الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ)
يُؤَاخَذُ الْمُكَلَّفُ، بِلَا حَجْرٍ بِإِقْرَارِهِ
ــ
[منح الجليل]
الْمِسَلَّةِ إلَيْهِ أَتَى إلَى مَنْزِلِ هَذَا الْعَبْدِ فَلَا يَكُونُ لَهُ أُجْرَةٌ كَمَا قَالَ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ كَمُنَاوَلَةِ الْقَدَحِ وَالنَّعْلِ اهـ وَنَحْوُهُ لِلَّخْمِيِّ وَالْمَازِرِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَابٌ فِي بَيَان أَحْكَام الْإِقْرَار]
(بَابٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْإِقْرَارِ (يُؤَاخَذُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَمَدِّ الْهَمْزِ وَفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ يَلْزَمُ بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الزَّايِ الشَّخْصَ (الْمُكَلَّفَ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْكَافِ وَاللَّامِ مُشَدَّدًا، أَيْ الْبَالِغَ الْعَاقِلَ حَالَ كَوْنِهِ (بِلَا حَجْرٍ) عَلَيْهِ فِي الْمُعَاوَضَةِ بِأَنْ كَانَ حُرًّا رَشِيدًا غَيْرَ مُفْلِسٍ وَلَوْ زَوْجَةً أَوْ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
مَرِيضًا فِي زَائِدِ الثُّلُثِ. طفي وَهِمَ الشَّارِحُ فِي إخْرَاجِ الزَّوْجَةِ وَالْمَرِيضِ بِقَوْلِهِ بِلَا حَجْرٍ، وَتَبِعَهُ تت وَغَيْرُهُ إذْ لَا حَجْرَ عَلَيْهِمَا فِي الْإِقْرَارِ وَلَوْ فِي زَائِدِ الثُّلُثِ، إذْ لَيْسَ هُوَ مِنْ التَّبَرُّعِ. اهـ. وَتَبِعَهُ الْبُنَانِيُّ قَائِلًا فَقَوْلُهُ بِلَا حَجْرٍ، أَيْ فِي الْمُعَاوَضَاتِ فَتَدْخُلُ الزَّوْجَةُ وَالْمَرِيضُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَصِلَةُ يُؤَاخَذُ (بِإِقْرَارِهِ) أَيْ الْمُكَلَّفُ بِلَا حَجْرٍ فِي الذَّخِيرَةِ، هَذِهِ الْمَادَّةُ وَهِيَ الْإِقْرَارُ وَالْقَرَارُ وَالْقَرُّ وَالْقَارُورَةُ أَصْلُهَا السُّكُونُ وَالثُّبُوتُ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ يُثْبِتُ الْحَقَّ وَالْمُقِرُّ أَثْبَتَ الْحَقَّ عَلَى نَفْسِهِ، وَالْقَرَارُ مَحِلُّ السُّكُونِ، وَالْقَرُّ الْبَرْدُ وَهُوَ يُسْكِنُ الدِّمَاءَ وَالْأَعْضَاءَ، وَالْقَارُورَةُ يَسْتَقِرُّ فِيهَا الْمَائِعُ. ابْنُ عَرَفَةَ لَمْ يُعَرِّفُوهُ وَكَأَنَّهُ بَدِيهِيٌّ عِنْدَهُمْ، وَمَنْ يُنْصِفُ لَا يَدَّعِي بَدَاهَتَهُ لِأَنَّ مُقْتَضَى حَالِ مُدَّعِيهَا أَنَّهُ قَوْلٌ يُوجِبُ حَقًّا عَلَى قَائِلِهِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ نَظَرِيٌّ فَيُعْرَفُ بِأَنَّهُ خَبَرٌ يُوجِبُ حُكْمَ صِدْقِهِ عَلَى قَائِلِهِ فَقَطْ بِلَفْظِهِ أَوْ لَفْظِ نَائِبِهِ فَيَدْخُلُ إقْرَارُ الْوَكِيلِ وَتَخْرُجُ الْإِنْشَاءَاتُ كَبِعْتُ وَطَلَّقْت وَنُطْقُ الْكَافِرِ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَلَازَمَهَا الْإِخْبَارُ عَنْهَا بِلَفْظِ بِعْت وَطَلَّقْت وَأَسْلَمْت وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَالرِّوَايَةُ وَالشَّهَادَةُ وَالْقَذْفُ كَقَوْلِهِ زَيْدٌ زَانٍ فَإِنَّهُ وَإِنْ أَوْجَبَ حُكْمًا عَلَى قَائِلِهِ فَقَطْ فَلَيْسَ هُوَ حُكْمَ مُقْتَضَى صِدْقِهِ اهـ.
الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَنُطْقُ الْكَافِرِ بِالشَّهَادَتَيْنِ فِيهِ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ مِنْهُ إنْشَاءٌ، وَجَوَّزَ الرَّصَّاعُ فِيهِ الْخَبَرِيَّةَ وَرَدَّ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ عَلَى ابْنِ عَرَفَةَ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مِنْهُ إخْبَارٌ لَا إنْشَاءٌ، لِأَنَّ الْإِيمَانَ الْقَلْبِيَّ مِنْ قَبِيلِ الْعُلُومِ أَوْ مِنْ تَوَابِعِهَا لِأَنَّهُ الْمَعْرِفَةُ أَوْ حَدِيثُ النَّفْسِ التَّابِعُ لَهَا، وَالْمُرَادُ بِحَدِيثِ النَّفْسِ الْقَبُولُ وَالْإِذْعَانُ لِمَا عَرَّفَهُ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَكَلِمَةُ الشَّهَادَةِ عِبَارَةٌ عَنْهُ فَهُوَ يُخْبِرُ أَنَّهُ اعْتَقَدَ مَضْمُونَهَا وَأَقَرَّ بِهِ فَهِيَ خَبَرٌ مِنْ الْأَخْبَارِ فَتَدْخُلُ فِي تَعْرِيفِهِ. وَأَمَّا كَوْنُهَا إنْشَاءً فَمُشْكِلٌ لِأَنَّ الْمُنْشَأَ إنْ كَانَ مَا فِي الِاعْتِقَادِ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ سَابِقٌ عَلَى التَّلَفُّظِ بِهَا وَالْمُنْشَأُ يَلْزَمُ تَأَخُّرُهُ عَنْ صِيغَتِهِ، وَإِنْ كَانَ الدُّخُولُ فِي الْإِسْلَامِ فَهُوَ حَاصِلٌ بِنَفْسِ النُّطْقِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ أَمْرٍ زَائِدٍ عَلَى مَعْنَاهَا الْخَبَرِيِّ، وَأَيْضًا فَيَلْزَمُهُ أَنَّ كُلَّ إقْرَارٍ إنْشَاءٌ لِدُخُولِ كُلِّ مُقِرٍّ فِي الْتِزَامِ مَا أَقَرَّ بِهِ، وَهَذَا بَاطِلٌ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ، فَالصَّوَابُ أَنَّ نُطْقَ الْكَافِرِ بِهَا إخْبَارٌ عَنْ اعْتِقَادِهِ، وَكَذَا الذَّاكِرُ بِالْأَحْرَى، نَعَمْ إذَا قَصَدَ الذَّاكِرُ إنْشَاءَ الثَّنَاءِ
لِأَهْلٍ لَمْ يُكَذِّبْهُ، وَلَمْ يُتَّهَمْ،
ــ
[منح الجليل]
بِهَا نَاقِلًا لَهَا عَنْ مَعْنَاهَا صَحَّ ذَلِكَ فِيهِ وَلَا يَصِحُّ فِي الْكَافِرِ لِأَنَّ هَذِهِ الْحَالَةِ إنَّمَا تَحْصُلُ بَعْدَ الْإِيمَانِ.
الْحَطّ وَخَرَجَ بِالْمُكَلَّفِ إقْرَارُ الْمُكْرَهِ، فَإِنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ عَلَى الصَّحِيحِ. الْقُرْطُبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ شَرْطُ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ أَنْ لَا يَكُونَ بِإِكْرَاهٍ، وَاخْتُلِفَ فِي أَخْذِ الْمَحْبُوسِ وَالْمُهَدَّدِ بِإِقْرَارِهِ وَاضْطَرَبَ الْمَذْهَبُ فِيهِ هَلْ يُقْبَلُ جُمْلَةً أَوْ لَا يُقْبَلُ جُمْلَةً أَوْ يُفَرَّقُ، فَيُقْبَلُ إذَا عَيَّنَ مَا اعْتَرَفَ بِهِ مِنْ قَتْلٍ أَوْ سَرِقَةٍ، وَلَا يُقْبَلُ إذَا لَمْ يُعَيِّنْ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ.
الدَّمَامِينِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْبُخَارِيِّ وَعَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ الْمَذْعُورَ لَا يَلْزَمُهُ مَا صَدَرَ مِنْهُ فِي حَالِ ذُعْرِهِ مِنْ بَيْعٍ وَإِقْرَارٍ وَغَيْرِهِمَا. " ق " ابْنُ شَاسٍ الْمُقِرُّ يَنْقَسِمُ إلَى مُطْلَقٍ وَمَحْجُورٍ فَالْمُطْلَقُ يَنْفُذُ إقْرَارُهُ فِي كُلِّ مَا يُقِرُّ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ فِي مَالِهِ وَبَدَنِهِ، وَالْمَحْجُورُ سِتَّةُ أَشْخَاصٍ الصَّبِيُّ وَإِقْرَارُهُ مَسْلُوبٌ قَطْعًا مُطْلَقًا نَعَمْ لَوْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ بَلَغَ بِالِاحْتِلَامِ فِي وَقْتِ إمْكَانِهِ لَصُدِّقَ، إذْ لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ وَالْمَجْنُونُ وَهُوَ مَسْلُوبُ الْقَوْلِ مُطْلَقًا وَالْمُبَذِّرُ وَالْمُفْلِسُ وَالْعَبْدُ وَالْمَرِيضُ وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فِي الْإِقْرَارِ لِمَنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ اهـ.
(فَائِدَةٌ) الْإِقْرَارُ وَالشَّهَادَةُ وَالدَّعْوَى إخْبَارٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا أَنَّ الْخَبَرَ إنْ كَانَ حُكْمُهُ قَاصِرًا عَلَى قَائِلِهِ فَهُوَ إقْرَارٌ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ فِيهِ نَفْعٌ لَهُ فَدَعْوًى وَإِلَّا فَشَهَادَةٌ. (لِأَهْلِ) أَيْ صَالِحِ الْمِلْكِ الْمُقَرِّ بِهِ وَلَوْ حُكْمًا كَحَمْلٍ وَمَسْجِدٍ وَقَنْطَرَةٍ فَلَا يُؤَاخَذُ الْمُكَلَّفُ بِلَا حَجْرٍ بِمَا أَقَرَّ بِهِ لِغَيْرِ أَهْلٍ كَجَبَلٍ وَبَحْرٍ وَسَبُعٍ. ابْنُ شَاسٍ مِنْ شَرْطِ الْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يَكُونَ أَهْلًا لِلِاسْتِحْقَاقِ، فَلَوْ قَالَ لِهَذَا الْحَجَرِ أَوْ الْحِمَارِ عَلَيَّ أَلْفٌ بَطَلَ (لَمْ يُكَذِّبْهُ) أَيْ الْأَهْلُ الْمُقَرُّ لَهُ الْمُقِرَّ فِي إقْرَارِهِ لَهُ. ابْنُ شَاسٍ مِنْ شَرْطِ الْمُقَرِّ لَهُ أَيْضًا أَنْ لَا يُكَذِّبَ الْمُقِرَّ، فَإِنْ كَذَّبَهُ فَلَا يَسْلَمُ لَهُ الْمُقَرُّ بِهِ وَيُتْرَكُ بِيَدِ الْمُقِرِّ. ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا نَقْلُ الشَّيْخِ عَنْ سَحْنُونٍ، إذْ لَا يَصِحُّ دُخُولُ مِلْكِ الْغَيْرِ فِي مِلْكِ أَحَدٍ جَبْرًا إلَّا فِي الْمِيرَاثِ (وَلَمْ يُتَّهَمْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَشَدِّ الْفَوْقِيَّةِ مَفْتُوحَةً هِيَ وَالْهَاءُ، أَيْ الْمُقِرُّ فِي إقْرَارِهِ بِكَذِبٍ لَا كَيْدِ قَرَابَةٍ أَوْ صَدَاقَةٍ أَوْ زَوْجِيَّةٍ.
كَالْعَبْدِ فِي غَيْرِ الْمَالِ،
ــ
[منح الجليل]
" ق " هَذَا الشَّرْطُ لَا يُحْتَاجُ لَهُ فِي إقْرَارٍ صَحِيحٍ غَيْرِ مَحْجُورٍ، اُنْظُرْ أَوَّلَ الْإِقْرَارِ مِنْ الْكَافِي، فَإِنَّهُ قَالَ إقْرَارُ غَيْرِ الْمَحْجُورِ بِأَمْرٍ لَا يَلْحَقُهُ فِيهِ تُهْمَةٌ، وَلَا يُظَنُّ بِهِ تَوْلِيجٌ يَلْزَمُهُ وَلَا يُحْتَاجُ إلَى مُعَايَنَةِ قَبْضِ الْمَالِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُقَرُّ لَهُ مِمَّنْ يُعْرَفُ بِالْقَهْرِ وَالتَّعَدِّي. ابْنُ الْحَاجِبِ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُ الْمَرِيضِ لِمَنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ، وَتَقَدَّمَ فِي الْغَرِيمِ مَنْعُ إقْرَارِهِ لِمُتَّهَمٍ عَلَيْهِ.
" طفي " قَوْلُهُ وَلَمْ يُتَّهَمْ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ بِلَا حَجْرٍ، إذْ هُوَ مَخْرَجٌ لِلْمَرِيضِ كَمَا قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ الْمُقِرُّ يَنْقَسِمُ إلَى مُطْلَقٍ وَمَحْجُورٍ فَالْمُطْلَقُ يَنْفُذُ إقْرَارُهُ وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ سِتَّةٌ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ وَالْمُبَذِّرُ وَالْمُفْلِسُ وَالْعَبْدُ وَالْمَرِيضُ وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فِي الْإِقْرَارِ لِمَنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ. اهـ. أَيْ وَعَدَمُ الِاتِّهَامِ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي إقْرَارِ الْمَرِيضِ. الْبُنَانِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْقَيْدَ لَا بُدَّ مِنْهُ لِحَمْلِ الْحَجْرِ الْمَنْفِيِّ فِيمَا تَقَدَّمَ عَلَى الْحَجْرِ فِي الْمُعَاوَضَاتِ كَمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
عب إنَّمَا يُعْتَبَرُ عَدَمُ الِاتِّهَامِ فِي إقْرَارِ الْمَرِيضِ وَالصَّحِيحُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ. الْبُنَانِيُّ يَعْنِي بِالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ الْمُفْلِسَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ إقْرَارَهُ لِمَنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ لَازِمٌ، لَكِنْ لَا يُحَاصَصُ الْمُقَرُّ لَهُ بِهِ وَيَتْبَعُهُ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْفَلَسِ خِلَافُ مَا يُوهِمُهُ كَلَامُهُ هُنَا مِنْ بُطْلَانِهِ فَالصَّوَابُ أَنَّ عَدَمَ الِاتِّهَامِ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي إقْرَارِ الْمَرِيضِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَمَثَّلَ لِمَنْ يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ بِمَنْ يُتَوَهَّمُ فِيهِ عَدَمُ مُؤَاخَذَتِهِ بِهِ فَقَالَ (كَالْعَبْدِ) غَيْرِ الْمَأْذُونِ يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ (فِي غَيْرِ الْمَالِ) كَجُرْحٍ أَوْ قَتْلٍ عَمْدًا مِمَّا يَجِبُ فِيهِ قِصَاصٌ أَوْ حَدٌّ كَقَذْفٍ وَسَرِقَةٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَطْعِ لَا لِغُرْمِ الْمَسْرُوقِ، وَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ فِي غَيْرِ الْمَالِ عَلَى أَنَّ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ الْمَالِ وَغَيْرِهِ شَرْعِيَّةٌ، يَعْنِي أَنَّ الشَّارِعَ حَجْرَ عَلَى الْعَبْدِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِ فَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ وَلَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى نَفْسِهِ فِي قَتْلٍ أَوْ جُرْحٍ أَوْ مَا أَشْبَهَهُمَا، فَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ بِهِ، وَقَدْ يَجْتَمِعُ الْأَمْرَانِ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ فَيُؤَاخَذُ بِبَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ، كَالسَّرِقَةِ فَيُقْطَعُ، وَلَا يَغْرَمُ وَلَمْ يُقَيَّدُ الْعَبْدُ بِغَيْرِ الْمَأْذُونِ لِأَنَّ قَوْلَهُ بِلَا حَجْرٍ أَغْنَى عَنْهُ، وَبِهَذَا انْدَفَعَ قَوْلُ الشَّارِحِ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ الْمَأْذُونِ قَالَهُ تت، وَتَبِعَهُ الْخَرَشِيُّ وعب، وَفِيهِ أَنَّ قَوْلَهُ بِلَا حَجْرٍ يُفِيدُ
وَأَخْرَسَ، وَمَرِيضٍ، إنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ لِأَبْعَدَ
ــ
[منح الجليل]
تَقْيِيدَهُ بِالْمَأْذُونِ لَا بِغَيْرِهِ، وَلِذَا قَالَ الْعَدَوِيُّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَنَّ تَقْيِيدَهُ بِغَيْرِ الْمَالِ يُفِيدُ تَقْيِيدَهُ بِغَيْرِ الْمَأْذُونِ، لِأَنَّ الْمَأْذُونَ يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِالْمَالِ وَغَيْرِهِ، وَيَكُون فِيمَا بِيَدِهِ مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ لَا فِي غَلَّتِهِ وَرَقَبَتِهِ لِأَنَّهُمَا لِسَيِّدِهِ وَمَا زَادَ عَلَى مَالِ التِّجَارَةِ فَهُوَ فِي ذِمَّتِهِ وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ إسْقَاطُهُ عَنْهُ قَالَهُ فِي كِتَابِ الْمَأْذُونِ مِنْهَا.
وَأَمَّا غَيْرُ الْمَأْذُونِ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِالْمَالِ، وَلَا يَلْزَمُ فِي مَالِهِ وَيَكُونُ فِي ذِمَّتِهِ إنْ عَتَقَ إلَّا أَنْ يُسْقِطَهُ سَيِّدُهُ أَوْ السُّلْطَانُ قَالَهُ فِي كِتَابِ الْمَأْذُونِ. " ق " ابْنُ عَرَفَةَ حَجْرُ الرِّقِّ يُلْغِي الْإِقْرَارَ فِي الْمَالِ لَا الْبَدَنِ، فَفِي جِنَايَاتِهَا إنْ أَقَرَّ عَبْدٌ بِمَا يَلْزَمُهُ فِي جَسَدِهِ مِنْ قَطْعٍ أَوْ قَتْلٍ أَوْ غَيْرِهِ صُدِّقَ فِيهِ وَمَا آلَ إلَى غُرْمِ سَيِّدِهِ فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِهِ. ابْنُ سَحْنُونٍ وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَأَصْحَابُهُ إقْرَارُ الْمَأْذُونِ لَهُ مِنْ عَبْدٍ أَوْ مُدَبَّرٍ أَوْ أُمِّ وَلَدٍ بِدَيْنٍ أَوْ وَدِيعَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ غَصْبٍ لَازِمٍ. وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ وَإِقْرَارُ الْمُكَاتَبِ بِبَيْعٍ أَوْ دَيْنٍ أَوْ وَدِيعَةٍ جَائِزٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَالِكٌ فِي ثَوْبٍ بِيَدِ عَبْدٍ قَالَ فُلَانٌ أَوْدَعَنِيهِ وَسَيِّدُهُ يَدَّعِيهِ إنَّ السَّيِّدَ مُصَدَّقٌ إلَّا أَنْ يُقِيمَ فُلَانٌ الْبَيِّنَةَ. اهـ. عَبْدُ الْحَقِّ وَيَحْلِفُ إنْ قَالَ هُوَ لِي عَلَى الْبَتِّ، أَوْ قَالَ هُوَ لِعَبْدِي أُعْلِمَ شِرَاؤُهُ أَوْ مِلْكُهُ. وَأَمَّا إنْ قَالَ هُوَ بِيَدِ عَبْدِي أَوْ حَوْزِهِ فَلْيَحْلِفْ مَا عَلِمْت لَك فِيهِ حَقًّا.
(وَ) كَشَخْصٍ (أَخْرَسَ) فَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ بِمَا يُفْهَمُ عَنْهُ مِنْ إشَارَةٍ أَوْ كِتَابَةٍ وَدَفْعِ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ عَدَمِ لُزُومِ إقْرَارِهِ. " ق " لَمْ أَجِدْ ذَكَرَ هَذَا فِي الْبَابِ (وَ) كَشَخْصٍ (مَرِيضٍ) فَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ بِمَالٍ وَلَوْ زَائِدًا عَلَى ثُلُثِ مَالِهِ (إنْ وَرِثَهُ) أَيْ الْمَرِيضَ (وَلَدٌ) ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى أَوْ وَلَدُ ابْنٍ إذَا أَقَرَّ (لِ) قَرِيبٍ (أَبْعَدَ) مِنْ الْوَلَدِ سَوَاءٌ اسْتَحَقَّ الْوَلَدُ جَمِيعَ مَالِهِ كَابْنٍ أَوْ بَعْضَهُ كَبِنْتٍ. ابْنُ رُشْدٍ إقْرَارُ الْمَرِيضِ لِوَارِثٍ أَبْعَدَ مِمَّنْ لَمْ يُقِرَّ لَهُ غَيْرُ وَارِثٍ أَوْ لِصَدِيقٍ مُلَاطِفٍ. قِيلَ جَائِزٌ مُطْلَقًا. وَقِيلَ لَا يَجُوزُ إلَّا إنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ وَهُمَا قَائِمَانِ مِنْهَا.
عب لَكِنَّ الَّذِي فِي الشَّارِحِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ يُفِيدُ أَنَّ مَا اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ الْمَشْهُورُ وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ قَائِمًا مِنْهَا أَيْضًا إذَا لَا يَلْزَمُ مِنْ قِيَامِهِ مِنْهَا كَوْنُهُ مَشْهُورًا. الْبُنَانِيُّ مِثْلُهُ لِابْنِ سَلْمُونٍ
أَوْ لِمُلَاطِفِهِ، أَوْ لِمَنْ يَرِثُهُ،
ــ
[منح الجليل]
وَنَصَّهُ وَأَمَّا إذَا أَقَرَّ لِقَرِيبٍ غَيْرِ وَارِثٍ أَوْ صَدِيقٍ مُلَاطِفٍ فَالْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ إقْرَارَهُ جَائِزٌ إنْ كَانَ يُورَثُ بِوَلَدٍ لَا كَلَالَةٍ. وَقِيلَ إنَّ إقْرَارَهُ جَائِزٌ كَأَنْ يُورَثَ بِكَلَالَةٍ أَوْ بِوَلَدٍ وَالْقَوْلَانِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَقَدْ قِيلَ إنْ كَانَ يُورَثُ بِوَلَدٍ جَازَ إقْرَارُهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ بِكَلَالَةٍ جَازَ مِنْ الثُّلُثِ، وَظَاهِرُ سِيَاقِهِ أَنَّهُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ.
(أَوْ) أَقَرَّ الْمَرِيضُ (لِ) صَدِيقِ (مُلَاطِفِهِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ مُعَامِلٍ لَهُ مُعَامَلَةً جَمِيلَةً أَجْنَبِيٍّ مِنْ نَسَبِهِ فَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ لَهُ إنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ، وَمَفْهُومُ أَبْعَدَ وَمُلَاطِفٍ أَنَّهُ إنْ أَقَرَّ لِأَجْنَبِيٍّ غَيْرِ مُلَاطِفٍ فَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ وَإِنْ لَمْ يَرِثْهُ وَلَدٌ لِعَدَمِ اتِّهَامِهِ فِيهِ. " غ " الشَّرْطُ رَاجِعٌ لِمَنْ بَعْدَ الْأَبْعَدِ وَاحْتَرَزَ بِالْأَبْعَدِ مِنْ الْأَقْرَبِ وَالْمُسَاوِي وَالْمُتَوَسِّطِ بَيْنَهُمَا، وَقَدْ صَرَّحَ بِأَحْكَامِهِمْ فِيمَا بَعْدَ وَقَصَدَ اخْتِصَارَ تَحْصِيلِ ابْنِ رُشْدٍ فِي ثَانِي مَسْأَلَةٍ مِنْ رَسْمِ لَيَفْعَلَن (أَوْ) أَقَرَّ مَرِيضٌ (لِمَنْ) أَيْ شَخْصٍ قَرِيبٍ (لَمْ يَرِثْهُ) أَيْ الشَّخْصُ الْمُوصَى لَهُ الْمَرِيضَ أَصْلًا لِكَوْنِهِ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ كَخَالِهِ وَأَبِي أُمِّهِ، فَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِ لَهُ إنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ.
الْحَطّ يَعْنِي لِقَرِيبٍ غَيْرِ وَارِثٍ وَلَا يُرِيدُ الْأَجْنَبِيَّ لِإِيهَامِهِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ إقْرَارِهِ لَهُ أَنْ يَرِثَهُ وَلَدٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ إقْرَارَهُ لَهُ جَائِزٌ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ وَلَدٌ أَمْ لَا. طفي قَوْلُهُ أَوْ لِمَنْ لَمْ يَرِثْهُ، أَيْ مَعَ كَوْنِهِ قَرِيبًا إذْ الْكَلَامُ فِيهِ فَزِيَادَةُ. تت أَوْ أَجْنَبِيَّا غَيْرُ ظَاهِرَةٍ. تت تَنْكِيتُ تَمْثِيلِ الْبِسَاطِيِّ بِقَوْلِهِ أَوْ حَجْبًا لَكِنَّهُ قَرِيبٌ غَيْرُ ظَاهِرٍ مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ قَبْلَهُ لَا بَعْدُ. طفي فَهِمَ تت أَنَّ الْمَحْجُوبَ دَخَلَ فِي قَوْلِهِ لَا بَعْدُ فَعِنْدَهُ الْأَبْعَدُ الَّذِي مِنْ شَأْنِهِ الْإِرْثُ سَوَاءٌ وَرِثَ بِالْفِعْلِ أَوْ حُجِبَ، وَلِذَا قَالَ سَوَاءٌ اسْتَغْرَقَ الْوَلَدُ الْمَالَ أَوْ لَا.
وَهَذَا اغْتِرَارٌ بِظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ اشْتِرَاطِهِ فِي الْإِقْرَارِ لِلْأَبْعَدِ وُجُودُ وَلَدٍ وَهُوَ غَيْرُ مُشْتَرَطٍ فِيهِ، إذْ لَا مُسْتَنَدَ لِلْمُصَنِّفِ فِي ذَلِكَ وَاعْتِمَادُهُ فِي هَذَا عَلَى كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَهُوَ لَمْ يُشْتَرَطْ فَإِنَّهُ قَالَ وَإِنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ أَبْعَدَ كَإِقْرَارِهِ لِعَصَبَةٍ وَلَهُ ابْنَةٌ أَوْ لِأَخٍ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ وَلَهُ أَخٌ شَقِيقٌ أَوْ لِأَخٍ شَقِيقٍ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ وَلَهُ أُمٌّ جَازَ إقْرَارُهُ اتِّفَاقًا. اهـ. وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ عَرَفَةَ أَيْضًا، وَلَا مُخَالِفَ لَهُ، وَإِنَّمَا شَرَطَ وُجُودَ الْوَلَدِ فِي الْإِقْرَارِ لِلْمُلَاطِفِ أَوْ لِلْقَرِيبِ غَيْرِ الْوَارِثِ
أَوْ لِمَجْهُولٍ حَالُهُ:
ــ
[منح الجليل]
فَكَلَامُ الْبِسَاطِيِّ هُوَ الصَّوَابُ وَالْجَارِي عَلَى كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ، فَقَوْلُهُ لِأَبْعَدَ أَيْ مَعَ كَوْنِهِ وَارِثًا بِالْفِعْلِ، وَالْقَرِيبُ غَيْرُ الْوَارِثِ هُوَ قَوْلُهُ أَوْ لِمَنْ لَمْ يَرِثْهُ، سَوَاءٌ كَانَ لَا يَرِثُ أَصْلًا أَوْ حَجْبًا وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ لِقَرِيبٍ غَيْرِ وَارِثٍ اهـ.
الْبُنَانِيُّ وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَاشِرٍ، فَالْإِقْرَار لِلْبَعِيدِ الْمَحْجُوبِ مَشْرُوطٌ بِإِرْثِ وَلَدٍ وَفِيهِ نَظَرٌ مَعَ مَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَنَصَّهُ ابْنُ رُشْدٍ إنْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ لِوَارِثٍ أَبْعَدَ مِمَّنْ لَمْ يُقِرَّ لَهُ مِنْ الْوَرَثَةِ مِثْلُ أَنْ يُقِرَّ لِعَصَبَةٍ وَلَهُ أَبٌ أَوْ لِأَخٍ لِأُمٍّ وَلَهُ أَخٌ شَقِيقٌ إلَخْ، قَوْلُهُ أَنْ يُقِرَّ لِعَصَبَةٍ وَلَهُ أَبٌ، هَكَذَا رَأَيْته فِي كَثِيرٍ مِنْ نُسَخِ الْمَوَّاقِ بِلَفْظِ وَلَهُ يَدُلُّ عَلَى شُمُولِ الْأَبْعَدِ لِمَنْ لَا يَرِثُ لِحَجْبِ الْعَصَبَةِ بِالْأَبِ وطفي نَقَلَ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ بِلَفْظٍ وَلَهُ ابْنَةٌ وَهُوَ خِلَافُ مَا رَأَيْته فِي نُسَخِ " ق " وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قُلْت وَاَلَّذِي فِي نُسْخَةِ " ق " الَّتِي رَأَيْتهَا بِلَفْظٍ وَلَهُ ابْنَةٌ (أَوْ) أَقَرَّ الْمَرِيضُ (لِ) شَخْصٍ (مَجْهُولٍ حَالُهُ) مَعَ الْمَرِيضِ الْمُقَرِّ لَهُ هَلْ هُوَ قَرِيبُهُ وَارِثُهُ أَوْ غَيْرُ وَارِثِهِ أَوْ أَجْنَبِيٌّ مُلَاطِفٌ لَهُ أَوْ غَيْرُهُ فَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ لَهُ إنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ. (تَنْبِيهٌ)
الشَّرْطُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوَّلًا إنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ قُيِّدَ فِي إقْرَارِهِ لِلْمُلَاطِفِ وَغَيْرِ الْوَارِثِ وَالْمَجْهُولِ لَا فِي الْإِقْرَارِ لِلْأَبْعَدِ، وَتَلَخَّصَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ إقْرَارَ الْمَرِيضِ لِغَيْرِ زَوْجٍ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ لِوَارِثٍ لِقَرِيبٍ غَيْرِ وَارِثٍ لِمُلَاطِفٍ لِمَجْهُولٍ لِأَجْنَبِيٍّ قَالَهُ تت. " ق " ابْنُ رُشْدٍ فَإِنْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ لِمَجْهُولٍ، فَإِنْ وَرِثَ بِوَلَدٍ جَازَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَإِنْ وَرِثَ بِكَلَالَةٍ، فَفِي كَوْنِهِ مِنْ الثُّلُثِ مُطْلَقًا أَوْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إنْ قَلَّ وَإِنْ كَثُرَ بَطَلَ، ثَالِثُهَا إنْ أَوْصَى بِوَقْفِهِ حَتَّى يَأْتِيَ طَالِبُهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَإِنْ أَوْصَى أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَنْهُ بَطَلَ مُطْلَقًا. الْحَطّ سَوَاءٌ أَوْصَى أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَنْ صَاحِبِهِ أَوْ يُوقَفَ لَهُ فَذَلِكَ شَرْطُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (تَنْبِيهٌ)
ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ لِلْمَجْهُولِ، وَفِيهِ ثَلَاثَةٌ ذَكَرَهَا فِي الْبَيَانِ وَالْمُقَدِّمَاتِ، وَنَقَلَهَا فِي التَّوْضِيحِ، وَلَيْسَ فِيهَا قَوْلٌ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ مُطْلَقًا كَمَا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، أَحَدُهَا: أَنَّ إقْرَارَهُ جَائِزٌ إنْ أَوْصَى أَنْ يُوقَفَ حَتَّى يَأْتِيَ طَالِبُهُ، وَإِنْ أَوْصَى أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَنْهُ لَمْ يَصِحَّ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ مِنْ الثُّلُثِ وَالثَّالِثُ أَنَّهُ إنْ كَانَ يَسِيرًا فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا بَطَلَ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّامِلِ أَنَّ فِيهَا قَوْلًا بِالْبُطْلَانِ مُطْلَقًا، وَكَأَنَّهُ اعْتَمَدَ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اهـ. قُلْت جَوَابُهُ أَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّفْصِيلِ فِي الْمَفْهُومِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
طفي عِبَارَةُ ابْنِ رُشْدٍ أَوْ لِمَنْ لَا يُعْرَفُ وَفِي رَسْمٍ إنْ خَرَجَتْ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ أَوْصَى أَنَّ عَلَيْهِ لِأُنَاسٍ لَا يُعْرَفُونَ، وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُمْ غَيْرُ حَاضِرِينَ وَلَا مَعْرُوفِينَ بِالْعَيْنِ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِيهِ وَتَبِعَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، فَإِنْ كَانَ يُورَثُ بِوَلَدٍ جَازَ إقْرَارُهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْصَى أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَنْهُ أَوْ يُوقَفَ لَهُ. عب مَفْهُومُ مَرِيضٍ أَنَّ إقْرَارَ الصَّحِيحِ صَحِيحٌ بِلَا شَرْطٍ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ لَمْ يُتَّهَمْ إنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِي إقْرَارِ الْمَرِيضِ، وَلِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ وَكُلُّ مَنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ أَوْ لِغَيْرِ وَارِثٍ فِي صِحَّتِهِ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَالِ أَوْ الدَّيْنِ أَوْ الْبِرِّ آتٍ أَوْ قَبَضَ أَثْمَانَ الْمَبِيعَاتِ فَإِقْرَارُهُ عَلَيْهِ جَائِزٌ لَا تَلْحَقُهُ فِيهِ تُهْمَةٌ وَلَا يُظَنُّ فِيهِ تَوْلِيجٌ، وَالْأَجْنَبِيُّ وَالْوَارِثُ فِيهِ سَوَاءٌ، وَكَذَا الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ وَالْعَدُوُّ وَالصَّدِيقُ فِي الْإِقْرَارِ فِي الصِّحَّةِ سَوَاءٌ وَلَا يَحْتَاجُ مَنْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ فِي الصِّحَّةِ بِبَيْعِ شَيْءٍ وَقَبْضِ ثَمَنِهِ إلَى مُعَايَنَةِ قَبْضِ الثَّمَنِ. اهـ. فَإِذَا قَامَ بَقِيَّةُ أَوْلَادِ مَنْ مَرِضَ بَعْدَ إشْهَادِهِ فِي صِحَّتِهِ لِبَعْضِ وَلَدِهِ فَلَا كَلَامَ لَهُمْ إنْ كَانَ كَتَبَ الْمُوَثِّقُ أَنَّ الصَّحِيحَ قَبَضَ مِنْ وَلَدِهِ ثَمَنَ مَا بَاعَهُ لَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكْتُبْ فَقِيلَ يَحْلِفُ مُطْلَقًا. وَقِيلَ لَا مُطْلَقًا. وَقِيلَ إنْ اُتُّهِمَ الْأَبُ بِالْمِيلِ لَهُ حَلَفَ وَإِلَّا فَلَا.
الْبُنَانِيُّ إقْرَارُ الصَّحِيحِ جَائِزٌ بِلَا شَرْطٍ وَهُوَ كَذَلِكَ، سَوَاءٌ أَقَرَّ لِمَنْ عُلِمَ مِيلُهُ إلَيْهِ أَمْ لَا، وَرِثَ بِوَلَدٍ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ قَامَ الْمُقِرُّ لَهُ فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ أَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا هُوَ الْمَعْلُومُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ. وَفِي الْمَبْسُوطِ لِابْنِ كِنَانَةَ وَالْمَخْزُومِيِّ وَابْنِ أَبِي حَازِمٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ أَقَرَّ لَهُ فِي صِحَّتِهِ إذَا لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ حَتَّى هَلَكَ إلَّا أَنْ يَعْرِفَ ذَلِكَ وَأَنْ يَكُونَ بَاعَ لَهُ شَيْئًا، أَوْ أَخَذَ مِنْ مَوْرُوثٍ لَهُ شَيْئًا، فَإِنْ عَرَفَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَهُوَ قَوْلٌ لَهُ وَجْهٌ مِنْ النَّظَرِ لِأَنَّ الرَّجُلَ
كَزَوْجٍ عُلِمَ بُغْضُهُ لَهَا أَوْ جُهِلَ، وَوَرِثَهُ ابْنٌ أَوْ بَنُونَ، إلَّا أَنْ تَنْفَرِدَ بِالصَّغِيرِ
ــ
[منح الجليل]
يُتَّهَمُ أَنْ يُقِرَّ بِدَيْنٍ فِي صِحَّتِهِ لِمَنْ يَثِقُ بِهِ مِنْ وَرَثَتِهِ أَنَّهُ لَا يَقُومُ بِهِ حَتَّى يَمُوتَ فَيَكُونَ وَصِيَّةً لِوَارِثٍ. اهـ. وَنَحْوُهُ لِابْنِ سَلْمُونٍ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْإِقْرَارَ فِي الصِّحَّةِ لِلْوَارِثِ إذَا لَمْ يَقُمْ بِهِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْمُقِرِّ إنْ عَرَفَ وَجْهَهُ فَهُوَ جَائِزٌ اتِّفَاقًا، وَإِلَّا فَقَوْلَانِ الْمَشْهُورُ وَهُوَ رِوَايَةُ الْمِصْرِيِّينَ الصِّحَّةُ، وَمُقَابِلُهُ وَهُوَ قَوْلُ الْمَدَنِيِّينَ وَاخْتِيَارُ ابْنِ رُشْدٍ عَدَمُهَا، وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ إذَا طُلِبَ مِنْ الْمُقَرِّ لَهُ الْيَمِينُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ تَوْلِيجًا فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ الْأَظْهَرُ لُحُوقُ الْيَمِينِ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ مَنْ لَمْ يُعْمِلْ الْإِقْرَارَ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَصَرَّحَ ابْنُ سَلْمُونٍ بِلُزُومِهَا إنْ ثَبَتَ مِيلُ الْمَيِّتِ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَمِثْلُ الْإِقْرَارِ بِدَيْنٍ تَصْيِيرُ الْأَبِ لِابْنِهِ دَوْرًا أَوْ عُرُوضًا فِي دَيْنٍ أَقَرَّ لَهُ بِهِ، فَإِنْ كَانَ يَعْرِفُ سَبَبَ الدَّيْنِ جَازَ التَّصْيِيرُ، سَوَاءٌ كَانَ فِي الصِّحَّةِ أَوْ فِي الْمَرَضِ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ أَصْلَهُ فَكَالْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ، فَإِنْ كَانَ فِي الصِّحَّةِ فَفِيهِ الْقَوْلَانِ أَحَدُهُمَا نُفُوذُهُ وَيُحَاصِصُ بِهِ الْغُرَمَاءَ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ. الْمُتَيْطِيُّ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ، وَالثَّانِي أَنَّهُ غَيْرُ نَافِذٍ وَهُوَ قَوْلُ الْمَدَنِيِّينَ.
وَشَبَّهَ فِي الْمُؤَاخَذَةِ بِالْإِقْرَارِ فَقَالَ (كَ) إقْرَارِ (زَوْجٍ) لِزَوْجَتِهِ فَيُؤَاخَذُ بِهِ إنْ (عُلِمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ ثَبَتَ (بُغْضُهُ) أَيْ الزَّوْجِ (لَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ وَإِنْ لَمْ يَرِثْهُ ابْنٌ أَوْ انْفَرَدَتْ بِصَغِيرٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا لِابْنِ رُشْدٍ وَالنَّاصِرِ وَغَيْرِهِمَا خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ (أَوْ جُهِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ حَالُهُ مَعَهَا (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (وَرِثَهُ) أَيْ الزَّوْجَ فِي هَذَا الْحَالِ فَقَطْ (ابْنٌ) صَغِيرٌ أَوْ كَبِيرٌ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا (أَوْ) وَرِثَهُ (بَنُونَ) ذُكُورٌ وَحْدَهُمْ أَوْ مَعَهُمْ إنَاثٌ. وَأَمَّا إنْ وَرِثَهُ إنَاثٌ فَقَطْ فَهُوَ قَوْلُهُ الْآتِي، وَمَعَ الْإِنَاثِ وَالْعَصَبَةِ قَوْلَانِ، فَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ لَهَا مَعَ الْبَنِينَ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ تَنْفَرِدَ) الزَّوْجَةُ الْمَجْهُولُ حَالُهُ مَعَهَا (بِ) الْوَلَدِ (الصَّغِيرِ) وَلَوْ أُنْثَى قَالَهُ أَحْمَدُ، فَإِنْ انْفَرَدَتْ بِصَغِيرٍ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لِغَيْرِهَا مِنْ زَوْجَاتِهِ وَلَدٌ صَغِيرٌ أُلْغِيَ إقْرَارُهُ لَهَا، سَوَاءٌ كَانَ الْكَبِيرُ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا أَوْ مِنْهُمَا مَعًا وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّغِيرِ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ، وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ كَانَ جُهِلَ إنْ وَرِثَهُ ابْنٌ كَبِيرٌ
وَمَعَ الْإِنَاثِ وَالْعَصَبَةِ، قَوْلَانِ، كَإِقْرَارِهِ لِلْوَلَدِ الْعَاقِّ، أَوْ لِأُمِّهِ
ــ
[منح الجليل]
مُطْلَقًا أَوْ صَغِيرَةً مِنْ غَيْرِهَا مَعَ كَبِيرٍ مُطْلَقًا لَجَرَى عَلَى قَاعِدَتِهِ الْأَغْلَبِيَّةِ مِنْ رُجُوعِ الْقَيْدِ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ، وَمَفْهُومه أَنَّهُ إنْ لَمْ يَرِثْهُ ابْنٌ أَوْ انْفَرَدَتْ بِالصَّغِيرِ فَلَا يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ لَهَا إذَا جُهِلَ حَالُهُ مَعَهَا.
(وَ) فِي مُؤَاخَذَتِهِ بِإِقْرَارِهِ لِزَوْجَتِهِ الَّتِي جُهِلَ حَالُهُ مَعَهَا (مَعَ) وُجُودِ (الْإِنَاثِ) مِنْ أَوْلَادِ الزَّوْجِ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا أَوْ مِنْهُمَا (وَالْعَصَبَةِ) لَهُ كَأَخِيهِ أَوْ عَمِّهِ نَظَرًا لِبُعْدِهَا عَنْ الْإِنَاثِ وَعَدَمِهَا نَظَرًا لِقُرْبِهَا عَنْ الْعَصَبَةِ (قَوْلَانِ)" ق " ابْنُ رُشْدٍ تَحْصِيلُ إقْرَارِ الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ بِدَيْنٍ فِي مَرَضِهِ عَلَى مِنْهَاجِ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنَّهُ إنْ عُلِمَ مِيلُهُ لَهَا وَصَبَابَتُهُ بِهَا سَقَطَ إقْرَارُهُ لَهَا، وَإِنْ عُلِمَ بُغْضُهُ لَهَا وَشَنَآنُهُ لَهَا صَحَّ إقْرَارُهُ لَهَا وَإِنْ جُهِلَ حَالُهُ مَعَهَا سَقَطَ إقْرَارُهُ لَهَا إنْ وُرِّثَ بِكَلَالَةٍ وَإِنْ وُرِّثَ بِوَلَدٍ غَيْرِ ذَكَرٍ مَعَ عَصَبَةٍ سَوَاءٌ كُنَّ وَاحِدَةً أَوْ عَدَدًا صِغَارًا أَوْ كِبَارًا مِنْ غَيْرِهَا أَوْ كِبَارًا مِنْهَا، فَيَخْرُجُ ذَلِكَ عِنْدِي عَلَى قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ إقْرَارَهُ لَهَا جَائِزٌ، وَالثَّانِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ مِنْ اخْتِلَافِهِمْ فِي إقْرَارِهِ لِبَعْضِ الْعَصَبَةِ إذَا تَرَكَ ابْنَهُ وَعَصَبَةً وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ ذَكَرًا وَاحِدًا جَازَ إقْرَارُهُ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا مِنْهَا وَمِنْ غَيْرِهَا، وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ ذُكُورًا عَدَدًا جَازَ إقْرَارُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَعْضُهُمْ صَغِيرًا مِنْهَا وَبَعْضُهُمْ كَبِيرًا مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا فَلَا يَجُوزُ، فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ الْكَبِيرُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَرْفَعُ التُّهْمَةَ عَنْ الْأَبِ فِي إقْرَارِهِ لَهَا عَاقًّا لَهُ لَمْ يَرْفَعْ تُهْمَتَهُ وَبَطَلَ إقْرَارُهُ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ فِيهَا وَسَمِعَهُ أَصْبَغُ.
وَشَبَّهَ فِي الْقَوْلَيْنِ فَقَالَ (كَإِقْرَارِهِ) أَيْ لِأَبٍ (لِلْوَلَدِ الْعَاقِّ) لَهُ بِشَدِّ الْقَافِ، أَيْ الْخَارِجِ عَنْ طَاعَتِهِ مَعَ وُجُودِ وَلَدٍ آخَرَ بَارٍّ لَهُ، فَفِي صِحَّتِهِ نَظَرًا لِكَوْنِ عُقُوقِهِ صَيَّرَهُ كَالْبَعِيدِ وَبُطْلَانِهِ نَظَرًا لِمُسَاوَاتِهِ لِلْبَارِّ فِي وَلَدِيَّتِهِ قَوْلَانِ. ابْنُ رُشْدٍ إنْ كَانَ أَحَدُهُمْ عَاقًّا وَالْآخَرُ بَارًّا وَأَقَرَّ لِلْعَاقِّ تَخَرَّجَ عَلَى الْخِلَافِ (أَوْ أَقَرَّ لِأُمِّهِ) أَيْ الْعَاقِّ الَّتِي جُهِلَ حَالُهُ مَعَهَا. فَفِي مَنْعِهِ نَظَرًا لِكَوْنِ عُقُوقِهِ نَزَّلَهُ مَنْزِلَةَ الْعَدَمِ، وَجَوَازِهِ نَظَرًا لِوَلَدِيَّتِهِ قَوْلَانِ. ابْنُ رُشْدٍ وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ الْكَبِيرُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَرْفَعُ التُّهْمَةَ عَنْ الْأَبِ فِي إقْرَارِهِ لَهَا عَاقًّا لَهُ لَمْ يَرْفَعْ التُّهْمَةَ وَبَطَلَ إقْرَارُهُ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ فِيهَا، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدُ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا.
أَوْ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يُقِرَّ لَهُ أَبْعَدُ وَأَقْرَبُ، لَا الْمُسَاوِي وَالْأَقْرَبُ
ــ
[منح الجليل]
أَوْ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يُقِرَّ) الْمُقِرُّ (لَهُ) بَعْضَهُ (أَبْعَدَ) مِنْ الْمُقَرِّ لَهُ (وَ) بَعْضَهُ الْآخَرَ (أَقْرَبُ) مِنْهُ كَإِقْرَارِهِ لِأُخْتِهِ مَعَ وُجُودِ أُمِّهِ وَعَمِّهِ فَقِيلَ صَحِيحٌ نَظَرًا لِبُعْدِهَا عَنْ الْأُمِّ، وَقِيلَ بَاطِلٌ نَظَرًا لِقُرْبِهَا عَنْ الْعَمِّ. ابْنُ رُشْدٍ إنْ كَانَ مَنْ لَمْ يُقِرَّ لَهُ مِنْ وَرَثَتِهِ بَعْضُهُمْ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ الْمُقَرِّ لَهُ وَبَعْضُهُمْ أَبْعَدُ مِنْهُ كَإِقْرَارِهِ لِأُمِّهِ وَلَهُ ابْنٌ وَأَخٌ، فَفِي جَوَازِهِ قَوْلَانِ، وَكَذَا الْخِلَافُ إذَا كَانَ بَعْضُهُمْ مُسَاوِيًا لِلْمَقَرِّ لَهُ وَبَعْضُهُمْ أَقْرَبُ مِنْهُ كَإِقْرَارِهِ لِأَحَدِ إخْوَتِهِ مَعَ بِنْتِهِ (لَا) يَصِحُّ إقْرَارُهُ إلَى قَرِيبِهِ (الْمُسَاوِي) لِغَيْرِهِ مِنْ أَقَارِبِهِ الَّذِينَ لَمْ يُقِرَّ لَهُمْ كَأَحَدِ ابْنَيْنِ أَوْ أَخَوَيْنِ أَوْ عَمَّيْنِ (وَ) لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ لِقَرِيبِهِ (الْأَقْرَبِ) لِلْمُقِرِّ مِمَّنْ لَمْ يُقِرَّ لَهُ كَإِقْرَارِهِ لِأُمِّهِ مَعَ وُجُودِ أُخْتِهِ. ابْنُ رُشْدٍ إنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ قَرَّبَهُ مِنْهُ كَسَائِرِ الْوَرَثَةِ أَوْ أَقْرَبَ مِنْ سَائِرِهِمْ سَقَطَ.
1 -
(تَنْبِيهَاتٌ)
الْأَوَّلُ: حُكْمُ إقْرَارِ الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا كَحُكْمِ إقْرَارِ الزَّوْجِ لَهَا.
1 -
الثَّانِي: طفي مَا تَقَدَّمَ كُلُّهُ مِنْ إقْرَارِ الزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ أَوْ بَعْضِ الْوَرَثَةِ لِبَعْضٍ وَمَا فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ، وَالْخِلَافِ إنَّمَا هُوَ فِي إقْرَارِ الْمَرِيضِ. أَمَّا إقْرَارُ الصَّحِيحِ فَصَحِيحٌ وَلَا تُهْمَةَ فِيهِ وَلَا تَفْصِيلَ، سَوَاءٌ أَقَرَّ لِمَنْ عُلِمَ مِيلُهُ لَهُ أَمْ لَا وَرِثَهُ كَلَالَةً أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ قَامَ الْمُقَرُّ لَهُ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَهُوَ رِوَايَةُ الْمِصْرِيِّينَ، فَفِي رَسْمِ الْبَرَاءَةِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى وَالصُّلْحِ وَسَأَلْته عَنْ الرَّجُلِ يُقِرُّ لِوَلَدِهِ أَوْ امْرَأَتِهِ أَوْ لِبَعْضِ مَنْ يَرِثُهُ بِدَيْنٍ فِي صِحَّتِهِ ثُمَّ يَمُوتُ الرَّجُلُ بَعْدَ سِنِينَ فَيَطْلُبُ الْوَارِثُ الدَّيْنَ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ بِهِ قَالَ ذَلِكَ لَهُ إذَا أَقَرَّ لَهُ فِي صِحَّتِهِ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا هُوَ الْمَعْلُومُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - الْمَشْهُورِ فِي الْمَذْهَبِ.
وَفِي الْمَبْسُوطَةِ لِابْنِ كِنَانَةَ وَالْمَخْزُومِيِّ وَابْنِ أَبِي حَازِمٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ أَقَرَّ لَهُ فِي صِحَّتِهِ إذَا لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ حَتَّى هَلَكَ إلَّا أَنْ يُعْرَفَ أَنَّهُ قَدْ بَاعَ لَهُ رَأْسًا أَوْ أَخَذَ مِنْ مُورِثٍ لَهُ شَيْئًا، فَإِنْ عُرِفَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَهُوَ قَوْلٌ لَهُ وَجْهٌ مِنْ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
النَّظَرِ لِأَنَّ الرَّجُلَ يُتَّهَمُ أَنْ يُقِرَّ بِدَيْنٍ فِي صِحَّتِهِ لِمَنْ يَثِقُ بِهِ مِنْ وَرَثَتِهِ عَلَى أَنْ لَا يَقُومَ بِهِ حَتَّى يَمُوتَ فَيَكُونَ وَصِيَّةً لِوَارِثٍ اهـ.
وَقَالَ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ وَسُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يَمُوتُ وَيَتْرُكُ عَمَّهُ وَأُمَّهُ وَتَقُومُ الْأُمُّ بِدَيْنٍ لَهَا كَأَنْ أَقَرَّ لَهَا بِهِ فِي صِحَّتِهِ، قَالَ لَا كَلَامَ لِعَمِّهِ. قُلْت أَرَأَيْت إنْ طَلَبَ مِنْهَا الْيَمِينَ أَنَّ ذَلِكَ مَا كَانَ تَوْلِيجًا، قَالَ أَمَّا فِي الْحُكْمِ فَلَا تَلْزَمُهَا. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ إقْرَارَ الرَّجُلِ لِوَارِثِهِ بِالدَّيْنِ فِي الصِّحَّةِ جَائِزٌ، وَإِنْ لَمْ يَقُمْ بِهِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلَ ابْنِ كِنَانَةَ وَالْمَخْزُومِيِّ وَابْنِ أَبِي حَازِمٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ، وَقَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ وَكُلُّ مَنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ أَوْ غَيْرِهِ فِي صِحَّتِهِ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَالِ وَالدَّيْنِ وَقَبَضَ أَثْمَانَ الْمَبِيعَاتِ، فَإِقْرَارُهُ جَائِزٌ عَلَيْهِ لَا تَلْحَقُهُ فِيهِ تُهْمَةٌ وَلَا يُظَنُّ بِهِ تَوْلِيجٌ وَالْأَجْنَبِيُّ وَالْوَارِثُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَكَذَا الْقَرِيبُ وَالْعَدُوُّ وَالصَّدِيقُ فِي الْإِقْرَارِ فِي الصِّحَّةِ سَوَاءٌ، وَلَا يَحْتَاجُ مَنْ أَقَرَّ وَأَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ فِي صِحَّتِهِ بِبَيْعِ شَيْءِ وَقَبْضِ ثَمَنِهِ إلَى مُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ قَبْضَ الثَّمَنِ اهـ.
وَقَالَ فِي فَصْلِ التَّصْيِيرِ الْإِقْرَارُ لِلْوَارِثِ إمَّا أَنْ يَكُونَ فِي الصِّحَّةِ أَوْ فِي الْمَرَضِ، فَإِنْ كَانَ فِي الصِّحَّةِ فَفِيهِ قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ تَرِكَتِهِ فِي الْمَوْتِ وَيُحَاصَصُ بِهِ الْغُرَمَاءُ فِي الْفَلَسِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ. وَالثَّانِي أَنَّهُ لَا يُحَاصِصُ بِهِ الْغُرَمَاءَ فِي الْفَلَسِ وَلَا يَأْخُذُهُ مِنْ التَّرِكَةِ فِي الْمَوْتِ وَهُوَ قَوْلُ الْمَدَنِيِّينَ لِلتُّهْمَةِ. اهـ. فَتَحَصَّلَ أَنَّ الْإِقْرَارَ فِي الصِّحَّةِ لِلْوَارِثِ إذَا لَمْ يَقُمْ بِهِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ إنْ كَانَ يُعْرَفُ وَجْهُهُ وَسَبَبُهُ فَهُوَ جَائِزٌ اتِّفَاقًا، وَإِلَّا فَفِيهِ قَوْلَانِ الصِّحَّةُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ. قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ وَهِيَ رِوَايَةُ الْمِصْرِيِّينَ وَعَدَمُ الصِّحَّةِ وَهُوَ قَوْلُ الْمَدَنِيِّينَ وَمُخْتَارُ ابْنِ رُشْدٍ، فَمَا فِي أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ فِيمَنْ أَشْهَدَ وَهُوَ صَحِيحٌ أَنَّهُ اشْتَرَى هَذِهِ الدَّارَ لِابْنِهِ بِأَلْفِ دِينَارٍ مِنْ مَالِ الِابْنِ، وَأَشْهَدَ أَنَّهُ يُكْرِيهَا لَهُ وَيَغْتَلُّهَا بِاسْمِهِ وَالِابْنُ صَغِيرٌ لَا يُعْلَمُ لَهُ مَالٌ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ هُوَ تَوْلِيجٌ فَهُوَ بَيْنَ الْوَرَثَةِ. اهـ. وَمَا فِي ابْنِ سَلْمُونٍ مِنْ قَوْلِهِ سَأَلَ الْفُقَهَاءُ بِقُرْطُبَةَ عَنْ رَجُلٍ بَاعَ مِنْ أُمِّ وَلَدِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ نِصْفَ دَارٍ لَهُ فِي صِحَّتِهِ وَأَشْهَدَ عَلَى الْبَيْعِ وَقَبَضَ الثَّمَنَ ثُمَّ تُوُفِّيَ وَقَامَ أَخُوهُ وَأَثْبَتَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
أَنَّ أَخَاهُ لَمْ يَزَلْ سَاكِنًا فِي الدَّارِ إلَى أَنْ مَاتَ وَبِعَدَاوَةِ الْأَخِ لَهُ وَإِنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَا أُوَرِّثُهُ شَيْئًا، فَأَجَابَ ابْنُ عَتَّابٍ إذَا ثَبَتَ سُكْنَاهُ لَهَا فَذَلِكَ يُبْطِلُ الْعَقْدَ وَلَا حَقَّ لَهَا فِي الثَّمَنِ، إذْ هَذَا لَيْسَ مِنْ الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ، وَإِنَّمَا قَصَدَ هِبَةَ الدَّارِ وَإِسْقَاطَ الْحِيَازَةِ، وَبِهَذَا قَالَ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ شُيُوخِنَا، وَبِهِ قَالَ أَصْبَغُ وَابْنُ رُشْدٍ.
وَأَجَابَ ابْنُ الْحَاجِّ مَا عُقِدَ مِنْ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ وَلَا نَافِذٍ، وَمَا ثَبَتَ مِنْ السُّكْنَى مُبْطِلٌ لَهُ، وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْبَيْعَ لَمْ يَتَضَمَّنْ مُعَايَنَةَ الْقَبْضِ لِلثَّمَنِ، وَذَلِكَ مِمَّا يُسْتَرَابُ فِيهِ وَيُظَنُّ بِهِ الْقَصْدُ إلَى التَّوْلِيجِ وَالْخَدِيعَةِ، وَبِذَلِكَ جَاءَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، سُئِلَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَمَّنْ أَشْهَدَ فِي صِحَّتِهِ إنِّي قَدْ بِعْت مَنْزِلِي هَذَا مِنْ امْرَأَتِي أَوْ ابْنِي أَوْ وَارِثِي بِمَالٍ عَظِيمٍ وَلَمْ يَرَ أَحَدٌ مِنْ الشُّهُودِ الثَّمَنَ وَلَمْ يَزَلْ بِيَدِ الْبَائِعِ إلَى أَنْ مَاتَ فَقَالَ لَا يَجُوزُ هَذَا، وَلَيْسَ بَيْعًا، وَإِنَّمَا هُوَ تَوْلِيجٌ وَخَدِيعَةٌ وَوَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ، وَهَذَا نَصٌّ فِي النَّازِلَةِ اهـ كَلَامُ ابْنِ سَلْمُونٍ كُلُّ ذَلِكَ يَأْتِي عَلَى رِوَايَةِ الْمَدَنِيِّينَ، وَلَا يَأْتِي عَلَى رِوَايَةِ الْمِصْرِيِّينَ وَالْمَشْهُورُ الْمَعْلُومُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ إنَّ إقْرَارَ الصَّحِيحِ لَا تَلْحَقُهُ تُهْمَةٌ وَلَا يُظَنُّ بِهِ تَوْلِيجٌ، سَوَاءٌ كَانَ لَهُ مِيلٌ وَمَحَبَّةٌ لِلْمُقِرِّ أَمْ لَا، نَعَمْ إنْ كَانَ لَهُ مِيلٌ يَحْلِفُ الْمُقَرُّ لَهُ مَا كَانَ ذَلِكَ تَوْلِيجًا، وَأَنَّهُ دَفَعَ الثَّمَنَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَاصِمٍ وَغَيْرُهُ وَمَا زِلْت أَتَعَجَّبُ مِنْ أَجْوِبَةِ هَؤُلَاءِ الشُّيُوخِ وَعَدَمِ تَنْبِيهِهِمْ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمَشْهُورِ لَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ وَمَا فِي أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ أَصْلُهُ لِأَصْبَغَ آخِرَ كِتَابِ الْوَصَايَا مِنْ الْعُتْبِيَّةِ، وَقَدْ جَعَلَهُ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ مُخَالِفًا لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَنَصُّهُ إذَا اشْتَرَى الْأَبُ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ فِي حِجْرِهِ رَبْعًا أَوْ غَيْرَهُ، وَقَالَ إنَّ الْمَالَ لِلِابْنِ وَإِنْ عَرَفَ الشُّهُودُ الْوَجْهَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْأَبُ أَوْ عَرَفَهُ غَيْرُهُمْ مَعْنَى ذَلِكَ لِلِابْنِ، فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْأَبُ وَجْهًا فَهَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ لِلِابْنِ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَصِحُّ لِلِابْنِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَبِهِ الْقَضَاءُ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ وَالْآخَرُ لَا يَصِحُّ إلَّا أَنْ يُعْرَفَ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا كَانَ تَوْلِيجًا مِنْ الْأَبِ قَالَهُ مُطَرِّفٌ وَأَصْبَغُ اهـ.
وَفِي النَّوَادِرِ فِيمَنْ اشْتَرَى لِابْنِهِ الصَّغِيرِ غُلَامًا وَأَشْهَدَ أَنَّهُ إنَّمَا اشْتَرَاهُ لَهُ فَلَيْسَ لِوَرَثَتِهِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
إنْ مَاتَ دُخُولٌ فِيهِ مَعَ الصَّغِيرِ. اهـ. وَإِطْلَاقُهُ جَازَ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَإِنَّمَا أَطَلْت فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَخَرَجْت عَمَّا قَصَدْته مِنْ الِاخْتِصَارِ وَتَتَبُّعِ أَلْفَاظِ تت، لِأَنِّي لَمْ أَرَ مَنْ حَقَّقَهَا مَعَ مَسِيسِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا. وَقَدْ اغْتَرَّ عج بِبَعْضِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْفَتَاوَى ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهَا جَارِيَةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ، فَتَوَرَّكَ بِهَا عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الصَّحِيحَ يَجُوزُ إقْرَارُهُ مُطْلَقًا. وَأَجَابَ بِأَنَّهَا تَعُودُ بِالتَّخْصِيصِ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ مَرِيضٌ، وَهُوَ جَوَابٌ غَيْرُ صَحِيحٍ نَاشِئٌ عَنْ عَدَمِ التَّحْقِيقِ، بَلْ لَا يُخَصِّصُ الْمَفْهُومَ بِشَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الْفَتَاوَى.
الثَّالِثُ تت لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُقِرَّ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ بِدَيْنٍ أَوْ بِأَنَّهُ قَبَضَ مَالَهُ عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ. طفي هَذَا نَصُّ ابْنِ رُشْدٍ الَّذِي جَرَى الْمُصَنِّفُ عَلَى تَقْسِيمِهِ وَإِطْلَاقُهُ يَشْمَلُ الْأَصْدِقَةَ وَغَيْرَهَا، لَكِنْ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَيَجُوزُ إقْرَارُ الْمَرِيضِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إلَّا مِنْ وَارِثِهِ أَوْ مَنْ يُتَّهَمُ فِيهِ بِتَوْلِيجٍ، وَكَذَا لَا يَجُوزُ إقْرَارُ الزَّوْجَةِ بِقَبْضِ الْمَهْرِ الْمُؤَجَّلِ مِنْ زَوْجِهَا فِي مَرَضِهَا وَأَبْقَاهَا أَبُو الْحَسَنِ عَلَى ظَاهِرِهَا، وَزَادَ أَبُو عِمْرَانَ وَكَذَا غَيْرُ الْمُؤَجَّلِ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّهُ فِي ذِمَّتِهِ. الشَّيْخُ وَقَوْلُ أَبِي عِمْرَانَ وَهَذَا إنْ أَقَرَّتْ أَنَّهَا قَبَضَتْهُ بَعْدَ الدُّخُولِ وَإِنْ أَقَرَّتْ أَنَّهَا قَبَضَتْهُ قَبْلَ الدُّخُولِ صُدِّقَتْ اهـ.
وَفِي الْمُقَرِّبِ قُلْت فَإِنْ قَالَتْ فِي مَرَضِهَا قَبَضْت مِنْ زَوْجِي مُؤَخَّرَ صَدَاقِي لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا، قَالَ لَا، هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ اهـ. وَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ سُئِلَ مَالِكٌ عَمَّنْ قَالَتْ عِنْدَ مَوْتِهَا قَبَضْت صَدَاقِي مِنْ زَوْجِي، فَقَالَ أَمَّا الْمَرْأَةُ الَّتِي لَا وَلَدَ لَهَا وَمِثْلُهَا يُتَّهَمُ فَلَا يَجُوزُ قَوْلُهَا، وَأَمَّا الَّتِي لَهَا أَوْلَادٌ كِبَارٌ وَلَعَلَّهَا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا غَيْرُ الْحُسْنَى فَهَذِهِ لَا تُتَّهَمُ. اهـ. وَعَلَى هَذَا السَّمَاعِ اعْتَمَدَ عَبْدُ الْحَقِّ فَقَالَ إقْرَارُ الزَّوْجَةِ فِي مَرَضِهَا بِقَبْضِهَا مَهْرَهَا مِنْ زَوْجِهَا وَإِقْرَارُ الزَّوْجِ فِي مَرَضِهِ بِدَيْنٍ أَوْ مَهْرٍ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا. وَقَالَ مَالِكٌ فِي غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ إذَا أَقَرَّتْ فِي مَرَضِهَا أَنَّهَا أَخَذَتْ مَهْرَهَا مِنْ زَوْجِهَا وَهُوَ حَيٌّ فَلَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا وَلَدٌ مِنْ غَيْرِهِ وَكَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمْرٌ سَيِّئٌ. اهـ. فَاشْتَرَطَ عَبْدُ الْحَقِّ الْبُغْضَ بَيْنَهُمَا كَمَا يُفْهَمُ مِنْ السَّمَاعِ، وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِ مُوَافَقَتُهُ لِلْمُدَوَّنَةِ وَمُخَالَفَتُهُ لِتَقْسِيمِ ابْنِ رُشْدٍ الَّذِي سَلَكَهُ
كَأَخِّرْنِي لِسَنَةٍ؛ وَأَنَا أُقِرُّ، وَرَجَعَ لِلْخُصُومَةِ
ــ
[منح الجليل]
الْمُصَنِّفُ الْمُخَالِفُ لِإِطْلَاقِهَا، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُهَا عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ وَلَا يَجُوزُ إقْرَارُ الْمَرِيضِ لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ.
وَأَمَّا إنْ أَقَرَّ لِزَوْجَتِهِ فِي مَرَضِهِ بِدَيْنٍ أَوْ مَهْرٍ، فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ مِنْهُ إلَيْهَا انْقِطَاعٌ وَنَاحِيَةٌ وَلَهُ وَلَدٌ مِنْ غَيْرِهَا فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَإِنْ عُرِفَ بِانْقِطَاعٍ إلَيْهَا وَمَوَدَّةٍ وَقَدْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَلَدِهِ تَفَاقُمٌ وَلَهَا مِنْهُ وَلَدٌ صَغِيرٌ فَلَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ قِيلَ أَفَغَيْرَهَا مِنْ الْوَرَثَةِ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ فِيمَنْ لَهُ انْقِطَاعٌ أَوْ بُعْدٌ قَالَ، وَإِنَّمَا رَأَى مَالِكٌ لِلزَّوْجَةِ لِأَنَّهُ لَا يُتَّهَمُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ مِنْهَا وَلَمْ يُعْرَفْ بِانْقِطَاعِ مَوَدَّةٍ إلَيْهَا أَنْ يُقِرَّ إلَيْهَا بِمَالِهِ عَنْ وَلَدِهِ، ثُمَّ قَالَتْ وَأَصْلُ هَذَا قِيَامُ التُّهْمَةِ، فَإِذَا لَمْ يُتَّهَمْ لِمَنْ يُقِرُّ إلَيْهِ دُونَ مَنْ يَرِثُ مَعَهُ جَازَ إقْرَارُهُ فَهَذَا أَصْلُ ذَلِكَ. اهـ. فَإِنْ تَأَمَّلْتهَا وَجَدْتهَا مُخَالِفَةً لِتَقْسِيمِ ابْنِ رُشْدٍ لِإِطْلَاقِهَا فِي إقْرَارِ الْمَرِيضِ لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ وَتَقْيِيدِهَا فِي مَجْهُولِ الْحَالِ مَعَ زَوْجَتِهِ يَكُونُ الْوَلَدُ مِنْ غَيْرِهَا، وَتَقْيِيدُهَا مَنْ عُلِمَ بِالِانْقِطَاعِ إلَيْهَا يَكُونُ الزَّوْجُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَلَدِهِ تَفَاقُمٌ، وَقَوْلُهَا فِي غَيْرِهَا مِنْ الْوَرَثَةِ فَقَالَ لَا.
عِيَاضٌ كَذَا فِي رِوَايَةِ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سَحْنُونٍ، وَفِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ وَعَلَيْهَا اخْتَصَرَهَا أَبُو سَعِيدٍ. ابْنُ يُونُسَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْفَرْقُ بَيْنَ الزَّوْجَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْوَرَثَةِ أَنَّ الْوَرَثَةَ فِي الظِّنَّةِ أَقْوَى لِبَقَاءِ نَسَبِهِمْ، وَالزَّوْجِيَّةُ تَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ. عِيَاضٌ وَعِنْدَ ابْنِ وَضَّاحٍ وَآخَرِينَ أَرَى أَنَّهُ يَجُوزُ بِإِسْقَاطِ لَا، فَعَلَى هَذَا غَيْرُهَا مِنْ الْوَرَثَةِ بِمَنْزِلَتِهَا، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ بُعْدٌ، وَأَصْلُ هَذَا قِيَامُ التُّهْمَةِ، فَالْأَوْلَى الْجَرْيُ عَلَى مَذْهَبِهَا وَتَرْكُ تَقْسِيمِ ابْنِ رُشْدٍ الَّذِي بَعْضُهُ اخْتِيَارٌ لَهُ وَإِجْرَاءٌ اهـ كَلَامُ طفي
وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ اللُّزُومِ الَّذِي أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ لَا الْمُسَاوِي وَالْأَقْرَبُ فَقَالَ (كَ) قَوْلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُنْكِرِ لِلْمُدَّعِي (أَخِّرْنِي) بِمَا تَدَّعِيهِ عَلَيَّ (لِسَنَةٍ) مَثَلًا (وَأَنَا أُقِرُّ) لَك بِهِ فَلَا يُعَدُّ قَوْلُهُ هَذَا إقْرَارًا (وَرَجَعَ) الْمُدَّعِي (لِخُصُومَتِهِ) فِي الِاسْتِغْنَاءِ إنْ قَالَ اقْضِنِي الْمِائَةَ الَّتِي لِي قِبَلَك، فَقَالَ إنْ أَخَّرْتنِي بِهَا سَنَةً أَقْرَرْت لَك بِهَا، أَوْ إنْ صَالَحَتْنِي عَنْهَا صَالَحْتُك لَمْ يَلْزَمْهُ، وَيَحْلِفُ. " غ " التَّشْبِيهُ رَاجِعٌ لِلْمَنْفِيِّ فِي قَوْلِهِ: الْمُسَاوِي وَالْأَقْرَبِ، وَعَلَى نَفْيِ اللُّزُومِ
وَلَزِمَ لِحَمْلٍ، إنْ وُطِئَتْ، وَوُضِعَ لِأَقَلِّهِ، وَإِلَّا فَلِأَكْثَرِهِ،
ــ
[منح الجليل]
يَتَفَرَّعُ قَوْلُهُ وَرَجَعَ لِخُصُومَتِهِ وَاَلَّذِي فِي الِاسْتِغْنَاءِ فِيمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ اقْضِي الْمِائَةَ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ. طفي فَفَرَضَ فِي الِاسْتِغْنَاءِ الْمَسْأَلَةَ فِي التَّعْبِيرِ بِالْمَاضِي، فَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِهِ لَفُهِمَ عَدَمُ اللُّزُومِ فِي الْمُضَارِعِ بِالْأَوْلَى، وَأَشَارَ ابْنُ غَازِيٍّ وَالْمَوَّاقُ لِلتَّوَرُّكِ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِنَقْلِ كَلَامِ الِاسْتِغْنَاءِ.
(وَلَزِمَ) الْإِقْرَارُ (لِحَمْلٍ) فِي بَطْنِ امْرَأَةٍ (إنْ وُطِئَتْ) بِضَمِّ الْوَاوِ مِنْ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ مُرْسَلٍ عَلَيْهَا (وَوُضِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ، أَيْ وَلَدُ الْحَمْلِ (لِأَقَلِّهِ) أَيْ الْحَمْلِ وَهُوَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ إلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ. وَمَفْهُومُ لِأَقَلِّهِ أَنَّهُ لَوْ وُضِعَ لِأَكْثَرَ مِنْهُ وَالْحَالُ أَنَّهَا تُوطَأُ فَلَا يَلْزَمُ الْإِقْرَارُ لَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَتَعَقَّبَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ قَوْلَهُمْ لِأَقَلِّهِ بِأَنَّ حُكْمَ أَقَلِّهِ حُكْمُ مَا زَادَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ وَصَوَّبَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَالْعَجَبُ مِنْ الشَّارِحِينَ حَيْثُ أَبْقَيَا الْمَتْنَ عَلَى ظَاهِرِهِ قَالَهُ تت. " غ " فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَوُضِعَ لِأَقَلَّ مِنْ أَقَلِّهِ وَهُوَ الصَّوَابُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُوطَأْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ وَلَا سَيِّدٌ مُرْسَلٌ عَلَيْهَا (فَ) يَلْزَمُ الْإِقْرَارُ لَهُ إنْ وَضَعَتْهُ (لِأَكْثَرِهِ) أَيْ الْحَمْلِ وَهِيَ أَرْبَعُ سِنِينَ أَوْ خَمْسٌ عَلَى الْخِلَافِ.
وَإِنْ وَضَعَتْهُ لِأَكْثَرَ فَلَا يَلْزَمُ الْإِقْرَارُ لَهُ وَلِأَقَلَّ مِنْهُ يَلْزَمُ بِالْأَوْلَى فَتَحَصَّلَ أَنَّ وَضْعَهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ، يَدُلُّ عَلَى وُجُودِهِ يَوْمَ الْإِقْرَارِ قَطْعًا، وَوَضْعُهُ لِأَكْثَرَ مِنْ الْخَمْسِ أَوْ الْأَرْبَعِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِهِ يَوْمَ الْإِقْرَارِ وَوَضْعُهُ فِيمَا بَيْنَهُمَا مُحْتَمِلٌ لَهُمَا، وَلَكِنْ يُحْمَلُ عَلَى الْوُجُودِ إذْ لَا تَحِلُّ إضَافَتُهُ لِلزِّنَا قَالَهُ الْمَازِرِيُّ، قَالَ الْإِقْرَارُ لِلْحَمْلِ إنْ قَيَّدَهُ بِمَا يَصِحُّ كَقَوْلِهِ لِهَذَا الْحَمْلِ عِنْدِي مِائَةُ دِينَارٍ مِنْ وَصِيَّةٍ أَوْصَى لَهُ بِهَا أَوْ مِيرَاثٍ صَحَّ، وَإِنْ قَيَّدَهُ بِمَا يَمْتَنِعُ بَطَلَ كَقَوْلِهِ لِهَذَا الْحَمْلِ مِائَةُ دِينَارٍ عَامَلَنِي بِهَا ابْنُ سَحْنُونٍ مَنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ لِحَمْلٍ، فَإِنْ وُلِدَ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ قَوْلِهِ لَزِمَهُ لَهُ، وَإِنْ قَالَ وَهَبْته ذَلِكَ أَوْ تَصَدَّقْت أَوْ أَوْصَى لَهُ بِهِ أُخِذَ مِنْهُ مَا قَالَ وَإِنْ وَضَعَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَزَوْجُهَا مُرْسَلٌ عَلَيْهَا لَمْ يَلْزَمْهُ مَا ذَكَرَ، وَإِنْ كَانَ مَعْزُولًا عَنْهَا فَقَدْ قِيلَ لَا يَجُوزُ الْإِقْرَارُ إنْ وَضَعَتْهُ لِمَا تَلِدُ لَهُ النِّسَاءُ وَذَلِكَ أَرْبَعُ سِنِينَ.
وَسُوِّيَ بَيْنَ تَوْأَمَيْهِ، إلَّا لِبَيَانِ الْفَضْلِ
بِعَلَيَّ، أَوْ فِي ذِمَّتِي، أَوْ عِنْدِي، أَوْ أَخَذْتُ مِنْك، وَلَوْ زَادَ إنْ شَاءَ اللَّهُ،
ــ
[منح الجليل]
(وَسُوِّيَ) بِضَمِّ السِّينِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً (بَيْنَ تَوْأَمَيْهِ) أَيْ الْحَمْلِ فِي قِسْمَةِ مَا أَقَرَّ بِهِ وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا ذَكَرًا وَالْآخَرُ أُنْثَى فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا لِبَيَانِ الْفَضْلِ) لِلذَّكَرِ عَلَى الْأُنْثَى بِأَنْ قَالَ مِنْ دَيْنٍ لِأَبِيهِ. ابْنُ سَحْنُونٍ إنْ وَضَعَتْ تَوْأَمَيْنِ فَالْإِقْرَارُ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ وَإِنْ وَضَعَتْ أَحَدَهُمَا مَيِّتًا اسْتَقَلَّ الْحَيُّ بِهِ وَكَذَا الْوَصِيَّةُ لَهُ وَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ. ابْنُ شَاسٍ لَوْ قَالَ أَنَا وَصِيُّ أَبِي هَذَا الْحَمْلِ وَتَرَكَ مِائَةً فَأَكَلْتهَا فَالْمَائِدَةُ دَيْنٌ عَلَيْهِ، فَإِنْ وَضَعَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا وَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ. وَقِيلَ تُقْسَمُ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ لِلذَّكَرِ جُزْءٌ وَلِلْأُنْثَى جُزْءٌ وَالْجُزْءُ الثَّالِثُ يَدَّعِيهِ الذَّكَرُ كُلُّهُ وَالْأُنْثَى نِصْفُهُ وَسَلَّمَتْ نِصْفَهُ لِلذَّكَرِ فَيُقْسَمُ النِّصْفُ بَيْنَهُمَا لِتَدَاعِيهِمَا فَيُقْسَمُ الْمَالُ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ، لِلذَّكَرِ سَبْعَةٌ، وَلِلْأُنْثَى خَمْسَةٌ، وَبِالْأَوَّلِ أَقُولُ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحُكْمِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ.
وَإِنْ كَانَ الْحَامِلُ زَوْجَةً فَلَهَا ثُمُنُهُ وَإِنْ وُلِدَ مَيِّتًا فَالْمَالُ لِعَصَبَةِ الْمَيِّتِ
وَبَيَّنَ صِيَغَ الْإِقْرَارِ الصَّرِيحَةِ بِقَوْلِهِ (بِعَلَيَّ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَشَدِّ الْيَاءِ كَذَا لِفُلَانٍ (أَوْ فِي ذِمَّتِي، أَوْ عِنْدِي) كَذَا لِفُلَانٍ (أَوْ أَخَذْتُ) بِضَمِّ التَّاءِ (مِنْك) كَذَا وَيَلْزَمُهُ مَا أَقَرَّ بِهِ إنْ لَمْ يَقُلْ إنْ شَاءَ اللَّهُ بَلْ (وَلَوْ قَالَ) الْمُقِرُّ عَقِبَ صِيغَةٍ مِنْ هَذِهِ الصِّيَغِ (إنْ شَاءَ اللَّهُ) تَعَالَى أَوْ قَضَى أَوْ أَرَادَ أَوْ يَسَّرَ أَوْ أَحَبَّ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ بِالْمَشِيئَةِ لَا يُفِيدُ فِي غَيْرِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ. ابْنُ سَحْنُونٍ أَجْمَعَ أَصْحَابُنَا إذَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ لَهُ عِنْدِي أَوْ مَعِي لَزِمَهُ وَلَا يَنْفَعُهُ الِاسْتِثْنَاءُ.
أَوْ قَضَى، أَوْ وَهَبْتُهُ لِي، أَوْ بِعْتُهُ، أَوْ وَفَّيْتُهُ،
ــ
[منح الجليل]
ابْنُ الْمَوَّازِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إذَا قَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَكَأَنَّهُ أَدْخَلَ مَا يُوجِبُ الشَّكَّ نَقَلَهُ فِي الِاسْتِغْنَاءِ. وَأَشَارَ ب وَلَوْ لِقَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يَلْزَمُهُ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ زَادَ بَدَلَ قَالَ الْمُصَنِّفُ قَلَّ أَنْ يُوجَدَ لِلْإِمَامِ نَصٌّ فِي مَسَائِلِ الْإِقْرَارِ، فَلِذَا تَجِدُ أَكْثَرَهَا مُشْكِلًا.
الْبِسَاطِيُّ أَكْثَرُ هَذَا الْبَابِ لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ. ابْنُ عَرَفَةَ الصِّيغَةُ الصَّرِيحَةُ فِي الْإِقْرَارِ كَتَسَلَّفْتُ وَغَصَبْت وَفِي ذِمَّتِي وَالرِّوَايَاتُ فِي عَلَيَّ كَذَلِكَ. ابْنُ شَاسٍ إنْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي أَلْفٌ فَهُوَ إقْرَارٌ فِي الْمُعْتَمَدِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى {لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [البقرة: 262] وقَوْله تَعَالَى {فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [النساء: 100] ،. اهـ. نَقَلَهُ " ق "، وَقَالَ اُنْظُرْ ابْنَ عَرَفَةَ، وَنَصُّهُ الصِّيغَةُ مَا دَلَّ عَلَى ثُبُوتِ دَعْوَى الْمُقَرِّ لَهُ مِنْ لَفْظِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ كَتْبِهِ أَوْ إشَارَتِهِ بِدَيْنٍ أَوْ وَدِيعَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ الصَّرِيحَةِ كَتَسَلَّفْتُ وَغَصَبْت وَفِي ذِمَّتِي وَالرِّوَايَاتُ فِي عَلَيَّ كَذَلِكَ وَأَوْدَعَ عِنْدِي وَرَهَنَ عِنْدِي كَذَلِكَ.
ابْنُ شَاسٍ عِنْدِي أَلْفٌ أَوْ عَلَيَّ إقْرَارٌ. قُلْت قَالَهُ ابْنُ شَعْبَانَ وَالصَّوَابُ تَقْيِيدُهُ بِمَا هُوَ جَوَابٌ لَهُ مِنْ ذِكْرِ دَيْنٍ أَوْ رَهْنٍ أَوْ وَدِيعَةٍ وَإِنْ لَمْ تَتَقَدَّمْ قَرِينَةٌ قَبْلَ تَفْسِيرِهِ كَالْجَمَلِ. الْمَازِرِيُّ قَوْلُهُ أَخَذْت كَذَا مِنْ دَارِ فُلَانٍ أَوْ بَيْتِهِ أَوْ مَا يَحُوزُهُ فُلَانٌ بِغَلْقٍ أَوْ حَائِطٍ أَوْ رَحْبٍ وَيَمْنَعُ مِنْهُ النَّاسَ وَلَا يَدْخُلُ إلَّا بِإِذْنِهِ كَإِقْرَارِهِ بِأَخْذِهِ مِنْ يَدِهِ فَهُوَ تَمْلِيكٌ لَهُ، وَلَوْ قَالَ مِنْ فُنْدُقِ فُلَانٍ أَوْ حَمَّامِهِ أَوْ مَسْجِدِهِ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ، وَلَوْ قَالَ أَخَذْت السَّرْجَ مِنْ عَلَى دَابَّةِ فُلَانٍ فَإِقْرَارٌ لَهُ بِهِ إلَّا أَنْ تَثْبُتَ الدَّابَّةُ فِي حَوْزِ الْمُقِرِّ وَتَصَرُّفِهِ، هَذَا أَصْلُ الْبَابِ.
(أَوْ) قَالَ مَنْ بِيَدِهِ شَيْءٌ لِمُدَّعِيهِ أَنْتَ (وَهَبْتَهُ لِي أَوْ بِعْتَهُ) لِي فَهُوَ إقْرَارٌ بِمِلْكِ الْمُدَّعِي وَدَعْوَى هِبَتِهِ أَوْ بَيْعِهِ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ مِنْ الْمُدَّعِي. ابْنُ الْحَاجِبِ وَمِثْلُ صِيغَةِ الْإِقْرَارِ وَهَبْته لِي أَوْ بِعْته مِنِّي. ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا مُقْتَضَى نَقْلِ الشَّيْخِ عَنْ كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ إنْ قَالَ فِي الدَّارِ أَوْ الدَّابَّةِ اشْتَرَيْتُهَا مِنْهُ أَوْ وَهَبَهَا لِي وَجَاءَ بِالْبَيِّنَةِ قُبِلَتْ مِنْهُ.
(أَوْ) قَالَ لِمَنْ طَالَبَهُ بِدَيْنٍ (وَفَّيْتُهُ) فَهُوَ إقْرَارٌ بِأَنَّهُ تَدَايَنَ مِنْهُ وَدَعْوَى التَّوْفِيَةِ
أَوْ أَلَيْسَ أَقْرَضْتَنِي، أَوْ أَمَا أَقْرَضْتَنِي، أَوْ أَلَمْ تُقْرِضْنِي، أَوْ سَاهِلْنِي، أَوْ اتَّزِنْهَا مِنِّي، أَوْ لَا قَضَيْتُكَ الْيَوْمَ، أَوْ نَعَمْ، أَوْ بَلَى، أَوْ أَجَلْ، جَوَابًا لَا لَيْسَ لِي عِنْدَك،
ــ
[منح الجليل]
فَتَحْتَاجُ إلَى بَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ مِنْ الْمُدَّعِي بِهَا. ابْنُ شَاسٍ لَوْ قَالَ عَلَيَّ أَلْفٌ قَضَيْتُهُ إيَّاهَا لَزِمَهُ الْأَلْفُ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْقَضَاءِ. ابْنُ الْمَوَّازِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إنْ قَالَ أَلَمْ أُوَفِّك الْعَشَرَةَ الَّتِي لَك عَلَيَّ فَقَالَ لَا فَهُوَ إقْرَارٌ. مُحَمَّدٌ يَغْرَمُ لَهُ الْعَشَرَةَ بِلَا يَمِينٍ إلَّا أَنْ يَرْجِعَ عَنْ الِاسْتِفْهَامِ، وَيَقُولَ بَلْ قَضَيْتُك فَتَلْزَمَهُ الْيَمِينُ (أَوْ) قَالَ (أَلَيْسَ أَقْرَضْتنِي) أَلْفًا فَهُوَ إقْرَارُ ابْنِ سَحْنُونٍ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ أَلَيْسَ قَدْ أَقْرَضْتنِي بِالْأَمْسِ أَلْفًا فَقَالَ بَلَى أَوْ نَعَمْ، فَجَحَدَ الْمُقِرُّ الْمَالَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ.
(أَوْ) قَالَ (أَمَا أَقْرَضْتنِي) أَوْ قَالَ (أَلَمْ تُقْرِضْنِي) فَقَالَ نَعَمْ أَوْ بَلَى فَيَلْزَمُهُ. ابْنُ سَحْنُونٍ لَوْ قَالَ أَمَا أَقْرَضْتنِي أَوْ أَلَمْ تُقْرِضْنِي لَزِمَهُ الْمَالُ إنْ ادَّعَاهُ طَالِبُهُ (أَوْ) قَالَ (سَاهِلْنِي) لِمَنْ قَالَ لِي عَلَيْك، كَذَا فَإِقْرَارٌ لَازِمٌ (أَوْ) قَالَ لَهُ (اتَّزِنْهَا) بِكَسْرِ الْهَمْزِ وَشَدِّ الْفَوْقِيَّةِ وَسُكُونِ النُّونِ فِعْلُ أَمْرٍ افْتِعَالٌ مِنْ الْوَزْنِ (أَوْ) قَالَ لَهُ (لَا قَضَيْتُكَ الْيَوْمَ) فَقَدْ أَقَرَّ وَلَزِمَهُ (أَوْ قَالَ نَعَمْ أَوْ بَلَى) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَاللَّامِ (أَوْ أَجَلْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَالْجِيمِ مُخَفَّفَةً وَسُكُونِ اللَّامِ بِمَعْنَى نَعَمْ (جَوَابًا لَا لَيْسَ لِي عِنْدَك) فَهُوَ إقْرَارٌ لَازِمٌ. ابْنُ شَاسٍ لَوْ قَالَ لِي عَلَيْك عَشَرَةٌ فَقَالَ بَلَى أَوْ أَجَلْ أَوْ نَعَمْ أَوْ صَدَقْت أَوْ أَنَا مُقِرٌّ بِهِ أَوْ لَسْت مُنْكِرًا لَهُ، فَهُوَ إقْرَارٌ. وَلَوْ قَالَ أَلَيْسَ لِي عَلَيْك أَلْفٌ فَقَالَ بَلَى لَزِمَهُ وَلَوْ قَالَ نَعَمْ فَكَذَلِكَ.
ابْنُ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ أَنَّ هَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعَامِّيِّ، أَيْ وَصِيَغُ الْإِقْرَارِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعُرْفِ لَا عَلَى اللُّغَةِ لِأَنَّ نَعَمْ تُقَرِّرُ الْكَلَامَ الَّذِي قَبْلَهَا مَنْفِيًّا كَانَ أَوْ مُوجِبًا، وَلِذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فِي قَوْله تَعَالَى {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: 172] ، لَوْ قَالُوا نَعَمْ لَكَفَرُوا وَأَمَّا بَلَى فَتُوجِبُ الْكَلَامَ الْمَنْفِيَّ، أَيْ تُصَيِّرُهُ مُوجِبًا وَلَا يُقَالُ الِاسْتِفْهَامُ فِي مَعْنَى النَّفْيِ وَلَيْسَ لِلنَّفْيِ وَنَفْيِ النَّفْيِ إيجَابٌ فَتَكُونُ نَعَمْ وَاقِعَةً بَعْدَ الْإِيجَابِ، لِأَنَّ مَحِلَّ
أَوْ لَيْسَتْ لِي مَيْسَرَةٌ
لَا أُقِرُّ،
ــ
[منح الجليل]
كَوْنِ الِاسْتِفْهَامِ فِي مَعْنَى النَّفْيِ إذَا كَانَ إنْكَارِيًّا، أَمَّا غَيْرُهُ كَمَا هُنَا فَلَيْسَ فِي مَعْنَى النَّفْيِ إجْمَاعًا.
(أَوْ) قَالَ لَهُ (لَيْسَتْ لِي مَيْسَرَةٌ) فَإِقْرَارٌ. ابْنِ شَاسٍ إذَا قَالَ لَهُ اقْضِنِي الْعَشَرَةَ الَّتِي لِي عَلَيْك فَقَالَ لَيْسَتْ لِي مَيْسَرَةٌ، أَوْ أَرْسِلْ رَسُولَك يَقْبِضْهَا، أَوْ أَنْظِرْنِي بِهَا فَكُلُّهُ إقْرَارٌ، إذْ كَأَنَّهُ قَالَ نَعَمْ وَسَأَلَهُ الْمُسَاهَلَةَ أَوْ الصَّبْرَ أَوْ أَمَرَهُ بِاتِّزَانِهَا أَوْ ادَّعَى الْعُسْرَ. ابْنُ سَحْنُونٍ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ أَعْطِنِي كَذَا فَقَالَ نَعَمْ أَوْ سَأُعْطِيك أَوْ أَبْعَثُ لَك بِهِ أَوْ لَيْسَ عِنْدِي الْيَوْمَ، أَوْ ابْعَثْ مَنْ يَأْخُذُهُ مِنِّي فَهُوَ إقْرَارٌ، وَكَذَا أَجِّلْنِي فِيهِ شَهْرًا أَوْ نَفِّسْنِي بِهِ، وَلَفْظُ ابْنِ شَاسٍ سَاهِلْنِي فِيهَا دُونَ نَفِّسْنِي لَمْ أَجِدْهُ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَفِي الِاسْتِغْنَاءِ عَنْ ابْنِ سَحْنُونٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ إنْ قَالَ اقْضِنِي الْعَشَرَةَ الَّتِي لِي عَلَيْك فَقَالَ لَمْ يَحِلَّ أَجَلُهَا أَوْ حَتَّى يَحِلَّ، فَإِنَّهَا تَلْزَمُهُ إلَى الْأَجَلِ.
ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَلَوْ قَالَ اتَّزِنْ أَوْ اجْلِسْ فَانْتَقِدْ أَوْ زِنْ لِنَفْسِك أَوْ يَأْتِي وَكِيلِي يَزِنُ لَك فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ إنْ حَلَفَ، لِأَنَّهُ لَمْ يَنْسُبْ ذَلِكَ إلَى أَنَّهُ الَّذِي يَدْفَعُ إلَيْهِ وَلَوْ قَالَ اتَّزِنْهَا مِنِّي أَوْ سَاهِلْنِي فِيهَا لَزِمَتْهُ لِأَنَّهُ نَسَبَ ذَلِكَ إلَى نَفْسِهِ. وَعَنْ ابْنِ سَحْنُونٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ أَعْطِنِي الْأَلْفَ دِرْهَمٍ الَّتِي لِي عَلَيْك فَقَالَ إنَّمَا أَبْعَثُ بِهَا إلَيْك أَوْ أُعْطِيكهَا غَدًا فَإِنَّهَا تَلْزَمُهُ.
(لَا) يَلْزَمُ الْإِقْرَارُ بِقَوْلِ الشَّخْصِ (أُقِرُّ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَشَدِّ الرَّاءِ بِكَذَا لِفُلَانٍ ابْتِدَاءً أَوْ جَوَابًا لِمَنْ قَالَ لِي عَلَيْك، كَذَا لِأَنَّهُ وَعْدٌ " غ " لَا النَّافِيَةُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَمُرَادُهُ أَنَّ مَنْ قَالَ أُقِرُّ بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ الْمُثْبَتِ لَمْ يَلْزَمُهُ إقْرَارٌ وَلَمْ أَجِدْ هَذَا الْفَرْعَ، هَكَذَا لِأَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَإِنَّمَا رَأَيْته فِي وَجِيزِ الْغَزَالِيِّ لَوْ قَالَ أَنَا أُقِرُّ بِهِ فَقِيلَ إنَّهُ إقْرَارٌ وَقِيلَ إنَّهُ وَعْدٌ بِالْإِقْرَارِ. وَاَلَّذِي فِي مُفِيدِ الْحُكَّامِ لِابْنِ هِشَامٍ أَنَّ مَنْ قَالَ أَنَا أُقِرُّ لَك بِكَذَا عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا فِي التَّمَادِي وَالرُّجُوعِ عَنْ هَذَا الْإِقْرَارِ لَزِمَهُ الْإِقْرَارُ مَالًا كَانَ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ أَوْ طَلَاقًا. اهـ. وَاقْتَصَرَ " ق " عَلَى مُحَاذَاةِ الْمَتْنِ بِكَلَامِ الْمُفِيدِ.
أَوْ: عَلَيَّ، أَوْ: عَلَى فُلَانٍ، أَوْ مِنْ أَيِّ ضَرْبٍ تَأْخُذُهَا مَا أَبْعَدَك مِنْهَا
وَفِي حَتَّى يَأْتِيَ وَكِيلِي وَشِبْهِهِ، أَوْ اتَّزِنْ، أَوْ خُذْ: قَوْلَانِ:
ــ
[منح الجليل]
(أَوْ) أَيْ وَلَا يَلْزَمُ الْإِقْرَارُ بِقَوْلِهِ (عَلَيَّ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَشَدِّ الْيَاءِ (أَوْ عَلَى فُلَانٍ) جَوَابًا لِمَنْ قَالَ لِي عَلَيْك، كَذَا الشَّيْخُ عَنْ مُحَمَّدٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ لِي عَلَيْك عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَقَالَ عَلَيَّ أَوْ عَلَى فُلَانٍ حَلَفَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَعَلَى أَصْلِ سَحْنُونٍ إنْ قَالَ لَك عَلَيَّ كَذَا أَوْ عَلَى فُلَانٍ لَزِمَهُ دُونَ فُلَانٍ نَقَلَهُ " ق ". الْخَرَشِيُّ وَكَذَا لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إذَا قَالَ عَلَيَّ أَوْ عَلَى فُلَانٍ لِمَنْ قَالَ لِي عَلَيْك مِائَةٌ لِلتَّرْدِيدِ فِي الْكَلَامِ، وَسَوَاءٌ كَانَ فُلَانٌ حُرًّا أَوْ عَبْدًا كَبِيرًا وَصَغِيرًا. ابْنُ الْمَوَّازِ إلَّا أَنْ يَكُونَ صَغِيرًا جِدًّا كَابْنِ شَهْرٍ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ كَقَوْلِهِ عَلَى الْمِائَةِ أَوْ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ، وَسَوَاءٌ قَدَّمَ عَلَى أَوَاخِرِهِ وَالتَّفْصِيلُ ضَعِيفٌ وَنَحْوُهُ لعب.
(أَوْ) أَيْ وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ إنْ قَالَ لِمَنْ قَالَ لَهُ لِي عَلَيْك مِائَةٌ (مِنْ أَيِّ ضَرْبٍ) أَيْ نَوْعٍ (تَأْخُذُهَا) أَيْ الْمِائَةَ الَّتِي ادَّعَيْت عَلَيَّ بِهَا (مَا أَبْعَدَك) مَا تَعَجُّبِيَّةٌ وَأَبْعَدَ بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَالْعَيْنِ فِعْلُ تَعَجُّبٍ، أَيْ شَيْءٌ عَظِيمٌ صَيَّرَك بَعِيدًا (مِنْهَا) أَيْ الْمِائَةِ. " ق " ابْنُ سَحْنُونٍ اتَّزِنْ أَوْ اتَّزِنْهَا مَا أَبْعَدَك مِنْهَا فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ. ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَوْلُهُ اتَّزِنْهَا كَقَوْلِهِ اتَّزِنْ وَانْتَقِدْ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْسُبْ ذَلِكَ إلَى نَفْسِهِ. تت وَهُوَ مُحْتَمَلٌ أَنَّهُ أَجَابَ بِهِمَا مَعًا أَوْ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ، فَإِنْ كَانَ بِهِمَا فَوَاضِحٌ، وَكَذَا بِالثَّانِي. وَأَمَّا بِالْأَوَّلِ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ إقْرَارٌ إلَّا أَنَّهُ يَحْلِفُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إلَّا الْإِنْكَارَ أَوْ التَّهَكُّمَ أَوْ شِبْهَهُ.
(وَفِي) كَوْنِ قَوْلِهِ (حَتَّى يَأْتِيَ وَكِيلِي وَشِبْهُهُ) أَيْ الْوَكِيلُ كَغُلَامِي (أَوْ) قَوْلُهُ (اتَّزِنْ أَوْ خُذْ) جَوَابًا لِمَنْ قَالَ لَهُ اقْضِنِي الْمِائَةَ الَّتِي لِي عَلَيْك إقْرَارًا وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ أَوْ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْسُبْ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ (قَوْلَانِ) فَإِنْ زَادَ مِنِّي عَقِبَ اتَّزِنْ أَوْ خُذْ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَزِمَهُ الْإِقْرَارُ لِنِسْبَتِهِ لِنَفْسِهِ. " ق " ابْنُ شَاسٍ لَوْ قَالَ الْمُدَّعِي لِي عَلَيْك أَلْفٌ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ زِنْ أَوْ خُذْ أَوْ حَتَّى يَأْتِيَ وَكِيلِي يَزِنُ لَك لَمْ
كَلَكَ عَلَيَّ أَلْفٌ فِيمَا أَعْلَمُ، أَوْ أَظُنُّ، أَوْ عِلْمِي
وَلَزِمَ إنْ نُوكِرَ فِي أَلْفٍ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ،
ــ
[منح الجليل]
يَكُنْ إقْرَارًا وَيَحْلِفُ، قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ. ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ قَالَ حَتَّى يَأْتِيَ وَكِيلِي فَفِي كَوْنِهِ إقْرَارًا قَوْلَانِ سَحْنُونٌ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَلَوْ قَالَ لَهُ اجْلِسْ فَزِنْ كَوْنُهُ إقْرَارًا نَقْلًا الْمَازِرِيِّ عَنْهُمَا.
وَشَبَّهَ فِي الْقَوْلَيْنِ فَقَالَ (كَ) قَوْلِهِ (لَك عَلَيَّ أَلْف) مَثَلًا (فِيمَا أَعْلَمُ) أَوْ أَعْتَقِدُ (أَوْ أَظُنُّ) أَوْ فِيمَا ظَنَنْت أَوْ حَسِبْت أَوْ رَأَيْت أَوْ رَأْيِي (أَوْ عِلْمِي) أَوْ اعْتِقَادِي فَقَالَ سَحْنُونٌ إقْرَارٌ، وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ هُوَ شَكٌّ وَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ قِيَاسًا عَلَى الشَّهَادَةِ، وَرَدَّهُ سَحْنُونٌ بِأَنَّ الشَّكَّ لَا أَثَرَ لَهُ فِي الْإِقْرَارِ. طفي تَسْوِيَةُ الْمُصَنِّفِ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالظَّنِّ نَحْوُهَا لِابْنِ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ، وَأَقَرَّهُ شُرَّاحُهُ وَابْنُ عَرَفَةَ، وَكَذَا النَّقْلُ فِي جَمِيعِ مَا وَقَفْت عَلَيْهِ مِنْ دَوَاوِينِ الْمَالِكِيَّةِ، فَقَوْلُ عج وَمَنْ تَبِعَهُ وَمَنْ بَعْدَهُ يُسْتَفَادُ مِنْ النَّقْلِ أَنَّ الْخِلَافَ إذَا قَالَ فِيمَا أَظُنُّ أَوْ فِي ظَنِّي فَإِنْ قَالَ فِيمَا أَعْلَمُ أَوْ فِي عِلْمِي فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قَطْعًا غَيْرُ صَوَابٍ، وَلَمْ يَذْكُرُوا نَقْلًا يُسْتَفَادُ مِنْهُ مَا قَالُوا سِوَى تَمَسُّكِهِمْ بِقَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لِأَنَّهُ شَكٌّ قَالُوا لِأَنَّهُ شَكٌّ لَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ فِيمَا أَعْلَمُ أَوْ فِي عِلْمِي وَهُوَ تَمَسُّكٌ غَيْرُ صَحِيحٍ، إذْ لَا شَكَّ أَنَّ قَوْلَهُ فِي عِلْمِي أَوْ فِيمَا أَعْلَمُ فِيهِ ضَرْبٌ مِنْ الشَّكِّ وَلِذَا لَا يُكْتَفَى بِهِ فِي الْيَمِينِ الَّتِي يُطْلَبُ فِيهَا الْقَطْعُ.
(وَ) إنْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ مَيْتَةٍ أَوْ حُرٍّ فَنَاكَرَهُ الْمُقَرُّ لَهُ بِأَنَّهُ مِنْ قَرْضٍ أَوْ مِنْ بَيْعٍ صَحِيحٍ (لَزِمَ) الْإِقْرَارُ (إنْ نُوكِرَ) بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْكَافِ الْمُقِرُّ (فِي) سَبَبِ تَرَتُّبِ (أَلْفٍ) فِي ذِمَّتِهِ أَقَرَّ بِهَا وَقَالَ عَقِبَهُ (مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ) أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ مَيْتَةٍ أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَنَاكَرَهُ الْمُقَرُّ لَهُ، وَقَالَ مِنْ قَرْضٍ أَوْ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا يَصِحُّ بَيْعُهُ فَيَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ وَيُعَدُّ نَادِمًا بَعْدَ اعْتِرَافِهِ بِتَعْمِيرِ ذِمَّتِهِ، وَمُعَقِّبًا لَهُ بِمَا يَرْفَعُهُ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ مَنْ يُبَعِّضُ كَلَامَ الْمُقِرِّ. وَأَمَّا عِنْدَ مَنْ لَا يُبَعِّضُهُ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْأَقْرَبُ عَدَمُ لُزُومِهِ لِارْتِبَاطِ آخِرِ الْكَلَامِ بِأَوَّلِهِ، وَمَفْهُومُ إنْ نُوكِرَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ إنْ سَلَّمَ ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَهُوَ كَذَلِكَ.
أَوْ عَبْدٍ، وَلَمْ أَقْبِضْهُ كَدَعْوَاهُ الرِّبَا، وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ رَابَاهُ فِي أَلْفٍ، لَا إنْ أَقَامَهَا عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعِي أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ بَيْنَهُمَا إلَّا الرَّبَّا
أَوْ اشْتَرَيْت خَمْرًا بِأَلْفٍ،
ــ
[منح الجليل]
" ق " ابْنُ شَاسٍ الْبَابُ الثَّالِثُ فِي تَعْقِيبِ الْإِقْرَارِ بِمَا يَرْفَعُهُ، وَلَهُ صُوَرٌ: الْأُولَى إذَا قَالَ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ مَيْتَةٍ أَوْ حُرٍّ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَقُولَ الطَّالِبُ، بَلْ هِيَ مِنْ ثَمَنِ بَزٍّ أَوْ شِبْهِهِ فَيَلْزَمُهُ مَعَ يَمِينِ الطَّالِبِ، فَإِنْ قَالَ اشْتَرَيْت خَمْرًا بِأَلْفٍ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ وَنَحْوُهُ فِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ سَحْنُونٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ.
(أَوْ) أَيْ وَلَزِمَ الْإِقْرَارُ إنْ قَالَ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ (عَبْدٍ) وَنَحْوَهُ مِمَّا يَصِحُّ بَيْعُهُ ابْتَعْته مِنْك (وَلَمْ أَقْبِضْهُ) أَيْ الْعَبْدَ مِنْك وَيُعَدُّ قَوْلُهُ لَمْ أَقْبِضْهُ نَدَمًا وَتَعْقِيبًا لِلْإِقْرَارِ بِمَا يَرْفَعُهُ. " ق " ابْنُ شَاسٍ وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ ثُمَّ قَالَ لَمْ أَقْبِضْ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٌ وَغَيْرُهُمَا يَلْزَمُهُ الثَّمَنُ وَلَا يُصَدَّقُ فِي عَدَمِ الْقَبْضِ، وَقِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَعَلَى الْبَائِعِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ سَلَّمَهُ الْعَبْدَ، وَشَبَّهَ فِي اللُّزُومِ فَقَالَ (كَ) إقْرَارِهِ بِأَلْفٍ و (دَعْوَاهُ) أَيْ الْمُقِرِّ عَقِبَهُ (الرِّبَا) بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُقَرِّ لَهُ فِيهَا (وَأَقَامَ) الْمُقِرُّ (بَيِّنَةً أَنَّهُ) أَيْ الْمُقَرَّ لَهُ (رَابَاهُ) أَيْ الْمُقِرَّ (فِي أَلْفٍ) فَتَلْزَمُهُ الْأَلْفُ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا عَلَى الْأَصَحِّ لِعَدَمِ التَّعْيِينِ (لَا) تَلْزَمُهُ الْأَلْفُ (إنْ أَقَامَهَا) أَيْ أَشْهَدَ الْمُقِرُّ الْبَيِّنَةَ (عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعِي) بِ (أَنَّهُ) أَيْ الشَّأْنَ (لَمْ يَقَعْ بَيْنَهُمَا) أَيْ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ (إلَّا الرِّبَا) وَيَلْزَمُ الْأَصْلُ قَوْلًا وَاحِدًا.
" ق " ابْنُ شَاسٍ لَوْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِمَالٍ مِنْ ثَمَنِ حَرِيرٍ مَثَلًا ثُمَّ أَقَامَ بِبَيِّنَةِ أَنَّهُ رِبًا وَإِنَّمَا أَقَرَّ أَنَّهُ مِنْ ثَمَنِ حَرِيرٍ تَسَتُّرًا لَزِمَهُ الْمَالُ بِإِقْرَارِهِ أَنَّهُ مِنْ ثَمَنِ حَرِيرٍ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِ الطَّالِبِ أَنَّهُ رِبًا. وَقَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ تُقْبَلُ مِنْهُ الْبَيِّنَةُ أَنَّ ذَلِكَ رِبًا وَيُرَدُّ إلَيْهِ رَأْسُ مَالِهِ وَبِالْأَوَّلِ. قَالَ سَحْنُونٌ ابْنُ عَرَفَةَ لَمْ أَقِفْ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي النَّوَادِرِ وَلَا فِي كِتَابِ الدَّعْوَى وَالصُّلْحِ مِنْ الْعُتْبِيَّةِ.
(أَوْ) أَيْ وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ إنْ قَالَ (اشْتَرَيْت خَمْرًا بِأَلْفٍ)" ق " ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ
أَوْ اشْتَرَيْت عَبْدًا بِأَلْفٍ وَلَمْ أَقْبِضْهُ، أَوْ أَقْرَرْت بِكَذَا وَأَنَا صَبِيٌّ
ــ
[منح الجليل]
لَوْ قَالَ اشْتَرَيْت خَمْرًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ شَيْئًا (أَوْ) قَالَ (اشْتَرَيْت عَبْدًا بِأَلْفٍ وَلَمْ أَقْبِضْهُ) ابْنُ عَرَفَةَ فَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ اشْتَرَيْت عَبْدًا بِأَلْفٍ وَلَمْ أَقْبِضْهُ هُوَ نَقْلُ الشَّيْخِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ اشْتَرَى سِلْعَةً، وَأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهَا نَسَقًا مُتَتَابِعًا قَبْلَ قَوْلِهِ وَعَلَّلَ بِأَنَّ الشِّرَاءَ الْمُجَرَّدَ عَنْ الْقَبْضِ لَا يُوجِبُ عِمَارَةَ الذِّمَّةِ بِالثَّمَنِ.
الْمُصَنِّفُ وَفِيهِ بَحْثٌ لَا يَخْفَى. الْحَطّ كَأَنَّهُ يُشِيرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إلَى مَا تَقَرَّرَ أَنَّ ضَمَانَ الْمَبِيعِ الصَّحِيحِ الْحَاضِرِ الَّذِي لَا حَقَّ تَوْفِيَةً فِيهِ وَلَا عُهْدَةً ثَلَاثٌ وَلَا شَرْطَ خِيَارٍ يَنْتَقِلُ لِلْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، لَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا تَنَازَعَ الْمُتَبَايِعَانِ فِيمَنْ يَبْدَأُ بِالتَّسْلِيمِ لِمَا فِي يَدِهِ أَنْ يُجْبَرَ الْمُشْتَرِي عَلَى تَسْلِيمِ الثَّمَنِ أَوَّلًا، فَهَذَا يَقْتَضِي قَبُولَ قَوْلِهِ فِي عَدَمِ الْقَبْضِ لِاحْتِجَاجِهِ بِأَنَّ مِنْ حَقِّ الْبَائِعِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ حَتَّى يَقْبِضَ ثَمَنَهُ، وَذَكَرَ ابْنُ فَرْحُونٍ أَنَّهُ لَوْ قَالَ الشَّاهِدُ أَنْ نَشْهَدَ أَنَّ لَهُ عِنْدَهُ مِائَةَ دِينَارٍ مِنْ ثَمَنِ سِلْعَةٍ اشْتَرَاهَا مِنْهُ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُمَا وَلَا تَلْزَمُهُ الْيَمِينُ حَتَّى يَقُولَا وَقَبْضُ السِّلْعَةِ.
(أَوْ) أَيْ وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ إنْ قَالَ (أَقْرَرْت لَك بِكَذَا) أَيْ أَلْفٍ مَثَلًا (وَأَنَا صَبِيٌّ) إذَا قَالَهُ نَسَقًا مُتَتَابِعًا. ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَلَوْ قَالَ أَقْرَرْت لَك فِي نَوْمِي أَوْ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ. وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يُصَدَّقُ. " ق " فِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ كُنْت غَصَبْتُك أَلْفَ دِينَارٍ وَأَنَا صَبِيٌّ لَزِمَهُ ذَلِكَ وَكَذَا لَوْ قَالَ كُنْت أَقْرَرْت لَك بِأَلْفِ دِينَارٍ وَأَنَا صَبِيٌّ.
ابْنُ رُشْدٍ قَوْله غَصَبْتُك أَلْفَ دِينَارٍ وَأَنَا صَبِيٌّ لَا خِلَافَ فِي لُزُومِهِ لِأَنَّ الصَّبِيَّ يَلْزَمُهُ مَا أَفْسَدَ وَكَسَّرَ، وَقَوْلُهُ كُنْت أَقْرَرْت لَك بِأَلْفٍ وَأَنَا صَبِيٌّ يَتَخَرَّجُ عَلَى قَوْلَيْنِ، أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إذَا كَانَ كَلَامُهُ نَسَقًا وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَعَلَيْهِ قَوْلُهُ فِيهَا طَلَّقْتُك وَأَنَا صَبِيٌّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ، وَإِذَا أَقَرَّ بِالْخَاتَمِ لِرَجُلٍ، وَقَالَ الْفَصُّ لِي أَوْ بِالْبُقْعَةِ، وَقَالَ الْبُنْيَانُ لِي وَالْكَلَامُ نَسَقٌ. وَالثَّانِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ وَإِنْ كَانَ كَلَامُهُ نَسَقًا لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ أَنْ يَكُونَ اسْتَدْرَكَ ذَلِكَ، وَوَصَلَهُ
كَأَنَا مُبَرْسَمٌ إنْ عُلِمَ تَقَدُّمُهُ أَوْ أَقَرَّ اعْتِذَارًا،
ــ
[منح الجليل]
بِكَلَامِهِ لِيَخْرُجَ عَمَّا أَقَرَّ بِهِ، وَعَلَى ذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ فِي تَفْرِقَتِهِ بَيْنَ قَوْلِهِ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِينَارٍ أَوْ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ، وَبَيْنَ قَوْلِهِ لِفُلَانٍ عَلَيَّ وَعَلَى فُلَانٍ أَوْ عَلَى فُلَانٍ أَلْفُ دِينَارٍ، قَالَ لِأَنَّ الْأَوَّلَ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِأَلْفِ دِينَارٍ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، أَوْ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَإِنْ كَانَ نَسَقًا، وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَأْتِي قَوْلُ سَحْنُونٍ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ، وَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَصَحُّ وَأَوْلَى بِالصَّوَابِ، فَالْمَسْأَلَتَانِ مُفْتَرِقَتَانِ، وَإِنَّمَا قَوْلُهُ كُنْت أَقْرَرْت لَك بِأَلْفِ دِينَارٍ وَأَنَا صَبِيٌّ مِثْلُ قَوْلِهِ كُنْت اسْتَلَفْتهَا مِنْك وَأَنَا صَبِيٌّ لِأَنَّ الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا يَسْتَوِيَانِ فِي أَنَّهُمَا لَا يَلْزَمَانِهِ فِي حَالِ الصِّبَا. اهـ. فَاعْتَمَدَ الْمُصَنِّفُ تَصْحِيحَ ابْنِ رُشْدٍ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الرِّوَايَةِ، فَلِذَا عَطَفَهُ عَلَى مَا يَنْتَفِي فِيهِ اللُّزُومُ.
وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ اللُّزُومِ فَقَالَ (كَ) قَوْلِهِ أَقْرَرْت لَك بِأَلْفٍ و (أَنَا مُبَرْسَمٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ فَلَا يَلْزَمُهُ (إنْ عُلِمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (تَقَدُّمُهُ) أَيْ الْبِرْسَامُ وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الْجُنُونِ (لَهُ) أَيْ الْمُقِرِّ فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ تَقَدُّمُهُ لَهُ لَزِمَهُ إقْرَارُهُ. " ق " فِي الْمُفِيدِ إذَا قَالَ أَقْرَرْت لَك بِأَلْفِ دِينَارٍ وَأَنَا ذَاهِبُ الْعَقْلِ مِنْ بِرْسَامٍ نُظِرَ، فَإِنْ كَانَ عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ أَصَابَهُ صُدِّقَ وَإِلَّا فَلَا (أَوْ) أَيْ لَا يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ إنْ (أَقَرَّ) بِشَيْءٍ لِفُلَانٍ طَلَبَ مِنْهُ إعَارَتَهُ أَوْ بَيْعَهُ أَوْ هِبَتَهُ (اعْتِذَارًا) لِلطَّالِبِ حَتَّى لَا يُمَكِّنَهُ مِنْهُ. الْخَرَشِيُّ وعب بِشَرْطِ كَوْنِ السَّائِلِ مِمَّنْ يُعْتَذَرُ إلَيْهِ وَإِلَّا لَزِمَهُ. طفي لَمْ يَذْكُرْ فِي السَّمَاعِ هَذَا الشَّرْطَ وَلَا ابْنُ رُشْدٍ وَأَقَرَّهُ الْبُنَانِيُّ.
" ق " سَمِعَ أَشْهَبُ مَنْ اشْتَرَى مَالًا فَسُئِلَ الْإِقَالَةَ فَقَالَ تَصَدَّقْت بِهِ عَلَى ابْنِي ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ فَلَا شَيْءَ لِلِابْنِ بِهَذَا. ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَإِنْ سُئِلَ كِرَاءَ مَنْزِلِهِ فَقَالَ هُوَ لِابْنَتِي ثُمَّ مَاتَ فَلَا شَيْءَ لَهَا بِهَذَا وَلَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً فِي حِجْرِهِ لِأَنَّهُ يُعْتَذَرُ بِمِثْلِ هَذَا مِمَّنْ يُرِيدُ مَنْعَهُ، وَسَمِعَ أَشْهَبُ وَابْنُ نَافِعٍ لَوْ سَأَلَهُ ابْن عَمّه أَنْ يُسْكِنَهُ مَنْزِلًا فَقَالَ هُوَ لِزَوْجَتِي، ثُمَّ قَالَهُ لِثَانٍ وَثَالِثٍ ثُمَّ قَامَتْ امْرَأَتُهُ بِذَلِكَ فَقَالَ إنَّمَا قُلْته اعْتِذَارًا لِأَمْنَعَهُ
أَوْ بِقَرْضٍ شُكْرًا عَلَى الْأَصَحِّ
ــ
[منح الجليل]
فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِهَذَا، وَقَدْ يَقُولُ الرَّجُلُ لِلسُّلْطَانِ فِي الْأَمَةِ وَلَدَتْ مِنِّي وَفِي الْعَبْدِ هُوَ مُدَبَّرٌ لِئَلَّا يَأْخُذَهُمَا فَلَا يَلْزَمُهُ وَلَا شَهَادَةَ فِيهِ.
(أَوْ) أَيْ وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ إنْ (أَقَرَّ بِقَرْضٍ) مِنْ زَيْدٍ مَثَلًا (شُكْرًا) لَهُ بِأَنْ قَالَ أَقْرَضَنِي زَيْد أَلْفًا وَوَسَّعَ عَلَيَّ حَتَّى وَفَّيْتُهُ جَزَاهُ اللَّهُ تَعَالَى خَيْرًا فَلَا يَلْزَمُهُ (عَلَى الْأَصَحِّ) وَقَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ يَلْزَمُهُ وَعَلَيْهِ إثْبَاتُ التَّوْفِيَةِ. ابْنُ يُونُسَ وَكَذَا عَلَى وَجْهِ الذَّمِّ كَأَقْرَضَنِي فُلَانٌ وَأَسَاءَ مُعَامَلَتِي وَضَيَّقَ عَلَيَّ حَتَّى وَفَّيْتُهُ. وَقَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ يَلْزَمُهُ فِي الذَّمِّ وَلَا وَجْهَ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَالصَّوَابُ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ. (تَنْبِيهٌ)
يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ تَفْرِقَةُ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ مِنْ اللُّزُومِ فِي الذَّمِّ وَعَدَمِهِ فِي الْمَدْحِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَمْ يَعْتَبِرْ الْمَفْهُومَ وَأَنَّهُمَا عِنْدَهُ سَوَاءٌ وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا. وَقَالَ بَعْضُ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَى هَذَا الْمَحِلِّ مُسْتَشْكِلًا قَوْلَهُ عَلَى الْأَصَحِّ بِأَنَّ تَصْوِيبَ ابْنِ يُونُسَ إنَّمَا هُوَ فِي الذَّمِّ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أَوْ بِقَرْضٍ شُكْرًا أَوْ ذَمًّا عَلَى الْأَرْجَحِ، وَفِيهِ إجْمَالٌ فَالْأَوْلَى كَذَمٍّ عَلَى الْأَرْجَحِ، وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ بِقَرْضٍ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ لَا بِقَرْضٍ بِأَنْ قَالَ كَانَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ كَذَا وَقَضَيْته مَعَ التَّوْسِعَةِ عَلَيَّ أَوْ الْإِسَاءَةِ لِي فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ وَلَوْ نَسَقَ وَهُوَ كَذَلِكَ، حَكَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ، قَالَ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بِبَيِّنَةٍ بِإِجْمَاعِنَا.
" ق " فِي شَهَادَاتِهَا مَنْ أَقَرَّ أَنَّهُ كَانَ تَسَلَّفَ مِنْ فُلَانٍ الْمَيِّتِ مَالًا وَقَضَاهُ إيَّاهُ فَإِنْ كَانَ عَنْ زَمَنٍ لَمْ يَطُلْ غَرِمَ وَإِنْ طَالَ زَمَنُ ذَلِكَ حَلَفَ وَبَرِئَ إلَّا أَنْ يَذْكُرَ ذَلِكَ بِمَعْنَى الشُّكْرِ فَيَقُولَ جَزَى اللَّهُ فُلَانًا عَنِّي خَيْرًا أَسْلَفَنِي وَقَضَيْتُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ قُرْبُ الزَّمَانِ أَوْ بُعْدٌ. اهـ. فَلَا مَعْنَى لِلْأَصَحِّ هَاهُنَا، وَيَبْقَى النَّظَرُ إذَا قَالَ كَانَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ دِينَارٌ فَتَقَاضَاهُ مِنِّي أَسْوَأَ التَّقَاضِي فَلَا جُزِيَ خَيْرٌ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الدَّيْنُ بَاقٍ عَلَى الْمُقِرِّ وَلَيْسَ كَمَنْ يُقِرُّ عَلَى وَجْهِ الشُّكْرِ، هَذَا نَصُّ سَمَاعِ سَحْنُونٍ، وَلَمْ يُفَرِّقْ ابْنُ يُونُسَ بَيْنَ أَنْ يَقَعَ عَلَى وَجْهِ الذَّمِّ أَوْ عَلَى وَجْهِ الشُّكْرِ، فَلَوْ قَالَ خَلِيلٌ أَوْ بِقَرْضٍ شُكْرًا أَوْ ذَمًّا عَلَى الْأَصَحِّ لَكَانَ لِقَوْلِهِ عَلَى الْأَصَحِّ مَعْنًى، وَفِي
وَقُبِلَ أَجَلُ مِثْلِهِ فِي: بَيْعٍ،
ــ
[منح الجليل]
الْغَالِبِ أَنَّهُ كَانَ كَذَلِكَ وَمَا كَانَ لِيَتْرُكَ الْإِقْرَارَ عَلَى وَجْهِ الذَّمِّ وَهُوَ مَذْكُورٌ مِنْ حَيْثُ نَقْلُ الْحَطّ
وَمَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِغَيْرِ الْقَرْضِ عَلَى وَجْهِ الشُّكْرِ يَلْزَمُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ وَالشُّكْرُ إنَّمَا هُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي قَضَاءِ السَّلَفِ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ يُوجِبُ شُكْرًا، وَلَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ مِنْ غَيْرِ قَرْضٍ وَادَّعَى قَضَاءَهُ لَمْ يُصَدَّقْ، رَوَاهُ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ عَلَى وَجْهِ الشُّكْرِ أَوْ لَا. اهـ. وَأَشَارَ بِذَلِكَ إلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ أَشْهَدَ أَنَّهُ تَقَاضَى مِنْ فُلَانٍ مِائَةَ دِينَارٍ كَانَتْ لَهُ عَلَيْهِ فَجَزَاهُ اللَّهُ خَيْرًا فَإِنَّهُ أَحْسَنَ قَضَائِي فَلَيْسَ لِي عَلَيْهِ شَيْءٌ، فَقَالَ الْمَشْهُودُ لَهُ قَدْ كَذَبَ إنَّمَا أَسْلَفْته الْمِائَةَ سَلَفًا إنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَشْهُودِ لَهُ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا مِثْلُ مَا فِي آخِرِ الْمِدْيَانِ مِنْهَا وَمَا فِي رَسْمِ الْمُكَاتَبِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إنَّ مَنْ أَقَرَّ بِالِاقْتِضَاءِ لَا يُصَدَّقُ فِي أَنَّهُ اقْتِضَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ إقْرَارُهُ عَلَى وَجْهِ الشُّكْرِ. وَفِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَفِي سَمَاعِ سَحْنُونٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِسَلَفٍ ادَّعَى قَضَاءَهُ عَلَى وَجْهِ الشُّكْرِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْقَضَاءِ وَالِاقْتِضَاءِ أَنَّ السَّلَفَ مَعْرُوفٌ يَلْزَمُهُ شُكْرُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} [لقمان: 14] وقَوْله تَعَالَى {وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} [البقرة: 237] ، وَقَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «مَنْ أَزْكَتْ إلَيْهِ يَدٌ فَلْيَشْكُرْهَا» ، فَحَمَلَ الْمُقِرَّ بِالسَّلَفِ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ إلَى أَدَاءِ مَا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ مِنْ الشُّكْرِ لِفَاعِلِهِ لَا إلَى الْإِقْرَارِ عَلَى نَفْسِهِ بِمَا يُوجِبُ السَّلَفَ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ قَضَاهُ إيَّاهُ، وَحُسْنُ الْقَضَاءِ وَاجِبٌ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ حَقٌّ أَنْ يَفْعَلَهُ فَلَمْ يَجِبْ عَلَى الْمُقْتَضِي أَنْ يَشْكُرَهُ، فَلَمَّا لَمْ يَجِبْ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي الدَّعْوَى، وَهَذَا عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَى أَصْلِ أَشْهَبَ فِي أَنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ بِأَكْثَرَ مِمَّا أَقَرَّ بِهِ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُقْتَضِي وَقَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ نَصًّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
(وَ) إنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ وَقَالَ إنَّهُ مُؤَجَّلٌ لَمْ يَحِلَّ أَجَلُهُ (قُبِلَ) بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ (أَجَلُ مِثْلِهِ) أَيْ الدَّيْنِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ إذَا كَانَ (فِي بَيْعٍ) وَأَنْكَرَ
لَا قَرْضٍ
وَتَفْسِيرُ أَلْفٍ فِي: كَأَلْفٍ، وَدِرْهَمٍ
ــ
[منح الجليل]
الْبَائِعُ التَّأْجِيلَ فَلَا يَلْزَمُهُ دَفْعُهُ حَتَّى يَحِلَّ أَجَلُهُ. ابْنُ الْحَاجِبِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَمَفْهُومُ أَجَلِ مِثْلِهِ إنْ ادَّعَى أَجَلًا زَائِدًا عَلَى أَجَلِ مِثْلِهِ فَلَا يُقْبَلُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَيَحْلِفُ الْمُقَرُّ لَهُ وَيَأْخُذُهُ حَالًّا (لَا) يُقْبَلُ أَجَلُ مِثْلِهِ إذَا ادَّعَاهُ (فِي قَرْضٍ) وَيَحْلِفُ الْمُقَرُّ لَهُ وَيَأْخُذُهُ حَالًّا، لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ الْحُلُولُ وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَأَنْكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ قَائِلًا لَا أَعْرِفُهُ لِغَيْرِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَرْضِ وَغَيْرِهِ، بَلْ قَبُولُهُ فِي الْقَرْضِ أَوْلَى لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْبَيْعِ النَّقْدُ، وَغَالِبُ الْقَرْضِ التَّأْجِيلُ.
الْحَطّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ صَحِيحٌ لَا شَكَّ فِيهِ وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى أَصْلِ الشَّافِعِيَّةِ مِنْ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْقَرْضِ الْحُلُولُ. طفي فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ سَبَقَهُ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ، اخْتَصَرَ كَلَامَهُ فِي أَنَّ حُكْمَ الْقَرْضِ الْحُلُولُ دُونَ ذِكْرِ خِلَافٍ فِيهِ، وَأَصْلُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْقَرْضِ وَغَيْرِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَفِيهَا وَمَنْ ابْتَاعَ سِلْعَةً بِثَمَنٍ وَادَّعَى أَنَّهُ مُؤَجَّلٌ وَقَالَ الْبَائِعُ بَلْ حَلَّ، فَإِنْ ادَّعَى الْمُبْتَاعُ أَجَلًا قَرِيبًا لَا يُتَّهَمُ فِيهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَإِلَّا صُدِّقَ الْبَائِعُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلسِّلْعَةِ أَمْرٌ مَعْرُوفٌ تُبَاعُ عَلَيْهِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِيهِ مِنْهُمَا، وَمَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ الْقَرْضَ حَالٌّ فَادَّعَى الْأَجَلَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقْرِضِ وَلَا يُشْبِهُ هَذَا الْبَيْعَ اهـ.
وَمَحِلُّ قَوْلِهَا فِي الْبَيْعِ إذَا فَاتَتْ السِّلْعَةُ وَإِلَّا فُسِخَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ، وَبِكَلَامِهَا رَدٌّ عج عَلَى ابْنِ عَرَفَةَ، وَقَدْ نَقَلَ " غ " وتت وَغَيْرُهُمَا كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةَ وَأَقَرُّوهُ حَتَّى قَالَ الْحَطّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ صَحِيحٌ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ، وَلَمْ يَسْتَحْضِرُوا كَلَامَهَا، مَعَ أَنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهِمْ الْحِفْظُ لِمَسَائِلِهَا وَالْكَمَالُ لِلَّهِ تَعَالَى. زَادَ الْبُنَانِيُّ وَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ وَابْنُ سَهْلٍ فِي أَحْكَامِهِ الْكُبْرَى وَابْنُ الْحَاجِّ فِي نَوَازِلِهِ عَنْ كِتَابِ ابْنِ شَعْبَانَ وَابْنِ شَاسٍ، وَبِهِ عُلِمَ مَا فِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ.
(وَ) قُبِلَ مِنْ الْمُقِرِّ بِأَلْفٍ مُبْهَمَةٍ عَاطِفًا عَلَيْهَا شَيْئًا مُعَيَّنًا بِأَنْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٌ وَدِرْهَمٌ (تَفْسِيرُ أَلْفٍ فِي كَ) قَوْلِهِ لِفُلَانٍ عَلَيَّ (أَلْفٌ وَدِرْهَمٌ) أَوْ وَبَيْضَةٌ أَوْ رَغِيفٌ أَوْ شَاةٌ أَوْ عَبْدٌ، وَيَلْزَمُهُ مَا يُفَسِّرُ بِهِ لَا غَيْرُهُ، وَلَا يَكُونُ الْمَعْطُوفُ الْمُعَيَّنُ مُفَسِّرًا لِلْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ
وَخَاتَمٌ فَصُّهُ لِي نَسَقًا، إلَّا فِي غَصْبٍ فَقَوْلَانِ
ــ
[منح الجليل]
الْمُبْهَمِ، سَوَاءٌ فَسَّرَ بِمَا اُعْتِيدَ أَمْ بِغَيْرِهِ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَصَّارِ. " ق " ابْنُ شَاسٍ لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ وَدِرْهَمٌ وَلَمْ يُسَمِّ الْأَلْفَ مِنْ أَيْ جِنْسٍ هِيَ فَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ لَا يَكُونُ الدِّرْهَمُ الزَّائِدُ تَفْسِيرًا لِلْأَلْفِ، بَلْ يَكُونُ الْأَلْفُ مَوْكُولًا إلَى تَفْسِيرِهِ فَيُقَالُ لَهُ سَمِّ أَيَّ جِنْسٍ شِئْت، فَإِنْ قَالَ أَرَدْت جَوْزَةً أَوْ أَلْفَ بَيْضَةٍ قُبِلَ مِنْهُ وَأُحْلِفَ عَلَى ذَلِكَ إنْ خَالَفَهُ الْمُدَّعِي، وَقَالَ الْأَلْفُ دَرَاهِمَ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ وَعَبْدٌ أَوْ أَلْفٌ وَثَوْبٌ لَمْ يَكُنْ الْمَعْطُوفُ تَفْسِيرًا لِلْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ. وَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ إذَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ عَشَرَةٌ وَنِصْفُ دِرْهَمٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْعَشَرَةَ فَلَهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَنِصْفُ دِرْهَمٍ اُنْظُرْ الْجَوَاهِرَ.
(وَ) إنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ مُخْرِجًا بَعْضَهُ نَسَقًا بِلَا فَصْلٍ قَبْلَ إخْرَاجِهِ سَوَاءٌ اسْتَحَقَّ الْبَاقِي الِاسْمَ كَقَوْلِهِ لِفُلَانٍ عِنْدِي (خَاتَمٌ فَصُّهُ) بِكَسْرِ الْفَاءِ وَفَتْحِهَا (لِي) أَوْ جُبَّةٌ بِطَانَتُهَا لِي أَوْ سَيْفٌ غِمْدُهُ لِي أَوْ لَمْ يَسْتَحِقَّهُ كَقَوْلِهِ لِفُلَانٍ عِنْدِي بَابٌ مَسَامِيرُهُ لِي إذَا قَالَهُ (نَسَقًا) أَيْ مُتَّصِلًا بِلَا تَرَاخٍ فَإِنْ لَمْ يَقُلْهُ نَسَقًا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فَصُّهُ لِي " ق " ابْنُ شَاسٍ لَوْ قَالَ لَهُ عِنْدِي خَاتَمٌ وَجَاءَ بِهِ وَفِيهِ فَصٌّ فَقَالَ مَا أَرَدْت الْفَصَّ فَلَا يُقْبَلُ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَلَامُهُ نَسَقًا وَنَصُّ التَّهْذِيبِ وَمَنْ أَقَرَّ أَنَّهُ غَصَبَك هَذَا الْخَاتَمَ ثُمَّ قَالَ وَفَصُّهُ لِي أَوْ أَقَرَّ لَك بِجُبَّةٍ ثُمَّ قَالَ وَبِطَانَتُهَا لِي أَوْ أَقَرَّ لَك بِدَارٍ ثُمَّ قَالَ وَبِنَاؤُهَا لِي فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَلَامُهُ نَسَقًا (إلَّا) إخْرَاجَ بَعْضِ مَا أَقَرَّ بِهِ (فِي غَصْبٍ) كَقَوْلِهِ غَصَبْت هَذَا الْخَاتَمَ مِنْ فُلَانٍ وَفَصُّهُ لِي (فَ) فِي قَبُولِ إخْرَاجِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَمَنْ وَافَقَهُ، وَعَدَمِهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ (قَوْلَانِ) الْحَطّ كَذَا ذَكَرَهُمَا فِي تَوْضِيحِهِ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى الْمَسْأَلَةِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَنَصُّهَا مَنْ أَقَرَّ أَنَّهُ غَصَبَ هَذَا الْخَاتَمَ ثُمَّ قَالَ وَفَصُّهُ لِي أَوْ أَقَرَّ بِجُبَّةٍ ثُمَّ قَالَ وَبِطَانَتُهَا لِي أَوْ أَقَرَّ بِدَارٍ وَقَالَ بِنَاؤُهَا لِي فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَلَامُهُ نَسَقًا اهـ.
وَنَقَلَ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ أَشْهَبَ نَحْوَ قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ، وَنَقَلَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ نَحْوَهُ خِلَافَ قَوْلِهِ فِيهَا أَصَحُّ وَأَوْلَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الْبُنَانِيُّ أَرْجَحُهُمَا قَبُولُهُ لِأَنَّهُ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ يُونُسَ، وَمُقَابِلُهُ لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَسَمَاعُ
لَا بِجِذْعٍ، وَبَابٍ فِي لَهُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ، أَوْ الْأَرْضِ: كَفِي عَلَى الْأَحْسَنِ
ــ
[منح الجليل]
أَصْبَغُ، وَذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّ السَّمَاعَ ضَعِيفٌ وَأَنَّ مَا فِيهَا أَصَحُّ وَأَوْلَى، وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَقِفْ عَلَى كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَابْن يُونُس وَابْنِ رُشْدٍ وَإِلَّا قَالَ وَلَوْ غَصْبًا.
(لَا) يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ مَا أَبْهَمَهُ فِي صِيغَةِ إقْرَارِهِ (بِجِذْعٍ وَبَابٍ فِي) قَوْلِهِ لِفُلَانٍ (لَهُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ أَوْ الْأَرْضِ) إلَى هَذَا رَجَعَ سَحْنُونٌ عَنْ قَوْلِهِ أَوْ لَا يُقْبَلُ، وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْقَبُولِ فَقَالَ (كَ) تَفْسِيرِهِ الْمُبْهَمَ بِجِذْعٍ أَوْ بَابٍ مَعَ تَعْبِيرِهِ وَبِلَفْظٍ (فِي) بَدَلَ مِنْ بِأَنْ قَالَ لِفُلَانٍ فِي هَذَا الدَّارِ أَوْ الْأَرْضِ، ثُمَّ فَسَّرَهُ بِجِذْعٍ أَوْ بَابٍ مَعَ تَعْبِيرِهِ بِلَفْظِ (فِي) بَدَلَ مِنْ بِأَنْ قَالَ لِفُلَانٍ فِي هَذَا الدَّارِ أَوْ الْأَرْضِ، ثُمَّ فَسَّرَهُ بِجِذْعٍ أَوْ بَابٍ فَلَا يُقْبَلُ (عَلَى الْأَحْسَنِ) عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُقْبَلُ لِأَنَّ فِي لِلنَّظَرِ فِيهِ، بِخِلَافِ مِنْ فَإِنَّهَا لِلتَّبْعِيضِ " ق " ابْنُ شَاسٍ لَوْ قَالَ لَهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ حَقٌّ أَوْ فِي هَذِهِ الْحَائِطِ أَوْ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ ثُمَّ فَسَّرَ ذَلِكَ بِجُزْءٍ مِنْ ذَلِكَ قُبِلَ تَفْسِيرُهُ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا شَائِعًا كَانَ أَوْ مُعَيَّنًا وَلَوْ فَسَّرَهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ كَتَفْسِيرِهِ بِهَذَا الْجِذْعِ، أَوْ هَذَا الْبَابِ الْمُرَكَّبِ، أَوْ هَذَا الثَّوْبِ الَّذِي فِي الدَّارِ، وَهَذَا الطَّعَامِ، أَوْ سُكْنَى هَذَا الْبَيْتِ فَقَالَ سَحْنُونٌ مَرَّةً يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ وَقَدْ أَثْبَتَ لَهُ حَقًّا فِي الْأَصْلِ.
ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَهُ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ أَوْ الدَّارِ أَوْ الْحَائِطِ حَقٌّ، وَفَسَّرَهُ بِجِذْعٍ أَوْ بَابٍ مُرَكَّبٍ وَشَبَّهَهُ فَثَالِثُهَا الْفَرْقُ بَيْنَ مِنْ وَفِي. الْحَطّ كَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْخِلَافَ فِي قَوْلِهِ لَهُ فِي هَذَا الدَّارِ حَقٌّ فَلَا خِلَافَ فِيهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ سَحْنُونًا اخْتَلَفَ قَوْلُهُ إذْ قَالَ لَهُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ حَقٌّ أَوْ فِي هَذِهِ الدَّارِ فَقَالَ مَرَّةً يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِمَا ذَكَرَ، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَا يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إنْ قَالَ مِنْ لَمْ يُقْبَلْ، وَإِنْ قَالَ فِي قُبِلَ فَالْخِلَافُ فِي قَوْلِهِ فِي وَفِي قَوْلِهِ مِنْ لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْقَوْلُ بِقَبُولِ تَفْسِيرِهِ فِي مِنْ إنَّمَا هُوَ الْقَوْلُ الْمَرْجُوعُ عَنْهُ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، فَصَارَ كَالْعَدَمِ فَلِذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْ الْخِلَافَ إلَّا فِي قَوْلِهِ فِي هَذِهِ الدَّارِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي تَقَرُّرِ الْقَوْلِ الثَّالِثِ فِيهَا نَظَرٌ لِأَنَّ الْبَابَ الْمُرَكَّبَ فِيهَا كَالْجُزْءِ مِنْهَا
وَمَالٌ نِصَابٌ وَالْأَحْسَنُ تَفْسِيرُهُ: كَشَيْءٍ،
ــ
[منح الجليل]
وَلَمْ يَحْكِ الْمَازِرِيُّ فِي مَسْأَلَةِ الدَّارِ غَيْرَ قَوْلَيْ سَحْنُونٍ.
(وَ) لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ (مَالٌ) لَزِمَهُ (نِصَابٌ) لِلزَّكَاةِ مِنْ مَالِ أَهْلِ الْمُقِرِّ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَذَا هُوَ الْأَشْهَرُ فِي الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ نِصَابُ السَّرِقَةِ إذْ فِيهِ الْقَطْعُ وَبِهِ يَحِلُّ الْبِضْعُ، وَعَلَى هَذَا فَفِي قَوْلِهِ نِصَابٌ إجْمَالٌ. وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ لَا نَصَّ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَاَلَّذِي يُوجِبُهُ النَّظَرُ الثَّانِي (وَالْأَحْسَنُ) عِنْدَ الْأَبْهَرِيِّ وَغَيْرِهِ (تَفْسِيرُهُ) أَيْ الْمَالِ الْمُقَرِّ بِهِ وَقَبُولُ مَا فُسِّرَ بِهِ وَلَوْ بِقِيرَاطٍ أَوْ حَبَّةٍ، وَيَحْلِفُ عَلَى مَا فَسَّرَ بِهِ إنْ خَالَفَهُ " ق " مِنْ الِاسْتِغْنَاءِ.
ابْنُ الْمَوَّازِ مَنْ أَوْصَى أَنَّ عَلَيْهِ لِفُلَانٍ مَالًا وَلَمْ يُبَيِّنْ كَمْ هُوَ حَتَّى مَاتَ، فَإِنْ كَانَ بِالشَّامِ أَوْ بِمِصْرَ قُضِيَ عَلَيْهِ بِعِشْرِينَ دِينَارًا أَوْ فِي الْعِرَاقِ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ بَعْدَ يَمِينِ الْمُدَّعِي، وَعَنْ ابْنِ وَهْبٍ إنْ أَقَرَّ أَنَّ لِفُلَانٍ فِي هَذَا الْكِيسِ مَالًا أُعْطِيَ عِشْرِينَ دِينَارًا مِنْهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ دَرَاهِمُ مِائَتَا دِرْهَمٍ أَخَذَهَا وَحَلَفَ، وَعَنْ ابْنِ سَحْنُونٍ إنْ قَالَ لَهُ مَالٌ فَهُوَ مُصَدَّقٌ فِيمَا يَقُولُ مَعَ يَمِينِهِ عِنْدَنَا، وَعِنْدَ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَاخْتَارَهُ الْأَبْهَرِيُّ، وَعَزَاهُ فِي الْمَعُونَةِ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا بِزِيَادَةٍ وَلَوْ فَسَّرَهُ بِقِيرَاطٍ أَوْ حَبَّةٍ.
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي كَوْنِ الْوَاجِبِ فِي الْإِقْرَارِ بِمَالٍ نِصَابَ زَكَاةِ مَالِ أَهْلِ الْمُقِرِّ مِنْ الْعَيْنِ ذَهَبًا وَفِضَّةً أَوْ مَا فَسَّرَهُ بِهِ الْمُقِرُّ. ثَالِثُهَا نِصَابُ السَّرِقَةِ رُبُعُ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ لِلْمَازِرِيِّ عَنْ الْأَشْهَرِ مَعَ قَوْلِ مُحَمَّدٍ فِي الْوَصِيَّةِ بِهِ مَعَ أَصْبَغَ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ فِي الْإِقْرَارِ بِهِ وَابْنُ سَحْنُونٍ مَعَ اخْتِيَارِهِ الْأَبْهَرِيَّ وَابْنَ الْقَصَّارِ قَائِلًا لَا نَصَّ فِيهَا لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمَعُونَةِ وَالثَّانِي لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا بِزِيَادَةٍ وَلَوْ فَسَّرَهُ بِقِيرَاطٍ أَوْ حَبَّةٍ قُبِلَ الْمَازِرِيُّ وَمُقْتَضَى النَّظَرِ رَدُّ الْحُكْمِ لِمُقْتَضَى اللُّغَةِ أَوْ الشَّرْعِ أَوْ عُرْفِ الِاسْتِعْمَالِ. قُلْت تَقَدَّمَ مِنْهَا فِي الْأَيْمَانِ مَا فِي الْمَعُونَةِ، قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ إنْ كَانَ الْمُقِرُّ مِنْ أَهْلِ الْإِبِلِ أَوْ الْبَقَرِ أَوْ الْغَنَمِ لَزِمَهُ أَقَلُّ نِصَابٍ مِنْهَا.
وَشَبَّهَ فِي التَّفْسِيرِ فَقَالَ (كَ) إقْرَارِهِ بِ (شَيْءٍ) لِفُلَانٍ فَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ وَلَوْ بِأَقَلِّ الْأَشْيَاءِ
وَكَذَا
وَسُجِنَ لَهُ، وَكَعَشْرَةٍ وَنَيِّفٍ، وَسَقَطَ فِي كَمِائَةٍ وَشَيْءٍ
ــ
[منح الجليل]
وَ) كَإِقْرَارِهِ بِ (كَذَا) لِفُلَانٍ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِوَاحِدٍ كَامِلٍ لَا بِجُزْءٍ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِح ابْنُ عَرَفَةَ فِي مَنْعِ تَفْسِيرِ كَذَا بِجُزْءٍ نَظَرٌ، وَإِنَّمَا يُمْنَعُ ذَلِكَ إذَا ذَكَرَ مُضَافًا وَالْفَرْضُ كَوْنُهُ مُفْرَدًا " ق " الْمَازِرِيُّ شَيْءٌ أَوْ حَقٌّ فِي قَوْلِهِ لَهُ عِنْدِي شَيْءٌ أَوْ حَقٌّ فِي غَايَةِ الْإِجْمَالِ لِأَنَّ لَفْظَ شَيْءٍ يَصْدُقُ عَلَى مَا لَا يُحْصَى مِنْ الْأَجْنَاسِ وَالْمَقَادِيرِ فَيَجِبُ عَلَى الْمُقِرِّ تَفْسِيرُهُ بِمَا يَصْلُحُ لَهُ ابْنُ شَاسٍ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِأَقَلَّ مَا يُتَمَوَّلُ لِأَنَّهُ مُحْتَمِلٌ لِكُلِّ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ وَشَيْءٌ مِمَّا يُتَمَوَّلُ الْمَازِرِيُّ قَوْلُهُ عِنْدِي كَذَا كَقَوْلِهِ عِنْدِي شَيْءٌ أَوْ لَهُ عِنْدِي وَاحِدٌ فَيُقْبَلُ مِنْهُ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَحَدُ الْأَلْفَاظِ الثَّلَاثَةِ. وَفِي الصِّحَاحِ كَذَا كِنَايَةٌ عَنْ الشَّيْءِ وَتَكُونُ كِنَايَةً عَنْ الْعَدَدِ.
(وَ) إنْ امْتَنَعَ الْمُقِرُّ مِنْ تَفْسِيرِ مَا لَزِمَهُ تَفْسِيرُهُ (سُجِنَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْمُقَرُّ (لَهُ) أَيْ التَّفْسِيرِ وَاللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ أَوْ الْغَايَةِ الْمَازِرِيُّ فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ التَّفْسِيرِ سُجِنَ حَتَّى يُفَسِّرَ، وَعَطَفَ عَلَى الْمُشَبَّهِ فِي التَّفْسِيرِ مُنَبِّهًا آخَرَ فِيهِ فَقَالَ (وَكَ) إقْرَارِهِ بِ (عَشَرَةٍ وَنَيِّفٍ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ مُشَدَّدَةً وَسُكُونِهَا أَمَّا بَيْنَ الْعَقْدَيْنِ فَيُفَسِّرُهُ بِمَا شَاءَ وَيُقْبَلُ وَلَوْ بِدِرْهَمٍ أَوْ دَانِقٍ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ سَحْنُونٍ مَنْ أَقَرَّ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَنَيِّفٍ قُبِلَ قَوْلُهُ فِي تَفْسِيرِ النَّيِّفِ، وَلَوْ قَلَّ فَسَّرَهُ بِدِرْهَمٍ أَوْ دَانِقٍ، وَنَقَلَهُ الْمَازِرِيُّ كَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ " ق " وَانْظُرْ لَمْ يَذْكُرْ خَلِيلٌ تَفْسِيرَ الْعَشَرَةِ فَحُكْمُهَا كَحُكْمِ الْأَلْفِ فِي قَوْلِهِ وَقُبِلَ تَفْسِيرُ أَلْفٍ (وَسَقَطَ) مَا يَحْتَاجُ إلَى التَّفْسِيرِ مِنْ لَفْظِ شَيْءٍ أَوْ كَذَا أَوْ نَيِّفٍ (فِي) قَوْلِهِ لِفُلَانٍ عِنْدِي (مِائَةٌ وَشَيْءٌ) أَوْ كَذَا أَوْ وَنَيِّفٌ.
" ق " ابْنُ الْمَاجِشُونِ مَنْ أَقَرَّ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَشَيْءٍ أَوْ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَشَيْءٍ ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يَسْأَلْ فَالشَّيْءُ سَاقِطٌ وَيَلْزَمُهُ مَا سُمِّيَ وَيَحْلِفُ الْمَطْلُوبُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ شَيْءٍ مُفْرَدًا وَمَعْطُوفًا، أَنَّ لَغْوَهُ مُفْرَدًا يُؤَدِّي إلَى إهْمَالِ اللَّفْظِ الْمُقَرِّ بِهِ، وَإِذَا كَانَ مَعْطُوفًا سَلِمَ مِنْ الْإِهْمَالِ لِإِعْمَالِهِ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَجْهُ سُقُوطِهِ الْعُرْفِ إذْ الْمَقْصُودُ بِعِنْدِي مِائَةٌ وَشَيْءٌ مَثَلًا تَحْقِيقُ أَنَّ عِنْدِي مِائَةً كَامِلَةً كَمَا يُقَالُ فُلَانٌ رَجُلٌ وَرُبُعٌ أَوْ رَجُلٌ وَنِصْفٌ أَيْ كَامِلٌ فِي الرُّجُولِيَّةِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ بِذَلِكَ فَلَا يَسْقُطُ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ.
وَكَذَا، دِرْهَمًا وَعِشْرُونَ وَكَذَا، وَكَذَا أَحَدٌ وَعِشْرُونَ وَكَذَا، وَكَذَا أَحَدَ عَشَرَ
وَبِضْعٌ أَوْ دَرَاهِمُ ثَلَاثَةٌ
ــ
[منح الجليل]
ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا التَّوْجِيهُ خِلَافُ تَعْلِيلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ بِأَنَّهُ مَجْهُولٌ، وَقَالَ ابْنُ رَاشِدٍ قَوْلُهُ ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يَسْأَلْ يَقْتَضِي أَنَّهُ عَاشَ يَسْأَلُ، وَمُقْتَضَى نَقْلِ ابْنِ شَاسٍ أَنَّهُ لَا يُسْأَلُ، وَقَبِلَهُ فِي التَّوْضِيحِ " غ " فَكَأَنَّهُ اعْتَمَدَ هُنَا فِي إطْلَاقِهِ نَقْلَ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ.
(وَ) لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عِنْدِي (كَذَا دِرْهَمًا) لَزِمَهُ (عِشْرُونَ دِرْهَمًا) لِأَنَّ الْمُفْرَدَ الْمَنْصُوبَ إنَّمَا يُمَيِّزُ الْعِشْرِينَ وَالتِّسْعِينَ وَمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْعُقُودِ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ فَلَا تُشْغَلُ إلَّا بِمُحَقِّقٍ وَهُوَ الْعِشْرُونَ هُنَا (وَ) لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عِنْدِي (كَذَا وَكَذَا) لَزِمَهُ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ لِأَنَّ الْعَدَدَ الْمَعْطُوفَ مِنْ أَحَدٍ وَعِشْرِينَ إلَى تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ وَالْمُحَقَّقُ هُنَا أَحَدٌ وَعِشْرُونَ (وَ) لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عِنْدِي (كَذَا كَذَا) لَزِمَهُ (أَحَدَ عَشَرَ) لِأَنَّهُ أَوَّلُ الْعَدَدِ الْمُرَكَّبِ فَهُوَ الْمُحَقَّقُ، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِيمَنْ يَعْرِفُ الْعَرَبِيَّةَ وَيَقْصِدُهَا بِكَلَامِهِ سَحْنُونٌ لَا أَعْرِفُ هَذَا التَّفْصِيلَ وَيُرْجَعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ.
(وَ) لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ (بِضْعٌ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَفَتْحِهَا وَسُكُونِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ مِنْ الدَّرَاهِمِ لَزِمَهُ ثَلَاثَةٌ لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْبِضْعِ، إذْ هُوَ مِنْهَا إلَى تِسْعَةٍ (أَوْ) قَالَ لَهُ عِنْدِي (دَرَاهِمُ) لَزِمَهُ (ثَلَاثَةٌ) لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْجَمْعِ ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيُّ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْبَغْدَادِيِّينَ الْمَالِكِيِّينَ تَفْسِيرُ الْمُرَادِ بِهَذِهِ الْكِنَايَةِ، أَيْ كَذَا بِحَسَبِ إعْرَابِ مَا وَقَعَ بَعْدَهَا مِنْ التَّفْسِيرِ، فَفِي كَذَا دَرَاهِمَ أَقَلُّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ، وَكَذَا دِرْهَمًا عِشْرُونَ دِرْهَمًا. وَفِي قَوْلِهِ كَذَا دِرْهَمٍ بِالْخَفْضِ ابْنُ الْقَصَّارِ لَا نَصَّ فِيهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ دِرْهَمٌ، وَقَالَ لِي بَعْضٌ يَلْزَمُهُ فِيهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ.
قُلْت فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ لِابْنِ الْقَصَّارِ مَنْ قَالَ عَلَيَّ كَذَا كَذَا دِرْهَمًا. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَلْزَمُهُ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا، وَفِي كَذَا وَكَذَا أَحَدٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا، وَفِي كَذَا دِرْهَمًا عِشْرُونَ دِرْهَمًا. الشَّيْخُ عَنْ كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ مَنْ قَالَ عَلَيَّ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا صُدِّقَ فِيمَا يُسَمِّي مَعَ يَمِينِهِ، وَقَدْ قَالَ يَلْزَمُهُ أَقَلُّ مَا يَكُونُ فِي اللُّغَةِ، قَالَ وَفِي قَوْلِهِ عَلَيَّ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا
وَكَثِيرَةٌ، أَوْ لَا كَثِيرَةٌ وَلَا قَلِيلَةٌ أَرْبَعَةٌ
ــ
[منح الجليل]
أَوْ دِينَارًا يُنْظَرُ أَقَلُّ مَا يَقُولُ كَذَا وَكَذَا الْعَدَدُ فَيَكُونُ عَلَيْهِ نِصْفُهُ مِنْ الدَّنَانِيرِ وَنِصْفُهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ، وَفِي قَوْلِهِ الْآخَرِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ مَعَ يَمِينِهِ الْمَازِرِيُّ هَذَا حُكْمُ ذِكْرِ الدَّرَاهِمِ بِالنَّصْبِ أَوْ الْخَفْضِ، وَلَوْ قَالَهُ بِالرَّفْعِ فَلَا نَصَّ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَإٍ، أَيْ هُوَ دِرْهَمٌ.
الشَّيْخُ عَنْ كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ مَنْ أَقَرَّ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَنَيِّفٍ قُبِلَ قَوْلُهُ فِي النَّيِّفِ وَلَوْ قَلَّ فَسَّرَهُ بِدِرْهَمٍ أَوْ دَانِقٍ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْبِضْعُ فِي كَوْنِهِ وَاحِدًا حَتَّى أَرْبَعٍ أَوْ تِسْعٍ أَوْ ثَلَاثَةً حَتَّى سَبْعٍ أَوْ تِسْعٍ، خَامِسُهَا حَتَّى عَشْرٍ، ثُمَّ قَالَ فَفَائِدَةُ أَقَلِّهِ إنْ فَسَّرَهُ الْمُقِرُّ بِأَقَلَّ مِنْهُ وَفَائِدَةُ أَكْثَرِهِ إنْ قَالَ لَهُ أَكْثَرُ الْبِضْعِ فَفَسَّرَهُ بِأَقَلَّ مِنْهُ.
(وَ) لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دَرَاهِمُ (كَثِيرَةٌ) لَزِمَهُ أَرْبَعَةٌ لِأَنَّهَا أَوَّلُ مَرَاتِبِ الْكَثْرَةِ فَهِيَ الْمُحَقَّقَةُ، وَالزَّائِدُ عَلَيْهَا مَشْكُوكٌ فِيهِ، وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ فَلَا تُشْغَلُ بِمَشْكُوكٍ فِيهِ (وَ) لَوْ قَالَ لَهُ عِنْدِي دَرَاهِمُ (لَا كَثِيرَةٌ وَلَا قَلِيلَةٌ) لَزِمَهُ (أَرْبَعَةٌ) حَمْلًا لِلْكَثْرَةِ الْمَنْفِيَّةِ عَلَى مَا زَادَ عَلَى أَوَّلِ مَرَاتِبِهَا دَفْعًا لِلتَّنَاقُضِ " ق " ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَوْ قَالَ دَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ أَوْ دَنَانِيرُ كَثِيرَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةٍ عَلَى الثَّلَاثَةِ، وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي قَدْرِ الزِّيَادَةِ وَحْدَهَا ابْنُ الْمَوَّازِ بِوَاحِدٍ صَحِيحٍ فَأَكْثَرَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَوْ قَالَ دَرَاهِمُ لَا قَلِيلَةٌ وَلَا كَثِيرَةٌ فَهِيَ أَرْبَعَةٌ.
ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيُّ لَوْ أَقَرَّ بِدَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ دُنَيْرَاتٍ فَثَلَاثَةٌ مِنْ الْمُسَمَّى، فَلَوْ قَالَ دَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ أَوْ دَنَانِيرُ كَثِيرَةٌ فَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ فَكَمَا لَوْ لَمْ يَصِفْهَا بِذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةٍ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي قَدْرِ الزِّيَادَةِ، وَحْدَهَا ابْنُ الْمَوَّازِ بِوَاحِدٍ صَحِيحٍ فَأَكْثَرَ، قُلْت فِي الْمَعُونَةِ ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لِأَصْحَابِنَا قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَالْآخَرُ لَزِمَهُ تِسْعٌ، وَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا الَّذِي دَرَسْنَا عَلَيْهِ يَلْزَمُهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ، لِأَنَّ أَصْلَهُ فِي مَالٍ عَظِيمٍ أَنَّهُ نِصَابٌ، قُلْت هُوَ نَقْلُ الشَّيْخِ فِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ سَحْنُونٍ فِي دَرَاهِمَ كَثِيرَةٍ، مِائَتَا دِرْهَمٍ، وَفِي دَنَانِيرَ كَثِيرَةٍ عِشْرُونَ دِينَارًا.
ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا مَعْنَى لِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ إنَّهَا مِائَتَا دِرْهَمٍ وَلَا لِقَوْلِ النُّعْمَانِ عَشَرَةُ
وَدِرْهَمٌ، الْمُتَعَارَفُ، وَإِلَّا فَالشَّرْعِيُّ
وَقَبْلَ غِشِّهِ وَنَقْصِهِ إنْ وَصَلَ
ــ
[منح الجليل]
دَرَاهِمَ، قُلْت الْأَظْهَرُ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مُسَمًّى لِجَمْعِ الْكَثْرَةِ قَالَ وَلَوْ قَالَ دَرَاهِمُ لَا قَلِيلَةٌ وَلَا كَثِيرَةٌ فَهِيَ أَرْبَعَةٌ وَلَيْسَ أَمْرٌ لَا يُقْتَصَرُ عَنْهُ، وَيَجْتَهِدُ فِي ذَلِكَ عِنْدَ نُزُولِهِ، وَكَذَا إبِلٌ كَثِيرَةٌ أَوْ بَقَرٌ كَثِيرَةٌ وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ، قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ تَلْزَمُهُ زِيَادَةٌ عَلَى الثَّلَاثَةِ فَرَجَعَ فِيهَا لِتَفْسِيرِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِذَلِكَ دَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ قُلْت وَيَتَخَرَّجُ فِيهَا ثَلَاثَةٌ فَقَطْ مِنْ قَوْلِهِ ذَلِكَ فِي دَرَاهِمَ كَثِيرَةٍ تَخْرِيجًا أَحْرَوِيًّا.
(وَ) وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ (دِرْهَمٌ) لَزِمَهُ الدِّرْهَمُ (الْمُتَعَارَفُ) بِفَتْحِ الرَّاءِ عِنْدَ النَّاسِ إطْلَاقُ الدِّرْهَمِ عَلَيْهِ (وَإِلَّا) أَيْ إنْ لَمْ يُوجَدْ دِرْهَمٌ مُتَعَارَفٌ (فَ) يَلْزَمُهُ الدِّرْهَمُ (الشَّرْعِيُّ) الْمُصَنِّفُ فَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ دَرَاهِمُ مُخْتَلِفَةُ الْوَزْنِ وَالْجُودَةِ فَيُحْمَلُ كَلَامُ الْمُقِرِّ عَلَى أَقَلِّهَا وَزْنًا وَصِفَةً، فَإِنْ خَالَفَهُ الْمُقَرُّ لَهُ حَلَفَ، " ق " ابْنُ عَرَفَةَ الْإِقْرَارُ بِمُطْلَقٍ مِنْ صِنْفٍ أَوْ نَوْعٍ يَتَقَيَّدُ بِالْعُرْفِ أَوْ السِّيَاقِ، فَإِنْ عُدِمَا فَأَقَلُّ مُسَمَّاهُ. فِي الْمَعُونَةِ إنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِينَارٌ وَلَمْ يَقُلْ جَيِّدًا وَلَا رَدِيئًا وَلَا نَاقِصًا وَمَاتَ حُكِمَ بِجَيِّدِ وَازِنٍ بِنَقْدِ بَلَدِهِ وَإِنْ اخْتَلَفَ نَقْدُ الْبَلَدِ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَلْزَمُهُ دِينَارٌ مِنْ أَيِّ الْأَصْنَافِ شَاءَ، وَيَحْلِفُ إنْ اسْتَحْلَفَهُ الْمُقَرُّ لَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ بَعْضُ الْأَصْنَافِ أَغْلَبَ وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْأَغْلَبُ وَلَمْ أَعْرِفْ قَوْلَ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ إنْ لَمْ يَكُنْ مُتَعَارَفٌ، فَالشَّرْعِيُّ وَمُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْوَاجِبَ مَا فَسَّرَ بِهِ الْمُقِرُّ بِيَمِينِهِ.
(وَ) لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ مَغْشُوشٌ أَوْ نَاقِصٌ (قُبِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مِنْهُ (غِشُّهُ وَنَقْصُهُ إنْ وَصَلَ) الْمُقِرُّ قَوْلُهُ مَغْشُوشٌ أَوْ نَاقِصٌ بِصِيغَةِ إقْرَارِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ خَالِصٌ مِنْ الْغِشِّ وَلَا كَامِلُ الْوَزْنِ، وَإِنْ لَمْ يَصِلْهُ فَلَا يُقْبَلُ وَيُؤَاخَذُ بِمَا أَقَرَّ بِهِ خَالِصًا كَامِلَ الْوَزْنِ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ مَغْشُوشٍ وَنَاقِصٍ فِي صِيغَةِ إقْرَارِهِ بِأَنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ مَغْشُوشٌ نَاقِصٌ فَيُقْبَلُ إنْ وَصَلَهُمَا. ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ أَقَرَّ بِهِ مُقَيَّدًا لَزِمَهُ بِقَيْدِهِ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لَوْ أَقَرَّ بِدِرْهَمٍ وَزْنُهُ نِصْفُ دِرْهَمٍ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ إنْ وَصَلَ كَلَامُهُ. الْمَازِرِيُّ إنْ قَيَّدَ إقْرَارَهُ بِدَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ بِصِفَةٍ فَلَا يُؤْخَذُ
وَدِرْهَمٌ مَعَ دِرْهَمٍ، أَوْ تَحْتَهُ، أَوْ فَوْقَهُ، أَوْ عَلَيْهِ، أَوْ قَبْلَهُ، أَوْ بَعْدَهُ؛ أَوْ فَدِرْهَمٌ، أَوْ ثُمَّ دِرْهَمٌ دِرْهَمَانِ، وَسَقَطَ فِي، لَا بَلْ دِينَارَانِ،
ــ
[منح الجليل]
بِغَيْرِهَا إلَّا أَنْ يُقِرَّ بِهَا ثَمَنًا لِمَبِيعٍ وَيُخَالِفُهُ الْمُقَرُّ لَهُ فَيَرْجِعُ لِاخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي الثَّمَنِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ مِنْ قَرْضٍ قُبِلَ إنْ قَيَّدَهُ بِمَا يُقْرِضُهُ النَّاسُ بَيْنَهُمْ، وَإِنْ قَيَّدَهُ بِمَا الْغَالِبُ أَنْ لَا يُقْرِضَهُ تَخَرَّجَ عَلَى نَقْلِ ابْنِ سَحْنُونٍ فِيمَنْ أَقَرَّ بِقَرْضِ فُلُوسٍ، قَيَّدَهَا بِأَنَّهَا الْفُلُوسُ الْكَاسِدَةُ، فَفِي قَبُولِ قَوْلِهِ قَوْلَانِ لِأَصْحَابِنَا، وَلَوْ وَصَلَ إقْرَارُهُ بِكَوْنِهَا وَدِيعَةً ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهَا زُيُوفٌ أَوْ بَهَارِجُ قُبِلَ قَوْلُهُ، بِخِلَافِ تَقْيِيدِهِ بِكَوْنِهَا غَصْبًا ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهَا زُيُوفٌ أَوْ بَهَارِجُ فَلَا يُقْبَلُ.
ابْنُ سَحْنُونٍ لِأَنَّ الْمُقِرَّ بِالْغَصْبِ ذَكَرَ مَا يُوجِبُ تَعَلُّقَهَا بِذِمَّتِهِ بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ وَإِنْ فَسَّرَهَا بِأَنَّهَا رَصَاصٌ أَوْ نَحْوُهُ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ، وَحُكِيَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ وَصْفِهَا بِكَوْنِهَا زُيُوفًا أَوْ رَصَاصًا إلَّا أَنْ يَصِفَهَا بِمَا لَا يُطْلَقُ عَلَيْهَا اسْمُ دَرَاهِمَ كَقَوْلِهِ هِيَ رَصَاصٌ مَحْضٌ لَا فِضَّةَ فِيهَا فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ، وَتَقْيِيدٌ بِأَنَّهَا نَاقِصَةٌ عَنْ وَزْنِ الْبَلَدِ أَوْ بَهَارِجُ غَيْرُ مُتَّصِلٍ بِإِقْرَارِهِ لَا يُقْبَلُ إلَّا أَنْ يَكُونَ إقْرَارُهُ بِهَا وَدِيعَةً حَسْبَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ. وَلِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ إنْ أَقَرَّ بِدَرَاهِمَ وَدِيعَةٍ ثُمَّ قَالَ هِيَ مَغْشُوشَةٌ فَفِي قَبُولِ قَوْلِهِ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ.
(وَ) لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ (دِرْهَمٌ مَعَ دِرْهَمٍ أَوْ) دِرْهَمٌ (تَحْتَهُ) دِرْهَمٌ (أَوْ) دِرْهَمٌ (فَوْقَهُ) دِرْهَمٌ (أَوْ) دِرْهَمٌ (عَلَيْهِ) دِرْهَمٌ (أَوْ) دِرْهَمٌ (قِبَلَهُ) دِرْهَمٌ (أَوْ) دِرْهَمٌ (بَعْدَهُ) دِرْهَمٌ (أَوْ) دِرْهَمٌ (فَدِرْهَمٌ أَوْ) دِرْهَمٌ (ثُمَّ دِرْهَمٌ) لَزِمَهُ (دِرْهَمَانِ) فِي كُلِّ صُورَةٍ. " ق " مِنْ الِاسْتِغْنَاءِ لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ مَعَ دِرْهَمٍ قُضِيَ لَهُ بِهِمَا، وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ مَعَ قَفِيزِ حِنْطَةٍ قُضِيَ لَهُ بِالْجَمِيعِ، وَلَوْ قَالَ دِرْهَمٌ عَلَى دِرْهَمٍ أَوْ تَحْتَ دِرْهَمٍ أَوْ فَوْقَ دِرْهَمٍ قُضِيَ لَهُ بِدِرْهَمَيْنِ. ابْنُ شَاسٍ ثُمَّ قَالَ دِرْهَمٌ قَبْلَ دِرْهَمٍ أَوْ بَعْدَ دِرْهَمٍ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ، وَلَوْ قَالَ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمٌ ثُمَّ دِرْهَمٌ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ (وَسَقَطَ) الدِّرْهَمُ أَيْ لَا يَلْزَمُ الْمُقِرَّ (فِي) قَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ (لَا) أَيْ لَيْسَ عَلَيَّ دِرْهَمٌ (بَلْ) عَلَيَّ لَهُ (دِينَارَانِ) أَوْ بَلْ
وَدِرْهَمٌ دِرْهَمٌ، أَوْ بِدِرْهَمٍ دِرْهَمٌ، وَحَلَفَ مَا أَرَادَاهُمَا، كَإِشْهَادٍ فِي ذِكْرٍ بِمِائَةٍ وَفِي آخَرَ بِمِائَةٍ
ــ
[منح الجليل]
دِينَارٌ وَلَزِمَهُ الدِّينَارَانِ أَوْ الدِّينَارُ، فَفَاعِلُ سَقَطَ الْمُقَرُّ بِهِ الْأَوَّلُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ الْإِقْرَارُ الْأَوَّلُ، الْمَعْنَى إنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ ثُمَّ نَفَاهُ بِلَا، وَأَضْرَبَ بِبَلْ إلَى أَعْظَمَ مِنْهُ سَقَطَ الْإِقْرَارُ الْأَوَّلُ وَثَبَتَ الثَّانِي " ق " مِنْ الِاسْتِغْنَاءِ سَحْنُونٌ مَنْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٌ لَا بَلْ أَلْفَانِ لَزِمَهُ أَلْفَانِ، وَإِنْ قَالَ لَا بَلْ خَمْسُمِائَةٍ قُبِلَ قَبْلَ قَوْلِهِ إنْ كَانَ نَسَقًا وَاحِدًا وَإِنْ كَانَ بَعْدَ سُكُوتٍ أَوْ كَلَامٍ فَلَا يُصَدَّقُ، وَكَذَا لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ لَا بَلْ نِصْفُهُ، وَقَالَ غَيْرُنَا إنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ مِائَةٌ لَا بَلْ مِائَتَانِ لَزِمَهُ ثَلَثُمِائَةٍ فِي الْقِيَاسِ، لَكِنَّا نَدَعُهُ وَنَسْتَحْسِنُ أَنَّ عَلَيْهِ مِائَتَيْنِ. ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ بَلْ دِرْهَمَانِ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ. ابْنُ سَحْنُونٍ إنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ لَا بَلْ دِينَارٌ فَهِيَ زِيَادَةٌ وَعَلَيْهِ دِينَارٌ وَيَسْقُطُ الدِّرْهَمُ.
(وَ) لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ (دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ) ذَاكِرًا الدِّرْهَمَ مَرَّتَيْنِ بِإِضَافَةِ الْأَوَّلِ لِلثَّانِي أَوْ تَوْكِيدِهِ بِهِ (أَوْ) قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ (بِدِرْهَمٍ) لَزِمَهُ (دِرْهَمٌ) وَاحِدٌ فِي كُلٍّ مِنْ الصُّورَتَيْنِ لِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ إضَافَةَ الْبَيَانِ أَوْ التَّوْكِيدَ، وَالثَّانِيَةُ بَاءُ الْعِوَضِ أَوْ السَّبَبِيَّةِ (وَحَلَفَ) الْمُقِرُّ (مَا أَرَادَهُمَا) أَيْ الدِّرْهَمَيْنِ مَعًا بِإِقْرَارِهِ لِاحْتِمَالِ الْأُولَى حَذْفَ الْعَاطِفِ وَالثَّانِيَةُ بَاءُ الْمُصَاحَبَةِ وَالْمَعِيَّةِ. " ق " ابْنُ شَاسٍ إذَا قَالَ عَلَيَّ دِرْهَمٌ دِرْهَمًا أَوْ دِرْهَمٌ بِدِرْهَمٍ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا دِرْهَمٌ وَاحِدٌ، وَلِلطَّالِبِ أَنْ يُحَلِّفَهُ مَا أَرَادَ دِرْهَمَيْنِ.
وَشَبَّهَ فِي لُزُومِ وَاحِدٍ وَالْحَلِفِ فَقَالَ (كَإِشْهَادٍ) عَلَى نَفْسٍ (فِي ذُكْرٍ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَيْ وَثِيقَةٍ يَتَذَكَّرُ مِنْهَا مَا فِيهَا (بِمِائَةٍ) لِزَيْدٍ (وَ) إشْهَادٍ عَلَى نَفْسِهِ فِي ذُكْرٍ آخَرَ (بِمِائَةٍ) لِزَيْدٍ أَيْضًا وَالْمِائَتَانِ مُسْتَوِيَتَانِ صِنْفًا وَصِفَةً وَسَبَبًا، فَتَلْزَمُهُ مِائَةٌ وَاحِدَةٌ وَيَحْلِفُ عَلَى الْأُخْرَى إنْ ادَّعَاهَا الْمُقَرُّ لَهُ، فَإِنْ اخْتَلَفَتَا نَوْعًا أَوْ صِفَةً أَوْ سَبَبًا لَزِمَتَاهُ مَعًا. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ أَشْهَدَ فِي ذُكْرٍ بِمِائَةٍ وَفِي آخَرَ بِمِائَةٍ فَآخِرَ قَبُولُهُ مِائَةً فَقَبِلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَصَوَّرَهُ بِأَنَّهُ أَشْهَدَ فِي وَثِيقَةٍ بِمِائَةٍ لِرَجُلٍ وَلَمْ يَذْكُرْ سَبَبَهَا، ثُمَّ أَشْهَدَ لَهُ فِي وَثِيقَةٍ أُخْرَى بِمِائَةٍ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ سَبَبٍ، وَكَذَا ابْنُ هَارُونَ، وَتَبِعُوا فِي ذَلِكَ لَفْظَ ابْنِ شَاسٍ وَهُوَ وَهْمٌ وَغَفْلَةٌ، لِأَنَّ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
النُّصُوصَ فِي عَيْنِ الْمَسْأَلَةِ خِلَافُ ذَلِكَ، فَفِي النَّوَادِرِ عَنْ كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ مَنْ أَشْهَدَ لِرَجُلٍ فِي مَوْطِنٍ بِمِائَةٍ فَقَالَ الطَّالِبُ هُمَا مِائَتَانِ، وَقَالَ الْمُقِرُّ هِيَ مِائَةٌ وَاحِدَةٌ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا جَمِيعًا لَا تَلْزَمُهُ إلَّا مِائَةٌ، بِخِلَافِ أَذْكَارِ الْحُقُوقِ وَلَوْ أَشْهَدَ لَهُ فِي صَكٍّ بِمِائَةٍ وَفِي صَكٍّ آخَرَ بِمِائَةٍ لَزِمَهُ مِائَتَانِ وَهُوَ لَفْظُ مُحَمَّدٍ، قَالَ أَذْكَارُ الْحُقُوقِ أَمْوَالٌ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ رُشْدٍ.
ابْنُ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ فِي رَسْمِ حَمَلَ صَبِيًّا لَوْ أَشْهَدَ رَجُلٌ عَلَى نَفْسِهِ قَوْمًا أَنَّ عَلَيْهِ لِفُلَانٍ مِائَةَ دِينَارٍ ثُمَّ أَشْهَدَ الْمُقِرُّ آخَرِينَ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ مِائَةَ دِينَارٍ ثُمَّ أَشْهَدَ آخَرِينَ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ مِائَةَ دِينَارٍ لَزِمَهُ ثَلَثُمِائَةٍ إنْ طَلَبَهَا وَلِيُّ الْحَقِّ. قَالَ أَصْبَغُ يَعْنِي إذَا أَشْهَدَهُمْ مُفْتَرِقِينَ وَادَّعَى أَنَّهَا مِائَةٌ وَاحِدَةٌ وَأَرَى إنْ كَانَ لَهُ كُتُبٌ فِي كُلِّ شَهَادَةٍ فَهِيَ أَمْوَالٌ مُخْتَلِفَةٌ، وَإِنْ كَانَ كِتَابًا وَاحِدًا فَهُوَ حَقٌّ وَاحِدٌ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ كَتْبٍ فَهِيَ مِائَةٌ وَاحِدَةٌ وَيَحْلِفُ وَكَذَا إنْ تَقَارَبَ مَا بَيْنَ ذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يُشْهِدَ هُنَا قَوْمًا وَيَقُومَ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ فَيُشْهِدَ آخَرِينَ.
ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ يَلْزَمُهُ ثَلَثُمِائَةٍ إنْ طَلَبَهَا وَلِيُّ الْحَقِّ يَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تُلَفَّقُ، وَأَنَّهُ إنْ شَهِدَ شَاهِدٌ لِرَجُلٍ أَنَّ فُلَانًا أَقَرَّ لَهُ بِمِائَةٍ فِي يَوْمِ كَذَا وَآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ فِي الْغَدِ بِمِائَةٍ وَثَالِثٌ أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِمِائَةٍ فَحَلَفَ مَعَ كُلِّ شَاهِدٍ، وَيَسْتَحِقُّ ثَلَثَمِائَةٍ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهَا تُلَفَّقُ فَيَأْخُذُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِائَةً وَاحِدَةً لِاجْتِمَاعِ الشُّهُودِ عَلَيْهَا بِتَلْفِيقِ الشَّهَادَةِ، وَيَحْلِفُ الْمَطْلُوبُ مَا لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ أَوْ مَا لَهُ عَلَيَّ إلَّا مِائَةٌ وَاحِدَةٌ أَشْهَدَ لَهُ بِهَا شَاهِدًا بَعْدَ شَاهِدٍ بَعْدَ شَاهِدٍ، وَلَا يَلْزَمُهُ غَيْرُهَا وَيَأْخُذُ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ مِائَةً وَاحِدَةً، وَيَحْلِفُ الْمَطْلُوبُ مَا لَهُ عَلَيْهِ إلَّا مِائَةٌ وَاحِدَةٌ وَأَشْهَدَ بِهَا شُهُودًا بَعْدَ شُهُودٍ.
فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الطَّالِبُ أَنَّهَا ثَلَاثَةُ حُقُوقٍ وَأَخَذَ الثَّلَثَمِائَةِ. قَوْلُهُ لَزِمَهُ ثَلَثُمِائَةٍ إنْ طَلَبَهَا وَلِيُّ الْحَقِّ يُرِيدُ بَعْدَ يَمِينِهِ أَنَّهَا ثَلَاثَةُ حُقُوقٍ، وَأَخَذَ الثَّلَثَمِائَةِ. فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمَطْلُوبُ أَنَّهَا حَقٌّ وَاحِدٌ وَأَدَّى مِائَةً وَتَفْرِقَةُ أَصْبَغَ فِي الْحَقِّ بَيْنَ كَوْنِهِ فِي كِتَابٍ وَاحِدٍ فِي جَمِيعِ الشَّهَادَاتِ أَوْ كَتَبَ فِي كُلِّ شَهَادَةٍ كِتَابَ تَفْرِقَةٍ صَحِيحَةٍ إذَا لَا اخْتِلَافَ أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي كِتَابٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُ حَقٌّ وَاحِدٌ، وَكَذَا لَا اخْتِلَافَ فِي أَنَّهُ إنْ أَشْهَدَ قَوْمًا فِي كِتَابٍ أَنَّ عَلَيْهِ لِفُلَانٍ مِائَةً
وَبِمِائَةٍ، وَبِمِائَتَيْنِ، الْأَكْثَرُ
ــ
[منح الجليل]
ثُمَّ أَشْهَدَ فِي كِتَابٍ آخَرَ بِمِائَةٍ ثَانِيَةٍ، ثُمَّ أَشْهَدَ فِي كِتَابٍ آخَرَ بِمِائَةٍ ثَالِثَةٍ فَقَامَ الطَّالِبُ بِالْكُتُبِ الثَّلَاثَةِ فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالثَّلَثِمِائَةِ، وَأَنَّ مَسْأَلَةَ الْخِلَافِ إذَا أَشْهَدَ شُهُودًا بَعْدَ شُهُودٍ بِغَيْرِ كَتْبٍ وَبَيْنَهُمَا مُدَّةٌ مِنْ الزَّمَانِ، وَإِنْ كَتَبَ صَاحِبُ الْحَقِّ بِمَا أَشْهَدَ عَلَيْهِ كُلَّ جَمَاعَةٍ كِتَابًا عَلَى حِدَةٍ لَمْ يَخْرُجْ بِذَلِكَ عَنْ الْخِلَافِ.
قُلْت وَهَذَا نَصٌّ بِخِلَافِ نَقْلِ ابْنِ شَاسٍ الْمُتَقَدِّمِ عَنْ الْمَذْهَبِ فَتَحَقَّقْهُ. الْبُنَانِيُّ حَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ صُوَرَهَا ثَلَاثٌ إحْدَاهَا أَنْ يُشْهِدَ الْمُقِرُّ جَمَاعَةً بِأَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ مِائَةً، ثُمَّ يُشْهِدَ أُخْرَى بِمِثْلِ ذَلِكَ فَلَا تَلْزَمُهُ إلَّا مِائَةٌ إنْ حَلَفَ وَلَمْ يَكْتُبْ. الثَّانِيَةُ أَنْ يَأْمُرَهُمَا الْمُقِرُّ بِكِتَابَةِ مَا أَشْهَدَهُمَا بِهِ فَيَكْتُبَاهُ فِي ذَكَرَيْنِ وَالْمَذْهَبُ فِي هَذَا لُزُومُ الْمِائَتَيْنِ خِلَافَ ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ.
الثَّالِثَةُ أَنْ يَأْمُرَهُمَا الْمُقَرُّ لَهُ بِالْكِتَابَةِ بِأَنْ قَالَ لِكُلِّ جَمَاعَةٍ اُكْتُبُوا لِي مَا سَمِعْتُمْ مِنْ فُلَانٍ فَلَا تَلْزَمُ الْمُقِرَّ إلَّا مِائَةٌ وَاحِدَةٌ، فَإِنْ أُرِيدَ تَصْحِيحُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حُمِلَ عَلَى هَذِهِ لَكِنَّهُ فِي التَّوْضِيحِ قَرَّرَ الْمَسْأَلَةَ عَلَى ظَاهِرِهَا مِنْ أَنَّ الْآمِرَ بِالْكِتَابَةِ الْمُقِرُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَ) لَوْ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ لِفُلَانٍ (بِمِائَةٍ) فِي زَمَنٍ (أَوْ) أَشْهَدَ لَهُ فِي زَمَنٍ آخَرَ (بِمِائَتَيْنِ) لَزِمَهُ (الْأَكْثَرُ) فَقَطْ، سَوَاءٌ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ. وَقَالَ أَصْبَغُ إنْ تَقَدَّمَ الْأَكْثَرُ لَزِمَهُ الْجَمِيعُ، وَإِنْ تَقَدَّمَ الْأَقَلُّ لَزِمَهُ الْأَكْثَرُ فَقَطْ. ابْنُ الْحَاجِبِ وَبِمِائَةٍ وَمِائَتَيْنِ فِي مَوْطِنَيْنِ، ثَالِثُهَا إنْ كَانَ الْأَكْثَرُ أَوَّلًا لَزِمَهُ ثَلَثُمِائَةٍ. ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ تَلْزَمُهُ الثَّلَثُمِائَةِ مُطْلَقًا. وَالثَّالِثُ لِأَصْبَغَ وَلَمْ أَعْرِفْ الثَّانِيَ إلَّا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَلَمْ يَحْكِهِ ابْنُ شَاسٍ.
" ق " فَانْظُرْ اقْتِصَارَ الْمُصَنِّفِ عَلَى قَوْلٍ لَمْ يَحْكِهِ ابْنُ شَاسٍ فَضْلًا عَنْ غَيْرِهِ، وَنَصَّ ابْنِ عَرَفَةَ عَقِبَ نَصِّ ابْنِ الْحَاجِبِ. قُلْت تَقَدَّمَ عَزْوُ الشَّيْخِ لُزُومَ الثَّلَثِمِائَةِ مُطْلَقًا لِمُحَمَّدٍ، وَعَزْوُهُ الثَّالِثُ لِأَصْبَغَ، وَلَا أَعْرِفُ ثُبُوتَ الثَّانِي وَهُوَ لُزُومُ أَكْثَرِ الْإِقْرَارَيْنِ فَقَطْ فِي الْمَذْهَبِ نَصًّا إلَّا لِابْنِ الْحَاجِبِ، وَلَمْ يَحْكِهِ ابْنُ شَاسٍ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ نَقْلِ الشَّيْخِ قَوْلَ ابْنِ سَحْنُونٍ فِي غَيْرِ كِتَابِ الْإِقْرَارِ اضْطَرَبَ قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي هَذَا، وَآخِرُ قَوْلِهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا مِائَةٌ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ رَاجِعٌ لِإِقْرَارِهِ بِمِائَةٍ مَرَّتَيْنِ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهَا مَنْ أَقَامَ شَاهِدًا
وَجُلُّ الْمِائَةِ أَوْ قُرْبُهَا، أَوْ نَحْوُهَا الثُّلُثَانِ، فَأَكْثَرُ، وَبِالِاجْتِهَادِ
وَهَلْ يَلْزَمُهُ فِي عَشْرَةٍ فِي عَشْرَةٍ، عِشْرُونَ، أَوْ مِائَةٌ قَوْلَانِ
ــ
[منح الجليل]
بِمَائِهِ وَشَاهِدًا بِخَمْسِينَ، فَإِنْ شَاءَ حَلَفَ مَعَ شَاهِدِ الْمِائَةِ وَقُضِيَ لَهُ بِهَا وَإِلَّا أَخَذَ خَمْسِينَ بِغَيْرِ يَمِينٍ فَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ حَقًّا إلَّا فِي أَكْثَرِ الْإِقْرَارَيْنِ أَوْ فِي أَقَلِّهِمَا لَا فِي مَجْمُوعِهِمَا، هَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ. وَقَالَ الصِّقِلِّيُّ بَعْضُ شُيُوخِنَا هَذَا إذَا كَانَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ وَلَوْ كَانَ فِي مَجْلِسَيْنِ وَادَّعَى الطَّالِبُ الْمَالَيْنِ حَلَفَ مَعَ كُلِّ شَاهِدٍ وَأَخَذَ مِائَةً وَخَمْسِينَ.
(وَ) لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ (جُلُّ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَشَدِّ اللَّامِ أَيْ أَكْثَرُ (الْمِائَةِ أَوْ قُرْبُهَا) بِضَمِّ الْقَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ (أَوْ نَحْوُهَا) لَزِمَهُ (الثُّلُثَانِ) مِنْهَا (فَأَكْثَرُ) مِنْهُمَا (بِالِاجْتِهَادِ) مِنْ الْحَاكِمِ. سَحْنُونٌ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، لَكِنْ إنَّمَا ذَكَرُوهُ فِي الْوَصِيَّةِ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْإِقْرَارِ هُنَا، وَقِيلَ يُقْتَصَرُ عَلَى الثُّلُثَيْنِ، " ق " سَحْنُونٌ مَنْ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيْهِ جُلُّ الْمِائَةِ أَوْ قُرْبُ الْمِائَةِ أَوْ نَحْوُ الْمِائَةِ أَوْ مِائَةٌ إلَّا قَلِيلًا أَوْ الْأَشْيَاءُ. فَقَالَ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا يُعْطَى مِنْ ثُلُثَيْ الْمِائَةِ إلَى أَكْثَرَ بِقَدْرِ مَا يَرَى الْحَاكِمُ. ابْنُ رُشْدٍ بَعْدَ ذِكْرِ الْخِلَافِ هَذَا كُلُّهُ فِيمَنْ مَاتَ وَتَعَذَّرَ سُؤَالُهُ عَنْ مُرَادِهِ، وَأَمَّا الْحَاضِرُ فَيُسْأَلُ عَنْ مُرَادِهِ وَيُصَدَّقُ فِيهِ بِيَمِينِهِ إنْ نَازَعَهُ فِيهِ الْمُقَرُّ لَهُ بِأَنْ ادَّعَى أَكْثَرَ مِمَّا فَسَّرَ بِهِ وَحَقَّقَ دَعْوَاهُ، وَإِلَّا فَعَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ فِي إيجَابِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ اهـ.
(وَهَلْ يَلْزَمُهُ) أَيْ الْمُقِرَّ (فِي) قَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ (عَشَرَةٌ فِي عَشَرَةٍ عِشْرُونَ) وَهَذَا أَقْرَبُ لِعُرْفِ الْعَامَّةِ الَّذِينَ يُرِيدُونَ بِفِي مَعْنَى مَعَ (أَوْ يَلْزَمُهُ مِائَةٌ) هَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ فِي الْجَوَابِ (قَوْلَانِ) ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيُّ مَنْ قَالَ لَهُ عِنْدِي دِينَارٌ فِي دِينَارٍ أَوْ دِرْهَمٌ فِي دِرْهَمٍ، فَلَا يَلْزَمُهُ عِنْدَ سَحْنُونٍ سِوَى وَاحِدَةٍ، وَلَوْ قَالَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فِي عَشَرَةِ دَرَاهِمَ لَزِمَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَلْزَمُهُ الْعَدَدُ الْأَوَّلُ، وَيَسْقُطُ مَا بَعْدَهُ إنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ التَّصْنِيفَ، وَضَرْبَ الْحِسَابِ بِنَاءً عَلَى حَمْلِ اللَّفْظِ عَلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ أَوْ الْعُرْفِيِّ. ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ شُيُوخِنَا إنْ عَرَفَ الْمُقِرُّ الْحِسَابَ لَزِمَهُ قَوْلُ سَحْنُونٍ اتِّفَاقًا صَوَابٌ إنْ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ كَذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا، وَأَوَّلُ نَقْلَيْ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَعَشَرَةٌ فِي
وَثَوْبٌ فِي صُنْدُوقٍ، وَزَيْتٌ فِي جَرَّةٍ وَفِي لُزُومِ ظَرْفِهِ قَوْلَانِ
ــ
[منح الجليل]
عَشَرَةٍ قِيلَ عِشْرُونَ، وَقِيلَ مِائَةٌ، وَقَبُولُهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ لَمْ أَعْرِفْهُ وَلَا لِابْنِ شَاسٍ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ مِنْ نَقْل الشَّيْخِ فِي تَرْجَمَةِ مَنْ قَالَ غَصَبْتُك ثَوْبًا فِي ثَوْبٍ مَا نَصُّهُ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ فِي قَوْلِهِ ثَوْبٌ فِي عَشَرَةِ أَثْوَابِهِ، قِيلَ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ، وَقِيلَ أَحَدَ عَشَرَ ثَوْبًا، قُلْت فِي كَحَرْفِ الْعَطْفِ الشَّيْخُ عَنْ سَحْنُونٍ لَوْ قَالَ لَهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فِي عَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا عَشَرَةُ دَرَاهِمَ لِأَنَّ لِقَوْلِهِ مَخْرَجًا بِقَوْلِهِ أَعْطَانِيهَا فِيهَا، وَالْجِنْسُ مُخْتَلِفٌ. وَعِبَارَةُ ابْنِ شَاسٍ وَلَوْ قَالَ عَشَرَةٌ فِي عَشَرَةٍ، سُئِلَ الْمُقِرُّ فَإِنْ قَالَ أَقْرَضَنِي عَشَرَةً فِي عَشَرَةٍ أَوْ فِي عِشْرِينَ، أَوْ بَاعَنِي عَشَرَةً بِعَشَرَةٍ أَوْ بِعِشْرِينَ لَزِمَهُ عَشَرَةٌ بِيَمِينِهِ عَلَى مَا زَعَمَ. وَفِي قَوْلِ سَحْنُونٍ يُؤْخَذُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ قَبْلِ الْحِسَابِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إنْ كَانَ الْمُقِرُّ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِتَصْرِيفِ الْعَدَدِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَهُ مَا يُخْرِجُهُ الضَّرْبُ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ غَيْرُهُ إذَا كَانَ كَلَامُهُ مَعَ مِثْلِهِ، وَفِي إلْزَامِهِ ذَلِكَ إذَا تَكَلَّمَ مَعَ عَامِّيٍّ نَظَرٌ.
(وَ) لَوْ قَالَ عِنْدِي لِفُلَانٍ (ثَوْبٌ فِي صُنْدُوقٍ أَوْ زَيْتٌ فِي جَرَّةٍ) لَزِمَهُ الثَّوْبُ وَالزَّيْتُ و (فِي لُزُومِ ظَرْفِهِ) وَهُوَ الصُّنْدُوقُ وَالْجَرَّةُ، وَهَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ وَابْنِهِ وَجَمَاعَةٍ فِيمَنْ قَالَ غَصَبْت مِنْ فُلَانٍ ثَوْبًا فِي مِنْدِيلٍ وَعَدَمِ لُزُومِهِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ (قَوْلَانِ) فِي كُلٍّ مِنْ الْفَرْعَيْنِ " ق " ابْنُ شَاسٍ إنْ قَالَ لَهُ عِنْدِي زَيْتٌ فِي جَرَّةٍ كَانَ مُقِرًّا بِالزَّيْتِ وَالظَّرْفِ، وَلَوْ قَالَ ثَوْبٌ فِي صُنْدُوقٍ أَوْ فِي مِنْدِيلٍ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَكُونُ مُقِرًّا بِالثَّوْبِ دُونَ الْوِعَاءِ، وَقَالَ سَحْنُونٌ يَلْزَمُهُ الْوِعَاءُ أَيْضًا، وَلَوْ قَالَ لَهُ عِنْدِي عَسَلٌ فِي زِقٍّ كَانَ مُقِرًّا بِالْعَسَلِ وَالزِّقِّ إذْ لَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ. ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيُّ إنْ أَقَرَّ بِذِي وِعَاءٍ قَدْ يُسْتَغْنَى عَنْهُ وَيَنْتَقِلُ بِانْتِقَالِهِ كَقَوْلِهِ غَصَبْت ثَوْبًا فِي عَيْبَةٍ أَوْ ثَوْبًا فِي مِنْدِيلٍ أَوْ قَمْحًا فِي شِكَارَةٍ، فَفِي تَقَرُّرِ الْإِقْرَارِ بِالْوِعَاءِ قَوْلَانِ سَحْنُونٌ وَغَيْرُهُ. قُلْت لَمْ يُحْكَ فِي الْمَعُونَةِ عَنْ الْمَذْهَبِ غَيْرُهُ. وَفِي النَّوَادِرِ عَزْوُ الثَّانِي لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ لَوْ قَالَ غَصَبْتُك ثَوْبًا مَرْوِيًّا فِي ثَوْبٍ، فَذَكَرَ الْجِنْسَ صُدِّقَ الْغَاصِبُ فِيهِ، وَلَوْ قَالَ ثَوْبًا فِي عَشَرَةِ أَثْوَابٍ أَوْ فِي مِائَةِ ثَوْبٍ فَبِخِلَافِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ
لَا دَابَّةٌ فِي إصْطَبْلٍ
وَأَلْفٍ، إنْ اسْتَحَلَّ أَوْ أَعَارَنِي، لَمْ يَلْزَمْ كَإِنْ حَلَفَ فِي غَيْرِ الدَّعْوَى،
ــ
[منح الجليل]
مِنْ كَلَامِ النَّاسِ أَنَّ الثِّيَابَ تَكُونُ فِي ثَوْبٍ وِعَاءً لَهَا، وَلَا يُقَالُ ثَوْبٌ فِي ثِيَابٍ وِعَاءً لَهُ، وَفِي قَوْلِهِ ثَوْبٌ فِي عَشَرَةِ أَثْوَابٍ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا لَا يَلْزَمُهُ إلَّا ثَوْبٌ، وَقِيلَ يَلْزَمُهُ أَحَدَ عَشَرَ. وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَثَوْبٌ فِي صُنْدُوقٍ أَوْ فِي مِنْدِيلٍ فِي لُزُومِ ظَرْفِهِ قَوْلَانِ، بِخِلَافِ زَيْتٍ فِي جَرَّةٍ ظَاهِرُهُ فَفِي الْخِلَافِ فِي الْجَرَّةِ وَهُوَ وَهْمٌ تَبِعَ فِيهِ ظَاهِرَ لَفْظِ ابْنِ شَاسٍ لِذِكْرِ الشَّيْخِ فِيهِ قَوْلَيْ سَحْنُونٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ نَصًّا.
(لَا) يَلْزَمُهُ الْإِصْطَبْلُ فِي قَوْلِهِ لِفُلَانٍ عِنْدِي (دَابَّةٌ فِي إصْطَبْلٍ)" غ " أَشَارَ بِهِ لِقَوْلِ الْقَرَافِيِّ وَافَقُونَا عَلَى أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ عِنْدِي دَابَّةٌ فِي إصْطَبْلٍ أَوْ نَخْلَةٌ فِي بُسْتَانٍ، فَإِنَّ الظَّرْفَ لَا يَلْزَمُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لَفْظُ الْكَرْمِ يَشْمَلُ. أَرْضَهُ وَالْبُسْتَانُ يَشْمَلُ شَجَرَهُ وَأَرْضَهُ وَلَفْظُ النَّخْلِ يَشْمَلُ مَوْضِعَ أَصْلِهَا وَطَرِيقِهَا، وَمَا بَيْنَ النَّخْلِ مِنْ أَرْضٍ إلَّا أَنْ تَقِلَّ النَّخْلُ وَتَكْثُرَ الْأَرْضُ فَيَشْمَلَ أَصْلَهَا دُونَ الْأَرْضِ بَيْنَهَا، وَلَوْ أَقَرَّ بِعَشَرَةِ أُصُولٍ مِنْ هَذَا الْكَرْمِ كَانَتْ بِأُصُولِهَا.
ابْنُ سَحْنُونٍ لَوْ قَالَ شَجَرُ هَذَا الْبُسْتَانِ لِفُلَانٍ فَلَهُ بِأُصُولِهِ مِنْ الْأَرْضِ فِي أَحَدِ قَوْلَيْ سَحْنُونٍ، وَقَوْلُهُ الْآخَرُ لَهُ الشَّجَرُ دُونَ الْأَرْضِ وَلِابْنِ سَحْنُونٍ مَنْ قَالَ هَذِهِ الْأَمَةُ لِفُلَانٍ وَوَلَدُهَا لِي كَلَامًا نَسَقًا فَهُوَ كَمَا قَالَ، ثُمَّ ذَكَرَ عَنْهُ لَوْ قَالَ هَذِهِ الْأَمَةُ لِفُلَانٍ وَلَمْ يَذْكُرْ الْوَلَدَ فَوَلَدُهَا لِمَنْ هُوَ فِي يَدِهِ، وَلَوْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّ هَذِهِ الْأَمَةَ لِفُلَانٍ وَلَمْ يَذْكُرُوا الْوَلَدَ قُضِيَ بِهَا وَبِوَلَدِهَا لِفُلَانٍ لِلْبَيِّنَةِ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ.
(وَ) لَوْ عَلَّقَ إقْرَارَهُ عَلَى شَرْطٍ كَقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ (أَلْفٌ إنْ اسْتَحَلَّ) بِهَا فَقَالَ اسْتَحْلَلْتهَا (أَوْ) قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ (إنْ أَعَارَنِي) ثَوْبَهُ مَثَلًا فَأَعَارَهُ (لَمْ يَلْزَمْ) الْأَلْفُ الْمُقِرَّ لِأَنَّهُ يَقُولُ ظَنَنْت أَنَّهُ لَا يَسْتَحِلُّهُ أَوْ لَا يُعَيِّرُنِي. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ اللُّزُومِ فَقَالَ (كَ) قَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ (إنْ حَلَفَ) فَحَلَفَ فَلَا تَلْزَمُهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ (فِي غَيْرِ الدَّعْوَى) عَلَيْهِ بِذَلِكَ بِأَنْ كَانَ ابْتِدَاءً لِأَنَّهُ يَقُولُ ظَنَنْت أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ بَاطِلًا وَمَفْهُومٌ فِي غَيْرِ الدَّعْوَى أَنَّهُ إذَا كَانَ فِيهَا
أَوْ شَهِدَ فُلَانٌ غَيْرُ الْعَدْلِ
ــ
[منح الجليل]
وَحَلَفَ لَزِمَهُ، وَانْظُرْ هَلْ ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَإِنْ لَمْ يُوَجِّهْ الْحَاكِمُ الْيَمِينَ عَلَيْهِ أَوْ بَعْدَ تَوْجِيهِهَا عَلَيْهِ لَا قَبْلَهُ.
ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ عَنْ كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ مَنْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ إنْ حَلَفَ أَوْ إذَا حَلَفَ أَوْ مَتَى حَلَفَ أَوْ حِينَ أَوْ مَعَ يَمِينِهِ أَوْ فِي يَمِينِهِ أَوْ بَعْدَ يَمِينِهِ فَحَلَفَ فُلَانٌ عَلَى ذَلِكَ وَنَكَلَ الْمُقِرُّ فَلَا شَيْءَ لَهُ فِي إجْمَاعِنَا، وَمَنْ أَنْكَرَ مَا ادَّعَى عَلَيْهِ بِهِ فَقَالَ لَهُ الْمُدَّعِي احْلِفْ وَأَنْتَ بَرِيءٌ أَوْ مَتَى حَلَفْت أَوْ أَنْتَ بَرِيءٌ مَعَ يَمِينِك أَوْ فِي يَمِينِك فَحَلَفَ بَرِئَ، وَلَوْ قَالَ لَهُ الطَّالِبُ لَا تَحْلِفْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَكَذَا إنْ قَالَ الْمَطْلُوبُ لِلْمُدَّعِي احْلِفْ وَأَنَا أَغْرَمُ فَحَلَفَ لَزِمَهُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَنْ قَوْلِهِ، وَقَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ قَائِلًا إنْ حَلَفَ مُطَلِّقًا أَوْ بِطَلَاقِهِ أَوْ عِتْقٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ إنْ اسْتَحَلَّ ذَلِكَ أَوْ إنْ كَانَ يَعْلَمُ ذَلِكَ أَوْ إنْ أَعَارَنِي دَارِهِ أَوْ دَابَّتَهُ فَأَعَارَهُ ذَلِكَ.
(أَوْ) قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إنْ (شَهِدَ) لَهُ (فُلَانٌ) فَشَهِدَ لَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رضي الله عنه "، وَقَيَّدَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِمَا إذَا شَهِدَ (غَيْرُ الْعَدْلِ) قَالَ وَأَمَّا الْعَدْلُ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ. ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ أَوْ إنْ شَهِدَ بِهَا عَلَى فُلَانٍ فَشَهِدَ بِهَا عَلَيْهِ فَلَا تَلْزَمُهُ، وَلَوْ قَالَ إنْ حُكِمَ بِهَا عَلَى فُلَانٍ فَتَحَاكَمَا إلَيْهِ فَحُكِمَ بِهَا عَلَيْهِ لَزِمَهُ. الْحَطّ مَفْهُومُ غَيْرِ الْعَدْلِ أَنَّهُ إذَا كَانَ عَدْلًا لَزِمَهُ مَا شَهِدَ بِهِ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ شَهَادَتِهِ، وَاَلَّذِي حَصَّلَهُ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّهُ إذَا قَالَهُ عَلَى وَجْهِ التَّبْكِيتِ لِصَاحِبٍ وَتَنْزِيهِ الشَّاهِدِ مِنْ الْكَذِبِ فَلَا اخْتِلَافَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا شَهِدَ بِهِ عَلَيْهِ. وَإِنْ لَمْ يَقُلْهُ عَلَى وَجْهِ التَّبْكِيتِ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ مَا شَهِدَ بِهِ عَلَيْهِ كَأَنْ يُحَقِّقَ مَا نَازَعَهُ فِيهِ خَصْمُهُ أَوْ لَا يُحَقِّقَهُ إلَّا أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِ بِشَهَادَتِهِ مَعَ شَاهِدٍ آخَرَ أَوْ يَمِينِ الْمُدَّعِي وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ وَعِيسَى بْنِ دِينَارٍ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مِمَّا شَهِدَ بِهِ عَلَيْهِ كَأَنْ يُحَقِّقَ مَا نَازَعَهُ فِيهِ خَصْمُهُ أَوَّلًا وَيُؤْخَذَ مِنْهُ دُونَ يَمِينِ الْمُدَّعِي، وَهُوَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ.
وَهَذِهِ الشَّاةُ أَوْ هَذِهِ النَّاقَةُ، لَزِمَتْهُ الشَّاةُ، وَحَلَفَ عَلَيْهَا
ــ
[منح الجليل]
وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ إذَا كَانَ يُحَقِّقُ مَعْرِفَةَ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ دِينَارٍ وَابْنِ كِنَانَةَ وَاخْتِيَارُ سَحْنُونٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ الشَّاهِدُ فِي هَذَا كُلِّهِ عَدْلًا أَوْ مَسْخُوطًا أَوْ نَصْرَانِيًّا. وَقَدْ قِيلَ لَا يَلْزَمُ الْقَضَاءُ بِشَهَادَةِ النَّصْرَانِيِّ بِخِلَافِ الْمَسْخُوطِ، وَإِذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ مِنْ صُورَةِ تَرَاجُعِهِمَا التَّبْكِيتَ مِنْ غَيْرِهِ فَهُوَ فِيمَا نَازَعَهُ فِيهِ مِنْ قَوْلٍ قَالَهُ أَوْ فِعْلٍ فَعَلَهُ مَحْمُولٌ عَلَى التَّبْكِيتِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ مِنْهُ الرِّضَا، وَالْتِزَامُ الْحُكْمِ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَفِيمَا نَازَعَهُ مِنْ حُدُودِ أَرْضٍ أَوْ دَيْنٍ عَلَى أَبِيهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ التَّبْكِيتِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ مِنْهُ التَّبْكِيتُ، وَلَا اخْتِلَافَ فِي أَنَّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ الرِّضَا بِقَوْلِهِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ قَبْلَ شَهَادَتِهِ، وَذَلِكَ بِخِلَافِ الرِّضَا بِالتَّحْكِيمِ، إذْ لَا يَخْتَلِفُ فِي أَنَّهُ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَنْزِعَ بَعْدَ الْحُكْمِ. وَاخْتُلِفَ هَلْ لَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ الْحُكْمِ؟ . اهـ. فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الشَّاهِدَ إذَا كَانَ عَدْلًا فَلَا يَلْزَمُ مَا يَشْهَدُ بِهِ بِمُجَرَّدِ شَهَادَتِهِ عَلَى الرَّاجِحِ الَّذِي هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى غَيْرِ الْعَدْلِ لِأَنَّ شَهَادَتَهُ لَا تُؤَثِّرُ أَصْلًا لَا وَحْدَهَا وَلَا مَعَ آخَرَ أَوْ يَمِينٍ، وَأَوَّلُ كَلَامِ التَّوْضِيحِ يُوهِمُ أَنَّهُ يَلْزَمُ مَا يَشْهَدُ بِهِ الْعَدْلُ بِمُجَرَّدِ شَهَادَتِهِ حَيْثُ قَالَهُ وَأَمَّا الْعُدُولُ فَيُقْبَلُ عَلَيْهِ. اهـ. وَيُمْكِنُ أَنَّ مُرَادَهُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ، وَقَرِيبٌ مِنْ هَذَا قَوْلُ النَّوَادِرِ
ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ كَانَ الشَّاهِدُ عَدْلًا قُبِلَ عَلَيْهِ الْبُنَانِيُّ أَشَارَ الْحَطّ لِلْمُنَاقَشَةِ فِي اشْتِرَاطِ نَفْيِ الْعَدَالَةِ بِأَنَّ شَهَادَةَ الْعَدْلِ مِنْ بَابِ الثَّوْبِ بِالْبَيِّنَةِ لَا مِنْ بَابِ الثُّبُوتِ بِالْإِقْرَارِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ.
وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عِنْدِي (هَذِهِ الشَّاةُ أَوْ هَذِهِ النَّاقَةُ لَزِمَتْهُ) أَيْ الْمُقِرَّ (الشَّاةُ) الَّتِي أَقَرَّ بِهَا أَوَّلًا (وَحَلَفَ) الْمُقِرُّ (عَلَيْهَا) أَيْ النَّاقَةِ أَنَّهَا لَيْسَتْ لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَظَاهِرٌ سَوَاءٌ ادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ أَرْفَعَهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا، بَقِيَ الْمُقِرُّ عَلَى إقْرَارِهِ أَوْ رَجَعَ عَنْهُ، وَحَلِفُهُ وَاضِحٌ إذَا زَالَ شَكُّهُ. وَأَمَّا عَلَى بَقَائِهِ عَلَيْهِ فَكَيْفَ يَحْلِفُ أَنَّ النَّاقَةَ لَيْسَتْ لِلْمَقَرِّ لَهُ، وَلِذَا قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ فِيمَا قَالُوهُ نَظَرٌ لَا يَخْفَى، وَلَوْ قَدَّمَ النَّاقَةَ بِأَنْ قَالَ لَهُ هَذِهِ النَّاقَةُ أَوْ هَذِهِ الشَّاةُ لَزِمَتْهُ النَّاقَةُ بِلَا يَمِينٍ.
ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْإِقْرَارِ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ اضْطِرَابُ الشَّيْخِ عَنْ سَحْنُونٍ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ هَذِهِ
وَغَصَبْته مِنْ فُلَانٍ، لَا بَلْ مِنْ آخَرَ، فَهُوَ لِلْأَوَّلِ، وَقُضِيَ لِلثَّانِي بِقِيمَتِهِ
ــ
[منح الجليل]
الشَّاةُ أَوْ هَذِهِ النَّاقَةُ لَك لَزِمَتْ الشَّاةُ، وَحَلَفَ مَا النَّاقَةُ لَهُ. مُحَمَّدٌ يُقَالُ لَهُ أَعْطِهِ أَيَّهمَا شِئْت بِلَا يَمِينٍ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الطَّالِبُ أَرْفَعَهُمَا أَوْ كِلَيْهِمَا فَيَحْلِفَ الْمُقَرُّ لَهُ مَا شَاءَ مِنْهُمَا دُونَ يَمِينٍ، فَإِنْ رَجَعَ الْمُقِرُّ فَقَالَ مَا لَهُ شَيْءٌ مِنْهُمَا وَادَّعَاهُمَا الطَّالِبُ قُضِيَ لَهُ بِقِيمَةِ أَدْنَاهُمَا. وَقَالَ أَشْهَبُ بِأَدْنَاهُمَا.
ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ مَعَ يَمِينِهِ، فَإِنْ قَالَ مَالَهُ شَيْءٌ. مِنْهُمَا وَادَّعَاهُمَا الطَّالِبُ قُضِيَ لَهُ بِقِيمَةِ أَدْنَاهُمَا لَا بِعَيْنِهِ وَلِسَحْنُونٍ مَنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ بِيضٌ أَوْ سُودٌ لَزِمَتْهُ الْبِيضُ وَحَلَفَ فِي السُّودِ. ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ الْأَقَلُّ وَيَحْلِفُ عَلَى الْأَكْثَرِ، وَكَذَا لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَوْ خَمْسُمِائَةٍ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الطَّالِبُ وَأَخَذَ الْأَلْفَ، فَإِنْ نَكَلَ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا الْخَمْسُمِائَةِ، وَكَذَا أَلْفُ دِرْهَمٍ أَوْ نِصْفُهَا. سَحْنُونٌ إنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ كُرُّ حِنْطَةٍ أَوْ شَعِيرٍ لَزِمَتْهُ الْحِنْطَةُ وَحَلَفَ فِي الشَّعِيرِ، وَإِنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَدِينَارٌ وَكُرُّ حِنْطَةٍ لَزِمَهُ الْأَلْفُ فِي إجْمَاعِهِمْ. سَحْنُونٌ يَلْزَمُهُ الدِّينَارُ وَيَحْلِفُ فِي الْكُرِّ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْآخَرُ وَأَخَذَ الْكُرَّ مَعَ الْأَلْفِ وَالدِّينَارِ، وَإِنْ نَكَلَ الطَّالِبُ سَقَطَ الْكُرُّ وَأَخَذَ الْأَلْفَ وَالدِّينَارَ.
(وَ) لَوْ قَالَ هَذَا الثَّوْبُ أَوْ الْعَبْدُ مَثَلًا (غَصَبْته مِنْ فُلَانٍ) كَزَيْدٍ ثُمَّ قَالَ (لَا) أَيْ لَمْ أَغْصِبْهُ مِنْ زَيْدٍ (بَلْ) غَصَبْته (مِنْ) شَخْصٍ (آخَرَ) مُعَيَّنٍ كَعَمْرٍو (فَهُوَ) أَيْ الْمُقَرُّ بِهِ (لِ) لِشَخْصِ (الْأَوَّلِ) مِنْهُمَا لِإِقْرَارِهِ لَهُ بِهِ أَوَّلًا وَيُتَّهَمُ فِي إخْرَاجِهِ عَنْهُ ثَانِيًا.
(وَقُضِيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (لِ) لِشَخْصِ الْمُقَرِّ لَهُ (الثَّانِي بِقِيمَتِهِ) أَيْ الْمُقَرِّ بِهِ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا، وَبِمِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنْ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِمَا، وَقَالَ عِيسَى إنْ ادَّعَاهُ الْمُقَرُّ لَهُ الثَّانِي فَلَهُ تَحْلِيفُ الْأَوَّلِ، فَإِنْ حَلَفَ فَكَمَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الثَّانِي وَأَخَذَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُقِرِّ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ ابْنُ شَاسٍ إنْ أَقَرَّ أَنَّهُ غَصَبَ هَذَا الْعَبْدَ مِنْ فُلَانٍ ثُمَّ قَالَ لَا بَلْ مِنْ فُلَانٍ، فَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ
وَلَك أَحَدُ ثَوْبَيْنِ عَيَّنَ وَإِلَّا فَإِنْ عَيَّنَ الْمُقَرُّ لَهُ أَجْوَدَهُمَا، حَلَفَ، وَإِنْ قَالَ لَا أَدْرِي، حَلَفَا عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَاشْتَرَكَا
ــ
[منح الجليل]
أَنَّهُ يُقْضَى بِالْعَبْدِ لِلْأَوَّلِ وَبَعْدَ يَمِينِهِ، وَيُقْضَى لِلْآخَرِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ غَصْبِهِ فِي إجْمَاعِهِمْ.
ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ قَالَ غَصَبْت الْعَبْدَ مِنْ زَيْدٍ بَلْ مِنْ عَمْرٍو فَهُوَ لِلْأَوَّلِ، وَغَرِمَ لِلثَّانِيَّ قِيمَتَهُ، وَبِالْإِجْمَاعِ رَدَّ سَحْنُونٌ قَوْلَ أَشْهَبَ مَنْ قَالَ غَصَبْته مِنْ زَيْدٍ أَوْ عَمْرٍو، بَلْ مِنْ خَالِدٍ الْعَبْدُ لِزَيْدٍ، وَيَحْلِفُ لِمَنْ شَكَّ فِيهِ، وَيُجَابُ بِجَوَازِ كَوْنِ الْعَطْفِ لِلْإِضْرَابِ عَنْ كَوْنِ، الشَّكِّ بَيْنَ الْأَوَّلَيْنِ لِكَوْنِهِ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالْأَخِيرِ لَا لِلْإِضْرَابِ عَنْ الشَّكِّ إلَى الْجَزْمِ، فَإِنَّهُ لِلْأَخِيرِ، وَاتِّفَاقًا فِي قَوْلِهِ غَصَبْته مِنْ زَيْدٍ وَعَمْرٍو، بَلْ مِنْ زَيْدٍ عَلَى أَنَّهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ بِإِقْرَارِهِ أَوَّلًا وَالْإِضْرَابُ أَوْجَبَ لِزَيْدِ قِيمَتَهُ أَجْمَعَ لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ أَوْ نِصْفِهِ وَنِصْفِ قِيمَتِهِ بَعْدَ حَلِفِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ أَنْ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا، فَإِنْ نَكَلَ مُسْتَحِقُّ النِّصْفِ وَحَلَفَ الْآخَرُ اُخْتُصَّ بِهِ وَغُرِّمَ لِلنَّاكِلِ نِصْفٌ فَقِيمَتُهُ لِإِتْلَافِهِ عَلَيْهِ النِّصْفَ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ بِهِ أَوَّلًا بِالْإِضْرَابِ عَنْهُ لِكَوْنِهِ لِغَيْرِهِ، وَلَوْ نَكَلَ مُسْتَحِقُّ جَمِيعِهِ كَانَ لَهُ نِصْفُهُ وَنِصْفُ قِيمَتِهِ عَلَى الْمُقِرِّ.
(وَ) لَوْ قَالَ (لَك) عِنْدِي (أَحَدُ ثَوْبَيْنِ) مُعَيَّنَيْنِ أَوْ إحْدَى هَاتَيْنِ الْأَمَتَيْنِ أَوْ الشَّاتَيْنِ (عَيَّنَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْمُقِرُّ أَحَدَهُمَا لِلْمُقَرِّ لَهُ لِاحْتِمَالِ لَفْظِهِ الْإِبْهَامَ وَالشَّكَّ، وَلَهُ دَعْوَى زَوَالِ الشَّكِّ، فَإِنْ عَيَّنَ أَحْسَنَهُمَا مَا أَخَذَهُ الْمُقَرُّ لَهُ بِلَا يَمِينٍ، وَكَذَا إنْ عَيَّنَ أَدْنَاهُمَا وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ، وَإِنْ خَالَفَهُ حَلَفَ الْمُقِرُّ وَدَفَعَهُ لَهُ، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ وَأَخَذَ الْأَعْلَى.
(وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْمُقِرُّ وَبَقِيَ عَلَى شَكِّهِ (فَإِنْ عَيَّنَ الْمُقَرُّ لَهُ أَجْوَدَهُمَا حَلَفَ) عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَإِنْ عَيَّنَ الْأَدْنَى أَخَذَهُ دُونَ يَمِينٍ (وَإِنْ قَالَ) الْمُقَرُّ لَهُ (لَا أَدْرِي) عَيْنَ ثَوْبِي مِنْهُمَا (حَلَفَا) أَيْ الْمُقِرُّ وَالْمُقَرُّ لَهُ (عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) مِنْهُمَا بِعَيْنِ الْمُقَرِّ بِهِ (وَاشْتَرَكَا) أَيْ الْمُقِرُّ وَالْمُقَرُّ لَهُ فِي الثَّوْبَيْنِ، بِالنِّصْفِ وَنُكُولُهُمَا أَوْ نُكُولُ أَحَدِهِمَا كَحَلِفِهِمَا ابْنُ عَرَفَةَ وَمَنْ قَالَ فِي ثَوْبَيْنِ بِيَدِهِ أَحَدُهُمَا لِفُلَانٍ فَإِنْ عَيَّنَ لَهُ أَجْوَدَهُمَا أَخَذَهُ، وَإِنْ عَيَّنَ أَدْنَاهُمَا فَصَدَّقَهُ فَكَذَلِكَ دُونَ يَمِينٍ، وَإِنْ كَذَّبَهُ أَحْلَفَهُ، وَإِنْ شَكَّ وَادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ أَدْنَاهُمَا
وَالِاسْتِثْنَاءُ هُنَا كَغَيْرِهِ
ــ
[منح الجليل]
أَخَذَهُ دُونَ يَمِينٍ، وَإِنْ ادَّعَى أَجْوَدَهُمَا فَفِي أَخْذِهِ بِيَمِينٍ أَوْ دُونَهَا نَقْلَا ابْنِ رُشْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُحَمَّدٍ، وَإِنْ شَكَّا فَفِي سَمَاعِ عِيسَى يَحْلِفَانِ، فَإِنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا أَوْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا كَانَا شَرِيكَيْنِ.
وَالِاسْتِثْنَاءُ هُنَا أَيْ فِي صِيَغِ الْإِقْرَارِ (كَ) الِاسْتِثْنَاءِ فِي صِيَغِ (غَيْرِهِ) أَيْ الْإِقْرَارِ كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ فِي كَوْنِهِ بِإِحْدَى أَدَوَاتٍ مَخْصُوصَةٍ وَشَرْطُ اتِّصَالِهِ وَالنُّطْقُ بِهِ وَإِنْ سَرَّ أَوْ قَصَدَهُ وَعَدَمُ اسْتِغْرَاقِهِ. ابْنُ شَاسٍ إذَا اسْتَثْنَى مِنْ الْإِقْرَارِ مَا لَا يَسْتَغْرِقُ صَحَّ كَقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا تِسْعَةً فَيَلْزَمُهُ وَاحِدٌ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ، وَعَلَى الْمَشْهُورِ لَوْ قَالَ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا تِسْعَةً إلَّا ثَمَانِيَةً لَزِمَهُ تِسْعَةٌ، لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ كَمَا أَنَّهُ مِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا تِسْعَةً إلَّا ثَمَانِيَةً إلَّا سَبْعَةً إلَّا سِتَّةً إلَّا خَمْسَةً إلَّا أَرْبَعَةً إلَّا ثَلَاثَةً إلَّا اثْنَيْنِ، إلَّا وَاحِدًا لَزِمَهُ خَمْسَةٌ. ابْنُ عَرَفَةَ الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْإِقْرَارِ عَلَى قَوَاعِدِهِ وَتَقَدَّمَ مِنْهُ فِي الطَّلَاقِ، وَإِيجَازُ تَحْصِيلِهِ جَوَازُ اسْتِثْنَاءِ الْأَقَلِّ فِي غَيْرِ الْعَدَدِ اتِّفَاقًا. وَفِي كَوْنِهِ فِيهِ كَغَيْرِهِ وَقَصْرُ جَوَازِهِ عَلَى اسْتِثْنَاءِ الْكَسْرِ أَوْ شَبَهِهِ كَكَوْنِ الْمُسْتَثْنَى قَبْلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ بِمَرْتَبَتَيْنِ قَوْلَا الْأَكْثَرِ وَالْأَقَلِّ مَعَ أَحَدِ قَوْلَيْ ابْنِ الطَّيِّبِ، وَفِي جَوَازِ اسْتِثْنَاءِ الْأَكْثَرِ قَوْلَا الْأَكْثَرِ وَالْأَقَلِّ مَعَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَحْمَدَ. الْمَازِرِيُّ اعْتَذَرَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ بِأَنَّهُ لَمْ يُخَالِفْ فِي حُكْمِهِ، وَإِنَّمَا خَالَفَ فِي اسْتِعْمَالِ الْعُرْفِ إيَّاهُ وَأَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ إلَّا تِسْعِينَ إنَّمَا تَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ.
قُلْت وَحَكَى فِي الْمَحْصُولِ وَالْمُسْتَصْفَى الْإِجْمَاعَ عَلَى لُزُومِ وَاحِدٍ فَقَطْ فِي عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا تِسْعَةً، وَرَدَّهُ ابْنُ التِّلِمْسَانِيُّ بِأَنَّ خِلَافَ أَحْمَدَ يَمْنَعُ تَقَرُّرَ الْإِجْمَاعِ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي الْمُسْتَغْرِقِ طَرِيقَانِ الْأَكْثَرُ عَلَى نَقْلِ الِاتِّفَاقِ عَلَى مَنْعِهِ الْقَرَافِيُّ حَكَى ابْنُ طَلْحَةَ فِي مُخْتَصَرِهِ الْمَعْرُوفِ بِالْمَدْخَلِ فِيمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا قَوْلَيْنِ، أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَنْفَعُهُ وَالْآخَرُ لَا يَنْفَعُهُ وَتَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ. الْقَرَافِيُّ وَنَصَّ الْعُلَمَاءُ عَلَى مَنْعِهِ فِي الْمَذْكُورِ بِعَيْنِهِ عَطْفًا كَقَوْلِهِ قَامَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو وَخَالِدٌ إلَّا عُمْرًا، وَجَوَّزَ أَصْحَابُنَا أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً، وَمَا عَلِمْتُ فِيهِ خِلَافًا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
قُلْت مَنَعَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ، وَلَكِنْ يَتَقَرَّرُ السُّؤَالُ بِجَوَازِهِ الْبَعْضَ فَضْلًا عَنْ الْأَكْثَرِ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى مَنْعِهِ فِي الْمَعْطُوفِ، قَالُوا وَعَلَّلُوا جَوَازَهُ فِي الطَّلَاقِ بِأَنَّ لِلثَّلَاثِ عِبَارَتَيْنِ الثَّلَاثُ وَوَاحِدَةٌ وَوَاحِدَةٌ، فَكَمَا صَحَّ فِي الثَّلَاثِ صَحَّ فِي الْمَعْطُوفَاتِ، وَبِأَنَّ خُصُوصَ الْوَاحِدَةِ لَيْسَتْ مَقْصُودًا عِنْدَ الْعُقَلَاءِ، بِخِلَافِ زَيْدٍ وَعَمْرٍو، وَيَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ إنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ إلَّا دِرْهَمًا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا دِرْهَمَانِ لِأَنَّ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ لَا تَتَعَيَّنُ، وَلَمْ أَرَ لَهُمْ فِيهِ نَقْلًا. قُلْت: قَوْلُهُ لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا قُصُورٌ، لِنَقْلِ الْمَازِرِيِّ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ مَا نَصُّهُ فِي قَوْلِ الرَّجُلِ لَهُ عِنْدِي دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ إلَّا دِرْهَمًا مَسْلَكَانِ، وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ لَا يَلْزَمُهُ سِوَى دِرْهَمَيْنِ لِأَنَّهُ فِي قَوْلِهِ لَهُ عِنْدِي ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ إلَّا دِرْهَمًا، وَلَا فَرْقَ عِنْدَ الْعَرَبِ بَيْنَ قَوْلِهِ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ، وَعِبَارَةِ الثَّلَاثِ وَلِأَنَّ النَّحْوِيِّينَ جَعَلُوا جَاءَنِي الزَّيْدُون بَدَلًا مِنْ جَاءَنِي زَيْدٌ وَزَيْدٌ وَزَيْدٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ كَاسْتِثْنَاءِ كُلٍّ مِنْ كُلٍّ فَيَبْطُلُ، وَفِي النَّوَادِرِ ابْنُ سَحْنُونٍ مَنْ أَقَرَّ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إلَّا مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةِ دَنَانِيرَ إلَّا قِيرَاطًا فَإِنَّ الْمِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَالْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ إلَّا قِيرَاطًا كِلَاهُمَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ الْأَلْفِ دِرْهَمٍ فِي قَوْلِ سَحْنُونٍ وَأَهْلِ الْعِرَاقِ.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قَالُوا عَلَى صِحَّتِهِ مِنْ الْعَدَدِ وَصِحَّةِ اسْتِثْنَاءِ الْأَكْثَرِ وَكَوْنِهِ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتًا لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا تِسْعَةً إلَّا ثَمَانِيَةً ثُمَّ كَذَا إلَى وَاحِدٍ لَزِمَهُ خَمْسَةٌ قُلْت ضَابِطُهُ أَنْ تَطْرَحَ مَجْمُوعَ كُلِّ اسْتِثْنَاءٍ وَهُوَ وِتْرٌ وَهُوَ فِي مَسْأَلَتِنَا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ مَجْمُوعُ تِسْعَةٍ وَسَبْعَةٍ وَخَمْسَةٍ وَثَلَاثَةٍ وَوَاحِدٍ فَذَلِكَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ مِنْ مَجْمُوعِ كُلِّ اسْتِثْنَاءٍ هُوَ شَفْعٌ، وَهُوَ فِي مَسْأَلَتِنَا ثَمَانِيَةٌ وَسِتَّةٌ وَأَرْبَعَةٌ وَاثْنَانِ فَذَلِكَ عِشْرُونَ إلَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ أَوَّلًا، وَهُوَ عَشَرَةٌ جَمِيعُ ذَلِكَ ثَلَاثُونَ، وَاطْرَحْ مِنْهَا الْمَجْمُوعَ الْأَوَّلَ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ فَالْبَاقِي خَمْسَةٌ وَهُوَ الْجَوَابُ الْمُقَرُّ بِهِ، فَلَوْ قَالَ لَهُ عِنْدِي إلَّا سَبْعَةً إلَّا خَمْسَةً وَإِلَّا وَاحِدًا فَالِاسْتِثْنَاءَات الْوِتْرُ فِيهَا سَبْعَةٌ وَوَاحِدَةٌ فَذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ تَطْرَحُهَا مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ الشَّفْعِ وَذَلِكَ خَمْسَةٌ فَقَطْ مَعَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ أَوَّلًا، وَذَلِكَ خَمْسَةَ عَشَرَ، فَالْبَاقِي سَبْعَةٌ وَهُوَ الْجَوَابُ. تت فَتُحَطُّ الْأَخِيرَةَ مِمَّا يَلِيهِ ثُمَّ بَاقِيَهُ مِمَّا يَلِيهِ، وَكَذَلِكَ حَتَّى الْأَوَّلِ، فَمَا حَصَلَ فَهُوَ
وَصَحَّ لَهُ الدَّارُ وَالْبَيْتُ لِي
وَبِغَيْرِ الْجِنْسِ، كَأَلْفٍ، إلَّا عَبْدًا، وَسَقَطَتْ قِيمَتُهُ
ــ
[منح الجليل]
الْبَاقِي فَيُحَطُّ الْوَاحِدُ مِنْ الِاثْنَيْنِ يَبْقَى وَاحِدٌ فَيُحَطُّ مِنْ ثَلَاثَةٍ يَبْقَى اثْنَانِ فَيُحَطَّانِ مِنْ أَرْبَعَةٍ يَبْقَى اثْنَانِ أَيْضًا، فَيُحَطَّانِ مِنْ خَمْسَةٍ تَبْقَى ثَلَاثَةٌ، فَتُحَطُّ مِنْ سِتَّةٍ تَبْقَى ثَلَاثَةٌ أَيْضًا، فَتُحَطُّ مِنْ سَبْعَةٍ تَبْقَى أَرْبَعَةٌ، فَتُحَطُّ مِنْ ثَمَانِيَةٍ تَبْقَى أَرْبَعَةٌ أَيْضًا، فَتُحَطُّ مِنْ تِسْعَةٍ تَبْقَى خَمْسَةٌ، فَتُحَطُّ مِنْ عَشَرَةٍ تَبْقَى خَمْسَةٌ أَيْضًا وَهُوَ الْمُقَرُّ بِهِ.
(وَصَحَّ) الِاسْتِثْنَاءُ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ عُرْفًا وَلَوْ خَالَفَ اللُّغَةَ بِعَدَمِ أَدَائِهِ لُغَةً كَقَوْلِهِ (لَهُ) أَيْ زَيْدٍ مَثَلًا هَذِهِ (الدَّارُ) الَّتِي فِي حَوْزِي (وَالْبَيْتُ) الْفُلَانِيُّ مِنْهَا (لِي) ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ عَنْ كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ مَنْ أَقَرَّ بِدَارٍ فِي يَدِهِ أَنَّهَا لِفُلَانٍ إلَّا بَيْتًا مَعْلُومًا فَإِنَّهُ لِي قُبِلَ اسْتِثْنَاؤُهُ، وَكَذَا إلَّا تِسْعَةَ أَعْشَارِهَا. وَمَنْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ وَنِصْفُهَا لِي صُدِّقَ قَالَهُ أَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ وَابْنُ الْمَوَّازِ. ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَوْ قَالَ غَصَبْته جَمِيعَ هَذِهِ الدَّارِ وَبَيْتُهَا لِي فَلَا يُقْبَلُ، وَقَدْ أَقَرَّ بِغَصْبِهِ جَمِيعَهَا كَأَنَّهُ قَالَ غَصَبْته بَيْتًا هُوَ لِي، وَلَوْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ وَلِي بَيْتٌ مِنْهَا صَدَّقَهُ مَعَ يَمِينِهِ. ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ أَشْهَبَ قَوْلُهُ غَصَبْت هَذِهِ الدَّارَ لِفُلَانٍ وَبِنَاؤُهَا لِي أَوْ بَيْتٌ مِنْهَا لِي، أَوْ قَالَ فِي الْجُبَّة بِطَانَتُهَا لِي إذَا نَسَّقَ الْكَلَامَ مِثْلُ قَوْلِهِ هَذَا الْخَاتَمُ لِفُلَانٍ وَفَصُّهُ لِي.
(وَ) صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ (بِغَيْرِ الْجِنْسِ) الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ (كَ) قَوْلِهِ لِفُلَانٍ عَلَيَّ (أَلْفٌ إلَّا عَبْدًا) عَلَى الْأَصَحِّ، وَعَبَّرَ عَنْهُ ابْنُ رَاشِدٍ بِالْمَشْهُورِ فَيُوصَفُ وَيُقَوَّمُ وَتُطْرَحُ قِيمَتُهُ مِنْ الْأَلْفِ وَلِذَا قَالَهُ (وَسَقَطَتْ قِيمَتُهُ) أَيْ الْعَبْدِ مِنْ الْأَلْفِ، وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّ قِيمَتَهُ أَقَلُّ مِنْ الْأَلْفِ، وَإِلَّا كَانَ اسْتِثْنَاءً مُسْتَغْرِقًا لَا يَتَأَتَّى إسْقَاطُهُ، وَكَذَا لَهُ عِنْدِي عَبْدٌ إلَّا ثَوْبًا فَتُطْرَحُ قِيمَةُ الثَّانِي مِنْ قِيمَةِ الْأَوَّلِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ. الْمَازِرِيُّ مَذْهَبُنَا صِحَّتُهُ. ابْنُ سَحْنُونٍ لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ مِائَةُ دِينَارٍ إلَّا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ مُتَّفَقٌ عَلَى جَوَازِهِ فَيَسْقُطُ الْمُسْتَثْنَى مِنْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ بِصَرْفِهِمَا، وَعَلَى صِحَّتِهِ فِي الْقَمْحِ مِنْ الدَّنَانِيرِ تَسْقُطُ قِيمَتُهُ مِنْهَا، وَكَذَا فِي مِائَةِ دِينَارٍ إلَّا عَبْدًا أَوْ ثَوْبًا يَصِفُهُمَا الْمُقِرُّ وَتُطْرَحُ قِيمَتُهُ، وَكَذَا فِي لَهُ عِنْدِي عَبْدًا إلَّا ثَوْبًا
وَإِنْ أَبْرَأ فُلَانًا مِمَّا لَهُ قِبَلَهُ، أَوْ مِنْ كُلِّ حَقٍّ، أَوْ أَبْرَأهُ، بَرِئَ مُطْلَقًا، وَمِنْ الْقَذْفِ وَالسَّرِقَةِ، فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ، وَإِنْ بِصَكٍّ، إلَّا بِبَيِّنَةٍ، أَنَّهُ بَعْدَهُ
ــ
[منح الجليل]
تُطْرَحُ قِيمَةُ الثَّانِي مِنْ الْأَوَّلِ وَاخْتَارَ بَعْضُ حُذَّاقِ الْأَشْيَاخِ لَغْوَ اسْتِثْنَائِهِ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ وَعَدَّهُ نَادِمًا.
(وَإِنْ أَبْرَأ) الرَّشِيدُ غَيْرُ الْمَحْجُورِ (فُلَانًا) بِضَمِّ الْفَاءِ كِنَايَةً عَنْ عَلَمِ شَخْصٍ كَزَيْدٍ (مِمَّا) أَيْ كُلِّ حَقٍّ ثَبَتَ (لَهُ) أَيْ الرَّشِيدِ الْمُبْرِئِ بِكَسْرِ الرَّاءِ (قِبَلَهُ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ جِهَةَ الْمُبْرَإِ بِفَتْحِ الرَّاءِ بَرِئَ مُطْلَقًا (أَوْ) أَبْرَأهُ (مِنْ كُلِّ حَقٍّ) لَهُ قِبَلَهُ بَرِئَ مُطْلَقًا (أَوْ أَبْرَأهُ) أَيْ الرَّشِيدُ فُلَانًا وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُبْرَأَ مِنْهُ بِأَنْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ أَبْرَأْتُك (بَرِئَ) الْمُبْرَأُ بِفَتْحِ الرَّاءِ إبْرَاءً (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِنَوْعٍ مِنْ الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ (وَ) بَرِئَ (مِنْ) الْحُقُوقِ الْبَدَنِيَّةِ أَيْضًا مِثْلِ حَدِّ (الْقَذْفِ) وَالْقِصَاصِ فِي نَفْسٍ أَوْ طَرَفٍ إذَا لَمْ يَبْلُغْ الْإِمَامَ أَوْ بَلَغَهُ وَأَرَادَ الْمَقْذُوفُ سِتْرَ نَفْسِهِ لَا الشُّفْعَةَ عَلَى قَاذِفِهِ.
(وَ) بَرِئَ مِنْ الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ الَّتِي يَفُوتُهَا الْإِتْلَافُ كَغُرْمِ مَالِ (السَّرِقَةِ) لَا قَطْعُهَا لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى لَا الْمَسْرُوقُ مَالُهُ، وَإِنْ أَبْرَأهُ بِصِيغَةٍ مِمَّا مَرَّ ثُمَّ ادَّعَى الْمُبْرِئُ بِالْكَسْرِ عَلَى الْمُبْرَإِ بِالْفَتْحِ بِحَقٍّ نَسِيَهُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْهُ حِينَ الْإِبْرَاءِ أَوْ ادَّعَى أَنَّ إبْرَاءَهُ إنَّمَا كَانَ مِمَّا فِيهِ الْخُصُومَةُ وَهَذَا غَيْرُهُ (فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ) إنْ لَمْ يَأْتِ بِصَكٍّ، بَلْ (وَإِنْ) أَتَى (بِصَكٍّ) بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الْكَافِ أَيْ وَثِيقَةٍ مَكْتُوبَةٍ عَلَى الْمُبْرَإِ بِالْفَتْحِ بِمَا ادَّعَى بِهِ عَلَيْهِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا) أَنْ يَأْتِيَ (بِبَيِّنَةٍ) تَشْهَدُ (أَنَّهُ) أَيْ الْحَقُّ الْمُدَّعَى بِهِ تَجَدَّدَ عَلَى الْمُبْرَإِ بِالْفَتْحِ (بَعْدَهُ) أَيْ الْإِبْرَاءِ فَتُقْبَلُ دَعْوَاهُ.
الْحَطّ فِي النَّوَادِرِ مِنْ كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ وَمَنْ أَقَرَّ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ قِبَلَ فُلَانٍ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَيْهِ وَفُلَانٌ بَرِئَ فِي إجْمَاعِنَا مِنْ كُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ دَيْنٍ أَوْ وَدِيعَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ كَفَالَةٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ قِبَلَ فُلَانٍ ثُمَّ ادَّعَى قِبَلَهُ قَذْفًا أَوْ سَرِقَةً فِيهَا قَطْعٌ وَأَقَامَ بَيِّنَةً فَلَا يُقْبَل ذَلِكَ أَنْ تَقُومَ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ فَعَلَهُ
وَإِنْ أَبْرَأهُ مِمَّا مَعَهُ، بَرِئَ مِنْ الْأَمَانَةِ لَا الدَّيْنِ
ــ
[منح الجليل]
بَعْدَ الْبَرَاءَةِ، وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ قِبَلَهُ فَلَيْسَ لَهُ طَلَبُهُ بِقِصَاصٍ وَلَا حَدٍّ وَلَا أَرْشٍ وَلَا كَفَالَةٍ بِنَفْسٍ وَلَا بِمَالٍ وَلَا دَيْنٍ وَلَا مُضَارَبَةٍ وَلَا شَرِكَةٍ وَلَا مِيرَاثٍ وَلَا دَارٍ وَلَا أَرْضٍ وَلَا رَقِيقٍ وَلَا شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ مِنْ عُرُوضٍ أَوْ غَيْرِهَا إلَّا مَا يُسْتَأْنَفُ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ فِي إجْمَاعِنَا.
سَحْنُونٌ إذَا قَالَ فُلَانٌ بَرِئَ مِنْ كُلِّ حَقٍّ لِي عَلَيْهِ، أَوْ قَالَ مِمَّا لِي عَلَيْهِ أَوْ مِمَّا لِي عِنْدَهُ أَوْ لَا حَقَّ لِي قِبَلَهُ فَذَلِكَ كُلُّهُ سَوَاءٌ، وَهُوَ بَرِيء مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مِنْ أَمَانَةٍ أَوْ ضَمَانٍ مُحَمَّدٍ وَأَنَا أَسْتَحْسِنُ فِي قَوْلِهِ هُوَ بَرِئَ مِنْ حَقِّهِ قِبَلَهُ وَلَمْ يَقُلْ مِنْ جَمِيعِ حَقِّهِ، ثُمَّ قَالَ إنَّمَا أَبْرَأْته مِنْ بَعْضِ حَقِّي وَبَقِيَ الْبَعْضُ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ، وَالْبَرَاءَةُ جَائِزَةٌ فِي إجْمَاعِنَا فِي جَمِيعِ حَقِّهِ اهـ، وَهُوَ مَعْنَى مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ، وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا قَالَ وَهَذَا آخِرُ حَقٍّ لِي عَلَيْهِ، فَفِي النَّوَادِرِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ لِرَجُلٍ أَنَّ فُلَانًا أَبْرَأهُ مِنْ جَمِيعِ الدَّعَاوَى وَأَنَّهَا آخِرُ كُلِّ حَقٍّ لَهُ وَطَلَبَ مِنْ جَمِيعِ الْمُعَامَلَاتِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُحَلِّفَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَادَّعَى أَنَّهُ قَدْ غَلِطَ أَوْ نَسِيَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ إنْ أَشْهَدَ عَلَيْهِ بِذِكْرِ حَقٍّ مُسَمًّى، وَفِي الْكِتَابِ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ عَلَيْهِ وَلَا قِبَلَهُ حَقٌّ وَلَا عِنْدَهُ، أَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مُعَامَلَةٌ غَيْرُ مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُحَلِّفَهُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُرِيدُ مَعًا قَبْلَ تَارِيخِ الْكِتَابِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ الَّذِي أَقَرَّ بِالْحَقِّ لَيْسَ هَذَا الَّذِي أَدَّيْت عَلَيَّ وَغَلِطْت فِي الْحِسَابِ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ رَبَّ الْحَقِّ عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ لَهُ ذَلِكَ مَا نَفَعَتْ الْبَرَاءَةُ وَلَا انْقَطَعَتْ الْمُعَامَلَةُ.
(وَإِنْ أَبْرَأَهُ مِمَّا مَعَهُ بَرِئَ مِنْ الْأَمَانَةِ) وَدِيعَةً كَانَتْ أَوْ قِرَاضًا أَوْ بِضَاعَةً أَوْ نَحْوَهَا (لَا) يَبْرَأُ (مِنْ الدَّيْنِ)" غ " سَكَتَ عَنْ لَفْظِ عِنْدَ وَعَلَيَّ وَقَالَ الْمَازِرِيُّ إذَا قَالَ مَالِي قِبَلَهُ حَقٌّ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ أَبْرَأهُ مِنْ سَائِرِ الْحُقُوقِ كَانَتْ دُيُونًا فِي ذِمَّتِهِ أَوْ أَمَانَةً عِنْدَهُ، وَإِذَا قَالَ مَالِي عِنْدَهُ حَقٌّ فَالْأَمْرُ عِنْدَنَا كَذَلِكَ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الَّذِي خَصَّصَهُ بِالْأَمَانَاتِ، وَإِنْ قَالَ مَالِي عَلَيْهِ حَقٌّ فَقَالَ سَحْنُونٌ يَعُمُّ الدَّيْنَ وَالْأَمَانَةَ، وَقَالَ ابْنُهُ يَخُصُّ الْمَضْمُونَ كَالدِّينِ وَالْعَارِيَّةِ الْمَضْمُونَةِ، وَعِنْدِي أَنَّ لَفْظَةَ عَلَيَّ لَمَّا كَانَتْ تَقْتَضِي الْوُجُوبَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
أَدْخَلَ سَحْنُونٌ فِيهَا الْمَضْمُونَ وَالْوَدِيعَةَ وَالْقِرَاضَ، إذَا يَجِبُ رَدُّهُمَا كَالدِّينِ وَصَرَفَ ابْنُهُ عَلَيَّ لِنَفْسِ الْمَالِ لَا لِرَدِّهِ فَنَفْسُ الْوَدِيعَةِ لَيْسَتْ عَلَى الْمُودَعِ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ رَدُّهَا وَالْحَقُّ فِي هَذِهِ الِالْتِفَاتُ إلَى الْمُرَادِ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ فِي اللُّغَةِ أَوْ الِاسْتِعْمَالِ أَوْ عُرْفِ التَّخَاطُبِ. اهـ. فَتَأَمَّلْهُ مَعَ مَا فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ لَوْ أَنَّ رَجُلًا شَهِدَ لَهُ شَاهِدٌ بِأَنَّ لَهُ عِنْدَ زَيْدٍ عَشَرَةً وَشَهِدَ لَهُ آخَرُ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ عِشْرِينَ حَلَفَ مَعَ كُلِّ شَاهِدٍ يَمِينًا وَأَخَذَ الثَّلَاثِينَ.
ابْنُ رُشْدٍ هَذَا بَيِّنٌ لِأَنَّ قَوْلَ أَحَدِ الشَّاهِدَيْنِ لَهُ عِنْدَهُ خِلَافُ قَوْلِ الْآخَرِ لَهُ عَلَيْهِ لِأَنَّ لَفْظَةَ عِنْدَ تَقْتَضِي الْأَمَانَةَ، وَعَلَيَّ تَقْتَضِي الذِّمَّةَ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَهِدَ لَهُ عَلَى زَيْدٍ بِغَيْرِ مَا شَهِدَ لَهُ بِهِ عَلَيْهِ الْآخَرُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَيَسْتَحِقَّ الثَّلَاثِينَ، وَإِنْ شَاءَ الْيَمِينَ عَلَى الْمَطْلُوبِ فِي الْجَمِيعِ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ الْعِشْرِينَ دُونَ يَمِينٍ، إذْ لَمْ يَجْتَمِعْ لَهُ عَلَيْهَا الشَّاهِدَانِ بِخِلَافِ شَهَادَةِ أَحَدِهِمَا أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ عَشَرَةً وَالْآخَرُ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ عِشْرِينَ فَلَهُ أَخْذُ الْعَشَرَةِ دُونَ يَمِينٍ لِاجْتِمَاعِ الشَّاهِدَيْنِ عَلَيْهَا، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ الشَّاهِدِ الَّذِي شَهِدَ لَهُ بِالْعِشْرِينَ وَيَأْخُذَهَا، وَهَذَا إذَا كَانَتْ الشَّهَادَتَانِ بِمَجْلِسٍ وَاحِدٍ وَلَفْظٍ وَاحِدٍ اخْتَلَفَا فِيهِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا أَقِرَّ لَهُ بِعَشَرَةٍ، وَقَالَ الْآخَرُ بِعِشْرِينَ، وَإِنْ كَانَ الْإِشْهَادُ بِمَجْلِسَيْنِ فَهُمَا حَقَّانِ فَلَهُ الْحَلِفُ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَيَسْتَحِقُّ مَا شَهِدَ لَهُ بِهِ، وَلَوْ قَالَ الشَّاهِدَانِ إنَّهُ حَقٌّ وَاحِدٌ لَبَطَلَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَلَوْ زَعَمَ الطَّالِبُ أَنَّهُمَا حَقَّانِ، وَإِنْ زَعَمَ أَنَّ أَحَدَهُمَا بِحَقٍّ حَلَفَ مَعَهُ وَأَخَذَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ.
(تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: الْحَطَّابُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَالْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَاتٍ وَنَقَلَهُ صَاحِبُ الطِّرَازِ فِي مُبَارَآت الْوَصِيِّ عَنْ يَتِيمِهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ انْعَقَدَ بَيْنَ شَخْصَيْنِ إنَّهُ لَمْ يَبْقَ بَيْنَهُمَا دَعْوَى وَلَا حُجَّةٌ وَلَا يَمِينٌ وَلَا عَلَّقَهُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِحَقٍّ قَبْلَ تَارِيخِ الْإِشْهَادِ الْمَذْكُورِ وَثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ صَاحِبَهُ بِهِ، وَلَا يَضُرُّهُ الْإِشْهَادُ عَلَى الْإِبْرَاءِ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُسْقِطَا فِيهِ الْبَيِّنَةَ اهـ. الْبُرْزُلِيُّ فَعَلَى هَذَا يُفْتَقَرُ إلَى ذِكْرِ إسْقَاطِ الْبَيِّنَةِ الْحَاضِرَةِ وَالْغَائِبَةِ فِي السِّرِّ وَالْإِعْلَانِ، وَمَنْ أَقَامَ مِنْهُمَا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
بَيِّنَةً فَهُوَ زُورٌ آفِكَةٌ لَا عَمَلَ عَلَيْهَا. الْبُرْزُلِيُّ وَمَا قَالَ ابْنُ عَاتٍ خِلَافُ الْمَشْهُورِ.
الثَّانِي: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بَلْ صَرِيحُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمَازِرِيِّ الَّذِي نَقَلَهُ " غ " أَنَّ الْإِبْرَاءَ يَشْمَلُ الْأَمَانَاتِ وَهِيَ مُعَيَّنَاتٌ. وَفِي الذَّخِيرَةِ مَا يُخَالِفُهُ، وَنَصُّهُ الْإِبْرَاءُ مِنْ الْمُعَيَّنِ لَا يَصِحُّ فَلَا صَحَّ أَبْرَأْتُك مِنْ دَارِي الَّتِي تَحْتَ يَدِك لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ الْإِسْقَاطُ وَالْمُعَيَّنُ لَا يَسْقُطُ، نَعَمْ تَصِحُّ فِيهَا الْهِبَةُ وَنَحْوُهَا. اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي نَفْسِهِ إلَّا أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِ الْقَائِلِ أَبْرَأْتُك مِنْ دَارِي الَّتِي تَحْتَ يَدِك أَسْقَطَتْ مُطَالَبَتِي بِهَا، وَلَا شَكَّ أَنَّهَا تَقْبَلُ الْإِسْقَاطَ، فَالْكَلَامُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ مَعَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْقَرَافِيُّ خِلَافُ مَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الصُّلْحِ أَنَّ الْإِسْقَاطَ فِي الْمُعَيَّنِ وَالْإِبْرَاءَ أَعَمُّ مِنْهُ لِأَنَّهُ يَكُونُ فِي الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
الثَّالِثُ: إذَا عُمِّمَتْ الْمُبَارَأَةُ بَعْدَ عَقْدِ الْخُلْعِ فَأَفْتَى ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّهُ رَاجِعٌ لِجَمِيعِ الدَّعَاوَى كُلِّهَا الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْخُلْعِ أَوْ بِغَيْرِهِ وَأَفْتَى غَيْرُهُ بِأَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى أَحْكَامِ الْخُلْعِ خَاصَّةً، ذَكَرَهُ الْبُرْزُلِيُّ فِي مَسَائِلِ الْخُلْعِ.
الرَّابِعُ: الْحَطّ تَحَصَّلَ مِنْ هَذِهِ النُّصُوصِ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْحَقُّ الَّذِي يَقُومُ بِهِ الْمُبْرِئُ قَبْلَ تَارِيخِ الْبَرَاءَةِ فَلَا اخْتِلَافَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَطْلُوبِ أَنَّهُ دَخَلَ فِي الْبَرَاءَةِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ يَمِينٌ وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ الطَّالِبُ أَنَّهُ نَسِيَهُ أَوْ غَلِطَ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ النَّوَادِرِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ بَطَّالٍ بِرُمَّتِهِ، وَرَأَيْت مَكْتُوبًا عَلَى هَامِشِ، النُّسْخَةِ فِي لُحُوقِ الْيَمِينِ خِلَافٌ، وَبِلُحُوقِهَا الْعَمَلُ اُنْظُرْ نَوَازِلَ ابْنِ الْحَاجِّ وَالْمُفِيدِ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
الْخَامِسُ: الْحَطّ مَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فَلَمْ يُقِرَّ بِهِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ، وَقَالَ عَقِبَ دَعْوَى وَأَنَا لِي عَلَيْك أَيْضًا حَقٌّ أَوْ شَيْءٌ سَمَّاهُ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إقْرَارًا، نَقَلَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ عَنْ الْمَازِرِيِّ.
السَّادِسُ: الْحَطّ اُخْتُلِفَ فِي الْمَسْكُوتِ هَلْ هُوَ كَالْإِقْرَارِ أَمْ لَا، فَفِي الْعُتْبِيَّةِ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ جَاءَ قَوْمًا فَقَالَ أُشْهِدُكُمْ أَنَّ لِي عَلَى فُلَانٍ كَذَا دِينَارًا وَفُلَانٌ مَعَهُمَا سَاكِتٌ لَمْ يَقُلْ نَعَمْ وَلَا لَا وَلَمْ يَسْأَلْهُ الشُّهُودُ، ثُمَّ جَاءَ يَطْلُبُ ذَلِكَ مِنْهُ فَقَالَ لَا شَيْءَ لَك عَلَيَّ فَقَالَ ذَلِكَ لَازِمٌ لَهُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
لِسُكُوتِهِ حِينَ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ اُخْتُلِفَ فِي السُّكُوتِ هَلْ يُعَدُّ إذْنًا فِي الشَّيْءِ وَإِقْرَارًا عَلَى قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ مَنْصُوصَيْنِ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي غَيْرِ مَا مَوْضِعٍ مِنْ كُتُبِهِ، وَأَحَدُهُمَا أَنَّهُ إذْنٌ، وَثَانِيهَا لَيْسَ بِإِذْنٍ وَأَظْهَرُهُمَا أَنَّهُ لَيْسَ بِإِذْنٍ، لِأَنَّ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «وَالْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ فِي نَفْسِهَا وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا» ، دَلِيلًا عَلَى أَنَّ غَيْرَهَا بِخِلَافِهَا فِي الصَّمْتِ، وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى هَذَا فِي النِّكَاحِ، فَوَجَبَ أَنْ يُقَاسَ مَا عَدَاهُ عَلَيْهِ إلَّا مَا يُعْلَمُ بِمُسْتَقَرِّ الْعَادَةِ أَنَّ أَحَدًا لَا يَسْكُتُ عَلَيْهِ إلَّا بِرِضًا مِنْهُ فَلَا يُخْتَلَفُ فِي أَنَّ السُّكُوتَ عَلَيْهِ بِإِقْرَارٍ بِهِ كَمَنْ يَرَى حَمْلَ امْرَأَتِهِ وَيَسْكُتُ وَلَا يُنْكِرُهُ ثُمَّ يُنْكِرُ بَعْدَ ذَلِكَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ اهـ.
ثُمَّ قَالَ وَفِي مَذْهَبِ ابْنِ رَاشِدٍ عَنْ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَنْ سُئِلَ عِنْدَ مَوْتِهِ هَلْ لِأَحَدٍ عِنْدَك شَيْءٌ فَقَالَ لَا، قِيلَ وَلَا لِامْرَأَتِك وَهِيَ سَامِعَةٌ سَاكِتَةٌ فَإِنَّهَا تَحْلِفُ أَنَّ حَقَّهَا عَلَيْهِ إلَى الْآنِ وَتَأْخُذُهُ إنْ قَامَتْ لَهَا بِهِ بَيِّنَةٌ وَلَا يَضُرُّهَا سُكُوتُهَا، ثُمَّ قَالَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ فُلَانٌ السَّاكِنُ فِي مَنْزِلِك بِمَ أَسْكَنْته فَقَالَ أَسْكَنْته بِلَا كِرَاءٍ وَالسَّاكِنُ سَامِعٌ لَمْ يُنْكِرْ وَلَمْ يُغَيِّرْ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ الْمَنْزِلَ لَهُ فَقَالَ لَا يَقْطَعُ سُكُوتُهُ دَعْوَاهُ إنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْمَنْزِلَ لَهُ، وَلَا يَحْلِفُ لِأَنَّهُ يَقُولُ ظَنَنْت أَنَّهُ يُلَاعِبُهُ، زَادَ ابْنُ سَلْمُونٍ كَتَبَ شَجَرَةُ إلَى سَحْنُونٍ فِيمَنْ أَوْصَى بِعِتْقِ أَمَتِهِ وَهِيَ سَامِعَةٌ سَاكِتَةٌ فَلَمَّا مَاتَ قَالَتْ أَنَا حُرَّةٌ فَقَالَ لَا يَضُرُّهَا سُكُوتُهَا، وَذَكَرَ الْبُرْزُلِيُّ عَنْ التُّونُسِيِّ أَنَّ مَنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى مَيِّتٍ قُسِمَ بَعْضُ عَقَارِهِ وَهُوَ حَاضِرٌ حِينَ قِسْمَتِهِ لَمْ يَتَكَلَّمْ ثُمَّ تَكَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ وَاعْتَذَرَ بِأَنَّهُ تَرَكَ الْكَلَامَ، فَإِنَّ بَاقِيَ الْعَقَارِ لَمْ يُقْسَمْ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ ابْنُ سَهْلٍ إذَا دَفَعَ وَدِيعَةً لِرَسُولٍ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ ثُمَّ جَاءَ رَبُّهَا فَأَعْلَمَهُ بِهِ فَسَكَتَ ثُمَّ طَالَبَهُ بِهَا فَإِنَّهُ يَحْلِفُ مَا أَمَرَ الرَّسُولَ بِقَبْضِهَا وَمَا كَانَ سُكُوتُهُ رِضًا بِقَبْضِهِ، ثُمَّ يُغَرِّمُهُ، وَلَوْ عَلِمَ بِهِ وَقَالَ لِلدَّافِعِ كَلِّمْ فُلَانًا الْقَابِضَ يَحْتَالُ لِي فِي الْمَالِ الَّذِي قَبَضَهُ مِنْك كَانَ رِضًا بِقَبْضِهِ فَيَطْلُبُهُ بِهِ، وَبَرِئَ الدَّافِعُ وَمِثْلُهُ فِي النَّوَادِرِ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.