الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
الأندلس (فتح)
كان الذى دعا المسلمين إلى فتح تلك البلاد هو «يوليان» حاكم
ولاية «سبتة» المغربية الواقعة على ساحل البحر، والخاضعة
لحكم «القوط» آنذاك، ولم يكن المسلمون قد فتحوها، فاتصل
حاكمها بطارق بن زياد حاكم «طنجة» ، وعرض عليه الفكرة،
فنقلها إلى «موسى بن نصير» الذى اتصل بالخليفة «الوليد بن
عبدالملك»، فأذن له الخليفة، على أن يتأكد من صدق نيات
«يوليان» ، وأن يرتاد البلاد بحملة استطلاعية، ليعرف أخبارها
قبل أن يدخلها فاتحًا. كلَّف «موسى بن نصير» أحد رجاله وهو
«طريف بن مالك» على رأس خمسمائة جندى، بدخول «الأندلس»
وجمع ما يمكن جمعه من أخبار، كما طلب من «يوليان» أن
يوافيه بتقرير عن أوضاع البلاد، فاتفقت معلومات «طريف» التى
جمعها مع تقرير «يوليان» ، وكلها تفيد أن البلاد فى حالة
فوضى، وتعانى من الضعف العسكرى، وأن الناس ينتظرون
المسلمين ليرفعوا عنهم الظلم، وعاد جيش «طريف» سنة (91هـ)
محملا بالغنائم. اختار «موسى بن نصير» للقيام بمهمة فتح
«الأندلس» طارق بن زياد» وهو من أصل بربرى لما يتمتع به من
شجاعة ومهارة فى القيادة، فخرج فى سبعة آلاف جندى،
معظمهم من «البربر» ، وعبر المضيق الذى يفصل بين الساحل
المغربى والساحل الأندلسى، والذى لايزال يحمل اسمه، ونزل
على الجبل - الذى حمل اسمه أيضًا - فى شهر رجب سنة (92هـ)،
واستولى عليه بعد عدة معارك مع القوات القوطية التى كانت
تقوم بحراسته، وتوغَّل فى جنوبى البلاد. وما إن علم الملك
«روذريق» بنزول المسلمين فى بلاده - وكان فى شمالى غربى
البلاد مشغولا بقمع ثورة اندلعت ضده - حتى عاد مسرعًا للقاء
المسلمين على رأس جيش قوامه نحو مائة ألف جندى، ولما علم
«طارق» بعودة الملك طلب مددًا من «موسى بن نصير» ، فأمدََّه
بخمسة آلاف، وأصبح عدد جيشه اثنى عشر ألفًا، والتقى
الفريقان فى أواخر شهر رمضان سنة (92هـ)، وحقق المسلمون
نصرًا حاسمًا، ويؤكد المؤرخون أن هذه المعركة المعروفة باسم
معركة «شذونة» قد قررت مصير «الأندلس» لصالح المسلمين، لأن
الجيش القوطى دُحر تمامًا، وهبطت روحه المعنوية إلى الحضيض،
ولم يعد قادرًا على المقاومة، فانفتح الطريق أمام البطل الفاتح
«طارق بن زياد» ، ليستولى على مدن مهمة، مثل:«قرطبة» ،
و «غرناطة» ، ووصل إلى «طليطلة» فى وسط البلاد، وكانت
عاصمة البلاد فى ذلك الوقت. أرسل «طارق» إلى «موسى بن
نصير» يبشره بهذه الانتصارات، ويطلب منه مددًا جديدًا، فعبر
إليه بنفسه على رأس قوة كبيرة قوامها ثمانية عشر ألفًا،
ونجح فى فتح عدد من المدن فى غربى البلاد مثل «إشبيلية»
وهو فى طريقه إلى لقاء «طارق» فى «طليطلة» . اتفق القائدان
العظيمان على استكمال فتح «الأندلس» ، فاتجه كل منهما إلى
ناحية فأخذ «طارق بن زياد» طريقه إلى الشمال الشرقى، فى
حين اتجه «موسى» إلى الشمال الغربى، ونجح الاثنان فى
غضون عامين (93 - 95هـ) فى فتح معظم «شبه الجزيرة
الأيبرية».