الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
الخوارج (ثورات)
الخوارج لفظ يطلق على طائفة عقائدية سياسية، ظهرت فى
أواخر عصر الخلفاء الراشدين، وهى أولى الفرق الإسلامية. وقد
خرجوا على على بن أبى طالب، رضى الله عنه، وصحبه رافضين
التحكيم بينه وبين معاوية بن أبى سفيان. وانبثقت عنهم عدة
فرق - عُرف كل منها باسم خاص - بلغت اثنتين وعشرين فرقة،
ومن أهمها: الأزارقة والصفرية والنجدات. واشتهر الخوارج
بالتشدد فى العبادة، وكانوا يرون أن الخلافة حق لكل مسلم
مادام مستحقًّا لها، ومادامت شروطها متحققة فيه، كما اتفقوا
على تكفير عثمان بن عفان وعلى بن أبى طالب، رضى الله
عنهما، وأصحاب الجمل، وتكفير الحكمين، وكذلك معاوية بن
أبى سفيان، رضى الله عنه، وأصحابه. وقد أعلن الخوارج
الثورة على على ومعاوية وقاموا بثورات كثيرة، وتصاعدت
هذه الثورات منذ حربهم ضد على بن أبى طالب سنة (38 هـ =
658 م) بالنهروان، حتى تحولت إلى تحرك جماهيرى مسلح ضد
بنى أمية، حيث لجأ الخوارج إلى القوة واستخدام السيف فى
فرض أفكارهم وآرائهم على الناس، وأبدوا فى صراعهم الدموى
مع الدولة الأموية كثيرًا من ضروب الشجاعة والتضحية والإقدام
وكانت الأعداد القليلة منهم تهزم جيوشًا جرارة للدولة، ولو أن
شجاعتهم وبطولاتهم اتجهت اتجاهًا صحيحًا، ووحدوا جهودهم
مع الدولة الأموية فى مجال الفتوحات الإسلامية ومحاربة أعداء
الإسلام، لكان ذلك أجدى وأنفع، والعجيب أن أغلبهم لم يكونوا
من طلاب الدنيا، والتطلع إلى المال والمناصب، وإنما كانوا طلاب
آخرة، ولكنهم أخطئوا الطريق إليها، كما قال لهم «عمر بن
عبدالعزيز». أعلن الخوارج وبخاصة «الأزارقة» حربًا شعواء على
الدولة الأموية منذ قيامها، ولم تفلح معهم سياسة «معاوية بن
أبى سفيان» - رضى الله عنه - القائمة على التسامح وسعة
الأفق، فثاروا فى وجهه سنة (41هـ) - أى عام الجماعة - قبل أن
يغادر «الكوفة» ، وكان أول من ثار عليه «عبدالله بن أبى
الحوساء» فى مكان قريب من «الكوفة» ، ثم ثار عليه «المستورد
بن عُلَّنة الطائى». وكان عجيبًا أن تشب هذه الثورات فى
«الكوفة» أيام واليها «المغيرة بن شعبة» الذى انتهج سياسة
متسامحة مع الناس كلهم، ولم يشأ أن يزيد فى آلام الناس فى
«العراق» ، أو ينكأ جروحهم بعد الحروب الكثيرة التى عانوها
فى «الجمل» و «صفين» . وكان حريا بالخوارج أن يركنوا إلى
الهدوء ويبتعدوا عن سياسة العنف إزاء سياسة التسامح التى
انتهجها «المغيرة» ، لكنهم تمرَّدوا وثاروا، فاضطر «المغيرة»
إلى التصدى لهم والقضاء على ثوراتهم. ثم ازداد ضغط الدولة
عليهم منذ أن ولى «زياد بن أبى سفيان» ولاية «البصرة» سنة
(45هـ) فأخذ يتعقبهم فى «البصرة» ، فى الوقت الذى يتعقبهم
فيه «المغيرة بن شعبة» فى «الكوفة» ، حتى ضيَّقا عليهم
الخناق، وضربا عليهم بيد من حديد، حتى ضعفت شوكتهم.
وعلى الرغم من ذلك فقد استأنف الخوارج نشاطهم على نحو
أعنف بعد وفاة «معاوية» سنة (60هـ)، فأرسل إليهم «يزيد بن
معاوية» حملة بقيادة «عبيدالله بن زياد» ، فتصدى لهم بقوة، ثم
ازدادت ثوراتهم بعد وفاة «يزيد» سنة (64هـ)، مستغلِّين فى ذلك
حالة الفوضى التى سادت «العراق» ، ولما استقامت الأمور
للأمويين كلَّف «عبدُالملك بن مروان» «المهلب بن أبى صفرة» ،
بمواجهة الخوارج، فاستطاع أن يكسر شوكتهم، ويخمد
أنفاسهم، فاستكانوا فترة طويلة تزيد على العشرين عامًا (78 -
100هـ)، لم تقم لهم ثورة خلالها، ثم عاودوا نشاطهم فى عهد
«عمر بن عبدالعزيز» ، فاستعمل معهم أسلوب الحوار،
فاستجابوا له لمَّا أقنعهم بخطأ أفكارهم المتطرفة، ووعدوه
بالهدوء، لكنهم هبُّوا من جديد بعد وفاته سنة (101هـ)، ولم تهدأ
ثوراتهم التى استمرت حتى آخر أيام الدولة الأموية. وبلغت حركة
الخوارج أقصى درجات العنف فى عهد «مروان بن محمد» آخر
خليفة أموى (127 - 132هـ)، وقد شهد آخر ثورات الخوارج
وأشدها خطرًا، بقيادة «الضحاك بن قيس الشيبانى» فى