتَّى تُطْلَقَ مِنْ الْحَجْرِ الَّذِي لَزِمَهَا بِمَا يَصِحُّ إطْلَاقُهَا بِهِ مِنْهُ، وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ قَبْلَ هَذَا وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ الْمَعْمُولُ بِهِ اهـ. الْحَطّ وَهَذَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَلِلْأَبِ تَرْشِيدُهَا) أَيْ بِنْتِهِ الْبِكْرِ الْبَالِغَةِ (قَبْلَ دُخُولِهَا) بِزَوْجِهَا وَأَوْلَى بَعْدَهُ، هَذَا ظَاهِرُهُ وَبِهِ قَرَّرَ تت. وَقَالَ عب كَالْوَصِيِّ لَهُ تَرْشِيدُهَا بَعْدَ الدُّخُولِ لَا قَبْلَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لتت، وَلِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ، وَنَحْوُهُ لِلْخَرَشِيِّ. طفي: قَوْلُ تت " قَبْلَ الدُّخُولِ " لَعَلَّهُ بَعْدَ الدُّخُولِ إذْ الْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ هَكَذَا فِي كَلَامِ الْمُتَيْطِيِّ وَغَيْرِهِ، وَبِهِ قَرَّرَ عج إنْ عُرِفَ رُشْدُهَا، بَلْ (وَلَوْ لَمْ يُعْرَفْ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ (رُشْدُهَا) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ طفي الصَّوَابُ أَنَّهُ خَاصٌّ بِالثَّانِيَةِ إذْ فِيهَا الْخِلَافُ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِلَوْ، وَبِهِ قَرَّرَ " ج ".
فِي الْمُتَيْطِيَّةِ. اُخْتُلِفَ هَلْ لِلْوَصِيِّ تَرْشِيدُهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ عَلَيْهِ الْعَمَلُ وَالْوَصِيُّ مُصَدَّقٌ فِي ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تُعْلِمْ الْبَيِّنَةُ رُشْدَهَا. وَقِيلَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ إثْبَاتِ رُشْدِهَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ وَنَحْوُهُ لِعَبْدِ الْوَهَّابِ. وَاخْتُلِفَ فِي تَرْشِيدِ الْوَصِيِّ إيَّاهَا وَهِيَ بِكْرٌ فَقِيلَ: لَهُ ذَلِكَ كَالْأَبِ. وَقِيلَ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى يَدْخُلَ زَوْجُهَا وَيُعْرَفَ
وَفِي مُقَدَّمِ الْقَاضِي: خِلَافٌ
وَالْوَلِيُّ الْأَبُ،
ــ
[منح الجليل]
مِنْ حَالِهَا مَا يُوجِبُ إطْلَاقَهَا. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ بَقِيٍّ: لَيْسَ لِلْوَصِيِّ تَرْشِيدُهَا قَبْلَ دُخُولِ بَيْتِهَا إلَّا أَنْ تُعَنِّسَ، فَإِنَّ التَّعْنِيسَ يَأْتِي عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ. اهـ. وَبِهَذَا يَصِحُّ قَوْلُهُ قَبْلَ دُخُولِهَا اهـ. قُلْت إذَا رَجَعَتْ الْمُبَالَغَةُ الثَّانِيَةُ فَرُجُوعُهَا لِلْأُولَى أَوْلَى لِحَمْلِ تَصَرُّفِ الْأَبِ عَلَى السَّدَادِ لِشَفَقَتِهِ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهَا فِي الْأُولَى لِمُجَرَّدِ دَفْعِ التَّوَهُّمِ لِعَدَمِ الْخِلَافِ فِيهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَفِي) تَرْشِيدِ (مُقَدَّمِ الْقَاضِي خِلَافٌ) فَقِيلَ يَجُوزُ كَتَرْشِيدِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةً وَهُوَ لِسَحْنُونٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَلِغَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَقِيلَ: لَا يُعْتَبَرُ وَأَقْفَالُهَا بَعْدَهُ مَرْدُودَةٌ مَا لَمْ تُعَنِّسْ أَوْ تَتَزَوَّجْ وَتُقِمْ مُدَّةً بِبَيْتِ زَوْجِهَا مُدَّةً يُحْمَلُ أَمْرُهَا فِيهَا عَلَى الرُّشْدِ طفي أَشَارَ بِهِ لِقَوْلِ الْمُتَيْطِيِّ اُخْتُلِفَ فِي مُقَدَّمِ الْقَاضِي هَلْ لَهُ تَرْشِيدُهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ فَالْمَشْهُورُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ إثْبَاتِ مَا يُوجِبُ إطْلَاقَهَا، وَبَعْدَ أَمْرِ الْقَاضِي لَهُ بِهِ، وَكَمَا أَدْخَلَهَا فِي الْوِلَايَةِ قَاضٍ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُطْلِقَهَا مِنْهَا إلَّا قَاضٍ، وَقَالَهُ ابْنُ زَرْبٍ وَغَيْرُهُ وَنَحْوُهُ لِعَبْدِ الْوَهَّابِ، وَقِيلَ لَهُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ إذْنِ قَاضٍ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ رُشْدُهَا إلَّا بِقَوْلِهِ وَنَحْوُهُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ اهـ.
وَفِي التَّوْضِيحِ: وَأَمَّا الْمُقَدَّمُ مِنْ الْقَاضِي فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ كَوَصِيِّ الْأَبِ لِأَنَّ الْقَاضِيَ جَبَرَ بِهِ الْخَلَلَ الْكَائِنَ بِتَرْكِ الْأَبِ تَقْدِيمَ وَصِيٍّ لِهَذَا الْوَلَدِ عَلَى مَا قَرَّرَهُ الْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ، وَأَمَّا تَقْرِيرُ تت فَغَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّ الْخِلَافَ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْيَتِيمَةِ غَيْرِ الْمُوَلَّى عَلَيْهَا هَلْ أَفْعَالُهَا جَائِزَةٌ إذَا بَلَغَتْ الْمَحِيضَ أَوْ مَرْدُودَةٌ مَا لَمْ تُعَنِّسْ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ، وَهَذَا غَيْرُ مُلْتَئِمٍ مَعَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ كَهُمَا إذْ لَمْ يَتَعَرَّضْ سَحْنُونٌ وَلَا غَيْرُهُ لِمُقَدَّمِ الْقَاضِي أَصْلًا،.
(وَالْوَلِيُّ) عَلَى الْمَحْجُورِ، مَجْنُونًا كَانَ أَوْ صَبِيًّا أَوْ سَفِيهًا (الْأَبُ) الرَّشِيدُ، كَذَا قَيَّدَ الْمُصَنِّفُ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَشِيدًا فَهَلْ يَكُونُ نَاظِرُهُ نَاظِرًا عَلَى بَنِيهِ أَوْ لَا إلَّا بِتَقْدِيمٍ مُسْتَأْنَفٍ؟ قَوْلَانِ أَفَادَهُ تت، وَعِبَارَةُ عب عَلَى الْمَحْجُورِ صَبِيًّا أَوْ سَفِيهًا لَمْ يَطْرَأْ سَفَهُهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ رَشِيدًا أَوْ خُرُوجِهِ بِهِمَا مِنْ حَجْرِ أَبِيهِ الْأَبِ الْمُسْلِمِ الرَّشِيدِ لَا الْجَدِّ وَالْجَدَّةِ
وَلَهُ الْبَيْعُ مُطْلَقًا، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ سَبَبَهُ
ــ
[منح الجليل]
وَالْأُمِّ وَالْعَمِّ وَنَحْوِهِمْ إلَّا بِإِيصَاءٍ، وَقَدَّمَ الْحَاكِمُ عَلَى مَنْ طَرَأَ سَفَهُهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَرُشْدِهِ وَخُرُوجِهِ مِنْ حَجْرِ أَبِيهِ مُقَدَّمًا يَنْظُرُ لَهُ فِي مَالِهِ بِالْمَصْلَحَةِ.
الْمُتَيْطِيُّ لَوْ بَلَغَ رَشِيدًا ثُمَّ حَدَثَ بِهِ السَّفَهُ فَإِنَّ الْأَبَ يُثْبِتُهُ عِنْدَ الْقَاضِي وَيُقَدِّمُهُ لِلنَّظَرِ لَهُ إنْ رَأَى ذَلِكَ وَهُوَ أَحَقُّ بِالتَّقْدِيمِ عَلَيْهِ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ، وَكَذَا يُقَدَّمُ الْحَاكِمُ عَلَى صَبِيٍّ لَهُ وَصِيٌّ مِنْ أَبٍ كَافِرٍ، أَوْ سَفِيهٍ مُهْمَلٍ أَوْ ذِي وَصِيٍّ عَلَى مَا بِهِ الْعَمَلُ. وَفِي التُّحْفَةِ أَنَّ الْوَصِيَّ عَلَى الْأَبِ السَّفِيهِ وَصِيٌّ عَلَى أَوْلَادِهِ، قَالَ:
وَنَظَرُ الْوَصِيِّ فِي الْمَشْهُورِ
…
مُنْسَحِبٌ عَلَى بَنِي الْمَحْجُورِ
مَيَّارَةُ: الظَّاهِرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ فِي حَيَاةِ الْأَبِ فَقَطْ. وَأَمَّا بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَا يَكُونُ نَاظِرًا عَلَى بَنِيهِ لِأَنَّ نَظَرَهُ لَهُمْ كَانَ بِحَسَبِ التَّبَعِ لِنَظَرِهِ لِأَبِيهِمْ.
(وَلَهُ) أَيْ الْأَبِ الْوَلِيِّ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَوْ السَّفِيهِ أَوْ الْمَجْنُونِ (الْبَيْعُ) لِشَيْءٍ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ الْمَحْجُورِ لَهُ لِيُنْفِقَ ثَمَنَهُ عَلَى وَلَدِهِ أَوْ يَقْضِيَ بِهِ دَيْنَهُ (مُطْلَقًا) عَنْ تَقْيِيدِهِ بِغَيْرِ الْعَقَارِ إنْ بَيَّنَ الْأَبُ سَبَبَ بَيْعِهِ، بَلْ (وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ) الْأَبُ (سَبَبَهُ) أَيْ الْبَيْعِ عَلَى وَلَدِهِ تت أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ وَعَزَاهُ فِي تَوْضِيحِهِ لِظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. أَبُو عِمْرَانَ كُلُّ مَا فِي الْكِتَابِ عَنْ بَيْعِ الْأَبِ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِ وَلَدِهِ أُطْلِقَ الْقَوْلُ بِجَوَازِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ النَّظَرِ، وَإِذَا سُئِلَ عَنْ بَيْعِ الْوَصِيِّ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِ مَحْجُورِهِ قَالَ: لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَظَرًا، وَحَيْثُ كَانَ الْأَبُ مَحْمُولًا فِي بَيْعِهِ عَلَى السَّدَادِ فَلَا اعْتِرَاضَ لِوَلَدِهِ بَعْدَ رُشْدِهِ فِيمَا بَاعَهُ عَلَيْهِ. قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ.
(تَنْبِيهٌ) : إطْلَاقُهُ جَوَازَ الْبَيْعِ يَشْمَلُ بَيْعَهُ لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ، لَكِنَّهُ رَجَعَ عَنْهُ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ بَاعَ لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ، وَتَحَقُّقُ ذَلِكَ فَسْخٌ. ابْنُ عَرَفَةَ يُرِيدُ مَنْفَعَةً غَيْرَ وَاجِبَةٍ لَهُ، فَإِنْ كَانَتْ وَاجِبَةً فَلَا يُفْسَخُ كَبَيْعِهِ دَارًا مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا لَا تَنْقَسِمُ. طفي: قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ سَبَبَهُ أَيْ لِأَنَّهُ لَا يَبِيعُ إلَّا بِالنَّظَرِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ بَيَانُ وَجْهِ النَّظَرِ، هَذَا مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِالسَّبَبِ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
وَعَلَيْهِ قَرَّرَهُ الشَّارِحُ لِأَنَّهُ كَانَ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ فَلَا يَحْتَاجُ أَنْ يَذْكُرَ السَّبَبَ الَّذِي بِيعَ ذَلِكَ لِأَجْلِهِ، وَنَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ وَبَيْعُ عَقَارِ ابْنِهِ الَّذِي فِي حِجْرِهِ إنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ جَائِزٌ مِنْ غَيْرِ قَصْرِهِ عَلَى وُجُوهٍ مَعْدُودَةٍ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى النَّظَرِ حَتَّى يَثْبُتَ خِلَافُهُ اهـ.
فَلَيْسَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِالسَّبَبِ مَا يَأْتِي فِي بَيْعِ عَقَارِ الْيَتِيمِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْأَبَ يَبِيعُ عَقَارَ ابْنِهِ وَغَيْرَهُ لِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ الْآتِيَةِ وَلِغَيْرِهَا. اهـ. فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَبِيعُ إلَّا بِالسَّبَبِ وَهُوَ النَّظَرُ، لَكِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ذِكْرُهُ لِحَمْلِهِ عَلَيْهِ، إذَا تَمَهَّدَ هَذَا فَقَوْلُ تت وَتَبِعَهُ " ج " قَوْلُهُ " وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ سَبَبَهُ " مُنْتَقَدٌ إذْ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ عَنْ كَوْنِهِ يَبِيعُهُ لِسَبَبٍ، لَكِنْ لَا يَحْتَاجُ لِذِكْرِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، لَيْسَ كَذَلِكَ، لَيْسَ كَذَلِكَ وَكَأَنَّهُمَا فَهِمَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّبَبِ مَا يَأْتِي فَقَطْ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَيْسَ بِمُرَادٍ، قَوْلُ تت إنْ بَاعَ لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ وَتَحَقَّقَ ذَلِكَ أُطْلِقَ فِي الْفَسْخِ، فَظَاهِرُهُ كَانَ الْأَبُ مُوسِرًا أَمْ لَا. وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. ابْنُ رُشْدٍ: وَحُكْمُ مَا بَاعَهُ الْأَبُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ فِي مَصْلَحَةِ نَفْسِهِ أَوْ حَابَى بِهِ حُكْمُ مَا وَهَبَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ فَيُفْسَخُ فِي الْقِيَامِ، وَحُكْمُهُ فِي الْفَوَاتِ عَلَى مَا ذَكَرْته فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ، غَيْرَ أَنَّهُ إذَا غَرِمَ يَرْجِعُ عَلَى الْأَبِ بِالثَّمَنِ، وَقَالَ قَبْلَ هَذَا: فَرَّقَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَيْنَ أَنْ يَعْتِقَ الرَّجُلُ عَبْدَ ابْنِهِ الصَّغِيرِ يَتَصَدَّقُ بِهِ أَوْ يَتَزَوَّجُ بِهِ فَقَالَ: إنَّ الْعِتْقَ يَنْفُذُ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَيَغْرَمُ الْقِيمَةَ لِابْنِهِ، وَيُرَدُّ إنْ كَانَ مُعْدِمًا إلَّا أَنْ يَطُولَ الْأَمْرُ فَلَا يُرَدَّ أَصْبَغُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ حَدَثَ لَهُ خِلَالَ ذَلِكَ يُسْرٌ لَمْ يُعْلَمْ بِهِ، فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ عَدِيمًا فِي ذَلِكَ الطُّولِ فَإِنَّهُ يُرَدُّ، وَقَالَ: الصَّدَقَةُ تُرَدُّ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْدِمًا فَإِنْ تَلِفَتْ الصَّدَقَةُ بِيَدِ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ بِأَمْرٍ مِنْ السَّمَاءِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَغَرِمَ الْأَبُ الْقِيمَةَ، وَإِنْ فَاتَتْ بِيَدِهِ بِاسْتِهْلَاكٍ أَوْ أَكْلٍ، وَالْأَبُ عَدِيمٌ غَرِمَ قِيمَتَهَا وَلَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْأَبِ، وَإِنْ كَانَ عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ وَغَرِمَ الْأَبُ قِيمَتَهُ وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا رُدَّ عِتْقُهُ إلَّا أَنْ يَتَطَاوَلَ بِمَنْزِلَةِ إعْتَاقِ الْأَبِ وَإِنْ كَانَتْ جَارِيَةٌ فَأَوْلَدَهَا الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ لَزِمَتْهُ قِيمَتُهَا إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ مَالٌ بِمَنْزِلَةِ مَا فَوَّتَهُ بِاسْتِهْلَاكٍ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
أَوْ أَكْلٍ هَذَا الَّذِي يَأْتِي عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْقِسْمَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ.
وَقَالَ غَيْرُهُ فِي التَّزْوِيجِ: الْمَرْأَةُ أَحَقُّ بِهِ دَخَلَ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ مُوسِرًا كَانَ الْأَبُ أَوْ مُعْدِمًا وَيَتْبَعُ الِابْنُ أَبَاهُ بِقِيمَتِهِ. قَالَ فِي رَسْمِ الْجَوَابِ: يَوْمَ أَخَذَهُ وَأَصْدَقَهُ أَمْر أَنَّهُ يُرِيدُ يَوْمَ تَزَوَّجَ عَلَيْهِ لَا يَوْمَ دَفْعِهِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ، كَذَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ، فَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ تَقْبِضْهُ الْمَرْأَةُ وَرَوَى أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ الِابْنُ أَحَقُّ بِهِ مِنْ الْمَرْأَةِ مَا لَمْ تَقْبِضْهُ، وَيَظَلَّ فِي يَدِهَا بَعْدَ قَبْضِهَا.
فَإِنْ قَامَ بَعْدَ قَبْضِهَا بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ وَالْأَمْرُ الْقَرِيبُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وَيَكُونُ كَالِاسْتِحْقَاقِ، وَتَتْبَعُ الْمَرْأَةُ الْأَبَ بِقِيمَتِهِ، وَسَوَاءٌ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ دَخَلَ الْأَبُ بِالْمَرْأَةِ أَمْ لَا، وَفَرَّقَ مُطَرِّفٌ بَيْنَ دُخُولِهِ بِهَا وَعَدَمِهِ، وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: الِابْنُ أَحَقُّ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا قَبَضَتْ أَمْ لَا طَالَ الْأَمْرُ أَمْ لَا، وَهَذَا الِاخْتِلَافُ إذَا كَانَ الْأَبُ مُعْسِرًا وَإِلَّا فَالزَّوْجَةُ أَحَقُّ بِهِ قَوْلًا وَاحِدًا فَالْحَاصِلُ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا فَرْقَ بَيْنَ يُسْرِ الْأَبِ وَعُسْرِهِ فِي الْعِتْقِ، وَعَلَى هَذَا دَرَجَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ كَأَبِيهِ إنْ أَيْسَرَ، وَأَشَارَ ابْنُ رُشْدٍ بِقَوْلِهِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْقِسْمَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ لِقَوْلِهَا: وَإِذَا قَاسَمَ لِلصَّغِيرِ أَبُوهُ فَحَابَى لَمْ تَجُزْ مُحَابَاتُهُ فِيهَا وَلَا هِبَتُهُ وَلَا صَدَقَتُهُ مِنْ مَالِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ، وَيُرَدُّ ذَلِكَ إنْ وُجِدَ بِعَيْنِهِ وَتُرَدُّ الصَّدَقَةُ وَإِنْ كَانَ الْأَبُ مُوسِرًا. اهـ. فَظَهَرَ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِلْأَخَوَيْنِ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْيُسْرِ وَالْعُسْرِ فِي الْبَيْعِ وَالرَّهْنِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالتَّزْوِيجِ فَأَمْضَيَا ذَلِكَ مَعَ الْيَسَارِ وَرَدَّاهُ مَعَ الْإِعْسَارِ.
وَأَطَالَ " ح " بِجَلْبِ كَلَامِهِمَا مِنْ النَّوَادِرِ وَتَرَكَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمُعْتَمَدَ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ ذَلِكَ. الْبُنَانِيُّ ابْنُ نَاجِي: قَوْلُهَا فِي الْقِسْمَةِ تُرَدُّ الصَّدَقَةُ وَإِنْ كَانَ الْأَبُ مُوسِرًا إلَخْ. الْمَغْرِبِيُّ: يَعْنِي وَكَذَلِكَ الْهِبَةُ هُمَا سَوَاءٌ وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ الْمَشْهُورُ وَأَحَدُ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ، ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلَ الْأَخَوَيْنِ التَّفْرِيقَ بَيْنَ الْيُسْرِ وَالْعُسْرِ مُطْلَقًا، وَقَوْلَ أَصْبَغَ بِالْمُضِيِّ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيقٍ مُطْلَقًا، ثُمَّ قَالَ: قَالَ فِي النُّكَتِ: قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: الْفَرْقُ بَيْنَ عِتْقِ الْأَبِ عَبْدَ ابْنِهِ الصَّغِيرِ عَنْ نَفْسِهِ وَبَيْنَ صَدَقَتِهِ بِمَالِهِ أَوْ هِبَتِهِ لِلنَّاسِ لِأَنَّ الْعِتْقَ أَوْجَبَ بِهِ الْأَبُ عَلَى نَفْسِهِ
ثُمَّ وَصِيُّهُ، وَإِنْ بَعُدَ. وَهَلْ كَالْأَبِ، أَوْ إلَّا الرَّبْعَ فَبِبَيَانِ السَّبَبِ؟ خِلَافٌ.
ــ
[منح الجليل]
تَمَلُّكَ شَيْءٍ يَتَعَجَّلُهُ وَهُوَ مِلْكُ الْوَلَاءِ، وَإِنْفَاذُ الْعِتْقِ عَلَى نَفْسِهِ فَذَلِكَ تَمْلِيكٌ مِنْهُ لِنَفْسِهِ مَالَ وَلَدِهِ، وَلَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَ مَالَ وَلَدِهِ بِالْمُعَاوَضَةِ فَأَجَزْنَا ذَلِكَ وَأَلْزَمْنَاهُ. وَأَمَّا الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ فَإِنَّمَا أَخْرَجَ ذَلِكَ مِنْ مِلْكِ وَلَدِهِ إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ لِوَلَدِهِ وَلَا لِنَفْسِهِ اهـ.
وَقَالَ الْمِسْنَاوِيُّ: الِانْتِقَادُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّبَبِ هُنَا أَحَدُ الْأَسْبَابِ الْآتِيَةِ فِي قَوْلِهِ وَإِنَّمَا يُبَاعُ عَقَارُهُ إلَخْ، فَحِينَئِذٍ يَتَوَجَّهُ الِاعْتِرَاضُ بِأَنْ يُقَالَ: لَا يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ بَيْعِ الْأَبِ وُجُودُ سَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ الْآتِيَةِ فَضْلًا عَنْ ذِكْرِهِ، وَأَمَّا إذَا قُلْنَا: مُرَادُهُ مُطْلَقُ السَّبَبِ فَلَا إشْكَالَ فِي اشْتِرَاطِ وُجُودِ سَبَبٍ أَيَّ سَبَبٍ كَانَ إذْ لَا يَحِلُّ لِلْأَبِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَبِيعَ مَالَ وَلَدِهِ بِدُونِ سَبَبٍ أَصْلًا، وَعَلَى هَذَا فَلَا انْتِقَادَ عَلَى الْمُصَنِّفِ.
(ثُمَّ) يَلِي الْأَبَ فِي الْوِلَايَةِ عَلَى الصَّبِيِّ وَالسَّفِيهِ (وَصِيُّهُ) أَيْ الْأَبِ لِنِيَابَتِهِ عَنْهُ ثُمَّ وَصِيُّ وَصِيِّهِ إنْ قَرُبَ، بَلْ (وَإِنْ بَعُدَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَصِيُّ الْوَصِيِّ (وَهَلْ) الْوَصِيُّ (كَالْأَبِ) فِي حَمْلِ تَصَرُّفِهِ عِنْدَ جَهْلِ حَالِهِ عَلَى السَّدَادِ مُطْلَقًا، فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذِكْرُ سَبَبِ تَصَرُّفِهِ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ خِلَافُهُ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَنْدَلُسِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ (أَوْ) هُوَ مِثْلُهُ فِي تَصَرُّفِهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ (إلَّا الرَّبْعَ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ الْعَقَارَ مِنْ الْأَرْضِ، وَمَا اتَّصَلَ مِنْهَا مِنْ بِنَاءٍ وَشَجَرٍ (فَ) يَتَصَرَّفُ فِيهِ (بِ) شَرْطِ (بَيَانِ السَّبَبِ) لِبَيْعِهِ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَبُو عِمْرَانَ وَغَيْرُهُ مِنْ الْقَرَوِيِّينَ فِي الْجَوَابِ (خِلَافٌ) أَيْ قَوْلَانِ مُشَهَّرَانِ هَذَا ظَاهِرُهُ.
طفي لَمْ أَرَ مَنْ شَهَّرَ شَيْئًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَإِنَّمَا هُوَ اخْتِلَافٌ لِلْمُتَأَخِّرِينَ فَالْمَحَلُّ لِتَرَدُّدِ ظَاهِرِ التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ. قَالَ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ: أَفْعَالُ الْأَوْصِيَاءِ فِيمَا بَاعُوهُ مِنْ غَيْرِهِمْ مَحْمُولَةٌ عَلَى النَّظَرِ حَتَّى يَثْبُتَ خِلَافُهُ، فَإِنْ تَبَيَّنَ خِلَافُهُ رُدَّ الْبَيْعُ، هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ لُبَابَةَ وَابْنِ الْعَطَّارِ وَغَيْرِهِمَا وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ وَغَيْرُهُ مِنْ الْقَرَوِيِّينَ: يُحْمَلُ بَيْعُ الْوَصِيِّ عَلَى غَيْرِ النَّظَرِ حَتَّى يَثْبُتَ خِلَافُهُ اهـ.
لَكِنْ فِي وَثَائِقِ أَبِي الْقَاسِمِ الْجَزِيرِيِّ: فِعْلُ الْوَصِيِّ مَحْمُولٌ عَلَى السَّدَادِ حَتَّى يَثْبُتَ خِلَافُهُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ اهـ. وَنَحْوُهُ لِابْنِ فَرْحُونٍ فَيَكُونُ الْمُصَنِّفُ أَشَارَ بِالْخِلَافِ لِهَذَا لَكِنْ اُنْظُرْ مَنْ شَهَّرَ الْمُقَابِلَ.
وَلَيْسَ لَهُ هِبَةٌ لِلثَّوَابِ؛
ــ
[منح الجليل]
الْبُنَانِيُّ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ قَوْلِهَا " وَهِبَةُ الْوَصِيِّ شِقْصَ الْيَتِيمِ كَبَيْعِ رِيعِهِ ": لَا يَجُوزُ ذَلِكَ إلَّا بِنَظَرٍ بِمَا نَصَّهُ عِيَاضٌ قَالَ بَعْضُهُمْ يَظْهَرُ مِنْ هَذَا أَنَّ فِعْلَ الْأَبِ مَحْمُولٌ عَلَى النَّظَرِ حَتَّى يَثْبُتَ خِلَافُهُ، وَفِعْلَ الْوَصِيِّ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ النَّظَرِ، وَهَذَا إنَّمَا هُوَ فِي الرِّبَاعِ خَاصَّةً، كَذَا قَالَ أَبُو عِمْرَانَ وَغَيْرُهُ، قَالَ أَبُو عِمْرَانَ: وَهَذَا مَعْنَى مَا فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ يُفَسِّرُهُ اهـ. فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ فَهِمُوا أَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ هَذَا يَقْتَضِي تَرْجِيحَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ابْنُ رُشْدٍ: بَيْعُ الْأَبِ عَقَارَ ابْنِهِ يُخَالِفُ بَيْعَ الْوَصِيِّ عَقَارَ يَتِيمِهِ إذْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ عَقَارَهُ إلَّا لِوُجُوهٍ مَعْلُومَةٍ حَصَرَهَا أَهْلُ الْعِلْمِ بَعْدَهَا وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ هَلْ يُصَدَّقُ الْوَصِيُّ فِيهَا أَمْ لَا فَقِيلَ: يُصَدَّقُ فِيهَا وَلَا يَلْزَمُهُ إقَامَةُ بَيِّنَةٍ عَلَيْهَا وَقِيلَ: لَا يُصَدَّقُ فِيهَا وَيَلْزَمُهُ إقَامَةُ بَيِّنَةٍ عَلَيْهَا، وَقِيلَ: لَا يُصَدَّقُ فِيهَا وَيَلْزَمُهُ إقَامَتُهَا عَلَيْهَا، وَأَمَّا الْأَبُ فَيَجُوزُ لَهُ بَيْعُ عَقَارِ ابْنِهِ الَّذِي فِي حِجْرِهِ إذَا كَانَ بَيْعُهُ وَجْهَ النَّظَرِ مِنْ غَيْرِ حَصْرِ وُجُوهِهِ فِي ذَلِكَ بِعَدَدٍ، وَبَيْعُهُ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ حَتَّى يَثْبُتَ خِلَافُهُ مَلِيًّا كَانَ أَوْ مُفْلِسًا عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ اهـ. وَبِهَذَا اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ فِي الثَّانِي " فَبَيَانُ السَّبَبِ " الْمُرَادُ بِهِ إثْبَاتُهُ بِبَيِّنَةٍ لَا مُجَرَّدُ ذِكْرِهِ. وَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ أَبِي عُمَرَ أَنَّ مِثْلَ مَا لِابْنِ رُشْدٍ، وَمِثْلَهُ لِلْجَزِيرِيِّ، وَهُوَ الْحَقُّ.
(وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ الْوَصِيِّ (هِبَةٌ) لِشَيْءٍ مِنْ مَالٍ مَحْجُورِهِ (لِلثَّوَابِ) أَيْ الْعِوَضِ الْمَالِيِّ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ لِأَنَّهَا إذَا فَاتَتْ بِيَدِهِ فَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا، وَالْوَصِيُّ لَا يَبِيعُ بِهَا كَالْحَاكِمِ، بِخِلَافِ الْأَبِ. الْبُنَانِيُّ هَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ الْبَيْعُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، فَإِنْ كَانَ لَهَا فَلَهُ الْبَيْعُ بِهَا نَصَّ عَلَيْهِ الْمُتَيْطِيُّ، فَيُقَالُ: لِمَ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي صُورَةِ الْحَاجَةِ هِبَتُهُ لِلثَّوَابِ فَأَجَابَ الْمِسْنَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهَا إنَّمَا يُقْضَى فِيهَا بِالْقِيمَةِ بَعْدَ فَوَاتِهَا بِيَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَقَبْلَهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ رَدِّهَا وَبَيْنَ دَفْعِ الْقِيمَةِ الَّتِي تَلْزَمُهُ بِفَوَاتِهَا وَهِيَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ يَوْمَ فَوَاتِهَا، وَمِنْ الْجَائِزِ نَقْصُهَا يَوْمَ الْفَوَاتِ عَنْهَا يَوْمَ الْهِبَةِ فَلَمْ تَجُزْ الْهِبَةُ لِاحْتِمَالِ تَأْدِيَتِهَا لِلنَّقْصِ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِحَاجَةٍ بِهَا، فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، فَإِنْ نَقَصَ فَلَا يَعُودُ نَقْصُهُ عَلَى الْمَحْجُورِ.
ثُمَّ حَاكِمٌ، وَبَاعَ بِثُبُوتِ يُتْمِهِ، وَإِهْمَالِهِ وَمِلْكِهِ لِمَا بِيعَ. وَأَنَّهُ الْأَوْلَى؛ وَحِيَازَةِ الشُّهُودِ لَهُ، وَالتَّسَوُّقِ، وَعَدَمِ إلْغَاءِ زَائِدٍ، وَالسَّدَادِ فِي الثَّمَنِ، وَفِي تَصْرِيحِهِ بِأَسْمَاءِ الشُّهُودِ:
ــ
[منح الجليل]
ثُمَّ) يَلِي الْوَصِيَّ فِي الْوِلَايَةِ (الْحَاكِمُ) أَوْ مُقَامُهُ (وَبَاعَ) الْحَاكِمُ مِنْ عَقَارِ الْيَتِيمِ مَا دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى صَرْفِ ثَمَنِهِ فِي مَصَالِحِ الْيَتِيمِ (بِثُبُوتِ يُتْمِهِ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْفَوْقِيَّةِ أَيْ كَوْنِ الصَّبِيِّ يَتِيمًا لِاحْتِمَالِ حَيَاةِ أَبِيهِ (وَإِهْمَالِهِ) أَيْ كَوْنِ الْيَتِيمِ لَا وَصِيَّ وَلَا مُقَدَّمَ لَهُ لِاحْتِمَالِ وُجُودِ أَحَدِهِمَا (وَمِلْكِهِ) أَيْ الْيَتِيمِ (لِمَا بِيعَ) أَيْ أُرِيدَ بَيْعُهُ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ مِلْكَ غَيْرِهِ (وَأَنَّهُ) أَيْ مَا أُرِيدَ بَيْعُهُ (الْأَوْلَى) بِفَتْحِ الْهَمْزِ أَيْ الْأَحَقُّ بِالْبَيْعِ مِنْ غَيْرِهِ إنْ كَانَ لَهُ مِنْ غَيْرِهِ (وَ) ثُبُوتِ (حِيَازَةِ الشُّهُودِ لَهُ) أَيْ مَا شَهِدُوا عِنْدَ الْحَاكِمِ أَنَّهُ مِلْكُ الْيَتِيمِ بِأَنْ يَطُوفُوا بِهِ وَيُشَاهِدُوا حُدُودَهُ مِنْ جَمِيعِ جِهَاتِهِ وَيَقُولُوا لِلْحَاكِمِ وَلِمَنْ وَجَّهَهُ الْحَاكِمُ مَعَهُمْ، هَذَا الَّذِي حُزْنَاهُ هُوَ الَّذِي شَهِدْنَا أَوْ شَهِدَ غَيْرُنَا بِمِلْكِهِ لِلْيَتِيمِ، وَهَذَا إذَا لَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةُ الْمِلْكِ بِحُدُودِهِ، فَإِنْ شَهِدَتْ بِهَا وَبِمَحَلِّهِ أَغْنَتْ عَنْ بَيِّنَةِ الْحِيَازَةِ خَشْيَةَ أَنْ يُبَاعَ غَيْرُهُ.
(وَ) ثُبُوتِ (التَّسَوُّقِ) بِمَا يُبَاعُ أَيْ إشْهَارِهِ لِلْبَيْعِ وَالنِّدَاءِ عَلَيْهِ مِرَارًا (وَ) ثُبُوتِ (عَدَمِ إلْغَاءِ) بَقَاءِ أَيْ وُجُودِ ثَمَنٍ (زَائِدٍ) عَلَى مَا أُرِيدَ بَيْعُهُ بِهِ (وَ) ثُبُوتِ (السَّدَادِ) أَيْ عَدَمِ النَّقْصِ (فِي الثَّمَنِ) الَّذِي قُصِدَ بَيْعُهُ بِهِ وَكَوْنِهِ عَيْنًا لَا عَرَضًا حَالًّا مُؤَجَّلًا خَوْفًا مِنْ رُخْصِ الْعَرَضِ وَعَدَمِ الْمَدِينِ. وَزَادَ ابْنُ رَاشِدٍ قَبُولَ مَنْ يُقَدِّمُهُ لِلْبَيْعِ لِمَا كَلَّفَهُ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ إنْ بَاعَ قَبْلَ قَبُولِهِ كَانَ بَيْعُهُ مَنْظُورًا فِيهِ إذْ لَمْ يَقْبَلْ حِينَ الْإِذْنِ، وَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ حِينَ الْبَيْعِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ قَبُولٌ أَفَادَهُ تت، فَإِنْ بَاعَ الْقَاضِي تَرِكَةً قَبْلَ ثُبُوتِ مُوجِبَاتِ بَيْعِهَا فَأَفْتَى السُّيُورِيُّ بِفَسْخِ بَيْعِهِ، وَإِنْ فَاتَ لَزِمَهُ مِثْلُ الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةُ الْمُقَوَّمِ يَوْمَ تَعَدِّيهِ بِسِكَّةِ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَكَذَا إذَا فَرَّطَ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ حَتَّى غَابَ الْمُشْتَرُونَ أَوْ هَلَكُوا أَفَادَهُ الْبُرْزُلِيُّ.
(وَفِي) وُجُوبِ (تَصْرِيحِهِ) أَيْ الْقَاضِي فِي تَسْجِيلِهِ الْبَيْعَ عَلَى الْيَتِيمِ (بِأَسْمَاءِ الشُّهُودِ)
قَوْلَانِ، لَا حَاضِنٌ: كَجَدٍّ
بَيْعِ الْيَسِيرِ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ مِنْ الْحَاضِنِ وَعُمِلَ بِإِمْضَاءِ الْيَسِيرِ،
ــ
[منح الجليل]
الَّذِينَ شَهِدُوا عِنْدَهُ بِالْيُتْمِ وَالْإِهْمَالِ وَالْمِلْكِ وَأَنَّهُ الْأَوْلَى وَالْحِيَازَةِ بِأَنْ يَكْتُبَ فِي سِجِلِّهِ شَهِدَ عِنْدِي فُلَانٌ وَفُلَانٌ بِكَذَا، وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ بِكَذَا إلَخْ، لِيَتَيَسَّرَ لِلْيَتِيمِ بَعْدَ رُشْدِهِ الْقَدْحُ فِيمَنْ رَأَى فِيهِ قَادِحًا فِي شَهَادَتِهِ، وَعَدَمِ وُجُوبِهِ (قَوْلَانِ) فِي الْحَاكِمِ الْعَدْلِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ التَّصْرِيحِ بِأَسْمَائِهِمْ وَإِلَّا نُقِضَ حُكْمُهُ. الْبُنَانِيُّ: صَوَابُهُ تَرَدُّدٌ اُنْظُرْ " ق ".
وَعَطَفَ عَلَى الْأَبِ أَوْ عَلَى فَاعِلِ " بَاعَ " فَقَالَ (لَا حَاضِنٌ) أَيْ كَافِلٌ وَمُرَبٍّ لِيَتِيمٍ مُهْمَلٍ (كَجَدٍّ) وَأُمٍّ وَأَخٍ وَعَمٍّ فَلَا يَبِيعُ مَتَاعَ مَحْضُونِهِ مُطْلَقًا، وَلَا يُقَاسِمُ عَنْهُ إلَّا لِشَرْطٍ عَلَى أَبِيهِ أَنَّهُ لَا يَحْضُنُهُ إلَّا إذَا جَعَلَهُ وَصِيًّا عَلَيْهِ أَوْ عُرِفَ بِهِ كَعَادَةِ أَهْلِ الْبَادِيَةِ بِتَرْكِ أَحَدِهِمْ الْوَصِيَّةَ عَلَى أَوْلَادِهِ اتِّكَالًا عَلَى قِيَامِ جَدِّهِمْ أَوْ عَمِّهِمْ أَوْ أَخِيهِمْ الرَّشِيدِ بِشَأْنِهِمْ، فَهُوَ كَإِيصَاءِ الْأَبِ مِنْ ذَكَرٍ، نَقَلَهُ الطِّخِّيخِيُّ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ صَالِحٍ، وَبِهِ أَفْتَى أَبُو الْحَسَنِ فِي آخِرِ مَسْأَلَةٍ مِنْ نَوَازِلِهِ فَقَالَ شَأْنُ أَهْلِ الْبَادِيَةِ تَصَرُّفُ الْأَكَابِرِ عَلَى الْأَصَاغِرِ يَتْرُكُونَ الْإِيصَاءَ اتِّكَالًا مِنْهُمْ بِأَنَّهُمْ يَفْعَلُونَ بِغَيْرِ إيصَاءٍ فَالْأَخُ الْكَبِيرُ مَعَ الْأَصَاغِرِ فِي الْبَادِيَةِ يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْوَصِيِّ، بِهَذَا الْعُرْفُ، عَلَى هَذَا دَرَجُوا، ثُمَّ نَقَلَ رِوَايَةَ ابْنِ غَانِمٍ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - بِأَنَّ الْكَافِلَ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيِّ بِدُونِ هَذَا الْعُرْفِ، وَذَكَرَ قَوْلَ أَبِي مُحَمَّدٍ صَالِحٍ هَذِهِ الرِّوَايَةُ جَيِّدَةٌ لِأَهْلِ الْبَوَادِي لِأَنَّهُمْ يُهْمِلُونَ الْإِيصَاءَ. ابْنُ هِلَالٍ وَبِهِ أَقُولُ وَأَتَقَلَّدُ الْفُتْيَا بِهِ فِي بَلَدِنَا لِأَنَّهَا كَالْبَادِيَةِ.
(وَعُمِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (بِإِمْضَاءِ) بَيْعِ (الْيَسِيرِ) مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ مِنْ الْحَاضِنِ. تت وَفِي الْعُتْبِيَّةِ جَوَازُهُ، وَبِهِ قَالَ أَصْبَغُ، وَلِذَا تَعَقَّبَ لَفْظَ الْإِمْضَاءِ لِاقْتِضَائِهِ عَدَمَ جَوَازِهِ ابْتِدَاءً، وَعُمُومُ قَوْلِهِ " حَاضِنٌ " يَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى وَالْقَرِيبَ وَالْأَجْنَبِيَّ. الْبُنَانِيُّ ابْنُ هِلَالٍ فِي بَيْعِ الْحَاضِنِ عَلَى مَحْضُونِهِ الْيَتِيمِ اضْطِرَابٌ كَثِيرٌ وَاَلَّذِي جَرَى الْعَمَلُ بِهِ مَا لِأَصْبَغَ مِنْ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فَيَجُوزُ فِي التَّافِهِ الْيَسِيرِ، ثُمَّ قَالَ فَعَلَى مَا جَرَى بِهِ الْعَمَلُ لَا يَبِيعُ إلَّا بِشُرُوطٍ مِنْ مَعْرِفَةِ الْحَضَانَةِ وَصِغَرِ الْمَحْضُونِ وَالْحَاجَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْبَيْعِ وَتَفَاهَةِ الْمَبِيعِ، وَأَنَّهُ أَحَقُّ مَا يُبَاعُ، وَمَعْرِفَةِ السَّدَادِ فِي الثَّمَنِ، وَتَشْهَدُ بِهَذِهِ الشُّرُوطِ بَيِّنَةٌ مُعْتَبَرَةٌ شَرْعًا، وَهَذَا الْمَعْنَى مُسْتَوْفًى فِي كُتُبِ الْمُوَثَّقِينَ.
وَفِي حَدِّهِ: تَرَدُّدٌ
وَلِلْوَلِيِّ: تَرْكُ التَّشَفُّعِ وَالْقِصَاصِ فَيَسْقُطَانِ، وَلَا يَعْفُو، وَمَضَى عِتْقُهُ
ــ
[منح الجليل]
وَفِي التَّوْضِيحِ إذَا قِيمَ عَلَى الْمُبْتَاعِ فِيمَا ابْتَاعَهُ مِنْ الْكَافِلِ فَعَلَيْهِ إثْبَاتُ هَذِهِ الشُّرُوطِ، وَزَادَ بَيَانَ أَنَّهُ أَنْفَقَ الثَّمَنَ عَلَيْهِ وَأَدْخَلَهُ فِي مَصَالِحِهِ، فَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ فَلِلْمَحْضُونِ بَعْدَ رُشْدِهِ الْخِيَارُ فِي رَدِّ الْبَيْعِ وَإِمْضَائِهِ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ، إلَّا كَوْنَ الثَّمَنِ أُنْفِقَ عَلَيْهِ، وَنَقَلَهُ فِي الْمِعْيَارِ أَيْضًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَفِي حَدِّهِ) أَيْ قَدْرِ الْيَسِيرِ الَّذِي يَمْضِي بَيْعُهُ مِنْ الْحَاضِنِ (تَرَدُّدٌ) فَحَدَّهُ ابْنُ الْهِنْدِيِّ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَابْنُ الْعَطَّارِ بِعِشْرِينَ دِينَارًا وَابْنُ زَرْبٍ بِثَلَاثِينَ دِينَارًا. أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ وَعَلَى الثَّانِي الْأَكْثَرُ.
فَإِنْ قِيلَ: لِمَ كَانَ الْحَاضِنُ غَيْرَ وَلِيٍّ فِي الْبَيْعِ وَوَلِيًّا فِي النِّكَاحِ، مَعَ أَنَّ الْبُضْعَ أَقْوَى مِنْ الْمَالِ، فَجَوَابُهُ أَنَّ النِّكَاحَ لَا يَسْتَقِلُّ لِلْكَافِلِ بِهِ، وَيَسْتَأْذِنُ الزَّوْجَةَ فِيهِ، وَاَلَّذِي يُبَاشِرُهُ الْكَافِلُ مُجَرَّدُ الْعَقْدِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ لَا إذْنَ فِيهِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَإِنْ أَذِنَ الْيَتِيمُ فِيهِ فَلَا يُعْتَبَرُ إذْنُهُ، فَلَوْ جَازَ مِنْ الْكَافِلِ لَاسْتَقَلَّ بِهِ.
(وَلِلْوَلِيِّ) الْأَبِ أَوْ غَيْرِهِ (تَرْكُ التَّشَفُّعِ) أَيْ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ الثَّابِتِ لِمَحْجُورِهِ فِي الشِّقْصِ الَّذِي بَاعَهُ شَرِيكُهُ مِنْ عَقَارٍ قَابِلٍ الْقِسْمَةَ إنْ كَانَ التَّرْكُ نَظَرًا، أَوْ يَسْقُطُ بِهِ حَقُّ الْيَتِيمِ فَلَا يَقُومُ بِهِ إذَا رَشَدَ، فَإِنْ كَانَ الْأَخْذُ نَظَرًا فَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ تَرْكُهُ وَإِنْ تَرَكَهُ فَلَهُ إذَا رَشَدَ الْقِيَامُ بِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ أَسْقَطَ أَبٌ أَوْ وَصِيٌّ بِلَا نَظَرٍ.
(وَ) لَهُ تَرْكُ (الْقِصَاصِ) الثَّابِتِ لِلصَّغِيرِ مِنْ جَانٍ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى وَلِيِّهِ وَأَخْذُ الدِّيَةِ إنْ كَانَ مُحْتَاجًا لَهَا وَالْقِصَاصُ إنْ كَانَ غَنِيًّا، وَإِنْ تَرَكَهُ الْوَلِيُّ فَلَهُ بَعْدَ رُشْدِهِ الْقِيَامُ بِهِ، وَإِنْ تَرَكَ الْوَلِيُّ التَّشَفُّعَ وَالْقِصَاصَ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ (فَيَسْقُطَانِ) فَلَيْسَ لِلْمَحْجُورِ قِيَامٌ بِهِمَا بَعْدَ رُشْدِهِ، وَالسَّفِيهُ يَنْظُرُ لِنَفْسِهِ فِي شَأْنِ الْقِصَاصِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَلَا يَعْفُو) الْوَلِيُّ مَجَّانًا عَنْ جَانٍ عَلَى مَحْجُورِهِ أَوْ عَلَى وَلِيِّهِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً إلَّا أَنْ يُعَوِّضَ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ نَظِيرَ مَا فَوَّتَهُ بِعَفْوِهِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ (وَ) إنْ أَعْتَقَ الْوَلِيُّ رَقِيقَ مَحْجُورِهِ (مَضَى عِتْقُهُ) أَيْ الْوَلِيِّ غَيْرِ
بِعِوَضٍ: كَأَبِيهِ إنْ أَيْسَرَ، وَإِنَّمَا يَحْكُمُ: فِي الرُّشْدِ وَضِدِّهِ، وَالْوَصِيَّةِ وَالْحُبُسِ الْمُعَقَّبِ، وَأَمْرِ الْغَائِبِ
ــ
[منح الجليل]
الْأَبِ رَقِيقَ مَحْجُورِهِ النَّاجِزُ عَنْ نَفْسِ الْوَلِيِّ أَوْ عَنْ مَحْجُورِهِ إنْ كَانَ (بِعِوَضٍ) مِنْ مَالِ الْوَلِيِّ أَوْ غَيْرِهِ لَا مِنْ مَالِ الرَّقِيقِ، فَإِنْ أَعْتَقَهُ بِلَا عِوَضٍ رُدَّ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ لِمَالِ الْمَحْجُورِ فِيهَا. لِلْوَصِيِّ أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَ مَنْ يَلِيهِ عَلَى النَّظَرِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْتِقَهُ عَلَى مَالٍ يَأْخُذُهُ مِنْهُ إذْ لَوْ شَاءَ لَانْتَزَعَهُ وَأَبْقَاهُ رَقِيقًا وَلَوْ كَانَ عَلَى عَطِيَّةٍ مِنْ أَجْنَبِيٍّ جَازَ عَلَى النَّظَرِ كَبَيْعِهِ. " غ " إلَّا أَنَّ ظَاهِرَهَا جَوَازُهُ ابْتِدَاءً بِخِلَافِ مَا هُنَا، وَكَأَنَّهُ اسْتَرْوَحَ وَلَوْ مِنْ قَوْلِهِ كَانَ عَلَى عَطِيَّةٍ مِنْ أَجْنَبِيٍّ جَازَ أَنَّهُ بَعْدَ الْوُقُوعِ.
وَشَبَّهَ فِي الْمُضِيِّ فَقَالَ (كَ) عِتْقِ (أَبِيهِ) أَيْ الْمَحْجُورِ رَقِيقَهُ بِلَا عِوَضٍ مِنْ مَالِ الْأَبِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ فَيَمْضِي (إنْ أَيْسَرَ) الْأَبُ وَيَغْرَمُ قِيمَةَ الَّذِي أَعْتَقَهُ مِنْ مَالِهِ لِوَلَدِهِ، فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا رُدَّ عِتْقُهُ. فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَجُوزُ مَا وَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ أَوْ أَعْتَقَ مِنْ مَالِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ وَيُرَدُّ ذَلِكَ كُلُّهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَبُ مُوسِرًا. فِي الْعِتْقِ فَيَجُوزَ ذَلِكَ عَلَى الِابْنِ، وَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ فِي مَالِهِ وَلَا يَجُوزُ فِي الْهِبَةِ وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا وَفِيهَا أَيْضًا وَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدَ ابْنِهِ جَازَ إنْ كَانَ لِلْأَبِ مَالٌ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يُوسِرَ قَبْلَ النَّظَرِ فِيهِ فَيَتِمَّ وَيُقَوَّمَ عَلَيْهِ، وَلَا يَجُوزُ الْهِبَةُ وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا. تت فَفِي تَشْبِيهِهِ بِمَا يَمْضِي مُسَامَحَةٌ.
(وَإِنَّمَا يَحْكُمُ) أَيْ يَجُوزُ حُكْمُهُ ابْتِدَاءً (فِي الرُّشْدِ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَسُكُونِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ إذَا تُنُوزِعَ فِيهِ (وَضِدِّهِ) أَيْ الرُّشْدِ وَهُوَ السَّفَهُ (وَ) شَأْنِ (الْوَصِيَّةِ) مِنْ تَقْدِيمِ وَصِيٍّ وَمِنْ الْوَصِيِّ إذَا تَعَدَّدَ هَلْ يَحْصُلُ الِاشْتِرَاكُ فِي التَّصَرُّفِ أَوْ يَسْتَقِلُّ بِهِ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ مِنْهُمْ وَمِنْ دُخُولِ الْحَمْلِ فِي الْمُوصَى بِهِ إنْ كَانَ حَيَوَانًا وَعَدَمِهِ وَمِنْ صِحَّتِهَا وَعَدَمِهَا (وَالْحُبُسِ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِهَا أَيْ الْوَقْفِ (الْمُعَقَّبِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَالْقَافِ أَيْ الْمُدْخَلِ فِي مُسْتَحِقِّهِ الْعَقِبُ، أَيْ الذُّرِّيَّةِ الَّتِي تَحْدُثُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَحَبْسٍ عَلَى فُلَانٍ وَنَسْلِهِ وَعَقِبِهِ، وَمَفْهُومُ الْمُعَقَّبِ أَنَّ غَيْرَهُ كَحَبْسٍ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ لَا يَخْتَصُّ الْحُكْمُ فِيهِ بِالْقُضَاةِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَمِثْلُ الْمُعَقَّبِ الْحُبُسُ عَلَى مَنْ لَا يُحْصَرُ كَالْفُقَرَاءِ (وَأَمْرِ) أَيْ شَأْنِ
وَالنَّسَبِ، وَالْوَلَاءِ، وَحَدٍّ، وَقِصَاصٍ، وَمَالِ يَتِيمٍ الْقُضَاةُ.
وَإِنَّمَا يُبَاعُ عَقَارُهُ لِحَاجَةٍ، أَوْ غِبْطَةٍ،
ــ
[منح الجليل]
الْغَائِبِ) الَّذِي عُلِمَ مَوْضِعُهُ وَلَا يَشْمَلُ الْغَائِبُ فِي الِاصْطِلَاحِ الْمَفْقُودَ الَّذِي لَمْ يُعْلَمْ مَوْضِعُهُ وَلَا حَالُهُ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ زَوْجَتَهُ تَرْفَعُ لِلْقَاضِي وَالْوَالِي وَوَالِي الْمُسْلِمِينَ وَجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ.
(وَ) شَأْنُ (النَّسَبِ) بِفَتْحِ النُّونِ وَالسِّينِ، أَيْ الِانْتِسَابِ لِأَبٍ مُعَيَّنٍ وَالْوَلَاءِ بِفَتْحِ الْوَاوِ مَمْدُودًا الْمُرَتَّبِ عَلَى الْإِعْتَاقِ الَّذِي هُوَ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ (وَحَدٍّ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الدَّالِ أَيْ عُقُوبَةٍ لِمَعْصِيَةٍ كَبِيرَةٍ مِنْ كُفْرٍ أَوْ سُكْرٍ أَوْ قَذْفٍ أَوْ زِنًا أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ حِرَابَةٍ أَوْ نَحْوِهَا لِحُرٍّ أَوْ رِقٍّ مُتَزَوِّجٍ مِلْكَ غَيْرِ سَيِّدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَتَزَوَّجْ أَوْ تَزَوَّجَ مِلْكَ سَيِّدِهِ فَلَهُ حَدُّهُ كَمَا يَأْتِي (وَقِصَاصٍ) فِي نَفْسٍ أَوْ عُضْوٍ (وَمَالِ يَتِيمٍ) وَفَاعِلُ " يَحْكُمُ "(الْقُضَاةُ) بِضَمِّ الْقَافِ وَبِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ جَمْعُ قَاضٍ لِخَطَرِ هَذِهِ الْعَشَرَةِ، نَصَّ عَلَى الثَّمَانِيَةِ الْأُولَى أَبُو الْأَصْبَغِ بْنُ سَهْلٍ، وَزَادَ أَبُو مُحَمَّدٍ صَالِحٌ الْأَخِيرَيْنِ قَالَهُ تت.
طفي فِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ الَّذِي زَادَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ صَالِحٌ الْحَدُّ وَالْقِصَاصُ وَمَا عَدَاهُمَا نَصَّ عَلَيْهِ أَبُو الْأَصْبَغِ، كَذَا فِي أَصْلِ أَبِي الْأَصْبَغِ بْنِ سَهْلٍ وَكَذَا نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ قَوْلَهَا وَلَا يَتَوَلَّى الْحَجْرَ إلَّا الْقَاضِي، وَزَادَ بَعْدَ الثَّمَانِيَةِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ صَالِحٌ وَالنَّظَرُ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ اهـ وَقَدْ أَحْسَنَ " س " عَزْوَهَا.
(وَإِنَّمَا يُبَاعُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ (عَقَارُهُ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ الْيَتِيمِ ذِي الْوَصِيِّ، لِأَنَّ الْبَيْعَ لِخُصُوصِ هَذِهِ الْوُجُوهِ فِيهِ خَاصَّةً كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْأَئِمَّةِ كَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِ أَمَّا الْمُهْمَلُ فَتَقَدَّمَ أَنَّ الْحَاكِمَ يَتَوَلَّى أَمْرَهُ، وَأَنَّهُ يَبِيعُ لِحَاجَتِهِ فَقَطْ، فَقَوْلُ " س " أَيْ عَقَارُ الْيَتِيمِ الَّذِي لَا وَصِيَّ لَهُ أَوْ لَهُ وَصِيٌّ عَلَى أَحَدِ الْمَشْهُورَيْنِ، وَنَحْوُهُ لِلزَّرْقَانِيِّ وَتَبِعَهُمَا " ج " فِيهِ نَظَرٌ، وَقَوْلُهُمْ عَلَى أَحَدِ الْمَشْهُورَيْنِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَشْهُورَ الْآخَرَ يَقُولُ لَهُ الْبَيْعُ لِغَيْرِ هَذِهِ الْوُجُوهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَتَقَدَّمَ مَا فِي ذَلِكَ قَالَهُ طفي (لِحَاجَةٍ) تَعَلَّقَتْ بِالْيَتِيمِ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ وَفَاءِ دَيْنٍ لَا وَفَاءَ لَهُ إلَّا مِنْ ثَمَنِهِ (أَوْ غِبْطَةٍ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ، أَيْ رَغْبَةٍ فِي ثَمَنِهِ بِزِيَادَتِهِ عَلَى الثَّمَنِ الْمُعْتَادِ قَدْرَ ثُلُثِهِ مَعَ كَوْنِهِ حَلَالًا،
أَوْ لِكَوْنِهِ مُوَظَّفًا، أَوْ حِصَّةً، أَوْ قَلَّتْ غَلَّتُهُ فَيُسْتَبْدَلُ خِلَافُهُ، أَوْ بَيْنَ ذِمِّيَّيْنِ، أَوْ جِيرَانِ سُوءٍ،
ــ
[منح الجليل]
وَقَوْلُهَا " أَنْ يَزِيدَ أَضْعَافَ الثَّمَنِ " لَعَلَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ.
ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ فَتُّوحٍ سَحْنُونٌ وَيَكُونُ مَالُ الْمُبْتَاعِ حَلَالًا طَيِّبًا. الْمُتَيْطِيُّ عَنْهُ إنْ كَانَ مِثْلَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. قُلْت: الْأَخْذُ بِظَاهِرِ هَذَا يُوجِبُ التَّعَذُّرَ. أَبُو عِمْرَانَ: إنْ عَلِمَ الْوَصِيُّ أَنَّ مَالَ الْمُشْتَرِي كُلَّهُ أَوْ جُلَّهُ خَبِيثٌ ضَمِنَ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَا يَضْمَنُ وَلَهُ إلْزَامُ الْمُبْتَاعِ ثَمَنًا حَلَالًا أَوْ بَيْعُ الدَّارِ عَلَيْهِ، وَزِيدَ فِي الْبَيْعِ لِلْغِبْطَةِ رَجَاؤُهُ أَنْ يُعَوَّضَ عَلَيْهِ بِثَمَنِهِ مَا هُوَ أَفْيَدُ مِنْهُ. وَأَمَّا الْأَبُ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَبِيعُ لِهَذِهِ الْوُجُوهِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا هُوَ مَصْلَحَةٌ كَالتَّجْرِبَةِ. فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْأَبَ يَبِيعُ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَالسَّفِيهِ الَّذِي فِي حِجْرِهِ الرَّبْعَ أَوْ غَيْرَهُ لِأَحَدِ هَذِهِ الْوُجُوهِ أَوْ غَيْرِهَا، وَفِعْلُهُ فِي رَبْعِ وَلَدِهِ وَغَيْرِهِ مِنْ سِلْعَةٍ مَحْمُولٌ عَلَى الصَّلَاحِ، وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى أَحَدِ هَذِهِ الْوُجُوهِ الْوَصِيُّ وَحْدَهُ اهـ، وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ نَحْوُهُ.
(أَوْ لِكَوْنِهِ) أَيْ عَقَارِ الْيَتِيمِ (مُوَظَّفًا) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْوَاوِ وَالظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ فَفَاءٍ، أَيْ عَلَيْهِ مَالٌ يُدْفَعُ كُلَّ شَهْرٍ أَوْ كُلَّ عَامٍ فَيُبَاعُ وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهِ عَقَارٌ غَيْرُهُ مُوَظَّفٌ (أَوْ) لِكَوْنِهِ (حِصَّةً) أَيْ جُزْءًا مِنْ عَقَارٍ يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ أَمْ لَا، أَرَادَ شَرِيكُهُ الْبَيْعَ أَمْ لَا فَتُبَاعُ وَيُشْتَرَى لَهُ بِثَمَنِهَا عَقَارٌ كَامِلٌ لَا شَرِكَةَ فِيهِ (أَوْ) لِكَوْنِهِ (قَلَّتْ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَاللَّامِ مُثَقَّلَةً (غَلَّتُهُ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَاللَّامِ مُثَقَّلًا وَأَوْلَى مَا لَا غَلَّةَ لَهُ أَصْلًا فَيُبَاعُ وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهِ مَا كَثُرَتْ غَلَّتُهُ. فِي تَوْضِيحِ " يُبَاعُ " فِي حَالَيْنِ، الْأَوَّلُ أَنْ لَا يَعُودَ عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ فَيَبِيعَهُ لِيُعَوِّضَ عَلَيْهِ مَا يَعُودُ عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ. الثَّانِي أَنْ يَبِيعَهُ لِيُعَوِّضَهُ مَا هُوَ أَعْوَدُ مِنْهُ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ فَرْحُونٍ قَائِلًا يُشْتَرَى لَهُ لِكَثْرَةِ فَائِدَتِهِ (أَوْ) لِكَوْنِهِ (بَيْنَ) رِبَاعِ (ذِمِّيِّينَ) فَيُبَاعُ وَيُشْتَرَى لَهُ رَبْعٌ بَيْنَ رِبَاعِ مُسْلِمَيْنِ إنْ كَانَ لِسُكْنَاهُ، فَإِنْ كَانَ لِلْكِرَاءِ فَلَا يُبَاعُ لِغُلُوِّهِ غَالِبًا. (أَوْ) لِكَوْنِهِ بَيْنَ (جِيرَانِ سُوءٍ) بِضَمِّ السِّينِ أَيْ شَرٍّ وَفِسْقٍ كَزُنَاةٍ وَشَرَبَةِ خَمْرٍ فَيُبَاعُ
أَوْ لِإِرَادَةِ شَرِيكِهِ بَيْعًا وَلَا مَالَ لَهُ، أَوْ لِخَشْيَةِ انْتِقَالِ الْعِمَارَةِ أَوْ الْخَرَابِ وَلَا مَالَ لَهُ، أَوْ لَهُ وَالْبَيْعُ أَوْلَى
ــ
[منح الجليل]
وَيُشْتَرَى لَهُ رَبْعٌ بَيْنَ جِيرَانٍ عُدُولٍ (أَوْ لِإِرَادَةِ شَرِيكِهِ) أَيْ الْيَتِيمِ فِي الْعَقَارِ (بَيْعًا) لِنَصِيبِهِ وَهُوَ لَا يَنْقَسِمُ (وَ) الْحَالُ (لَا مَالَ لَهُ) أَيْ الْيَتِيمِ يَشْتَرِي لَهُ بِهِ نَصِيبَهُ شَرِيكُهُ فَيُبَاعُ نَصِيبُ الْيَتِيمِ مَعَ نَصِيبِ شَرِيكِهِ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِ لَهُ بِثَمَنِهِ خِلَافَهُ، فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَفِي بِثَمَنِ نَصِيبِ شَرِيكِهِ اشْتَرَى لَهُ بِهِ وَلَا يُبَاعُ نَصِيبُهُ (أَوْ لِخَشْيَةِ انْتِقَالِ الْعِمَارَةِ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ سُكْنَى النَّاسِ عَنْ الْعَقَارَاتِ الْمُجَاوِرَةِ لَهُ فَيَصِيرُ مُنْفَرِدًا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ (أَوْ) خَشْيَةِ (الْخَرَابِ) عَلَى عَقَارِ الْيَتِيمِ (وَ) الْحَالُ (لَا مَالَ لَهُ) أَيْ الْيَتِيمِ يُعَمَّرُ بِهِ (أَوْ لَهُ) مَالٌ يُعَمَّرُ بِهِ (وَ) الْحَالُ (الْبَيْعُ) وَشِرَاءُ عَقَارٍ آخَرَ لَا يَحْتَاجُ لِتَعْمِيرٍ (أَوْلَى) أَيْ أَصْلَحُ مِنْ التَّعْمِيرِ لِكَثْرَةِ كُلْفَتِهِ.
تت وَظَاهِرُهُ أَنَّ هَذَا وَجْهٌ مُسْتَقِلٌّ وَعَدَّهُ الشُّرَّاحُ مَعَ الَّذِي قَبْلَهُ وَاحِدًا، وَزَادَ فِي الطُّرَرِ وَجْهًا وَهُوَ خَشْيَةُ أَنْ يُبْغَى عَلَيْهِ مِنْ سُلْطَانٍ أَوْ غَيْرِهِ. وَابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَابْنُ زِيَادٍ: كَوْنَ الدَّارِ أَوْ الْحِصَّةِ مُثْقَلَةً بِمَغَارِمَ لَا تَفِي أُجْرَتُهَا بِهَا، وَقَدْ يُقَالُ اسْتَغْنَى الْمُصَنِّفُ عَنْ هَذَا بِالْمُوَظَّفِ وَابْنُ الطَّلَّاعِ: خَشْيَةَ النُّزُولِ، وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ اسْتَغْنَى عَنْ هَذَا بِمَا يُخْشَى انْتِقَالُ الْعِمَارَةِ وَنَظَمَهَا الدَّمَامِينِيُّ مُطَوَّلًا وَمُخْتَصَرًا، وَلْنَقْتَصِرْ عَلَى الْمُخْتَصَرِ وَهُوَ:
إذَا بِيعَ رَبْعٌ لِلْيَتِيمِ فَبَيْعُهُ
…
لِأَشْيَاءَ يُحْصِيهَا الذَّكِيُّ بِفَهْمِهِ
قَضَاءٍ وَإِنْفَاقٍ وَدَعْوَى مُشَارِكٍ
…
إلَى الْبَيْعِ فِيمَا لَا سَبِيلَ لِقَسْمِهِ
وَتَعْوِيضِ كُلٍّ أَوْ عَقَارٍ مُحَرَّرٍ
…
وَخَوْفِ نُزُولٍ فِيهِ أَوْ خَوْفِ هَدْمِهِ
وَبَذْلِ الْكَثِيرِ الْحِلِّ فِي ثَمَنٍ لَهُ
…
وَخِفَّةِ نَفْعٍ فِيهِ أَوْ ثِقَلِ غُرْمِهِ
وَتَرْكِ جِوَارِ الْكُفْرِ أَوْ خَوْفِ عُطْلِهِ
…
فَحَافِظْ عَلَى فِعْلِ الصَّوَابِ وَحُكْمِهِ
وَنَظَمَهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ:
وَبَيْعُ عَقَارٍ عَنْ يَتِيمٍ لِقُوتِهِ
…
وَهَدْمٍ وَمَا يُبْنَى بِهِ غَيْرُ حَاصِلِ
وَدَيْنٍ وَلَا مَقْضِيَّ مِنْهُ سَوَاءُ قُلْ
…
وَشِرْكٍ بِهِ يُرْجَى بِهِ مِلْكُ كَامِلِ
وَدَعْوَى شَرِيكٍ لَا سَبِيلَ لِقَسْمِهِ
…
وَذِي ثَمَنٍ حِلٍّ كَثِيرٍ وَطَائِلِ
كَذَا الْعَارِ عَنْ نَفْعٍ وَمَا خِيفَ غَصْبُهُ
…
أَوْ الدَّارِ فِي دُورِ الْيَهُودِ الْأَرَاذِلِ
وَمَا نَالَهُ تَوْظِيفُ أَوْ ثِقْلُ مَغْرَمٍ
…
فَخُذْهَا جَوَابًا عَنْ سُؤَالِ السَّائِلِ
وَدَعْوَى الشَّرِيكِ الْبَيْعَ قَيَّدَ بَعْضُهُمْ
…
بِلَا ثَمَنٍ يُعْطَى لِدَاعٍ مُفَاصِلِ
وَحُجِرَ عَلَى الرَّقِيقِ إلَّا بِإِذْنٍ، وَلَوْ فِي نَوْعٍ فَكَوَكِيلٍ مُفَوَّضٍ.
ــ
[منح الجليل]
(وَحُجِرَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (عَلَى الرَّقِيقِ) فِي مَالِهِ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا بِمُعَاوَضَةٍ أَوْ غَيْرِهَا مُضَيِّعًا أَوْ حَافِظًا لَهُ لِسَيِّدِهِ لِأَنَّ لَهُ انْتِزَاعَهُ مِنْهُ وَحَقًّا فِي زِيَادَةِ قِيمَتِهِ بِمِلْكِهِ الْمَالَ وَكَثْرَتِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ قِنًّا أَوْ ذَا شَائِبَةِ حُرِّيَّةٍ (إلَّا) مَا ارْتَفَعَ حَجْرُهُ عَنْهُ (بِإِذْنٍ) مِنْ سَيِّدِهِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ نَصًّا أَوْ لُزُومًا كَمُكَاتَبٍ. اللَّخْمِيُّ الْمُدَبَّرُ وَالْمُعْتَقُ لِأَجَلٍ وَأُمُّ الْوَلَدِ كَالْقِنِّ إنْ كَانَ الْإِذْنُ فِي كُلِّ الْأَنْوَاعِ، بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (فِي نَوْعٍ) مَخْصُوصٍ كَالْبَزِّ (فَ) هُوَ (كَوَكِيلٍ مُفَوَّضٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَالْوَاوِ مُثَقَّلًا فِي مُضِيِّ تَصَرُّفِهِ فِي جَمِيعِ الْأَنْوَاعِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّهُ أَقْعَدَهُ لِلتِّجَارَةِ مَعَ النَّاسِ وَلَمْ يَعْلَمُوا تَخْصِيصَهَا بِنَوْعٍ. وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ فِي نَوْعٍ أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي صَنْعَةٍ كَالْقِصَارَةِ لَا يَكُونُ إذْنًا فِي التِّجَارَةِ وَلَا فِي الْمُدَايَنَةِ. الْمُصَنِّفُ لَوْ قَالَ لَهُ: أَدِّ إلَيَّ الْغَلَّةَ فَلَيْسَ إذْنًا فِي التِّجَارَةِ، وَشَبَّهَهُ بِالْوَكِيلِ الْمُفَوَّضِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ فِيمَا تَقَدَّمَ اتِّكَالًا عَلَى شُهْرَةِ حُكْمِهِ الْآتِي.
(تَنْبِيهَاتٌ) : الْأَوَّلُ: الْمَأْذُونُ لَهُ مَنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي التَّجْرِ بِمَالِ نَفْسِهِ سَوَاءٌ كَانَ رِبْحُهُ لَهُ أَوْ لِسَيِّدِهِ أَوْ فِي مَالِ السَّيِّدِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لِلرَّقِيقِ، فَإِنْ كَانَ لِلسَّيِّدِ فَوَكِيلٌ لَا مَأْذُونٌ أَفَادَهُ أَبُو الْحَسَنِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الرَّابِعِ وَالثَّانِي مِلْكُ الْعَبْدِ الْمَالَ فِي الثَّانِي، وَشَرْطُ رِبْحِهِ لِسَيِّدِهِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْهُ، وَإِنْ أُذِنَ لَهُ فِي التَّجْرِ بِمَالِ سَيِّدِهِ جَازَ لَهُ التَّجْرُ بِمَالِ نَفْسِهِ لَا الْعَكْسُ.
الثَّانِي: تَشْبِيهُهُ بِالْوَكِيلِ الْمُفَوَّضِ إنَّمَا هُوَ فِي مُضِيِّ تَصَرُّفِهِ بَعْدَ وُقُوعِهِ لَا فِي جَوَازِ قُدُومِهِ عَلَيْهِ لِمَنْعِ قُدُومِهِ عَلَى التَّجْرِ فِي غَيْرِ مَا عَيَّنَهُ لَهُ، فَإِنْ صَرَّحَ لَهُ بِمَنْعِ غَيْرِهِ وَتَصَرَّفَ فِيهِ رُدَّ تَصَرُّفُهُ إنْ أَشْهَرَهُ وَإِلَّا فَلَا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
الثَّالِثُ: شَبَّهَهُ بِالْوَكِيلِ الْمُفَوَّضِ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ لَا تَنْعَقِدُ بِمُجَرَّدِ " وَكَّلْتُكَ " حَتَّى يُخَصِّصَ أَوْ يُعَمِّمَ كَمَا يَأْتِي بِخِلَافِ الْإِذْنِ لِلرَّقِيقِ فِي التِّجَارَةِ فَيَكْفِي فِيهِ الْإِذْنُ الْمُطْلَقُ.
الرَّابِعُ: فِي كِتَابِ الضَّحَايَا مِنْ الْمُدَوَّنَةِ يُصَدَّقُ الرَّقِيقُ فِي دَعْوَى إذْنِ سَيِّدِهِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، وَظَاهِرُ سَمَاعِ أَشْهَبَ فِي كِتَابِ الْمِدْيَانِ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ.
الْخَامِسُ: قَيَّدَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ الْمَشْهُورَ مِنْ أَنَّهُ إنْ خَصَّهُ بِنَوْعٍ مَضَى تَصَرُّفُهُ فِي جَمِيعِ الْأَنْوَاعِ بِأَنْ لَا يُشْهِرَهُ وَلَا يُعْلِنَهُ، فَإِنْ أَشْهَرَهُ وَأَعْلَنَهُ فَلَا وَنَقَلَهُ عَنْ الْمُقَدِّمَاتِ، وَنَصُّهَا: وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَّجِرَ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي التِّجَارَةِ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِيهَا جَازَ لَهُ أَنْ يَتَّجِرَ بِالدَّيْنِ وَالنَّقْدِ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي التِّجَارَةِ بِالدَّيْنِ لَزِمَهُ مَا دَايَنَ بِهِ فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ التِّجَارَاتِ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ إلَّا فِي نَوْعٍ وَاحِدٍ مِنْهَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ فِي التِّجَارَةِ بِالدَّيْنِ أَوْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ فِي التِّجَارَةِ فِي نَوْعٍ مِنْ الْأَنْوَاعِ، وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ فِي التَّحْجِيرِ فِي الدَّيْنِ.
وَذَهَبَ سَحْنُونٌ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَّجِرَ بِالدَّيْنِ إذَا حَجَرَ عَلَيْهِ فِي التِّجَارَةِ بِهِ، وَكَذَلِكَ لَا يَلْزَمُ عَلَى قَوْلِهِ إذَا حَجَرَ عَلَيْهِ فِي التِّجَارَةِ فِي نَوْعٍ مِنْ الْأَنْوَاعِ إلَّا أَنْ يُشْهِرَ ذَلِكَ وَيُعْلِنَهُ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا فَلَا يَلْزَمُهُ قَالَهُ بَعْضُ شُيُوخِ صِقِلِّيَّةَ، وَهُوَ صَحِيحٌ فِي الْمَعْنَى قَائِمٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي النَّاسُ لِأَيِّ أَنْوَاعِ التِّجَارَةِ أَقْعَدَهُ. وَفِي سَمَاعِ أَصْبَغَ لِأَنَّهُ قَدْ نَصَّهُ لِلنَّاسِ وَلَيْسَ كُلُّ النَّاسِ يَعْلَمُونَ بَعْضًا دُونَ الْبَعْضِ. فِي الْبَيَانِ دَلِيلُ قَوْلِ أَصْبَغَ كَالْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَوْ أَعْلَنَ وَأَشْهَرَ بِقَصْرِ إذْنِهِ عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ تَجَرَ فِي غَيْرِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ فِي مَالِهِ مَا دَايَنَ بِهِ وَيَدْخُلُ فِيهِ اخْتِلَافٌ بِالْمَعْنَى لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّحْجِيرِ فَعَلَى قَوْلِهَا لَا يَحْجُرُ عَلَى الْعَبْدِ إلَّا السُّلْطَانُ لَا يَنْفَعُهُ الْإِعْلَانُ بِقَصْرِ إذْنِهِ، وَيَأْتِي عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ " لِلسَّيِّدِ أَنْ يَحْجُرَ عَلَى عَبْدِهِ " أَنَّ الْإِشْهَارَ يَنْفَعُهُ.
ابْنُ عَرَفَةَ يُرِيدُ تَخْرِيجَهُ الْأَوَّلَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ لَغْوِ الْحَجْرِ عَلَى مَنْ ثَبَتَ الْإِذْنُ لَهُ فِيهِ، وَعَمِلَ بِهِ لَغْوُهُ فِيمَا قَارَنَ إذْنَهُ قَبْلَ الْعَمَلِ بِهِ، ثُمَّ قَالَ: فَفِي لُزُومِ تَخْصِيصِ السَّيِّدِ تَجْرَ عَبْدِهِ بِنَوْعٍ وَلَغْوِهِ فَيَعُمُّ. ثَالِثُهَا إنْ أَعْلَنَ بِهِ. وَرَابِعُهَا لِلَّخْمِيِّ إنْ كَانَ الْعَبْدُ يَرَى أَنَّهُ لَا يُخَالِفُ
وَلَهُ أَنْ يَضَعَ وَيُؤَخِّرَ وَيُضَيِّفَ
ــ
[منح الجليل]
مَا حُدَّ لَهُ وَإِلَّا فَالثَّانِي أَنْظَرُ الْحَطّ.
(وَلَهُ) أَيْ الرَّقِيقِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ (أَنْ يَضَعَ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ يُسْقِطَ بَعْضَ دَيْنٍ لَهُ (وَ) لَهُ أَنْ (يُؤَخِّرَ) دَيْنَهُ الْحَالَّ إلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ. اللَّخْمِيُّ: إنْ لَمْ تَكْثُرْ الْوَضِيعَةُ وَيَبْعُدْ التَّأْخِيرُ، وَيُرْجَعُ لِلْعُرْفِ فِي حَدِّ الْكَثْرَةِ وَالْبُعْدِ. الْحَطّ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَمَنَعَهُ سَحْنُونٌ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ عَنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ فَوَاضِحٌ وَإِلَّا فَهُوَ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا. وَأُجِيبَ بِاخْتِيَارِ الثَّانِي وَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ الْمَنْعُ لِأَنَّهَا مَنْفَعَةٌ غَيْرُ مُحَقَّقَةٍ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ مَنْقُوضٌ بِالْجَرِّ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ تَأْخِيرُ الْأَثْمَانِ طَلَبًا لِمَحْمَدَةِ الثَّنَاءِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَلَهُ) أَنْ (يُضَيِّفَ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِهَا، وَالتَّحْتِيَّةُ عَلَى الْأَوَّلِ مُثَقَّلَةٌ وَسُكُونُهَا عَلَى الثَّانِي النَّاسَ بِطَعَامٍ يَدْعُوهُمْ إلَيْهِ وَلَوْ عَقِيقَةً لِوَلَدِهِ، وَنَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ. طفي فِي الْمُدَوَّنَةِ لَيْسَ لِلْعَبْدِ الْوَاسِعِ الْمَالِ أَنْ يَعُقَّ عَنْ وَلَدِهِ وَيَطْعَمَ ذَلِكَ الطَّعَامَ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ سَيِّدَهُ لَا يَكْرَهُ ذَلِكَ وَلَا لَهُ أَنْ يَصْنَعَ طَعَامًا وَيَدْعُوَ إلَيْهِ النَّاسَ، إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ سَيِّدُهُ إلَّا أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ الْمَأْذُونُ اسْتِئْلَافًا فِي التِّجَارَةِ فَيَجُوزَ. أَبُو الْحَسَنِ: قَوْلُهُ " إلَّا أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ الْمَأْذُونُ اسْتِئْلَافًا فِي التِّجَارَةِ فَيَجُوزَ " هَذَا يَعُودُ عَلَى غَيْرِ الْعَقِيقَةِ. طفي وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي قَوْلِ
إنْ اسْتَأْنَفَ، وَيَأْخُذَ قِرَاضًا، وَيَدْفَعَهُ، وَيَتَصَرَّفَ فِي كَهِبَةٍ، وَأُقِيمَ
ــ
[منح الجليل]
تت وَ " س " وَلَوْ عَقِيقَةً وَأَنَّهُ غَرَّهُمَا ظَاهِرُ لَفْظِهَا، وَمَحَلُّ جَوَازِ الْوَضْعِ وَالتَّأْخِيرِ وَالتَّضْيِيفِ (إنْ اسْتَأْنَفَ) الْمَأْذُونُ بِهَا لِلتِّجَارَةِ فَهُوَ رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ الْمَنْعُ مِنْهَا إنْ لَمْ يَسْتَأْنِفْ بِهَا لَهَا.
(تَنْبِيهٌ) : فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يَجُوزُ لِلْعَبْدِ أَنْ يُعِيرَ مِنْ مَالِهِ عَارِيَّةً مَأْذُونًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَأْذُونٍ، وَكَذَلِكَ الْعَطِيَّةُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا لَا يُعِيرُ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ الصِّقِلِّيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ غَيْرُهُ: لَا بَأْسَ أَنْ يُعِيرَ دَابَّتَهُ لِلْمَكَانِ الْقَرِيبِ اهـ.
(وَ) لَهُ أَنْ (يَأْخُذَ) الرَّقِيقُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ (قِرَاضًا) بِكَسْرِ الْقَافِ أَيْ مَا لَا يَتَّجِرُ فِيهِ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ مِنْ رِبْحِهِ، وَجُزْؤُهُ كَخَرَاجِهِ لِسَيِّدِهِ فَلَا يَقْضِي بِهِ دَيْنَهُ وَلَا يَتْبَعُهُ إنْ عَتَقَ لِبَيْعِهِ بِهِ مَنَافِعَ نَفْسِهِ فَأَشْبَهَ إجَارَةَ نَفْسِهِ وَالْمُسَاقَاةُ كَالْقِرَاضِ.
(وَ) لَهُ أَنْ (يَدْفَعَهُ) أَيْ الرَّقِيقُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التَّجْرِ الْقِرَاضَ لِأَنَّ أَخْذَهُ وَدَفْعَهُ مِنْ التِّجَارَةِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِيهَا. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي اسْتِلْزَامِ الْإِذْنِ فِي التَّجْرِ أَخْذَ الْقِرَاضِ وَإِعْطَاءَهُ نَقْلًا الصِّقِلِّيِّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ تَجْرٌ أَوْ إجَارَةٌ أَوْ إيدَاعٌ لِلْغَيْرِ. اهـ. وَلَهُ التَّسَرِّي وَقَبُولُ الْوَدِيعَةِ وَأَخْذُهُ اللُّقَطَةَ وَهِبَةِ الثَّوَابِ لَا التَّوَكُّلِ وَالِالْتِقَاطِ لِلَّقِيطِ إلَّا بِإِذْنٍ.
(وَ) لَهُ أَنْ (يَتَصَرَّفَ) أَيْ الرَّقِيقُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التَّجْرِ (فِي كَهِبَةٍ) وَصَدَقَةٍ وَوَصِيَّةٍ لَهُ بِمُعَاوَضَةٍ مَالِيَّةٍ لَا بِهِبَةٍ لِغَيْرِ ثَوَابٍ وَصَدَقَةٍ وَنَحْوِهِمَا، وَلَعَلَّهُ نَصَّ عَلَى هَذَا وَإِنْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا بِإِذْنٍ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ عَدَمِ دُخُولِهِ فِيهِ لِطَرَيَانِهِ بَعْدَهُ (وَأُقِيمَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَفَتْحِ الْمِيمِ أَيْ
مِنْهَا عَدَمُ مَنْعِهِ مِنْهَا وَلِغَيْرِ مَنْ أُذِنَ لَهُ الْقَبُولُ بِلَا إذْنٍ، وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ كَالْحُرِّ
ــ
[منح الجليل]
فُهِمَ (مِنْهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ (عَدَمُ مَنْعِهِ) أَيْ الرَّقِيقِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ (مِنْ) قَبُولِ (هَا) أَيْ الْهِبَةِ أَقَامَهُ عِيَاضٌ مِنْ قَوْلِهَا وَمَا وُهِبَ لِلْمَأْذُونِ وَقَدْ اغْتَرَقَهُ دَيْنٌ فَغُرَمَاؤُهُ أَحَقُّ بِهِ مِنْ سَيِّدِهِ، وَلَا يَكُونُ لَهُمْ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ شَيْءٌ وَلَا مِنْ خَرَاجِهِ وَأَرْشِ جُرْحِهِ وَقِيمَتِهِ إنْ قُتِلَ وَمَا فَضَلَ بِيَدِهِ مِنْ خَرَاجِهِ، وَإِنَّمَا لَهُمْ ذَلِكَ فِي مَالٍ وُهِبَ لِلْعَبْدِ أَوْ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَيْهِ أَوْ أُوصِيَ لَهُ بِهِ فَقَبِلَهُ الْعَبْدُ. اهـ. وَالْإِقَامَةُ مِنْ قَوْلِهَا فَقَبِلَهُ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ اسْتِقْلَالُهُ بِالْقَبُولِ.
(وَلِ) رَقِيقٍ (غَيْرِ مَنْ) أَيْ رَقِيقٍ (أُذِنَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الذَّالِ (لَهُ) فِي التَّجْرِ (الْقَبُولُ) لِلْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْوَصِيَّةِ (بِلَا إذْنٍ) مِنْ سَيِّدِهِ فِيهِ، وَلَيْسَ لِغَيْرِ الْمَأْذُونِ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي كَهِبَةٍ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ مُعْطِيهِ عَدَمَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ كَالسَّفِيهِ وَالصَّغِيرِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. ابْنُ الْفَرَسِ الْعَمَلُ بِشَرْطِ الْمُعْطِي الْمَذْكُورِ خِلَافُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} [النساء: 5] ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ النَّهْيَ فِي الْآيَةِ قُيِّدَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا} [النساء: 5] أَيْ تَحْتَاجُونَ لَهَا فِيهِ فَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ مَا لَا تَحْتَاجُونَ لَهُ يَجُوزُ إعْطَاؤُهُ لَهُمْ، وَهَذَا عَلَى أَنَّ الصِّفَةَ مُخَصِّصَةٌ وَالْمُتَبَادَرُ أَنَّهَا كَاشِفَةٌ (وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ) أَيْ الرَّقِيقِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ إذَا قَامَ غُرَمَاؤُهُ عَلَيْهِ وَطَلَبُوا تَفْلِيسَهُ أَوْ أَرَادَ سَيِّدُهُ مَنْعَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ وَإِبْطَالَ إذْنِهِ لَهُ (كَ) الْحَجْرِ عَلَى الْمَدِينِ (الْحُرِّ) فِي كَوْنِ الَّذِي يَتَوَلَّاهُ الْقَاضِي لَا الْغُرَمَاءُ وَلَا السَّيِّدُ، وَقَبُولِ إقْرَارِهِ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ قَبْلَ التَّفْلِيسِ لَا بَعْدَهُ، وَمَنْعِهِ مِنْ التَّصَرُّفِ الْمَالِيِّ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
إلَى غَيْرِ هَذَا مِمَّا مَرَّ، وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ إسْقَاطُ الدَّيْنِ عَنْهُ، بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَأْذُونِ فَلِسَيِّدِهِ إسْقَاطُ الدَّيْنِ الَّذِي تَدَايَنَهُ بِلَا إذْنِهِ عَنْهُ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ. وَقِيلَ لِسَيِّدِهِ الْحَجْرُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَاكِمٍ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ. وَفَهِمَ أَبُو الْحَسَنِ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ.
اللَّخْمِيُّ هَذَا إذَا لَمْ يَطُلْ تَجْرُهُ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا يَنْبَغِي الْعُدُولُ عَنْهُ وَتَرَدَّدَ النُّوَيْرِيُّ فِي كَوْنِهِ خِلَافًا أَوْ تَقْيِيدًا أَوْ ظَاهِرَ كَلَامِ ابْنِ شَاسٍ الْأَوَّلِ. طفي فَرَضَ تت الْمَسْأَلَةَ فِي الْحَجْرِ لِقِيَامِ الْغُرَمَاءِ، وَذَكَرَ الْخِلَافَ فِيهِ تَبَعًا لِلشَّارِحِ وَتَبِعَهُ جَمِيعُ مَنْ وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنْ شُرَّاحِهِ، وَأَصْلُهُ قَوْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَهُوَ فِي قِيَامِ الْغُرَمَاءِ وَالْحَجْرِ كَالْحُرِّ. وَقِيلَ يَحْجُرُ السَّيِّدُ مِنْ غَيْرِ حَاكِمٍ.
وَقَالَ اللَّخْمِيُّ مَا لَمْ يَطُلْ تَجْرُهُ يَعْنِي أَنَّهُ فِي قِيَامِ غُرَمَائِهِ وَحَجْرِهِمْ عَلَيْهِ كَالْحُرِّ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ لِلسَّيِّدِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ لِلْحَاكِمِ، ثُمَّ ذَكَرَ الْخِلَافَ فَجَعَلَ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ مَسْأَلَةً وَاحِدَةً وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا هُمَا مَسْأَلَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنَّهُ فِي قِيَامِ الْغُرَمَاءِ عَلَيْهِ كَالْحُرِّ. وَالثَّانِيَةُ أَنَّهُ فِي الْحَجْرِ عَلَيْهِ كَالْحُرِّ وَمَعْنَى الْحَجْرُ عَلَيْهِ إبْطَالُ إذْنِهِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَرَدُّهُ لِلْحَجْرِ، وَبِهَذَا قَرَّرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْحَجْرُ الْمَذْكُورُ سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَمْ لَا، وَيَتَبَيَّنُ لَك مَا قُلْنَا بِنَقْلِ كَلَامِ ابْنِ شَاسٍ لِأَنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ قَصَدَ اخْتِصَارَهُ، وَنَصُّهُ: وَلِلسَّيِّدِ الْحَجْرُ عَلَى عَبْدِهِ بَعْدَ إذْنِهِ لَهُ وَإِنْ اغْتَرَقَ الدَّيْنُ مَا بِيَدِهِ وَيَمْنَعُهُ مِنْ التِّجَارَةِ ثُمَّ يَكُونُ مَا بِيَدِهِ لِغُرَمَائِهِ دُونَ سَيِّدِهِ إلَّا أَنْ يَفْضُلَ عَنْهُمْ شَيْءٌ فَيَكُونَ لَهُ أَوْ يَكُونَ هُوَ أَحَدَهُمْ فَيُشَارِكَهُمْ، وَلَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَحْجُرُوا عَلَى الْعَبْدِ، لَكِنْ لَهُمْ الْقِيَامُ بِدُيُونِهِمْ فَيُفَلِّسُونَهُ وَهُوَ فِي هَذَا كَالْحُرِّ.
وَإِنْ أَرَادَ السَّيِّدُ الْحَجْرَ عَلَيْهِ فَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ دُونَ السُّلْطَانِ حَتَّى يَكُونَ السُّلْطَانُ هُوَ الَّذِي يُوقِفُهُ لِلنَّاسِ فَيَأْمُرُ بِهِ فَيُطَافُ بِهِ حَتَّى يُعْلَمَ ذَلِكَ مِنْهُ، فَإِنْ حَجَرَ عَلَيْهِ السَّيِّدُ دُونَ السُّلْطَانِ فَقَالَ ابْنُ حَارِثٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يَجُوزُ رَدُّهُ إلَّا عِنْدَ السُّلْطَانِ. وَقَالَ غَيْرُهُ حَيْثُ رَدَّهُ السَّيِّدُ فَهُوَ مَرْدُودٌ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إنْ لَمْ تَطُلْ إقَامَتُهُ فِيمَا أُذِنَ لَهُ فِيهِ وَلَمْ يَشْتَهِرْ أَجْزَأَ
وَأُخِذَ مِمَّا بِيَدِهِ وَإِنْ مُسْتَوْلَدَتَهُ:
ــ
[منح الجليل]
حَجْرُ السَّيِّدِ، وَذَكَرَهُ عِنْدَ مَنْ خَالَطَهُ أَوْ عَامَلَهُ، وَإِنْ طَالَ ذَلِكَ وَاشْتَهَرَ الْإِذْنُ لَهُ كَانَ الْحَجْرُ عَلَيْهِ لِلسُّلْطَانِ يُسَمِّعُ ذَلِكَ وَيُظْهِرُهُ اهـ.
كَلَامُ ابْنِ شَاسٍ فَقَدْ ظَهَرَ لَك مِنْهُ أَنَّهُمَا مَسْأَلَتَانِ هُوَ كَالْحُرِّ فِي كِلَيْهِمَا، إحْدَاهُمَا عِنْدَ قِيَامِ الْغُرَمَاءِ وَتَفْلِيسِهِمْ. وَالْأُخْرَى: الْحَجْرُ عَلَيْهِ بِمَعْنَى إبْطَالِ الْإِذْنِ فِي التَّجْرِ وَرَدِّهِ لِلْحَجْرِ سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ أَمْ لَا، وَهَذَا ظَاهِرٌ فَجَعَلَهَا الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ مَسْأَلَةً وَاحِدَةً، وَلِذَا اقْتَصَرَ فِي مُخْتَصَرِهِ عَلَى الْحَجْرِ وَلَمْ يَذْكُرْ قِيَامَ الْغُرَمَاءِ، وَأَصْلُ ذَلِكَ كُلِّهِ قَوْلُهَا وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَحْجُرَ عَلَى وَلِيِّهِ فَلَا يَحْجُرُ عَلَيْهِ إلَّا عِنْدَ السُّلْطَانِ فَيَرْفَعُهُ لِلسُّلْطَانِ لِيُشْهِرَهُ لِلنَّاسِ، وَيُسَمِّعُ بِهِ فِي مَجْلِسِهِ، وَيُشْهِدُ عَلَى ذَلِكَ، فَمَنْ بَاعَهُ أَوْ ابْتَاعَ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ.
وَكَذَلِكَ الْمَأْذُونُ لَا يَنْبَغِي لِسَيِّدِهِ أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ إلَّا عِنْدَ السُّلْطَانِ فَيُوقِفُهُ السُّلْطَانُ لِلنَّاسِ، وَيَأْمُرُ بِهِ فَيُطَافُ بِهِ حَتَّى يُعْلَمَ ذَلِكَ مِنْهُ.
أَبُو الْحَسَنِ لَا يَنْبَغِي هُنَا عَلَى بَابِهِ اهـ، وَانْظُرْهُ مَعَ نَقْلِ ابْنِ حَارِثٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، ثُمَّ قَالَ فِيهَا: وَإِذَا لَحِقَ الْمَأْذُونَ دَيْنٌ يَغْتَرِقُ مَالَهُ فَلِسَيِّدِهِ أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ وَيَمْنَعَهُ مِنْ التِّجَارَةِ، وَدَيْنُهُ فِي مَالِهِ، وَلَا شَيْءَ لِسَيِّدِهِ فِي مَالِهِ إلَّا أَنْ يَفْضُلَ عَنْ دَيْنِهِ شَيْءٌ، أَوْ يَكُونَ السَّيِّدُ دَايَنَهُ فَيَكُونَ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ، وَلَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَحْجُرُوا عَلَيْهِ الْحَجْرَ الَّذِي يَحْجُرُهُ السَّيِّدُ بِأَنْ يَمْنَعُوهُ مِنْ سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ فِي مَالِهِ. وَأَمَّا الْحَجْرُ الَّذِي هُوَ التَّفْلِيسُ فَهُوَ لَهُمْ. طفي فَقَدْ ظَهَرَ لَك مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا الْمَسْأَلَتَانِ وَأَنَّهُ فِيهِمَا كَالْحُرِّ، وَأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ لَا يُقَيَّدُ بِقِيَامِ الْغُرَمَاءِ فَافْهَمْ فَقَدْ زَلَّتْ فِيهِ أَقْدَامٌ وَأَطَلْنَا بِالنُّقُولِ إيضَاحًا لِلْحَقِّ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.
(وَأُخِذَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ الدَّيْنُ الثَّابِتُ عَلَى الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التَّجْرِ سَوَاءٌ حُجِرَ عَلَيْهِ أَمْ لَا (مِمَّا) أَيْ الْمَالِ الَّذِي (بِيَدِهِ) أَيْ الْمَأْذُونِ مِنْ مَالِهِ الَّذِي لَهُ سُلْطَةٌ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ كَانَ بِيَدِهِ أَمْ لَا، فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ فَهُوَ لِسَيِّدِهِ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَبْقَاهُ بِيَدِهِ إنْ كَانَ غَيْرَ مُسْتَوْلَدَتِهِ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ مَا بِيَدِهِ (مُسْتَوْلَدَتَهُ) أَيْ أُمَّ وَلَدِ الْمَأْذُونِ سَوَاءٌ أَوْلَدَهَا قَبْلَ الْإِذْنِ أَوْ بَعْدَهُ إنْ اشْتَرَاهَا مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ أَوْ رِبْحِهِ لِأَنَّهَا مِنْ مَالِهِ وَلَا شَائِبَةَ
كَعَطِيَّتِهِ، وَهَلْ إنْ مُنِحَ لِلدَّيْنِ؟ أَوْ مُطْلَقًا؟ تَأْوِيلَانِ،
ــ
[منح الجليل]
حُرِّيَّةٍ فِيهَا وَإِلَّا لَكَانَتْ أَشْرَفَ مِنْ سَيِّدِهَا وَكَمُسْتَوْلَدَتِهِ أُصُولُهُ وَفُرُوعُهُ وَحَاشِيَتُهُ الْقَرِيبَةُ، وَإِنْ كَانَتْ أُمُّ وَلَدِهِ حَامِلًا فَلَا تُبَاعُ حَتَّى تَلِدَ لِأَنَّ جَنِينَهَا لِسَيِّدِهِ وَلَهُ بَيْعُ مَنْ ذُكِرَ لِغَيْرِ الدَّيْنِ لَكِنْ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ لِرَعْيِ الْقَوْلِ بِأَنَّهَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ إنْ عَتَقَ.
وَإِنْ بَاعَ بِلَا إذْنِهِ مَضَى لِأَنَّ رَعْيَ الْخِلَافِ إنَّمَا هُوَ فِي الِابْتِدَاءِ وَلَا يُبَاعُ وَلَدُهُ لِأَنَّهُ لِسَيِّدِهِ لَا لَهُ، وَإِنْ بِيعَ فُسِخَ بَيْعُهُ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى عِتْقِهِ عَلَيْهِ إنْ عَتَقَ وَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهَا مِنْ خَرَاجِهِ وَكَسْبِهِ فَلَا تُبَاعُ فِي دَيْنِهِ لِأَنَّهَا لِسَيِّدِهِ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ حَامِلًا مِنْهُ أَوْ مَعَ وَلَدٍ مِنْهَا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لَكِنْ تُبَاعُ فِيهِ مَعَ وَلَدِهَا وَإِنْ حَدَثَ الدَّيْنُ بَعْدَ شِرَائِهَا فَالْوَلَدُ لِسَيِّدِهِ، وَتُبَاعُ بَعْدَ وِلَادَتِهَا إذْ لَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ مَعَ وَلَدِهَا بَعْدَ تَقْوِيمِهِمَا لِيُعْلَمَ مَا يَخُصُّهَا فَهُوَ لِلْغُرَمَاءِ وَمَا يَخُصُّ وَلَدَهَا فَهُوَ لِلسَّيِّدِ وَلَوْ بِيعَتْ فِي الدَّيْنِ ثُمَّ ظَهَرَتْ حَامِلًا فَلِلسَّيِّدِ فَسْخُهُ عَلَى الصَّحِيحِ لِحَقِّهِ فِي حَمْلِهَا. وَقِيلَ لَا يَفْسَخُهُ وَشَمِلَ الدَّيْنُ دَيْنَ سَيِّدِهِ فَيُحَاصِصُ بِهِ الْغُرَمَاءَ وَلَا يُحَاصِصُهُم بِمَا دَفَعَهُ لَهُ لِتَجْرٍ إلَّا أَنْ يُعَامِلَهُ بَعْدَهُ بِسَلَفٍ أَوْ بَيْعٍ صَحِيحٍ.
ابْنُ عَرَفَةَ: لَوْ بَاعَ وَلَدَهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ رُدَّ بَيْعُهُ إذْ لَا اخْتِلَافَ فِي عِتْقِهِ عَلَيْهِ إذَا عَتَقَ.
قُلْت: بَلْ لِأَنَّهُ مَحْضُ مِلْكِ سَيِّدِهِ، وَسَمِعَ أَصْبَغُ ابْنَ الْقَاسِمِ: لَا تُبَاعُ أُمُّ وَلَدِهِ لِغُرَمَائِهِ وَهِيَ حَامِلٌ، بَلْ حَتَّى تَضَعَ لِأَنَّ مَا فِي بَطْنِهَا لِسَيِّدِهِ وَلَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ جَازَ بَيْعُهَا بِإِذْنِهِ وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا، وَفِي التَّوْضِيحِ إذَا قَامَ الْغُرَمَاءُ عَلَى الْمَأْذُونِ وَأَمَتُهُ حَامِلٌ مِنْهُ فَقَالَ اللَّخْمِيُّ يُؤَخَّرُ بَيْعُهَا حَتَّى تَضَعَ، وَيَكُونُ وَلَدُهَا لِلسَّيِّدِ وَتُبَاعُ بِوَلَدِهَا بَعْدَ تَقْوِيمِ كُلِّ وَاحِدٍ بِانْفِرَادِهِ لِيُعْلَمَ كُلُّ مَا يَبِيعُ بِهِ مِلْكَهُ. وَشَبَّهَ فِي الْأَخْذِ فِي الدَّيْنِ فَقَالَ (كَعَطِيَّتِهِ) أَيْ الرَّقِيقِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ مِنْ هِبَةٍ لَهُ أَوْ صَدَقَةٍ عَلَيْهِ أَوْ وَصِيَّةٍ لَهُ فَتُؤْخَذُ فِي دَيْنِهِ.
(وَهَلْ) أَخْذُهَا فِيهِ (إنْ) كَانَ (مُنِحَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ أُعْطِيَ الْمَأْذُونُ الْهِبَةَ أَوْ الصَّدَقَةَ أَوْ الْوَصِيَّةَ (لِ) قَضَاءِ (الدَّيْنِ) بِهَا فَإِنْ لَمْ يُمْنَحْ لَهُ فَهِيَ لِسَيِّدِهِ كَخَرَاجِهِ (أَوْ) يَقْضِي دَيْنَهُ بِهَا (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِمَنْحِهِ لِلدَّيْنِ، فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِلْقَابِسِيِّ،
لَا غَلَّتِهِ، وَرَقَبَتِهِ
ــ
[منح الجليل]
وَالثَّانِي لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ. تت وَهُمَا فِيمَا وُهِبَ لَهُ بَعْدَ قِيَامِهِمْ. قَالَ فِي الشَّامِلِ وَاخْتَصَّ سَيِّدُهُ بِمَا وُهِبَ لَهُ قَبْلَ قِيَامِهِمْ عَلَى الْأَصَحِّ إنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ، وَالدَّيْنُ قَدْرُ مَالِهِ وَإِلَّا فَلَا. طفي لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا وُهِبَ لَهُ قَبْلَ قِيَامِهِمْ وَبَعْدَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْأَئِمَّةِ وَلَمْ أَرَ هَذَا الْقَيْدَ لِغَيْرِهِ وَلَا سَلَفَ لَهُ فِيهِ وَلَا مَعْنَى لَهُ، وَغَرَّهُ كَلَامُ الشَّامِلِ الَّذِي نَقَلَهُ مُحَرَّفًا كَمَا حَرَّفَهُ الزَّرْقَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَتَكَلَّفَ لَهُ مَعْنًى يَمُجُّهُ السَّمْعُ وَشَرَحَهُ مُؤَلِّفُهُ عَلَى هَذَا التَّحْرِيفِ، وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي نُسْخَةٍ عَتِيقَةٍ مِنْ الشَّامِلِ وَاخْتَصَّ سَيِّدُهُ بِمَا رَهَنَهُ؛ بِالرَّاءِ وَالنُّونِ بَعْدَ الْهَاءِ وَكَأَنَّهَا إصْلَاحٌ، وَعَلَيْهَا شَرْحُ الْمَدَنِيِّ شَارِحِ الشَّامِلِ فَقَالَ: أَشَارَ بِذَلِكَ لِمَا فِي النَّوَادِرِ.
قَالَ مَالِكٌ رضي الله عنه: إذَا بَاعَ لِعَبْدِهِ الْمَأْذُونِ لَهُ سِلْعَةً ثُمَّ أَخَذَ مِنْهُ رَهْنًا فَلَحِقَ الْعَبْدَ دَيْنٌ، فَإِنْ كَانَ دَيْنُ السَّيِّدِ بِقَدْرِ مَالِ الْعَبْدِ وَمُبَايَعَتُهُ مُبَايَعَةَ مِثْلِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِالرَّهْنِ إذَا كَانَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ أَحَقَّ بِهِ، وَإِنْ كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ. وَقِيلَ لَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ وَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ اهـ، وَهَذَا هُوَ الْمُتَعَيَّنُ فِي كَلَامِ الشَّامِلِ وَلَا يَصِحُّ غَيْرُهُ، وَقَدْ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يُحَاصِصُ السَّيِّدُ غُرَمَاءَ عَبْدِهِ بِمَا دَفَعَ إلَيْهِ مِنْ مَالٍ فَتَجَرَ بِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَامَلَهُ بِذَلِكَ فَأَسْلَفَهُ أَوْ بَاعَهُ بَيْعًا صَحِيحًا بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ وَإِنْ دَفَعَهُ إلَى السَّيِّدِ رَهْنًا فِي ذَلِكَ كَانَ السَّيِّدُ أَحَقَّ بِهِ، وَإِنْ ابْتَاعَ مِنْ سَيِّدِهِ سِلْعَةً بِثَمَنٍ كَثِيرٍ لَا يُشْبِهُ الْمُعْتَادَ مِمَّا يُعْلَمُ أَنَّهُ تَوْلِيجٌ لِسَيِّدِهِ فَالْغُرَمَاءُ أَحَقُّ بِمَا فِي يَدِ الْعَبْدِ إلَّا أَنْ يَبِيعَهُ بَيْعًا يُشْبِهُ الْبَيْعَ فَهُوَ يُحَاصِصُ بِهِ الْغُرَمَاءَ. اهـ. فَقَوْلُ الشَّامِلِ وَالدَّيْنُ قَدْرُ مَالِهِ هُوَ قَوْلُهَا بَيْعًا صَحِيحًا وَقَوْلُهَا يُشْبِهُ الْبَيْعَ، وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا هُوَ قَوْلُهَا بِثَمَنٍ كَثِيرٍ لَا يُشْبِهُ الثَّمَنَ، وَقَدْ نَبَّهَ " ح " عَلَى كَلَامِ الشَّامِلِ وَتَبِعَ " س " تت.
(لَا) يُؤْخَذُ دَيْنُ الْمَأْذُونِ مِنْ (غَلَّتِهِ) أَيْ الْمَأْذُونِ الْحَاصِلَةِ بَعْدَ الْإِذْنِ فَلَا تُؤْخَذُ فِي دَيْنِهِ وَتُؤْخَذُ فِيهِ غَلَّتُهُ الَّتِي بِيَدِهِ قَبْلَ الْإِذْنِ لِدُخُولِهَا فِي الْمَالِ الْمَأْذُونِ فِي التَّجْرِبَةِ ضِمْنًا (وَ) لَا يُؤْخَذُ دَيْنُ الْمَأْذُونِ مِنْ ثَمَنِ (رَقَبَتِهِ) أَيْ الْمَأْذُونِ لِأَنَّ دُيُونَ الْغُرَمَاءِ إنَّمَا تَعَلَّقَتْ بِذِمَّتِهِ لَا بِرَقَبَتِهِ الَّتِي هِيَ مِلْكُ سَيِّدِهِ وَمِثْلُ ثَمَنِ رَقَبَتِهِ أَرْشُ جِنَايَةٍ عَلَيْهِ. تت وَظَاهِرُهُ
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَرِيمٌ، فَكَغَيْرِهِ، وَلَا يُمَكَّنُ ذِمِّيٌّ مِنْ تَجْرٍ فِي: كَخَمْرٍ؛ إنْ اتَّجَرَ لِسَيِّدِهِ، وَإِلَّا فَقَوْلَانِ
ــ
[منح الجليل]
سَوَاءٌ اسْتَهْلَكَهُ فِي التَّجْرِ تَعَدِّيًا أَوْ لَا كَانَ وَغْدًا أَوْ لَا، وَفِيهِمَا خِلَافٌ. طفي هَذَا الْخِلَافُ فِي الْوَدِيعَةِ إذَا اسْتَهْلَكَهَا فَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا فِي ذِمَّتِهِ، وَحَكَى يَحْيَى بْنُ عُمَرَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ إنْ اسْتَهْلَكَهَا تَعَدِّيًا فَهِيَ فِي رَقَبَتِهِ كَالْجِنَايَةِ. وَقَالَ أَشْهَبُ إنْ كَانَ الْمَأْذُونُ لَهُ وَغْدًا لَا يُودَعُ مِثْلُهُ لَا يُتْبَعُ.
(وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَرِيمٌ) أَيْ ذُو دَيْنٍ عَلَى الْمَأْذُونِ (فَ) الْمَأْذُونُ (كَغَيْرِهِ) مِمَّنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي أَنَّ لِسَيِّدِهِ انْتِزَاعَ مَالِهِ وَعَدَمَ قَبُولِ إقْرَارِهِ وَلَوْ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ. طفي تَقْرِيرُ تت كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِالِانْتِزَاعِ فَقَطْ صَوَابٌ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ. وَأَمَّا الِانْتِزَاعُ إذَا لَمْ يَكُنْ غُرَمَاءُ فَكَغَيْرِهِ فَزِيَادَةُ " س " وَ " ج "" وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَاكِمٍ " غَيْرُ صَوَابٍ لِمَا سَبَقَ لَك مِنْ نَصِّ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ شَاسٍ أَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ لَا يَكُونُ إلَّا عِنْدَ الْحَاكِمِ كَالْحُرِّ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ وَغَرَّهُمَا تَقْرِيرُ قَوْلِهِ، وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ كَالْحُرِّ مَعَ قِيَامِ الْغُرَمَاءِ، وَقَدْ عَلِمْتَ مَا فِيهِ.
(وَلَا يُمَكَّنُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَالْكَافِ مُثَقَّلًا رَقِيقٌ (ذِمِّيٌّ) غَيْرُ مَأْذُونٍ لَهُ فِي التَّجْرِ أَيْ يَحْرُمُ عَلَى السَّيِّدِ أَنْ يُمَكِّنَ عَبْدَهُ الذِّمِّيَّ غَيْرَ الْمَأْذُونِ (مِنْ تَجْرٍ فِي كَخَمْرٍ) وَخِنْزِيرٍ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا لَا يَحِلُّ تَمَلُّكُهُ (إنْ اتَّجَرَ) الذِّمِّيُّ (لِسَيِّدِهِ) لِأَنَّهَا كَتِجَارَةِ السَّيِّدِ لِأَنَّهُ وَكِيلُهُ سَوَاءٌ بَاعَ الذِّمِّيُّ ذَلِكَ لِذِمِّيٍّ أَوْ مُسْلِمٍ، لَكِنْ إنْ بَاعَهَا لِمُسْلِمٍ أُرِيقَتْ وَكُسِرَ إنَاؤُهَا، فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ الذِّمِّيُّ ثَمَنَهَا تُصُدِّقَ عَلَيْهِ بِهِ أَدَبًا لَهُ وَإِنْ قَبَضَهُ فَلَا يُنْزَعُ مِنْهُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ " كَخَمْرٍ " فَيَحْرُمَ تَمْكِينُهُ مِنْ تَجْرٍ فِيمَا يُبَاحُ أَيْضًا لِقَوْلِهِ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ وَمُنِعَ ذِمِّيٌّ مِنْ بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ تَقَاضٍ، وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى مَفْهُومِ مَا هُنَا، وَإِنَّمَا خَصَّ كَالْخَمْرِ هُنَا لِقَوْلِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَّجِرْ لِسَيِّدِهِ بِأَنْ اتَّجَرَ لِنَفْسِهِ فِي كَالْخَمْرِ (فَقَوْلَانِ) فِي جَوَازِ تَمْكِينِهِ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ خِطَابِهِمْ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ وَعَلَيْهِ فَيَحِلُّ لِسَيِّدِهِ تَنَاوُلُ مَا أَتَى بِهِ إنْ انْتَزَعَهُ مِنْهُ، وَعَدَمِهِ بِنَاءً عَلَى خِطَابِهِمْ بِهَا، وَحَمَلْنَاهُ عَلَى غَيْرِ الْمَأْذُونِ لِقَوْلِهِ إنْ تَجَرَ لِسَيِّدِهِ لِأَنَّ مَعْنَاهُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
إنْ تَجَرَ بِمَالِ سَيِّدِهِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لِسَيِّدِهِ وَهُوَ حِينَئِذٍ لَيْسَ بِمَأْذُونٍ، بَلْ وَكِيلٍ لَهُ وَنَحْوُهُ فِي " د " وَكَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ وَالشَّارِحِ يُقَيِّدُهُ، وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الْمَأْذُونِ لَكِنْ فِي فَرْضٍ خَاصٍّ وَهُوَ تَجْرُهُ فِي مَالِ نَفْسِهِ عَلَى أَنَّ الرُّبُعَ لِلسَّيِّدِ إذْ لَا يُقَالُ فِيهِ حِينَئِذٍ تَجَرَ لِسَيِّدِهِ قَالَهُ عب.
الْبُنَانِيُّ نَحْوُهُ فِي ابْنِ الْحَاجِبِ، وَقَرَّرَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَلَى ظَاهِرِهِ كَمَا قَرَّرَهُ " ز " وَغَيْرُهُ، وَاسْتَدَلَّ لَهُ فِي التَّوْضِيحِ بِكَلَامِ اللَّخْمِيِّ، وَجَوَازُ تَمْكِينِهِ إنْ تَجَرَ لِنَفْسِهِ يَدُلُّ عَلَيْهِ الْمُدَوَّنَةُ وَنَصُّهَا: وَلَا يَمْنَعُ الْمُسْلِمُ عَبْدَهُ النَّصْرَانِيَّ مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ وَأَكْلِ الْخِنْزِيرِ أَوْ بَيْعِهِمَا أَوْ شِرَائِهِمَا، أَوْ يَأْتِي الْكَنِيسَةَ لِأَنَّ ذَلِكَ دِينُهُمْ اهـ. عِيَاضٌ قِيلَ مُرَادُهُ بِعَبْدِهِ هُنَا مُكَاتَبُهُ إذْ لَا حَجْرَ لَهُ عَلَيْهِ، وَقِيلَ هُوَ فِي مَأْذُونٍ لَهُ يَتَّجِرُ بِمَالِ نَفْسِهِ. وَقِيلَ: فِي قُوتِهِ، وَقِيلَ: فِي مَالٍ تَرَكَهُ سَيِّدُهُ تَوْسِعَةً لَهُ اهـ.
طفي نَحْوُ عِبَارَتِهِ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَمُرَادُهُمَا بِعَدَمِ التَّمْكِينِ مَنْعُ أَخْذِ السَّيِّدِ مَا أَتَى بِهِ مِنْ ذَلِكَ، وَبِالتَّمْكِينِ جَوَازُهُ لَا حَقِيقَةُ التَّمْكِينِ، إذْ لَا يَسُوغُ لَهُ تَمْكِينُهُ مِنْ التَّجْرِ مُطْلَقًا فِيمَا ذُكِرَ، وَفِي غَيْرِهِ لِقَوْلِهِ فِي الْوَكَالَةَ: وَمُنِعَ ذِمِّيٌّ فِي بَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَتَقَاضٍ، وَبِالْحَمْلِ عَلَى مَا قُلْنَا يُوَافِقُ قَوْلَهَا لَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَسْتَتْجِرَ إلَخْ، وَيُوَافِقُ مَا يَأْتِي لَهُ فِي الْوَكَالَةِ وَيَدُلُّ عَلَى الَّذِي قُلْنَاهُ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْجَوَاهِرِ، وَقَصَدَ ابْنُ الْحَاجِبِ اخْتِصَارَهُ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ فَيُحْمَلُ كَلَامُهُمَا عَلَيْهِ، وَنَصُّ الْجَوَاهِرِ اللَّخْمِيُّ: لَا يَنْبَغِي لِلسَّيِّدِ أَنْ يَأْذَنَ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ إذَا كَانَ غَيْرَ مَأْمُونٍ فِيمَا يَتَوَلَّاهُ إمَّا لِأَنَّهُ يَعْمَلُ بِالرِّبَا أَوْ يَخُونُ فِي مُعَامَلَتِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، فَإِنْ تَجَرَ وَرَبِحَ وَعَمِلَ بِالرِّبَا تَصَدَّقَ السَّيِّدُ بِالْفَضْلِ، فَإِنْ جَهِلَ مَا دَخَلَ عَلَيْهِ مِنْ الْفَسَادِ فِي بَيْعِهِ اُسْتُحْسِنَ لَهُ التَّصَدُّقُ بِالرِّبْحِ بِلَا إجْبَارٍ.
وَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْكِتَابِ لَا أَرَى لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَسْتَتْجِرَ عَبْدَهُ النَّصْرَانِيَّ وَلَا يَأْمُرَهُ بِبَيْعِ شَيْءٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ} [النساء: 161] الْمَائِدَةَ اللَّخْمِيُّ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فَتَجَرَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ فَمَا أَتَى بِهِ كَالْعَبْدِ الْمُسْلِمِ، وَيَخْتَلِفُ إذَا اتَّجَرَ مَعَ أَهْلِ دِينِهِ فَأَرْبَى أَوْ تَجَرَ فِي الْخَمْرِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ. يَكُونُ الْجَوَابُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ إذَا بَايَعَ مُسْلِمًا، وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مُخَاطَبِينَ بِهَا يَسُوغُ لِلسَّيِّدِ مَا أَتَى بِهِ مِنْ ذَلِكَ وَكَانَ لِابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -
وَعَلَى مَرِيضٍ حَكَمَ الطِّبُّ بِكَثْرَةِ الْمَوْتِ بِهِ: كَسِلٍّ، وَقُولَنْجِ
ــ
[منح الجليل]
عَبْدٌ نَصْرَانِيٌّ يَبِيعُ الْخَمْرَ، هَذَا إذَا كَانَ تَجْرُهُ لِنَفْسِهِ، فَإِنْ تَجَرَ لِسَيِّدِهِ فَلَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ تَوَلِّي السَّيِّدِ ذَلِكَ الْبَيْعَ لِأَنَّهُ وَكِيلُهُ. اهـ. فَكَأَنَّهُمَا فَهِمَا مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ. . . إلَخْ جَوَازَ التَّمْكِينِ حَقِيقَةً فَيُقَرَّرُ كَلَامُهُمَا بِهِ وَعَلَيْهِ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ فِي كَخَمْرٍ اهـ. كَلَامُ طفي الْبُنَانِيُّ: فِيهِ نَظَرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَ) حُجِرَ (عَلَى) شَخْصٍ (مَرِيضٍ) أَوْ مَنْ تَنَزَّلَ مَنْزِلَتَهُ بِدَلِيلِ تَمْثِيلِهِ لَهُمَا (حَكَمَ الطِّبُّ) أَيْ فَنُّهُ أَوْ أَهْلُهُ (بِكَثْرَةِ الْمَوْتِ بِهِ) أَيْ لَا يُتَعَجَّبُ مِنْهُ لِاعْتِيَادِهِ وَلَوْ لَمْ يَغْلِبْ عِنْدَ الْأَكْثَرِ خِلَافًا لِلْمَازِرِيِّ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْكَثْرَةِ الْغَلَبَةُ فَيُقَالُ فِي الشَّيْءِ كَثِيرٌ إذَا سَاوَى وُجُودُهُ عَدَمَهُ وَالْغَلَبَةُ زِيَادَةُ الْوُجُودِ عَلَى الْعَدَمِ. ابْنُ الْحَاجِبِ: وَالْمَخُوفُ مَا يَحْكُمُ الطِّبُّ أَنَّ الْمَوْتَ بِهِ كَثِيرٌ. خَلِيلٌ مُرَادُهُ بِالْكَثِيرِ مَا يَشْتَهِرُ الْمَوْتُ عَنْهُ فَلَا يُتَعَجَّبُ مِنْ حُصُولِهِ مِنْهُ لَا لِكَوْنِهِ الْغَالِبَ مِنْ حَالِ الْمَرَضِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمَازِرِيِّ.
وَمَثَّلَ لِلْمَرَضِ الَّذِي حَكَمَ الطِّبُّ بِكَثْرَةِ الْمَوْتِ بِهِ فَقَالَ (كَسِلٍّ) بِكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ اللَّامِ مَرَضٌ يَنْحُلُ بِهِ الْبَدَنُ، فَكَأَنَّ الرُّوحَ تَنْسَلُّ مَعَهُ قَلِيلًا قَلِيلًا كَمَا تَنْسَلُّ الْعَافِيَةُ (وَقُولَنْجِ) بِضَمِّ الْقَافِ وَفَتْحِهَا أَوْ فَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِهَا مَرَضٌ مِعَوِيٌّ يَعْسُرُ مَعَهُ خُرُوجُ الثُّقْلُ، وَالرِّيحُ قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ. قَوْلُهُ: مِعَوِيٌّ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَالْوَاوِ وَفُتِحَ نِسْبَةً لِلْمِعَى لِحُلُولِهِ فِيهَا أَوْ يُقَالُ فِيهِ: قُولُونُ وَلَيْسَ بِعَرَبِيٍّ، وَفِي نُزْهَةِ دَاوُد الْقُولَنْجُ رِيحٌ غَلِيظٌ يُحْتَبَسُ فِي الْمِعَى وَمِثْلُهُ ذَاتُ الْجَنْبِ وَإِسْهَالُ دَمٍ.
وَحُمَّى قَوِيَّةٍ، وَحَامِلِ سِتَّةٍ، وَمَحْبُوسٍ لِقَتْلٍ أَوْ لِقَطْعٍ، إنْ خِيفَ الْمَوْتُ
ــ
[منح الجليل]
(وَحُمَّى) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الْمِيمِ (قَوِيَّةٍ) أَيْ مُجَاوِزَةٍ الْعَادَةَ فِي الْحَرَارَةِ وَإِزْعَاجِ الْبَدَنِ مَعَ الْمُدَاوَمَةِ فَتَأْتِي يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ لَا تُخَافُ، وَأَوَّلُ حُمَّى نَزَلَتْ بِالْأَرْضِ حُمَّى الْأَسَدِ بِسَفِينَةِ سَيِّدِنَا نُوحٍ عليه الصلاة والسلام أَخَافَ مَنْ فِيهَا فَسُلِّطَتْ عَلَيْهِ فَشَغَلَتْهُ.
(وَ) مَرْأَةٍ (حَامِلِ) جَنِينٍ بِتَمَامِ (سِتَّةٍ) مِنْ الْأَشْهُرِ وَدَخَلَتْ فِي السَّابِعِ وَلَوْ بِيَوْمٍ، وَيَكْفِي فِيهِ إخْبَارُهَا فَلَا يُسْأَلُ النِّسَاءُ، وَبِهَذَا فَسَّرَ عِيَاضٌ الْمَذْهَبَ، وَنَقَلَ الْمُتَيْطِيُّ بِدُخُولِهَا فِي السَّادِسِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَالْحَامِلُ تَبْلُغُ سِتَّةً، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَحْتَمِلُهُمَا أَفَادَهُ تت، وَقَصَرَهُ عب عَلَى الْأَوَّلِ قَائِلًا أَيْ الْحَامِلِ الْمَنْسُوبَةِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَهِيَ لَا تُنْسَبُ لَهَا إلَّا إذَا أَتَتْ عَلَى جَمِيعِهَا. ابْنُ عَرَفَةَ وَعَزَا ابْنُ الْحَاجِبِ فِي الْمَخُوفِ بُلُوغَ حَمْلِ الْمَرْأَةِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ. الْمُتَيْطِيُّ الْحَامِلُ كَالصَّحِيحَةِ حَتَّى تَدْخُلَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، وَقِيلَ تَدْخُلُ فِي السَّابِعِ. وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ حَتَّى يَأْخُذَهَا الطَّلْقُ وَبِهِ أَخَذَ الدَّاوُدِيُّ. وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ هِيَ بِمَنْزِلَةِ الْمَرِيضِ مِنْ أَوَّلِ حَمْلِهَا ثُمَّ قَالَ: وَدُخُولُهَا فِي السَّابِعِ هُوَ الَّذِي فَسَّرَ بِهِ عِيَاضٌ الْمَذْهَبَ، ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّهُ نَصُّ الْمُوَطَّإِ فَانْظُرْهُ.
(وَ) يُحْجَرُ عَلَى (مَحْبُوسٍ لِقَتْلٍ) ثَبَتَ عَلَيْهِ مُوجَبُهُ بِإِقْرَارِهِ بِهِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ عَادِلَةٍ وَلَا يُحْجَرُ عَلَى مَحْبُوسٍ بِتُهْمَةٍ حَتَّى يُتَحَقَّقَ أَمْرُهُ (أَوْ) مَحْبُوسٍ (لِقَطْعٍ) مِنْ خِلَافٍ لِثُبُوتِ حِرَابَتِهِ فَيُحْجَرُ عَلَيْهِ (إنْ خِيفَ) عَلَيْهِ (الْمَوْتُ) بِسَبَبِ الْقَطْعِ تت ظَاهِرُهُ عَطْفُ " لِقَطْعٍ "
وَحَاضِرٍ صَفَّ الْقِتَالِ، لَا كَجَرَبٍ، وَمُلَجَّجٍ بِبَحْرٍ،
ــ
[منح الجليل]
عَلَى لِقَتْلٍ فَيُفِيدُ الْحَجْرَ عَلَى مَنْ حُبِسَ لِلْقَطْعِ إنْ خِيفَ مَوْتُهُ بِهِ، وَيَحْتَمِلُ تَعَلُّقَ " لِقَطْعٍ إنْ " بِمَحْذُوفٍ عُطِفَ عَلَى " مَحْبُوسٍ " أَيْ أَوْ مُقَرَّبٍ لِقَطْعٍ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْحَجْرِ عَلَى الْمُقَرَّبِ لَهُ الْحَجْرُ عَلَى مَنْ حُبِسَ لَهُ لِأَنَّ الْخَوْفَ عَلَى الْمُقَرَّبِ أَشَدُّ، وَمَفْهُومُهُ عَدَمُ الْحَجْرِ عَلَى مَنْ لَمْ يُخَفْ مَوْتُهُ بِهِ. عب: أَوْ مُقَرَّبٍ لِقَطْعٍ لَا مَحْبُوسٍ لَهُ إنْ خِيفَ عَلَى الْمُقَرَّبِ لِلْقَطْعِ الْمَوْتُ، وَنَحْوُهُ لِلْخَرَشِيِّ.
(وَ) يُحْجَرُ عَلَى شَخْصٍ (حَاضِرٍ صَفَّ الْقِتَالِ) وَإِنْ لَمْ يُصِبْهُ جُرْحٌ لَا صَفَّ النَّظَّارَةِ أَوْ الرَّدِّ أَوْ التَّوَجُّهِ لِلْقِتَالِ، وَالنَّظَّارَةُ الَّذِينَ يَنْظُرُونَ الْمَغْلُوبَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ الْمُجَاهِدِينَ فَيَنْصُرُونَهُ وَالرَّادُّونَ الَّذِينَ يَرُدُّونَ مَنْ فَرَّ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ أَسْلِحَةَ الْمُسْلِمِينَ، وَالتَّوَجُّهُ التَّهَيُّؤُ لِلْقِتَالِ قَبْلَ مُلَاقَاةِ الْعَدُوِّ الْبَاجِيَّ: لَمْ أَرَ فِي صَفِّ الرَّدِّ نَصًّا، وَأَرَى أَنْ لَا يَثْبُتَ لَهُ هَذَا الْحُكْمُ إلَّا بِكَوْنِهِ فِي صَفِّ الْمُقَاتِلَةِ، ومِثْلُ حَاضِرٍ صَفَّ الْقِتَالِ النَّاسُ زَمَنَ الْوَبَاءِ وَنَحْوِهِ الَّذِي أَذْهَبَ نِصْفَهُمْ أَوْ ثُلُثَهُمْ أَفْتَى بِهِ الْبُرْزُلِيُّ قَائِلًا إنَّهُ كَالْمَرَضِ.
قَالَ: وَأَفْتَى صَاحِبُنَا الْقَاضِي الْعَدْلُ أَبُو مَهْدِيٍّ عِيسَى قَاضِي الْجَمَاعَةِ بِأَنَّهُمْ كَالْأَصِحَّاءِ حَتَّى يُصِيبَهُمْ الْمَرَضُ الْمَذْكُورُ، وَأَفْتَى بِهِ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقَبَّابُ، وَنَقَلَ كَلَامَهُ ابْنُ هِلَالٍ فِي نَوَازِلِهِ وَكَلَامُ الْبُرْزُلِيُّ قَالَهُ الْبُنَانِيُّ.
(لَا) يُحْجَرُ بِخَفِيفِ مَرَضٍ (كَجَرَبٍ) وَرَمَدٍ وَحُمَّى يَوْمٍ بَعْدَ يَوْمٍ، وَرِبْعٍ بِكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ تَأْتِي رَابِعَ يَوْمٍ أَوْ ثِلْثٍ تَأْتِي ثَالِثَ يَوْمٍ وَبَرَصٍ، وَجُذَامٍ، وَفَالِجٍ لِغَلَبَةِ السَّلَامَةِ مِنْهَا وَالْمَوْتُ بِهَا نَادِرٌ، وَكَلَامُ اللَّخْمِيِّ وَالتَّوْضِيحِ وَالشَّارِحِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْحَجْرِ بِهَذِهِ وَلَوْ أَعْقَبَهَا الْمَوْتُ أَوْ زَادَتْ عَلَيْهِ بَعْدَ التَّبَرُّعِ، وَقَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ آخِرُ الْمُتَطَاوِلِ أَيْ كَالْفَالِجِ وَأَوَّلُهُ إنْ أَعْقَبَهُ الْمَوْتُ مَخُوفٌ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ غَيْرَ الْمَخُوفِ إذَا أَعْقَبَهُ الْمَوْتُ يَصِيرُ مَخُوفًا، وَقَيَّدَ فِي الْمُدَوَّنَةِ كَوْنَ الْفَلَجِ وَالْبَرَصِ وَالْجُذَامِ وَالْقُرُوحِ مِنْ الْخَفِيفِ بِعَدَمِ إقْعَادِهِ وَإِضْنَائِهِ، فَإِنْ أَقْعَدَهُ وَأَضْنَاهُ وَبَلَغَ عَلَيْهِ حَدَّ الْخَوْفِ عَلَيْهِ فَلَهُ حُكْمُ الْمَخُوفِ.
(وَلَا) يُحْجَرُ عَلَى (مُلَجِّجٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِ الْجِيمِ الْأُولَى، أَيْ صَائِرٌ فِي اللُّجَّةِ أَيْ الْمَاءِ الْغَزِيرِ الْغَامِرِ (بِبَحْرٍ) مِلْحٍ أَوْ نِيلٍ أَوْ فُرَاتٍ أَوْ دِجْلَةَ أَوْ بَطَائِحِ بَصْرَةَ فِي
وَلَوْ حَصَلَ الْهَوْلُ فِي غَيْرِ مُؤْنَتِهِ وَتَدَاوِيهِ وَمُعَاوَضَةٍ مَالِيَّةٍ
وَوُقِفَ تَبَرُّعُهُ، إلَّا لِمَالٍ مَأْمُونٍ، وَهُوَ الْعَقَارُ، فَإِنْ مَاتَ فَمِنْ الثُّلُثِ، وَإِلَّا مَضَى. وَعَلَى الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا
ــ
[منح الجليل]
سَفِينَةٍ أَوْ عَائِمًا يُحْسِنُ الْعَوْمَ، فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْهُ فَكَمَرِيضٍ بِمَخُوفٍ فِيمَا يَظْهَرُ، اُنْظُرْ " د "، إنْ كَانَ الْبَحْرُ سَاكِنًا، بَلْ (وَلَوْ حَصَلَ الْهَوْلُ) أَيْ خَوْفُ الْغَرَقِ بِشِدَّةِ الرِّيحِ وَكَثْرَةِ الْمَوْجِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَأَشَارَ بِالْمُبَالَغَةِ لِقَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يُحْجَرُ عَلَيْهِ إذَا حَصَلَ الْهَوْلُ حَقِيقَةً لَا مَجِيءَ وَقْتِهِ مَعَ عَدَمِهِ وَالْحَجْرُ عَلَى الْمَرِيضِ (فِي غَيْرِ مُؤْنَتِهِ) أَيْ الْمَرِيضِ (وَ) غَيْرِ (تَدَاوِيهِ) أَيْ الْمَرِيضِ فَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ فِيهِمَا إذْ بِهِمَا قِوَامُ بَدَنِهِ (وَ) فِي غَيْرِ (مُعَاوَضَةٍ مَالِيَّةٍ) فَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ فِي الْمُعَاوَضَةِ الْمَالِيَّةِ كَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَقِرَاضٍ وَمُسَاقَاةٍ وَإِجَارَةٍ وَكِرَاءٍ وَاكْتِرَاءٍ بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ زَائِدَةٍ عَلَى الثُّلُثِ، وَمِنْ غَيْرِ الْمَالِيَّةِ النِّكَاحُ وَالْخُلْعُ وَصُلْحُ الْقِصَاصِ.
(وَ) إنْ تَبَرَّعَ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ لِمَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ وَلَوْ بِعِتْقٍ (وُقِفَ) بِضَمِّ الْوَاوِ وَكَسْرِ الْقَافِ (تَبَرُّعُهُ) وَلَوْ بِثُلُثِهِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ تَبَرُّعُهُ (لِمَالٍ) أَيْ مِنْ مَالٍ لَهُ (مَأْمُونٍ) أَيْ مِنْ التَّغَيُّرِ (وَهُوَ الْعَقَارُ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ أَيْ الْأَرْضُ وَمَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ بِنَاءٍ وَشَجَرٍ فَلَا يُوقَفُ، وَيَنْفُذُ الْآنَ حَيْثُ حَمَلَهُ الثُّلُثُ فَيَأْخُذْهُ الْمُتَبَرَّعُ لَهُ وَلَا يَنْتَظِرُ بِهِ مَوْتَ الْمُتَبَرِّعِ، فَإِنْ حَمَلَ بَعْضَهُ نَفَذَ عَاجِلًا، فَإِنْ مَاتَ الْمُتَبَرِّعُ فَلَا يَمْضِي غَيْرُ مَا نَفَذَ وَإِنْ صَحَّ مِنْ مَرَضِهِ صِحَّةً بَيِّنَةً نَفَذَ بَاقِيهِ.
(فَإِنْ مَاتَ) مَنْ وُقِفَ تَبَرُّعُهُ مِنْ مَالٍ غَيْرِ مَأْمُونٍ فَهُوَ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ (فَ) يُخْرَجُ تَبَرُّعُهُ (مِنْ الثُّلُثِ) مُعْتَبِرًا يَوْمَ التَّنْفِيذِ إنْ وَسِعَهُ، أَوْ مَا يَسَعُهُ الثُّلُثُ مِنْهُ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ صُنْعُهُ حَالَ مَرَضِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَمُتْ بِأَنْ صَحَّ مِنْ مَرَضِهِ صِحَّةً بَيِّنَةً (مَضَى) تَبَرُّعُهُ كُلُّهُ وَلَوْ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ وَلَيْسَ لَهُ رُجُوعٌ فِيهِ لِأَنَّهُ بَتَلَهُ وَلَمْ يَجْعَلْهُ وَصِيَّةً وَلَيْسَتْ مِنْ التَّبَرُّعِ الَّذِي فِيهِ التَّفْصِيلُ لِأَنَّهَا تُوقَفُ وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ مَأْمُونٌ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا (وَ) يُحْجَرُ (عَلَى الزَّوْجَةِ) الْحُرَّةِ الرَّشِيدَةِ بِدَلِيلِ مَا قَدَّمَهُ مِنْ حَجْرِ الرَّقِيقَةِ لِسَيِّدِهَا وَالسَّفِيهَةِ لِوَلِيِّهَا
وَلَوْ عَبْدًا فِي تَبَرُّعٍ زَادَ عَلَى ثُلُثِهَا، وَإِنْ بِكَفَالَةٍ.
وَفِي إقْرَاضِهَا: قَوْلَانِ وَهُوَ جَائِزٌ حَتَّى يُرَدَّ
ــ
[منح الجليل]
لِزَوْجِهَا) الْبَالِغِ الرَّشِيدِ لِحَقِّهِ فِي التَّجَمُّلِ بِمَالِهَا وَالتَّمَتُّعِ بِشُورَتِهَا إنْ كَانَ زَوْجُهَا حُرًّا، بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (عَبْدًا) عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ لِحَقِّهِ فِي مَالِهَا كَالْحُرِّ، وَأَشَارَ بِلَوْ لِخِلَافِ ابْنِ وَهْبٍ، وَحَجْرُ زَوْجَةِ السَّفِيهِ لِوَلِيِّهِ (فِي تَبَرُّعٍ زَادَ عَلَى ثُلُثِ) مَالِ (هَا) أَيْ الزَّوْجَةِ يَوْمَ التَّنْفِيذِ فَلَا حَجْرَ لِزَوْجِهَا عَلَيْهَا فِي تَبَرُّعِهَا بِثُلُثِ مَالِهَا وَلَوْ قَصَدَتْ بِهِ ضَرَرَ زَوْجِهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ.
وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ " تَبَرُّعٍ " الْمُعَاوَضَةُ الْمَالِيَّةُ فَلَا حَجْرَ لَهُ عَلَيْهَا فِيهَا، وَالْوَاجِبُ عَلَيْهَا كَنَفَقَةِ وَالِدَيْهَا وَرَقِيقِهَا وَحَيَوَانِهَا فَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهَا فِيهِ، وَيُحْجَرُ عَلَيْهَا فِي تَبَرُّعِهَا بِمَا زَادَ عَلَى ثُلُثِهَا إنْ كَانَ بِنَحْوِ هِبَةٍ وَصَدَقَةٍ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (بِكَفَالَةٍ) أَيْ ضَمَانٍ لِأَجْنَبِيٍّ مُعْسِرٍ أَوْ مُوسِرٍ، فَإِنْ كَانَتْ لِزَوْجِهَا فَقَدْ لَزِمَتْهَا وَلَيْسَ لَهُ رَدُّهَا لِأَنَّهُ لَا يَحْجُرُ عَلَيْهَا لِنَفْسِهِ. تت سَوَاءٌ تَكَلَّفَتْ بِمَالٍ أَوْ وَجْهٍ أَوْ طَلَبٍ لِضَرَرِ زَوْجِهَا بِخُرُوجِهَا لِطَلَبِ الْمَضْمُونِ أَوْ حَبْسِهَا فَيُمْنَعُ مِنْهَا، وَظَاهِرُهُ ضَمِنَتْ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا. ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: كَفَالَتُهَا كَعَطِيَّتِهَا وَأَفْهَمَتْ عِبَارَتُهُ أَنَّهَا لَوْ تَكَفَّلَتْ عَنْ زَوْجِهَا لَزِمَتْهَا وَهُوَ كَذَلِكَ. ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ قَالَتْ أَكْرَهَنِي فَلَا تُصَدَّقُ. عب هَذَا يُخَالِفُ مَا يَأْتِي فِي بَابِ الضَّمَانِ أَنَّ ضَمَانَهَا زَوْجَهَا كَضَمَانِهَا أَجْنَبِيًّا، وَهَذَا فِي غَيْرِ كَفَالَةِ الْوَجْهِ وَالطَّلَبِ فَلَهُ مَنْعُهُمَا مُطْلَقًا بَلَغَتْ الثُّلُثَ أَمْ لَا لِضَرَرِ زَوْجِهَا بِخُرُوجِهَا إلَخْ.
(وَ) فِي حَجْرِ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ (فِي إقْرَاضِهَا) أَيْ تَسْلِيفِ الزَّوْجَةِ مَالًا زَائِدًا عَلَى ثُلُثِهَا لِمَنْ يَنْتَفِعُ بِهِ وَيَرُدُّ عَلَيْهَا عِوَضَهُ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ كَهِبَتِهَا وَصَدَقَتِهَا قَالَهُ ابْنُ الشَّقَّاقِ، وَعَدَمِهِ لِأَخْذِهَا عِوَضَهُ قَالَهُ ابْنُ دَحَوْنَ (قَوْلَانِ) وَأَمَّا قِرَاضُهَا أَيْ دَفْعُهَا مَالًا لِمَنْ يَتَّجِرُ فِيهِ بِبَعْضِ رِبْحِهِ فَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهَا فِيهِ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ مِنْ التِّجَارَةِ كَالْمَرِيضِ مَرَضًا مَخُوفًا.
(وَهُوَ) أَيْ تَبَرُّعُ الزَّوْجَةِ بِمَا زَادَ عَلَى ثُلُثِهَا (جَائِزٌ) أَيْ مَاضٍ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ الْقُدُومُ عَلَيْهِ (حَتَّى يَرُدَّ) الزَّوْجُ جَمِيعَهُ أَوْ مَا شَاءَ مِنْهُ عَلَى الْمَشْهُورِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. وَقَالَ مُطَرِّفٌ
فَمَضَى، إنْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى تَأَيَّمَتْ، أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا: كَعِتْقِ الْعَبْدِ وَوَفَاءِ الدَّيْنِ بِغَيْرِ إذْنِهِ
ــ
[منح الجليل]
مَرْدُودٌ حَتَّى يُجِيزَهُ الزَّوْجُ حَكَاهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِي اخْتِلَافِهِمَا فِي بُلُوغِهِ زِيَادَةً عَنْ الثُّلُثِ وَعَدَمِهِ فَالْقَوْلُ لَهَا عَلَى الْأَوَّلِ، وَلِزَوْجِهَا عَلَى الثَّانِي، وَسَوَاءٌ خَرَجَ مِنْ يَدِهَا أَمْ لَا وَمِنْ ثَمَرَتِهِ أَيْضًا مَا فَرَّعَهُ بِقَوْلِهِ (فَمَضَى) أَيْ يَمْضِي تَبَرُّعُ الزَّوْجَةِ بِمَا زَادَ عَلَى ثُلُثِهَا بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ عِتْقٍ (إنْ لَمْ يَعْلَمْ الزَّوْجُ) تَبَرُّعَهَا (حَتَّى تَأَيَّمَتْ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا، أَيْ خَلَتْ الزَّوْجَةُ مِنْ زَوْجِيَّتِهِ بِطَلَاقِهِ وَأَوْلَى إنْ عَلِمَ وَسَكَتَ حَتَّى تَأَيَّمَتْ (أَوْ) حَتَّى (مَاتَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إنْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى مَاتَتْ فَلَهُ رَدُّهُ لِأَنَّ لَهُ إرْثَهُ وَلَيْسَ لَهَا رَدُّهُ إنْ طَلُقَتْ أَوْ مَاتَ زَوْجُهَا كَالصَّغِيرِ أَوْ السَّفِيهِ الَّذِي لَهُ رَدُّ تَبَرُّعِهِ إذَا رَشَدَ قَبْلَ رَدِّ وَلِيِّهِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ تَصَرُّفَهَا مِنْ مُكَلَّفٍ رَشِيدٍ، وَإِنَّمَا حُجِرَ عَلَيْهَا لِحَقِّ الزَّوْجِ وَقَدْ زَالَ بِخِلَافِ تَصَرُّفِ الصَّغِيرِ وَالسَّفِيهِ، وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ لِحَقِّ نَفْسِهِ وَلَمْ يَزُلْ.
وَشَبَّهَ فِي الْمُضِيِّ بَعْدَ زَوَالِ الْحَجْرِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ مَنْ لَهُ الْحَجْرُ إلَّا بَعْدَهُ فَقَالَ: (كَعِتْقِ الْعَبْدِ) رَقِيقَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ سَيِّدُهُ حَتَّى أَعْتَقَهُ وَلَمْ يَسْتَثْنِ مَالَهُ فَقَدْ مَضَى عِتْقُهُ، فَاسْمُ الْمَصْدَرِ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ، وَمَفْعُولُهُ مَحْذُوفٌ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ بَعْدَ حَذْفِ فَاعِلِهِ أَيْ السَّيِّدِ، أَيْ كَعِتْقِ السَّيِّدِ عَبْدَهُ بَعْدَ أَنْ تَبَرَّعَ بِتَبَرُّعَاتٍ لَمْ يَعْلَمْهَا سَيِّدُهُ حَتَّى أَعْتَقَهُ، وَلَمْ يَسْتَثْنِ مَالَهُ فَتَمْضِيَ تَبَرُّعَاتُهُ، وَأَوْلَى إنْ عَلِمَ بِهَا وَسَكَتَ حَتَّى أَعْتَقَهُ. فِي كِتَابِ كَفَالَةِ الْمُدَوَّنَةِ: وَلَا يَجُوزُ لِعَبْدٍ وَلَا مُكَاتَبٍ وَلَا مُدَبَّرٍ وَلَا أُمِّ وَلَدٍ كَفَالَةٌ وَلَا عِتْقٌ وَلَا هِبَةٌ وَلَا صَدَقَةٌ وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَعْرُوفٌ عِنْدَ النَّاسِ إلَّا بِإِذْنِ السَّيِّدِ، فَإِنْ فَعَلُوا بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا يَجُوزُ إنْ رَدَّهُ السَّيِّدُ، فَإِنْ رَدَّهُ فَلَا يَلْزَمُهُمْ، وَإِنْ عَتَقُوا وَإِنْ لَمْ يَرُدَّهُ حَتَّى عَتَقُوا وَأَلْزَمَهُمْ ذَلِكَ عَلِمَ بِهِ السَّيِّدُ قَبْلَ عِتْقِهِمْ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ. اهـ. وَفِي كِتَابِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ مِنْ الْمُقَدِّمَاتِ: وَلَا يَجُوزُ لَهُ مَعْرُوفٌ إلَّا مَا جُرَّ إلَى التِّجَارَةِ، فَأَمَّا هِبَتُهُ أَوْ صَدَقَتُهُ أَوْ عِتْقُهُ فَمَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ السَّيِّدِ أَوْ رَدِّهِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ حَتَّى يَعْتِقَ مَضَى فَلَزِمَ ذَلِكَ الْعَبْدَ وَلَمْ يَكُنْ لِسَيِّدِهِ أَنْ يَرُدَّهُ.
(وَ) كَتَبَرُّعِ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ قَبْلَ (وَفَاءِ الدَّيْنِ) الَّذِي أَحَاطَ بِمَالِهِ (بِغَيْرِ إذْنِهِ)
وَلَهُ رَدُّ الْجَمِيعِ، إنْ تَبَرَّعَتْ بِزَائِدٍ؛ وَلَيْسَ لَهَا بَعْدَ الثُّلُثِ، تَبَرُّعٌ، إلَّا أَنْ يَبْعُدَ.
ــ
[منح الجليل]
أَيْ رَبِّ الْمُحِيطِ بِمَالِ الْمُتَبَرِّعِ وَلَمْ يَعْلَمْ رَبُّ الدَّيْنِ بِتَبَرُّعِهِ، أَوْ عَلِمَ وَسَكَتَ حَتَّى وَفَاءِ دَيْنِهِ فَقَدْ مَضَى تَبَرُّعُهُ إنْ بَقِيَ مَا تَبَرَّعَ بِهِ بِيَدِهِ، قَالَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ، وَنَصُّهَا: إذَا لَمْ يَعْلَمْ السَّيِّدُ أَوْ عَلِمَ وَلَمْ يَقْضِ بِرَدٍّ وَلَا إجَازَةٍ حَتَّى عَتَقَ الْعَبْدُ وَالْمَالُ بِيَدِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَازِمٌ لَهُ وَلَا أَعْلَمُ فِي ذَلِكَ نَصَّ خِلَافٍ، وَقَالَ فِي تَبَرُّعِ الْمِدْيَانِ بِغَيْرِ إذْنِ غُرَمَائِهِ: إنَّ ذَلِكَ يَنْفُذُ عَلَيْهِ إنْ بَقِيَ ذَلِكَ الْمَالُ بِيَدِهِ إلَى أَنْ ارْتَفَعَتْ عِلَّةُ الْمَنْعِ بِزَوَالِ الدَّيْنِ.
(وَلَهُ) أَيْ الزَّوْجِ (رَدُّ الْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ مَا تَبَرَّعَتْ بِهِ زَوْجَتُهُ وَإِمْضَاؤُهُ (إنْ تَبَرَّعَتْ بِزَائِدٍ) عَنْ ثُلُثِهَا وَرَدُّ الزَّائِدِ فَقَطْ، وَإِمْضَاءُ الثُّلُثِ إلَّا إذَا كَانَ تَبَرُّعُهَا بِعِتْقِ رَقَبَةٍ وَاحِدَةٍ زَائِدَةٍ عَلَى ثُلُثِهَا فَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الزَّائِدِ فَقَطْ لِتَأْدِيَتِهِ لِعِتْقِ بَعْضِهَا بِلَا تَكْمِيلٍ قَالَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فِي الْمُدَوَّنَةِ. ابْنُ نَافِعٍ سَوَاءٌ كَانَتْ الزِّيَادَةُ كَثِيرَةً أَوْ يَسِيرَةً. وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا إنْ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ كَالدِّينَارِ وَمَا خَفَّ مَضَى، وَإِنْ كَثُرَتْ فَلَهُ رَدُّ الْجَمِيعِ.
وَفَرَّقَ فِي التَّوْضِيحِ بَيْنَ تَمْكِينِ الزَّوْجِ مِنْ رَدِّ الْجَمِيعِ إنْ تَبَرَّعَتْ بِزَائِدٍ وَعَدَمِ تَمْكِينِ الْوَارِثِ مِنْهُ إنْ تَبَرَّعَ الْمَرِيضُ بِزَائِدٍ بِإِمْكَانِ تَدَارُكِ الزَّوْجَةِ التَّبَرُّعَ بِثُلُثِهَا، بِخِلَافِ الْمَيِّتِ وَبَيْنَ تَمْكِينِهِ هُنَا مِنْهُ وَعَدَمِ تَمْكِينِهِ فِي دَعْوَى الْأَبِ بَعْدَ السَّنَةِ إعَارَتَهَا وَصَدَّقَتْهُ، فَفِي ثُلُثِهَا بِقُوَّةِ شُبْهَةِ الْأَبِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ رَدَّ السَّيِّدِ وَوَلِيِّ الصَّغِيرِ وَالسَّفِيهِ رَدُّ إبْطَالٍ، وَرَدَّ الْغُرَمَاءِ رَدُّ إيقَافٍ، وَرَدَّ الزَّوْجِ رَدُّ إيقَافٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِبْطَالٍ عَلَى مُقَابِلِهِ، وَرَدَّ الْقَاضِي كَرَدِّ مَنْ نَابَ عَنْهُ، وَنَظَمَ هَذَا ابْنُ غَازِي فَقَالَ:
أَبْطِلْ صَنِيعَ الْعَبْدِ وَالسَّفِيهِ
…
بِرَدِّ مَوْلَاهُ وَمَنْ يَلِيهِ
وَأَوْقِفْنَ فِعْلَ الْغَرِيمِ وَاخْتُلِفْ
…
فِي الزَّوْجِ وَالْقَاضِي كَمُبْدَلٍ عُرِفَ
(وَلَيْسَ لَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (بَعْدَ) تَبَرُّعِهَا بِ (الثُّلُثِ) مِنْ مَالِهَا (تَبَرُّعٌ) مِنْ الثُّلُثَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ بِشَيْءٍ (إلَّا أَنْ يَبْعُدَ) التَّبَرُّعُ الْمُتَأَخِّرُ مِنْ التَّبَرُّعِ الْمُتَقَدِّمِ بِعَامٍ عِنْدَ ابْنِ سَهْلٍ وَرُجِّحَ، وَبِسِتَّةِ أَشْهُرٍ عِنْدَ أَصْبَغَ وَابْنِ حَبِيبٍ فَيَصِيرُ الْبَاقِي كَأَنَّهُ مَالٌ مُسْتَقِلٌّ لَمْ تَتَبَرَّعْ مِنْهُ بِشَيْءٍ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ