الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
الزلاقة (معركة)
أشهر المعارك الحربية وأعظمها فى تاريخ المسلمين بالأندلس.
وقعت فى (رجب 479هـ = أكتوبر 1086م) عند سهل فسيح
تسميه المصادر العربية بالزلاقة أو ساكرا خاس ( Sac( صلى الله
عليه وسلم) ajas) شمالى بطليوس على الحدود الإسبانية
البرتغالية حاليًّا حيث جرت وقائعها بين المرابطين وألفونسو
السادس وحلفائه وكانوا ما بين أربعين إلى ثمانين ألفًا على
حين قدر الجيش الإسلامى بما بين عشرين إلى نحو خمسين ألفًا،
وكان يقود مقدمة جيش المسلمين المعتمد بن عباد، وعلى الميمنة
«المتوكل بن الأفطس» وتكونت الميسرة من أهل شرقى الأندلس،
أما المؤخرة فكانت من البربر بقيادة «داود بن عائشة» ، وكان
أنجاد المرابطين من لمتونة وصنهاجة وغيرها بقيادة يوسف بن
تاشفين. لبث الجيشان ثلاثة أيام لايفصلهما سوى نهر، والرسل
تتردد بينهما، وقد أرسل «ابن تاشفين» إلى خصمه يدعوه إلى
الإسلام أو الجزية أو الحرب، فاستاء الملك النصرانى ورد بقوله:
«إنى ما كنت أتوقع أن يصل الحد بالمسلمين الذين كانوا
يعطوننى الجزية منذ سنين أن يعرضوا على مثل هذه الاقتراحات
الجارحة ومع هذا فإن لدى جيشًا فى استطاعته أن ينزل
العقوبة على هذه الوقاحة البالغة من الأعداء» ولم يكن جواب
«يوسف» على أكثر من هذه العبارة» الذى يكون ستراه «. جرت
اتصالات تهدف إلى تحديد موعد المعركة، وحاول «ألفونسو»
خديعة المسلمين، فأرسل إليهم يوم الخميس يخبرهم أن المعركة
ستكون يوم الإثنين، لكن المعتمد بن عباد أدرك خديعته، وقد
أخبرته طلائعه بما فى معسكر العدو من حركة وجلبة سلاح،
رغم أن الوقت المتفق عليه لبدء القتال لم يكن قد حان بعد.
فتوقع المسلمون أن يبدأ ألفونسو الحرب صباح يوم الجمعة،
وبالفعل تحقق ما توقعه المسلمون، وهجم ألفونسو بجيشه،
ودارت المعركة. ففى أوائل (رمضان 480هـ = ديسمبر 1087م)
بدأ القتال فى الصباح الباكر واشتد لهيب المعركة وهاجم
النصارى بعنف مقدمة «المعتمد بن عباد» ونجح فى ردها عن
مواقعها واختل نظامها وارتد معظمها إلى بطليوس ولم يثبت إلا
الإشبيليون وابن عباد الذى كان مثالا للشجاعة والإقدام حيث
صمد للعدو، وقاوم هجماته العنيفة رغم جرحه الذى فى وجهه
ويده، وهجم «ألفونسو» على مقدمة المرابطين التى يقودها
«داود بن عائشة» وردها عن مواقعها، وفى اللحظة المناسبة
دفع ابن تاشفين بقوات البربر إلى نجدة الأندلسيين والمرابطين،
ونفذت قواته إلى قلب النصارى بكل قوة، وسرعان ما تغير وجه
المعركة، لأن يوسف هاجم عدوه من الخلف مباغتة وهذا شجع
الفارين فعادوا ونظموا صفوفهم، وشدوا من أزر المعتمد، ورغم
أن «ألفونسو» كان قد وصل إلى خيام المرابطين، فإن ابن
تاشفين تقدم على رأس من معه من قوات وتجاوز جموع النصارى
وقصد إلى معسكرهم نفسه وهاجمه بشده وفتك بحراسته، ثم
وثب إلى مؤخرة القشتاليين النصارى، وأثخن فيهم قتلاً وطبوله
تضرب فتشق أجواز الفضاء، ثم أضرم النار فى معسكر الأعداء.
اضطر «ألفونسو» أن يستدير لينقذ معسكره؛ لكنه اصطدم
بالمرابطين ولم يصل إلى محلته إلا بعد خسائر فادحة، وكان
«يوسف» أثناء القتال يجول على صهوة جواده بين المحاربين
يهيب بهم «أن تشجعوا أيها المسلمون، أعداء الله أمامكم
والجنة تننتظركم، وطوبى لمن أحرز الشهادة». وكان سماع
النصارى لدوى الطبول ووقوف المسلمين يقاتلون فى صفوف
متراصة ثابتة من العوامل المساعدة على انتصار المسلمين
وإلحاقهم الهزيمة بصفوف عدوهم، وقد دفع «ابن تاشفين»
بحرسه الأسود البالغ عدده نحو أربعة آلاف إلى قلب المعركة
فى الوقت المناسب، وتمكن واحد منهم من الوصول إلى
«ألفونسو» وطعنه فى فخذه، الأمر الذى اضطره إلى الاعتصام
بتل قريب حتى جن الليل ثم هرب فى نحو خمسمائة فارس
معظمهم من الجرحى ووصل إلى طليطلة منهم مائة فقط. أمضى
المسلمون الليل يرقبون حركات النصارى وفى اليوم التالى طارد
الفرسان الفارين، وجمعت الأسلاب الهائلة. وقد استبشر
المسلمون فى شبه الجزيرة بهذا النصر العظيم غير أن وصول نبأ
وفاة الأمير أبى بكر بن يوسف بن تاشفين كدر صفو النصر،
وجعل «ابن تاشفين» يقرر العودة إلى بلاد المغرب ومعه عامة
الجند، وترك تحت إمرة المعتمد جيشًا من المرابطين مؤلفًا من
ثلاثة آلاف جندى. بعد أن نجح «يوسف» بما حققه من نصر مؤزر
فى إعادة روح الثقة والأمل إلى نفوس المسلمين بالأندلس. ومن
نتائج تلك المعركة توقف المد النصرانى على حدود الأندلس لمدة
أربعة قرون؛ إذ حكم المرابطون ثم الموحدون الأندلس.