الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمن هَذَا النَّوْع صرف آيَات الصِّفَات عَن ظواهرها إِلَى محتملات مَا أنزل الله بهَا من سُلْطَان كَقَوْلِهِم اسْتَوَى بِمَعْنى استولى فَهَذَا لَا يدْخل فِي اسْم التَّأْوِيل لِأَنَّهُ لَا دَلِيل عَلَيْهِ الْبَتَّةَ وَإِنَّمَا يُسمى فِي اصْطِلَاح أهل الْأُصُول لعبا لِأَنَّهُ تلاعب بِكِتَاب الله جلّ وَعلا من غير دَلِيل وَلَا سمتند فَهَذَا النَّوْع لَا يجوز لِأَنَّهُ تهدم على كَلَام رب الْعَالمين وَالْقَاعِدَة الْمَعْرُوفَة عِنْد عُلَمَاء السّلف أَنه لَا يجوز صرف شَيْء من كتاب الله وَلَا سنة رَسُوله عَن ظَاهره الْمُتَبَادر مِنْهُ إِلَّا بِدَلِيل يجب الرُّجُوع إِلَيْهِ
التعطيل سَببه اعْتِقَاد التَّشْبِيه أَولا فَاسْمَعُوا أَيهَا الأخوان نصيحة مُشفق وَاعْلَمُوا أَن كل هَذَا الشَّرّ إِنَّمَا جَاءَ من مَسْأَلَة هِيَ نجس الْقلب وتلطخه وتدنسه بأقذار التَّشْبِيه فَإِذا سمع ذور الْقلب الْمُتَنَجس بأقذار التَّشْبِيه صفة من صِفَات الْكَمَال الَّتِي أثنى الله بهَا على نَفسه كنزوله إِلَى
سَمَاء الدُّنْيَا فِي ثلث اللَّيْل الْأَخير وكاستوائه على عَرْشه وكمجيئه يَوْم الْقِيَامَة وَغير ذَلِك من صِفَات الْجلَال والكمال أول مَا يخْطر فِي ذهن الْمِسْكِين أَن هَذِه الصّفة تشبه صفة الْخلق فَيكون قلبه متنجسا بأقذار التَّشْبِيه لَا يقدر الله حق قدره وَلَا يعظم الله حق عَظمته حَيْثُ يسْبق إِلَى ذهنه أَن صفة الْخَالِق تشبه صفة الْمَخْلُوق فَيكون أَولا نجس الْقلب متقذره بأقذار التَّشْبِيه
فيدعوه شُؤْم هَذَا التَّشْبِيه إِلَى أَن يَنْفِي صفة الْخَالِق جلّ وَعلا عَنهُ بادعاء أَنَّهَا تشبه صِفَات الْمَخْلُوق فَيكون أَولا مشبها وَثَانِيا معطلا فَصَارَ ابْتِدَاء أَو انْتِهَاء متهجما على رب الْعَالمين يَنْفِي صِفَاته عَنهُ بادعاء أَن تِلْكَ الصّفة لَا تلِيق وَاعْلَمُوا أَن هُنَا قَاعِدَة أصولية أطبق عَلَيْهَا من يعْتد بِهِ من أهل الْعلم وَهِي أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَا يجوز فِي حَقه تَأْخِير الْبَيَان عَن وَقت الْحَاجة وَلَا سِيمَا فِي العقائد وَلَو مشينا على فرضهم الْبَاطِل أَن ظَاهر آيَات الصِّفَات الْكفْر فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يؤول الاسْتوَاء ب الِاسْتِيلَاء وَلم يؤول شَيْئا من هَذِه التأويلات وَلَو كَانَ المُرَاد بهَا هَذِه التأويلات لبادر النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِلَى بَيَانهَا لِأَنَّهُ لَا يجوز فِي حَقه تَأْخِير الْبَيَان عَن وَقت الْحَاجة فَالْحَاصِل أَنه يجب على كل مُسلم أَن يعْتَقد هَذَا الِاعْتِقَاد الَّذِي يحل جَمِيع الشّبَه ويجيب عَن جَمِيع الأسئلة وَهُوَ أَن الْإِنْسَان إِذا سمع وَصفا وصف بِهِ خَالق السَّمَوَات وَالْأَرْض نَفسه أَو وَصفه بِهِ رَسُوله صلى الله عليه وسلم فليملأ صَدره من التَّعْظِيم ويجزم بِأَن ذَلِك الْوَصْف بَالغ من غايات الْكَمَال والجلال والشرف والعلو مَا يقطع جَمِيع علائق أَوْهَام المشابهة بَينه وَبَين صِفَات المخلوقين فَيكون الْقلب منزها مُعظما لَهُ جلّ وَعلا غير مُتَنَجّس بأقذار التَّشْبِيه فَتكون أَرض قلبه قَابِلَة للْإيمَان والتصديق بِصِفَات الله الَّتِي تمدح بهَا